الفصل التاسع

9- دعني أرحل .

أقل ما يقال بخصوص المخططات المتعلقة بالأطفال داخل جدران القصر , هو أنها مرنة .
" ليس لدينا أي برنامج ثابت".
قالت سوزي ذلك , فيما جلسوا حول طاولة المطبخ الكبيرة صباح اليوم التالي . كانت سوزي تعد الفطائر المحلاة , أما الايرل فيحضر الخبز المحمص . فيما راح تافي , الكلب الأسباني الغريب الشكل , يجول جيئة وذهابا تحت الطاولة بانتظار فتات الطعام . نظرت سوزي الي بيرس ثم الي شاني , وتابعت :" أنتما تبدوان بحاجة الي النوم ".

" لسنا بحاجة الي ذلك ".

قالا ذلك في ان معا , فابتسمت سوزي ابتسامة عريضة ' وقالت :" ما من داع حقا لحراسة الأبراج خلال الليل ".

قال هاميش وهو يبتسم لزوجته :" الشئ الوحيد الذي نحتاج الحراسة لأجله هو اليقطين . كم بلغ كبر يقطينتنا الان ؟"

ردت سوزي بفخر :" محيطها ثلاث أقدام وسبعة انشات . نحن نزرع اليقطينات التي تدخل في المنافسات ".

أضافت ذلك كي يفهم الجمع المرتبك عما تتحدث . تابعت :" ألا ترغبون برؤية حقل اليقطين الخاص بي بعد الفطور؟"

قالت ابي :" أنا أرغب بالعودة الي الشاطئ ".

أعلنت سوزي قائلة :" هذا ما ستفعلينه بعد تناول الفطائر المحلاة ".

" شاني وأنا ذاهبتان للتسوق ".

قالت وندي ذلك بصوت أشبه بالهمس , أما شاني فسحبت نفسها خارج بؤسها , كي تبدي اهتمامها بالفتاة الجالسة في الناحية الأخري من الطاولة .
هذه الفتاة التي قامت بحماية عائلتها لفترة طويلة جدا. استدارت شاني فقبضت علي بيرس يراقب وندي . انه يشعر مثلها بالضبط . لا تنظري ! لا تظني أنك تعلمين ما الذي يفكر به هذا الرجل . انه لا يريد أي علاقة بك . بلعت شاني ريقها , وحولت انتباهها نحو الفطائر المحلاة , ولم ترفع نظرها ثانية . لكنها علمت أنه يراقبها .

دمدمت شاني بفمها الملان :" نعم , نحن ذاهبتان للتسوق . هل يرغب أحدكم بالقدوم ؟".

قال بيرس :" أنا لدي بطاقات الاعتماد ".

ابتلعت شاني فطيرتها المحلاة . لكن كتلة أخري سدت حلقها . انها لا تريد أن تعتمد علي أموال بيرس
تكلمت سوزي فكسرت الصمت :" التسوق هو شئ خاص بالفتيات . بيرس , تقبل انك سوف تقف عقبة في طريقهما . شاني , نحن لدينا حسابات مفتوحة مع كل مؤسسة موجودة في خليج الدلافين . ضعيها علي حسابنا , وسوف نسوي الأمر مع بيرس لاحقا ".

سألته شاني :" ما هو الحد المسموح به ؟".

قال بيرس :" لا تهتمي بالحدود . اصرفي كل ما تحتاجينه كي تسعدي ابنتي ".

تكلم بيرس وهو ينهض ليداعب شعر وندي المشعث قائلا :" أعني أنت يا عزيزتي . حسنا ! اذهبا أنت و شاني وقوما بالأشياء الخاصة بالفتيات . أما نحن البقية فسوف نقصد الشاطئ ".

صرخ الصبية :" هاي !"

قالت ابي بارتياب :" أنا فتاة ".

قال لها بيرس :" هذا ما أنت عليه . ابنتي الثانية . والخيار يعود اليك . هل ترغبين بالذهاب للتسوق برفقة وندي وشاني , أم ترغبين بمساعدتنا في بناء قصر من الرمال وتعلم امتطاء لوح الطوف ؟".

