الفصل التاسع والثلاثون
الفصل التاسع والثلاثون|| عودة سريعة
اقتضت الخطة بعد آخر قرار أجمعوا عليه أن يعود يوسف إلى منزل أمجد، ثم يحاول إخراجه من البيت تحت أي دعوى كانت، في ذات الوقت يحاول جهده ألا يظهر له أن في الأمر شيئا فيأخذ احتياطا يعيقهم أكثر، وإن تطلب الأمر أن يؤجل خروجه معه إلى ليلة أخرى
كان المنزل كبيرا بعض الشيء، ويحوي في داخله فناء يحيطه من كل جانب عدا الجهة الشمالية، وهو واسع جدا وفيه موقف لسيارته، في الجانب الغربي يوجد بوابة لدخول السيارة وخروجها، وفي الجانب الجنوبي باب المنزل الخارجي، وقبالته يقع باب المنزل الداخلي، وفي الجهة الشرقية حائط يفصل بين هذا المنزل والمنزل المجاور الذي بقي فيه يوسف
بعد الخروج من المنزل يتطلب الأمر من يوسف أن يماطله كثيرا حتى يصلا إلى الجسر، حينها تدخل الشرطة إلى البيت ويقومون باستكشاف ما تحت سرير أمجد
بسبب شك جمال بقطعة السجاد الناقصة تحت قائمة السرير من الزاوية فقد توقع أن يكون تحت الغرفتين قبوا سريا متصلا، يكون تحت جزء من هذه الغرفة وحتى تحت الغرفة التي تقع في المنزل المجاور، وبسبب أن القبو السري لم يكن تحت الغرفة بشكل كامل لم ينتبه جمال لوجوده حين نزل للقبو العادي سابقا؛ بحثا عن يوسف
فإن وجدت الشرطة المخبأ السري يقومون بإرسال رسالة إلى يوسف، الذي جعل هاتفه صامتا مع الهزاز، لقد أبقى يديه في جيوبه منتظرا وصول تلك الرسالة، كان معه جمال وخليل مختبئين على طرفي الجسر، في حال تطلب الأمر إلى تدخلهما، رغم أن الضابط أحمد _عم جمال_ حذرهم من المواجهة معه قبل قدوم الشرطة
لكن حين شعرا بالخوف مما قد يفعله أمجد أرسل خليل لجمال رسالة يخبره فيها أنه سيهاجم أمجد محاولا جذب كامل انتباهه إليه، وهو يتسلل من الجانب الآخر ليتمكن من فعل شيء، حينها هاجم أمجد يوسف بلا مقدمات، فشرعا إلى تنفيذ الخطة في الحال
كان أمر المخبأ السري لأمجد مجرد افتراض، وقد راهن عليه الثلاثي لينقذ يوسف من أي عقوبة قانونية مشددة قد يحكم بها عليه، سيما بعد ادعائه ما ادعى على أمجد، فدخول الشرطة إلى المنزل بعيدا عن أمجد كان لمجانبة أي اصطدام مباشر معه هو وأتباعه، وإن كانوا فيما بعد سيبقونه تحت المراقبة، حتى يجدوا ما يبرئه أو يثبت صحة الادعاء عليه
كانت فرحة الجميع غامرة حين تم إبلاغهم بواسطة الرسائل عن إيجادهم لذلك القبو، أو المخبأ السري إن جاز التعبير، كان ممتلأ بتلك المواد الممنوعة التي يتاجر بها أمجد ومن معه، تحت ظل شركة تبدو في ظاهرها عادية جدا
**********
خضع جمال لعملية جراحية بسبب تلك الطعنة التي تلقاها من أمجد، لحسن حظه أن الخنجر لم يتعمق، لو تعمق قليلا لأصاب رئته اليمنى، أُخرج من غرفة العمليات ليبشَّر جميع من كانوا ينتظرون خروجه بسلامته، والداه وعمه، وخليل وشقيقه محمد، وكذا لؤي الذي قدم ليطمئن عليه، رغم صعوبة موقفهم بعد سجن يوسف
