الفصل الثاني عشر

12- شهر عسل عائلي .

استيقظ بيرس من النوم، فوجد وفداً واقفاً قرب سريره، آبي، دونالد، وبرايس. أجفل ونظر إلى الساعة المجاورة للسرير، فأجفل ثانية. بالكاد تجاوزت الساعة السادسة صباحاً" الوقت ما يزال مبكراً جداً يا أولاد! ".

قالت آبي: " نحن عاجزون عن إيجاد وندي ".

قال برايس: " رتبت سريرها وتركت ورقة عليها ملاحظة ".

قال دونالد: " ها هي الرسالة ".

وناوله إياها. بدا وجهه الصغير قلقاً حين أضاف: سيدني تبعد ثلاثمائة وتسعة وعشرين كيلومتراً ".

حدق بيرس بدونالد، ثم حدق بالرسالة. ماذا بحق الجحيم . . . . " ذهبت لأرى شاني، لدي شيء هام أريد أن أسألها إياه . . . أمر لا أستطيع أن أقوله لبيرس. هي أعطتني عنوانها، لذلك أنا أعلم إلى أين أنا ذاهبة. سأطلب من شاني أن تتصل بكم هاتفياً ما إن أصل إلى هناك ".

همس بيرس: " متى رحلت؟ ".

همست آبي: " نحن لا نعلم. استيقظت فوجدت سريرهها مرتباً ".

قال دونالد: " تحسست الأغطية. إنها باردة ".

وندي. . . الفتاة التي يمكن الاعتماد عليها، تذهب سيراً على القدمين إلى سيدني؟ أسقط بيرس الرسالة، وتناول سروال جينز، ثم صرخ: " بلايك! نيكولاي! ".

خرج مسرعاً من غرفة النوم، وهو يزأر لأخويه. خلفه تحركت بيسي فاستيقظت على الفور. وبدأت تزعق، لكن بيرس لم يولها اهتمامه." استيقظوا بحق الحجيم! بلايك، نيكولاي، أولغا! ".

حين وصل بيرس إلى أسفل الدرج رفع سترته فوق رأسه ليلبسها. راح يتلمس كومة الأحذية المتروكة على الشرفة. في ذلك الحين أخرج اخواه رأسيهما خارج الغرفتين اللتين ينامان فيهما. أما أولغا فظهرت من آخر الرواق وهي مكللة بلفافات الشعر. سأل نيكولاي: " هل هناك حريق؟ ".

قال بيرس وهو يتجه نحو الباب: " أنا ذاهب لأبحث عن وندي. إنها تحاول أن تصل إلى سيدني. اللعنة! إنه أمر مستحيل. اهتموا بالأولاد. أيها الأولاد ساعود حالما أجدها. أعدكم ".

كان بلايك صاحياً بما فيه الكفاية ليندفع إلى الأمام، ويسأل بيرس: " هل تحمل هاتفك الجوال؟ ".

قال دونالد من أعلى الدرج: " إنه لا يحمله. إنه في الشاحن الكهربائي. ساحضره ".

" إنها في الخارج . . . ".

" لكن لو وجدها أحدهم وأحضرها إلى المنزل، نحن بحاجة إلى إخبارك بذلك. هل تعرف إلى أين هي متجهة؟ ".

" إلى منزل شاني ".

" هل لدى شاني هاتف؟ ".

هل تحمل شاني هاتفاً؟ اللعنة! كيف عساه يعلم؟ إنها ربما ما تزال مع . . . جولز، أو روبي. قال: " ربما ".

" سأتصل بروبي كي أكتشف ذلك ".

قال بلايك ذلك، أما دونالد فاندفع نزولاً على الدرج، وناوله الهاتف الجوال. في الواقع رماه إلى بيرس، الذي انطلق نحو سيارته. صاح بلايك: " أين ستبحث؟ ".

" على الطريق السريع ".

" حسناً! أخي، اذهب. نحن سنبحث هنا. أجب على هاتفك حين يرن ".

صاح بيرس: " سافعل. بيسي تحتاج إلى تغيير الحفاظ ".

