P 19

مبعثر19

.
.

هالِك أنا بتِلك الفوضى التي تعُم حياتي!

..

لم يُدرك كِلاهما ما حدث بالخارج، الهدوء يُحيط بالمنزل، و ضربات قلب ساجد الذعِرَة جعلته يفقد قدرته على السير، لذلك حين رأت نارين حالته تحرَّكت نحوه لتجاوره ، لم تنتظر أن يُسند رأسه عليها بل بادرت تحتضنه كي تمنحه الأمان! .. و سُرعان ما شعرت برجفة جسدِه الغير طبيعية ، مما جعلها تقلق و هي تُحاول التقاط أيُّ صوت بالخارج حيث ذاك الضجيج الذي أُحدِثَ قبل لحظات لكن فشلت بمعرفة ما يجري! .. و رغم قلقها على طفلتها لكنها لم تتمكن من ترك ساجد بتِلك الحالة! .. كان يبدو أنَّ أعصابه تالِفة تمامًا!

فجأة فُتِح الباب بهدوء لتتعلق عيناها بجسد زوجها الذي كان يحمل سارة بين يديه و يبتسم بقِلة حيلة  بينما كان الفتى قد أغمض عيناه بتعب! .. رمقته بقلق ، فراح يُنفي لها بحركة مِن رأسِه و هو ينظر لساجد بين يديها قائلًا بخفة كي يُطمئن الاثنان أمامِه:
" لم يحدث أي شئ! .. لقد كانت سارة تسير و هي شِبه نائمة و في طريقها كسرت إناء الورد ليس إلَّا ".

أنهى كلماته جاعلًا إياها تستلقي بجوارهما، ليستمع كِلاهما فجأة لجِدالِ ساجد بنبرتِه المُهتزة:
" لقد كان يُحاول فتح نافذتي! "

تنهد مروان بملل ، يرُد:
" لم يكن هناك غيرنا و لقد تأكدت مِن نافذة غُرفتك، انّها سليمة! .. ربما كنت تَحلُـم .."

" لا! .. "
هتف يفتح عينيه و يتمسك بملابس والدته بينما يُكمل بخوف و إصرار :
" لم يكُن حُلمًا! .. انّها الحقيقة! .. لقد كان هناك مَن يُحاول فتح النافذة! .."

توقف حين وقف مروان أمامِه و قاطعه بهدوء:
" أعصابَك تالفة، اهدأ و هيا للذهاب للنوم. "

عاد يُريح رأسه على كتف والدته باحباط، لما لا يُصدقه فقط؟! .. و الأكبر أردف مُتذكرًا ما دار بينهما مِن حديث قبل عِدة ساعات و بشئ مِن الضيق:
" هيا انهض أيها المُزعج! أقلقت راحتي .. ثم توقف عن جلبِ المتاعب لنفسَك .. "

لم يتحرك ساجد و كل ما فعله هو إغماضِه لرماديتِه و تمسكهُ بوالدته التي رفعت عيناها نحو مروان قائلة بقلق و عتاب بعد أن قاطعت حديثه:
" مروان! لا تستخدم هذا الأسلوب مع إبننا ثم كيف سيعود لغُرفته و جسده يرتجف بتلك الطريقة؟! و كما عن أي متاعب تتحدث يا مروان؟! "

تنهد مروان مُدلكًا جبهته بضيق يُومئ لها بأنَّها صادقة ثم نظر لساجد مجددًا ، كان يُلاحظ مدى خوفه و لكنه لم يُصدقه نوعًا ما لعدم وجود سبب منطقي لما قالِه ، لذا اكتفى بأن قرر جعل الثلاثة ينامون سويًا بينما هو غادر لغرفة ابنه مُتجاهلًا أخر سؤال لنارين .. ربما تعمَّد ذلك،  فهو لا يَوَدُّ إشراكها بأمور إبنهما كي لا يتضاعف قلقها أكثر.

و في الخارج تراجع يتنهد بإرتياح،  فللتو كاد يكتشفه ذلك الفتى أو هذا ما أرادَهُ بالفِعل عندما تَعمَّد رفع الضوضاء التي يفتعلها بالنافذة ليصلُه الصوت و سُرعان ما وجده يستيقظ و يهرع خارجها، لذا ابتسم بسُخرية ينظر نحو السُلَّم المرتمي أرضًا و الذي صعد به لنافذة الفتى يُحاول فتحها لغرضٍ في عقلِه ثم تراجع يبتعد عن ذلك المنزل ذو الطابقين بينما يُطلق دندنة لامُبالية و مُستمتعة! .. ربما فقط نجى ذلك الفتى اليوم،  لكن هل سيصمُد طويلًا؟

...

