الأخير|إشتِياقٌ بالِغ.

-
|عِدّة أيّام|

ثِمّة آلامٍ تُسكَب فوق القلوبِ،و تُفقِدها بريقُها،تجعلُها تُصبِح فُتاتاً يُمكِن لأبسطِ ريحٍ أن تنثُرهُ بعيداً،فالألَم يُثقلها،يُهلِكها،حتّى تستسلِم لهُ.

شون،سيڤان و نايل برِفقة بعض أهل القرية،جميعهُم يقِفون ببذلاتهُم القاحِلة كسواد الليّل،مُصطفّين أمام ذلِك النَعش الذى يقبَعُ قُبالتهُم،ريثما القِسّ يتلو الصلواتِ على روحِ الراحِلة.

سيڤان يبكى،تزامُناً مع كُل حرفٍ يتفوّه بهِ القِسّ يزداد بُكاءهِ،شاعِراً بالندمِ يكاد يفتِكُ بروحهِ.

شون لَم يبكِ،كان مُتألِّماً،مُنكسِراً و مُحطّم الروح بشِدّة،لكِنّهُ تحلّى بالجلَد،ريثما نايل يقِف بجانبهُ مُطالِعاً وجههُ بين هُنيهةٍ و الأُخرى،ليجدهُ على حالهِ،شارِداً ريثما يردتى نظّارتهُ الشمسيّة.

"ريناتا سليڤ،كُنتِ إبنةٌ صالِحة، وصديقةٌ وفيّة،فلترقُد روحُكِ الطيّبةِ بسلامٍ،آمين.."صلّى لها القِسُّ ضامّاً كفّيهِ بتمنٍ،ليُردِد الجميع خلفهُ 'آمين'.

سقَطَ سيڤان فوق رُكبتيهِ باكِياً بحُرقةٍ،ليجثو شون بجانبهِ آخِذاً إيّاه بعناقهِ،مُحاوِلاً أن يُهدئ مِن روعهِ.

تمنّى لو لَم يكذُب،تمنّى لو لَم بُحاوِل قتِل سِييرا،فبسببهِ رحلَت ريناتا.

نقاء حُبّها لسِييرا جعلها تُحيل بجسدِها بينهُما فى مُحاولةٍ لمنعِ سيڤان،فتلقَّت الرصاصة الثانِية بقلبِها،بعدما تلقَّت سِييرا الأولى أسفَل صدرِها تماماً.

"رحلَت وأخذَت طِفلى برفقتُها.."همسَ سيڤان بضعفٍ ليتنهَّد شون بقِلّة حيلة،مُربِّتاً على ظهرهِ بلُطفٍ.

"سيِّد سيڤان،حان وقتُ الرحيل.."صدح صوتُ الشُرطى مِن خلفهِ بعد دقائِق،ليومئ لهُ سيڤان بوهنٍ،قبل أن ينهَض شون مُسنِداً جسدهِ برفقتهِ.

وضعَ الشُرطى القيود بيديهِ ليجذِبهُ برِفقتهِ،قبل أن يدلُفا لسيّارة الشُرطة مُنطلقين،حيثُ سيقضى سيڤان بعض الوقتِ بالسِجن.

إزدردَ شون لُعابهِ مُطالِعاً السيّارةِ حتّى إختفَت،ليلتفِت لنايل الذى يقِف مُنتظِراً إيّاه.

"سأذهَب.."أخبرهُ شون بخفوتٍ ليومئ لهُ نايل،قبل أن يُعانقهُ مُربِّتاً على كتفهِ.

"كُن بخيرٍ.."همسَ نايل ليومئ لهُ شون،قبل أن يبتعِد ذاهِباً للمكان المنشود سيراً.

وصلَ بدقائِقٍ ليدلُف،ثُم يصعَدُ للدورِ الثالِث صانِعاً طريقهُ لغُرفة رقمُ ثلاثُمئةٍ و سِتّة،مُلاحِظاً الطبيب الذى خرج توّاً.

"كيفَ حالُها؟"تسائَل مُزيلاً نظّارتهِ،ليومئ لهُ الطبيب بخِفّة.

"حالتُها مُستقِرة،لكِن لَم تفِق بَعد.."صرَّح الطبيب مُبتسِماً بأسف،ليتنهَّد شون طويلاً،قبل أن يومئ شاكِراً إيّاه.

دلفَ برويّةٍ ليُغلِق الباب خلفهِ،ثُم يلتقِط مِقعداً جالِساً عليهِ بعدما خلعَ مِعطفهِ الطويل،مُطالِعاً جسدُها الذى لازال خامِداً،عكسُ قلبها الذى ينبُض بالحياه.