ثم رحل . . .أحس بيرس أن الرحلة بالسيارة من المزرعة حتى البلدة هي الأطول في حياته. لم يكن هناك طريق آخر للوصول إلى سيدني، ربما تعلم وندي ذلك. سيتوجب عليها أن تمشي إلى البلدة كي تصل إلى الطريق السريع. سيتطلب منها الوصول إلى هناك عدة ساعات. ماذا بعد ذلك؟ هنالك حافلات، لكنها لا تعرف توقيتها. ليس بحوزتها مال. عندما وصل بيرس إلى حدود المدينة كان قد بدأ يشعر بسوء كبير. رن هاتفه . . . أوقف سيارته جانباً، ثم حمل الهاتف، وكأنه شيء سام.

" إنها آمنة! ".قال بلايك ذلك فخرج الهواء من رئتي بيرس بقوة، كما لو أن أحدهم ضربه على ظهره." آمنة؟ ".

قال له بلايك: " إنها في مركز الشرطة يا رجل. رآها أحد سائقي شاحنات نقل الحليب، وهي ترفع إبهامها في الهواء لإيقاف أية سيارة عابرة حتى تحصل على توصيل مجاني. لكن الرجل رب عائلة، وقد تحلى بما يكفي من العقلانية كي يأخذها مباشرة إلى الشرطة. إنها تنتظرك هناك. هي بامان ".

****
" شاني؟ ".

كانت شاني تغط في نوم عميق في غرفة روبي الإحتياطية، لأنها ظلت تروح جيئة وذهاباً حتى الساعة الخامسة صباحاً. تطلب الأمر أكثر من عشرين رنة حتى أدركت أن هاتفها يرنّ.قالت شاني وهي ما تزال نصف نائمة: " مرحباً ".

قال صوت رجولي عميق لم تعرف إليه: " شاني؟ ".

" نعم ".

" أنا الشرطي بوب ليستر من مركز شرطة كراغي بورن. أتذكرين أنك اعطيتني رقمك منذ عدة أسابيع؟ ".

" نعم ".

عظيم! إنه شرطي يوقظها عند الفجر كي يطلب منها موعداً غرامياً. قالت وهي تحاول التركيز: " آه . . .! بماذا يمكنني أن أخدمك؟ ".

قال الشرطي برفق: " لدي شخص هنا يود أن يتكلم معك. هاك وندي! إنها لك".
كانت وندي تجلس في قاعة يستخدمها رجال الشرطة خلال الاستراحة. كانت تشرب الشوكولا الساخنة، وقد بدت عيناها هائمتين فوق كوبها. فتح الشرطي الباب، فتشنجت. ظن بيرس أن قلبه سوف ينكسر هناك، وفي تلك اللحظة بالذات. همس: " وندي! ".
وضعت وندي كوبها بحذر شديد على الطاولة، ورفعت ذقنها متحدية. لكن ذلك لم يجد نفعاً، إذ ترنح ذقنها فأنزلته مجدداً. إنها ما تزال فتاة صغيرة جداً: " هل أنت غاضب مني؟ ".

همست وندي بذلك، وهذا كان كافياً.ركل بيرس الكرسي جانباً، ثم تقدم منها، وعانقها. طمر رأسه في خصلات شعرها القصير الجميل. اللعنة! إنه يبكي." إنها بخير ".

قال الشرطي ذلك من خلف بيرس، فجاهد هذا الأخير ليستعيد رباطة جأشه. عانق وندي أكثر بعد، ثم تمكن أن يبعدها بما يكفي عنه، حتى يستطيع رؤية وجهها. بدا وجهه ملطخاً بالدموع تماماً.همست وندي: " أنا آسفة! ".

" ما من داع لأن تأسفي. المهم أنك آمنة ".

تكلم الشرطي وقد حمل صوته لمحة تأنيب قائلاً: " لقد مشت لساعات. لا أحد يستعمل ذلك الطريق خلال هذا الوقت من الليل. شاحنة نقل الحليب تبدأ بالتجوال عند الساعة السادسة، وجدها السائق عند الجولة الأولى. كانت ترفع إبهامها كما لو كانت معتادة على إيقاف السيارات، وحين توقف هربت ".

