P15

مبعثر15

.
.
.

"القُوة التي مُنحت لنا، كانت بمثابة رَوْح أُعيدت للحياة!"

..

لقد إنتهى الثُنائي مِن الإمتحانات أخيرًا،  و ها هما يخرجان مِن أخِر امتحانٍ لهما ، أما بالنِسبة إلى ساجد فكان الأمر عِندُه لم ينتهي بعد ، فهناك امتحانين مُتبقيان للإعادة ، و حينها ليطمئِن قلبِه على نجاحِه.

بعثر سديم شعر ساجد بحركة عفوية بينما يُخاطبه بِرِفق بينما يقفان سويًا خارج أسوار المدرسة:
" سيكون الأمر مُرهِقًا عليكَ أخي."

فتنهد المعني بضيق قائلًا بيأس بينما عيناه تُحدق نحو الطريق المزدحم بالسيارات:
" أعرِف! لكنني لا أريد أن أرسُب، أ تفهمني سديم؟! .. يكفي ما حدث لي و لو رسبت هذه المرة سوف .."

أدار سديم وجه صديقه بيديه بحركة مُقاطعة يُحدق في عينيه مُباشرةً بدقة ، قائلًا بجدية:
" أنتَ لا تُريد الرسُوب كي لا ينظر لك أندرو و رفِيقيه بنظرة ساخرة، صحيح؟ "

لم يجد ما يُجيبُه به ، لكنه قَطعًا ليس هذا فقط! .. لذا أجاب ببعض الاعتراض :
" لا! لكن أريد أيضًا أن أثبت لنفسي أنني أستطيع! .. و لرفاقي القدامَى أنني لا أحتاج لهم! "

أبعد كفَّيه عنه و أمسك يدُ صاحبُه ليصافحها قائلًا بثقة :
" أنا أدعمُك! .. لكن عِدني الآن أنَّك لن تُفكِر في ماضِيك بعد اليوم،  لأنك يا ساجد أقوى مِما تتصور .. حسنًا؟ "

رُسِمَت ابتسامة فوق ثِغرِه مُحكمًا كفِّه على كَفِّ صديقِه نابسًا براحةٍ تتغلغل داخل جوارح قلبِه لتُرممِه:

" أعدك يا أخي بـفِعل ذلك."

"و الآن سنذهب لمنزلي كي أُساعدك، فليس لدينا وقت! "

نبس ، فتكونت عُقدة جبينِه بقلق و فقدان أمل رادفًا:
" أبي لن يوافق! "

ابتسم سديم بوِسع و ثِقة :
" بلى سيفعل! "

ثم جذبهُ و نهض مُستقلًا الصبي لسيارة أجرة و قد قام بالاتصال على مروان كي يُبلغه بالأمر و لِلمُفاجئة وافق مما جعل ساجد يبتسم، فلأول مرة يُوافق والده على ذهابِه لِأحد رفاقه، و لكنه بصِدق كان لمروان نظرة مستقبلية على ما يدور حول ساجد مُنذ تِلك اللحظة!

وقفا أمام بابِ المنزل الكبير مِن بين المنازل الأخرى التي تُشابهه ، و دق سديم الجرس مُنتظرًا من أحدِ اِخوتِه أن يفتح لهما  .. لم يمُر ثوانِ حتى فُتح الباب لتظهر ڤيينا و هي تبتسم لأخيها بخفة تنطق بلهفة حينما وقعت عيناها على ساجد بفضول:
" أنتَ ساجد صحيح؟! .. لقد أراني سديم صُورتك. "

فنظر نحو صاحبِه الذي ابتسم بحماس يجذب يدُه كي يدخلان بينما يُوجِّه حديثه لأخته:
" أجل هو يا ڤيينا، أين أخي ايثان و والدي؟ "

" كِلاهما بالشركة، فلم يذهب ايثان إلى الجامعة اليوم".

همهم سديم مُتفهمًا بينما هي أردفت ببهجة:
" سأُحضِّر لكما الطعام من يدي، لن أتأخر. "

ثم هرولت نحو المطبخ فتبسم سديم فأخويْه ألطف شخصيّن في المجرة!

" سديم؟ .. قـ .. قلتَ قَبلًا أن لك أخ مات و .."

