~الفصْل الثَّاني: جرِيمَة~

لمْ أقِفْ مكْتوفةَ اليديْنِ بلْ فتحْتُ البابَ و خرجْتُ منَ المنْزِلِ راكضةً لوحْدي في الشَّارعِ و في الظَّلامِ الدَّامسِ الذِّي لا أخافُه، بلْ أشعرُ بالأمانِ بداخلِه...أمانٌ يفوقُ ذاكَ الذِّي يمنحُني إيَّاهُ أَبي

على الأغْلَبِ سيأْخذُونَ رسيلْ إلى مصْنَعِنا القديم المهْجور

نعمْ مصْنَعُنا...فنحْنُ أثرياءٌ وُلدْنا بملاعِق ذهبٍ مُحْتواها سمٌّ قاتلٌ في أفْواهِنا، ترُجُّها الحياةُ كلَّ مرَّةٍ لتُجْبِرنَا على تجرُّعِه...و الحصُولِ على موتٍ بطيءٍ إجباري

~

~

كنتُ على حقٍّ فهاهُمْ هُنا، محيطونَ بأُخْتي و كأنَّها هي الجانيَة و هُمْ المحقِّقون، و ما صدَمَني و دفَعَنِي إلى الرَّكْض نحْوَهُمْ و اخْتِراقِهِمْ متَّجهةً إلى أخْتي المسْكينَة كانَ وقوفُ ريَّانْ معَهُمْ...مُشكِّلًا حلقةً من تلْكَ السلسلَةِ التِّي تطْمَعُ إلى ترْهيبِ شقيقَتي أيَّما ترْهيبٍ قبْلَ عقابِها

«اذْهَبي! عودِي إلى المنْزِل!»

تصْرُخُ رسيلْ بوجْهي و قدْ تلبَّسها الفزَع

«لنتحدَّثْ..رجاءً تكلَّمي و دافِعي عنْ نفْسِكِ»

أُمسِكُ بوجْنتيْها و أُحاولُ تهدِئَةَ نفْسي قدْرَ المُسْتطاع ،لكنَّها تستمرُّ بالإيماءِ بالرَّفْض...و الصُّراخ بهستيرية

كلَّا رسيلْ! رجاءً لا تفْعلي هذَا! هذا ليسَ الوقْت المُناسب لأكونَ أنا الرصينَة بيْنما أنتِ هي المجْنونَة! هذا ليسَ منْ شيمِك!

يدانِ تسْحبانِني و قُماشةٌ توضَعُ على فَمي لإخْراسِي، أُلْقي نظرةً على الفاعلِ بالتفاتةٍ من رأسي ليتبيَّنَ أنَّهُ ريَّانْ، و وقتها سقطَتْ دفاعاتُ هدوئي و ضربني الجُّنون

أُحاولُ مقاومتَهُ قدْرَ اسْتِطاعَتي لكنَّني مجرَّدُ عاجِزَة، و لسْتُ بمنافسَةٍ لهُ

يستمرُّ بسَحْبي إلى الخلْفِ و إبْعادِي عنْهُمْ و عنْ مشْهَدهِمْ القَذِر...كالطَّائِفَةِ الدينيَّةِ ذاتُ الأهْدافِ الفاسِدَة

يقِفُ في مكانٍ يسْمَحُ لِكِلَيْنا برُؤيَةِ ما يجْري بوُضوحٍ، أشعرُ برجْفَةٍ في يديْه، يستمرُّ في نُطْقِ كلِماتٍ مُبْهَمَةٍ لإخْمادِ بُرْكانِي و لكنَّه يشْعلُهُ أكثرَ و أكثَرَ

تأتأةٌ و محاولاتٌ لالتقاطِ أنفاسهِ...مثيرٌ للشَّفقَة و هوَ العاجِزُ هُنا..هوَ المجرِمُ الأبْكَم! ينهشُهُ الذَّنبُ منَ الدَّاخلِ بقَسْوَة

يتناوَبونَ على ضرْبِها أمام عينيَّ، ينْعَتونَها بأقْذَرِ النُّعوتِ التِّي مسَّتْني كما فعلَتْ معَها

يُشْعِرونكَ بالذَّنْبِ رغْمَ أنَّكَ بريء، يُقْنِعونكَ بأنّكَ آثِمٌ و مُدنَّسٌ

ينْتهي الأمرُ بخروجِها عن السَّيطرَة و تناوُل سكِّينٍ رموه بجانبها عن عمْدٍ، لتبْدأَ بقطْعِ شرايينِ يدِها

ليْسَ جُرْحًا واحدًا أو اثنيْن، بلْ العديدُ مِنْهُمْ، بحيْثُ أنَّني صِرْتُ عاجزةً عنْ العدِّ، كمثَلِ يدِها التِّي صارَتْ عاجِزةً عن الامْتثالِ إلى الشِّفاءِ

تُرَدِّدُ مع كُلِّ قطْعٍ تُحْدِثُهُ في نفْسِها أسْئلةً إنكارِيَّةً بصوْتٍ عالٍ الهدفُ منْهُ هوَ إسْماعُ الجميعِ ما تريدُ قولَه...حرفيًّا الجَّميعُ لا عائِلَتُنَا فقَطْ

«أهذَا ما تريدونَه؟!»
«أهذا ما يُسْعِدُكُمْ؟»
«تشعرونَ بالقوَّةِ الآن؟!»
«هذا هوَ مفْهومُ الرجولَة؟!»

تنزِفُ كثيرًا و همْ واقِفونَ أمامها كالأصنامِ، تفقِدُ وعْيَها بعدَ نوبَةٍ تمكَّنَتْ مِنْها،و...تُسْحَبُ روحُها من جسدِها تدْريجيًّا

~
~

توقَّفْتُ عنْ الصُّراخ...توقَّفتُ عن المُقاومَة...توقَّفتُ عن لعْنهِمْ، رغمَ أنَّ القُماشةَ شوَّشتْ عليهمْ ما يقولُ فبدوتُ كالكَلْبِ السَّائِبْ

صرتُ أُراقِبُ معهُمْ موتها، آملَةً أنْ تنتقلَ بسرعةٍ إلى عالمٍ أقلَّ وحشيَّة

صرتُ مشاركةً في الجَّريمَة

~~___~~___~~___~~___~~___~~___~~__~

رأيكُمْ في شخصيَّة دارينْ؟

أيّ نقْد أو توقعات؟

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top