"هو . . . أنا كنت . . .".حاولت وندي أن تجعل صوتها واضحاً، لكنها فشلت. بدت مرتعبة، وراح جسمها باكمله يرتجف. هذه الطفلة تعلمت بطريقة صعبة أنها لا تستطيع أن تثق بالرجال.قال الشرطي: " لم يعرف السائق ما يجدر به أن يفعله لكنه لاحقها، وامسك بها، ثم احضرها إلى هنا، كان قد هدأ من روعها قليلاً، فقد اتضح أن ابنه في صفها في المدرسة، لكنها بدت خائفة إلى حد كبير ".

" اللعنة! وندي . . . " .

" أردت أن أذهب إلى شاني ".

قال الشرطي: " دبرت لها ذلك على الأقل. فقبل اتصالي بمنزلك اتصلت بشاني ".

واجه بيرس صعوبة في استيعاب ذلك، فقال: " هل اتصلت بشاني؟ ".

" بما أنها تكبدت ذلك العناء، ونحن أوقفنا عملية فرارها، أقل ما استطعت أن أفعله هو السماح لها أن تتصل بشاني ".

" هل أعطتك شاني رقم هاتفها؟ ".سأل بيرس وندي، فهزت رأسها نفياً، ثم طمرت رأسها في كتفه مجدداً." بل أعطتني أنا الرقم ".

قال الشرطي ذلك وقد بدا خجولاً نوعاً ما. أشار إلى قطعة من الورق موضوعة على المكتب، فدمدم قائلاً: " شاني أعطتني رقم هاتفها منذ عدة أسابيع. كنت ساستعمله، لكنها كانت عالقة مع كل هؤلاء الأطفال. أنا لست رجلا يحب العائلات ".

##################

أخذ بيرس وندي إلى المنزل. جلست الفتاة على المقعد المجاور للسائق كما لو أنها ما تزال خائفة. وقد بدت اصغر من عمرها. لم يستطع بيرس أن يستنتج السبب، أما هي فرفضت التكلم." أنا فقط أردت أن أسألها شيئاً ما. أنا آسفة! ".

همست وندي بذلك، وهذا كل ما قالته." وندي لو رغبت أن تسألي أي شخص أي شيء . . . لو رغبت أبداً بزيارة أي شخص . . . فقط اطلبي مني، أقسم أنني سآخذك." .

" أعلم. لكنني كنت بحاجة لأن أكلمها بمفردي ".عندما وصلا إلى المنزل، ألقت أولغا نظرة واحدة عليها مظهرة لها مدى استيائها. إنها أم حقيقية. " أنتم البقي . . . دعوها وشانها، لقد تعرضت لصدمة سيئة. انظروا إلى هاتين القدمين . . . بعد أن مشيت تلك المسافة وانت تنتعلين الصندال . . . آبي تعالي واجلسي إلى جانبها ريثما أغسلها ".

استدارت نحو بيرسي، وقالت له: " انت حضر لها بيضة لذيذة طرية مع الخبز المحمص. سوف نطعمها إياها في حوض الاستحمام ".قال بيرس ببلاهة: " الخبز المحمص؟ ".

" هاي! حتى أنا أعرف كيف أحضر ذلك. اللعنة، يا أخي! أمامك درب طويل في طريق الأبوة ".قال نبكولاي ذلك وهو يبتسم ابتسامة عريضة. جميعهم كانوا يبتسمون ابتسامات عريضة.انتقعت وندي في حوض الاستحمام، فيما اكلت الخبز المحمص مع البيض. بعدئذ وضعتها أولغا على الديوان القديم في زاوية المطبخ كي تنام. قالت لها أولغا: " لن ترغبي بان تكوني وحدك في الطابق الأعلى. أنتم البقية اذهبوا إلى الخارج. أنا ساحضر بعض الخبز ".
همست وندي: " آبي ".

" سوف أبقى معها ".
أحس بيرس أن قلبه سوف ينكسر مرة ثانية من جديد.
" ليس هنالك من شيء تفعله أنت هنا ".
أخبرته أولغا ذلك، ثم رقت كلماتها وهي تعطيه الأمر. تابعت: " اذهب لتحلب الأبقار إذا أردت ".

