p 4

مبعثر4

.
.

"اللهُمّ صلِّ وسلّم علىٰ سيّدنا مُحمّد."

.
.

" الحُزن يُحيط بقلبي! "

--

الثلاثاء _ 12.14 منتصف الليل ...

كان يَتسلل نحو غُرفة والده في مُنتصف الليل ، يَنوي سرقة هاتفِه و كل شئٍ يتعلق به من خِزانة والده الذي صادرها كعقابٍ له ...  ما إن اقترب من الخِزانة حتى فتحها بحذر و أخذ يَبحث عن هاتفُه و بعض المال.

و من خلفِه وقفت تُضيِّق عيناها باستياءٍ شديد عاقدةً ذِراعيها على صدرِها بينما تنبس بـِ غِلظة:
" ماذا تفعل يا ساجد؟ "

ارتد جسدِه بفزع مُستديرًا لها بارتباكٍ شديد ، فـطالعتُه بعيناها بخيبة أملٍ أشد بينما تُعيد سؤالها عليه ليجيب بتلعثم بعد بُرهة و بـِ خجلٍ :
" أنا .. أردت الحصول على هاتفي .. فقط. "

حررت ذراعيها و أشارت نحو الباب بضيق تطرده بحِدة :
" أُخرج و عُد إلى غرفتك. "

عبس و هو لا يعرف ماذا يفعل؟ ، هي غاضبة منه مُنذ علِمت بما فعله، لمح والده النائم بينما يَعتدل واقفًا بكسرة مِن ثم خرج ، فتنهدت بضيق ، ابنها ينحدِر للأسوأ!! .. تذكرت أنَّها في الصباح ستُغادر المنزل و ستتركه كحال والده فقررت أنها ستتصل بصديقتها كي تأخذ لها أجازة لأسبوع كامل.

عاد إلى غُرفته يضرب الأرض بقدميه بـِ عصبية ، ثم أغلق خلفِه الباب مِن الداخل و زفر أنفاسِه بضيق و عصبية بالغة و هو يتذكر أن تلك البودرة قد نفذت و عليه الاتصال بصديقِه كي يُحضر له بالاضافة لحصولِه على بعض المال كي يعطيه لرفيقه ثم ما سيأخذه منه .. لكن والديه له بالمِرصاد!

استلقىَ على سريره لثوانٍ قبل أن يجذب الوسادات بغضب و يرميها بعيدًا بعصبية! .. و ظل يتجول بعيناه حولِه بالغرفة لأي شئ يُخرج عصبيته فيه لكنه لم يجد ، فاستلقى على وجهه بطريقة عشوائية يُفكر بإنهاك ، هل هو مذنب؟ .. هل كان يستحق عقاب كهذا لأنه فقط ذهب مع رفاقه لذلك المكان؟! ماذا سيحدث له إن لم يجد فرصة للحصول على تلك المخدرات؟

لكنه سرعان ما غفى مكانه! تاركًا أفكارِه تجِف .. و تاركًا معها مُستقبلٍ غير مُكتمل الملامح!

و حين استيقظ صباحًا كان ضوء الصباح يُنير غُرفته بأشعتِه المشرقة ، لكنه نهض بكسل شديد و قد انتقلت أناملِه لـِ فرك عيناه يُحاول ابعاد كسلِه و هو يُفكر بالذهاب للمدرسة و مقابلة أندرو و ... عبس لتذكرِه أنَّ والده أخذ أجازة مرضية له لمدة شهر كعقاب!

تأفف بضجر مُبعثرًِا خُصلاته الفحمية بغضب شديد ثم توقفت حركتِه و هو يلمح الكاميرا بذلك الركن، و في ذاكرته الضعيفة يشعر أن هناك شئ مألوف حدث! .. لكنه تجاهلها حين سمع صياح سارة و هي تَطرُق بابِه بعشوائية و تُناديه:
" يا ساجد! انهض! .. أبي يُريدك يا ساجد! "

غادر سريره دون أن يغتسل أو يغسل وجهه ، و اقترب من الباب ليفتحه مُقابلاً إياها بوجهه ، فابتسمت بعذوبة كاشفة عن أسنانِها اللؤلؤية ذات الفرق البسيط و التي جعلها تبدو لطيفة ، ما لبث أنِ احتضنته مُعبرة عن اشتياقها له، فلانت ملامحِه و حاوطها بيديه قائلًا:
" أعتذر لإقلاقِك أختي. "

نفت برأسها و ابتعدت عنه قائلة بضيق:
" لقد خاصمت أبي لأجلك، فما كان عليه ضربَك هكذا و حبسك في غُرفتك!"

