الفصل السابع عشر
الفصل السابع عشر|| قيد الانتظار
صبيحة اليوم التالي وعقب الشروق خرج دون انتظار صاحب المنزل أن يستيقظ، اتجه صوب منزله بخطى ثقيلة ومشاعر تائهة، أي حال سيكون عليه أن يتصرف بناء عليه؟ يخبر والده؟ يخبر خليلا؟ يخبر الشرطة؟ ربما، لكن كيف؟ أي دليل سيعتمد عليه؟
لقد بدأ ثقب أسود ما يبتلعه، إن فتح فمه فحياة خليل في خطر، وإن صمت هل سيزول هذا الخطر؟ فجأة طرأ هذا السؤال في رأسه، لكن لمَ لمْ يطرأ على باله إلا بعد أن ابتعد عن أمجد؟ هل البقاء قرب هالة الشر ذاك يفقده التركيز في الأمر؟ وإن أراد عدم الانصياع له بالفعل هل سيتمكن من فعل شيء؟ معاذ وهو الذي _كما بدا_ عمل معه كثيرا بالكاد استطاع أن يخنقه بتلك الحقيبة، فماذا سيفعل هو، وهو لا يملك شيئا ضده؟ إن أمجد يدرك ذلك، حتى أنه أخبره بهذا
على كلٍّ كيف السبيل للخلاص من الصداع الذي يلتهم رأسه الآن؟ لقد أجبره سهر الليلة الماضية، وضغط الصداع على تناول ذلك الشيء الذي أسماه أمجد دواء، لقد صارع كثيرا لئلا يفعل، ولكن قرب الفجر بدا منظرها مغريا مع كل ذلك الألم
رفع يده وهو يسير ليغطي شق وجهه الأيمن، قليلا فقط كان هو زوال ذلك الألم، ربما بسبب سهره وقلقه لم يغادر رأسه، وربما هناك ما هو أسوأ قد حدث، ألم يقل أنه لن يقع في فخ استفزاز أمجد مجددا؟ إنه يلقي كلماته باستفزاز وثقة فيبدو صادقا تماما، ربما هذه هي نقطة قوته في قدرته على التحكم بالآخرين
وإن كان بالفعل قد خدعه فلا زال بإمكانه أن يعالج نفسه، ألَّا يسمح له بسلخه عن طبعه، لكن هذا سيحدث إن أعجل بالرد، أما إن سبقه أمجد فسيفوز عليه مجددا، وربما قد لا يستطيع فعل شيء مع تلك الأشياء التي لا يعلم كنهها، والتي يقول أمجد أنه سيدمره بها، ما نوع المصيبة التي ربطه بها وهو لا يعلم، بل وهو لا يدرك ذلك حتى؟ لقد بدأ يشعر بالانهيار حقا، بدا الطريق إلى منزله بعيدا، بعيدا جدا مع كل ذلك العناء، إنه بالكاد يحمل أقدامه
وقف أمام باب منزلهم أخيرا، طرق بوهن رغم عجالته، أقبلت أخته لتجيب ثم فتحت له، مر من جانبها بعد أن دلف نحو الداخل وقال:
_أريد أن أرتاح، لذا دعوني أنام حتى الظهيرة، فهمتِ يا يسرى؟
تعجبت من أمره، الشمس للتو أشرقت، لم يتنالوا إفطارهم بعد، سألته بحيرة:
_والطعام؟ لا يعقل أن تكون قد أفطرت!
