(١٠)نهاية المقطوعة الموسيقية
كانت أضاءت المصابيح الصفراء باهتة هي النور الوحيد في الإرجاء، بينما الطقس يميل إلى البرودة يبعث القشعريرة في النفوس .
في أحد الزوايا الأكثر ظلمة استقريتُ خلف البيانو مباشرة الذي كان على منصة المسرح التدريبي التي كانت تفصل بين الغرفة الطويلة و القاعة الكبيرة التي سيقام فيها الأحتفال وفي زاويتها الأخيرة توجد غرفة التبديل ، بينما أناملي تحسست بباطنها النوتات الموسيقية دون إصدار أي صوت .
أغمضت عيني عدّة مرات، مُنسجما بالعزف الذي أريد أن أطلقه ، قبل أن أفتحّها تزامنًا مع أفراج أسْنانيّ البيضاء .
في هذه الأثناء خرج نيل من غرفة التبديل مرتديًا بدلة سوداء مع قميص حليبي، يمشي واثق الخُطى مر من أمامي متبخترًا، لكن ما أن وقعت عيناه عليّ حتى كشَّرتُ عن أَنْيَابِي .
أنتفض بدهشة وعاد إلى الوراء أربع خطوات كردة فعل لا أراديًا كأنهُ يرى شبحًا ثم رفع سبابته نحوي و تأتأَ أسمي بصعوبة بالغة
« سايمون !!»
أبتسمت بسذاجة كعادتي ثم أردفت ببلاهة
« سايمون وعد نيكي بهدية وهو لا يخلف وعده ، فسايمون يكره الكذابين !»
أنهيت حديثي بنبرة غريبة ذات مغزى
بينما سقط نيكي على الأرض فقدماه لم تعد قادرة على حمله، وما زال يشير نحوي برجفة ثم نطق الحروف بالكاد
« أنت لست حقيقي ! ..لا يمكن ؟ .. أنت ميت !»
وضعت يدي على الأزرار ، حتى رأيت العرق بدأ يتشكل في جبهته بينما نظرات الفزع تملأ عيناه وسمفونية الرعب أجزم بدأ قلبه يعزفها مع اهتزاز جسده أكثر عندما شاهدني أمرر يدي على الجهاز .
استطردتُ باسمًا
« نيكي ! ..»
صرخ بصوت عال مقاطعًا كلامي
«لا تلفظ أسمي ! أنت لست سايمون !»
عبست قليلًا ثم تنهدت وقلت بنبرة مرتفع ممزوجة بالضجر
« سايمون وعد نيكي بهدية والأن سوف يقوم بأهدأ العزف ، فسايمون تدرب كثيرًا ونيكي سيحب عزفهُ بشدة وسيشكره بامتنان»
ما أن بدأت العزف حتى نهض نيكي وهتف بهستيرية
« توقف ! لا أريد سماع عزفك !»
أراد أن يصل نحوي و أيقافي ولكن شخص مسكه وردعهُ عن المضي نحوي، عندها صرخ بهلع وهو ينظر إليه بحدقيتين متوسعتين مع عرق قد ملأه
«أتركني أيها العجوز ، يجب عليّ منعه»
أنحنى على الأرض ثم وضع يداه على إذناه وهو يرتجف بالكامل ، ودموع الرعب بدأت تتشكل في مآقيه وهو يهذي
« سايمون توقف ! أرجوك اوقف العزف !»
ثم صرخ بنهيار تام
« صديقك نيكي يأمرك أن تتوقف! »
كنتُ قد أغمضت عيني بالفعل وبدأت اعزف سمفونية صديقي غيرُ آبِهٍ بترجياته مُستشعرًا بسحر اللحن .
استمريت بالعزف إلى أن شعرت توقف نيكي عن الصراخ ، ألقيت بصري عليه مع مواصلة الضغط على الأزرار ، كان قد أستقام ، بينما الدموع قد ملأت محجريه مع سيلان ماء أنفه توقف جسده عن الاهتزاز ثم بدأ يهذي بصوت منخفض
« سايمون صديقي العزيز ! الذي يعتز بي كثيرًا !
لا أصدق أنني قتلته !»
ثم نظر إلى يداه بعين منفرجة وأظنه قد جُن تمامًا
عقبها بدأ يعكش شعره مع انتفاض جسده وهو يبكي بحرقة
« نعم أنا قتلت سايمون ! الشخص الوحيد الذي أحبني بصدق كصديق له وأطلعني بأسراره ، قمت بخداعه وتعليمه معزوفة الموت حتى أضحي به من أجل نفسي ! من أجل طمعي !»