أجري التحقيق معه في المشفى لاستكمال التحقيق الخاص بالقضية، ليخرج بعد أيام من المشفى، ثم حضر جلسة المحاكمة التي أجريت بعد أن تمكنوا من كشف كامل الخلية، والحصول على مزيد من الأدلة
لقد كان دافعه للحضور بشكل أكبر هو رؤية أمجد مكبلا بالأغلال، لكن بعدما سمعه يقول كلماته الأخيرة تلك في المحكمة تمنى لو أنه لم يحضر
**********
سجلات الأيام تطوى بليلها ونهارها، لكنها لا تطوى بأحداثها وذكرياتها، ستظل تلك الذكريات تقفز للظهور بين الحين والآخر، كلما لاحت لها فرصة، والناس متفاوتون في ردود أفعالهم تجاهها، منهم من تؤرقه وتنغص عيشه، وقد يصبح أسيرا لها في نهاية المطاف، ومنهم من يأخذ منها العبرة، ويرمي الباقي خلف ظهره، ويستمر في العيش بهدوء، ولكن ذلك لا يتأتَّى بسهولة
هكذا كانت تلك الستة أشهر بالنسبة ليوسف الذي قضاها في السجن، لم تكن صعبة كالتي مضت لكنها أيضا لم تكن سهلة، آثار الماضي ظاهرة عليها بقوة، غير أنه يحاول أن يكون أكثر جلادة
في ذلك اليوم الذي حدد ليكون موعدا لخروجه، لم ينتظر محبوه البقاء حتى يأتي إليهم، بل ذهبوا إليه ليسيروا معه خطوة خطوة مع الإجراءات الأخيرة لأجل خروجه، وحين داست قدمه أول خطوة خارج السجن انكب على الأرض ساجدا لله شكرا، لم تكن سجدة عابرة فحسب، بل ملئت بالدموع، والكثير من كلمات الشكر لله سبحانه، وفيض من المشاعر
وحين رفع رأسه واستوى واقفا لم يبقَ أحد من الحاضرين إلا واستقبله بالأحضان، وربما فاضت الأعين فرحا، سيما عينا والده اللتان كانتا قد اكتحلتا قبل هذا اليوم بالحزن والسهاد، كانت علامات الإرهاق التي جسدت نفسها بوضوح على وجه الأب طعنات ألم في قلب يوسف في عمق فرحته؛ هو سببها ولا مناص عن هذه الحقيقة
لم يقل استقبال النساء له عن استقبال الرجال، بل ربما كان أكثر صخبا، بدءا من زغاريد والدته وأخته، مرورا بنشيجهن الذي نتج عن البكاء، وتلك الدموع التي جرت بسخاء من الأحداق، وانتهاء باستقبال بعض قريباته كجدته لأمه وابنتيها، كانت لحظات غامرة، أشعرته كما لو أنه ولد من جديد
لم يحضر أحد من أقاربه لوالده، ربما لأنهم يخجلون أن يشاركوا سعيدا الفرحة، بينما أخوه حكم على ابنه بالإعدام، والسبب يوسف! لن يكون أحدهم مناصرا لما فعله أمجد، أو منتقدا لما فعله يوسف، ولكنها الحساسية التي تثيرها بعض المواقف، فتجعل الموقف السهل في غير هكذا ظروف صعبا
دنى الليل وأسدل ستاره فاجتمعت العائلة، كانت الجدة أكثرهم حماسا لتسمع القصة من يوسف، ربما هي رغبة بمعرفة نوع المعاناة التي مر بها، حتى تستطيع أن تفرح له، وتفرحه بالقدر المناسب
لم يقصر يوسف في حكاية قصته، بدءا من ذلك اليوم الذي قلب حياته، ابتدأ حديثه بالقول:
_في اليوم الذي دعاني معاذ إلى المطعم صادفت أمجد في الطريق، فعرض عليّ إيصالي إلى وجهتي كونه مارا من تلك الناحية، قبلت العرض بالطبع فالشمس كانت حارة، ثم انطلقنا إلى المطعم وفي الطريق سألني أين سأذهب ولماذا، حينها أخبرته أنني سأقابل معاذا، وليتني ما فعلت
صمت تحت وطأة الحسرة فقالت جدته:
_استغفر الله يا ولدي، لا حذر من قدر، لعل الله أراد أن يكشف هؤلاء المجرمين بعد أن عاثوا في الأرض فسادا
استحسن الجميع إجابتها بمن فيهم يوسف، تبسم لقولها ثم قال:
_معك حق يا جدتي، لكن لكل قدر طريقة في السير، بعضها يسير وبعضها عسير، والحمد لله على كل حال
ابتسمت الجدة بحبور لتربت على ظهره بحنان، ثم قالت:
_أكمل يا ولدي
أخذ نفسا ليكمل رحلة القص قائلا:
_تظاهر بأنه يحذرني منه، ثم ذهب وحبك حيلته، أرسل بضعا من رجاله أو ربما استأجرهم ليمثلوا بأنهم يتشاجرون حولنا، ولأن أمرهم كان مزعجا لنا فقد نهضنا لنفض شجارهم، وحينها استغل آخر أو آخرون فرصة انشغالنا ليضعوا لي شيئا من المخدرات في كأسي، وبعد الصداع الهائل والألم الذي نالني تصرفت ذلك التصرف مع ميمونة
وحين ذكر ميمونة حل الصمت في المكان، إنه لم يعتذر إليها حتى الآن، ولم يسمع كلمة تدل على مسامحتها له حتى اللحظة، لكن تلك الجدة التي راحت تمسح ظهره محاولة تقويته قد سرقته من أفكاره، حينها أكمل مجددا:
_حينما قابلته بعدها أخذني إلى الطبيب فورا، ولم يمانع أن أسمع النتيجة من الطبيب بنفسي، لأنه كان له أغراضه الخاصة، بعدها رد التهمة على معاذ بأنه من استأجر أولئك الرجال ودس المخدرات في كأسي، ولأنه سبق وأن شككني به خاصة مع قصة إمام جامع النور، وأيضا كان الأمر يبدو منطقيا جدا ومتناسقا مع ما حدث مع معاذ -فقد شككت به أكثر
راح يسرد تلك الأحداث بطريقة مجزأة شيئا فشيئا، استرسل بالقول:
_بعدما علمت ما حدث لميمونة طار صوابي، وتشتت فكري، ولم أعرف ما أفعل، كرهت العودة إلى البيت، وخشيت لقاءها لأني لم أعرف ما أقول، وظللت أتهرب من مواجهة الأمر
_حتى بعد أن التقيت خليل، كنت أشعر أنه لا يمكنني مقابلتها، أو إعادة المياه إلى مجاريها، وكنت لا زلت متخوفا من أثر المخدرات كون أنه كانت لدي عودة أخرى إلى الطبيب، وأجلت الأمر مجددا تحت عذر ظننته مقنعا، لكنه لم يخدم أحدا سوى أمجد، وضرني ولم ينفعني
_في اليوم الذي قررنا الذهاب إلى منزل العم عبد العليم كنت مترددا وقلقا، حينها أصبحت أمي مريضة، وتعطل موعد الزيارة، صدقا لقد فرحت لهذا
_ذهبت إلى أمجد لأستطلع منه قصة معاذ، وكانت هذه هي أكبر غلطة ارتكبتها، تحدث معي قليلا ثم قال أنه سيحسم الأمر لي في المساء، ولم أكن أعلم عن نوع الحسم الذي أراده، ولا ما الدافع إلى ذلك، لكنني أردت أن أتخلص من كل ذلك الشتات الذي دخلت فيه، لم أكن أعلم أنني سأدخل في شتات أكبر
