P7

مبعثر 7
*
*
*
لا تغفل!
أنت في الأشهر الحُرم ؛ كبر، هلل، سبح، إستغفر.
"واذكُر ربَّك في كلْ وقتٍ وحين."

"يا مدبر الليلِ والنهار بدل ضيقي لفرج وعجزي لقوة وأحلامي لواقع واخرجني من حولي وقوتي  إلى حولك وقوتك
وقُل لما أتمناه من أمري أن يكون بإذنك فإنه لا يُعجزك شئ في الارض و لا في السماء.

﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا
تَسْلِيمًا﴾ ﷺ

........

لا تنسوا الڤوت و الكومنت بين الفقرات لُطفًا أعزائي ❤️🦋

استمتعوا 💙🦋

.

.

.

يفترش الأرض بالقُرب مِن أخته التي ترسم في كُرساتها، و قد تبسم لحماسِها و شغفها أثناء الرسم، و لعددِ ما كان مُندمجًا معها لم ينتبه لدخول والده إلى المنزل مُصطحبًا رفيقِه معه و قد جلسا سويًا خلفهما على الأريكة بينما كان مروان يُناظرهما بخفة بينما يتحدث مع فهد الذي كان يُراقب كذلك الوضع بين صديقِه و نظراتِه نحو إبنَيّه.

أمال فهد برأسِه لـِ مروان بنظرة عابثة أدركها المعني ثم نهض تاليًا يقترب مِن الفتى و أُختِه حيث جاورهما مما جعلهما ينتبهان إليه  و سرعان ما عقدا جبينهما و أكبرهما يسأله بنبرة مُستنكرة:
" مَن أنتَ؟ "

هنا ابتسم المعنيّ و قد ربت على كتف ساجد قائلًا بـهدوء:
" ألا تذكراني؟ .. كنت في فريق الانقاذ الذي ساعدك يا ساجد حين سقطت في البِركة. "

و توسعت عينيه حين مرور ذاكرتِه لذلك اليوم، و أجل! .. لقد لمحهُ حين فتح عينيه ، و لكنه ظل صامتًا مرتبكًا من التحدث ثم وجد والده يُخاطب فهد بنبرة هادئة:
" فهد دعهما وشأنهما .."

_" أجل!  "
اقتنع المعني و قد عاد ليجلس مقابل والدهما بينما تنهد ساجد و نهض حين تذكر موعد دوائِه ، غادر نحو غرفتِه مع رنين هاتفِه .. رد مُبتسمًا و هو يدلُف إلى غرفتِه:
" اهلاً سديم؟ .."

أتاه صوته مُتحمسًا:
" بما أننا انتهينا من الامتحانات، ما رأيك بـِ نُزهة؟ "

همهم مفكرًا ثم قال بتفكير بـ تردد :
"ليست فكرة سيئة، سأخبر والدي عن الأمر و سوف نُحدد موعدًا. "

" حسنًا سأنتظر ردك. "

أغلق هاتفه و انتقل نحو دوائِه ليتناوله بينما يفكر بكل ما حدث معَهُ لكنه رماه خلفِه ، ثم تذكر أن اليوم والدتِه في عملها بينما هناك ذلك الصديق مع والده ، أينتظر قليلًا أم ماذا يفعل؟ .. هل أصلًا سيُوافق أبيه؟ .. حسنًا لا بأس بأن يُجرب؟

و بينما يُفكر سقطت عيناه إلى ما خارج نافذته المفتوحة ليجد أن السماء تفكر بانهمار أمطارِها لهذا اليوم، انهم بمنتصف فصل الشتاء بالفِعل و لهذا الأجواء مضطربة!

خرج مِن أفكاره ذاهبًا إلى الخارج ليجد أن الرجل قد ذهب بالفِعل ، و والده يَستعد للمغادرة بعد أن بعثر شعر طِفلتِه يُخبرها بالذهاب ،فأسرع نحوه بينما يُناديه كاسرًا حاجز الصمت بينهما:
" أبي انتظر. "

التفت مروان نحو صوت ساجد بينما يُعدل من سُترته الجِلدية تَحسبًا لأي أمطارٍ قد تهطُل اليوم، و مع توقف الفتى أمامه نطق بخفوت و قلق:
" أبي، أردت أن أستأذنك للذهاب مع رفيقي .."