قال نيكولاي: " هاي! علمنا كيف نفعل ذلك ".

سأله بيرس: " ألن تعودا أنتما الاثنان من حيث جئتما؟ ".

قال بلايك" لا! نحن ننتظر الحدث التالي ".وهذا ما حدث تقريباً بعد مرور دقيقتين على تناولهم الطبق الرئيسي، الذي أعدته أولغا للغداء، وهو لحم العجل المشوي اللذيذ، وبالتحديد حين بدأت بتقطيع فطيرة التفاح. كانت وندي تغط في النوم في الزاوية، أما بيسي فكانت تقذف الطعام حول كرسيها العالي، فيما تحلق الآخرون حول الطاولة. دخلت شاني مرتدية سروال الجينز مع سترة، وبدا من الواضح أنها لم تأخذ وقتها لتمشط شعرها. بدت مخطوفة الأبصار. قالت: " مرحباً ".

ساد صمت ملؤه الذهول. قال بيرس ببلاهة: " شاني! ".
صرخت آبي كما لو أنها لم ترها منذ عام قائلة: " شاني! شاني هنا . . . وندي. استيقظي . . . شاني هنا ".

سألها بيرس، وهو يحاول أن يجعل صوته فعالاً: " لم أنت هنا؟ ".

" أنا هنا لأسالك إذا كنت تريد الزواج بي؟ ".

كان بيرس يغرف بالملعقة التفاح المغطى بالكريما ويوصله إلى فم بيسي، فتجمدت يده، وقد وصلت الملعقة في منتصف طريقها إلى بيسي. حول الطاولة بقى جميع الآخرين متجمدين، إلا أنهم جميعاً استعادوا رشدهم قبل أن يفعل بيرس. قالت آبي بصوت يدل على الرضى العميق: " يا إلهي! أنا أريد أن أكون الفتاة التي تحمل الأزهار. دونالد لا يحق لك أن تأخذ كل الكريما ".

" رائع! أترغبين بتناول الغداء؟ ".قال نيكولاي ذلك وهو يتحرك على المقعد الخشبي الطويل كي يفسح لها المجال لتجلس." أراهن أنك لم تأكلي بعد ".

نهضت أولغا، وقالت: " ما زال هنالك لحم مشوي. أم أنك تريدين أن تنتقلي مباشرة إلى فطيرة التفاح؟ ".

" دعي الشاب يجيب أولاً ".قال بلايك ذلك، فحل الصمت عليهم من جديد.

حدق بيرس بشاني، وقال: " أنا لست . . . أنا لست أفهم ".

" وندي قالت أنك ترغب في الزواج بي ".قالت شاني ذلك و هي ما تزال واقفة في مدخل الباب. استيقظت وندي، لكنها لم تتحرك، بل تقوقعت تحت البطانية. قالت شاني: " وندي تقول إن السبب الوحيد الذي يمنعك من طلب الزواج بي هو اعتقادك أنني لا أريد الأولاد، لكن وندي تقول إنها ستعتني بالأولاد. هي عرضت أن تذهب وإياهم جميعاً إلى دار للرعاية .

التفتت العيون جميعاً نحو وندي. همست وندي من مكانها المحايد قائلة: " هذا . . . هذا صحيح. قال لنا مسؤولوا مصلحة رعاية شؤون الأطفال إن هنالك منازل مخصصة لعائلات كبيرة كعائلاتنا. هناك يقومون برعايتنا. وأنا فكرت . . . ربما نستطيع القدوم إلى هنا خلال عطلة نهاية الأسبوع. في بعض الأحيان ".

تكلمت شاني وقد بدت فجاة عنيفة: " ما رأيك لو بقيت هنا؟ ما رأيك لو انتقلت أنا إلى هنا، فنستمر على حالنا كما هو الآن؟ أنا وبيرس وأولغا ووندي ودونالد وبرايس وآبي وبيسي. وكل شخص آخر يمكنه ان يخطر ببالنا ".

تدبر بيرس أن يقول: " لا يمكنك ".

" لم لا؟ ".

" مهنتك ".