زادت ابتسامته ليَنحني معانقًا إياها ثم تلاها ابتعادِه عنها مقترحًا:
" سو، ما رأيك أن نجعله يوافق على ذِهابِنا في رحلة؟"

ابتعدت عنه متحمسة:

" سيوافق؟!! "

رسم ابتسامة خبيثة فوق ثِغرِه ينحني نحوها ليهمس لها بشئ ما في أذنها فبادلته ابتسامة ماكرة، و كِلاهما اتفقا على والدهما!

بعد عِدة دقائق في الأسفل، على طاولة بأربع مقاعد، جاور ساجد والدته بينما يتناول الطعام بملل شديد و شهية مُنعدمة بينما لازمت سارة جلوسِها ما بين أبيها و أمها بينما تأكل دون أن تتحدث مع مروان في شئ ، و ذلك ما استغربه الوالدين لتُبادر نارين تسألها بقلق:
" سارة، ما بكِ اليوم؟ "

جفلت فجأة و نظرت فورًا لشقيقها ، فأشار لها سِرًا ببدء الخطة ، فـَ عادت لتنظر إلى والدتها و عبست بحُزن:
" أنا غاضبة من بابا. "

" لماذا؟! "

نبست بحيرة دون أن يهتم المعني للأمر كثيرًا بينما أجابت الصغيرة بضيق من تجاهُل والدها لحديثها كذلك:
" لأنه عاقَب أخي، فضلًا عن انَّه دائمًا بالعمل و لا يرانا! .. و كذلك لم نذهب في أي رِحلة من قبل! و كله بسبب عدم إهتمامِه بنا .. لذلك أنا حقًا غاضبة مِنه و لن أُحدثه أبدًا."

همهمت نارين تؤيدها في شَكواها و راحت تنظر نحو مروان لتجده يتناول طعامه في غير مبالاة! .. فرفعت حاجبها بانزعاج تُخاطبه بغيظ:
" أرى أن غضب ابنتك مِنك لا تُعيره أي اهتمام يا مروان! ."

توقف عن الأكل و نظر لها بملل:
" و ماذا يعني هذا ؟! "

عقدت حاجبيها في ضيق لتُجيبه:
" مروان! أولادك لا يخرجون من المنزل.."

" ساجد يفعل دائمًا و لا أمنعُه!."

قاطعته باستياء:
" و لكن سارة لا تفعل ، كما نحن لم نخرج كأسرة ولا لمرة واحدة يا مروان! "

همهم المعني و نطق باقتناع:
" أجل معكِ حق. "

ثم سكت قليلًا ناظرًا إلى ساجد الذي أخفض بصرِه فورًا بتوتر مِن كشفِه له ليبتسم الأكبر بسُخرية داخلِه فقد تيقن أنه من جعل أخته تقول ذلك،  ثم أردف مسترسلًا :
" سنذهب في المساء إلى المطعم كي نتناول العشاء و سوف أُحضِر لهم الهدايا، موافقون؟ "

تهللت أساريرهم لتنهض سارة فورًا تحتضن والدها بسعادة هاتفة بـِ حماس:
" شكرًا أبي! .. هذا رائع حقًا! "

بادلها العِناق مع قهقهة هادئة رادفًا بنبرة لطيفة:
" العفو صغيرتي ... و الآن حان وقت المدرسة يا سو. "

ابتعدت عنه تسأله بلطافة:
" أبي هل ساجد سيأتي معي؟ "

رمق ساجد بنظرة هادئة ثم عاد ليُحدق في ملامح صغيرته قائلًا بهدوء:
" ساجد سيبقى فهو مازال مُعاقب. "

عبس المعني بينما سألت سارة مجددًا بحيرة:
" و لكن لماذا؟! ساجد أخي طيب جدًا! "

انحنى نحوها و مسح على خصلاتها برِفق يجيبها:
" أجل لكنه فعل شئ سئ جدًا و عليه أن يعلم أن ذلك خطأ كبير لأنه مازال صغيرًا. "

" ما هو الخطأ الذي اقترفتُه؟ "

نبس بضيق مُستنكرًا ليلتفتوا إليه تزامنًا مع نهوضِه بشكل غاضب و هرولتِه بخطوات غاضبة  نحو غُرفته ، فتنهدت نارين بقلق قبل أن تنظر نحو مروان بشئ من العِتاب نابسة بـِ غيظ:
" مروان كفى حقًا! .. لم يكُن يعرف أن ذلك سئ! "

