المرافعة الثانية (عدوة نفسها)
بقلم نهال عبد الواحد
سيدي القاضي، حضرات المستشارين، السادة الحضور...
أرى تساؤلاتكم المختلطة بدهشتكم محتلّةً ملامحكم؛ فكيف جِئتُ للدّفاعِ عنهنّ وطالبتُ بزجهنّ خلف القضبان؟!
لكنّ النّفس أمّارةٌ بالسّوء، فلم تكن أيهنّ مجرد مجنيّ عليها بل جانيةً أيضًا وعدوة نفسها.
فهذه أهملت دراستها بدافع أنها خُلقت لتتزوج فلا داعٍ للدّراسة، فلماذا تحاصرين أحلامك فقط في حلم الزوجية والفستان الأبيض؟! بالطّبع هو حلم مشروع ومناسب لوجودنا على هذه الأرض؛ فقد خُلقنا لنعمّر الأرض لكن ليس بالتّناسل أعدادًا فحسب، بل مواطنين صالحين!
فالمجتمع بحاجةٍ لوجودِ طبيبة، ممرضة، مهندسة ومعلمة و... وما أكثر المجالات التي بحاجة لوجودهنّ فيها! والمجتمع بحاجةٍ لأمهاتٍ واعيات متعلّمات تواكبن التّطور وتعي بأسس التّربية التي تلائم كل ابن من أبناءها.
بحاجة لمزيدٍمن النّضج والفهم لتدرك معنى الزّواج، حقوقها وواجباتها وليست مجرد طفلة تأثّرت برومانسيات أميرات (والت ديزني).
أما هذه فلم تهمل دراستها فحسب، بل فرّطت في نفسها وأهدرت كرامتها ركضًا خلف شابٍ ما تخيّلت أنها تحبه وهو يهيم بها عشقًا دافعةً بنفسها داخل تجربةٍ غير مؤهلةٍ لها، فكيف تُجنى ثمارًا لم تنضج بعد؟!
إن لم تلقي بنفسها وسط براثن ذئاب!
وغيرها رضيت بالإهانة والذّل من المسمى بزوجها مدّعيةً هي وأمّها أنه حقه؛ فهو الرّجل... عذرًا فليس كل ذكرٍ رجل، فالرجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وأين هذا العهد؟! وقد قال وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرا.
أعترض حضرة القاضي! فحتى الحقوق لا تعرفنها، تصحن أن الرجال قوّامون على النساء، وما علاقة القوامة بالذل والإهانة؟! فالقوامة ليس فقط قائم على شؤونهن بل قوّامًا أي حاميًّا راعيًّا، أي أعطيتيه حقًّا غير حقه.
وهناك من رضيت أن تأخذ دور زوجها فتكدّ وتنفق وتتركه يستولى على عرقها ويستغلها أسوأ استغلال والتي رضيت أن تتزوج دون مهر وتنازلت عن حقوقها باسم الحب أو هربًا من تأخرها في الزواج، فبليت نفسها ببليّة كبرى.
أما الكثيرات فلا تفعلن إلا التطلع إلى حياة الأخريات تحقدن وتحسدن وتعد عليهن أنفاسهن غلًّا وكيدا! كيف تكون فلانة أفضل مني؟ كيف ارتقت ونجحت؟ لو فعلتها كنتُ سأتخطاها بمراحل... إذن فلِمَ لم تفعليها؟ لماذا لم تختاري طريقك السليم منذ البداية؟ لماذا لم تكدّي وتتعبي كي تنجحي؟ فلم نرى نجاحًا دون تعب.
لماذا لم تحسني اختيار زوجك بدلًا من الحقد على غيرك والشعور الدّائم بالحسرة؟!
لكن مهلًا! ماذا تعرفي عن تفاصيل حياتهن كي تحقدي عليهن؟ هل تعلمي ممَّ عانت أو جوانب حياتها؟ فإن كانت متميزة في مجالٍ ما فأنتِ متميزة في غيره لكن بحاجة إلى النظر والبحث داخلك بدلًا من التجسس والبحث في حياة الأخريات.
هن المجني عليهن والجانيات في آنٍ واحد، عدوات أنفسهنّ!
ولنقابل الطّامة الكبرى، وهن صاحبات الأقلام، من تركن جميع الأفكار والموضوعات وركزن على موضوعٍ بعينه، تعذيب وإهانة المرأة بشتى الصّور جلبًا لآلاف وملايين المشاهدات وهن جيلًا تحت السّن، عُبثت بأفكارهن حتى شُوهت تمامًا لنحصل على جيلٍ أسوأ، مقتديات بعنف الأبطال وقد صار هو الصورة المثلى لبطل الأحلام، ساديًّا يلطمها ويعنّفها وما أجمله لو كان مغتصبًا!
فلم تدمّر الواحدة نفسها فحسب بل ساقت خلفها قطيعًا من المشوهات فكريًّا ثم المعذّبات من اتبعن خطاها بكل دقة حتى سقطن في قاع الذل والهوان.
وبعد هذا كله تصرخن بصيحات المظلومات المنكوبات الباحثات عن من يدافع عنهن وكل واحدة لها بدل اليد أيادٍ لما صرن إليه.
مع كل أسف سيدي القاضي أسوأ الأعداء من كان عدوًا لنفسه فليجني ما اقترفته يداه، لا أدري بأيِّ حكمٍ أطالب، لكني أطمع في عدالة حكمكم...
-الحكم بعد المداولة، رُفعت الجلسة-
Noonazad 💕💗💕
ChickLitAR
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top