ردت شاني قائلة: " فلتذهب مهنتي إلى الجحيم ".

لكنها عادت وابتسمت ابتسامة عريضة، وقالت: " هذه مقاطعة يؤمها السياح، والناس يأتون إلى هنا أيام الآحاد كي يزوروا المعارض الفنية. بعض مالكي المعارض الفنية في بادينغتون والروكز سينتقلون إلى الريف، لأنهم سيحصلون على عدد أكبر من الزبائن هناك ".
قال نيكولاي مفكراً: " لكن هذه المقاطعة ليست سياحية بامتياز ".

قالت شاني وهي تبتسم: " ستصير كذلك عندما يسمع الناس بالمعرض الفني الساحر الذي سأفتتحه هنا ".

قال بلايك: " خليج الدلافين قد يكون منطقة أفضل ".

تابع بلايك قائلاً: " منطقة خليج الدلافين تحتاج إلى بعض الثقافة. المواصلات ليست مشكلة بالنسبة لبيرس، كما أنه غالباً ما يعمل في منزله. يمكنكما ان تشتريا منزلاً هناك، وتفتتحان أفضل معرض فني في العالم، فيما يتابع بيرس عمله بالهندسة المعمارية. يمكنكما استخدام هذا المكان للعطلات ".

تدخل نيكولاي وهو يقول: " مهلاً! يوم افتتاح قصر لوغانايك تكلمت مع هاميش وروبي. كلاهما يرغبان بإنشاء شبكة من الأماكن، يمكن استخدامها لصالح الأولاد المحتاجين. بل أكثر من ذلك، لأجل العائلات التي تمر بأزمات طارئة، والأمهات العازبات اللواتي يواجهن أوقاتاً صعبة. نحن أولاد روبي السبعة، يمكننا أن نوظف ما يكفي من المال كي نُنجح المشروع. يمكننا أن نسميها مزرعة روبي. سوف تحب هذا ".

كان بيرس يواجه صعوبة في استيعاب أي كلمة: " ماذا بحق الجحيم . . . ؟".

قال نيكولاي: " نحن سنفعل ذلك. قد تضطر إلى نقل كلايد إلى مكان أبعد قليلاً من المنزل حتى تضع بعض الحيوانات اللطيفة مع الأولاد. الأحصنة الصغيرة و القطط الجميلة و كلب عجوز سمين. كما سنحضر بضع مدبرات لطيفات مع الأطفال للمنزل، وبضع مساعدات لطيفات ".

قالت أولغا منقطعة الأنفاس: " أنا أستطيع أن اكون كذلك".
لكنها عادت، ونظرت غلى بيرس قائلة: " لكن لا. أنا أريد أن أبقى معكم في خليج الدلافين، لي صديقة تدعى مايبيلاين، يمكنها القدوم إلى هنا. كانت تملك مزرعة قبل أن يهجرها زوجها مع امرأة أخرى ما جعلهما كلاهما مفلسين. أنها تحب الأولاد ".

أضاف بلايك: " روبي تود الانتقال إلى خليج الدلافين. هي اخبرتني بذلك. هنالك ناد جيد للتطريز هناك. لذلك كل ما أنتم بحاجة إلى فعله هو أن تجدوا منزلاً كبيراً هناك ".

قال نيكولاي: " أظن أنه يجدر بروبي أن تحصل على منزلها الخاص ".

علق بلايك: " لكن ليكن بالقرب من منزلك ".وقف بيرس قائلاً: " أعذروني! ".

سألته آبي بصوت لطيف: " هل تريد أن تتزوج شاني؟ ".

سكت الجميع، ونظرت شاني إلى بيرس، أما هو فبادلها النظر, قال: " نعم ".

أطلق الجميع أنفاسهم بتنهيدة جماعية، ثم أضاف بيرس: " لكنني بحاجة إلى أن أسألها ".

قال بلايك: " ما من داع لذلك. فقد أُنجز العمل. أولغا، هل يمكنك أن تمرري لنا الفطيرة إلى هنا، أرجوك؟ ".