في الصباح ... في تمامِ العاشرة صباحًا استيقظ ساجد ليرى نفسه يتوسط سرير والداه، اعتدل ليكون مستويًا على السرير ضامًا يديه فوق معدتِه ، و أخذ يُحدق بالسقف دون أي أفكارٍ في رأسِه! .. شاردًا تمامًا و كأنه يُحاول ايجاد شئٍ ما لفِعله!

تِلك اللحظة دلفت سارة إلى الغرفة و هي تناديه باعتيادية:
" ساجد أبي يُريدك. "

أمال رأسه نحوها و تنهد يعتدل جالسًا باستياء مُفكرًا بليلة أمس، هل كان يتخيل؟ أم أنه بالفِعل كان هناك شخصًا ما يُحاول فتح نافذته؟!

" أخي! لما لا ترُد؟ "

نظر لأخته التي سُرعان ما جاورته تهتف فيه بغيظ طفولي! .. فحدق في وجهها و ابتسم قائلًا:
" حاضر ، سوف آتي .. لكن لما أبي لم يذهب إلى المشفى حتى الآن يا سارة؟ "

قوسَت شفتيها و هزت كتفيها بعلامة الجهل، فهمهم مُتفهمًا و طلب منها أن تسبقه، ففعلت!

هو نهض و قد قرر تغيير ثيابه في غرفته أولًا و ما كاد يدلُف لغرفته حتى سمع صوت والده يُناديه من الصالة! .. فزفر بغيظ و التفت يتجه نحو مكانهم مُتجاهلًا تغيير ثيابِه،  بينما تتكاثر أسئلة عقلِه عن سبب رغبة والده برؤيتِه بتِلك الرغبة القوية ، ثم توقف يكتم شهقة عن الظهور بقلق ،  هل سوف يُعاقبه على كل شئ أخفاه عنه؟! ..لكنه كان هادئًا بينما يستمِع إليه،  فلما غير رأيه الآن و يَود عِقابَه؟!!!

رآه مروان و هو يتجه نحوهم ثم توقف للثوانٍ قبل أن يعود للتَحرُّك نحوهم ، و بدون أن يتحدث هو جلس إلى جوارِ والدته يرمُق والده بضيق مُتجاهلًا أسئلة عقلِه المُلحَّة:
" هل هناك ما تُريدني فيه؟ "

أبعد والده هاتفه عن مرمى نظره و راح ينزع عنه نظارته الطبية لينظر باهتمام نحو ابنه ، ثم أجاب بهدوء:
" أجل ، أُريدك في أمرٍ مهم. "

" و ما هو؟! "

بتململ سأل بينما يقلب عينيه بملل بعد أن تأكد ربما أن والده تلاشى فكرة عِقابه ، لكن ما نطق به والده تِلك اللحظة جعله يُنصت فجأة حيث قال الأكبر:
" سوف أخبرك عن روزان .. والدتك الحقيقية."

هنا شعَر و كأنَّ هناك مَن سكبَ ماءً شديد الصقيع فوقه! .. بل و كأنَّه شعر للحظة أنَّ جسده ارتعش لما نُطِق به! .. لكن مشاعره لم يسمح لها بالظهور أمام والديه و أخته التي راحت تُحدق في والدها بغرابة بعد ما قالَهُ! .. الا أنها لم تتحدث بل هدأت تُحاول استراق السمع ، فالأمر يخُص أخيها! و يبدو أنّه مُهم.

حين لاحظ مروان الأمر نظر نحوها آمرًا:
" سارة، اذهبي إلى غُرفتك. "

جفلت على ما طُلِب منها و راحت تُحدق في والدها بعبوسٍ مستاءة لكنّه رفع إحدى حاجبيه يُناظرها بغِلظة، فـ زفرت بـغيظ و هي تُنفذ أوامره بتكدُّر .. فهي حقًا لم تَعُد تفهم لما لا يَرغب والديها بمعرفتها بما يَخُص أخيها؟!! ثم مَن روزان تِلك؟!

