P27 ...قبل الأخير
مبعثر27
.
.
.
لم تكُن الحياه يومًا عادلة! .. أن تضحك في لحظةٍ ما ثم تبكي لمدى الحياة! .. أن تطرُق قدمُك لبابِ النجاحِ ثم تكتشِف أن قدميك اتجهت لبابِ الفشل! .. أن تنهمِك في رسمةٍ ما لشخصُك المُفضل ثم تتدارَك أنَّك مُجرد مُبتدئ ظن أنَّه سيصل و ما هو الَّا عابِث! .. أن تشكو حظك السئ ؛ فيزداد سوءًا! .. رُغم ذلك نضطر إلى المُضيّ في طُرقٍ ما كُنا نَرغب فيها و ما كُنَّا نُريدها، و لكِنَّهُ قدرنا المكتوب ، فنسيرُ فيها دون رغبة! .. لذا نحن ما كُنَّا يومًا في الطريق الصحيح، و ما كانت تِلك الطُرق المُتعرِجة سببًا كافيًا لنُدرِك مِن خلالها إن كُنَّا نسير في طريقنا الذي نَرغب، بل كانت كل الطُرق صعبة .. كل الطُرق تملأها الأشواك .. كل الطُرق محفوفة بالمخاطِر، حتى لو عنى ذلك أن نسير بمحض إرادتنا للطريق الخاطئ دون أن نُدرِك!
عبثًا يُحاول! .. هو مُنذ رؤيتِه لإختطاف أختِه و صديقِه الذي حاول إنقاذها مِن منزله بواسطة عِدة رجال رآهم مِن قبل حتى دفعتهُ قوةً ما أن ينهض عن الأرض بعد أن حاول بكُل قوته أن يسير ليرى ما يحدث! .. و سُرعان ما أجبر نفسِه عن الاختباء داخل غُرفتِه التي بعد عِدة دقائق دلف إليها الرجال لكِنَّهُ أغلق أيُّ مجال لأن يُفتضَح أمره بينما يختبئ أسفل مكتبه! .. يتركهُم يبحثون حتى يئِسوا من إيجادِه و غادروا.
أخذ أنفاسٍ عميقة يُحاول تهدئة قلبه المُشتعِل مُغلقًا عيناه لبِضع لحظات يستمِد فيها قُوتِه المُتلاشية بسبب الخوف ثم فتح عينيه يخرُج بحذر من أسفلِ المكتب يستنِد عليه حتى وقف ثم دفع حامِل ذِراعه ليُحررهُ، يأخُذ نفسًا عميقًا بينما يعرُج نحو الخارج مُلتقِطًا هاتفه من أسفلِ الوسادة في طريقِه ثم يُحاول أن يتبعهُم دون أن يشعروا به!
.
.
.
السيارتين التي اتخذتا الأسودُ لونًا توقفتا بجوارِ بعضهما أمام ميناءٍ قديم تملؤه السُفن العتيقة، بجوارِها و البحر كان يقفُ ذلك المبنى القديم المُهترئ بشئ من القوة صامدًا .. بناءٌ مُرتفع يتكون من طابقين شيَّعهُما ليونارد بنظراتِه قبل أن تحتل شفتيه ابتسامة غاضبة يلتفِت بسُخرية فور سماعِه لنعتِ الصبي لذلك الحارس المُمسِك به بالقبيح!
ضاقت عينيه بغموض بينما يَقترب منه بخطواتِه، لا يعلَم كيف الأغبياء أحضروا هذا الفتى بدلًا عن ذلك المُزعج الأخر لكِنَّه اتخذها فُرصة لينتقِم من مايكل والد سديم!
" سُحقًا لكما، دعاها! "
صرخ غاضبًا يُقاوم مَن يُقيده بين ذراعيه لأجل سارة التي راحت تبكي بذعر بينما يُمسِك بها رجُلٌ من الأربعة رجال .. حاول الصراخ مُجددًا لكن انتهى بهِ ينهار أرضًا بعد لكمة قوية أصابت معدتِه جعلت عينيه تتسِع للحظاتٍ تلتقِط خلالها نظرات ليونارد نحوِه قبل أن تنغلِق إثر فُقدانه للوعي! ..