كان بيرس في وسط الطاولة. ناولته أولغا الفطيرة. ناولها بيرس لبلايك من دون أن يفكر. بدت شاني مرتبكة، أما البقية فتابعوا تناول الحلوى.زمجر بيرس: " اتركوا القليل لنا أو ستموتون ".

حثته أولغا قائلة: " إذا كنت تريد أن تسألها أن تتزوجك، فافعل ذلك بسرعة. بلايك تلك القطعة كبيرة جداً. تسع حصص متساوية. أنت قطع الفطيرة ونحن سنختار ".

أخذها بيرس إلى الحديقة. مشى بها نحو البوابة، ثم توقف. قالت شاني بتردد: " إنك تبدو . . . غاضباً ".

استدار بيرس ليواجهها: " أنا أحب أن أحظي ببعض السيطرة على الأمور ".

" وأنا أيضاً ".

" أتحبين الأولاد؟ ".

قالت شاني: " بالطبع أحبهم ".

" هل تعرفين ما الذي ستورطين نفسك به؟ ".

همست شاني: " سيكون الأمر على ما يرام. إذا . . . ".

" إذا ماذا؟ ".

" إذا كنت تحبني ".

جمد العالم في مكانه. أخيراً قال بيرس: " ما الذي يجعلك تعتقدين أنني لا أحبك؟ ".

" لم تقل لي أبداً ".

" لست أدري كيف أفعل ذلك ".

" إنه أمر سهل ".قالت شاني ذلك، وقد جاء دورها لتبدو ساخطة. شبكت ذراعيها حول عنقه، ثم وقفت على أطراف أصابعها. عانقته بخفة فائقة، ثم تراجعت قليلاً إلى الوراء قبل أن يتمكن من التجاوب معها. همست قائلة: " هكذا تحب. بيرس ماك لاكلان، أنا أحبك. أحبك من قمة رأسي حتى أخمص قدمي. أحبك أكثر مما ظننت نفسي قادرة على أن أحب أي شخص. أحبك حتى أكثر مما أحب سوزي بيل ".

سوزي بيل؟! ".

" لم تتعرف إليها بعد. ستتعرف إليها قريباً. إنها على وشك أن تجعل وندي ابنتنا سعيدة جداً ".

" وندي . . . ابنتنا؟! ".

همست شاني: " إنها وندي فتاتنا الصغيرة الرائعة. أكثر الأطفال شجاعة. أنا أحبها حباً جماً ".

" شاني . . . ! ".

كانت شانيس ما تزال واقفة على أطراف أصابع قدميها، وما زالت ممسكة به: " نعم يا حبي ".

" لست أعرف بشان مسألة الحب ".

" ألا تظن أنك قادر على أن تحبني؟ ".

قال بيرس وهو يبدو مبهوراً: " يبدو أنني قادر. يبدو أنني كذلك ".

قالت له شاني وهي تعانقه مجدداً: " حسناً! هاك اختبار. سانتقل إلى هنا على أي حال. أنا أحب هؤلاء الأولاد. روبي أحبتهم أيضاً وكذلك أولغا. لقد استعدت لي للتو مبلغاً كبيراً من المال، لذا يمكنني أن أستاجر منزلاً كبيراً رائعاً في منطقة خليج الدلافين، وأنشئ معرضاً فنياً إلى جانبه. يمكنني أنا وأولغا وروبي أن نأخذ الأولاد وأن نحبهم إلى الأبد. يمكننا أن نكون عائلة واحدة ضخمة. وأنت يمكنك أن تنسل عائداً إلى حياتك المستقلة في سيدني، وأن تمارس دورك كأهم مهندس معماري في العالم".

" أنا . . . ".

" أنا جدية، بيرس ".قالت شاني ذلك وقد بدت جدية. خلا صوتها من الضحك. تابعت كلامها: " وندي أخبرتني أنك لن تطلب مني الزواج لأنك ظننتني ساكره أن أتقيد بالأولاد. أهذا هو الحال معك؟ لأنني سوف أقدم لك عرضاً، وأنا جدية بذلك. يمكنك أن تعود إلى حياتك السابقة وسوف نعيش بسعادة إلى الأبد من دونك ".