"إشتقتُ إليكِ،سِييرا.."همسَ مُبتسِماً بضعفٍ،قبلَ أن يلتقِط كفُّها مُقبِّلاً إيّاه بحنِوٍ و عُمقٍ.

فركَ عينيهِ مانِعاً دموعهِ مِن أن تهوى،فهى لَم تستيقِظ،منذُ يوم الحادِثة حتّى الأن.

"الأمر كان صعباً جِدّاً سِييرا،أن أعود للحظيرةِ و أنتظرُكِ طويلاً و بالنهايةِ أنتِ لَم تأتِ.."صرَّح بهمسٍ شاعِراً بغِصّتهِ،ليقوم بفكِّ ربطةِ عنُقهِ قبلَ أن يضعها بعيداً،فاتِحاً أزرار قميصهُ.

نفى برأسهِ بعدمِ رضاً عن حالهُما،قبل أن يُحاوِط وجههُ بكفّيهِ،ليشهَق بخفوتٍ مُحاوِلاً كبتِ بُكاءهِ.

"الأيّام الماضِية كانَت جحيماً دونكِ.."همسَ بضعفٍ باكِياً،ريثما يتلقَّ الصمتِ مِنها.

ودَّ لو أخذتهُ بعناقِها لتُطمئِنهُ،أو حتّى تبتسِم لهُ ليعود أملهُ مُجدداً.

"أتسمعينى سِييرا؟،أتعلمين أننى أتألَّم دونكِ؟"همسَ بعدما أبعَد يديهِ عن وجههِ الباكى.

تنفَّس الصعداء بهدوءٍ،قبل أن يمِد كفّهُ بحوزتهِ،مُخرِجاً تِلك العُلبة التى تحوى ذلِك الخاتَم الذى مِن المُفترَض أن يُزيّن يدها الأن،لو لَم يحدُث ما حدَث.

"أردتينى أن آتِ لكىّ تُصبحِ مِلكاً لى أمام العالَم،وها أنا أتيتُ و الخاتَم برِفقتى.."صرَّح فاتِحاً العُلبةِ ليُخرِج مِنها الخاتَم،قبلَ أن يضعها جانِباً مُقترِباً مِن جديد.

وضعَ الخاتَم ببِنصرِها الأيمَن،ليلتقِط كفُّها مُقبِّلاً إيّاه مِراراً،قبلَ أن يُعانقهُ لصدرهِ.

"أُحبُّكِ وأنتظُركِ،مهما أطلتِ بغفوتُكِ.."صرَّح مُبتسِماً لوجهُها الشاحِب،قبلَ أن يستنِد على المِقعد خلفهُ،غافِياً بيدُها التى يُعانقُها إلى صدرهِ.
-
|بعد أسابيع|
سارَ شون بجسدِ سِييرا الشِبه واعِيةٍ حتّى المنزِل،رافِضاً بقاءُها يوماً آخر بعد افاقتها رُغم إصرار الطبيب عليهِ.

لكِنّهُ وعدهُ أنّهُ سيعتنى بِها جيّداً.

طرقَ الباب بقدمهِ طرقاتٍ خفيفة،ليفتَح نايل بعد دقائِقٌ بعينين ناعستين،لكِنّهُ نظرَ لسِييرا مليّاً قبل أن يبتسِم بسعادةٍ.

"سِييرا.."همسَ نايل قبل أن ينحنى مُبعِداً خُصلاتُها ليُقبِّل وجنتُها،ليبتسِم لهُ شون على لُطفهِ،قبلَ أن يستأنِف السيرِ للداخِل حتّى صعدَ لغُرفتهِ و نايل يتبعهُ.

أرسى جسدُها المُتهالِك فوق الفِراش بحذرٍ،ليُعدِّل وضعيّة رأسُها قبل أن يُدثِّرها بالغطاء جيّداً.

"أنا سعيدٌ بعودتِها.."علَّق نايل مِن خلفهِ ريثما شون أمسَك بكفِّها ليفرُكهُ بمُحاولةٍ لجعلها تفيق.

تأوَّهَت سِييرا بإنزعاجٍ آبِيةً الإستيقاظ،ليقترِب شون مِنها مُداعِبا خُصلاتُها كىّ تستيقِظ.

"حبيبتى،إنه أنا، شون.."همسَ بلُطفٍ بجانِب أذُنِها،جاعِلاً مِنها تفتَح مُقلتيها بوهنٍ،مُوجِّهةً أنظارُها إليهِ.

"مرحبًا.."همسَ شون مُبتسِماً،خاتِماً همسهِ بتقبيلهِ لوجنتُها بخِفّةٍ كىّ لا تنزعِج.

"ريناتا.."همسَت بضعفٍ بعدَ أن تعانقَت ملامحُها جراء الألَم،ليزدرُد شون لُعابهِ بعدما تلاشَت إبتسامتهِ،غير عالِماً بِما يُجيبها.