" لا .."

مُقاطعته المُباشرة جمدت الفتى الذي انعقد جبينه بضيق يسأله باستياء :
" لماذا؟!! .. لقد قطعت علاقتي مع رفاقي الأخرين، و لكنه غيرهم! "

التفت مروان إليه بعد أن كاد يذهب و قد تنهد بضيق مُجيبًا بما يُفكر به:
" لأني لا أثق بتصرفاتك يا ساجد، و لن أثق بك بعد اليوم .. دائمًا ما كنت أضع ثِقتي فيك و تَكسِرها! "

تلك اللحظة شعر و كأن شئّ داخلِه ينكسر،  أ يراه أبيه بـِتلك الطريقة المُخيبَة للآمال؟ .. أ لهذه الدرجة قد كسرت ثِقة والده فيه بسبب ما فعلُه؟! .. ليس و كأنه كان يُدرك خطأه،  لقد كان مَعميًا عن أي حقائق! .. بل كان يُعمِي نفسِه عنها لأجل جعل الجميع يراه! .. لكنه أخطأ و ها هو يُعاقب! و بحق! عِقاب والده صعب! .. صعب جدًا!

بطريقةٍ ما هو تراجع عن المحاولة مُجددًا ، بقى مُترددًا تَغمره خيبة الأمل من اصلاح وضعِه مجددًا، و حين وجده الأكبر هكذا التفت و تركه راحلًا .. تركه يُحدق في آثرِه و قد سُجِنَت داخل عينيه الدموع لكنه لم يُفكر بالسماح لها بالتحرر بينما يلتفت و رنين هاتفِه يعلو مُجددًا ، ثم وجده أندرو .. و رغم غَرابة المَوقف هو أجاب بصوتٍ مُتماسك حاد:
" ماذا تُريد؟ "

و استمع لكلماته التي قالها له دون أي مُقدمات جعلت عينه تتسع بذعر شاهقًا بتوتر مِما يسمعُه ليهتف بغير استيعاب:
" ما الذي تتفوه به أندرو؟! .. يبدو أنك تهذي أصلًا!!!."

و أمسك برأسه إثر الصداع الحاد الذي خالجه بينما لم تتحمل قَدميه فـ جلس أرضًا غير مُستوعبًا ما سمعَه ثم فجأة أبعد الهاتف عن أذنه و أغلقه، مُستنكرًا ما قاله أندرو للتو!

اقتربت منه سارة و جلست جواره تُخاطبه بقلق:
" ساجد ما بك؟ "

ارتفع رنين هاتفِه مجددًا مِن أندرو لكنه لم يكن له القُدرة للرد و سماع المزيد،  كان فقط يُحاول تذكر ما فعلُه ذاك اليوم معهم بينما يده الأخرى جذبت خُصلات شعرِه بورطة و تِيه تام قبل أن ينتفض حين تذكر أمرًا ما،  سابقًا بخطواتِه نحو غُرفتِه تاركًا سارة تُراقبِه بعينيها في قلقٍ ما لبثت أن ذهبت نحو هاتفها الموضوع على الأريكة لمُحادثة أحد والديها عن ما حدث بسبب قلقها على أخيها و تصرفُه!

في حين أنَّ الفتى دلف تلك اللحظة إلى غرفتِه بحثًا عن تِلك الكاميرا،  فوجدها في مكانها فوق ذاك الرَّف ، سارع في إلتقاطِها و إتجه فورًا لمكتبِه،  أخذ ذلك الفِلم من داخلها و أوصلُه باللاب خاصتِه .. ثوانٍ ثم تجمد جسدِه و عقلِه بفزع و صدمة بما يعرضه ذلك الفيديو!!!
... هنا أدرك ما الحماقة التي ارتكبها! ..  الغبي صوَّر مَشهد قتل ذاك الرجل و قد أصبح شاهدًا على الجريمة كاملة، و لوهلة تذكر ما قاله أندرو بكل هلعِه عن وجود أشخاص سألوا عليه و يُحاولون ايجاده بالفِعل و لقد كانوا يحملون السلاح! .. هذا غير أنهم كادوا يقتلونه ما لم يُخبرهم عنه! .. الغبي أقرَّ عن معلوماتِه بـكُل سهولة و ها هو واقع بمشكلة أخرى بسببهم!

