~الفصْل الرابع: زواجٌ قسري؟~
نعمْ أنا أهْرُبْ! لا لاستِكْمالِ مسيرَتِها فهي لم تفعلْ شيْئًا من الأساسْ، بلْ لإعادَةِ النظرِ في التُّهمِ الموجَّهةِ إليْها و فعلِ كلِّ ما يسعُني فعْلُهُ لأخفِّفَ عنْها ثقلَ تُرابِها
كثيرونَ هُمْ منْ سيُسْعِدُهُمْ اسْتِقْبالي، أوَّلُهُمْ خالتِي العزْباءْ التِّي تقْطنُ في تركْيا بعد أن هربَتْ من هذا الجحيم...كانتْ لتسْتَمْتِعَ بضمِّ متمَرِّدةٍ أُخْرى إليْها، وقتها ستصيرُ قوَّتها لا تُقهر لا محالة
لكنَّني و للأسَفِ استسْلَمْت، و سأبْقى هنا لأنَّ عقْلي الباطِنَ مُبرْمَجٌ على طاعةِ أبي بمجرَّدِ كلمةٍ ينطقُها، و لوْ لمْ أشأْ فرغْمًا عنِّي تتجمَّدُ رجْلاي
نعمْ كالآلةِ تمامًا!
يُلقِّنونها ما يشاؤونَ و يحذفونَ من ذاكِرَتِها ما يشاؤونَ بجوْلَةٍ من الضَّرْبِ المُبْرِحْ
~
صرْتُ زوْجَةَ إيادْ رسميًّا، هوَ تحمَّلَ جميعَ تكاليفِ العُرْس رغْمَ أنَّها تُثْقِلُ كواهِلَ الرِّجال، و سايرَ مظاهرَ البذخِ المنتشِرَة في مجْتَمَعِنا دونَ اعْتِراضْ
لحسْنِ الحظِّ إيادْ لمْ يكُنْ معهُمْ ذلكَ اليوْم، بلْ كانَ يدْرسُ في الخارِج، و أُراهنُ أنَّهُ ما كانَ ليقْبلَ بتلْكَ الجريمةِ بحقِّ رسيلْ المسْكينَة، و هنا تكمنُ حنكةُ أبي
إيادْ مثقَّفٌ جدًّا، و سأعترفُ بأنَّ قلْبي كان يميلُ إليْهِ عنْدَما كنتُ صغيرةً في السن، أي قبْلَ أن يُسافر
تأكَّدْتُ الآن من صحَّةِ الفكرةِ التي آمنتُ بها طويلًا...أنَّ واحدًا بالمائةِ من البشرِ صالحونَ و لا بدَّ من أنْ أجدَ أحدهُمْ مهْما طالَ الانتظار و مهْما كانتْ فكرتي الأوَّليَّة عن الرِّجالِ مروِّعَة
اتَّفقْنا أنا و هوَ على أنْ أعملَ بعدَ أن أُنْهي دراسَتي، و بالطَّبْعِ لمْ يتدخَّلْ أبي في الأمر بما أنَّ الحكمَ النهائيَّ 'لرَجُلي'
مرَّتْ أيَّامُ زواجِنا الأولى بسلاسةٍ و بدأْتُ أسْتكِنُ إليْه...نوعًا ما
هو مراعي و لطيف و...يعرفُ تشريحَ جسْمِ الأُنْثى جيِّدًا، و هذا ما ساهَمَ في كسْرِ بعْضِ الحواجزِ بيننا -رغْمَ حفاظِ البقيَّةِ على صلابتِها-
~
اللَّيْلة استيقظْتُ قُبيْلَ الفجْرِ فوجدتُ أنَّ مكانهُ خاويًا
في البداية سرْتُ في رواقِ المنزلِ بخطواتٍ متثاقلةٍ بسببِ إرْهاقي، الذِّي أعْترِفُ بأنَّهُ سُرْعانَ ما أضْحى تلصُّصًا و تجسُّسًا...عنْدَما اخْترقَ صوتُ ضحكاتِ أنثى مجهولةٍ هدوءَ منْزلِنا و صار الثنائي مثلَّث حبٍّ قذر... على ما أظن
بعدَ التنصُّتِ عليهِ من خلفِ البابِ علمْتُ أنَّهُ يتحدَّثُ إلى صديقَتهِ الأمريكيَّة 'المُشْتاقَة إليه' و التِّي تزْعمُ بأنَّ صُوَري 'جذَّابَة'
لكنَّني للأسفِ مُعالجَة نفسيَّة، مُلمَّةٌ بلُغَةِ الجسدِ و...الغاياتِ الدفينَةِ أسفلَ مُخْتلفِ نبراتِ الصوت
هيَ تحبُّه و هوَ خذلها، أمَّا هوَ ففقطْ مُشتاقٌ إلى زميلتهِ و يراعي مشاعِرَها...لكنَّهُ يُجْري معَها المُكالمات في مثْلِ هذا الوقْت خشْيةَ أنْ يَكونَ تفكيري مُتخلِّفًا فأُشاجِرَه...أراهنُ على ذلك
يدْخلُ الغرْفةَ بعْدَ نصْفِ ساعةٍ تقْريبًا فيجدُني أتفحَّصُ كتابًا و...يفزعْ
فمنْ تلكَ الأُنْثى التي لا تغْضبُ من رجُلِها بعدَ أن تكتشفَ أنَّهُ يُحادثُ أخْرى خلْسَة؟
أنا!
