7. HINATA

كونوها، أبريل 2018.

1.

«العائلة هي أثمن شيء في حياة الإنسان» هكذا اعتادت أمي أن تقول. فمهما تشاجرنا ومهما كانت الظروف، في نهاية اليوم، علينا أن نجتمع حول مائدة واحدة ونتذكر أننا عائلة.

قرأت يومًا أنّ الابنة ترث قدر أمها. بدأت أصدق ذلك عندما تزوجت ساسكي. لقد تم ترتيب زواج والداي من قبل عائلتيهما، علمت ذلك عندما تصفحت مذكرات أمي... بعد وفاتها بفترة وجيزة. لقد أحبت شخصًا آخر أيضًا. أتمنى لو أنها كانت هنا؛ أفتقد نصائحها.

— مؤلم!

طرف إصبعي المحترق يتحول إلى اللون القرمزي. هذا الألم موجود لسبب ما، لحمايتي، لكن ماذا عن الألم الكامن في أعماق صدري؟

تمتم ساسكي وهو يحيط يدي بمنشفة مليئة بمكعبات الثلج:

— احذري.

تلعثمت بابتسامة مصطنعة:

— لا بأس، ليس بالأمر الجلل.

وضع ساسكي اللحم المشوي في طبق وأخذه إلى الطاولة، حيث ينتظرنا هانابي ونيجي وتينتين، ابن عمي وزوجته.

أنا ونيجي نشأنا أخًا وأختًا. عندما كان طفلًا، كان يقضي معظم الوقت معنا، لكن والديه انفصلا ورافق والدته إلى كومو.

تينتين صديقتي من المدرسة الثانوية، ودرسنا معًا في الجامعة. لقد تعرفت على نيجي عن طريقي، وظلّا على اتصال منذ ذلك الحين.

العائلة، ربما هذا ما تعنيه. أن نجتمع لتناول الغداء ونتجاذب أطراف الحديث تحت السماء الزرقاء وأشعة الشمس اللطيفة في يوم ربيعي في حديقتي. لحظات كهذه تجعلك تنسى لماذا بكيت طوال الشهر. وتبدأ في نسيان حياتك المعقدة، ثم...

— تينتين حامل.

ما أن أعلن نيجي ذلك حتى ضربته صديقتي بمرفقها.

— ماذا في ذلك؟

صرخت وابتسامة عريضة على وجهي:

— هذا رائع! علينا شرب شيء للاحتفال!

أنا سعيدة من أجلهما، أنا حقًا سعيدة... ربما ظنت تينتين أن هذا سيؤثر عليَّ بطريقة ما، لكثرة شكواي من رغبتي في الحصول على طفل، لكن أليس هذا هو سبب شعوري بالسعادة؟

— سأصبح عمة، أليس هذا رائعًا يا ساسكي؟ أنا متحمسة جدًا!

أطلقت ضحكة هستيرية. أمسك ساسكي بيدي وابتسم ... بحزن؟ حدقت هانابي في وحاجباها معقودين. نيجي فخور، واضح من عدم اكتراثه. أما تينتين... فهي تحاول أن تبدو طبيعية، لكن ملامحها تخونها. إنها قلقة. قلقة بشأن ماذا؟

لماذا يجد الجميع صعوبة في تصديق أنني سعيدة؟ أليس هذا ما يريدونه؟ أليس هذا ما يقولونه لي دائمًا؟ ابتسمي للحياة وستبتسم لك الحياة. فجأة، شعرت بالاختناق. امتلئ فمي باللعاب وانتابني الغثيان.

ركضت إلى الحمام لأتقيأ. جلست على الأرض وأطرافي مثقلة. أعرف هذا الشعور — أنا على وشك الإغماء. أغمضت عيني وتنفست بعمق لعدة ثوانٍ قبل أن أقف. غسلت يدي ووجهي ثم عدت إلى الحديقة.

سألني ساسكي وهو قادم نحوي:

— هل أنت بخير؟

— نعم... لا شيء يدعو للقلق.

وضع يده على خدي.

— هل أنت متأكدة؟ تبدين شاحبة.

رفعت صوتي في وجهه:

— قلت لك أنني بخير!

سحب يده وأبعد نظره.

— آسفة...

طبعتُ قبلة صغيرة على خده وانضممت مسرعة إلى الآخرين.

2.

نظفت تينتين الأطباق من بقايا الطعام ومررتها لي لأضعها في غسالة الصحون.

— لقد رأيته... قبل ثلاثة أسابيع.

استغربت بادئ الأمر ثم قلبت عينيها.

— لديه ابنة. إنها تشبهه تمامًا.

— هيناتا... لماذا تهتمين أصلًا؟ أعني... أنتِ وساسكي تشكلان ثنائيًا مثاليًا؛ عليك أن تتوقفي عن التفكير فيه إن كنتِ تريدين نسيانه.

ثنائي مثالي؟ هل هي مقتنعة؟ أطلقت تنهيدة.

— بلى. أنت محقة، ولكن الأمر خارج عن إرادتي. أقول لنفسي أن كل شيء قد انتهى وأنه عليّ أن أقلب الصفحة، لكن... لا أستطيع قراءة هذه الصفحة لأنني ما زلت لا أفهم التي قبلها. لا يمكنني المضي قدمًا...

— ما الذي لا تفهمينه؟ لقد رحل عنك، هجرك، توقفي عن الاهتمام بحياته وعيشي حياتك! لديك رجل مستعد للموت من أجلكِ، وما زلتِ تندبين شخصًا لا يفكر إلّا في نفسه!

