الحرب العالمية الأولى

«لم يعرف التاريخ أمةً تكفلت بتحقيق أمنيات أعدائها وخاضت الحروب نيابة عنهم، غير العرب.»

-أحلام مستغانمي.

في أحدَ الايام العتيقة، ذهب ولي العهد النمساوي إلى رحلة مع زوجته إلى البوسنة والهرسك.

كان الرجل سلميًا؛ لم يصطحب معه أحد من الجنود بالرُغم كونِ الصربيون يحقدون على النمساويين؛ لكون صربيا كانت تحت حكم النمسا، وتريد الانفراد بالحكم فقام الشاب الصربي غافريلو برينسيب باغتيال ولي العهد والذي لم يره إلا في تلك الدقيقتين، بغرض القيام بثورة شعبية على المملكة.

ومن تاريخ 1914 يوم 28 يوليو دقت طبول الحرب، حتى أطلق عليها التاريخ باسم «الحرب العالمية الأولى»؛ لكون جميع قارات العالم قد قامت بالمُشاركةِ بها.

إذ قامت «دول الحلفاء» صربيا بالاتحاد مع (روسيا - فرنسا - انجلترا - اليابان - البرتغال.. والكثير من الدول الاخرى) بالحرب ضد مملكة النمسا بالاتحاد مع (الدولة العثمانية -ألمانيا -إيطاليا).

اشترك بها حوالي 70 مليون جندي وراح ضحيتها ما يقارب 40 مليون إنسان سواء عسكري أم مدني واستمرت الحرب لأربع سنوات وثلاثة أشهر، ولأول مرة يشهد العالم هكذا حرب، امتدت لسنوات وباءت بهذا الكمِّ من الخسائر الفادحة.

والسؤال هنا، أين نحن -العرب- من كل هذا؟ تأتي هنا كلمة صغيرة تُعبِّر عن موقفنا «الاحتلال»؛ وهو استيلاء دولةٍ ما على أراضي دولة أخرى أو جزءٍ منها قهرًا أو بالقوة.

ففي ذلك الوقت كان جزء كبير من الأراضي العربية تحت الاحتلال الأوروبي، فكانت أغلب الشعوب العربية تحت سيطرة دول الحلفاء، وعلى رأسهم إنجلترا.

قامت دول الحلفاء بتجنيد عدد كبير من أبناء العرب إلى جيوشهم. وإشراكهم في الحرب. كان المجندين من أبناء العرب في الصفوف الأولى لجنود الحرب، وأول الضحايا لأي اشتباك عسكري، وقد أثبتت الاحصائيات أن عدد المجندين من العرب والدول المحتَلة كان يفوق عدد الجنود الأوروبيين في المعارك.

فعلى الصعيد المغربي مثلًا، أُرغم أكثر من 45,000 مواطن شاب على الاشتراك في الحرب مع الجيوش الفرنسية. كان يُلقى بهم في الصفوف الأولى، حتى تم قتل منهم ما يقارب 12,000 جندي مغربي، وقاموا أيضًا بإعدام 150 ضحية عشوائية من جزائريين وتونسيين ومغربيين وغيرهم من العرب، ليكونوا عبرة لمن يريد الفرار أو عدم القتال لصالح دول الحلفاء.

هنا يعلمنا التاريخ أن الحروب تبدأ عندما تعتقد الحكومات أن ثمن الإنسان رخيص.

ولم تكن هذه خسائر العرب الوحيدة، فمن الناحية الاخرى قامت الدولة العثمانية -والتي يندرج تحت حكمها الكثير من الأراضي العربية- بتجنيد الشباب العرب في صفوف تركيا لمحاربة دول الحلفاء.

فقد قامت الدولة العثمانية بمساعدة روسيا والنمسا أثناء الحرب العالمية الأولى، بهدف استرداد أراضيها من الحلفاء، فقامت بتجنيد المدنيين من دولتها، استنزفت الدولة العثمانية نحو 300 ألف من العرب في جيوشهم يقاتلون لصالح دول الوسط، وهنا وقع ما لم يكن في الحسبان، وقام العرب بالمُحاربة لصالح أوروبا.

وها قد انتهت الحرب بعد تجنيد نصف مليون عربي لصالح الدول المستعمِرة، قُتل منهم من قُتل، وعاد منهم من عاد، وتفاقمت خسائر العرب حتى بعد قرن من نشأة الحرب، نتج عنها تقسيم السلطنة العثمانية، وتقديم وعد بلفور لإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، وها نحن مازلنا متأثرين ومتفككين من ذلك التاريخ، لم نكن نحن وحدنا الخاسرين لكننا الوحيدين المُرغمين على القتال، والمصيبة ليست في ظلم الأشرار، بل في صمت الأخيار.

إنها الحرب العالمية الأولى، أو الحرب العظمى كما يسمونها.

الحرب التي قامت كى يبقى الخير ويموت الشر.. فبقى الشر ومات الخير بعبقرية شديدة!

فريق النقد دومًا بالجوار ⁦⁦♡⁩⁦⁦

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top