"أُريدُ ريناتا.."همسَت بإرتجافٍ قبل أن تبدأ بالبُكاء بأنينٍ آلَم قلب شون،ليُساندُ جسدُها حتّى جلسَت،ثُم يحاوِط وجهِها بكفّيهِ.

"إسترخِ سِييرا،أرجوكِ.."توسّلها لتشهَق بقوّةٍ،مُصدِرةً آهٍ عبّرَت عمّا بداخلُها.

"ليتنى رحلتُ برفقتُها.."تمنَّت بحُرقةٍ باكِيةً،مِمَّ جعلَ شون يُعاوِد الحديث قائِلاً:

"كفاكِ بُكاءً،الطبيب أخبرنى أن موقِع الرصاصةِ حسّاساً،لُطفاً بى و بقلبى الذى يتألَّم برفقتُكِ.."ختمَ حديثهُ آخِذاً رأسُها ليضعها فوق صدرهِ،مِمَّ جعلها تُحاوِط خصرهُ مُفرِغةً ألمُها بقضتِها فوق جسدهِ.

تركهُما نايل كىّ يكونا سويّاً،ليتنهَّد شون مُتحسِساً خُصلاتُها برويّةٍ،حتّى بدأت تهدأ تدريجيّاً بعد ساعةٍ مِن مُعانقتهِ إيّاها،همسهُ لها بكَم هو يُحبُّها،مُداعبتهُ اللطيفة لخُصلاتُها.

"كَم أُحبُّكِ.."همسَ مُقبِّلاً رأسُها لتبتسِم إبتسامةٍ صغيرة، ضعيفة وحزينة،قبلَ أن تبتعِد عنهُ بإنشاتٍ،مُكفكِفةً دموعِها بلُطفٍ.

لاحظَت ذلِك الخاتَم الذى يُزيّن كفُّها لتعقِد حاجبيها بإندهاشٍ،قبلَ أن ترفَع أنظارُها لشون الذى يُراقبُها بتمعُّنٍ قاضِماً شفّتهُ السُفليّة.

"متى حدَث؟ أعنى..لقد كُنتُ بالمشفى و لَم أفِق سوى اليوم.."تحدَّثَت بتشتُتٍ جاعِلةً مِنهُ يُقهقِه،قبل أن يُمسِك كفُّها الذى يحويهِ الخاتَم ليُقبِّلهُ.

"منذُ آنٍ،لقد آمنتُ بعودتُكِ لى.."صرَّح بإبتسامةٍ جاعِلاً مِنها تُقهقِه بسعادةٍ،قبل أن ينحنى مُحضِراً خاتمهُ الذى رفضَ أن يرتديهِ وحدهُ.

"هيّا،كىّ أُصبِح مِلكاً لكِ.."طلبَ مِنها مُناوِلاً إيّاها الخاتَم،لتنظُر لهُ بعينينِ دامِعتين،لَم يعلَم أهى سعيدة؟،أم حزينة كون ريناتا و سيڤان لَم يشهدا الأمر؟

أخذَت الخاتَم بإرتجافٍ لتُمسِك بكفّهِ و تضعهُ بخنصرهِ،قبل أن ترفَع يدهُ و تُقبِّلها كما فعل.

"خطيبتى.."همسَ مُقهقِهاً ريثما يُحاوِط وجنتيها مِن جديدٍ لتبتسِم،قبلَ أن يطبَع قُبلةُ شرفٍ فوق شفتيها طويلاً و يسمعُها تهمِس قائِلةً:

"أُحبُّك.."
-
|عامين|

تركُض سِييرا بأنحاء الحظيرةِ خلفَ تِلك الفرس الصغيرة،مُحاوِلة الإمساك بِها ريثما شون يقوم بتنظيم الحظيرة.

"إحترِس شون!"صاحَت سِييرا عِندما رأت الفرس تركُض جِهة شون،حتّى كاد يستقِم لكِنه باغتتهُ الفرسِ و جعلتهُ يسقُط أرضاً.

"صغيرة شقيّة،لِمَ لستِ چاسمِن؟ هى هادِئةٌ جِدّاً.."عاتبها مُمسِكاً بِها بلُطفٍ،لتُقهقِه سِييرا ريثما تُناظرهُ وهو يُحاوِل حملُها لينهَض.

"لقد أرهقَتنى.."صرَّحَت سِييرا مُساعِدةً إيّاه على النهوض،ليأخُذ صغيرة چاسمِن إليها.

"ها هى ماما.."أخبرها مُقرِّباً إيّاها مِن چاسمِن لتقترِب چاسمِن مِنها،قبل أن يُغلِق الباب و يُعاوِد الإلتفات لها.