رد وهو يكمل سيره نحو الدرج:
_لا أريد شيئا، من فضلك دعيني أنام، ولا تنسي إخبارهم بذلك أيضا
صعد الدرج بتعب بادٍ، ما جعل القلق يتسرب إلى كيانها، لكنها سرعان ما تركته وشأنه، فقد بات غريب التصرفات منذ ذلك اليوم، والاحتكاك به بات من أكثر الأشياء كرها إليها
لا عليها ستبلغ رسالته حينما يتناولون إفطارهم هي ووالديها، ثم تذهب إلى المدرسة، لؤي هو الآخر سيتناول إفطاره ثم يذهب إلى عمله، لكن الأمر لم يمر مرور الكرام على والدتها، فقد تجلى قلقها عليه سريعا حين أخبرتها بما قال، أصبحت تتناول طعامها بشرود، هذا الشاب سيجعلها قلقة دائما، وهي التي ظنت أنه سيكون عاقلا وحمله أخف عليها بعد زواجه
**********
مالت الشمس من كبد السماء إلى جهة الغروب، إنه وقت الظهيرة، كان الجو حارا مع أنسام الصيف تلك، دارت عقارب الساعة حتى بلغت موعد غدائهم، اجتمعوا على الغداء في حين كان يوسف لا يزال في غرفته
نده له والده من الأسفل ليخرج مجيبا له بتثاقل، نزل إليهم بعدها ليجلس على طاولة الطعام، كانوا يتحدثون بشكل عادي جدا، لكنه كان محلقا في وادٍ آخر بتفكيره، لقيمات فقط تلك التي التقطها من أمامه، في حين كانوا قد ناصفوا طعامهم، طالعته والدته بقلق ثم سألت:
_يوسف ما بك؟ لم تأكل شيئا
انتبه لنفسه بعد كلامها، ليرد عليها بتردد واضح إثر كشف شروده:
_أنا… أنا بخير، لا داعي للقلق
لم يجرؤ على النظر في وجه أحدهم، كان يخشى أن يلحظ أحدهم ذلك الخوف الذي يحوم في عينيه، عاكسا حقيقة ما يشعر به في قلبه، نطق والده بنبرة لا تقل قلقا عن نبرة والدته:
_يوسف لا يبدو أنك على ما يرام، هل هناك شيء ما؟
حاول بكل قوة أن يبدو متماسكا وينظر إلى والده حين أجاب:
_لا شيء، لا شيء، بعض التعب والإرهاق فقط
أشار والده إلى طعامه وقال:
_إذن تناول طعامك، لن يستطيع جسدك مقاومة المرض وتغذيته ضعيفة
_حسنا!
رد يوسف وهو يعيد نظره إلى أمامه، التقط لقمة ليدفعها إلى فمه محاولا إظهار أنه لا شيء يحدث، لديه رغبة بمواجهة كل ما يحدث وحده، لأنه ابتدأ الأمر وحده كما يرى، بيد أنه لا يجد وسيلة متاحة لجر أمجد من عنقه
تناول طعامه والأفكار تتدفق إلى رأسه باستمرار، طرأت على باله فكرة، وهي أن يذهب إلى بيت أمجد، ويتظاهر بالانصياع له حتى يجد ما يدينه، لكن في ذات الوقت عليه أن يؤمِّن حياة خليل، عليه أن يحصل من أمجد على ضمان أنه لن يؤذي خليلا ما دام هو منصاع لما يطلبه منه، لكن ربما يطلب منه أمجد شيئا ثقيلا، فهل سيكون أهلا لحمل هذا الثقل؟
**********
انسلت خيوط الظلام لتلف السماء بُعيدَ غروب الشمس ذلك اليوم، والتفت أيادي مشاعر ما حول قلب يوسف، الخوف والقلق، التردد والإحباط، وربما الحماس!
أراد تنفيذ تجربة حيلة ما على أمجد؛ علها تفيده بالضغط عليه قليلا، حمل هاتفه ناويا التحدث معه على الهاتف عن كل شيء، وتسجيله وهو يقول كل ذلك، أجرى مكالمته المنشودة ليرد الطرف الآخر مرحِّبا، ابتدأ معه حديثا عاديا، وبعد دقيقة قال:
_أريد التحدث معك بشأن ذلك الموضوع
رد أمجد بأسرع من النفس قائلا:
_هذه المواضيع لا يتم التحدث بها على الهاتف يا عزيزي، إن أردت أن أتحدث معك عن هذا تعال إلى منزلي، عدا هذا لن تسمع مني شيئا، وداعا!
