الفصل السادس والأخير

نظر لي المحقق بحاجبين معقودين بعد أن سمع القصة كاملة. ثم تنهد وحك ذقنه قبل أن يتكلم. "هذه قصة مثيرة للاهتمام يا سيد (ميلر)، ولكن هل عندك ما يثبت صحة كلامك؟"

قد كنت انتهيت من تقديم اعتراف كامل للشرطة عن الحادث الذي تسببنا به، وعن مقتل (إيثان)، ولكنني بالتأكيد تركت الجزء المتعلق بأنني فعلت هذا لأن شبح ما يقتص منا، وأنه قد قام بقتل أصدقائي الإثنين وكنت أنا التالي، فحتى لو تقبلت أمر دخولي السجن، لم أرد أن يتم الزج بي في مشفى الأمراض العقلية.

أخذت نفسًا عميقًا قبل أن أجيب على المحقق. "نعم، يمكنني إطلاعك على المكان الذي دفنا فيه (إيثان والش)."

ضمّ يديه الى صدره وظل يحدق فيّ لبضع ثوان. "أخبرني يا سيد (ميلر)، لماذا قررت أن تسلم نفسك الأن، وتعترف بارتكاب جريمة مر عليها أكثر من عقد كامل."

"كما أخبرتك يا حضرة المحقق، لقد مات صديقايّ في حوادث مؤلمة خلال الأيام الماضية؛ لذا شعرتُ وكأن العالم ينتقم منا على ما فعلناه. وأنا لم أعد أحتمل ما يفعله بي الشعور بالذنب."

نظر لي بتفهم قبل أن يقول. "سنقوم بحفر المكان الذي قلت عليه، وسيتم تحليل بقايا الجثة إن وجدناها بالفعل هناك. ولكن اعترافك سيبقيك في عهدتنا على ذمة التحقيق في القضيتين حتى نتأكد من كل الأدلة."

أومأت رأسي ببطيء وانا أتحاشى النظر إليه.

ثم قام من مقعده، وأخبرني أني رسميًا رهن الاعتقال، وبعد أن انتهى من إخباري بحقوقي، اقترب مني وأمسك بذراعي ليقتادني خارج غرفة الاستجواب، وقد أخبرني أننا علينا إتمام بعض الإجراءات الروتينية.

ولكن عندما خرجنا من الغرفة، توقفت وفجأة شعرت بأن ساقايّ لا يقويان على الحراك. فكان (إيثان) ينتظرني بالخارج، وبجانبه كان يقف الطفل الصغير.

(إيثان) لم يكن مغطى بالتراب هذه المرة، بل كان يبدو كأخر مرة رأيته فيها. كانت هيأته منمقة ووجهه مبتسم، وكان الطفل الصغير أيضًا في حالة جيدة وكان يحمل قط صغير في يده.

وكانت ابتسامة (إيثان) تتسع ببطيء حتى برزت أسنانه، ومن ثم انفجر ضحكًا.

ولكن لماذا كان يضحك؟

ما الذي يحدث؟

ولماذا أنا على الأرض؟

ولماذا كانت يدايَ مطبقتان على رقبة المحقق، بينما هو يستغيث وقد تحول لون وجهه للأزرق.

وما كل هذا الضجيج؟

"ابتعد الأن، هذه فرصتك الأخيرة، والا أطلقنا عليك النار!"

ولكن، أنا لا أستطيع التحكم في يداي...

وفجأة توقف كل شيء، وشعرت بسائل دافئ يتدفق من صدري، فنظرت ناحية المصدر لأجد فجوة كبيرة يخرج منها سائل لزج ذو لون احمر قاتم.

لقد أطلق عليّ أحدهم النار...

اصطدم جسدي بالأرض وكنت أخذ أنفاسي بصعوبة وأصبحت رؤيتي مشوشة، فلم أعد أرى سوى ظلال لمجموعة كبيرة من الناس تلتف حولي، ولكنني ميزته هو فقط...

(إيثان)، كان يقف أمامي، وكان ينظر لي بابتسامة تدل على النصر وأنه قد حقق مراده بالفعل.

"شاهدت من بعيد، العالم وهو بالسواد يغيم.

شاهدت من بعيد، عيون الشيطان ترمق لي من أعماق الجحيم.

والأن أشاهد من بعيد، أرواحهم الموصومة وهي تفيض."

شعرتُ ببرد شديد، ولم أعد أرى سوى الظلام.

فهمت الأن مغزى رسالتك يا (إيثان).

كنت تريد أن تكون شاهدًا على نهاية كل واحد فينا، تمامًا كما فعلنا بك.

كما دفناك تحت الثرى...

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top