تهكم ليونارد بكُرّه، و ذاكرتِه تعرِض عليه ذلك اليوم بكُل تفاصيلِه، حينما أوقف تلك الشاحنة أمام تِلك السيارة بطريقةٍ جنونية بعدما جعل عدة سيارات تُطاردها، و ما إن تلاقت نظراتهما سويًا أرسل لها فيها مدى خُبثهِ و سعادتِه بالنهاية!
" ضعوا كِلاهما في الداخل حتى نتمكن من الامساك بالولد الأخر! "
تكلم مُوَّليًّا ظهره لمجموعته، دالفًا بكل هدوءٍ إلى ذلك المبنى، ينتظر مجيئ أورلاندو كذلك بعدما استطاع تهريبه بطريقتِه، و ابتسم بسُخرية ، فبينهما حِسابًا سيُصفيه و أمام زعيمِه .. اليوم فقط الجميع سيُعاقبون!
حين غادر الجميع و استشعر هدوء المكان، دفع حقيبة إحدى السيارتين ليظهر جسده بينما يُغمض عيناه بألمٍ شديد، لكِنَّه فتحها يتنفس بعُمق بينما يُغادر السيارة بحذر و قلق مِن أن يراه أحد، و قبل أن يخطو خُطوة إلى الداخل، قام بإظهارِ هاتفه يُحدق في مُكالمة والدهُ التي لا تزال جارية بينهُما بينما يرُد بتعبٍ يستنِد بظهرهِ للسيارة بينما يتلَفَّ حوله بحذر:
" لقد وصلوا يا أبي. "
فأتاه صوته بغير رضى لفِعلتِه المُتهورة:
" ذهبت معهم؟! .. أنتَ لا تُصدَّق! .. "
و حينما استمع لتنهيدته المُستاءة تبَسَّم بخفة يستمِع لباقي توبيخه بهدوء:
" لا أعلم كيف تُفكر أيها الصبي!! ألن تتوقف عن تهوُرك هذا؟! .. تبًا لا فائدة من الحديث معك حقًا! .. الآن فقط لا تظهر أمامهم حتى نصل، أتفهم؟ "
أمال برأسهِ تتسِع ابتسامته بخفةٍ و كأنّهُ يراه بينما يُردف بسُخرية:
" و هل تراني سأفعل يا أبي؟ ."
أبعد الهاتف عن أذنه حين سمع صراخ والده الغاضب الذي أصابهُ بالصمم ، فعبس! .. لماذا هو غاضب؟!!!!!
اعتدل واقفًا باستقامة كي يتحرَّك لكنهُ عاد ليستند على سطح السيارة مُمسكًا إصابته بألم ليستمِع إلى والده حينما سألهُ فورًا بقلق عن حالتِه ، فرد بابتسامة مُتعبة تحتوي على الكثير من المشاعر المُستنزفة:
" لا تقلق أبي .. لكن ثِق بأنَّ سارة ستعود لك مهما حدث ، سأفعل ما بوسعِي لإعادتها لكما."
و دون أن يترُك لمروان فُرصة للرد كان قد أغلق المُكالمة بينهما يُربت بلُطف فوق قلبه الذي عاد لإيلامه مع شعُورٍ سئ يعود ليُحيط به! .. هو يُدرك ربما أنَّها نهاية الرِحلة، و ما عاد للإستسلام فُرصة ليُعلِن عن نفسه! .. عليه أن يُنقذُها بنفسه قبل أن يأتي والده إلى هنا و يُصيبَهُ مكروه! .. لذلِك تحامل على ذاتِه ينهض مُتجاهلًا اهتزاز هاتفه مِن قِبل والده! .. نظر بعدها للسماء التى بدأت بالغروب مُعلنة عن نهاية هذا اليوم .. و ربما نهايتِه ستكون معها فقط!؟ .. هو لم يعُد لديه مكان في هذا العالم! ..سيظل يشعُر بالوِحدة ما دام يعيش في هذه الحياه .. لكن أن تكون سببًا بكُل تِلك المشاكل هو أمر خرج عن ارادته و بالنظرِ في الأمر، هو عليه أن يجد حلًا لكُلِّ شئ، فـبالنهاية هو يكون ابنًا لذلك الرجُل .. هو كان البداية و الآن ليكتُب القدر النهاية هنا و اليوم! .. حتى لو عنى ذلك نهايته!