سألت ابي :" هل تستطيع تافي القدوم الي الشاطئ ؟"

ردت سوزي :" بالطبع !"

قالت ابي :" اذا , انا ذاهبة الي الشاطئ ".

فقالت سوزي برضي :" اذا حسم الأمر . سوف نذهب جميعنا الي الشاطئ باستثناء وندي وشاني . بيرس أقلهما بالسيارة الي البلدة , ثم أحضرهما بعدما تنتهيان . نحن سوف نعتي ببيسي ".

قالت شاني بحذر :" يمكنني أن أقود سيارتي الخاصة ".
قال هاميش :" اذا كانت سيارة التويوتا لك ... لا , لا تستطيعين ".

" لم لا ؟"
قال هاميش باعتذار :" تركت النافذة مفتوحة ليلة أمس . هل توقفت أنت ودونالد لتناول السمك و البطاطا في طريقكما الي هنا ؟".

قالت شاني بحذر :" ربما فعلنا ".

ابتسم هاميش ابتسامة عريضة وقال :" وتركتما البقايا علي المقعد الخلفي ؟ كل طائر نورس موجود من هنا الي سيدني كان يستكشف سيارتك . هنالك ما يكفي من روث الطيور علي المقعد الخلفي لتسميد حقل اليقطين بأكمله".

قالت سوزي :" لا تهلعي ! سوف ننظفه بسرعة , لكنك في هذه الأثناء بحاجة الي بيرس كي يقلك ".

"يمكنني أن أقود سيارت بيرس ."

" أنا سوف أوصلكما ."

زمجر بيرس بذلك , فابتسمت سوزي ابتسامة عريضة ونقلت نظرها من شاني الي بيرس ثم الي شاني من جديد , وابتسمت أكثر :" ظننت أنكما أنتما الأثنين ... صديقان ".

قالت شاني بصوت مشدود :" انه رئيسي ".

قالت سوزي بود :" هل هو كذلك الأن ؟ ظننت ...".

قاطعت كلامها وقالت :" لكن , هاي ! هذا ليس من شأني . حسنا ! بيرس سيوصلكما , ثم يعود مباشة , ليحضر لي مخلل نبات الشبث . أنا واثقة أن طفلي بدأ يعاني من نقص كبير في مخلل نبات الشبث "

قاد بيرس السيارة الي البلدة بصمت . بدت وندي خائفة , أما بيرس فبدا متجهما , فيما بدت شاني مشوشة .

" هل أنت مسرور لأننا نفعل هذا؟"

سألته شاني ما ان أوقف السيارة في الشارع الرئيسي لجليج الدلافين .
بدت المتاجر هادئة في هذه الساعة من الصباح . قال لها بيرس :" أنا أريدك أن تفعلي هذا ".

" لكن ... ألا ترغب بأن تتسوق لها بنفسك؟"
قبضت وندي بيدها علي يد شاني . نظر بيرس نزولا , ولم يقل أي شئ , لكن شاني علمت أنه لاحظ حركتها تلك , والمه الأمر . همست وندي :" انها أشياء خاصة بالفتيات ".

قالت شاني لوندي :" لكن بيرس سيدفع . ربما يمكنه أن يراقب , ان كان يرغب بهذا ".
اشتدت القبضة علي يد شاني أكثر , فقال بيرس بنبرة سطحية :" لن أراقب . حسنا ! أنا مغادر لأبحث عن مخلل نبات الشبث . هل اتي لأقلكما بعد ثلاث ساعات ؟"

همست وندي :" عند موعد الغذاء ".
بدا لشاني أن ليس هناك ما يمكنها أن تقوله من دون توتر , ولم تفهم سبب ذلك . قالت :" الي اللقاء ".

سارتا باتجاه المتاجر . لكن شاني أدركت أن بيرس يراقبهما حتي اختفائهما عن ناظريه .
بدا صباحا مشرقا . في البداية منحت مصففة الشعر في خليج الدلافين وندي قصة شعر ساحرة , ثم اقترحت عليها اضافة مشحات لون مختلف . بعد مرور ساعة خرجت وندي , وقد تخللت شعرها الأحمر كالنحاس مشحات من اللون الأشقر الأفتح لونا . تأملت الفتاة صورتها في المراة , فيما تم تجفيف شعرها , وهمست :" أنا جميلة ".