أحتضن يده بندم ودموع أدمعت بغزارة
ثم تقرب نحوي ببطء ، وهو يمد يده نحو وجهي
وهو يهذي
« سايمون سامح صديقك نيكي؛ على ما أقترفته من ذنب لا يغتفر!»
وقبل أن يمسك وجنتي كان قد خر على الأرض، بينما أنا ذُهلت لا أراديا عند رؤيته بهذه الحالة المزرية !
و بينما أنا مستمر بالعزف قدم العم جيمس وأبعد يدي عن البيانو وهتف بقلق
« جاك هل أنت بخير !»
استفقت من شرودي مع بعض الشهقات التي اطلقتها دون وعي ، فقد شعرت أن سايمون هو من كان يخاطب نيل ولستُ أنا .
ثم تذكرت كيف صارحني العم جيمس بفكرة القضاء على نيكي بعد أن تركنا هامون سمث أمام المبنى ، غادرنا المكان وهناك أخبرني
أن كنت قد تعلمت العزف الذي يعزفه سايمون بدقة
وقتها أجبته بأنني قد أجدت اللحن جيدًا ، حينها أكمل بسعادة
« والأن سنحاول خداع العزف مثلما فعل نيل ، فالعزف يريد مقابل وعندما عزفه سايمون لم يكن غيره هو ونيل وبما أن الأخير في جسد الدمية ارتدت اللعنة عليه وأخذت روحه عوضًا عن الشخص المعني من العزف ، والآن يجب عليك أن تتنكر بزي سايمون فهو الوحيد الذي كان مقربا من نيل لذلك المشاعر التي ستطلقها ستكون حقيقية وبهذا تخدع العزف وتسلب روح الشخص المقصود وتنتهي اللعنة»
عقبها لاحظت إن لون نيكي بدأ بالتحول للون الأزرق معلنًا توديع حياته!
فجأة خالجني شعور بأنني سأكون مثله قاتلًا إذا سلبت روحه
عندها أزدادت دقات قلبي وأنتفض جسمي!
حاولت التوقف ولكن بيد أن قوى خفية تدفعني على مواصلة العزف!
كأن سلاسل مخفية طوقت معصمايّ تضغط على أصابعي تحثها على تمام اللحن!
تمنع يدايّ من ترك أزرار البيانو!
حاولت بقوتي الضعيفة أن أسحب اناملي ولكن دون جدوى كأن سحر ألقى عليها يجبرها على التحرك من تلقاء نفسها وأكمال المعزوفة إلى الأخير، بدأ غيث عيني بالهطول، وأنا أرى عجزي عن التوقف وأراقب كيف تنتشل روح نيكي بالتدرج.
أستمريت بالبكاء بصمت إلى أن دنا نحوي العم جيمس ثم أنتزع قناع التنكر الذي كنتُ أرتديه و مسح شعري بلطف و همس
« جاك الآن عليك نسيان العزف الذي عزفته ؟»
سحبني من مكاني كجثة فقد علمت أن وراء جميع ما حدث لم يكن نيل أندرسون وأنما المعزوفة الشيطانية التي تسيطر على العقل وتسكره
وتحثهُ على أستمرار
تسللّنا من الغرفة الطويلة المطلة على الممر المؤدي إلى باب الخروج ، وقبل أن أدلف السيارة ، يد مسكتني ثم سماع صوت يخاطبني من الخلف
«هل تسمح بلحظة من وقتك ؟»
جفلت للحظات ثم أستدارت بهلع ، لأجد هامون خلفي ثم لوح بيده و استطرد يسألني بمرح
« ما رأيك أن نتعرف من جديد أنا أدعى هامون سمث وأنت ؟»
مدّ يده نحوي ، صافحته بوجه مملوء بتعابير الدهشة
« وأنا أدعى جاك اكلس»
أحتضن يدي بكلتا يداه ثم أردف بترجي
« أرجوك جاك العزف الذي سمعته من خلف باب قاعة التدريب كان ساحرا ! هل يمكنك أن تعلمني العزف الذي عزفته قبل قليل ؟»
قام بجري نحو القاعة حيث ذلك البيانو
الذي يقبع بعمق الظلام
بينما أنا انجرفت إليه كالفراشة التي تحوم حول النار
ولم أعلم بنفسي أنني لا زلت تحت تأثير اللحن!
وهناك بدأت سمفونية جديدة تُعزف من جديد
معلنةٌ ضحيتها القادمة!
- النهاية -
🎵🎼🎶. 🎵🎼🎶 .🎵🎼🎶. 🎵🎼🎶
أراءكم :
توقعاتكم :
If loved the part please ❤&💭
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top