أغلق الكاميرا و كل تفكيره تمحوَّر حول اخفاء ذلك الفيديو عن الأعين تحسبًا إن حدث أي شئ! .. حتى يستطيع إخبار أبيه! 

أخرج الفِلم و أخفاه أسفل السرير ثم وضع الكاميرا في مكانِها و تراجع متوترًا يزفر أنفاسه براحـ.... .

ارتفعت صوت صرخة أخته تزامنًا مع إحداث ضجة عنيفة أثرها كسرًا للزجاج جعلاه يتجمد بصدمة و قد هربت منه الدماء مِن الفزع!  .. لكن مع صرخة أخرى مِن أختِه تُنادي إسمِه حرَّكتِه مِن جمودِه نحو الخارج في أقصى سُرعتِه!

و كاد يسقط من السلم قبل أن يتوقف أعلاه و هو يرمق بأعين متوسعة عِدة رجال لم يتبين عددهم و أحدهم يُمسك بأخته في قسوة ، فتحرك مُسرعًا نحوها مع رؤيته للرجل يدفعها بغلظة نحو الأرض مُوجهًا سلاحه عليها و ...

تجمد متوقفًا و قد توقف الزمن مُكررًا في أذنه صوت طلقة النيران و هدوء أخته بعدها!

تحرك أحدهم نحوه،  لم يهتم بصدمتِه بينما يجذبه معه في غِلظة،  لكن عين الفتى لم تترك جسد أختِه الساكن بدماءٍ تَكونت أسفلها،  تتكاثر لحظتها الكثير من الأسئلة،  هل ماتت؟ .. لما لا تتحرك؟ .. أليست خائفة؟ .. لما لا تناديه و لما هي ساكنة؟! .. لما تلك الدماء تُغطيها؟!!!

الكثير من الأسئلة هطلت كالأمطار مُغرقة عقله بينما يتوقف فجأة عن الحركة مع الرجل،  لحظاتٍ حتى جذب يده من كَف المُلثم بـعُنف يدفع جسدِه المرتجف نحوها في إنهيار! .. جثى جِوارِها يرفعها بين ذِراعيه بصدمة،  و معها انهمرت كرستالاتِه بانهيار ... عانقها إلى صدرِه بقوة و كأن بذلك لن ترحل عنه! ... كان يستشعر دمائِها الدافئة تُخبره و بصدقٍ شديد أنها سوف تُغادره و لن يرها مُجددًا! 

لكن تلك اللحظات قاطعها ذاك الرجل الذي عاد ليجذبه بعيدًا عنها فصرخ بكل قوتِه أبيًّا تَركها!  ..  لكن كان للرجل رأي أخر حين رفعُه و قد فصلهُ عنها بـعُنف مُتجاهلًا حركتِه العصبية!  .. لكن الجميع تجمد بفزع و أذنِهم تلتقط أصوات سيارات الشرطة القريبة فصرخ فيهم مَن يُمسك بساجد:
" الخطة ب! ثم انسحاب ! "

تَحرك أحدهم إليه و أخرج من حقيبةٍ ما حُقنةٍ ما دافعًا بما فيها مِن سائل في رقبة الصبي بعد أن ثبتِه لثوانٍ،  فأطلق ساجد أنينًا مُؤلمًا قبل أن يجد نفسِه مُتحررًا و مَن حولِه يختفون عداه و جسد أختِه!

أحاطت الشرطة بالمنزل و قد دلف مروان مُسرعًا لتتسع عينيه بصدمة لرؤية تِلك الدماء أرضًا بينما ساجد يحمل أخته بين يديه بصمت بينما يتحرك جسده بشكل مُوتر للأعصاب!

.
.
.

الجميع بلا استثناء يجلسون في صالة الانتظار عدا  مروان الذي أصرَّ على تولِّيه مُحاولة انقاذ طِفلته من براثن الموت!