أسرت مصففة الشعر لشاني قائلة:"اضطررت الي الغاء موعدي زبونتين هذا الصباح , لكنني ما ان أري أحد أولاد القصر يعبر من هذا الباب , حتي أترك كل شئ . البلد بأسرها تتفهم هذا ".

بعد ذلك قصدت شاني مع وندي المتاجر . بدا موقف البائعين مماثلا , وندي هي أحدي أولاد القصر , وبالتالي فهي ستعامل كأميرة . راحوا يخفضون الأسعار علي الملابس بشكل سحري , ويمنحونها الأشياء الاضافية .

ارتدت وندي الان تنورة , مع قميص مكشوف , وصندال أحمر مشرق رائع اشترتا بعد ذلك المثلجات بطعمين مختلفين , وجلستا في الميناء بانتظار بيرس .
فكرت شاني أن هذا مجتمع ساحر . حتما يمكن للمجتمع المحيط بالمزرعة أن يكون مماثلا له .
أوقف بيرس السيارة علي مقربة منهما , فوجدت شاني نفسها تحبس أنفاسها. اما وندي فتجمدت , فيما مدت يدها التي تحمل بها البوظة بعيدا عنها , كي لا تسيل البوظة علي ملابسها الجديدة .
راقبت شاني بيرس وهو يتقدم نحوهما , وأدركت أنها لا تتنفس . تجمد بيرس في مكانه علي بعد ثلاثين قدما . وضع يديه فوق عينيه كي يظللهما من أشعة الشمس . كما لو أنه بدا غير واثق مما يراه.
" انها شاني , لكن ... أهذه وندي؟".

ضحكت وندي ضحكة مكتومة . بدت تلك الضحكة المكتومة صغيرة و متوترة .
" أنت جميلة ".
ابتسمت وندي , ورفرفت أهداب عينيها بحياء , ثم تحولت ابتسامتها الي اشراقة .
" أنا فخور جدا بك ."
قال لها بيرس ذلك , وهو يمشي الخطوات الأخيرة القليلة , فينظر نزولا نحوها . لم ينظر الي شاني , وهو أمر عظيم .
" هل أحمل لك البوظة ؟"
قالت شاني ذلك , وقد خمنت ما سيحصل . لم تجب وندي , الا أن شاني أخذتها علي أي حال . حمل بيرس وندي , فرفعها الي الأعلي , وأرجحها حول ذراعيه بسرعة جعلت وندي تزعق . انها زعقة فتاة مبتهجة جعلت كل من شاهدهما يشرق و يبتهج . فكرت شاني أن لا علاقة لها بالأمر , فهي سوف ترحل.
أنزل بيرس وندي , وضمها بملاصقة جسمه . قالت وندي :" ذابت البوظة الخاصة بي ".

نظرت شاني نزولا نحو يدها , وقد نسيت أمر البوظة , فاذا البوظة الزرقاء والأخري بطعم توت العليق ترشح نزولا علي يدها .
قال بيرس :"هيا الي مكان مميز لتناول الغداء ."
" هل سنأكل السمك والبطاطا المقلية علي الشاطئ ؟".

رد بيرس :" ليس اليوم . هنالك مطعم صغير رائع بالقرب من المنارة , يقدم وجبات رائعة . لكننا أولا بحاجة لأن نجد لشاني صنبور ماء . فهي تبدو دبقة ".
وجدوا صنبور ماء , ثم مشوا علي طول درب الجرف نحو المنارة . مشت وندي في الوسط , وهي تمسك باحدي يديها يد شاني , وبالأخري يد بيرس . بدا الأمر ... غريبا . كان بيرس قد حجز طاولة لهم . أخذهم النادل الي أفضل طاولة في المطعم . المنظر الذي يطل عليه هذا المكان رائع . كدست الوسائد العديدة فوق المقاعد الخشبية , كما عمت المكان الستائر المخططة المشرقة .
اطلعوا أولا علي قائمة الطعام المذهلة , ثم أقروا لبعضهم بأن لا مانع لديهم فعلا من تناول السمك مع البطاطا المقلية . كانت هذه مأدبة للمأكولات البحرية , ووضعت معها تلال من البطاطا المقلية المقرمشة . أكلوا حتي ظنوا أنهم قد ينفجرون , ثم جلسوا مستندين الي الخلف مكتفين راضين , وراقبوا القوارب القادمة الي الميناء والراحلة منه . فكرت شاني أن هذه هي الجنة ....

