الفَصل السابِع - الجولة الثانية.

《عالقون وسطَ متاهةٍ دموية.》

•••

"- هل ترحبان برفيق؟".
صوت خافت تسرب لأذني هيومين وميريل المستلقتين أسفل شجرة وأمامهن شعلة نار توسطت دائرة الرفاق التسع عشر الذين تفرقوا ذاهبين لأخذ قسط من الراحة داخل المنزل.

"- بالطبع سيهون تعال هنا".
رحبت به هيومين بابتسامة مربتة على بقعة جاورتها ليتقدم جالسا هناك ولم ينسَ محاوطة رقبتها ساحباً إياها نحوه بقهقهة وهو يبعثر فروة رأسها بيده الأخرى.

"-مُتحابان؟".
سألت ميريل التي كانت تحدق بصمت بهما مبتسمة إثر تلك الرفرفة التي افتعلها قلبها للطافة المنظر.

"- كلا نحن كالأشقاء، أشعر أنها ابنتي".
أجاب سيهون تسائلها بعدما تبادل مع هيومين نظرات وقهقهة مذ أن الجميع يعتقد أنهما أحباء، هما فقط يتوافقان رغم اختلافهما.. تلك الرابطة بين الإخوة هما التمساها ببعضهما.

"- لا! تبدوان لطيفين معاً".
بعبوس تذمرت ميريل متخبطة في مكانها للطافتهما سويا.

"- ليست نوعي للأسف".
قال سيهون وهو يقرص أرنبة أنف هيومين عذراً أقصد يقتلع أنفها كاملاً.

"- أكرهك!".
تذمرت هيومين بألم وهي تسدد ضربات بكفها الهلامي نحو معدته.. بدت وكأنها تربت على وسادتها قبل النوم، هذا ما شعر به سيهون بدل الألم.

"- لمَ لستما نائمتين؟".
ثوان من تذمر هيومين ليوقفها مستفهماً عن سبب استيقاظهما، صحيح أن الوقت لم يتعد الواحدة بعد منتصف الليل إلا أن الجولات تبدأ في تمام الرابعة كما ذُكر في استمارة اللعب لذا وجب أخذ قليل من ساعات الراحة.

"- ألذات السبب الذي يؤرقك".
أجابت ميريل محدقة بسيهون بابتسامة لطيفة جاعلة اياه يتساءل مجدداً عن سبب خوضها أمراً مروعاً كالذي تخوضه برفقة جماعتها.

"- هل تشاركانني عدم الراحة لذلك الجونهي ورفاقهما؟".

تحدث سيهون عن ما يؤرقه فهو لم ولن يثق برفاق هذه اللعبة، بالإضافة الى المُلثمين هناك شخصان يقلقه تواجدهما حول رفاقه فهم غريبي الهيئة والحركات... مليئة بما هو مجهول لكنه مثير للريبة، كمن ينتظر فرصة الهجوم لينقض بغتةً، هكذا هي نظراتهما وتلك الشوشرات الهامسة التي يتبادلانها لم تزد شكه إلا تأكيداً.

"- أنت جَديّ يا رجل! نحن فقط نحتاج هواتفنا".
قهقهت ميريل لتتبعها هيومين فهن لسبب غبي كهذا يبقين مستيقظات، لم يعتدن النوم مبكراً على كل حال.

"- تباً لكما.. لا تخبرن أحداً".
تذمر لترتغفع قهقهاتهن أمام تعابيره المقطبة، أكمل محذراً إياهن ليومئن متمثلات لطلبه بهدوء.

"- هل بيك يعلم؟".
استفهمت هيومين فلن يفوت بيكهيون الفطن أمرا كهذا إضافة الى أن سيهون لن يخفي شيئاً عن بيكهيون فهما ملتصقان منذ الأزل.

"هو من أثار انتباهي نحوهما منذ البداية".
أجاب ببرود وهو يعبث في التربة بواسطة غصن صغير.

"بيك هو ذلك الفتى ذو النظارة؟!".
سألت ميريل بهدوء عن بيكهيون الذي لفت انتباهها هدوءه وتيقظه ذات الوقت.

"أجل، ألا يبدو وديعاً ولطيفا؟!".
أجابتها هيومين لتسأل الاخرى وهي تبتسم لذكرى لطيفة مرت في ذهنها.

"هو يبدو لي ذلك النوع من الأشخاص.. بهيئة ملاك ودهاء شيطان".
قالت ببطء مستذكرة تحليلها لذلك البيكهيون.