اعتدل في جلستِه بينما يُجيبها بهدوء:
" حتى لو لم يعلم يا نارين، الانسان لديه القدرة على معرفة الصواب من الخطأ .. لطالما أردت ابعادُه عن الذِهاب وراء عادات الغَرب و لكنه الآن ينحدر خلفهم دون أن يهتم! "

تنهدت بضيق شديد مُعقبة على حديثِه:
" و لكنه لا يزال صغيرًا! .. كما أنك قسوت عليه قبل يومين! "

تحركت زاوية شفتيه بابتسامة مستخفة قائلًا بينما ينهض:
" هذا جزء بسيط جدًا و بالكاد أمسكت نفسي عن تحطيم عظامِه ، فـَ رجاءً يا نارين لا تتحدثي أمامه عن أي شئ ولا تُدلليه أكثر فهذا نتيجة تدليلك له. "

عبست بضيق تُرغِم نفسها عن الصمت في حين أنَّه أخذ بيدِ الفتاة و غادر كي يُوصلها للمدرسة بما أن شقيقها لن يذهب معها.

*****

ضرب بِـ كِلتا يديه على المكتب أمامِه و حرك ذِراعيه المَوشومَان نحو رأسه بغضب شديد بينما يقف رجالِه أمامه في رُهبة من غضبِه!

سكن جسده للحظات ثم التفت لهم فجأة ليصرخ مُستنكرًا فشلهُم:
" كيف لم تجدوه حتى الآن؟! .. هل أنتم تعملون عندي لتكونوا كالهواء؟!!!"

تقدم أحدهم بارتباك شديد و راح يُبرر دون النظر لعينيه :
" لا نعرف أي شئ عنه سيدي، حتى .. حتى فحصنا كاميرات المراقبة و لم يظهر شئ سوى مجموعة أطفال يرقصون! ... و لكن سيدي ربما كان فتى يلهو و لن يفعل شئ."

ترك مكتبِه و اقترب من المعني بخطوات باردة حتى توقف أمامِه يجذبه بشدة نحوه قائلًا بغضب و بنبرة حادة :
" و إن يكن! .. لقد كان معه كاميرا! .. فِعل كهذا هو خطر علينا و خاصةً أن المقتول كان من المُخابرات! .. لذا اذهب و جِد لي هؤلاء الفتية و أحضر لي الفتى صاحب الكاميرا! "

و دَفعَهُ بـِ حِدة ليتراجع الرجل خطوتين دون أن يرفع رأسه الذي اهتز موافقًا سيده و التفت ليأخذ بزملاءه ليفعل قبل أن يُقرر أورلاندو قتلِهم بسبب غضبِه!

****

في المساء توقفت السيارة السوداء الخاصة بِـ مروان
أمام ذلك المطعم،  و نزل منها أولًا ليسير بالجهة الأخرى كي يفتح بابها لزوجتِه التي تبسمت فور رؤيتِه يفعل ذلك،  تشابكت أيديهما معًا و ناظرا طِفليهما اللذان خرجا فورًا و سارة تشبثت بـ ذراع شقيقها الذي تبسم بخفة نحوها.

بالنهاية جلس أربعتهم في طاولة تخص العائلة .. كان المطعم راقي كثيرًا،  تُحيط به الأضواء الكلاسيكية الهادئة مع طابع فِرنسي خالد!

عدَّلَت من فُستانِها الأرجواني بـِ رقة لتجلس تنظر نحو مروان بـ حب و قد بادلها نفس النظرة،  فمهما مرت سنوات لكنه لا زال يُطالعها بنفس الحُب الذي لم يقِل أبدًا بل ازداد حين انضم طِفلَيْه إلى حياتهما!

_" ماذا تطلب سيدي؟ "
أردف النادل بلكنته الإنجليزية الصافية حين وقف إلى جوارهما.

ناظره مروان بابتسامة نابسًا بلغة إنجليزية مِثلِه طالبًا عدة طلبات زائد مشروبات و التحلية.

عاد لينظر نحو ساجد و سارة بابتسامة حين وجدهما يتحدثان إلى بعضهما و قد ظهر الحماس على ملامحهما،  لينظر نحو نارين نابسًا بلكنتِه العربية التي دائمًا ما يتحدث بها مع أفراد أسرتِه فقط .. فكونَهم هنا يتحتم عليهم التحدث مِثل شعب هذه المدينة و لكنهم معًا يتحدثون بلُغتهم الأم:
" هل أنتِ بخير يا ناري؟ "

انتبهت نحوه بعد أن خرجت من شرودها و تبسمت بخفة:
" لا تقلق حبيبي،  شردت قليلًا."