" أظن أن الوقت حان لنسبح قليلا . هذا اذا لم نكن ثقيلين جدا لنغرق الي القعر من دون أثر ."

قال بيرس ذلك أخيرا , اذ استولي النعاس علي الأجواء .
قالت شاني :" أنا سأغادر بعد ظهر اليوم ".

ساد صمت مصعوق . قال بيرس بحذر :" هل ستغادرين ؟".

قالت وندي :" لا يمكنك أن تغادري . الي ... الي أين أنت ذاهبة ؟".

" أنا ذاهبة لأزور صديقتي في سيدني ".

علق بيرس :" لم أظن أن لديك أي أصدقاء ".

قالت له شاني بقدر ما استطاعت أن تستجمعه من عزة النفس :" هاي ! أنا تربيت في هذا البلد ".

" ليس لديك أي مال ".

" لدي ما يكفيني ".
ابتلعت شاني ريقها , وتابعت :" مع ذلك , ان رغبت أن تدفع لي أتعابي عن الأيام الأخيرة , فلا مانع لدي ".

قالت وندي مرتعبة :" لا يمكنك أن تذهبي . نحن نريدك أن تبقي ".

قالت شاني بأسف " أعلم ".
علمت أنه يجدر بها أنا تقول ذلك وهي جالسة بينهما . انها لا ترغب بايذاء وندي , لكنها لا تستطيع أن تبقي هنا لفترة أطول , وتبدأ علاقة غرامية لن تستطيع الاستمرار بها ... عليها أن تغادر بسرعة .
لو بقيت لفترة أطول ستكون تلك أنانية من قبلها . فكرت يائسة أنها بدأت تقع بحبهم جميعا , لكنها علي وجه الخصوص تقع في حب بيرس , وبيرس لن يسمح بأن يؤدي ذلك الي أي نهاية عاطفية . فيما لم تفارق عيناه عينيها :" أنت سمعت تلك المكالمة الهاتفية ليلة أمس!".

ردت شاني وهي ترفع ذقنها :" نعم ".

" شاني أنا لم أعن ذلك."

" لا , لكنه صحيح . وجودي لا ضرورة له."

استنشقت شاني نفسا عميقا . يجدر بها أن تفعل هذا . يجدر بها أن تكون قوية . قالت :" بيرس ! أود أن أطلع روبي علي أمر الأطفال ".

" لا يمكنك .".

قالت :" أعلم أنك لا ترغب بازعاجها , لكن صدقني ! كلما أخفيت الأمر عنها , كلما تأذت أكثر . تأذت للتو لأنك تزوجت , وأنجبت بيسي من دون أن تخبرها . لن تتمكن من اخفاء الأمور عنها لفترة أطول ".

وجهت انتباهها لوندي , وقالت :" تعلمين أنكم بحاجة الي مدبرة منزل لائقة , لا لامرأة مثلي لا تعرف شيئا عما يحتاجة الأطفال . بيرس لديه والدة لطيفة اسمها روبي , وهي بحاجة لأن تلقاكم جميعا . روبي سوف تبدأ بالاعتناء بكم خلال دقيقة , فتجد لكم مدبرة للمنزل ,. وسوف تتمكنون من متابعة حياتكم بسهولة ".

بدأ بيرس مرتعبا :" شاني لا يمكنك ".

" يمكنني أن أخبرها . قل لأخوتك انني فعلت هذا . اسفة بيرس , لكنني ابنة شقيق روبي . بعض الأسرار لا يمكنك كتمانها في العائلات , وهذا أحدها .".