تكلم ساجد بتردد و تفكير ليُقاطعه سديم موضحًا حين فهَم سؤالِه:
" أجل كان لديْ ، اِنَّهُ ماثيو و لكنَّهُ توَفى إثر جُرعة مِن الإدمان تَعاطَاها بالخطأ عن طريق أحدِ رِفاقِه، لكن لديَّ شقيقين تنظُر لهما لتشعر و كأنَّك ترى توأمًا بجنسياتٍ مُختلفة لكنَّهما ليسا كذلك .."

جلسا مُتجاوران على أحد الأرائِك و المعنى يُردف بإعتيادية:
" ڤيينا بالثامنة عشر و إيثان بالعشرون، نعيش ثلاثتنا مع والدي ."

التفت ساجد مُبعثرًا نظراتِه حوله مُترددًا مِن سؤاله مُجددًا ، ربما لم يتكمن مِن قبل مِن أن يسأل سديم عن حياتِه الشخصية كَون الفتى لا يُخبره بأيُّ شئ، لكن هناك سؤال يُريد اجابته لعلَّهُ يعرفُه جيدًا، لذا همس بتردد بينما يعود بنظراتِه نحوِه:
"و .. والدتك ...؟"

و سكت حين نظر له سديم بصمت، دون أيْ رد فِعل ثم همس بعدها بثوانٍ و قد ظهر خلف تِلك العينين الهادئتين مشاعرٌ منكسرة استطاع ساجد قراءتها بوضوح:
" لقد توَفت حين كنتُ معها في السيارة. "

ثم نهض يُغادر و صوته يعود بنبرة مرحة لم تخلو مِن الاهتزاز:
" سأذهب لتغيير ثيابي و اخراج ثيابًا لك، انتظرني. "

ثم صعد الدرج بسرعة و اختفى و كأنَّهُ يهرب مِن ذاك الحديث ، ليخرج صوتها الحزين مِن خلفه:
" لا تستاء منه .."

التفت نحوَها باستغراب و جهل لِما حدث قبل قليل بينما جلست هي بتعب جواره تُكمل بحُزن:
" أريد إخبارك شيئًا و لكن عِدني أنَّك ستصبح أكثر مَن يَدعُم سديم .."

أومأ قائلًا:
" سديم هو أخي لذلك أعِدك بدعمُه دائمًا. "

ابتسمت بلُطف و أجابته بحزن بعد تنهيدة عميقة أخذتها لتستطيع الحديث:
" سديم يظُن أنَّهُ السبب بوفاة أمي، لأنه كان معها في السيارة ..  هي كانت تقود و لكنه حين كان صغيرًا كان مُزعجًا و شقيًا ، لذلك حين كانت تقود هو أزعجها و حدث بعدها الحادث لكنه نجى منه بعدما حمته بجسدها .. مُنذ تِلك اللحظة و هو يعذب نفسُه ظنًا أنَّهُ السبب، لكنه ليس كذلك فلقد كانت السيارة بدون مكابح كي تتوقف و أمي لم تكن تعرف! "

حَزن لذلك و هو يعود ليتقفِي أثرِه ، و أدرك للتو أن سديم لا يزال يُعانِي حتى الآن مِن عذابٍ نفسي كَونه يظُن أنَّ ازعاجه لوالدتِه ذلك اليوم هو سبب الحادث .. أعاد نظرُه للفتاة و كاد يتحدث لكن رؤيته لسديم بينما يعود ليجاوره بحماس جعلته يصمُت و يكتفي بابتسامة هادئة نحوِه ، ربما عليه أن يقف جواره حتى يتأكد أنه كان مجرد طفل و ليس له يد بما حصل ، لذا باشراقٍ فكر بأنَّهُ سيظَل جواره و سيظل أكبر داعمٍ لسديم!

تِلك الليلة تعرَّف ساجد على والد و شقيق سديم و أيْقَن كمّ أنَّ هذه الأسرة يغمُرها الدِفء من كل جانب ، كما و قد وصَلَهُ مشاعرهُم اللطيفة التي تُحيط بِهم ، و تيَقن لِتوِّه أنَّ سديم فتى محظوظ جدًا بامتلاكه عائلة كهذه!

