الفصل الثاني
بقلم نهال عبد الواحد
نهضتُ من نومي مفزوعةً، ألتقطُ أنفاسي، شاعرةً باضطراب نبضات قلبي، مسحتُ وجهي المتصبّب عرقًا وبيدي الأخرى أمسّد خصلات شعري القصيرة المتبعثرة...
وبعد فترة هدأتُ قليلًا فتفقّدتُ المكان، بدا غير مالوفٍ لي، كأنّي في غرفة بأحد الفنادق؛ فخزينة الملابس ولوحة التّزيين صغيرتا الحجم وهيئتها بسيطة للغاية دون أي نقوش.
هل بِتنا ليلة أمس في غرفة بالفندق كما أراد آسر وألحّ عليّ، لكنّي أكّدتُ عليه أنّي لا أفضّل فكرته ويُستحسن تأجيلها؛ أريد أول ليلة في حياتي الجديدة في شقّتي وحجرة نومي الخاصّة، لكن يبدو أنّه لم يأبه لرأيّي ووضعني أمام الأمر الواقع!
لكن في جميع الأحوال أنا لا أتذكّر ليلة أمس، لا أتذكر حفل عُرسنا أو أي تفصيلة من اليوم بأكمله أو كيف جئتُ إلى هذه الغرفة وقضيتُ ليلتي مع آسري! كيف مرّ الأمر بيننا!
مهلًا! إنّها نفس منامتي ذات الرّسوم الكارتونية! لا أدري شيئًا! لا أتذكر شيئًا! وا رأساه! ألمٌ شديدٌ يكاد يفتك برأسي!
لا زلتُ أحملق بسقف الغرفة! يكفي هذا، حاولتُ التّحرّك مرّة أخرى ناهضةً تمامًا من الفراش خاصةً بعد التفاتي جواري دون أن أجد آسر أيضًا! عزمتُ النّهوض من الفراش، لكن لا أدري لماذا لا أتعتع من مكاني!
لكن آتاني آسر وابتسم ابتسامته المخدّرة لكلّ حواسي، خاصةً هاتَين الغمّازتَين، لكن الغريب أنّه لم يقترب منّي! لم يدلّلني؛ فأنا عروسه وفي يومنا الأول!
كدتُ أظهر غضبي وأثور عليه لكنّه أشار لي كي أقترب منه، فنهضتُ على مضضٍ وصرتُ أمامه مباشرةً في غمضة عين، لا أدري بحق ما هذه السّرعة الفجائية! فمنذ استيقظتُ وأنا أحاول النّهوض دون فائدة! بل لا أتذكّر أنّي لمستُ الأرض بقدمَيّ! لا أفهم شيئًا.
لكنّه أيضًا لم يلقي عليّ قول «صباح الخير محبوبتي الصّغيرة!» كما اعتدتُ منه في السّابق، ولا حتى أي تحية من أي نوع! قُلتُ عليّ أن أعلن غضبي وأنفجرُ ثائرة حتى ولو في يوم زواجي الأول!
المشكلة أنّ صوتي كُتم في حلقي كأنّي ابتلعتُ لساني مجددًا! وقبل أي شيء جذبني على غفلةٍ منّي بينما كنتُ أصارع غضبي وثورتي، لقد جذبني من يدي متحرّكًا بسرعةٍ كبيرة! شعرتُ أنّنا طائران في الهواء! لم أشعر بخطواتي على الأرض وملمسها الخشبيّ فور المرور فوقها بقدمَيّ الحافيتَين.
مهلًا آسر! أريد حتى غسل وجهي من آثار النّوم وتفريش أسناني؛ ربما أردتَ تقبيلي دون مقدّمات فأنا زوجتك وعروسك، أي لا شيء فيها، أيضًا أريد تصفيف شعري المتبعثرة خصلاته من آثار النّوم أيضًا؛ أعلم هيئتي وأحفظها عن ظهر قلب فور استيقاظي.
الغريب إنّي كمَن فقدت لسانها لا أستطيع الحديث أبدًا، لا يخرج لي أي صوت! بل لا أستطيع فتح ولو فُرجة صغيرة بين شفتَيّ! هل ابتلعتُ في عشاء الأمس زجاجة من الصّمغ القوي؟! لا تتحرّك شفتاي نهائيًّا! مطبقتَين تمامًا وبإحكام!
وبينما أنا منغمسة في هذه الفوضى الكائنة داخلي مع محاولاتي السّابقة في تذكّر ليلة عرسي أو يوم زفافي كاملًا! خرج بي آسر من تلك الغرفة، كان يحملني بالفعل لذلك شعرتُ أنّي أطير -على أغلب ظنّي-
اتضح أنّنا بتنا على متنِ مركبٍ وسط البحر! لا أدري كيف أتيتُ، وصلتُ بل قبلتُ هذا؟! أريد الصّياح في وجهه! مؤكّد أنّه خدّرني لذلك لا أتذكّر أي شيء! لكن خدّرني حتى قبل الحفل الّذي لا أذكره! ربما أعطاني شيئًا أتناوله كسيجارة من الحشيش أو ما شابه ذلك! أنا بالفعل لا أتذكّر أي شيء!
كانت الشّمس قوية فلم أستطيع فتح عينَيّ في هذا الضّوء الشّديد، كما كان الهواء شديدًا أيضًا، يخترق أنفي بقوةٍ فشعرتُ بمذاق اليود في حلقي، ليس فقط رائحته! حرّك خصلاتي القصيرة بقوةٍ لتزداد تبعثرًا أكثر وأكثر، عليه أن يخاف منّي الآن! لكنّه مستمرًا في طريقه دون أن ينبس لي بأي حرفٍ أو حتى يلتفت نحوي! هل أعتبره تحت بند عدم الاكتراث؟
توقّفنا عند حافة المركب ثمّ وقف خلفي ولا زال صامتًا، ألصق ظهري بصدره، بالكاد وصلت رأسي عند كتفه، ثمّ عانق خصري وألصق خدّه بخدّي فابتسمتُ ناظرةً أمامي نحو مساحة البحر الشّاسعة اللانهائية.
أشعر بأنفاسه الدّافئة تلفح عنقي وأشعر بنبضات قلبه قريبة منّي للغاية إضافةً لرائحة عطره الّتي أعشقها فاتّسعت ابتسامتي؛ أنا حقًّا في نعيمٍ مقيم! كأنّي في منامٍ جميل لا أريد الاستيقاظ منه أبدًا! ففككت يدَيّ المعانقتَين لسور المركب بقوةٍ؛ فأنا لستُ جريئةً أو أميل للحركات الخطرة! ثمّ مددتُ ذراعيّ كلًّا منهما نحو جانب كأنّي أطير مع حركة المركب والهواء، كأنّي روز وهو جاك...
وفجأة! انقلب الوضع تمامًا! إذا بي أحاول القفز في الماء وآسر يقيّدني عنوة ويصرخ في: «لا تفعلي يا مجنونة! اسمعيني أولًا!»
Noonazad 💕💖💕
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top