" لا يحق لك ...".

" لعله لا يحق لي , لكنني سوف أفعل ذلك في جميع الأحوال ." .

نهضت شاني وهي تحس بالارتعاش . علمت أنه يجدر بها أن تفعل هذا , لأن الأمر سيغدو أصعب ان تركته لفترة أطول .

" وندي , أنا صديقتك ."
قالت شاني ذلك وهي تنظر الي الوجه الصغير المصدوم . اذا كانت تؤذي وندي الأن , فانها ستؤذيها أكثر ان لم تكن صادقة ! تابعت قائلة :" عندما تغادرون القصر سوف اتي الي المزرعة لاراكم جميعا . أعدك . سوف اتي لرؤيتكم كلما سنحت لي الفرصة . وسوف أراسلك وندي".

تذمرت وندي قائلة :" ليس الأمر مشابها ".

قالت شاني بنعومة :" لا , لكنني كنت مدبرة المنزل المؤقتة . انتهي عملي هنا ".

تمت رحلة العودة الي القصر بصمت . اذ حدقت شاني أمامها مباشرة , بعد أن أصرت أن تجلس وندي في المقعد الأمامي مع بيرس . لابد أنها سببت الأذي لوندي . هذه الفكرة مزقت قلبها , لكنها نظرت الي كتفي بيرس الصلبتين , وفكرت , ما عساها تفعل غير هذا ؟ يجدر بها أن تبتعد من هنا
.
أوقف بيرس السيارة في الباحة الأمامية للقصر , وجلسوا للحظة , كما لو أن كلا منهم يتردد في الخروج .
قالت شاني بلطف لوندي :" لابد أنهم ينتظرونك علي الشاطئ . أليسوا كذلك بيرس ؟" .

قال بيرس :" كانوا يخططون لتناول الغداء علي الشاطئ عندما غادرت . نصبوا خيمة , وبدوا كأنهم سيبقون هناك للشهر التالي بأكمله ".

" اذن عليكي أن تحضري لباس السباحة , وأن تنضمي اليهم ."

همست وندي :" أنا أريدك أن تأتي ".

" لا أستطيع.".

قال بيرس :" تعنين أنك لا تريدين ".

ردت شاني بكلمات لاذعة :" أنت تعرف حق المعرفة لماذا أفعل هذا , فلا تصعب علي الأمر أكثر ".

لم يجيبها بيرس . لاحظت شاني أن يديه تقبضان علي المقود بقوة شديدة .
أخيرا قال :" حسنا ! وندي دعينا نحضر ملابس السباحة ".

" لكن ....".

قال بيرس بخشونة :" يجدر بنا أن نتعلم أن نبقي معا , أما شاني فليست جزءا من عائلتنا ".

اه ! هذا مؤلم . لكن كلامه صحيح .
قالت شاني :" وندي , أنا أحبكم كثيرا . سوف أنزل الي الشاطئ لأودعكم ".

نزلت شاني من السيارة , وأسرعت الي القصر قبل أن يقولا أي شئ اخر .
فتحت شاني حقيبتها , وحدقت بالغرفة . حاولت أن تتصور من أين عساها تبا . اللعنة ! انها تبكي . هي لا تبكي أبدا ... الا أنها نشجت كالأطفال . واستجمعت ذاتها قليلا , ثم مشت نحو الحمام .
بدت الملكة فيكتوريا مذهولة . قالت شاني للملكة :" نعم , انفطر قلبي بسبب خمسة أولاد ورجل لم أعرفه الا منذ أيام ".

تابعت وهي تنشق بقوة :" ظننت أنني لن أقع في الحب بهذه السرعة , لكنني كنت مخطئة".

" شاني !".

تجمدت شاني في مكانها . انه صوت بيرس ينادي من أسفل الدرج . صاح مجددا :" أين أنت بحق الجحيم ".

" انني أكلم فيكي ".

سادت لحظة من الصمت , تلاه وقع خطوات بيرس علي الدرج . كان باب الحمام مقفلا , لذلك فهي
بأمان .
نادي بيرس :" أخرجي !"

" لما لست علي الشاطئ ؟".