استطاع تِلك الليلة و بطريقةٍ ما أن يستذكِر و يستفاد كُلِّيًا مِن ذاكرة سديم الذي راح يُساعده بالمادتين و استذكارهما ! .. و قبل أن يغفو مِن تعبِ تِلك الأيام الفائتة هو و سديم كان هاتفهُ قد ارتفع رنينه ، و قد عبس لرؤيتِه لوالده مَن يتصِل عليه .. عندها أراد أن يتجاهلُه و يُكمل مبيتَهُ هنا كَون أنَّ ذلك المنزل أصبح مُجرد سِجنًا خانقًا له!

لكن سديم كان قد رد بدلًا عنه مُبتسمًا بخفة لنظرته العابسة التي وُجهت نحوِه لفعلتِه! .. و رغم رغبة سديم بأن يبيت صاحبَهُ عِندُه الا أنَّهُ كان ذو تفكيرٍ منطقي و هادئ عكس ساجد المتهور ، لذلك فكَّر لو أنَّ والد صديقه وجد ابنه يُعاندُه فلن يسمح له مُجددًا بالمبيت أو الذهاب عند أي أحد و ذلك ما أقنعه به سديم كي يهدأ ساجد و لا يغضب لفعلتِه مُنهيًا حُواره بأن يُنبهُه أنَّ مروان لا يزال والده و الوصيّ عليه!

وقفت السيارة أمام باب منزل عائلة سديم فترجل مِنها مروان الذي مع رؤيتِه لمايكل تَعجَّب لوجودِه وقد تصافحا بلهفةٌ و حرارة لمعرفتهما ببعضهما البعض كَونهما كانَا صديقين قديمين بالفِعل تحت أنظار الصبيان المستغربان ،  و لأجل تِلك المشاغل الحياتية لم يروا بعضهما مُنذ فترة طويلة ربما،  ربما لبضع سنوات كذلك!

" شكرًا لِإهتمامِكم بابني يا مايكل. "

نطق بامتنان و عيناه تذهبُ بتِلك الابتسامة نحو ابنه الذي يقف ضجِرًا بجانب صديقِه الذي يتنهد كل فينة و الأخرى بسبب انزعاج ساجد الغير مُبرر مِن والده ، في حين أجابه مايكل ببهجة و هدوء:
" أنه مِثل طفلي سديم، و لذلك يا مروان لا تُحاول منعه عن زيارتنا مُجددًا فسديم أحَبَّهُ بالفِعل."

و راح سديم يشعُر بالخجل حين نظر له ساجد بقرف بينما أكمل مايكل دون الاهتمام بنظراتهما نحو بعضهما،  و بطريقة شِبه مُثرثرة و مُزعجة لسديم :
" رُبما لم أخبرك مِن قبل لكن زوجتي حُور كانت عربية كذلك و قد أحبت تسمية سديم كونها كانت تحب شخصية خيالية بهذا الاسم لذا أحبت تسميته بذلك تيمنًا لشخصيتها .. و .."

كان يتكلم بعفوية شديدة و ذلك جعل ساجد يسخرُ مِن سديم الذي يكاد يصرخ بوالده أن يتوقف و ها هم انفصلوا و قد انتهت تِلك الليلة بمُغادرة ساجد مع والده.

..

بعد نِصف ساعة توقفت سيارتهُ أمام بابِ المنزل و ترجل منها ساجد أولًا و هو يشعر بكل خلية مِن جسده تئن مِن التعب .. لدرجة تَوَقُفِ سيرِه أمام السُلَّم و قد جلس مِن فرط الإرهاق غير قادر على الوصول إلى غُرفتِه، و حين شعر بملمس يدٍ خشنة قليلًا على جبهتِه، فتح عيناه ليجد والدِه يُجاوره مُحدثًا إياه بتهكم مليئ بالسُخرية:
" أذكُر أنَّك كنتَ تُريد المبيت عِند صاحبُك صحيح؟ "

عبس لسُخريتِه ، فرد تهكُمِه باستياءٍ و سخرية كذلك:
" و أذكُر كذلك أنه يوم مَبيتُك بالمشفى، لذا كيف لكَ أن تتذكر أنَّ لديك ابن؟ "

فنقر أنفِه بطريقة مؤلمة نابسًا بغيظ:
" أوقف لِسانُك السليط قليلًا! ..."