— كلامك لا يساعدني يا تينتين. لقد كنت أقول لنفسي كل هذا وأكثر، ولم يزد الأمر إلا سوءًا. أريد فقط أن أعرف لماذا... لماذا فعل ذلك؟ لم يكن ينوي تركني، لقد اشترى لي خاتمًا، رأيته! أريد أن أعرف لماذا غير رأيه. تفوه بكلامٍ قاسٍ، أتتخيلين؟ لم أعهده هكذا... لم يكن هو!

— من قال أن الخاتم كان لكِ؟ لقد خانك مرة، من قال أنه لم يكن يخونك؟

— لكن لماذا؟ لماذا؟ كان الأمر ليكون أسهل لو أنه أخبرني بذلك. طوال هذه السنوات، لم أتوقف عن سؤال نفسي ما الذي فعلته لأستحق هذا العذاب. وضعت كبريائي جانبًا وذهبت لرؤيته. في اليوم الذي غادر فيه إلى كيري، تمنيت أن يمنحني تفسيرًا... لكنه لم يفعل. تركني أندب حظي، وأشعر بالبؤس، أشرب كالإسفنجة، وأدخن كالمدخنة... مرارًا وتكرارًا، أردت أن أنهي حياتي حتى لا أضطر إلى مواجهة الواقع. تذكرت كل اللحظات التي قضيتها بجانبه، محاولة معرفة أين أخطأت. عشت في الندم والحسرة... حتى بدا لي ساسكي مثاليًا للغاية ليكون معي، ليحب شخصًا مثلي. كنت أخشى أن يعي ذلك ويتركني هو الآخر.

بكيت بين ذراعي تينتين وهي تمسد على ظهري. إلى متى سأظل هذا العبء الثقيل على أحبائي؟ متى سأتوقف عن إزعاجهم بمشاكلي التي لا معنى لها؟ ماذا كنت قبل هذا؟ لا أستطيع أن أتذكر.

— عليك أن تتعلمي اللامبالاة، وأن تتوقفي عن إعطاء الآخرين أكثر من حجمهم، وأن... تقدري نفسك أكثر. الحياة لا تمنحك إجابة على كل شيء، لا تدعي ذلك يعيقك.

مسحت دموعي وأومأت.

— بعد كل هذا الوقت... ما زلت لا أستطيع فعل ذلك. القول أسهل من التطبيق...

— لقد عاد إلى كونوها.

— كنت تعلمين؟

— أتذكرين قضية إينوزوكا في يناير الماضي؟

— عندما استقلت؟

— أجل، لقد قابلته آنذاك.

— إذن... تحدثتما؟

— نعم... قليلًا.

انتظرتها في عذاب حتى تنهي جملتها. تراقصت قزحيتها العسليّة في كل الاتجاهات، واثقة من أن شيئًا ما قد حدث وهي مترددة في الكشف عنه.

— قال إنه مستعد لإخبارك بالحقيقة إن كنتِ تريدين معرفة سبب تركه لكِ.

لا أصدق أنها لم تخبرني بهذا. كيف أمكنها إخفاء ذلك عني؟ ظننت أنها صديقتي المقربة، أخبرها بما لم أخبر به أختي حتى.

— لم أعلم أنك تريدين أن تعرفي بشدة، أنا... لم أرد أن أخلق فوضى في زواجك. أعلم أن هذا ليس سهلًا عليك. أنا آسفة.

ماذا عساي أقول؟ كل شخص يريد الأفضل لي بطريقته الخاصة، بغض النظر عما أريده أنا. لا يمكنني لومهم، فأنا مسؤولة عن الكثير من هذا. أنا من عليها تحمل مسؤولية أخطائها.

شغّلت غسالة الصحون وغادرت المطبخ. في الحديقة، نيجي وساسكي يلعبان الشطرنج. هانابي تقرأ رواية. سألتني تينتين وصوتها ملؤه القلق:

— هيناتا. علام تنوين؟

— سوف أواجهه.

كونوها، يونيو 2015.

3.

أخيرًا عدت إلى المنزل بعد يوم طويل في العمل. كل ما أحتاجه هو حمام لائق وعصير طازَج. تخلصت من كعبي العالي بإيماءة مرهقة، فلفت انتباهي حذاء رياضي أبيض مدسوس في خزانة الأحذية. ساسكي؟ ناديت مدبرة المنزل:

— سيدة أوغاوا.

— مساء الخير آنسة هيناتا، كيف أستطيع مساعدتكِ؟

— هل قدم ساسكي لرؤيتي؟

— السيد أوتشيها مع السيد هياشي، هو من طلب مقابلته.

صعدت إلى مكتب والدي في العلية. فوغاكو أوتشيها، والد ساسكي، الذي يدير سلسلة مطاعم، هو أحد شركاء والدي، وهو المدير التنفيذي لشركة تصميم داخلي. لو كان هو، لفهمت الأمر، لكن ساسكي؟ كطبيب مقيم في جراحة الصدر؛ فهو لا يتدخل في أعمال والده.

رفعت يدي لأطرق الباب، لكن سماع اسمي أوقفني. قرّبت أذني محاولة فهم موضوع حديثهما.

— أتفهم قلقك يا سيد هياشي، لكن هيناتا كبيرة بما فيه الكفاية لتعي ما تفعله!

— ومع ذلك لا أرى أي مشكلة هنا. أنتما تعرفان بعضكما البعض منذ وقت طويل، وأنتما على وفاق تام. لست الوحيد الذي يعتقد ذلك، فوغاكو يوافقني الرأي أيضًا.

— لكن القرار يعود إلى هيناتا. لا يمكنك فرض هذا عليها.

أقرر ماذا؟ ما الذي يطبخانه هذان العجوزان ويحاولان التلاعب بساسكي ليجعلني أقبله؟

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top