(٦) : المشعوذ

في ذلك اليوم نمت في أحضان أبي وأنا ارتجف من الخوف ، ما برح عقلي لا يصدق فكرة سايمون مريض ! ولم تأتيني الشجاعة لأخبار والدي بمَّ رأيت أو سمعت .

فلا يزال لدي خيط رفيع من الأمل متمسك به، بأنني كنت متوهم أو أتخيل ما رأيت ، ربما يوجد تفسير معقول لمَّ حدث .

حاول أبي معي كثيرًا أن يستفسر عن أفعالي المريبة وعن تصرفاتي الغريبة ولكنني بقيت ساكنن ولم تنبس شفاي بحرف واحد .

في اليوم التالي ذهبت إلى المدرسة بمفردي وحاولت تجنب الألتقاء بسايمون، كنت معظم الوقت سارحًا في بحر التخيلات أحاول أن أجد حلًا دون إيذاء سايمون ، وقد نبهني المُدرس مرتان على الانتباه أثناء الدرس، ولكن هيهات، ما فتئ عقلي يتذكر مشهد رؤية سايمون يخاطب الدمية كأنها أنسان حقيقي !
ولم أستطع أن أركز في الدروس .

بعد أنتهاء الدوام فضلت المشي قليلًا قبل العودة إلى المنزل، مشيت دون وجهة محددة ، علّه أهتدي إلى طبيب أو خبير يساعدني في مساعدة صديقي .

مررت بجانب أحد العيادات، أنتابني الهلع ولم أقدر على دخولها فأنا أمتلك ذكرى سيئة مع الأطباء، لذلك أكملت السير في الأرصفة ، بقيت هكذا ثلاثة أرباع الساعة أفكر هل يجب أن أعود و أستشير الطبيب و أتغلب على مخاوفي وأخبره بمَّ يعاني صديقي ؟
أم أخبر والداه بأنه يمتلك صديقًا خياليًا ويتحدث معه ؟

رجعتُ إلى أرض الواقع عندما سمعتُ طفلًا يصغر كين بعامين تقريبًا يخاطب والدته
« أماه هل صحيح أن ذلك الشخص يحقق الأمنيات مثلما يقولهُ الأولاد ؟»

قامت بسحبهِ نحوها ثم رمقت المحل الذي يقصده أبنها باشمئزاز و استطردت
« صغيري أنه مجرد محتال يخدع الصبيان الجميلين أمثالك لأخذ نقودهم»

نظرت إلى المتجر الذي كان يعنيه ، كتب فيه لافتة
: معكم سيد جيمس سيحقق أحلامكم بدولارين فقط .

دخلت المحل الذي أشبه بمكب للخردة لكثرة الأغراض الموسيقية القديمة فيه، ثم سمعت صوت عزف خافت ، كان صاحب المتجر يعزف على جهاز البيان الرقمي و أظنه يعزف الجاز على الأغلب ، كان منظرهُ مخيفًا بعض الشيء حيث لحيته الطويلة والعكشة مع شعرهُ المنسدل على كتفيه بشكل مقزز يعطي الأشخاص للنظرة الأولى انطباعًا عنه بالنفور منه .

أنتظرته إلى أن يفرغ من العزف وفعلان بعد أقل من دقيقة توقف  وألقى عليّ نظرة عابرة من أعلى رأسي إلى أخمص قدمي و خاطبني بنبرة غير مبالية
« كيف أخدمك يا هذا ؟»

قلت ببعض اليأس
« هل حقًا تستطيع أن تحقق الأمنيات ؟!»

