٤ | مُجددًا وللأبد يا عزيزتي.

"الطقس بارِد اليوم.." أردفت صوفيا أثناء تواجُدنا بشُرفة المنزل، نُراقِبُ تَوَهُّج النجوم في السماء ونُشاهد عمليّة تطهير الشوارع والأزقّة عن طريق الأمطار الشتويّة المُحببة إلي قلبي.

"أجل.. لكنهُ جميل!" أومأت بهدوء فإنتبهت لي لتضع معطفي علي كتفاي وتبتسم بدفء، ناولتني كوب الشاي الساخِن لأُعانقه بيداي فيتسلّل الدفء إليّ تدريجياً.

"سأذهب لأنام يا عزيزتي، أكمِلي سهرتكِ مع النجوم أيتها الكاتبة العظيمة.." إبتسمت بِلُطف فلم أتمالك نفسي من الضحك، مسحَت علي شعري ورحلت لِأُطلِق تنهيدة مُعبّأة بالتعب.

أرهقني التفكير.. التفكير فيما مَضَي، والتفكير في المُستقبل.. تُري هل ستستمر حياتي علي هذا النحو؟ ألن أشعُر بمُداعبة الحشائش لقدماي مجدداً؟ ألن أركُض مجدداً؟ ألن أعُد للمنزل مُتذمِّرة لأن قدماي تؤلمانني لكثرة السَير؟

إن إستمرّت حياتي علي هذا النحو... هل سأتحمّل كل هذا؟

أجل ألِكسندرا ستفعلين، مرّت سنوات.. ولازِلتُ مُتماسِكة، لا بأس بالمزيد من الوقت..

"مرحباً، هل أجلس بجواركِ؟" نظرتُ بجانبي فوجدتُ شون -بطل قصّتي- يرسِمُ إبتسامةً علي شفتيه الكرزيّتَين.

"أوه، أنت مُجدداً؟" نظرتُ أمامي مُبتسِمة، فسحب المقعد التي كانت تجلس عليه صوفيا مُسبقاً وأخذ مكانها، ثُم أخذ يُحدّق في النجوم مثلي.. وأردف "مُجدداً وللأبد يا عزيزتي!"

إبتسمتُ بسعادة، علي الأقل سأجِد مَن يكسر مللي ويُشاركني وِحدَتي.

"القمر باهِت اليَوم، إنطفأت لمعتهُ دون سببٍ يُذكَر." تمتمت لأحتسي كوب الشاي، أوما شون قائلاً "والنجوم باتت تختفي بهدوء ليحلّ محلها بساطٌ مُظلِم."

"الطَبيعة الغاضِبة سيطرت علي الموقف." رفعتُ كتفاي، فنظر لي "رُبما هو عِقاب للبشر، يظلّون يرتكبون المعاصي والجرائم ثم يتذمّرون لإنقلابات الجوّ المُفاجِئة.."

إبتسمت لتلمع عيناي بإعجاب "وتُشاركني معتقداتي الغريبة أيضاً؟ مُبهِر!"

"لا تنسي أن مُعتقداتك هي مُعتقداتي، أنا شخص من نسيج خيالكِ." رفع كتفيه ببساطة وظلّ يُحدّق بي، إستدرتُ له لأبتسِم.

"تبدين مُتعبة، صعبة هي الحياة الواقعية أليس كذلك؟" سألني مُبتسماً بأسف فأومأت سريعاً وتنهّدت.

"أحمدُ الله أنني أنتمي لعالم الخيال."

نظرتُ لهُ بغرابة، ثم وجدتُ نفسي أقول "أنت تعلم أنني قد أجعلك تموت -في القصة- بأيّة لحظة أليس كذلك؟"

"لا أهتم." إسترسل حديثه "سأظلُّ حيّاً في بعض الفصول، بالتالي سأظلُّ متواجداً في عالم الخيال"

"ليتني أنضمُّ لعالمك شون!" قُمتُ بهفّ الهواء بغضب، إتكأتُ برأسي علي يدي وأكملتُ تحديقي في النجوم.

مرّت ثوانٍ.. دقائق.. ورُبما ساعة، وأنا في صمتٍ تام.

"شون؟" بحثتُ بعيناي في الأرجاء، لكن يبدو بأنه رحل.

*****

"حقاً؟ هل أنت جاد؟" كتمتُ صرختي فجائَني ردّه الحماسيّ "أجل بالطبع ألِكسندرا! والطبعة الحادية عشر في طريقها للأسواق.."

"رائع!" إزدادت إبتسامتي توسُّعاً، حتي تلاشت تزامُناً مع قوله "هُناك مؤتمر للكُتّاب في العقد الثاني، سيُقام في إسطنبول، أتمنّي مجيئكِ لا تخذلينني تلك المرّة!"

