زراعة القلب
«أخبرني أثناء جلوسي على كرسي الكشف البني: «ماذا حدث أثناء إقامتك في المستشفى؟»
-«مر كلّ شيء بطبيعيّة تقريبًا حتى ظهرت هي. كنت أخذ الدواء وأتبع تعليمات الطبيب، وفي بعض الأحيان يزورني أحد الأقارب من عائلتي، حتى دخلت هذه السيدة غرفتي اليوم». كنت أتحدّث بهدوء.
-«ثم؟ ماذا شعرت عندما قابلتها؟»
-«شعرت أنني أعرفها... لا، بالفعل أنا أعرفها، أحمل لها ذكريات ومواقف عديدة، أعرف عنها تفاصيل كثيرة. رغم أنني متأكد أنني لم أقابلها من قبل! شعرت بعاطفة تجاه هذه السيدة، كأنّها أمي!».
تعجّب الطبيب وبان ذلك بصوته عندما سأل: «كيف عرفت ذلك؟ أعني، كيف عرفت أنّك لم تقابلها من قبل؟ وكيف حددت أنّها والدتك؟» شرح سؤاله أكثر حين لم يجد مني إجابة شافية للسابق.
أكدت عليه ما قُلت: «أنا متأكد، أعلم كوّنك تظنّ أنني مجنون أو مصابًا بأمراضٍ عقليّة، لكنني أقول الحقيقة وبكامل وعيي وقواي العقليّة أيّها الطبيب... كيف تفسر أنني أتذكر غضبها مني حين كنت أشرب السجائر؟ رغم أنني لم أدخن قط! لا تنسى أنني مريض قلب فهذا خير دليل على عدم تدخيني لكنني أتذكر غضبها لشربي لها!».
ردّ بدفاع عن نفسه: «أنا لا أكذبك، نحن نبحث عن المشكلة معًا. هل تحدّثت معها؟»
طأطأت رأسي بخيبة: «للأسف لا... حاولت ضربي أثناء بكائها الشديد وهي تقول: «ابتعد عني أيّها الحقير». وتحدثت بطريقة دراميّة وحزينة كلامًا لم أفهمه، لكنّ فهمت أنني سبب تعاستها وحزنها! خلال دقيقتين كانوا قد أبعدوها عن غرفتي. ثم كما ترى تم عرضي على طبيب نفسيّ يحقق معي الآن».
-«لا تعتبره تحقيقًا، لأنني لم أدرس في كلية الشرطة بعد».
كانت محاولة فاشلة لإخراجي من الغضب والكآبة الّتي احتلت كياني من تلك المرأة وجهلي بكوّنها وذكرياتي الغامضة.
أنهى تحقيقه وأغلق الملف، لم يقل شيئًا مفهومًا يومها، لكنّ جلسات التحقيق تكررت ومع عدد من الأطباء، وكانت الخلاصة ببساطة أنني أتوهم، ذُهان أو ثنائي القطب لا فرق بين المسميات ما دام التشخيص خاطئًا!».
أغلقت دفتر مذكراتي الّتي كنت قد كتبتها السنة الماضية،
وأنا أتذكر مجرى الأحداث بعد تلك الفترة العصيبة، أخبرتهم السيدة العجوز الحزينة أنني أخذتُ قلب ابنها المتوفى، وقام الأب بالتبرع بقلبه دون علمها. وما كان بذاكرتي كان ملك ابنها بالفعل.
لكنّ ما لا يعلمه أحد، أن هناك الكثير من الخبايا والأسرار لصاحب القلب ولا استطيع الإفصاح عنها، لكنّ مهلًا! لماذا بدأ عقلي يعاملني على أنني المجرم بحقّ؟!
-تذكروا، فريق النّقد دومًا في الجوار. ~
-كونسيلر.
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top