ما تعرضه عليه بدا هائلاً لدرجة أنه أحس بالدوار. استعادة حياته السابقة . . . استقلاليته. وندي، دونالد، برايس، آبي، بيسي، شاني، روبي وأولغا يعيشون سعداء في خليج الدلافين، من دونه.فجاة بدت له فكرة وجوده من دونهم باهتة جداً، ولم يقوى على احتمالها: " لا! ".

" لا؟ إذا الخيار التالي هو من دوني أنا. إذا كنت لا ترغب بي، يمكنني أن أزوركم فقط ".

" لا ".

" ألا أستطيع أن أزوركم؟ ".

" لا، أنا أريدك ".

" أنا أواجه هنا صعوبة في الفهم نوعاً ما ".فجاة صار الأمر واضحاً كالبلور. على الرجل أن يفعل ما عليه أن يفعله. هي قامت بعرض الزواج عليه. هي رمت بقلبها داخل الحلبة. أخبرته أنها تحبه. إن الهاوية التي وضعتها أمامه، أي الحياة من دونهم هو أمر جعله يرى ما لم يكن قادراً على رؤيته حتى الآن. إنه مغرم بجنون وعمق وجموح بكل فرد منهم. نزل بيرس راكعاً على إحدى ركبتيه. أخذ يديها بين يديه، وقال: " شاني! أنا أحبك ".

بدت شاني مسرورة. قالت: " أحقاً؟ ".

" أحبك. وأريدك أن تتزوجي بي ".

قال بيرس ذلك، وفجاة سٌمع الضحك خلفهما. كانت شاني ما تزال تبتسمن لكن غشيت الدموع عينيها." بيرس . . . هل أنت واثق؟ ".

" لم أكن أبداً واثقاً من أي شيء أكثر طيلة حياتي. أنا أحبك كثيراً إلى درجة أنني لا أحتمل أن أفكر بأن تتخلي عن أي شيء. أنا أريدك أن تحظي بأفضل حياة، وها أنا أقيدك بنا جميعاً ".

" لو لم تكن مرتبطاً بهم لما كنت ستتمتع بنصف الجاذبية التي تتمتع بها الآن ".

" أحقاً؟ ".

أقرت شاني: " حسناً! هنالك مٌربى على ياقتك ".

" هلا تزوجت بي؟ ".حدقت شاني نزولاً نحوه لدقيقة مطولة، ثم ابتسمت وابتسمت وابتسمت. أخيراً نزلت على ركبتيها كي تنضم إليه. جذبته بين ذراعيها وأمسكت به.كانت روبي قد بذلت قصارى جهدها كي تصحح مسار عالمه منذ طفولته، لكن هذه المرأة الحيوية الصلبة ذات الشعر الأحمر علمته أخيراً كيف يجب أن يكون العالم. شاني هي عروسه المعجزة!همست شاني: " بالطبع ساتزوجك. بالطبع سأفعل. آه، يا حبي. بيرس، حبيبي . . . أهلاً بك في ديارك ".

إنها جنة لشهر العسل.شواطئ أصلية وغابة مطرية رائعة وشاليهات فخمة، والأهم الخصوصية. أمضت شاني وبيرس هناك ثلاثة أيام من شهر عسلهما. ثلاثة أيام من النعيم المطلق، حيث لم يكن هنالك أي ولد على مرمى نظرهما." بالرغم من حبي لأولادنا، لتحل اللعنة علي لو أخذتهم لشهر عسلنا ".

قرر بيرس ذلك، وبدا جدياً في بلاغه النهائي. تولى القيادة كرجل فعل ما يتوجب على الرجل أن يفعله.حصل والدا شاني وروبي وأولغا وسوزي على مبتغاهم بإجراء حفل زفاف في خليج الدلافين. جرى حفل الزفاف بحضور فتاتين تحملان الأزهار، إضافة إلى سيدة شرف واحدة رائعة مشرقة تبلغ السبعين من العمر، فضلاً عن العديد من الأصدقاء والأقارب، حيث وافقت شاني على الزواج ببيرس بحنان و وداعة.