"خطيرة يا فتاة، رغم هذا يبقى ألطف رجل يمكنك مقابلته في هذا العالم، نبيل بكل ما تعنيه الكلمة من معنى".
بحالمية بدأت هيومين قولها لتنهيها بحدقتين لوامع تناظر اللامكان وابتسامتها توسعت أضعاف السابقة.

"ألم تتخطيه بعد هيومين؟!".
استفهم سيهون بعد صمت ونظرات تبادلها سيهون مع ميريل تخص هيومين الشاردة بلطف وعينين لامعتين، أخرجها من شرودها حيث عالمها الوردي.

"أن يرفضني ليس بالضرر سأعيد المحاولة مرة أخيرة حينما أخرج... إن لم أفعل.. قم بلكمه من أجلي".

بررت مجيبة تسائل سيهون الذي ارتاب وقلق لآخر قولها مع نظرات اليأس التي ظهرت موضحة ثقتها الركيكة بما يسمى خروجاً، هي ستحاول على كل حال، قد يكون تفكيراً غبياً بالنسبة لشخص يخوض مباراة ضد الفناء لكنها فكرت في أنها ستكون سعيدة إن رحلت بينما هو قريب.. لا تطمع إلى الكثير منذ البداية، الاكتفاء سِمة حسنة على أي حال.

"ليس هكذا يا امرأة! لا يوجد ما يسمى صداقة بين رجل وامرأة لذا تفائلي".

ميريل تحدثت مربتة على كتف هيومين مبهجة إياها فهي تحدق بصمت حيث سماء شطبتها قضبان القفص الذي يتوسطونه بينما سيهون العاجز عن الرد على مثل كلماتها استنجد ميريل التي لبت بسرعة.

"أنتِ تحبين كريستوفر، ماذا بعد؟".
بسخرية نطقت هيومين وهي تجلس محدقة بميريل التي التفت نحو الأعلى واضعة كلتا ديها مسنداً لرأسها.

"هو معجب بأحداهن بالفعل.. شهاب! تمنوا أمنية".
أجابت بهدوء خاتمةً حديثها بشبه صراخ متحمس وهي تطبق قبضتها تزامناً مع جفنيها متمنية بصدق.

"لم كل هذا الحماس".
تذمر سيهون الذي أجفله هتافها.

"بالطبع سأتحمس بشدة رغبت بأن أتمنى تلك الامنية على الرغم من أنني أعلم أنه فات الأوان عليها.. والشهاب المحقق للأماني أسطورة غير صحيحة".

بشرود في سماء الليل المظلمة تتبعت عيناها ذيل ضوء الشهاب من فوقهم تحدثت وتنهدات مثقلة غلفت كلماتها.

"أتمنى لو أنكم فعلتم ما تريدون مسبقا.. قبل الخوض في هذا، هيومين وكريستوفر كلاكما غبي، لو اعترفتم قبل دخول هذا الجحيم لكان أفضل.. لن يخرج الجميع البعض سيعاني وحدة مدماة والبعض الآخر سيتحرر وهو مقيد بأغلالِ لا مرئية.. جميعنا خاسر، فقط لو أنكما اعترفتما مسبقاً".

بدت متحسرة وهي تلقي كلماتها المتقطعة وكأنها تتأمل ما تقول، تشدد عليه عله يصبح حقيقة.. يعود الزمن ليوم واحد فقط، لكن الأوان قد فات منذ مدة طويلة.

"- صُداع سأذهب لأنام".
تمتمت هيومين قبل أن تنهض دون الالتفات لأي من الاثنين الشاردين في هيئتها الراكضة أمامهم، تمكنت أبصارهم من اختراق جسدها مدركة مياه مالحة تعقم وجنتيها وأنات هربت من بين تصدعات حنجرتها وقد زادت  لتهرب الأخريات بشكل أسهل وأوضح.

"- ما كان عليك قول هذا".
نطق سيهون مؤنباً ميريل التي لم تهتم كثيراً وتلته كلاماً وكأنها جهزت ردها منذ مدة.

"ما كان عليك إيقاف إعجابك بها والتصرف كشخص مسئول عن الجميع، احمِ فتاتك فحسب".
مؤنبة الذي توسعت حدقتاه لوهلة قبل أن تعود لطبيعتها مع تشوش إثر ذلك الشعور الذي عصف بداخله، شعور أنه مسئول عن هذا.. واجبه أن يفعل ذلك!!.