أقفل المكالمة بكل برودة بعد تلك الكلمة، ليشعر يوسف بالتحطم حقا، ورغم أنه عزم على العودة إلى بيت الكوابيس ذاك، إلا أن ذهابه مجبرا هكذا أمر يثير امتعاظه
قفز قلبه من محله هلعا بعد أن طُرق باب غرفته، سرحانه العميق ذاك جعل الطرقات مفزعة بالنسبة إليه، اجتاز صوت يسرى الباب وهي تقول:
_يوسف العشاء جاهز، هيا انزل لنتناوله معا
استرد أنفاسه بعد تلك الهلعة ليرد عليها:
_أنا قادم الآن
تركته ونزلت وهي تحمد الله في أعماقها، صحيح أنها لم تعهده صامتا منعزلا هكذا، لكن هذا أفضل من ذلك الغضب الذي بدا عليه ذلك اليوم، ورغم أنه لم يطلها أي شيء منه إلا أن ما حدث مع ميمونة لا زال يثير تخوفها
لم يطل بقاؤه كثيرا بعدها، نزل ليجد والديه ويسرى على الطاولة كالعادة، شاركهم طعامهم بشكل بذل جهده في جعله طبيعيا، وحين انتهى العشاء باشر والده الحديث بالقول:
_لقد تأخرنا كثيرا في الذهاب إلى بيت صالح، الأمر لم يعد يحتمل أي تأخير، لذا يجب أن نذهب في الغد، أتمنى أن يكون لديكِ القدرة على الذهاب إلى هناك يا أم لؤي
وجه جملته الأخيرة إلى زوجته بعد أن كان ينظر إلى يوسف في بداية كلامه، ردت هي بثقة:
_بالطبع أستطيع، لا بد أن نذهب، موقفنا مخجل بالفعل، ولا بد أن نعتذر
كان يوسف ينظر إليهم وكأن الأمر لا يعنيه البتة، هكذا فقط أراد للأمور أن تبدو، لكنه كان يموت من الداخل في كل لحظة، ليس من صالحه أن يذهب مع المشكلة الجديدة التي أنشبت مخالبها في حياته، لذا هو لن يذهب وإن كلفه الأمر أن يتصرف بغير طبعه، وجد نفسه تحت أنظار والده الذي أخذ يقول:
_ماذا عنك؟ تعلم أنك المعني الأول بهذا الأمر
وجد يوسف نفسه قد حشر في الزاوية، لا بد له من أن يقول حقيقة ما يريد دون تردد أو تهرب، حاول أن يجعل الأمر هادئا في الوقت الراهن فقال:
_أريد أن أذهب ولا أريد، لا أعلم لمَ أشعر بتردد كبير، قد أغير رأيي في الغد
لم يخفَ عليه القلق الذي طغى على ملامحهما حينها، في الواقع لم يعجبهما رده، نطقت والدته سريعا بعد أن رأت أن سؤالها أفضل من صمتها:
_ولمَ لا تريد؟ لا تنسَ أنك قد آذيت ميمونة، في الواقع لقد صبروا عليك كثيرا، وما زالوا ينتظرون قدومك إليهم، وأنت في النهاية تفعل هذا، يوسف ماذا دهاك؟
قلب عينيه بانزعاج ثم نطق مجيبا باستياء مصطنع:
_لم أعد صغيرا لتوجهوني حيث ما تشاؤون، سأفعل ما أريد وقت ما أريد
نهض من مكانه ليتوجه نحو الخارج وهو يكمل:
_في الغد سيكون قراري النهائي، لا تزعجوني بهذا الأمر مجددا
اتجه نحو الخارج بقلب يمزقه الألم على ما فعل مكرها عليه، سحبت يسرى أنظارها من الباب حيث خرج لتطالع قسمات وجهَي والديها، لترى الحزن يكتنفهما بشدة، حملت أطباق الطعام لتغادر بعيدا عن كل هذا، ففي النهاية هي لا تعرف كيف تتصرف، لطالما تمنت لو أن لديها أختا تشاطرها حياتها، مشاعرها همومها، وخوفها وكل شيء، لديها فقط لؤي ويوسف، لديها صديقات ولكن مهما يكن لا يوجد مثل الأخت للأخت
**********
استدعى والده لؤيا في صباح اليوم التالي، طلب منه ألا يذهب إلى عمله هذا اليوم، فيما بدا للؤي أن والده يرغب بذهابه معهم إلى بيت صالح، لكنه صدم حين أعلمه والده بما فعله يوسف الليلة الماضية، جلس يحدثه بقلق عما يحدث، وما يتوقعه عن الأمر، حينها أقبلت يسرى بطعام الفطور لتتركه على الطاولة، ثم نادت يوسف، حين رأت لؤي في المكان أدركت أن شيئا ما على وشك الحدوث، تعذرت بالذهاب لتناول الطعام مع سكينة؛ كونها وحيدة بما أن لؤي موجودا هنا
لم تكن وحدها من شعر بذلك، بل حتى يوسف أدرك الأمر حين وصل، لكنه لم يفتح فمه بما أنهم لم يفتحوا هذا الموضوع، وحينما انتهى الطعام وخرجت الأطباق تحدث لؤي إلى والده وكأنه لا يعرف شيئا:
_إذن متى نذهب إلى بيت العم صالح يا أبي؟
التفت والده إلى يوسف مكملا هذه المسرحية قائلا:
_هذا يعتمد على يوسف، إذن متى تريدنا أن نذهب؟ ماذا قررت؟
لبس يوسف قناع الانزعاج وقال:
_لا أريد أن أذهب، هذا هو قراري الأخير، إن أردتم أن تذهبوا فاذهبوا وحدكم
حدق به لؤي بنظرات أفزعته، سأله محاولا إخفاء استيائه من تصرفاته:
_ولمَ لا تريد الذهاب؟ نحن لن نذهب من دونك، فأنت من جنى على ابنتهم
وبمجرد ذكر ميمونة عاد تأنيب الضمير القاسي ليكوي قلب يوسف، إنه حقا لا يريدها أن تبقى حزينة بسبب ما فعل، إنه حقا يود الاعتذار لها، علها تقبل اعتذاره، لكن ليس الأمر بيده الآن، كسى ملامحه بعدم الاهتمام وقال:
_هي من وقفت في طريقي حينها، جنت على نفسها، ثم إنه لا زال...