_قابل أمجد معاذا تلك الليلة، وتحدثا كما اعتادا، بينما كنت أنا مجرد أحمق يرى الأمر من زاوية واحدة، بدا لي كلام معاذ أنه شريكه في عمل قذر، وحينها بالفعل كشف لي أمجد عن وجهه الحقيقي، وحين عدنا إلى منزله ثارت ثوائري وقلت له بأنني سأفضحه والكثير من التهديدات التي لم تكن مجدية، لأنه كان قد أعد للأمر مسبقا، انقلب الدور عليّ وأخذ هو يهددني، هددني بكل من حولي، بالذات خليل، متهما إياه بأنه أضحى يدا لمعاذ، ثم قال أنه يمسك عليّ شيئا استطاع الحصول عليه بسبب قضائي عنده لعدة أيام، بدا صادقا تماما، واثقا مما يقول، أفزعتني تلك الثقة، وخفت مما يمكن أن يكون قد أمسك به عليّ، ولو أني صمدت قليلا وعاندته لانكشف كذبه، ولكن قدر الله وما شاء فعل
صمت مجددا صمتا كاد أن يطول لولا أنه قطعه بالقول:
_في تلك الليلة أيضا ترك لي حبوبا قال أنها مهدئة لصداع الرأس، والذي أوعزه إلى مخدرات أيضا، لكن هذه المرة سببها خليل في الطعام الذي أرسله لي من المطعم حينما كنت عنده، قال أنهم أرادوا توجيه أصابع الاتهام إليه كوني كنت عنده، وهو سينتقم لهذه الفعلة، كنت حينها خائفا على خليل، من معاذ ومن أمجد
_شككت في تلك الحبوب كما شككت به أنه من جعلني أتجرع كأس مرها مجددا لا خليل كما ادعى، إلا أن سخريته مني بأني لن أشرب منها لأنني أشك فيه مع الصداع الفظيع الذي التهم رأسي حينها -خضعت لتناولها في نهاية المطاف
_عدت بعدها إلى البيت، وافتعلت المشاكل مع عائلتي لأجعلهم يكرهون رؤيتي، ظننت أن هذا جيدا لحمايتهم، لا أعلم من أين أتى كل ذلك الخوف لأصدق كذبات أمجد، ربما بسبب أنني لم أواجه موقفا جادا كهذا من قبل، بل موقفا قاسيا إن صح التعبير، ثم عدت إليه أخبره أنني سأكون رهن إشارته مقابل عدم تعريض أحد للخطر، بالذات خليل، فاشترط عليّ شرطين، الأول قطع علاقتي بخليل نهائيا، ومن ذلك تطليق ميمونة
شد قبضة يده وهو يتذكر تلك اللحظات العصيبة وكأنه يعيشها من جديد، ثوانٍ حتى أكمل:
_ولسوء الحظ ربما أن لؤي اتصل بي حينها، وخليل كان بجانبه، فهددني إن لم أفتح السماعة الخارجية وأنفذ ما يريد، وحينها طلقتها تحت تهديده، حتى أنه هددني إن قلت أنني عنده
رفع رأسه المحني ليطالع الوجوه أمامه وقال:
_لم يخبرني الشرط الثاني مباشرة، كان يعلم أنني غاضب وقد أنقلب عليه، عمل على امتصاص غضبي حينها
_حينما احتدم الخلاف بيني وبين عائلتي وتحدثنا عن بعض الأمور ووصل الأمر إلى خليل كاد لي حتى يراني، ويرى هل حقا أنه لم يعد يعني لي شيئا، تقابلنا ثم تصارعنا حتى هزمته في الأخير، ولأنني كنت خائفا على ميمونة بعد أن سمعت أمجد يحاول اختطافها أخبرت خليلا بطريقة مبهمة أن ينتبه لها؛ خوفا من أن يكون هناك من يلاحقني، ولا أعلم هل أدرك ذلك أم لا