"تعرفين الكثير بالمناسبة، أنا من شدّ رفاقي لما نحن به الآن، أنا المسئول الوحيد".
تحدث بداية قاصداً ذلك التفصيل الصغير بحوزتها عنه، ليكمل قوله بصوت خافت تخلل كلماته بعضاً من الهمس.

"لا أحد مسئول عن أحد سيهون".
عارضت قوله بشدة بينما هو بحق مستغرب ردة فعلها الانفعالية وإصرارها هذا!

"ما مشكلتكِ ميريل؟!".
سأل عن خطبها وسبب ذلك الإصرار.

"آسفة، أنا فقط أقول لك ما أحاول إقناع ذاتي به لكنني لا أقتنع".
همست محدقة نحوه و عيناها اكتسبت بريق الحزن مع لمسة الخوف وسطها.

"- لا بأس ميريل، على الأقل نحن نعلم ما ستؤول إليه الأمور".
تحدث مواسياً اياها بهمس وقد شوهت نبرته ذلك الحزن والخوف.

"- هيا، لنذهب إلى النوم لم يتبق إلا ساعتين".
بعد صمت قصير المدة نهض ماداً يده نحوها لتتمسك بها ناهضة  وبخطوات متزامنة هما مشيا حيث المنزل.

..

"- صباح الإزعاج".

نطقت داميون التي كانت آخر من استيقظ إثر صوت الصافرة المزعجة تلك وأغنية أصوات الدجاج التي استخدمها سافل ما لإيقاظها.

"- من ذلك السافل صاحب الدجاج سأقتلع أنفه ال...".
بعينين منتفخه إثر النوم وخطى متعثرة قالت داميون بينما تتقدم لذلك التجمع الصغير أمامها.

كادت ميريل أن تتحدث موضحة، لكن اخترق آذان الجميع ذات الصوت الذي استيقظوا عليه -أصوات الدجاج المقرفة تلك-.
باغتتها كما هم جميعا تلك الموسيقى المزعجة.

جثت داميون أرضاً واضعة كفيها على أذنيها مانعة ذلك التلوث السمعي من إدراكها لتجلس على ذات الوضعية بتعابير متململة وعينين تطلق أشعة قاتلة وجهتها إلى مارسلين التي تقفز  وكأنها في إحدى الحفلات على ألحان تلك اللعنة.

"- آسفة لطيفتي".

تحدثت مارسلين بعدما توقفت عن الرقص -القفز مثل الكنغر- ملتقطة الحذاء الطائر الذي حلق نحوها من ناحية داميون التي اشتعلت حدقتاها بالفعل.

بقدر ما هي لطيفة وتبدو مسالمة إلا أن غضبها يأتي بغتة لأتفه الأمور وها هو يظهر، هي ستكمل يوما كاملاً بمزاج عفن كهذا.

"- صباح الخير يا حفنة الدجاج".
من ذات مصدر صوت الدجاج اللعين جاءت تحية الصباح تلك بصوت مقرف لداميون ذات المزاج العفن.

"- لعنة الدجاج اللعينة عليك أيها اللعين العفن".
صرخت داميون بغضب غير مبرر وهي تعاود ارتداء حذائها الذي حلق من ناحية مارسلين نحوها.

"- قطتنا مختلطة العرق غاضبة، آسف لطيفتي يبدو أنكِ حصلتِ على صباح سيء".
بسخرية ذلك المجهول ناطقاً خاتماً كلامه بقهقهة ساخرة.

"- ليس بعد الآن".
ومجددا حلق حذاء داميون نحو مكبر الصوت أعلى  الشجرة محطما إياها فرمية فتاة كرة السلة ليست بالهينة وحذائها أشبه بحذاء الشرطة اليفدرالية، ثقل وضخامة.

"إلهي أنتِ حقا غاضبة.. هذا خاطئ يا لطيفة فأنا أعاني من متلازمة جديدة وهي أنني أغضب تبعاً لغضب من هم قربي، لا أنصحكم بالغضب لأنه سينتقل لي كالعدوى، وغضبي ليس بالهين رفاق".

صوت مظلم اتضح عليه معالم الغضب أصدرته بقية مكبرات الصوت المنتشرة في كل مكان، داميون لم تحطم إلا واحدة من بين المئات!!

"اهدئي يا امرأة".
تحدثت هيومين وهي تخطو نحو داميون التي تلهث بغضب وجه محمر وأنفاس حارقة كالتنانين، مجددا.. غضب هذه الفتاة رغم قلته إلا أنه كالنار المنبثقة من أحد أبواب الجحيم.