و مرة أخرى أعاد البسمة على وجهه ، يتذكر أن حياته ما كانت بذاتِ السوء! .. فهو و مهما حدث ، إمتلك قِطعة أثرية تُسمى عائلة!
لذا هو أعاد العزم لملامحه و دفع بهاتفه في جيبه بينما يتسلل إلى داخل ذلك الميناء الذي و لصدمته بالأمر هو كان يعُج برجالٍ كُثُر يُحيطون بكل الأماكن بشكلٍ سري!
****
" ذلك الغبي المتهور ! "
صاح مروان بغضب يضرِب مقود سيارته بقسوة ، كان يسير بأقوى سُرعته كي يصِل بسرعة لذلك المكان دون أن يترك الفرصة لأحد أن يذهب معه!
ارتفع رنين هاتفه فـ تجاهله ، لكنه حين لمح اسم مايكل رد فورًا بضيق:
" ماذا مايكل؟! "
" لما ذهبت دوني و الشرطة؟! .. سُحقًا مروان لما فقط غادرت؟! "
سمع صُراخه عليه لكنه تنهد و قال باستنكارٍ:
" أتُدرِك أنَّ ابنك هناك؟! .. لقد خطفوهم من منزلي و هذا قَطعًا لن يمُر على خير! .. ثم لا تُخبر نارين عن أمر ذِهابي بالكاد سيسيلا جعلتها تهدأ! "
" أعرف جيدًا أن إبني ضِمنهم لكن بحقُك مروان ذلك لا يجعلني أتهور! .. و لو فعلت ذلك سيؤذيه فقط .. و فقط أخبرني أين أنت؟! "
" سوف أُرسل لك العنوان، لكن لا تتأخروا."
****
ارتفع أحد حاجبيه بشئٍ مِن الاستنكار ناظرًا للفتاه و الصبي بغيرِ رضى! .. ثم عاد بنظرِه لليونارد الذي كان صامتًا ينتظِر رد سيدِه الذي خاطبه بلهجةٍ حادة تملؤها الاستنكار:
" أتعِي ما فعلته يا ليونارد؟ لما جئتني بهذا الصبي؟ .. ألم أأمرُك أن تأتيني بساجد و الطِفلة فقط؟ "
" أسف سيدي لكن هناك حساب عليَّ تصفيتِه، و هذا الولد ضمنَ الحِساب."
تكلم بهدوءٍ يُحدق في جسد سديم الذي كان فاقدًا لوعيِّه بجوارِ سارة التي كانت تُحدق به بقلقٍ و خوف مما يحدُث حَولها!
كتَّف الأكبر ذِراعيه لصدره يرفعُ أحد حاجبيه بتهكمٍ ردًا:
" و ما هو ذاك الحساب الذي يجعلُك تفتحُ علينا أمورٍ أخرى غير ذلك الأمر يا ليونارد؟ "
حدق ببرناند قليلًا دون إجابة و كأنه يُفكر، هل يُخبره بأنَّ الأمر كُليًا متشابك؟ .. و دون أن ينتبه ابتسم بسُخرية قبل أن يُعيد نظره لذلك الصبي الذي بدأ يفتح عيناه:
" تذكُر ذلك اليوم قبل عدة سنوات؟ .. أتذكُر عندما أتيتُك راغبًا بالانضمامِ إليك لهدفِ الانتقام مِن مَن أذاني ؟ .. و أنتَ قبِلتَ بي .. و هذا يكون ابن الشخص الذي أذاني سيد برناند ..."