همهم بتفهم دون سؤالها،  فهو يُدرك أن رأسها مشغول بما يفعله ابنه،  لكنه لم يُرِد أن يُفسد العشاء لهم.

_" أبي أريد الذهاب للحمام لن أتأخر. "

قال ساجد بينما ينهض ناويًا الذهاب وحدِه ،  لكن مروان نهض فورًا ناطقًا مُسببًا في عبوسِه:
" حسنًا سنذهب. "

غمز لنارين التي فهمتُه،  و جذب يد ساجد كـ طِفل صغير ليُغادرا سويًا متجاهلًا استياءِه منه!

دلف إلى الداخل و أغلق خلفه الباب ليقف متوترًا فوالده توقف أمام الباب،  و قد كتف ذراعيه إلى صدرِه يبتسم بـ سخرية،  هل حقًا يراه أحمق؟ .. هو جاء معه لأنه يُدرك أنه لا بأس به بإفساد عشائهم مَعًا في سبيل الهرب ربما؟ .. لكنه رغم يقينِه لأفعال ابنه الغير مدروسة لكنه لا يعلم لما كل هذا حقًا؟! لما قد يُفسد عشائهم لأجل نفسِه؟!

تنهد حين وجده قد خرج بملامح يائسة دون أن ينظر نحوه،  فأدرك أنه كان معه الحق بالمجيئ معه فـ عقل ابنه به شئٍ ما يود الوصول إليه،  لكن وجوده ربما يُشكل عائق!

بالنهاية انتهت تلك النزهة و غادروا جميعًا نحو المنزل،  و صعد ساجد فورًا نحو غُرفتِه ليُشغل نفسِه بأي شئ يُنسيه فشلِه لأن يهرب و يتكلم مع أندرو!

****


" ساجد؟ "

دلفت إلى غُرفتِه بينما تنده عليه بنبرة هادئة، فالتفت لها ليجدها واقفة مُستندة إلى باب غرفتِه و على وجهها ابتسامة رقيقة بينما تنتظر منه أن يطلب منها الدخول و سرعان ما فهم و تبسم مُستجيبًا بـِ احترام :
" تفضلي أمي، لا تقفي عندك هكذا؟ "

تحركت أخيرًا تجاهِه حتى وصلتُه و قد جذبت المِقعد المجاور لمقعد مكتبِه فـَ تُجاورُه بخفة و هو فقط أعطاها انتباهِه مُستشعرًا غرابة الموقف لتنهيه هي بنطقها بـجدية:
" نحتاج لأن نتكلم يا ساجد؟ "

لم يجد الا أن يوافق تقديرًا لها، فأماء برأسِه بخفة مُهمهمًا بالموافقة لتأخد تنهيدة عميقة زافرةً إياها لتواجهه مباشرةً:
" أجبني؟ .. كم عدد الأخطاء الذي افتعلتها خلال هذا الشهر؟ "

سؤال مُريب لكن ما إن استحضر عقله ما مضى إحمرَّتا شحمتَيّ أذُنِه و أخفض وجهه نحو الأرض بـِ قلبٍ يغلي من الحرج، و لو كان والده لما شعر بهذا الشعور المُزعج! و لكنها الأم يا سادة،  قادرة على أخذ المعلومة مِنَّا بـِ كُل سهولة!

" ساجد؟ .."

ارتبك مِن تأثيرها عليه و عقلِه يسترجع كم مرة إفتعل مشكلة أو وقع في مشكلة، فهمس يبتلع ريقِه بصعوبة:
" عددها كثير .."

" أسمعُك؟ "

تحول وجهه للأحمر! .. أنه يحترق بتلك المشاعر المزعجة التي تُصيبه بوجودها! .. هل سيُمكنه عد ما فعلَهُ حقًا؟!

همهمة صغيرة جعلته يتنهد و يُجيبها بـ خجل:
" على حسب تذكري .. تشاجرت مع فتاة و ضربتها بقسوة أول يوم بالمدرسة ... اضطررت أن أسرق .. أسرق دفتر صديقي لعمل الفرض المدرسي لأني نسيت .. تجاوزت اشارات المرور عِدة مرات .. مِنهم مرتين أمسك بي شرطي المرور ... ذهبت لملهى ليلي مع أصدقائـ.."