حين اختفت عن أعينهم بعدما غادرت إلى غُرفتها نظر مروان نحو نارين بهدوء و قد كانت المَعنيّة هادئة على غير العادة ، في حين كان ساجد يُراقب الوضع بينهما بقلق!.. مُفكرًا : لما والده فقط يَود أن يفتح معه هذا الأمر المُفاجئ؟! هو لم يطلب أن يعلم عن أهلهِ الحقيقين أي شئ!

و لأجل رؤية مروان لتِلك الملامح الصامتة المُستنكرة ، هو تنهد بخفة و أجاب استفسارات ملامحِه بينما يُحاول أن يُعطي مساحة للفتى أن يتفهم الوضع .. هو سَرد كل ما كان يعرفه عن والدته و عن ما قالته له ذلك اليوم، قال حقيقةً ليست صعبة فقط على المُستمع لها بل كانت أسوأ مِن كل ما مَر به مِن قبل!! .. و سُرعان ما وجد دموعه تأخذ مجراها لتُبلِل وجنتيه! .. كانَ يُحاول تذكر الإسم لكنه لم يستطع أبدًا و هذا فقط يجعله يُجَن!و لكن مشاعرُه أبَت الظهور بسبب الصدمة!

توقف مَروان حين رآه هادئًا باستثناء رماديتيه التي حررت دموعها .. تنهد باستياء و راح يُكمل بينما ينظر للساعة التي تجاوزت الثانية ظهرًا :
" و لذلك قررنا أنا و نارين ضمَّك لنا و لكنك لم تكُن فردًا غريبًا طوال تِلك السنوات، بل و تصرفاتي معَك و إن كانت قاسية فهي حقيقية نابعة مِن خوفي عليك و قلق أبٍ يرى إبنه يسير في طريقٍ خاطئ بإرادتِه! .. "

خلل أنامله بين خصلاتهِ و أخذ نفسًا عميقًا ليُحرر لمعة زرقاويه نحو طفلهِ مجددًا يُكمل بصدق و بنبرةٍ ظهر بها تأثرًا كبيرًا لما يقوله:
" .. لقد كنتَ الجبر و العوض لنا، أنتَ لازِلت إبننا يا ساجد مهما كلَّف الأمر .. و مهما أردتَ أنتَ الابتعاد،  سنظل والديك،  و ستظل طِفلنا الذي نحتاجه و يحتاجنا."

" لماذا أخبرتني الحقيقة فجأة؟ "

قاطعه يُبعد تلك الدموع عن عينيه مُبتلعًا صدمته ، يُحدق في عين مروان بجِدٍ يُريد إجابته و التي سُرعان ما تلقاها من والده الذي أجاب بهدوء دون النظر لعينيه:
" لأنّي أردتُّ أن أعرف .. إلى أيُّ جانب تُريد أن تكون؟ .. لم ألتقي بوالدَك و لم أعرفه سوى مِن كلمات والدتك التي تركت لي وصية حِمايتك .. كِلانا أنا و نارين نُحبك، لكننا لسنا بصدد مَنعك عن أمرٍ مِن حقك معرفته حتى لو عنى ذلك .. قتلنا مرة أخرى. "

و نهض يلتفت كي يُغادر لكنه التفت فجأة قائلًا:
" لقد أخذت ذلك الفيديو و قدمته للشرطة، ربما هذا آخِر ما قد أُقدمه لك لحمايتك مِن ذاك الشخص. "

و غادر ، تاركًا الصبي في حالة مِن عدم الاستيعاب و التقبُّل للأمر برمتِه! ... لكنه لم يبقى كثيرًا ليُدرك أنَّ قَدرَهُ أن يتواجد بين أفراد هذه الأسرة فقط! .. لكن ما معنى أخر كلماته؟ .. كيف سيقتلَهم ذهابه مرة أخرى؟!

و لأجل أخر كلمات راح يُناظر ذهابه بصمت ثم نظر لنارين التي لم يستمع لصوتها منذ أن جلسوا معًا، و لكن مع نظرته لها هي قالت بهدوء:

" لقد ترك مروان لكَ حرية الاختيار، رغم ذلك لو عنى ذلك ابتعادك عنَّا و إختيار طريق أو البحث عن والدك الحقيقي .. سنكون كأسرة قد خسرنا إبننا للمرة الثانية .. أول مرة حين اختطفته العصابة ليبقى شهرًا تقريبًا مُختفي ثم نسمع خبر موته الذي أوقف حياتنا عن العمل! .. و مرة ثانية سيكون موته تِلك المرة هو المرة الأخيرة التي قد لا نراه بعدها .."