قطع كلامه شدة من ملابسه بيدي لؤي، الذي أخذ يحدق في عينيه بنظرات غاضبة وقال:
_أيها الوغد لا زال لديك الجرأة لتقول هذا؟ لقد جعلتني في موقف صعب حينما تركتها تنزف بألم، ولا أحد سواي يقوى على حملها، هل تدرك كم كان ذلك مؤلما لها؟ هل تدرك حجم ما عانته بسبب ذلك، وحتى الآن؟ إن كنت قد نسيت فهي حتما لم تنسَ
تعمد لؤي إخراج كلماته هكذا قاسية؛ علها تيقظ قلب يوسف الذي ظنه ميتا، لكنه كان يتألم مع كل حرف يسمعه؛ هو لم ينسَ أيضا، إنه يتألم أيضا، كاد أن يصرخ به: ألا تسمع قلبي يتألم أيضا؟ ألا تستطيع أن ترى معاناته؟ ألا تستطيع الشعور به وهو قريب منك كل هذا الحد؟ ولكن هيهات هيهات! هتف والده من مكانه:
_لؤي على رسلك يا بني، ما هكذا تورد الإبل
استجابت يدي لؤي تلقائيا لكلمات والده، وجد نفسه يفلت يوسف ويرجع قليلا إلى الوراء، نطق بصوت خافت:
_آسف! لكن حقا لقد فقدت أعصابي، لنضع أنفسنا مكانهم، لن يروق لنا هكذا معاملة
طالع يوسف ليجده مشيحا بوجهه عنه، شعر بالأسف تجاهه لوهلة، لكنه بالفعل يثير حفيظته، إنه حتى لا يستطيع إيجاد تفسير لما يفعله، حادثه برجاء:
_يوسف فقط أخبرني ما بك؟ أعدك أنني سأقف معك، لا تقلق مهما يكن يمكننا أن نفعل شيئا بإذن الله، لا تنسَ: يد الله مع الجماعة، فقط أخبرني ما الأمر؟
عصفت كلماته بمشاعر يوسف بقوة، إنه صادق، صادق تماما، ولكن من وجهة نظره ليس بأيديهم شيئا ليفعلوه، وأمجد هدده بتدمير جميع من حوله إن هو فتح فمه، ومنحه فرصة ليواجهه وحده، وهو الآن بالفعل ينوي اقتحام تلك المواجهة
ماذا سيختار الآن؟ إخبار عائلته والحصول على دعمهم مهما كان الضرر الذي سيلحق بهم؟ أم المواجهة بمفرده والخسائر ستعود عليه وحده؟ بدا له الخيار الأخير أكثر مناسبة، لكن قد يكلفه هذا صراعا مستمرا مع عائلته، عليه أن يختار حلا يخرج معه بأقل الأضرار، ولقد بدا له أن الشجار مع عائلته أهون بكثير من فقد أحدهم حياته بسببه
أغمض عينيه بعمق، وقال مكابرا حقيقة ما يحدث:
_لا شيء يحدث معي، توقفوا عن النظر إلى الأمر هكذا، أنا رجل بالغ وعقلي في رأسي، وأعرف كيف أتصرف، دعوني وشأني
بلع لؤي غضبه وخاطبه بنبرة حاول جهده جعلها هادئة:
_لم ينكر أحد هذا، ولكن حينما نراك تفعل الخطأ فسنقف في وجهك ونعلمك أنه خطأ، وأنه ينبغي عليك تغييره
كان يريد أن ينهي كلامه بالقول: حتى لو اضطررنا إلى إجبارك فسنفعل، لكنه صمت قبل أن يقولها؛ فيزيد الطين بلة، ما لم يعلمه أنه مهما قال فلم يعد الأمر مجديا، نهض يوسف ليغادر الغرفة قبل أن يمسكه أحد وهو يقول:
_لم أعد أرغب في التفكير بهذا مرة أخرى