"لا نملك اليوم بطوله الجولة الثانية تسبح أسفلكم داخل أسماك مُكهربة تبعثر أعصابكم وتَهُد عظامكم فوق بعضها وسأمتع ناظري بالطبع".

تحدث من يقبع خلف مكبر الصوت بابتسامة جانبية أحاطتها الظلمة كما أحاطته ظلمة تلك الغرفة التي لا يضيئها سوى شاشة كبيرة مقسمة إلى مربعات تظهر من توسطوا غابة الضياع تلك.

"ماذا يقصد؟!".
تحدثت فيكتوريا مستفهمة عن مقصده فهي والجميع كما توحي تعابيرهم لم يفهموا شيئاً!!

"سهلة، تسبح.. أي هناك".
تحدث أحد المُلثمين مشيراً ناحية شبيهة النهر بهيئتها الطويلة ومياهها الجارية مع انعكاس صورة أوراق الاشجار أعلاها التي أكسبتها هيئة مُخضرّة.

"ستكون من نصيبي".
تحدث أحد المتسابقين المتبقين الذين شكلوا جماعة آخرى، تحرك نحو النهر ليقفز داخله بغية الحصول على ما توسطها ألا وهو، صندوق معدني مؤكد أنه يحوي غايتهم.

ولكن لا!

"أسماك مُكهربة.. النهر متصل بمصدر كهربائي، أي أن من يقترب دون حماية سيلقى حتفه كالمتسرع هناك".
تحدث المُلثم الآخر وهو كالجميع يحدق بصدمة بذلك الذي تقلبه الكهرباء وسط المياه المشحونة وكأنه حبة ذرة تتحول إلى فشار!!

"أيها السافل اللعين!!".

صديق ذلك المسكين الذي اسود جسده بفعل الكهرباء وابتلعته مياه النهر بشكل غريب، فهي ليست بذلك العمق ليغوص داخلها بذلك العمق، تهجم على الملثم الذي أشار نحو النهر منذ البداية وقد انهال عليه باللكمات بينما يستقبلها بهدوء مانعاً رفيقه من التدخل.

"أأنهيت؟!".

بصق الدماء التي ملأت فاهه رافعاً جزءًا من لثامه قبل أن يقول ذلك مقهقهاً، هو كان حريصاً كل الحرص على لثامه وهذا ما أثار ريبة المتبقين وسط ذلك الشجار، هو ببساطة قادر على تحطيم عظام ذلك الرجل فبنيته وعيناه تظهر كل شيء عدا الضعف ولكن، وبوضوح هو كان قلقاً على لثامه المُدمى.

"ليس كما لو أنك ستبقى الصديق الجيد ولن تقتله عندما يتوجب عليك حماية نفسك.. وصديقتك التي لن تمانع قتلك بالمناسبة".
وسط لهاثه أعاد رأسه مريحاً إياه على الأرضية الترابية أسفله قائلا الاخيرة وهو ينظر نحو فتاة شقراء بادلته ببرود وصمت.

"ابن العاهرة!!".
شتم مجددا وهو يلكم الملثم الذي ولسوء حظه يضع ذكر والدته ضمن المحرمات.

"أنت مغناطيس للمشاكل يا رجل".

الملثم الآخر قال ذلك بسخرية موجهاً نظره نحو الشاب الذي أصبح اسفل صديقه ويتلوى بألم أسفل تلك اللكمات التي تبدو وكأنها صادرة عن قبضة خرسانية!!
وبالفعل تمت إعادة تشكيل ملامح الفتى.

"والدتي تنعم بحياة هادئة في منزلها، أحذرك من إحضارها لهذه القذارة".
تحدث بصوت رافقه لهب غضبه وكخاتمة قرر إعادة أنفه لمكانه الأصلي بعد أن أدار غضروفه بأحد لكماته جاعلاً من الفتى ينام مؤقتاً أو ربما يموت، ليس مهتماً كما الجميع.

"شكرا على إنهائك هذه الدراما سريعا ".
سخرت الفتاة الشقراء بهدوء وهي تتكئ على الشجرة خلفها بذات الملامح الباردة لرفاقها.

"حسنا، كيف سنصل له؟!".
تساءل سيهون مشيراً لذلك الصندوق الذي توسط مياهاً مُكهربة.

"سهلة.. اخلعها".
تحدثت داميون التي بدأت بلمس سُتر الجميع وتوقفت عند سيهون قائلة جملتها مشيرة لثيابه العلوية قطنية القماش.