ضاقت عيناه بشئٍ من الحيرة و القلق يتذكر بالفِعل مجيئ ليونارد عِندُه يُخبره بما يعرفَهُ عنه و يطلُب منهُ الانضمام إليه لكي ينتقِم مَن مايكل لذلك ابتسم بسُخرية و المعني يُكمل، لكن صوتٍ ما قطع كل ذلك و بكل صدمة:
" ليونارد؟!!! "
و تحوَّلت جميع الأنظار عليه و هو يشهقُ بصدمةٍ كبيرة هاتفًا:
" لا تقُل أنَّك مِنهُم! "
و رغم الحيرة التي رافقت الجميع الا أن ابتسامة ساخرة رافقت الشاب الأشقر و هو يترك سيده و يتحرك صوب الأصغر الذي لم يتحرك من مكانه:
" لو أمكنني القول أنَّ الحياة لها صُدف جميلة، سأقول حينها أنَّ الصُدفة أجمل ما قد حدث لي عزيزي سديم، أو لنقُل .. يا ابن عمي؟! "
و الفتى لم يكُن يستوعب أيً مما يحدُث، فلماذا ابن عمه الراحِل هنا؟ .. حاول الاعتدال بينما يسألهُ بقلقٍ:
" ما الذي تعنيه مِن كلامك؟ .. لما أنتَ هنا يا أخي؟! "
ضِحكةٌ صدرت من فمِه عقب كلمات سديم الذي عقد جبينه بضيقٍ من سُخريتِه ، فقط ما الذي يعنيه مِن كل ذلك؟! .. و لوهلةٍ داهمَهُ صُداعٍ طفيف و مشهدٌ ما مِن ذاكرته عاد ليُنعشها! .. صراخ لوالدته و شعوره بالاختناق و الخوف ذلك اليوم بينما عيناه تُبصره! .. و لوهلةٍ أخرى تذكر، لا يُدرك ما حدث لكن أهو فقط كان فاقدًا لذِكرى ذلك اليوم؟ تلك الساعة و الزمن الذي ماتت فيه والدته؟! .. لكن أهو فقط يتوهم أم أنَّ تلك الابتسامة و الملامح ما كانت سوى حقيقة مرسومة بكل تفاصيلها أمام عيناه و الآن؟!
و لأجل ذلك هو عاد يُحدق في تلك الملامح و الابتسامة الخبيثة من ابن عمه! .. و هنا دفعت ذاكرته بعض الصداع بأن يشتد عليه! .. هو لم يخسر ذلك اليوم والدته فقط لكنه خسر معها ذاكِرته عن القاتِل! .. و رغم تلك الاحلام، لم يكُن و لو لمرةٍ واحدة ، يُشاهد الحقيقة كاملة! .. كل شئ كان ناقصًا فقط! و ها هي الصورة تكتمل و قاتل والدته أمامه! .. لكن السؤال هو، لماذا؟!!!
و قبل أن يجد اجاباته وجد نفسه يُدفع داخل أحد الغُرف وحيدًا دون سارة و التي سجنوها في غُرفة بعيدة عنه! .. رُغم ذلك كانت صدمة عقله تؤثر عليه، يشعر بالوهنِ و الضياع، أفكاره تُبَعثَر بقسوة تُظهر له كم أنَّ المشاعر هي أسوأ ما يشعُر بها المرء! .. للحظةٍ مِن الحزن أو الشعور بالتِيه، يكون الأمر كفيلًا بسحقِ أيّ مُتعة للحياة! بل تصير الحياةُ جحيمًا بتِلك المشاعر المُبعثرة!
هو لم يتحرَّك مِن مكانه بل أغمض عيناه يتكور حول نفسه فوق تِلك الأرض الإسمنتية يتذكر اللحظات القليلة التي ربما جمعته مع ليونارد في الماضي حينما كان يزورهم في مراتٍ نادرة ، و رغم ذلك أحبَّهُ كثيرًا بما أنَّهُ كان المًقرَّب مِن شقيقه الأكبر ، و لكن عاد ليُجبر نفسه على التقبُّل لأمره ، فلا شئ ربما سيعود كما كان!