ثم ابتسم بخفة بينما يُدلِك الفتى أنفِه يستمِع إلى سُخرية أبيه:

" .. و ثُمَّ أنا تذكرتُك بينما أُجرِي عملية لفتى في مِثل عُمرك أنَّك لازلت طفلًا يخشى الظلام لذا .."

" لا أخاف الظلام! "

قاطعه باستياء و تذمُر ، ليجد قهقهة والده ترتفع بخفة مما جعله يعبس باستياء ، فوالده كان يُزعجه فقط و هو استجاب لفعلته! .. حاول أن ينهض ليُوقفه والده بكلماتِه الهادئة الجادة:
" ما رأيك أن أطلب مِن المدير تأجيل الامتحانات؟ "

" لا."

قال بإصرار و هو يتمسَّك في حافة السُلَّم لفقدِه لاتزانِه للحظات، فقابله لهجة مُوبخة مِن والده بينما يُخاطبه:
" لكنَّك مريض، قد تُصيبُك نوبةٌ قلبية مجددًا. "

تنهد ساجد بغيظ و راح يُغادر مِن أمام والده دون رغبة للرد ، فلقد وضع هدفَه .. لو لم يصل له خلال هذه الأيام لن يصمُد مُجددًا لأهدافِه و ربما سيخسر أمام نفسِه مجددًا!

و ذلك جعل والده يتنهد في ضيقٍ شديد مِن إصرار إبنُه ، لقد ندِم حقًا لمُوافقتِه على ذلك، و رؤية تعبهُ الظاهِر يجعلُه يستاء مِن نفسه حقًا!

.
.
.

في اليوم التالي أثناء فترة الامتحان كان يُركز ذِهنَهُ الكامِل في اجاباتِه، انه أول امتحان و تبقى الأخير .. كان كُلَّما يشعُر بنفسِه مُرهَقًا يتنفس بعُمق شديد كي يُبعِد فِكرِه عن كمْ هو يشعر بالإعياء حقًا!

حينما أنهى أول اختبار كان قد طالب بالأخر و هذا زاد مِن تعجُّب الأستاذ و لكنه لم يُبالي بعد ذلك، ربما هذا سيجعلَه ينتهي بسرعة! .. كما أنَّ ساجد حالة خاصة حيثُ نبَّهَهُ المدير عليه.

خرج مِن المدرسة يسير نحو الخارِج بارهاقٍ حاد ، فأغمض عينه يتوقف للحظاتٍ ثقيلة ثم فتحها مع توقُف سيارة والده بتلك اللحظة أمامِه ، هو سار نَحوها يستقِل المِقعد بجوار والده بصمتٍ دون رغبةٌ منه بالتَحدُّث و راح يسترخي و يغمض عينيه بهدوءٍ مُبالغ فيه.

" كيف كانَ الامتحان؟ "

" بخير. "

همسَهُ البارد و رؤيتَهُ هكذا جعل مِن مروان يتحلَّى بالصمت بينما يقود سيارته نحو المستشفى قبل أن يُخاطب ساجد مُجددًا منبهًا إياه على ما سيفعلُه قبل العودة إلى البيت:
" ساجد ، سوف نذهب للمَشفى فلقد نسيتُ أوراقًا مُهمة هُناك. "

همهم الفتى مُوافقًا دون أن يُرغِم عينه على النظر نحو والده التي بعد دقائق كان يقف بسيارته أمام المشفى و ترجل منها ليلحق به ساجد ، فسأله والده بغرابة حين أصبح يسير الفتى إلى جِوارِه:
" لما تلحق بي؟  عُد لن أتأخر. "

سار مِن أمامِه يسبقه و هو يدفن كفيه بجيب بنطالهِ ببرود:
" أخافُ أن تنساني كما العادة. "

ابتسم مروان لحظتها و هو يُعقب على كلماته:
" أنتَ قاسي القلب صغيري. "

" لستُ صغيرُك! "
تذمر باعتراض و قد التفت نحوِه بضجرٍ واضح ، فضحك مروان بخفة و هو يجاوره مُلتقطٌ يده ثمَّ جذبه خلفه دون أن يقاوم الفتى لكنه لم يُرغِم نفسه على اخفاء العُبوس المُحتَّل لملامح وجهه!