"ماذا؟!"
بغير فهمٍ استفهم عن مقصدها بينما رفعت قميصها بملل موضحة له كيف يخلعه.

"ماذا تفعلين؟!".
انتفض عندما ظن أنها ستخلع ثيابها، لم يعهدها بهذا التهور من قبل!!

"أحمق إن لم تعطني قميصك سأستخدم الخاص بي لأن كلاهما قطني، سيشكلان عازلاً بين الكهرباء والمعدن وهكذا سنحصل على الصندوق.. وتستطيع التباهي بجسدك العلوي أيضا مازال هناك فتيات هنا".
شرحت بملل وسرعة وفردت يدها آخر كلامها مطالبة بقميصه الذي خلعه بالفعل ومازال يحدق بغرابة.

"ناوليني أحدى ألعابك لطيفتي.. يفضل أن تكون طويلة".
وهي تلف قميص سيهون حول يدها اليسرى تحدثت داميون موجهة كلامها إلى مارسلين التي رمت نحوها بسلاح رشاش بسكينة في مقدمته، التقطته داميون بكلتا يديها لتبدأ تثبيته في كفها الأيسر المغلف لتتقدم نحو النهر.

"أحتاج لشخصٍ طويل.. كريستوفر".
تحدثت وهي تستدير ولأن الجميع طوال القامة هي حددت الأطول بينهم ليتقدم نحوها ممسكاً ذراعها اليمنى كما طلبت وبدأت تتمدد محاولة جذب الصندوق الذي تقدم قليلاً ناحيتهم.

وسط أنظار الجميع القلقة وأنظار من يقبع خلف الشاشة الضخمة مصفقاً لأفعال من يحاولان بجهد الحصول على الصندوق وقد حصلت عليه بالفعل بعد شتيمة أطلقتها داميون ظنناً منها أنه قد أفلت من السكين الصغيرة المثبتة في مقدمة السلاح.

"ابتعدوا عن الشجرة قليلا".
قالت وهي تسحب الصندوق خارج النهر ليمتثلوا  وكا لو أنه كرة بيسبول قامت بضربه بقوة ناحية الشجرة محطمة اياه ليظهر ظرف أحمر كان قد توسطه.

"لست أتفاخر بالفعل يوجد داخله دائرة كهربائية مُفعلة طاقتها قوية، مئتي واط.".
قبل أن تسخر فيكتوريا وضحت داميون جاعلة الأخرى تتراجع عما كانت ستقوله.

"قميصك، انتهى العرض للاسف يا فتيات".
تحدثت رامية قميص سيهون نحوه.

"هناك خزعبلات لم أفهمها هنا".
رمت فيكتوريا بالورقة التي توسطت الظرف نحو ميريل التي بدت مركزة بما تقرأ بينما بيكهيون يشاركها.

"الجولة الثانية تبدأ في دخولكم طريقاً ملتوية بيضاء ستحمر قريباً، الأذكياء فقط يتجنبون حد السكاكين بخصوبة أفكارهم وخُضرتها، لعبور هذه الجولة قلصوا عددكم إلى خمسة عشرَ لاعباً".

قرأت هيومين ما كُتب وهي الأخرى لم تفهم.

"أعطني قليلاً".
قال الملثم وهو يتناول الورقة منها بيده التي لم تجف دماء شاتم والدته عليها بعد.

"هناك تكملة.. أنا متأكد".
قال رفيقه الملثم هو الآخر متناولاً الورقة منه.

"بالضبط.. انظروا هنا".
تحدثت داميون التي خطفت الورقة صافقة إياها في وجه الفاقد للوعي والدماء أغرقت ملامحه.

"هناك حروف بدأت تتضح، شكراً لك أيتها الدراما اليابانية وشكرا لذلك الماء المكهرب لو غسلت ايها الملثم يدك، لما رأيت الرقم هنا".
صفقت داميون مكملة ترطيب الورقة بالدم السائل الذي جعل الحروف تتضح أكثر.

"سبعون خطوة نحو الأمام بداية من خلف المنزل وستبدأ المعركة اختبئوا جيداً".
هذا ما قالته داميون قارئةً ما أظهرته حمرة الدماء.

"حسنا إذن لا بأس، الأسلحة ليست موضوعة عبثاً لنأخذ بعضها لقد طورت هؤلاء".
تحدثت مارسلين مشيرة إلى طاولة الأسلحة التي انتشل منها البقية ما يحتاجون.