و مِن ناحيةٍ أخرى ، كانت الصُغرى تجلسُ بأحد تِلك الزوايا تبكي بحُرقة و هي تتحسس خدها الذي إحمَرَّ إثرُ صفعِةٍ تلقتها لمُجرد أنَّها اعترضت على طريقتهم القاسية بجرِّها مِن معصمها! .. هي راحت تمسحُ دموعها تهمس و تتوعد لهم بأن والدها سينتقم منهم لأجلها! .. لكنها أجبرت نفسها على الصمت حين دلف ذلك المخيف بنظرِها، هو فقط ناظرها ببرودٍ بينما يُخاطب ليونارد:
" لا زالت صغيرة ، لكن أحقًا ذلك الغِرُّ قد يفعلُها؟! .. "
هو كان يقصِد ابنُه لكِنها فقط لم تفهم كلماته و التي عنى بها أن يقتُلها ساجد لأجل أن يعفو عنه ، و ليونارد أخذ مجرى الحديث ساخرًا حين برز جسدٌ أخر يدلُف نحو الغُرفة بالعديدِ من الكدمات:
" مرحبًا بعودتك يا أورلاندو. "
تنهد المعني باستياء يرمق به ليونارد الذي رفع حاجبه باستفزازٍ للأكبر، فها هي فُرصته قد حانت! لكن أورلاندو تجاهلُه في الوقتِ الراهِن مُخاطبَا برناند:
" أهلًا سيد برناند. "
برناند تجاهلَهُ وحسب لكن قبل أن يخرُج خاطبَهُ ببرود:
" لقد أخبرني ليونارد عن بحثَك خلفي و معرفة أمور أنتَ في غِنَى عنها يا أورلاندو. "
تجمَّد المعني مكانه و عيناه انتقلت للأصغر بينهُم الذي ابتسم بخُبث بينما يلحق بـِ برناند ... ثوانٍ حتى أدرك فيها أورلاندو أن وقوفه هنا ما كان سوى لمُحاسبته على ذلك الأمر .. فاحتدت نظراته، لو كان سيموت فهو لن يموت وحده فحسب! و سينتشل الجميع معه!
لكن و قبل أن يخطو للخارج عاد ليُحدق في تِلك الفتاة الصغيرة و التي سُرعان ما تعرَّف عليها، فأخرج هاتفه و اتصل بشقيقه، ربما أخر ما يُمكنه فعلِه هو ذلك!
.
.
.
أخذ أنفاسٍ عميقة يَعُض على شفتيه مانعًا أنينًا بسبب ذلك الألم الذي أوقف ساقه عن الحركة! .. استند على الحائط أسفل النافذة الذي قفز منها بكُل تهور! .. و مِن ثُم اعتدل في وقفته حين هدأ ألم فخذِه المُصاب ليتحرك بحذرٍ يتسلل داخِل ذلك المبنى دون أن يراه أحد..
ثم وقف فجأة حين رأى والده يسير بجوار شابًا أشقر يتحدثان دون رؤيتِه .. هو تقريبًا إختبأ بسرعةٍ خوفًا بينما هما مرَّا بجوار تلك الغُرفة التي عاد ليختبئ فيها بينما يتبادلان الحديث حيث قال برناند بجدية:
" عليك أن تجد ساجد، إن كان يحِق لتِلك الصغيرة الموت فيجب أن يقتلها هو! "
" حسنًا سيدي، سوف أجده. "
شهقةٍ ما ابتلعها في جوفه يرتجفُ بذعرٍ و صدمة، أوَصلَت لهم الدناءة بأن يُرغموه على قتلِ أخته؟! .. هل يظنون فقط أنَّ بفِعل ذلك سيكون مِن حقهم اجبارِه على السقوط في قاعِهم المُظلم المليئ بالدماء التي لوثت أيديهم؟!!
هو عبس بشئٍ من الغضب بينما يخرج من مخبئه يُحدق في ظهورهم بشئٍ من الكُرّه ، لكنه تجمَّد بشهقةٍ أخرى خرجت مع اختفائهما و ظهوره مِن خلفه جاذبًا إياه مِن قميصه ليُغلق فمه جارًا إياه لداخل تِلك الحجرة الفارغة ليرميه أرضًا!
أنَّ بألم مُمسكًا مكان اصابته ، ليبتسم أورلاندو بسُخرية قائلًا ببراءة مُصطنعة:
" يبدو أنَّ جُروحك لم تلتئم بعد ، هل كنت قاسيًا لتِلك الدرجة؟ "
حاول الاعتدال لكنَّهُ عاد للسقوط يشعُر و كأنَّ العالم فقط يتداعَى بسبب ذلك الألم! .. لكنه اكتفى بالرد بكُل سخط:
" ما الذي تُريده فقط لتأتي و تسخر أيها الغبي؟! "
رفع أحد حاجبيه باستنكار، ثم تنهد يقترب منه بينما يقول بهدوءٍ و نبرة هادئة على غير العادة:
" لو كنتَ قد نطقت بحروفَك تِلك قبل ساعة من الآن كنت ستجدُني فقط أُفرغ بك طلقات مسدسي لكن .."