نارين كانت تُعانقها صديقتها تُحاول التخفيف عنها بعد أن هرعا سويًا من العمل بعد معرفتِهم للخبر! .. بينما فهد صديق مروان ينتظر بـجانبهِم مُتمنيًا أن يصير الأمر على ما يُرام في حين كان الهدوء المتوتر طاغيًا دون ادراكهم لما حدث! .. و هناك ذاك السؤال يشغل عقولهم ، بينما في ركنٍ بعيد لمحته نارين و هو يجلس يحرك ساقيه بتوتر عصبي، ينتظر أن يخرج أباه يُطمئِنُه على أخته بينما ملابسِه كانت مُلوثة بدماء سارة!

وجدت نفسها تترك عِناق صديقتها و تنهض ثم تتجه نحوه في خطواتٍ مُرهقَة ثم تتوقف أمامِه ، فـرفع عيناه نحوها ليشعر فجأة بسهامِ كلماتِها يدلف إلى قلبِه يُمزقه حين قالت بنبرة حزنٍ طغى عليها خيبة أملٍ و حرقة قلب أمٍ على صغيرتها:
" لقد كانت أمانتَك!! فـَ لِما تَركتها يحدث فيها ذلك؟! .. لقد كانت أختك!! .. كيف حدث لها ذلك؟! أجبني ساجد؟! أجبني؟!! "

سكتت بغضب و قهر ، بينما هو لم يعلم ماذا يقول و لكنه أجاب بقهرٍ كذلك شاعرًا بالألم داخل قلبِه:
" لما تشعريني أنني من أذيتها؟ .."

فقاطعته بعصبية و قهر:
" أجل! أذيتها! .. أنت سبب ذلك الأمر! .. كم مرة أخبرتُك ألا تسير وراء تفاهَاتَك؟! .. و كم مرة طلبت عدم .."

_"توقفي نارين! أنه إبنك! "
قاطعتها صديقتها جاذبةً إياها من مِعصمها كي تتوقف لكنها كادت تصرخ مُجددًا تحت صدمتِه من تصرفها تجاهُه لولا خروج مروان ينزع ما يرتديه بتعب و ملامحِه تدل على السكون ، فتقدمت منه بخوف ليسبقها بابتسامة مُتعَبة:
" انها بخير ."

لكنه حينما لمح ساجد تكدر وجهِه يتذكر مُكالمة سارة قبل أن يسمع صرختها المستنجدة به مما جعلته يهرع عودةً للمنزل بعد أن طلب الشرطة ..  تنهد بضيق مفكرًا، ما الذي أخفاه هذا الفتى عنه؟ .. لا يُمكن القول أنهم كانوا لصوصًا! . . هناك شئ لا يعرفُه !

" ساجد؟ "

لم يرد عليه رغم سماعِه ، فكرر الأكبر مناداتِه باستياء ليتنهد ساجد و ينهض مُغادرًا، لن يستطيع سماعِه أيضًا! .. يكفي كلمات جارحة! يكفي قسوة عليه!

" ساجد أنا أُحدثك! "

صرخ فانتفض الفتى يُحدق إليه لثوانِ قبل أن يتكلم الأكبر آمرًا بغضب بنبرةٍ حازمة:
" لا تُغادر مكانَك، لازلت لا أعرف ما الذي يحدث ."

أومأ ساجد مُستسلمًا بـوهنٍ قد أصابَه فجأة تزامنًا مع مُلامسَة كفِّه لرأسه و قد شعر بتشوش رؤيته فجأة مع أنفاسٍ ارتفعت بإضطراب يشعر و كأنه لا يستطيع التنفس، ترنح في وقفته لثوانٍ قبل أن تُظلَم الصورة أمامِه و أخر ما شعر به كان ساعدين قويين يُمسكان بجسده قبل أن يصطدم بالأرض و أصواتٍ مُتداخلة تُصيبُه بالهلع!

.
.
.

في مكانٍ أخر مجهول ..