"حقا؟!".
استهزأت مارسلين وهي تحدق بما تحمله داميون من مجموعة سكاكين صغيرة.

"أحب الأشياء الصغيرة هي تجعل الأحداث أكثر إثارة".
أنهت حديثها بابتسامة وهي تتبع البقية متجهين خلف المنزل حسب ما أشارت المعلومات في تلك الورقة.


..

"كيف يُفتح؟!".
سألت ميريل مشيرة إلى القفل الذي حط وسط الباب المعدني محدثة هيومين مذ أنهن أول من وصل.

"هكذا".
صوت رصاصتان تبعتا قولها كاسرةً قفل الباب الذي فتح بالفعل.

"بدأتِ تفكرين بطريقة صحيحة".
ربتت فيكتوريا على كتف هيومين.

"لحظة.. أين بيكهيون؟ هو مختفٍ منذ مدة".
تحدث كريستوفر الذي رأى سيهون يتلفت بحثاً عن أحدهم كما أنه سأله بهدوء محاولا عدم جذب الأنظار نحوهم وهذا ما زاد ريبة كريستوفر نحو هؤلاء الاثنين، أين وما سبب اختفاء بيكهيون ولم سيهون لا يعرف أين هو مذ أنهما ملتصقان كالعلكة؟

"أنا هنا، كنت فقط أحصل على ذخيرة".
ظهر بيكهيون من خلف الأشجار حيث الطريق المؤدي إلى عمق الغابة.

"حسنا، لندخل على شكل مجموعات يوجد أربعة ممرات لنسلكها جميعها".
قال أحد الملثمين ليوافقه الآخر.

"لمَ ذلك؟ لم أفهم الغاية؟!".
بشك سألت داميون محدقة بهما.

"الغاية من هذا أن لا يموت الجميع، بربك ممرات مظلمة نجهل ما هيتها وإلى أين تؤدي.. ماذا لو سلك الجميع الممر الخاطئ؟!".
أجاب الملثم الآخر ساخراً وقد تقدم هو ورفيقه سالكين أحد الممرات غير آبهين للبقية.

"أقنعني، لنذهب رفاق".
قالت الفتاة الشقراء لتذهب جماعتها المتبقية سالكين ممر مختلف عن من سبقوهم.

"لنذهب".
تحدثت فيكتوريا مشيرة لذات الممر الذي سلكه الملثمان، فهي ليست غبية لكي لا تلاحظ نظراتهما وتلك الإشارات التي تبادلاها ولم يخفَ عنها أنهم تعمدوا إظهارها للجميع عدا الفتاة الشقراء وجماعتها.

"وكأنك تجلسين في دماغي".
هيومين قالت بحماس تابعة فيكتوريا التي دخلت الممر كما الجميع.

"حبة البندق في رأسك لن تسع خنصر قدمي".
سخرت فيكتوريا بملل وهي تجهز رصاصات المسدس الفضي بين يديها.

"خنصر قدمك!! إلهي كم هذا ظريف".
ضحكت هيومين بشدة وهي تضرب كتف فيكتوريا بمزاح بينما تدعي الأخيرة الألم لثوانٍ قبل أن تتقدم عليها بضع خطوات مبتسمة لسذاجة من تحاول مواكبتها.

"ما هذا؟!".
نطقت هيومين بشهقة متشبثة بمارسلين كونها كانت الأقرب إليها.

"صوت إغلاق الباب؟".
أجابت مارسلين بتسائل ساخر وهي تنفض هيومين بعيداً عنها.

قبل أن تطلق هيومين تذمراً، ضوء أحمر وصوت مزعج دوى في المكان تلاه صوت صراخ مرتعب ملأ المكان، التفت الجميع الى الخلف ليروا تلك الهيئة التي أعلنت بدء حفل تدفق الدماء.

"اركضوا!".
همست مارسلين نحو الاخرين وعيناها لم تفارق تلك الهيئة التي تتضمن طلتها قناع مرعب وفأس يحتك بالأرض مرسلاً سيول الرعب نحوهم بسخاء.

"فتيات".
قالت فيكتوريا وهي تركض دافعة من تصنم  أمامها وقد دوى صوت رصاصة أطلقتها مارسلين التي لم تتوقف رصاصتها كما ذلك المسخ الذي ما زال يتقدم نحوهم بذات القناع المبتسم بطريقة مرعبة.