"كنتُ سآمركِ الأن بتحضير المافِن كعِقاباً لعدم إهتمامُكِ بصغيرة چاسمِن و جعلها تركُض بذلِك الشكل،لكِنّى أُسامحُكِ،فالمافِن خاصّتى أفضَل،سيّدة ميندِس.."صرَّح شون بنبرةٍ إستفزازيّة لتُدحرِج سِييرا مُقلتيها بكللٍ،قبل أن تبتعِد عنهُ مُتجاهِلةً حديثهُ.

"حسنٌ،ليس سيئاً لكِن لازال خاصّتى أفضَل.."أضاف مازِحاً قبل أن يجذبُها مِن خصرُها مُقهقِهاً،ليُقبِّل وجنتُها جاعِلاً مِنها تلتفِت مُحاوِطةً عنُقهِ.

"فلتجِد مَن يُعِد لكَ الغداء إذَن.."تحدّتهُ بإبتسامةٍ،ثُم قهقهَت بخفوتٍ عقدَ حاجبيهِ بإنزعاجٍ.

"أرجوكِ! لا أُريد مِن نايل أن يُعِد الطعام مِن جديد.."صرَّح بصدقٍ لتبتسِم لهُ،قبل أن تُحاوِط وجنتيهِ هامِسةً:

"تستحِقّ عناقًا طويلًا بعد ذلِك المدح اللطيف.."ختمَت حديثُها بعناقٍ لرقبته،ليُبادلُها مُغلِقاً عينيهِ بحُب،قبل أن يُقبِّل رقبتُها قُبلاً طويلة و عميقة،جاعِلاً مِنها تُقهقِه جراء الدغدغة مِن خُصلاتهِ.

"هيّا!،فلنأخُذ صورة!"صاح نايل مِن خلفهُما لينتفِضا مُبتعِدان،ثُم يعقِد شون حاجبيهِ بغضبٍ.

"ألَن أحظى بوقتٍ خاصّ لعين برِفقة زوجتى أبداً؟"صاح بهِ جاعِلاً مِنهُ يُراقِص حاجبيهِ،مِمَّ جعلَ سِييرا تُقهقِه بصخبٍ.

"هيّاً.."همسَت مُحاوِطةً خصرهُ ريثما يوجِّها نظرهُما لنايل الذى يقوم بضبطِ الكاميرا.

قام نايل بضبطِ وضعيّة الكاميِرا ووضعها على الحامِل خاصّتُها ثٍم ضبَط التوقيت لعشرِ ثوانٍ،قبل أن يركُض جِهتهُما ليجلِس على رُكبتيهِ إمامهُما مُبتسِماً كما هُم فعلوا.

"يا صغيرة!"صاح شون مُقهقِهاً عِندما أتَت إبنة چاسمِن راكِضة ليُمسِك بِها قبلَ أن تبتعِد،مِمَّ جعلَ نايل و سِييرا يُقهقِها بصخبٍ برفقتهِ على تِلك الصغيرة.

إلتُقِطَت الصورة،ليستقِم نايل قبل أن يذهَب مُتناوِلاً الكاميرا،مُخرِجاً تِلك الصورةِ الورقيّة الى خرجَت توّاً.

"أنظُرا!"لفَتَ أنظارهُما لينظُرا لهُ،قبل أن يذهبا إليهِ مُتفحِّصان الصورةِ برفقتهِ.

سِييرا و نايل يضحكان يعينين مُغلقتين و يدّ نايل فوق معدتهِ،ريثما شون ينظُر لصغيرة چاسمِن مُقهقِهاً برفقتهُما.

"تبدو أجمَل.."علَّق شون ليومِئ لهُ الإثنان بالمُوافقة.

"سأُعلِّقها بالداخِل.."أضافَ نايل صانِعاً خُطاه للمنزِل،ليعود شون و سِييرا وحدهُما.

"أخبرينى إذَن،سيّدة ميندِس.."لفتَ أنظارُها لتبتسِم،قبل أن يُحاوِط خصرُها مُتسائِلاً:

"ألَن نُنجِب سِييرا صغيرة؟"
-
فصل طويل عشان النهاية:(
القِصّة خلصِت يا ميندسيين!
حلوة النهاية؟ والقِصّة بشكل عام؟
قولولى أحلى موقِف فى الرواية،وإذا كان أكتِب لشون تانى ولا كانِت تجرُبة متتعادش؟😂
salmamu01 شُكراً لصبرِك عليّا لحد ما خلصتها،ويارب فعلاً تكون هديّة مُميّزة لعيد ميلادِك يا قلبى،وعُقبال كُل سنة و إحنا سوا❤️
هتوحشونى!،أشوفكوا فى صراع القلوب💚
بحبكوا❤️

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top