في الداخل طلب منه الذهاب معه حيث سكن الأطباء لكنَّهُ فضَّل الجُلوس في الاستقبال حتى لا يُتعِب نفسه بالسَّيْر و لِـ ازعاج والده كسببٍ ثاني!

كان يُراقب المشفى و الجميع بفضول ، يُراقِب أشخاصٌ يسيرون هنا وهناك، مرضى ، تمريض، ثم أطباء. بالإضافة لـلعاملين ... المشفى كانت مُتكدسة بالكثير و يَعُمَّها فوضى الأصوات المُتداخلة .. لم يهتم بالأمر كثيرًا و لكنَّهُ ظلَّ يُراقب الوضع قبل أن ينقلِب فجأة إثر حادثٍ مروريّ و الفوضى التي حدثت حين دخل مُصابين يُحمَلون على النقالة نتيجة للحادث الذي آلم بِهم! و انقلبت المشفى رأسًا على عقب في ثوانٍ معدودة!

و هنا وجد ممرضة تركض نحو مكانٍ ما، و هو فقط جلس ببرود و بعض الرُهبة يُراقب كل شئ ببطء حتى شعر بجسدٌ يمُر بسُرعة مِن جوارِه ، فـ لمح والده ينضم للطاقم الطبي فورًا ليحاول انقاذ المُصابين ... راقبهُ و هو يصرخ هنا و هناك و مِنهم من دخل غُرفة الانعاش .. الفوضى تَعُم و لكنَّهُ بقى يُراقِب والده بينما يُبذِل كل ما في وسعِهِ في انقاذ المُصابين مع طاقمهُ الطبي!

لم يدري بالوقت الذي مرَّ و هو يُراقب كل شئ حوله .. و مِن ثمَّ فجأة و بدون دِراية بما جرى،  وجد الهدوء يَعُم المكان،  و خُيِّلَ لَهُ أنَّهُ سمع تنهيدات حادة مِن الجميع،  و حين دار ببصرِه في المكان بحثًا عنه،  وجده قد اختفى تمامًا ، لكنَّهُ لم يتحرَّك مِن مَوضعِه حتى شعر بكيانٍ أنثوي يُخاطبَهُ بِلُطف:
" أنتَ ساجد صحيح؟ "

حينها رفع رماديتاه نحوها و قد أومأ بـ'نعم'، فاسترسلت بكلامها:
" طلبَ مِني دكتور مروان أن أصطحبَك معي نحو السكن كي تنتظره لِحين انتهاءِه مِن العملية المُستعجلة. "

و هنا عبس بضيق، فلقد وافق كَونه سيأتي و يُغادر فورًا لكن حظه سئ بالفعل، فها هو لن يرتاح مِن تعبه اليوم أيضًا!!

" ساجد؟ "

خاطبته باستفهام فتنهد المعني و هو يُرغم جسده على الوقوف و السَّيْر معها .. لم يهتم بالطريق أو بوقوفِه في المصعد الذي تقريبًا لا يُفضله و هو بهذه الحالة لكنه كان يُهدئ نفسه بأنَّه سيصل للسكن و ليرى أي سريرٍ يَرمي بنفسِه فوقَهُ كي ينام حتى ينتهي والده و يأتي إليه و يُغادران إلى المنزل.

انتهى به يجلس على الأريكة بدلًا من السرير المُتكسِر و هو يراقب السكن حولَهُ بضجر!! .. كانت الغُرفة أنيقة لديها سرير واحد كُسِر على حظِّه و عِدة آرائك تتسع للنوم و الجلوس،  الجُدران مطلية باللون النيلي الهادئ،  و كذلك هُناك خِزانة كبيرة بعِدة أبواب،  على كُل باب كان يحمِل قِفلًا،  بالإضافة لشاشة مُعلقة في منتصف الجدار و جهاز للإنترنت الهوائي.

