(٢) : أبن الجار
تخلّلت أشعة الشمس الغرفة وداعبة وجهي ، لأرمش مرات عدّة قبل أن أفتح عيني وتتأقلم مع ضوء الصباح، عقبها سمعت صوت جلّبة، دقائق أخرى حتى دخل أخي الصغير كين ، توجه نحوي وبدأ ينط بجانبي عدّة مرات ثم هتف بسعادة
« جاك لقد لعبت بالبيان، ولم أعد أحتاج إلى التوسل إليك للعب في آلة الكمان خاصتك »
أستغربت حديثه، بعدها أستقرت حدقيتي على الساعة الجدارية لأجدها العاشرة صباحًا ، استقمت بفزع ثم صرخت فيه
«لماذا لم تقوموا بإيقاظي ؟»
جفل من صوتي وأبتعد من السرير منكص رأسه، ثم تمتم بصوت منخفض وهو ينظر إلى الأرض
« أبي قال أنك مرهق وتحتاج إلى النوم؛ لذلك لم يشأ أن يُقظك »
أكمل حديثه وهو يغادر الغرفة بخذلان ، شعرت بالسوء لأنني صرخت عليه؛ لذا لحقته بسرعة ثم حملته من الخلف وبدأت ادغدغه ، قهقهة بقوة ولم أتركه في سبيله ألا بعد أن أخبرني من أين حصل على البيانو ؟
أجابني بأن أبن الجار يمتلك واحد، وقد سمح له باللعب به متى شاء .
ألتمعت عيناي، وأخيرًا سأتعرف على صاحب الموسيقى؛ فالموسيقى التي أسمعها مصدرها آلة البيانو بلا ريب؛ لذلك نزلت نحو المطبخ وتناولت بعض الخبز المحمص مع الجبن الأصفر والمربى التوت، بعدها عدت أدراجي إلى غرفتي، غيرت ثيابي بعجل ثم أجبرت أخي على أخذي إلى منزل الجيران ، الذي وجد عندهم البيان .
قادني إلى الدار الذي يبعد عن منزلنا بمنزلين ، كان كبير الحجم ، بني اللون ، ذات حديقة منظمة حيث الأزهار في المنتصف بينما الأشجار في الأطراف .
دلفنا السياج حتى رأينا رجل في منتصف الأربعين متوسط القامة يرتدي نظرات طبية مع ملابس عمل زرقاء اللون ، يحمل مقص كبير وأظنهُ يقلم الأعشاب الطويلة .
رفع أخي كين يداه ثم تحدث مبتسمًا
« مرحبا يا عم والتر لقد أحضرت أخي الكبير؛ ليتعرف على سايمون»
تهلل وجه الرجل لرؤيته أخي وألتفت صوبنا وأردف
« أهلا بك كين ، كيف حال والدك ؟ »
« أنه في ورش النجار يعمل ، فهو نجار كما تعلم »
هز الرجل رأسه متفهمًا ثم أستدار شطري قائلًا
« أظنك جاك فقد حدثني والدك عنك ، أنا السيد والتر أهلا بك»
رددت عليه التحية بكل أدب ، بعدها أستطرد
« حقًا تفضلوا للبيت ستجدون سايمون بالداخل»
دخلنا المنزل وتعرفتُ على السيدة والتر كانت في أواخر عقدها الثالث، ضئيلة الحجم مع رقبة طويلة يزين نحرها عقد قرمزي أزرق، ترتدي فستان طويل سمائي مزكرش ببعض الدانتيل أعمق لونًا.
أرشدتني إلى غرفة أخرى في الطابق الثاني في أقصى اليسار ، حيث يوجد فتى في عمري تقريبًا ، ما أن شاهدنا حتى قام بتخبأة شيء ما أسفل الوسادة قبل أن يأتي ويتعرف علينا، كان دائري الوجه ، أزرق العينين مع نمش يطغى على وجنتيه ، وتبدو ملامحهُ أنهُ ولد مسالم، هادئ الطباع .