سكتت للحظات و راحت تُحدق به بجدية قائلة:
" أعرِف أنَّك مشوش يا ساجد ، لكنّك بصدد إختيارِ طريقٍ لا رجعة فيه و .."

صمتت حينما نهض فجأة بغضبٍ يُناظرها باستياء! .. ثم ترك مكانهُ يسير مبتعدًا نحو الخارج دون أن يسمح لها بأن تُضيف حرفًا أخر! فقد إكتفى استماعًا لتِلك الحقائق المؤلمة!

و لشِدة ما به مِن غضبٍ هو وقف خلف منزلُه ليدفع الأرض بقدمِه! .. غاضبًا مِنهم لأنّهم تحدثوا بأمرٍ ما كان يُريده! ... فهو لم يطلب أن يعود إلى أسرتِه السابقة! .. لم يطلب أن يعلم أنَّ والده مجرد مُجرم! .. لم يُرد أن يتذكره و لا يُريد، و لم يكُن يريد أن يعرِف أنَّ والدته قبل موتها عانت بسببه و لأجله!

انتهى به يستلقي على العُشب يُحدق في السماء التي كان بها بضع كُتَل مِن الغيومِ التي استطاعت أن تَحجُب الشمس عن انتشارِ سطوعها و دِفئها! .. هنا راح يُغمض عيناه ليبقى في وضعٍ هادئ .. لا يُريد أن يُفكر بأي شئ! .. لقد اختار أن يبقي مِن قبلِ أن يُبادر والده في الحديث!

.
.
.

أسدلَت السماء ستائرها المُرصعة بالنجوم لينتشر برودة الجو في الأجواء أكثر مِن ذي قبل .. كان هو لا يزال على نفسِ موضعه حتى عادت له حواسه حين أحسَّ بالجوع ،  فاعتدل يتنفس الصعداء ثم نهض يدلُف للمنزل ، هو لم يكُن يعلَم إن كان أحد والديه غادرا المنزل أم لا لكنه دون أي سبب هو إختار أن يبقى إلى جوارِ أُسرته هنا .. و لا يُريد أي شئ أخر ، لقد كان مُتقبلًا فكرة وجوده جِوارهم و بينَهُم!

وجد المنزل في حالة مِن السُكون ليبتسم بخفة و هو يُحدق في ملامح والدته المُكدَّرة و أخته التي أخذت ترسُم في كراستها بملل ، لكنه حين وجد والده يُقبل نحوه بملابس المنزل هو هتف لوالدتِه باقتراح:
" أمي هل لكِ عمل فطائر الجبن لنا؟! .. فأنا جائع."

والداه ناظراه بدهشة و قد تجمدَا في موضعهما ، و لكنه لم يبالي بهما و هو يسير نحو أخته ، ثم ما إن جاورها حتى رمى بجسده يجلس برفقتها ليُخاطبها بحماس و هو يُحدق برسمتها:
" واه! أنها لطيفة جدًا!! .. أنتِ حقًا ماهرة في الرسم صغيرتي! "

" حقًا أخي؟! "
صاحت بسعادة، فأومأ لها ببهجة مُبعثرًا خُصلاتها بحُب!

انتهى بأربعتهم يجلسون برفقة بعض، يتناولون الفطائر التي سُرعان ما أعدتها نارين و قد جلست تراقب مشاغبة طِفلَيّها بحُب و راحة شديدة غمرت قلبها لرؤية ازعاجهم لبعضهم البعض ، فهذا إن دل على شئ،  فهو يدُل على مدى قُربهم مِن بعضهم بعضًا!

سرعان ما عاد الهدوء اللحظي لـ تِلك الأسرة الصغيرة، و أصبحت أيامهم التالية ما هي إلّا هدوء و راحة غمرت الجميع تحت مِظلة السعادة!

الا أن ذاك لم يدم طويلًا، إذْ أنّه بعد ثلاث أيام مِن هذه اللحظات الهادئة ، و بينما كان مروان يبيت هذه الليلة في مشفاه ، حينما أشارت الساعة إلى الثانية بعد منتصف الليل كان يغُط الجميع في النوم، نارين تحتضن سارة في سريرها بينما ساجد كان وحده في غُرفته.