ابتسم بخفة رادفًا:
" .. أخي يُحبك و أوصاني أن لا يمسَّك مكروه فقط لأنه يعتبرُك حتى الآن كـ آش ، ابنه الذي مات! .. لذلك أنا لن أُخلِف كلمات أخي الأكبر ، و عليك أن تحيا كما أراد .. أنا سوف أُساعدك لكن بشرط .. أن تذهب لجون و تُخبره أني كنت أحترمه و أُحبُّه، فلن أقدر فقط على اخباره ذلك مُباشرةً فهو سيقلق مِن تصرُفي."
استمع إلى كلماتِه بعِناية، ماذا قصَد بحديثه هذا؟! ..
و مع تَوقُّف الأكبر سألَهُ ساجد بدهشة:
" هل فعلت شيئًا سيجعلهم يتخلصون منك؟!! .. ثم أوليس هم مَن أخرجوك مِن السجن؟! "
ابتسم أورلاندو بسُخرية يُقابلَهُ بجسده مُكتفًا ذراعيه إلى صدره:
" ساعدوني بالهرب لأجل أن ينتقم مني ليونارد، هو يُريد أخذ مكاني و بما أني كنت أحارب والدك الأحمق في الخفاء لأجل الاستيلاء على مكانه فذلك وحده سيجعلَهُ يقتلني .. لكن قبل ذلك أود أن تُخرج هاتفك، فما سأقوله لك، لن يخرج مني مجددًا و عليك تسجيله ليتم فقط ابعادك من كل تِلك الأمور. "
.
.
فُتح باب تِلك الغُرفة ليظهر جسد أخته التي تكتُم شهقاتها و بُكاءها بين ذراعيها التي تضُم رُكبتيها إليها ، هو لم يترك لأحد فُرصة بايقافه إذ تحرَّك مُسرعًا مُتجاهلًا الألام التي يُعاني منها ليجثو جِوارها و يأخذها بعِناقٍ جمَّدها للحظةٍ قبل أن تُدفن وجهها به تُبادله بكل شوق و خوف ، فـ راح يهمس إليها بكلماتٍ مُهدأة:
" لا تقلقي، نحن سنخرج مِن هنا! "
ابتعد بينما تومئ له، فتبسم يمسحُ دَمعاتِها لينهض جاذبًا إياها معه .. ثم نظر لأورلاندو الذي نطق بينما يُراقب الخارج بحذر:
" سأذهب الآن إعتنيا بنفسيكما، و ساجد ؟ .. لا تنسى ما طلبتَهُ منك. "
" أعدك سأفعل."
ردف بابتسامة يمسح على خُصلات شقيقته الباكية، فتبسَّم أورلاندو له و تحرَّك ليختفي عن أنظارهما فحسب!
حين اختفى تنهد باستياءٍ مُخاطبًا أخته:
" علينا الذهاب لسديم، فهو بخطر أكثر مني. "
أومأت ثم قالت بخفوت:
" رأيتهم يدفعون به بغُرفة جِواري قبل أن يضعوني هنا وحدي.."
" إذًا لنُخرِج أخانا يا سورا "
ابتسمت بحماس ليُبادلها بهدوء! .. الاثنان تسللا بخفةٍ نحو تِلك الغرفة التي يقبَعُ فيها سديم لكنهما توقفا فجأة ليجذب أخته مُغلقًا فمها بخفة بينما يتوارى خلف أحد الجُدران يترك هؤلاء يمرون بجوارهم، سارة فقط اكتفت باغلاقِ عينيها تُخفي ملامحها في صدره بخوف!
*
*
*
يتبع..
و لنتوقف هنا، لقد تعبت، البارت الأخير بالغد باذن الله ❤️
أرغب بمعرفة أرائكم؟
توقعاتكم؟
المشهد؟
السرد؟
و الي اللقاء في البارت الأخير ❤️
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top