****************

استلقيا في خليجهما الصغير، في مكانهما المثالي الخاص بهما. لم يكن يُسمح بقدوم أكثر من ستة أزواج في آن معاً إلى الجنة، ما جعل الشطآن وافرة وعديدة. استلقت شاني بين ذراعي بيرس، فيما الشمس تشرق بنعومة على وجهها. بدت مرتوية بالحب وبالسعادة . . .

" أنزلوا المرساة. استفيقا أيها الكسولان! ".
فجأة تبدد هدوء صباحهما. رفعا أنظارهما إلى الأعلى، فرأيا زورقاً صغيراً ذا مجذافين، يقترب منهما. رأيا رجلين يمسكان بالمجاذيف، وأربعة أولاد داخل الزورق، إنهم بلايك ونيكولاي ووندي وبرايس ودونالد وآبي. تعثر بيرس وهو ينهض واقفاً على قدميه، وجذب شاني المخطوفة الأبصار معه. بدات شاني تحمر خجلاً حين جذبها بيرس نزولاً نحو حافة الماء لملاقاة الزورق القادم. وصل الزورق إلى الشاطئ، وأخذ الأولاد يتعثرون خارجين منه، وهم يهتفون ويطرشون الماء ويحيطونهم بالضحكات. سال بيرس: " من المؤكد أنكما لم تجذفا طوال المسافة إلى هنا من البر الرئيسي ".

قال نك بفخر: " استاجرنا يختاً. ما زالت روبي مع أولغا وبيسي على متنه ".

قالت وندي وهي تقهقه: " روبي هي القبطانة. لكن سام يساعدها ".

سام. أخ آخر لبيرس . . ." لا يسمح لكم بالقدوم إلى هنا ".
قال بيرس ذلك وهو يحاول أن يبدو صارماً، لكنه فشل.قالت وندي: " نعرف ذلك. نحن فقط نطمئن عليكما ".

فسرت آبي قائلة: " كي نتاكد من أنكما لستما مشتاقين لنا كثيراً جداً ".
ضحكت شاني إلى درجة أنها أحست برغبة في البكاء، ثم حملت آبي بين ذراعيها، وعانقتها. سأل نيكولاي: " هل ترغبان بالمجيء معنا؟ ".

قال بيرس: " لا! ".

فابتسم شقيقاه ابتسامة عريضة. قال نيكولاي: " هاي، يا أخي! هل تقول لنا حقاً نحن عائلتك إنك لا تريدنا؟ ".

زمجر بيرس قائلاً: " أنا لا أريدكم لأسبوعين، ثم سوف أحصل عليكم لبقية الحياة ".

قالت آبي: " يمكنك أن تحظى بشهر عسل آخر، حين تحتاج فعلاً إلى واحد ".

قالت وندي: " هل أنت واثق من أنك لم تملّ من شهر العسل هذا؟ تبدوان وحيدين هنا ".

" لسنا وحيدين بقدر ما تظنين ".ما إن أخفضت بصرها، حتى ابتسم بيرس ابتسامة عريضة وحملها بنفس السهولة التي حملت بها شاني آبي، وقال: " أنت تستمتعين بعطلتك، ونحن نستمتع بعطلتنا ".

قالت آبي: " أعددنا الغداء من السندويشات. هل ترغبان بتناول الغداء معنا؟ ".

قالت شاني، وهي تضحك ضحكة مكتومة: " نعم ".

قال نيكولاي وهو يبتسم لها ابتسامة عريضة: " يمكنكما أن تبدآ شهر عسلكما من جديد بعد الغداء ".

قال له بيرس: " لا تبتسم لزوجتي ".

صرحت شاني قائلة: " بل يمكنه أن يبتسم لي. إنه فرد من العائلة. العم نيك! أين هي السندويشات؟ ".

قال بيرس: " سوف يتم اعتقالكم ".

ردت شاني بجواب مفحم وسريع قائلة: " إذاً سوف نحتجز كلنا سوياً وهو ما يجب أن يحصل. القليل من شهر العسل تتخله فترات صغيرة مع العائلة ".

قال بيرس: " مع عائلة كبيرة ".

قالت شاني بصفاء: " لا بأس بذلك. شهر عسل صغير وعائلة كبيرة، نحن نحب هذا. أليس كذلك؟

*** تمت***

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top