تحركت أهدابِه تُلامس بعضها بعضًا مُنغلقة ثم ابتعدت تظهر غُمق عينيه المظلمة و مع ابتسامة رافقت تِلك النظرة، استنشق سجارِه و يده ترتفع بهاتفِه يُلامس أذنه قائلًا:
" هل نجح الأمر؟ "

و أتاه استجابة سؤالِه فتبسم يُبعد الهاتف عن أذنه و رافق بذلك نظرة لحارسِه الشخصي الذي وقف إلى جوارِه ينتظر منه الأوامر و التي قالها بينما يَرمي سيجارِه و يدعسه بقدمه اليُمنى:
" فتش ذلك المنزل و ابحث عن أي شئ يُثبت شئ على أورلاندو ، و حاول أن تأتيني بذلك الفتى لكن لا تُثير الشبهات جايسون .. يكفي ما حدث و ما فعلتوه ."

" أمرُك سيد برناند .. و ما حدث يُحاسب عليه كريس الآن ."

تنهد المعني و عقَّب:
" جيد، يُمكنك الذهاب الآن جايسون."

أومأ المعني بخفة و التفت يُغادر ، فعاد برناند ليُحدق نحو الخارج عبر زجاج شركتِه، ثم أخرج من محفظتِه صورة لفتاةٍ جميلة ، أغمض عينيه بينما يهمِس بنبرةٍ عميقة مليئة بالاصرار :
" أسف روزان ، لكني سأجده. "

****

بعد عِدة ساعات ...في المشفى ..

كان لا يزال يستلقي على السرير الطبي غارقًا في النوم ، مُتعلقًا في وريدِه محلولًا مُغذيًا، ثوانٍ حتى بدأ يفتح عينيه تدريجيًا و يده ترتفع نحو رأسِه مصدرًا أنينه المتألم! شاعرًا بوهنٍ شديد في وعيِه مع شعورٍ غير مُريح!

بجواره كانت والدتِه تجلس بينما تتعلق عيناها به في شرود دون أن تنتبه لأنينه! .

و تلك اللحظة دلف مروان إلى الحُجرة  لينعقد حاجبيه في ضيقٍ بينما يقترب منهما، و حين أصبح جوارِها خاطبها بلهجة حادة قليلًا بينما ينحنى  يُساعد الفتى على النهوض باعتدال:
" نارين! .. ألا تنتبهي له؟ "

رمشت عِدة مرات مُتفاجئة من نفسِها ثم انتفضت و قد تًملَّكها القلق و هي تراه يتلوى بحضن والده ، فسألت و قد جاورته بخوف:
" ما به؟ "

تنهد مروان و لم يُجيبها بل ترك اهتمامِه نحو صغيره و هو يُربت على خصلاته مُخاطبًا إياه برفق:
" كيف تشعر؟ .. أيمكنك شرح لي الأمر؟ "

لم ينظر له و لكنه أومأ بضعف هامسًا و قد هدأ جسده من ذاك الألم الغريب:
" بخير .. لكن هذا ألم مزعج جدًا أبي ، أشعر و كأن شاحنة مرَّت فوقي!"

أومأ مروان بتفهم بينما يُمسِّد ظهر فتاهُ برفقٍ و قد تَبسم حين شعر بهدوئه رُغم ذلك كان عقلِه يُعيد له سبب ذلك الألم،  هؤلاء المجرمين حقنوه بطريقةٍ ما بفيروس غريب نوعًا ما،  لكن أعراضِه غير مُكتملة و سُرعان ما اختفت من جسدِه .. هو الآن يُوقِن أن شئٍ حدث للفتى يُخفيه عنه و ذاك الأمر له عواقب وخيمة جدًا،  و طُرقٍ وعِرة!

بـالقرب مِنهما كانت تقف نارين دون أن تفعل شيئًا، تشعر أنَّ حاجزًا بُنيَ ما بينها و بينه! .. لا تعرف ما يحدث لها لكن هناك شعور بعدم التَقبُّل أو الغضب تندفع داخلها نحوِه!

التفتت و غادرت، سترى طِفلتها و تجلس جوارها أفضل! .. و قد قررت!