والغريب أنني لم أراه طيلة فترة أقامتنا هنا! ربما هو شخص لا يحب الخروج من منزلهِ مطلقًا؟
مدّدت يدي للمصافحة بوجه مُبتسم وأنا أقول
« مرحبا أدعى جاك اكلس في الصف الثامن
(الثاني متوسط ) من مدرسة أنسيو وتستطيع مناداتي بجاكي »
تباطء قليلًا في مصافحتي ثم أجابني بنبرة خافت
« سايمون يقول أنك في نفس عمره ! وأنك ترتاد نفس مدرسته !»
تهلل وجهي لمعرفتي أنه في نفس مدرستي؛ لذلك نطقت دون تفكير
« إذن سنلتقي في المدرسة كل يوم ، ونصبح أصدقاء رائعين ، نلعب وندرس معًا ما رأيك ؟ »
أجابني بتردد وهو ينظر إلى الأرض
« ولكن سايمون في الصفوف الخاصة * فهل ستأتي إليه؟ »
تفاجأت قليلًا ولكنني تداركت الأمر بسرعة
« لا مشكلة ، بالتأكيد سوف أتي لزيارتك في صفك»
أبتسم لي ، بينما تدخل كين بضجر في حديثنا
« هيا لنذهب نلعب بالبيانو..»
رمقته بنظرات عتاب وقاطعت بهيمنة
« كلا ، أريد أن أسمع عزف سايمون أولًا ، بعدها أنت كين ، لذا أنتظر دورك »
أستغرب سايمون انفاعلي وأنا أجره من ذراعه نحو البيانو، هو لا يعلم كم أنا متشوق لسماع عزفهِ عن قُرب، أن كان نفسهُ الشخص المعني.
كان البيانو يستقر قرب النافذة كبيرة الحجم تقريبًا تتوسط جدار الحجرة من الأمام، أما السرير فيقع في جهة اليسار والدولاب الثياب من الناحية الأخرى، مع منضدة متوسطة الحجم أقصى اليمين وفي أقصى الجهة الأخرى يوجد دب كبير، أبيض اللون.
وقفنا أنا وكين خلفه بينما هو جلس على المقعد أمام البيان وبدأ يعزف، كم كان لحنهُ جميل ! أتمنى أن أتعلم العزف أيضا على آلة البيانو، وأخالهُ.. اقصد متأكد أنه نفس الشخص الذي أسمعهُ يعزف في منتصف الليل .
أستمر بالعزف لعشر دقائق ثم توقف وألتفت نحونّا ، قمت بالتصفيق بحرارة كذلك كين فعل، ثم أردفت بدهشة
« سايمون أنت عازف ماهر ، لا مناصة لو كنت في بلدتي السابقة لأصبحت الأول عليهم دون منازع، و لربحت كأس البطولة»
توردت وجنتاه من الخجل ثم رسمت أبتسامة ببلاهة ممزوجة بالبراءة ملامح وجهه.
أظنني حصلتُ أخيرًا على صديق المناسب في هذه المنطقة .
بقيت أتحدث مع سايمون عن الموسيقى وأيها الأحب إليه مدّة من الزمن إلى أن بدأ أخي يزعجنا بعزفهِ السيء ، أظنهُ سيسبب لنا تلوث سمعي ثم يقومون بطردنا من البيت .
لذا حفاظًا على ماء وجهنا أنسحبنا وأخبرت سايمون بأن أزورهُ غدًا،وفي أثناء نزولي السُلم أنا وكين شعرتُ بأنني مراقب!
ما أن لامست قدماي الأرض الرخامية وأكملت سيري ناحية الباب الخارجي أزداد أحساسي بأن هناك أعين تراقبني في الخفاء، أستدرت ولكن لم أرى شيئًا!
كان الرواق فارغًا ماخلى كين الذي يقف بجانبي، ألتفتُ يمينًا وشمالًا لكن كان كل شيء هادئًا ، تجاهلت شعوري وأكملنا طريقنا.
🎵🎼🎶. 🎵🎼🎶 .🎵🎼🎶. 🎵🎼🎶
* في أمريكا الأشخاص الذين يعانون في ضعف الشخصية أو مشاكل في النطق أو السمع ..الخ ، يضعونهم في صفوف خاصة .
أراءكم :
توقعاتكم :
If loved the part please ❤&💭
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top