فُتح باب الغرفة على مهلٍ ، و بدون صوت حرَّك قدميه و بالكاد تشعر بخطواتِه ..  اقترب بتسللٍ و بين يديه يدفع منديلًا ليلمس سائلًا ينسكِب برويّة مِن تلك الزجاجة الصغيرة على المنديل ، و ما إن إقترب حتى لاحظ أنَّ الاثنان يغُطان في نومٍ عميق ، فتبسم بخفة و هو يقترب مِن نارين ، و ببُطء جعلها تستنشق مع أنفاسها تِلك المادة المُخدرة ، أبعدها و راح يحركها بخفة لكنها لم تستجِب، فتنهد و انتقل نحو سارة ليفعل المِثل ، و مرةً أخرى يتنهد بارتياح ، فالأمر كان أشدُّ مِن السهل!  .. ثم التفت و خرج كما دخل ..

و في غُرفة ساجد ، فتح عينيه فجأة يُحدق في سقف غُرفته بعد كابوسٍ سيئ بالكاد يذكُر تفاصيله ، اعتدل في مجلسِه ليمسح قطرات العرق التي ملأت جبينه! .. ثم راح بناظريه نحو باب غُرفته و دون رغبة بالنوم هو غادر سريره بينما يُهندم منامته الليلية ، و أخذت قدميه تسيران ببطء بينما يتثائب بنُعاس ، مُنتقلًا بخفة نحو غرفة والدته!

دلف إلى الغُرفة ليجد كلتاهنَّ يغُطان في نومٍ عميق ، فتقدم مِن والدته يُجاورها بعدما جلس على طرف السرير بجوارها ، ثم حرك يده بخفة يدفع كتفها بخفة بينما يناديها بملل و تعب:
" أمي؟ .. أمي أنتِ تسمعيني؟ .. أمي! "

عقد جبينه في قلق بالغ و هو يُحاول إيقاظها و ما لبث أن نهض يصيح بها أن تستيقظ لكنها لم تفعل ، فانتقل لأخته يُحاول معها و مع كل ثانية تمُر كان ذعرُه يرتفِع بغزوٍ داخل خلايا عقله!

و مِن خلفه تقدم خطوة تُلو الأخرى ببطء مُقتربًا مِن الفتى الذي لم ينتبه على شئ بينما يُحاول مع والدته مجددًا ، و يد الرجل بدأت تقترب منه بذاك المنديل المخدر و بقبضة يده الأخرى صَدم ساجد حين جذبه بغلظة مُقلصًا بينهما المسافة ليغلق فاهِه بالمنديل الا أنَّ ساجد كتم أنفاسه فورًا و دون أن يعلم كيف لقُدرته على التفكير هو دفع قدميه عكس حافة السرير ليدفع جسد الرجل بجسده فيقعان أرضًا و يتحرر ساجد يبتعد بسرعة عن الرجل الذي زمجر بغيظ بينما يعتدل بخفة ، غير مُبالٍ باتساع بؤبؤيْ عينُ ساجد و قد شحب وجهه حينما رآه يعتدل واقفًا بتململٍ قبل أن يُبادله التحديق بابتسامة!

تلقائيًا حدقت عيناه بجسد والدته و أخته و تصاعد القلق إلى قلبه عما فعله بهِن ليهتف بخوف بالذي أمامه بينما يتراجع بجسدِه للخلف بحذر:
" ما الذي فعلته لهما؟! "

" كل الخير عزيزي .. كل الخير. "
قال بينما يتحرَّك صوبَهُ،  و لا زال ساجد يجلس أرضًا مصدومًا مِن رؤيته لهذا الرجل مُجددًا! ..  و مع ذلك لم يكن لأورلاندو أن يهدأ و هو يتحرَّك نحو الفتى الذي سُرعان ما ارتفع أدرينالينَه في جسده ليتحرك بسرعة هاربًا مِن الغُرفة لكن كان أورلاندو قد أقفل كل طرق هربه لذا و بكامل هدوءِه هو تحرك خلفه مُستمتعًا بخوفه الذي رآه في رماديتاه بينما يهتف بحماس:
" اخترت لُعبة القِط و الفأر إذًا! .. الآن عزيزي هذه المرة القِط مَن سيكسب المعركة! "

نزل نحو الأسفل و وقف في منتصف المنزل يبحث عن الفتى بعيناه، فأين هو مُختبئ؟!