لمحها و قد ضاق ذِرعًا من تصرُفها، فأخرجه من تفكيره ساجد حين سأله بخفوت:
" أبي؟ .. لما أمي غاضبة مني؟ .. أنا ليس لي ذنب! "

تنهد مروان و ربت على رأسه قائلًا:
" لا تقلق، هي فقط مشوشة. "

همهم مُتفهمًا و عاد ليُدفن وجهه بحضن والده الذي يُجاوره و قد احتواه بين ذراعيه لينعم الأصغر بدفء وجودِه الذي افتقده طويلًا!

بينما هي كانت قد جاورت جسد طفلتها المُستلقية سريريًا تطالعها بعيناها بحزن و لكن عقلها انشغل بالتفكير،  فهناك أُمور بدأت تشغلها مؤخرًا!

****

" أبي،  هل يُمكنني رؤية صديقي في المشفى؟ "

كان هذا ما قاله سديم و هو يقف أمام والده في احترام زائد ، فطالعه مايكل في صمتٍ مريب و قد عدل عدساتِه الدائرية التي تُخفي زُرقة عيناه ، متنهدًا بـِشِبه آليَّة و قد نطق بصوتٍ ثقيلٍ ملئ بالخبرة:
" تعلَم جيدًا أن لديك مواعيد مهمة اليوم،  أولها الشركة ، فأنت من سيُصلح الجهاز الجديد."

اعترض بخفة بشئ من التذمر:
" لكن أبي لقد حدثت مشكلة لديه و هو و أخته الصغيرة محتجزان بالمشفى! .. و من حقي الاطمئنان عليه كوننا صديقان! "

لازم تحديقه به بتلك النظرة الثابتة و الأصغر ينتظر اجابته باصرار ليُفاجئه بابتسامة قائلًا و هو ينزع عدساته:
" حسنًا لكن لا تتأخر ..  إن أردت يمكنك أخذ سميث معك ."

و من فرحتِه تقدم ليرتمي في حضنه و قد قبَّله مِن خده عِدة مرات هاتفًا بسعادة:
" شكرًا يا أبي! أحبك جدًا! "

قهقه الأب بخفة على تصرف صغيره الذي سرعان ما ابتعد عنه و هَم بالمغادرة تزامنًا مع دلوف شاب و فتاة يشبهان بعضهما كالتوأم رُغم عدم تطابق عمرهما سويًا،  فيتوقف سديم و قد ابتسم مُحييًا أخويه:
" أهلًا بعودتكما،  ڤيينا و ايثان ."

ثم أكمل طريقه نحو الخارج دون اهتمام بنظرات أخويه المستغربان فيقطع شعورهما ذاك أبيهم و هو يقول و قد نهض من مكانه مقررًا الذهاب للشركة:
" يبدو أنه تعرَّف أخيرًا على صديقٍ جيد،  و صديقه ذاك في المشفى لهذا هو ذاهب لزيارتِه. "

و ما ان انتهى حتى تعلَّقت على شفتيْ أخويه شبح ابتسامة و قد نطق ايثان بخفوت:
" دعهُ أبي، يكفي أنه لازال يرى أنه كان السبب بموت أمي،  لعل بذلك يخرج من قوقعة الذنب الذي غلَّف بها نفسُه."

و من خلفِه اختفت ابتسامة اخته و ظهر في عينيها الحزن،  الأيام مهما ستُنسِي الانسان ما آلمه الا أنه لن ينسى لحظة فراق الأم ،  و گأخوةً يعيشون مع والدهم ، الذي يدعمهم بشكلٍ دائم الا أن لا أحد منهم كان قد نسي ضوء منزلهم الذي انطفأ! .. و بما أن سديم كانت والدتِه من سمتَهُ بهذا الاسم بما أنها عربية المنشأ لذلك غلاوتِه عِندهم تصل لدرجة كبيرة من الحب و الدفء!

*
*
*
يتبع..

أدرك تأخري الفظيع،  لكن هناك ظروفٍ أجبرتني علي ذلك،  و فرصة عملٍ بائت بالفشل و انتهت بطريقة مأساوية قبل أن تبدأ،  لكن لا بأس أنا سعيدة بتركها 😂🤷‍♀️

المهم ما رأيكم بالبارت؟

التقييم؟

المشهد؟

توقعاتكم؟

سلام ✨💙🦋

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top