"هذا لا يجدي رفاق لنهرب".
قال أحد الملثمين مشيرا لسيهون ومارسلين باللحاق بالبقية ريثما يبطئ هو ورفيقه حركة المسخ أمامهم، والذي يبدو أنه لن يتوقف، مازال يملك الكثير من الحيوات في هذه الدنيا!!

"تبا لنهرب يا صاح".
تحدث أحدهم بعدما تمكن من إصابة قدمه التي ولحسن حظهم يغلفها حذاء غير مدرع.

..

"هل أنتما بخير؟!".
تحدث كريستوفر مستفسراً عن حال الملثمين أمامه وأومئا بالإيجاب.

"لنتوغل، الغاية من هذه الجولة الخروج أحياء فحسب".
قالت فيكتوريا مشيرة إلى الممرات حولهم.

"حسنا اذن لن نكون بأمان معا نحن كُثر".
وافقها سيهون ليتقدم مع هيومين وميريل مع بيكهيون مخترقين أحد الممرات ذات الضوء الخافت والجدران الضيقة بألوان بيضاء.

داميون اختارت مرافقة الملثمين لسبب تجهله كما أنهما رحبا بها على أية حال.

مارسلين وفيكتوريا قد ذهبتا بالفعل وكريستوفر لن يفارق جانب فيكتوريا مهما بلغت من ذكاء وقوة، سيبقى يشعر بأنه يجب عليه حمايتها.

_

"تبا!!".
فزعت داميون من مارسلين التي ظهرت أمامها فجأة.

"متاهة إذن".
قال أحد المثلمين ليكمل رفيقه قائلاً :

"لنحاول البقاء معاً. "
وقد تحركوا متوغلين في خضم تلك الممرات علهم أن يجدوا المتبقين ولكن كلا!! مجددا دوى صوت الصراخ ذاك والإضاءة الحمراء وذلك الصوت لم يسر داميون ابداً!!

"هيومين!!".
همست بفزع لتبدأ الركض في الممرات تابعة صوت هيومين التي وقعت في المصيدة!!

..

"اتركني ارجوك.. كلا! لا تفعل!".

كانت هيومين تنتحب بصوت مختنق إثر تلك اليد التي تكتم أنفاسها عند رقبتها بحدقتين مرتجفة، تحاول بقوى خائرة التخلص من مسخٍ آخر يبستم بوجهه المُدمى إثر قتل الإثنين في ذلك الممر.

فضولها اقتادها كرائحة جبن أغوت فأرة ما نحو بقعة الدماء التي يظهر نصفها من ذلك الممر الهادئ، حيث الفتاة الشقراء وأحد رفاقها حرفياً تم إخراج أحشائهما!!

"هيومين!!".
فور رؤيتها داميون همست وهيومين استنجدت برفيقتها وهي تختنق وأطراف عيناها احتضنت الكثير من الدموع التي تدحرجت على وجنتيها.

مارسلين وكريستوفر لم يمهلاه طويلا فقد بدأ الإثنان بإطلاق سيل الرصاص على ذلك المسخ.

"مُدرع! صوبوا على أقدامه!".

قال أحد الملثمين وهو يصوب ناحية قدميه وقد أطاح به بالفعل، لكنه أذكى من ألا يلاحظ السلاح الموجود بجانبه وكما جميع العاملين هنا الأهم هو إكمال المهمة..
لذا ودون انتظار صوب ناحية هيومين التي سقطت فورما اخترقت رصاصة ساخنه خاصرتها وسط صراخ داميون وانتحاب ميريل التي تبعت أصواتهم مع سيهون وبيكهيون المتصنمين.

"مؤلم واللعنة".
تحدثت هيومين بنفس منقطع محدثة داميون التي سحبتها بعيداً عن ذلك المسخ الذي فجرت مارسلين رأسه تواً.

..

"إنه يبدو كخدش لكنه عميق.. ومؤلم".
تحدثت هيومين بشهقات مانعة داميون عن كشف خصرها الذي توسطتها رصاصة بالفعل!

"أيها اللعين كل هذا بسببك، أنت متفق معهم صحيح؟!".
من العدم ظهر شاب مدمى اليدين محاوطاً رقبة بيكهيون بغية خنقه وفوهة سلاحه توسط جانب رأس بيكهيون.

"ابتعد عنه!!".
تحدث أحد الملثمين وهو يوجه سلاحه ناحية الفتى.

"هه، كلا إنه لعبتي".

"هيومين!! استيقظي عليك اللعنة.. هيومين!".

داميون تهز جسد هيومين بعنف بغية إيقاظها لكن محال ليس بعد أن توقفت نبضاتها وأنفاسها!.