" أعدائك."

رفع رأسه مُحدقًا بها بضيق لنعتها لأصدقائه بأعداء، لتسترسل حديثها و هي تُحدق إلى ملامحه المُستاءَة:
" .. ساجد استمع لي جيدًا، مفهوم؟ "

أومأ لها فأخذت نفسًا عميقًا و أمسكت بـِ مِعصميه بين كفيها قائلة بنبرة حانية:
" صغيري، نحن والديك و لن نختار سوى ما هو جيد لحياتك و مُستقبلك .. كِلانا نحمِل همَّك حقًا و نخاف عليك .. لذا رجاءًا استمع لوالدك و لا تفتعل المزيد مِن تِلك الأفعال التي ستُؤذيك و تُؤثر عليك! "

سكتَ للحظات حتى أنهت حديثها و راح يومئ بنعم مُجاريًا إياها، نابسًا بنبرة هادئة :
" حسنًا أمي ."

مسحت بأناملِها خُصلات شعرُه بـِ رِفق و انحنت تَطبِع قُبلة فوق جبينه قبل أن تبتعد ترمقه بابتسامة سعيدة قارصة خده بـحُب:
" هذا هو ابني. "

اختتمت حديثها بالوقوف مُغادرة ليستدير رامقًا دفترِه للحظة قبل أن يتنهد بملل و رأسه يرتمي على ذراعيه بضيق!

في الصباح ..

انحنى يجذب حقيبتِه في سرعة و قد تَسلل في الصباح يُحاول المغادرة و بحافة أصابعِه أخذ يُدلِّك أنفِه في ضِيق لكنه ما إن أدار مقبض الباب حتى جفل مُتراجعًا للخلف خطوة و أخذ يحدق في والده بـِ توتر، بينما تحرَّك والده يرمق حقيبته في شكٍ و قد دلف يجلس على السرير بينما يُخاطبه بـِ هدوء:
" تعال يا ساجد .. أريدك في أمرٍ ما. "

تَحرَّك الفتى حتى صار يُجاور والدُه في السرير و قد رمى بحقيبته إلى جوار قدميه لينطق والده بينما يُحدق في حقيبته:
" ساجد، سنذهب في رحلة بعد ساعة من الآن، أخبرتك والدتك بالأمر؟ "

عقد جبينه في حيرة لكنه راح يومئ بتردد، متمنيًا ألا يُلاحظ والده كِذبِه و سُرعان ما ابتسم الأب مُبعثرًا خُصلات صغيره ثم وقف و هم بالمغادرة تاركًا الفتى يتنفس بالارتياح ، من الجيد أنه لم يُلاحظ أنه كان يهرب و لم يكن يعرِف بالرحلة!

بعد ساعة بالفعل كانت تِلك الأسرة تُغادر منزلها لمنزل العُطلة الصيفية ، و رغم أن توقيتهم في الشتاء، كانت السماء غائمة و تنذر بسقوط الأمطار لهذا اليوم بغزارة لذلك أكد مروان عليهم أن يرتدوا السُترات الثقيلة و يحملون ثياب دافئة في حقيبتهم، و الفتى لم يُدرك بعد كم مُدة الرحلة؟ .. و ما الذي يَدفع والده أن يطلب منه أن يجمع كتبِه أيضًا؟! .. لكنه بالطبع لم يجرؤ على السؤال!

ظل مُراقبًا الطريق الذي استغرق ساعة و نصف تقريبًا حتى باغته النوم دون أن يُدرك و بطريقةً ما وجد شخصًا ما يُوقظه مُناديًا إياه مع هزَّة بسيطة لكتفِه و حين بدأ يفتح عيناه انتبه أنهم وصلوا برحلة استغرقت ساعتين وصولاً لمنطقة ألبرتا في كندا!

و بينما يُغلق باب السيارة خلفِه بعد خروجِه منها و يُحرك عضلاته المتيبسة ، صاحت سارة بجانبه و هي تدور حول نفسها في الثلج:
" ياه!! أبي إن المكان أصبح أفضل بكثير عن السابق! "

ابتسموا لـِ بَهجتها بينما انتقل الأب ليأخذ بالحقائب و يدلف إلى المنزل الذي يملأ الثلج أركانِه و يتبعه ساجد مُتعبًا من الرحلة و قد قرر سؤال والده عن كل شئ حين استيقاظِه!