سارع لؤي إلى الحديث إليه قبل أن يبتعد عنهم وهو يتجه نحو الدرج:
_وميمونة؟ ألم تفكر بها ولو لمرة واحدة؟
وفي ظل محاولات يوسف لإظهار عدم مبالاته نطق دون قصد:
_لم يعد أمرها يهمني
عض شفته بندم إثر خروج تلك الكلمة، ما الذي قاله توا؟ لم يعد أمرها يهمه؟ من أين أتى بهذه الكذبة؟ بل كيف استطاع نطقها؟ شتم نفسه في أعماقه، تمنى لو أنه مات قبل أن يلقى هكذا مصيبة في حياته
أن يمثل ويظهر مشاعر ليست حقيقة ما يسكن في قلبه لهو أمر فظيع، وبشع، وكأنه يعيش حياة شخص آخر، مجبرا على عيشها بحذافيرها، استمر في صعود الدرج محاولا الهرب، قبل أن يعترف بأنه قال ما لم يرغب بقوله، أما والده فقد علقت برأسه فكرة واحدة ليهتف بها تلقائيا:
_إنه مسحور، مسحور، حتما هذا ليس يوسف الذي نعرفه، هذا ليس ابني
أكدت زوجته وجهة نظره التي أصبحت وجهة نظرها هي الأخرى بالقول:
_معك حق! لا يمكن أن يتصرف يوسف هكذا، لا يمكن
أما لؤي فقد حطت مطارق الحيرة على رأسه، ليس كما لو أنه لا يصدق بتأثير السحر، بل لأنه لم يقتنع بأن تصرفات يوسف هذه تصرفات شخص مسحور، رغم أنه يدرك أنه ليس على سجيته، سحبه من عمق أفكاره قول والده:
_اسمع يا لؤي، لابد أن نأخذ إلى راقٍ، لابد أن نعرف ما قصته
وجد لؤي في هذا استعجالا غير مطلوب، رد على والده بوجهة نظره:
_وماذا لو قال الراقي أنه بخير؟ سنعود للحيرة مجددا، إنني أفضل أن نمهله قليلا، عل ما به يتكشف مع الأيام
علقت والدته بإحباط:
_لكن يا ولدي الأمر لا يتعلق به وحده، إن عائلة صالح تنتظرنا على أحر من الجمر، لقد أصبحت أخجل من أن أرد على مكالماتهم، وأنت ترى كم أن خليلا مهتم به، ويسأل عنه دائما
حاول أن يرد عليها بجواب يقنعها، فقال بعد تفكير:
_وماذا سنستفيد إن أجبرناه على الذهاب فيعيد الكرة لما فعل؟ وقد يفعل ما هو أسوأ يا أمي
نطقت بعد عجزها عن إيجاد حل:
_وماذا سنفعل يا ولدي؟
_كما قلتُ سابقا، سنعطيه مهلة حتى يتضح أمره، بعدها نتصرف بما هو مناسب
رد بعبارته هذه ليحسم أمر يوسف، لم يستطع أحد نزع القلق الذي ينهش قلوبهم المتأرجحة بين الخوف والرجاء، لا أحد يستطيع أن ينكر كم أنه قد أصبح مختلفا، ولكن ماذا عساهم يفعلون وهم لا يدركون حقيقة ما يجري معه؟
¶____________________¶
انتهى الفصل السابع عشر
الأمور تنحدر نحو الأسوأ، هل تتوقعون شيئا بخصوص القادم؟
هل يمكن أن يتمادى أمجد أكثر؟ هل سيبقى معاذ صامتا حيال ما يجري؟ ماذا عن خليل؟
أتحفونا بتوقعاتكم :)
إلى لقاء قريب بإذن الله 💙
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top