للأسفِ ستخيبُ آمالُكَ و سأكونُ من هؤُلاءِ الإناث اللَّواتي يندرُ وجودهنَّ على سطْحِ هذا الكوْكَب
أدعوهُ إلى الاستلْقاءِ حذْوي مُجدَّدًا فتُفكُّ العقْدَةُ التِّي كادتْ أن تفتِكَ بقصبتهِ الهوائيَّةِ و تنفَّس الصُّعداءَ داخليًّا، ثمَّ عاد إلى النوم بجانبي و ابتسامةٌ هادئةٌ مرتسمةٌ على محيَّاه
يتذمَّرُ و يُحاولُ أن يبعدَ عنِّي الكتابَ فأتركهُ رغبةً في ذلكَ لا طاعةً، أحتضنُ إيادْ فينامُ بسلام و أبتسمُ أنا بلامبالاتٍ بما جرى
أشعرُ بالدفئ و الرَّاحة لمجرَّدِ كوني غيرُ غيُّورَة...لكنْ لا أعلمُ ما جرى لي بعدَ تلْكَ اللَّيلَة...
~
تسْرِقُني المرْآةُ لوقْتٍ أطْوَلَ، أتزيَّنُ أكثرَ و أغازلُ إيادْ
أنا أُنْثى! و هذا طبيعي!
أُحاولُ أن أُلقِّنَ انْعكاسي في المرآة هذه الكلِماتْ...أنْطِقُها مرَّةً و مرَّتيْنِ و ثلاثًا و أكثَرْ..
أنْظرُ إلى نفْسي بدونيَّةٍ أكْثَر فأكْثَر، لكنَّني أستمْتعُ بالأمْر و أستمرُّ بفعْلهِ لأنّهُ صار تحدِّيًا أخوضهُ ضدَّ نفسي التِّي اكتشفتُ أنَّها أضعفُ ممَّا ظننت...و أنا فتاةٌ تعشقُ التحدِّيات
سأتقبَّلُ نفْسي كيْفما كنْت، بشعرٍ أمْلسَ أو مموَّج، بوجْهٍ لم تمسَّهُ ذرَّةٌ من مساحيقِ التَّجميلِ أو وجْهٍ حاولْتُ جاهِدةً تصحيحَ عيوبِه
سأحبُّ دارينْ لا جسدَها! سأحبُّ طريقة تفكير دارينْ لا ما يبْدو عليْهِ وجْهُها
~
~
ثلاثُ سنواتٍ مرَّتْ على زواجي رزِقتُ خلالها بطفلٍ أسميْناهُ 'آمِنْ' ، إلى جانبِ أنَّ نوعًا من العاطِفَةِ قد نشأَ بيْني أنا و زوْجي تحتَ ظلِّ ما يسمَّى بالتآلف، أمَّا عُقْدَتي تلْكَ فنجحْتُ في القضاءِ عليْها و صرْتُ لا أمانِعُ أنْ أتزيَّنَ و أعْمَلَ في آنٍ واحدٍ...أخدمُ ذاتي و أخدمُ العالمَ فلا أغلِّبُ شيئًا على الآخَرْ
كان هذا قبْلَ أن يحدثَ شيءٌ أجْهَلهُ فيخْسَرُ إياد كلَّ أمْوالِه، و ينهضُ من غفْوتهِ و علَّةِ الرَّجلِ الشَّرقيِّ...أو بالأحْرى تطوّره الفكري و نبذه للتخلُّف
و هاهيَ الغيومُ تعكِّرُ سماءنا، و تهدِّدني بصواعق قريبةِ الوقوع و التي أجهَلُ ما ستُصيب
عقْلي الذي حذَّرني فخانهُ قلْبي؟ أو قلبي الذي قرع صدري بقوَّةٍ توتُّرًا فتجاهلهُ عقلي تعبًا؟
سأعترف..كنتُ حمقاء
______________________________________
هل خاب ظنُّكم في دارين عندما تلصَّصت على زوجها؟
هل ما فعله إياد يعدُّ خيانة؟
أتكفي مصيبةٌ لإفسادِ علاقة؟ أم أنَّ طبيعةَ ذلكَ الانسانِ _الطرف الآخر_ سيئة منذُ البداية؟
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top