"لا تلعب هنا مجدداً".
قالت مارسلين التي استغلت فزع الفتى من صراخ داميون لت،صوب ناحية يده مبعدة إياه وقد أنهى سيهون أمره بدفعه للخلف كاسراً رقبته منهياً حياته، في حين بيكهيون يحدق بعينين لامعتين وملامح متصنمة إثر ما صرخت به داميون المنتحبة.

"المكان هنا ليس آمناً لنبحث عن مخرج".
تحدث سيهون وهو يسحب داميون التي استمرت بإيقاظ هيومين ذات الجسد البارد. .

"لنأخذها معنا!!".

انتحبت داميون التي تُجَر بعيداً عن جُثة هيومين التي أحاطتها بركة دماء زُمردية أسعدت من يشاهدها خلال تلك الشاشة متنعماَ بفسخ علاقاتهم واضعاً ثمن تذكرة الموت بمقدرة الجميع شرائها بمبلغٍ بخس.

..

"مرحباً".

"أهلا بك".
أجابت داميون الفتى قبل أن تحلق ثلاث سكاكين مخترقة صدره وجانب رقبته.

"أيتها ال...".
تحدث و قبل أن يكمل استعارت سلاح مارسلين بغير إذن وأطلقت رصاصاتها بسخاء داخل جسده المُدمى.

"توقفي، لقد مات".
تحدثت فيكتوريا وهي تأخذ السلاح القناص من داميون التي لم تتوقف عن إطلاق رصاصاتها الساخنة نحوه.

"داميون أصبحت شرسة".

قالت مارسلين بإعجاب وهي تحدق بالفتى الذي اخترقته رصاصات داميون التي لم تخطئ هدفها ولم تتذمر من حرارة السلاح التي لسعت كفيها وكتفها نتيجة الرمي المتواصل.

"تستمرون بإبهاري يا رفاق، آسف من أجل رفاقكم هم مؤكد في عالم أفضل الآن".

ظهر ذلك الصوت الذي بات مغيضاً أكثر من أي شيء في هذا العالم، داميون بحدقتي اللهب  رمت أحد سكاكينها وسط تلك العدسة التي أظلمت إثرها شاشة كانت تعرض صورتهم لتعمل أخرى وسط ضحكاته.

"محاولة جيدة داميونتري، انتهت الجولة بنجاح أيها اللاعبون المميزون، الآن لن أفوت لحظة واحدة من مراقبتكم اتبعوا الضوء الأبيض فهو المخرج، هناك بعض المفاجآت بالمناسبة".

تحدث منهياً كلماته بقهقهة تضمر شراً استشعره الجميع هنا، ثوان حتى أظلم المكان وضوء أبيض فقط أضاء الممرات والذي يدلهم على مخرج حسب قول ذلك المجهول.

هل يتعمد جعلهم يمرون وسط برك الدماء تلك؟! بالطبع نعم،
تحطيم قلوبهم أولا ليحطموا أجساد بعضهم البعض، هذه هي سياسة اللعبة وما يشبهها..

حتى أن العالم بات يخضع لهذا البند.. الذي يضمن خروجك رابحاً بكفين قذرة بحمرة شنيعة كانت سبب فوزك المؤقت وخسارتك الدائمة لنفسك.

"سأنتقم، كوني بخير".

ساحباً عقداً توسط عقفها المزرق قال بيكهيون مغلقاً عيني هيومين اللتين لم يجف ماؤهما بعد، كل ماكان يفكر به هو؛  وسط زحمة الخلق لمَ يبدأون بفض تلك الزحمة إلا بفتاته مفنين إياها؟

هي فقط كانت فاتحة لدمائهم المسفوكة لا محالة، وقلوبهم التي تصلبت إثر مشاهد القتلى الذين تتحاشاهم أقدامهم  وأختام الدماء التي تطبعها أحذيتهم تاركين بصمة بدت كتوقيع على أنهم تخلوا عن بشريتهم، إنسانيتهم..

بدت كإعلان عن تحولهم لمسوخ ضد من يقف أمامهم تماماً كالذين أراقوا دماء أشخاص تركوهم خلفهم.
هل سيكونوا مسوخ فيما بينهم؟

ينهشون جثث بعضهم؟!


•••

انتهى.

انطباعكم عن الفصل واحداثه؟
فناء هيومين؟
أي نقدٍ او ملاحظة؟

دمتم في حفظ العظيم♡.

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top