و المعني كان هناك يقف أسفل سُلَّم الدرج يُحاول إعادة تنظيم أنفاسه و مُحاولًا تجاهُل الوهن الذي يشعر به لاستنشاقه بعضًا مِن تِلك المادة! .. و بين يديه يقبع هاتفه، و لكن قبل أن يفعل حرر جزءً مِن رأسِه نحو الذي يُعطيه ظهره، مُحاولًا أن يُفكر بشيئٌ يفعله كي يتخلص مِن وقفته تِلك حتى يستطيع أن يُكلِم والده دون أن يسمعه أورلاندو .. و لأنه بمكان غير ظاهر تنفس بقوة يُبعد عنه وهنه و رغبته المُلِحَّة بالنوم  يتجاهل تحرُّك أورلاندو في أرجاء الصالة بينما يُرسل لوالده رسالة بدلًا مِن إتصاله حتى لا يكتشف المعنيّ مكانه!

" أظهِر نفسك بدلًا مِن أن أفعلها بطريقتي و صدقني لو فعلتها لن أرحمك! " تكلم أورلاندو ببرود و قد نفذ صبره مِن بحثه عن ساجد الذي دفن نفسه بذلك الرُكن مُستعينًا بظُلمة منزله أثناء الليل، الّا أنَّ أورلاندو أردف بينما يُخرج مسدسه يتجه به نحو غُرفة نارين و سارة :
" إذًا فلقد جعلت الأمر يمُر بالأسوأ .. رأس أختك أو ربما والدتك سيكون ضحية ... "

" لحظة انتظر! "
صاح به يكشف عن مكانه! .. و ذلك قبل أن يعتلي أورلاندو درجات السُلَّم .. ببساطة هو عاد ليُقابله و لو أنَّ المسافة لم تكُن بعيدة بين كلاهما، و رغم حذر ساجد الّا أنّه لم يكُن ينوي جعل أخته أو والدته الضحية لأجله! .. و لو عنى ذلك التأذِّي لأجلهما!

تحرَّك الأكبر نحو الفتى دافنًا يديه في جيبيْ بنطاله، و ما إن وقف أمام ساجد حتى ابتعد هذا الأخير عنه بحذر لكنه لم يمنع نفسه بـ أنْ تعتلي نظرات الغضب وجهه و هو يبادله التحديق!

خلل أورلاندو أنامله بين خُصلاته الشقراء و أخذ نفسًا عميقًا يرفع رأسه مع تزَيُن شفتاه بـ ابتسامة و تزامن مع ذلك رفع يده الممسكة بسلاحه ليهوِي به بكل قوته نحو وجه الفتى الذي لم يستطع حماية وجهه و تلقى الضربة يندفع جسده ليستقبل الأرض بِعُنف!

استند بيديه يرفع نفسه قليلًا و عيناه حدقت بقطرات الدماء التي انسابت بسلاسة على الأرض مع انتشارِ ألمٍ حارق في جبهتِه! .. و ذلك كان فِعلًا لم يُشفي غليل أورلاندو الذي رفع أكمام قميصه تتسع ابتسامته بشر .....!

.
.
.

يُتبع! ...

حسنًا لنتوقف هنا،  أدرك مدى تأخري لكن السبب لأن انا و أسرتي كنا ننتقل لشقة أخرى و الأثاث اخذ منا وقتًا،  غير ذلك الأمر كان مُتعبًا لي كثيرًا لدرجة ساقاي تؤلمانني للصعود و الهبوط من الطابق السادس للأوض او العكس 😂👌💔
لذا اعذروني فهذا سبب عدم مقدرتي للتنزيل. و التعديل بعد أن كنت اقول أنني سوف أنهي الرواية  👈👉💔

عامةً الرواية لم يتبقى فيها سوى 9 بارت فقط و تنتهي 💔✨

الآن أخبروني برأيكم بشكل عام في البارت؟

توقعاتكم للأحداث القادمة؟

السرد؟

انتقاد؟

المشهد؟

و التقييم؟

و إلى اللقاء مع بارت جديد قريبًا ❤️✨

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top