" أنزلت وندي الي الشاطئ , ثم عدت . شاني ! أنا اسف لأنك سمعت ذاك الحديث ليلة أمس ".

" وأنا أيضا ".

ردت شاني ذلك بكلمات لاذعة وسريعة , ثم فتحت الباب بسرعة , ظانة أن غضبها سوف يحميها , ويمنحها علي الأقل مجالا لأن تخرج من الحمام نحو خصوصية غرفة نومها . لكن حالما رأته " هل كنت تبكين ؟".

قال بيرس ذلك , وهو يضع يديه علي كتفيها .
قالت شاني بقدر ما استطاعت أن تستجمع من عزة النفس :" أنا أعاني من الحساسية . أنا أتحسس تجاه بعض أنواع النباتات ".

" لا أريدك أن ترحلي ".

استنشقت شاني نفسا عميقا , وقالت :" يجدر بي أن أرحل . انني أقع بحب .... الأولاد ".

تردد بيرس ثم قال :" وندي انفطر قلبها ".

" لم يمض علي وجودي معها أكثر من أسبوع . أنا مجرد صديقة . سوف أتخطي الأمر ".

تمهلت شاني , ثم صححت :" أعني أنها ستتخطي الأمر ".

" اذا , ينتابك الشعور نفسه !".

ردت شاني بكلمات لاذعة وسريعة :" تجاه الأولاد , نعم . انهم مذهلون , وأنت فعلا محظوظ ".

" الا أنك لا تري ذلك ".

" أنا فقط أعلم أن الأطفال يعتقدون أنك رائعة ".

" اذا تريدني أن أبقي حتي تتمكن أنت من التفرج أكثر كالمشاهد . لا أظن ذلك ".

" ليس فقط بسبب الأولاد ".

حبست شاني أنفاسها .
" اسمعي , شاني ! أنا ... لست أدري ..."
حشر بيرس يديه بعمق في جيبيه , وأردف قائلا :" ... انك تعدين كعكا رائعا بالشوكولا ".

انه عاجز عن رؤية ما هو أمام عينيه مباشرة , وهو أنها أخذت تقع في حبه بشكل ميؤوس منه , وكل دقيقة تمضيها معه تجعلها أكثر بؤسا . قالت شاني برقة :" بيرس , أنا لست مدبرة للمنزل . استخدمتك كمكان للتوقف , والان انتهي الأمر الطارئ ".

" هل انتهي حقا ؟".

فقالت :" نعم , اذ انني استجمعت نفسي . لذا سأعود الي عالمي , وسأدعك لتعود الي عالمك ".

" ما زلت لا أريدك أن تخبري روبي ".

حسنا لا بأس بذلك بالنسبة اليها , لو كان هذا كل ما في الأمر .
قالت شاني :" لا يمكنك أن توقفني . لن أكون مشاركة في ايذاء عمتي روبي . أنت سببت لها الأذي بعدم اخبارها عن الأطفال . هي تعلم أنني كنت معك , وسوف تستجوبني . لن أكذب عليها ".

" فقط لا تقتربي منها ".

" أتريدني أن أتجنب عمتي روبي الودودة , كما فعلت أنت خلال السنة الماضية ؟ أنا أحب روبي . لابد أن يكون عقلك متحجرا كي تقترح علي أمرا مماثلا ".

" سوف تسبب لي وقتا عصيبا ".

ضحكت شاني ضحكة مكتومة علي الرغم من قلبها المفطور . قالت :" نعم , سوف تفعل ".

" شاني , لا ترحلي !".

ابتسم بيرس تلك الابتسامة الودودة , التي تجعل قلبها يتخبط في مكانه .
ها هو بيرس الذي وقعت بحبه ...
قالت شاني :" لا".

حدق بيرس بها بذهول , وقال :" اللعنة , شاني ! لست أفهم ".

قالت شاني بحزن :" ولا أنا . أنا فقط أعلم أن لا خيار لدي . سوف أنزل الي الشاطئ لأودعهم , ثم أغادر . أرجوك بيرس , لا تمنعني . أنا بكل بساطة يجب أن .... أغادر .

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top