على أول مِقعد رمى نفسه عليه دون أن يهتم بالغبار الذي تناثر من حوله بسببه ، بل أغمض عينيه و راح يسبح في فضاء عالمُه دون اهتمام لما حولِه!

مروان لم يُعيره اهتمامًا بل تركه و راح يترك الحقائب أرضًا بينما يُخاطب نارين خلفُه:
" ناري علينا تنظيفه أولاً حبيبتي."

أومأت و هي تلتقط يد صغيرتها التي هرولت معها لـِ تُساعدها في المنزل و بعد ساعتين من المجهود في تنظيف المنزل راحت تسكُب الطعام التي أعدته في الأطباق أمام زوجها و طفلتها في حين كانت تنظر بين الفِينة و الأخرى للنائم خلفَهم لـِ يُخاطبها مروان بابتسامة حين فهم نظَراتِها:
" لا داعي للقلق، لابد أنه مُتعب فقط من المجئ بالسيارة. "

نظرت لمروان و ابتسمت بخفة فبادلها الابتسامة يُحدق بها للحظات بشوق ثم نبس بهَيام فجأة و هو يقف مُتغزلًا بها بانجليزية لطيفة:
" ما لي أرى القمر بازغًا اليوم في غير مِيعادِه؟ "

ابتسمت أكثر لغزلِه و راحت تصدمه بِـ مياه الكأس فوقِه مُبادلة إياه كلماتها بكل عبث تزامنًا مع شهقتِه المتفاجئة المصدومة مِن فٌعلتها :
" لديكَ عينان ثاقبة و لكنك من فرط الغباء تذوب! "

ضاقت عينيه في خُبث ، فضحكت لنظرتِه تلك و هي تترك ما بيدها و تتراجع بينما يُردف هو بمكر و قد بدأ يقترب منها بعبثية :
" سوف أُورِيكِ ما الغباء. "

فنطقت بدهشة و قد قهقهت على فِعلتِه مُحاولةً الهرب مِنه:
" لحظة! الاولاد! "

" أبي علِّمها درسًا! "

صاحت سارة قاطعة كِليهما لثوانٍ بحماسٍ زائد ، فنظر لها والدها غامزًا إياها بـ مكر بينما نظرت والدتها لها نظرة عابسة مُعاتبة الا أن الصغيرة كانت في صف أبيها الذي استغل انشغال زوجته ليُمسك بها هاتفًا بينما ذِراعيه تُحيط بها بِـ حُب:
" أمسكتِك! "

شهقة خرجت منها لثوانٍ تلتها ضِحكة من قلبها و هي تحتضنه و قد بادلها بخفة في حين نهضت سارة لتعانق خِصرهما بحماس!

و من خلفهم كان مُستلقيًا على جانبِه يُحدق فيهم و الابتسامة متربعة على ثغره، يود لو أن ينضم لهم لكنه يَجد الأمر ثقيلًا ليفعل ، لذا عاد لمُعانقة جفناه و يتابع قيلولته بصمت! فبعض الأشياء لا نستطيع فِعلها،  ليس لكونِها ثقيلة علينا،  بل لكوننا ليس لنا الجُرأة لفِعل ذلك!

*
*
*

يتبع..

فصل طويل .. ارجو أن تكونوا استمتعتم ❤️✨

حسنًا لنبدأ فقرة المناقشة، طبعًا هذا بارت الخميس لكن سأحاول وضع بارت أخر اذا عدلتُه.

هناك شئ بسيط أود التحدث به و هو أنني لا أجد أي تفاعل؟ هل هو بسبب الامتحانات؟ أو ظروف أخرى أم بسبب أن الرواية ليست بجيدة رغم أن فكرتها تختلف عن باقي رواياتي و أنها في بدايتها حاليًا؟  .. نظرًا لأني بالفِعل أخذ وقت طويل لتعديل البارت و تنزيلِه لأجلكم و في مواعيد محددة كي لا تنزعجوا من تأخيري .. و حقًا يكفيني تعليقاتكم و وقتًا بسيطًا أراكم به تُناقشون معي الرواية!

و الآن اخبروني؟

بالمشهد الذي تعلق في أذهانكم؟

اقتباس من الرواية مثلًا؟
هذا سيكون سؤالًا دائم.. 👈👉

و تقييم البارت؟

أي أخطاء املائية؟

رأيكم في البارت من سرد،  شخصيات،  حبكة .. الخ؟

أي شخصية تشعرون أن خلفها الكثير و أنها غير مفهومة؟

و إلى اللقاء في بارت جديد باذن الله❤️👈👉

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top