تنهدت قائلة "أنت تعلم أنني لا أستطيع، أنا حتي لا أخرُج من منزلي فهل سأترُك بلدي وأرحل؟" كتمتُ غضبي وتمالكت أعصابي "أنا آسفة سيّد تاد، لا أستطيع."

"ألِكس، هل أنتِ أولُ شخص في العالم يُصاب بالشلل حتي تحتبسي نفسكِ بهذه الطريقة؟"

"رجاءً سيدي دعنا لا نتحدّث في الأمر مجدداً." إعتصرتُ رأسي بغضب وأشرتُ لصوفيا علي المُسكِّن الذي أتناوله، أنهيتُ المُكالمة لألقي بالهاتف علي الطاولة.

"هل هناك خطب ما؟ ظننتُ أنّكِ سعيدة!" وضعت صوفيا قُرص الدواء في فمي وأعطتني كأس الماء، تناولته لأبتسِم "أنا بالفعل سعيدة للغاية، الطبعة الحادية عشر من روايتي ستتواجد في الأسواق خلال إسبوع.."

"لكن.. هذه المرة التاسعة التي يعرض عليّ السيد تاد الحضور إلي المؤتمر السنوي للكُتّاب وأرفُض." طأطأتُ رأسي وعبثتُ بأصابعي لأسمعها تتنهّد.

"أتفهّمُ كم أنتِ مُتخوِّفة من الخروج من منزلك بهذا الشكل، لكنّكِ يا.." قاطعتها بإصرار "رجاءً صوفيا، أنا سعيدة وراضية تماماً عن حياتي بهذا الشكل، أنا أحتجِزُ نفسي بإرادتي.. وسعيدة بذلك حسناً؟"

"أهرب عن طريق التواصُل مع قُرّائي الرائعين الذين يكنّون لي الحُب رغم أنهم يجهلون شكلي وإعاقتي وكل تلك الأشياء، لقد أحبوا روحي وموهبتي وهذا أكثر ما يُهمني، قد يكون العالم الإفتراضي أكثر أهميّة من الواقع."

أومأت صوفيا وتركتني أفعل ما أشاء ولم تجادل أكثر، داعبتُ أوسكار قليلاً ثم ظهر شون أمامي لتتسع إبتسامتي كاشِفة عن أسناني.

"أنت بالفعل تُزعجني شون!" رفعتُ كتفاي فعقد حاجبيه قائلاً "إذاً ما هو سر إبتسامتكِ؟"

"حسناً.. أنا فخورة برؤيتك علي أرض الواقع، لكنّك لا تحترم خصوصيّاتي!"

"عفواً.. هل كُنتِ تُبدّلين ملابسكِ؟" قهقه فوجدتُ نفسي أُشاركه، ضحكته لطيفة مُحببة للأُذُن.. حقاً كيف لي أن أصنع منهُ شبحاً داخل القصّة؟

"أنت هُنا.. وأنت داخل القصة.. يا إلهي مُتناقضان تماماً!" قهقهت ليبتسم بينما يجلس أمامي علي الأرض.

"أنتِ تتخيّلينني لطيفاً." رفع كتفيه بهدوء، تمعّنت النظر في ملامحه لأبتسِم.

ركض أوسكار للخارج، وأغلقت عيناي لدقائق.. أتخيّلُ شيئاً ما، ثُم فتحتهما لأجد شون لازال في مجلسه لكنّه قام بتغيير ملابسه.. كما تخيّلته تماماً!

قهقهت بقوّة فرفع لي كتفيه ببلاهة، الأمر مُمتِع بحق.

"آسِفة شون قد أتغيّب عنك وعن القُرّاء لبعض الوقت، لقد أُصِبت بنزلة بردٍ حادة ولا أبدو في صحةٍ جيّدة لأكتُب!" سعلتُ بقوّة حتي دمعت عيناي وألمني حلقي كثيراً، نظرت نحو شون ووجدته رحل مُجدداً.

لكنني لم أتخيّلهُ يرحل! لستُ أفهم ماذا يحدث.

*****

المفاجأة إن شون ميندز هو بطل القصة ياايي!

إعملوا منشن بقا للناس اللي بيحبوه وللميندز أرمي وكده♥

حبيتوا الشابتر؟

واللي متابع رواية ليتل باد جيرل فا أنا نزلت الجزء التالت منها شوفوه!

وأحب بجد أشكر اختي اللي بحبها جداً جداً يعني @HabibaWaleed3 علي الكتاب اللي هي عملتهولي، روحوا شوفوه يا جماعة فيه إقتباسات من أعمالي♥♥♥

أشوفكوا الشابتر الجديد!

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top