نظر نحوي ببرود ثم أكمل
« ما أسمك أيها الفتى ؟ ودعني أرى أمنيتك أولًا»

أجبته بترجي بعد أن زفرة الهواء من رئتي
« أدعى جاك اكلس وأتمنى أن تخبرني الحقيقة، هل تستطيع أن تعالج مشكلتي مثلما تدّعي ؟؟»

هتف بنبرة ضجرة
« جربني وإذا فشلت تستطيع استرجاع أموالك»

وضعت الدولارين في يده و تحدثتُ وأنا أناظر الأرض
« أود أن أستشيرك في أمر مهم،  أمتلك صديقًا مقرب ورأيته يتحدث مع دمية ، هو متعلق جدًا بالدمية وقد أسماها نيكي ويريد أن يهدي لها عزفًا أو هذا ما فهمته ، وقد كان يعزف كل يوم من أجل أن يتقن اللحن من أجلها ، فهل هذا الأمر صحيح فيما يصنع ؟»

ثم رفعت رأسي ونطقت ببعض التوتر
« في الحقيقة ..هو ..أعني لديه بعض المشاكل في ..»

قطعت حديثي لحظات ثم أكملت
« أنت تفهم ما أعني أليس كذلك ؟؟»

كانت ملامحه قد تغيرت جذريًا من باردة إلى جدية وصرخ بنبرة قلقة
« هل قلت أن صديقك يمتلك دمية ؟ كيف كانت هيئتها ؟»

استغربت قليلًا تغيره المفاجئ ثم أجبته بتؤده وأنا أحاول تذكرها
« لقد صُنِعت بدقة ، فقد بدّت لي كأنها فتى حقيقي بهيئة دمية صغيرة ذات شعر أزرق»

رأيت أتساع عينيه ثم تحرك بسرعة إلى أحد الأدراج وعبث بها لدقائق بعدها أستخرج منها صورة قام وناولها لي قائلًا
« هل هيئته تشبه هذا ؟»

وأشار إلى الشخص الواقف من بعيد في حفلة موسيقية كما يبدو من هيئة الموجودين في الصورة .

أجبته باستغراب
« كأنه هو

تكلم وهو ينظر إلى الأمام كأنه يتذكر شيئا
« يبدو أن فكرة التخلص منه في البركة لم تجدي نفعًا كان عليّ حرقهُ في النار»

بعدها أستدار نحوي و مسك كتفيّ وصرخ عاليا
« جاك تلك ليست دمية عادية بل أنه شخص مُتجمد مُصغر به‍يئة دمية وعليك أنقاذ صديقك بسرعة، وذلك بالذهاب إلى منزله وسرقتها دون علمه، ثم أحراقها بأقرب فرصة، قبل أن يتحرر جسدهُ الملعون ويستعيد حجمهُ الطبيعي»

تفاجأت مما سمعت وبصقت بتلقائية
« ماذا ! لم أفهم ما تعني ؟»

هز كتفي بقوة وأعاد حديثه بنبرة أكثر حدة
« جاك عليك أن تعلم أولًا في الطبيعة قانون وهو لكل شيء ثمن ، وقد أستطاع العازف نيل قبل خمسة وعشرين سنة أن يأسر قلوب الألاف ويكسب محبتهم من خلال العزف الذي يعزفهُ، وفي المقابل الشخص المعني في العزف سيذهب ضحية المعزوفة، لذا كان يذهب إلى الأشخاص المصابين بالأمراض الخطيرة والعقلية ويخبرهم بأنه سوف يعزف لهم لحن يخلد ذكراهم وبهذا سوف لن يشك أحد إذا ماتوا ، بل عكس قد أشتهر بعمله الخيري بنظر الناس في تلبية أماني المرضى قبل موتهم دون أن يعلموا سرهِ من وراء هذا العزف الخطير»

رعشة سارت في كامل جسدي ، بينما شُل عقلي من هول ما أسمع وبقيت فاتحًا ثغري وعيني .

هتف في وجهي لأستفيق من صدمتي
« جاك تذكر فما أن يبدأ نيل بالعزف سوف يخدر العقول ويبدوا كأنه منومًا مغناطيسيًا بتعويذة اللحن الذي تسمعهُ ، لذلك عليك الإسراع في سرقتها وحرقها قبل أن تتسبب خسارة في الأرواح»

🎵🎼🎶. 🎵🎼🎶 .🎵🎼🎶. 🎵🎼🎶

أراءكم :

توقعاتكم :

If loved the part please ❤&💭

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top