كانت قد ذهبت الفتاة و تركته وحده لـِ نصف ساعة يُراقب المكان بشئ مِن الغرابة و الانبهار البسيط حتى وجد شابًا يرتدي مِعطفًا أبيض يدلف مع أخر لا يرتدي سوى ملابسه العادية و لكنَّه حمل معطفه على عُضدِه و قد دلفا بينما يتمازحان بعدما دفعا الباب خلفهما بإهمال ..  فمِن الأدب هو اعتدل بهدوء دون أن يُحادث أحدهما ، ليتوقفا يُحدقان به بغرابة و قد بادر أحدهما بالسؤال بينما يُجاورُه في حين رفيقِه ذهب بصمت كي يَنزع عنه معطفه:
"

مَن أنتَ يا فتى؟ .. هل تَقرُب لأحد .."

" أجل .."
نطق بشئ من عدم الأمان مُقاطعًا الطبيب الشاب ثم أكمل فورًا بتردد حاول اخفاءِه باتقان:
" ابن الطبيب مروان. "

"أوه! .. "
هتف زين بتعجب ثم تبسَّم ينظُر لزميلهِ الذي أقبَل نحوهما نابسًا بحماس بعدما سمع كلماتِه:
" ليام أنظر ها هو ابن دكتور مروان! انَّهُ تمامًا كما أخبرنا عنه!!."

هنا ضاق تنفسه و شعر بالحرارة تشتعل في وجنتيه بـوهمية مُفكرًا بما قد يقوله والده عنه! .. بالتأكيد قال كلامًا سيئًا عـ ..

" والدك دائمًا يمتدِحُك أمامنا ، كما قال أنَّك ترغب بأن تُصبِح مِثلُه .."

نطق ليام و هو يوجه له كلامه بعفوية بعدما جاورُه كما يفعَل زين الذي أكمل بابتسامة عابثة :
" أجل، كما كان يقول أنَّك فتى عابِث و لكنَّك تبقى فتى جيد و هو يُحبك كثيرًا ويتمنى أنْ تصل لِما تُريده."

" هل ستأكُلان ابني يا شباب؟ "

دلف ينطق بذلك بينما يتوجَّه نحوهما فتبسم الشابان ببهجةٍ لرؤية مُدربَهم الذي استوطن مجلسِه جوار ابنه بعدما أفسح زين له المكان .. تنهد بإرهاق و يده اتجهت بخفة لتُبعثر شعر ساجد الشاحِب مُخاطبًا إياه بلُطف:
" أعرِف أنَّك مُتعب و أنا أخَّرتُك .. لكن لقد كانت هناك جِراحة مستعجلة قُمت بها لهذا تأخرت. "

همهم ساجد ببرود و همس بتعب:
" حسنًا هل يمكننا الذهاب الآن؟ "

"بالطبع ."

رد بهدوء ينهض دون أن تختفي عن وجهه الابتسامة، فنهض الفتى كي يرحل معه الا أنَّ أولى خُطواته ابتلعها الظلام فـ انهار جسدِه أرضًا!

*
*
*

يُتبع ...

احم احم،  أشعر بالاحراج والله،  كنت أريد انزال الفصل يوم أمس،  لكن هناك ظروف منعتني،  و هي ولادة زوجة أخي بصبي لطيف إسمه "مُحمد" 😩❤️

و ها هو الفصل و سوف أعوضكم،  و لكني أريد اخباركم أنه اذا شاء الله،  ستكون الرواية على نهاية الأسبوع القادم قد انتهت و تُوِجَت بـ"مكتملة" لأنه لم يتبقى الكثير بها ، الرواية تُكتَب نهايتها منذ هذه اللحظة!!!😩👈👉💔

و طبعًا هناك رواية لطيفة خفيفة و مليئة بالسوداوية 😂 قادمة بعدها ان شاء الله 😁❤️✨

و الآن أخبروني رأيكم بالبارت؟

الرواية؟

المشهد؟

ماضي سديم؟

معرفة مايكل بمروان و صداقة قديمة؟ 😉

توقعاتكم لكل تلك الاحداث؟

التقييم؟

انتقاد؟

و الآن ادعولي أُنهي تعديل البارت التالي بسرعة لإنزالِه ❤️✨

سلااااام 😩💜🌼✨

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top