سكت قليلا يستذكر تلك الأحداث، ثم رتب الكلمات قبل أن ينطق بها قائلا:
_دارت الأيام وتعاقبت الأحداث لأصعق بعد مدة بخبر خطوبة معاذ لميمونة، ولأنني كنت أكرهه ولا زلت أفكر بأنه كاذب ومخادع جن جنوني، فاستغل أمجد ذلك وعرض عليّ شرطه الثاني، لقد كان قتل معاذ هو الشرط الثاني، رفضت ذلك وخفت، لأن القتل ليس شيئا سهلا بالطبع، رفضت، عاندت، جننت، لكنه أخبرني أنه ينوي قتله، وإذا لم أبادر أنا لفعل ذلك، فسيقتله مع خليل مرة واحدة، حينها بدأ أفق أملي يضيق
_قال لي ساخرا أن هناك طريقة سهلة لقتله إن كنت أخشى القتل، وهي أن أعبث بسيارته، فيصير عليه حادثا بعيدا عنا، تذكرت حينها أن معاذا يتفقد سيارته قبيل خروجه دائما، ذهبت لأنفذ ما قال بعد أيام وبعد كثير من العناء، وفي اليوم التالي توفي معاذ في حادث سير كما بلغنا
ألجمه تذكر ذلك هذه المرة فصمت صمتا أطول من السابق، لكن تطبيبات جدته لم تسمح له بالتحليق مع أفكاره طويلا، عاد ليقول مواصلا حديثه:
_بدلا من أن أفرح فقد انهرت تماما، خفت، شعرت كما لو أن الجميع يعلمون حقيقتي، وأنني مجرد مجرم لا يستحق الحياة، ويوما بعد يوم حتى وصلت إلى مرحلة اليأس
_حينها انطفأت كل الإنارات أمامي، وحين شعرت بتلك الظلمة ذكرت رسالة كتبتها لي ميمونة ذات يوم، كانت عبارة عن تخوف وبضع نصائح، حينها فكرت بقراءتها مجددا، قفزت إلى رأسي فكرة أن أرسل ليسرى بأن تفتح لي الباب، وأذهب لأخذ تلك الرسالة، لأنني كنت حينها يائسا من الحصول على شيء، ليس لي إلا الذكريات أقتات عليها، أو ربما هي من كانت تقتات عليّ، وعل وعسى أن تنفعني تلك الكلمات المكتوبة فيها
_لم أكن أعلم أنهم في بيت العم عبد العليم، وبالصدفة كان الهاتف في يد ميمونة، لترى رسالتي حين وصلت، لتقرأها من الإشعارات، ثم أخبرت خليلا بذلك، وعند الجسر حيث كنت أندب حظي جاء هو ليوقفني عند حدي، كان معه جمال، هذا الرجل حقا يمكن تسميته رجل المواقف الصعبة، أخذني إلى منزله بعد أن عدنا من المشفى، ثم أعددنا الخطة هناك، وبدأ تنفيذها في ذات الليلة
رفع يديه كإشارة على انتهاء حديثه وقال:
_هذه هي القصة التي رغبتم بسماعها، ربما أنني أطلت في حديثي، ربما أنني قصرت، لكن هذا ما استطعت قوله، فقد كان الأمر صعبا عليّ، لدرجة أنه لا يمكنني نسيانه بسهولة، أو ربما لن أنساه مدى الحياة
تحدث بقصته كاملة بشكل مقطع هكذا، وما إن أنهى حديثه حتى ضمته جدته إليها وهي تقول متأثرة بما سمعت:
_حماك الله يا ولدي من كيد الخائنين، وحمدا لله على سلامتك بعد كل شيء
قبل يدها ورأسها ثم علق على كلامها:
_اللهم آمين، لا تحرمينا من دعواتك يا جدتي
لم تقصر الجدة في دعائها، أخذت تدعي له ولكل عائلته، وهم يؤمِّنون على دعائها، وجهت الجدة حديثها لوالد يوسف قائلة:
_ماذا قال الشيخ عن حكم الطلاق بالإجبار؟ أظنك قلت أن يوسف أخبركم بهذا قبلا، وأنك تريد أن تسأل
اعتدل الأب في جلسته ثم قال:
_بلى قلت ذلك، لقد سألته بالفعل فقال أنه لا يقع
تهلل وجه العجوز فرحا، ولم تكن سعادة يوسف في هذه اللحظة قليلة، لكن الحزن لا زال يشوبها، لم يسعفه عقله بعد إلى حل لكيفية التصرف معها حينما يقابلها، لكن لن يتهرب ولن يؤجل كما فعل في المرة السابقة
في تلك اللحظة استغلت والدته الهدوء وقالت:
_لن تتهرب من لقائها بعد الآن، فلا أعذار لديك، إلا إن كنت تود الذهاب إليها مسحوبا فنحن لن نمانع، ولن يقصر أحد في ذلك
شعر يوسف بالحرج بعد كلمات والدته الأخيرة، لكنه مثل دور المسكين وأمسك بجدته قائلا:
_انظري يا جدتي ماذا تقول، انظري ماذا ينوون أن يفعلوا بحفيدك المسكين هذا
ردت العجوز ساخرة:
_يا لك من مسكين حقا، لذا سوف أسحبك وحدي
لم يكمل فرحته بجملتها الأولى حتى صدمته بجملتها الأخيرة، نكس رأسه مستسلما ثم قال:
_حتى أنتِ يا جدتي
رفع رأسه بعد لحظة ليكمل بجدية وثقة:
_لا تقلقوا فأنا نفسي لم أعد أرغب بالهرب
تحدثت والدته مجددا:
_ثلاثة أيام سنستضيفك فيها، بعدها سنذهب لنعيد ميمونة، لا تنسى أن تعتذر لها اعتذارا لائقا، فهمت؟
_فهمت يا أمي فهمت، فقط لا تغضبي عليّ
ضحكت الجدة على تعليقه لينهوا أحاديث سمرهم تلك من شيء إلى آخر، كان النهار حافلا بالزائرين، ما جعل العائلة لا تستطيع الاجتماع ببعضها، زينت الجدة المجلس بأحاديثها العذبة، وضحكاتها التي تبعث الراحة في القلب
مرت تلك الثلاثة أيام مرور الكرام، لم يتوقف البيت فيها عن استقبال الزائرين، واحتراما ليومهم الموعود مع عائلة عبد العليم فقد أخرت تلك العائلة أجل زيارتهم، ربما يرون أنه من غير اللائق زيارتهم بعدد ناقص، أو ربما لا يكون مناسبا أن يأتوا مع ابنتهم وهو لم يطلب عودتها بعد، أو ربما ينوون زيارتهم بعد عودة ابنتهم
وأيا كانت نواياهم فقد جهزت عائلة يوسف عدتهم لتلك الزيارة، الملابس الجديدة، والهدايا العديدة، وربما أشياء أخرى، جعلتهم يبدون كأنهم ذاهبين في رحلة يوم العيد.
¶____________________¶
انتهى الفصل التاسع والثلاثين
أخيرا وصلنا إلى هنا
_تبكي بسعادة_
كما هو ملاحظ فهذا الفصل عبارة عن مراجعة للأحداث السابقة بشكل سريع، وتوضيح لبعض الأشياء
وبالمناسبة فإن الطلاق بالإجبار لا يقع حقا، وقد سألت أحد المشائخ عن هذا، أراهن أنه لو علم أنني سألت عن رواية لما أفتاني مجددا XD
إذن بقي لدينا فصل واحد، ماذا تتوقعون أن يكون في النهاية؟ دعوني أرى ماذا تصنع مخيلاتكم من أحداث :)
تنتابني أفكار شريرة بأن لا أقوم بنشر الفصل الأخير هههههههههه عدُّوا هذا تلميحا عن نوع الأحداث التي ستكون فيه
غدا موعدنا بإذن الله 💓
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top