4. NARUTO
كونوها، أغسطس 2009.
1.
ضوء النهار يكاد يعميني. أشعر بدوار وغثيان وصداع شديد. أحداث الليلة الماضية تومض أمام عيني. كنت في ملهى ليلي ثمّ... أوه، لا!
سيلان الماء في الحمام أعادني إلى الواقع. ما زالت هنا. قفزتُ من الفراش وارتديت سروالًا قصيرًا وقميصًا التصق بجسدي المتعرّق، حرارة الصيف في كونوها جحيم لا يطاق. ليست لدي أدنى فكرة عن الوقت، بطارية هاتفي فارغة، نسيت أن أشحنه الليلة الماضية، فقد كنت مشغولًا بشيء آخر...
غسلت وجهي ونظفت أسناني في المطبخ، وبينما أنا أسكب الحليب على وعاءٍ من الحبوب، قاطعني طرق على الباب. مشيت قاصدًا المدخل؛ لا بد أنه أحد الجيران الغاضبين من الفضيحة التي ربما تسببت فيها بعودتي إلى المنزل ثملًا... لكن لا، إنها هي.
— هيناتا؟
— صباح الخير يا ناروتو.
من صوتها الباهت، أراهن أنها لا تزال غاضبة، لكنها عانقتني.
— أنت نتن.
— آه... آسف... لقد استيقظت للتو؛ لم أستحمم بعد.
شقّت طريقها في الرواق ولحقتها أقودُ خطواتها، خائفًا من أن تعلم بوجود الفتاة التي قضيت معها ليلة أمس. شقتي عائمة في الفوضى؛ أغلفة الرامن متناثرة في كل مكان، وعلب البيتزا على الطاولة، والجوارب والقمصان على الأرض وهناك... حمالة صدر! اللعنة!
أشارت إلى ذلك الشيء باشمئزاز:
— ما هذا يا ناروتو؟
تجهمها أصابني بالتوتر. هيناتا لا تعرب عن غضبها بالصراخ. بطبيعتها هادئة، كل ما تحتاج إليه هو واحدة من نظرات الاتهام هذه لتعلمني أنني حثالة.
دون أن ترجو اعتذارًا مني، اندفعت نحو الباب، وضربته بقوة وهي تغادر. سحقًا! لا يمكنني أن أتركها تذهب!
— هيناتا! انتظري! مهلًا!
ركضت خلفها كالمجنون، غير قادرٍ على اللحاق بسيارتها. مرهق ويائس، جلستُ على الرصيف ورأسي بين يدي. رمقني المارة بنظرات فضولية، لكن هذا آخر همي.
عدتُ إلى شقتي خالِ الوفاض. الفتاة التي قضيت معها ليلة البارحة لم تعد هنا.
2.
مرّ أسبوع... ولا تزال هيناتا ترفض التحدث إليّ والرد على مكالماتي ورسائلي. الأمر لا يطاق، ومع ذلك لا أستطيع أن ألومها. كنت سأفعل الشيء نفسه مكانها، لكننا وصلنا إلى هنا بسبب طبعها المتحفظ تجاهي.
أنظر إليها منذ ساعة الآن، وهي جالسة على العشب في زاوية من حديقة كونوها العامة. صديقتها تينتين ترافقها. ابن عمها نيجي يبدو غارقًا في الحاسوب المحمول خاصته. وهناك... هو، الشخص الذي أحاول تجاهل وجوده. لا أستطيع كبح كرهي تجاهه. ساسكي أوتشيها. الطريقة التي يحدّق بها فيها تدفعني للجنون. الرغبة في خدش وجهه الوسيم تطاردني. هو لا يستحق أقل من ذلك! هيناتا تدّعي بأنني أشوه صورته وأنه لابد لي من التعرف عليه لأدرك كم هو طيب. ماذا سأستفيد من طيبته؟ هو مفترس يحاول سرقة أميرتي بصداقته المزعومة لا غير. من الصعب أن أشرح لها ذلك عندما يكون دائمًا البطل المغوار الذي يهرع لنجدتها كلما حدث سوء تفاهم بيننا.
مشيتُ صوبها، وما أن لاحظتني السمراء تينتين، همستْ بشيء في أذن صديقتها. كما لو أنها تريد منعني من الاقتراب أكثر من مجموعتها، نهضت هيناتا وأتت لمقابلتي.
رفعت رأسها بفخر وحدّقت في وجهي بعيونها الرمادية المائلة للزرقة. يفترض أن يكفيني عبوسها لأدرك غضبها، لكن الشيء الوحيد الذي خطر ببالي هو: هل يمكنني تقبيل تلك الشفتين ألف مرة ومرة؟
— أفتقدكِ.
على الرغم من صدقي، إلا أنني أرى صورة كاذب في عينيها.
— فتاتك الجديدة لم تعد تريدك؟
— ليس الأمر كما تظنين.
ردّت ساخرة:
— أنرني إذن!
حدّقتُ في الأرض وأنا أحك مؤخرة رأسي. أما من عذر يبرر الخيانة؟ عندما التقيت ساكورا ليلتها، أعطيت نفسي كل الحق في فعل ما أريد... وألقيتُ باللوم على هيناتا. لكن الآن في مواجهتها، لا أجد الشجاعة لفعل ذلك. حججي تبدو غبيةً للغاية. لطالما كان الأمر هكذا معها، نظراتها القاسية والبريئة في آن واحد، وثغرها المغلق الذي يقول كل شيء دون إصدار صوت... تزعزعني، وتمنعني من التفكير بشكل صحيح.
أومأت برأسها قائلة:
— جيد. أرى أنه ليس لديك شيء مهم لتضيفه.
رمقتني بنظرة أخيرة قبل أن تدير ظهرها لي، مستعدة للعودة إلى أصدقائها. تلك النَّظْرَة قالت كل شيء: لا تتركني، أفتقدك، أفسدت كل شيء أيها الأحمق!
— أناآسف. أنا آسف حقًا يا هيناتا. أنا أحمق. لديك الحق في أن تظني ذلك، أن تقولي أنني لا أستحقك، لكن لا يمكنكِ تغيير حقيقة أنني أحبكِ!
توقفتْ فجأة. انتظرتها بفارغ الصبر أن تعود، لكنها التفتت إليّ وأعطتني واحدة من ابتساماتها الرقيقة والقاسية في نفس الوقت.
— تطور ملحوظ يا ناروتو، الاعتراف بالذنب هو الخطوة الأولى نحو التوبة عنه.
نطقت هذه الكلمات بلطف ومودة وأمل، ثم مضت في طريقها، آخذة معها كل أحلامي. داعب النسيم شعرها الأسود الناعم، وفي تلك اللحظة، أنا، شعرتُ بالغيرة من الريح.
كونوها، مارس 2018.
3.
نادتني متدربتي:
— معلمي!
علقت القميص الذي أحمله في غرفة الملابس وانضممت إليها في غرفة المعيشة. لم أرتب شقتي منذ أن انتقلت إلى كونوها قبل ثلاثة أشهر. لم يضايقني العيش في فوضى أبدًا، لكن متدربتي اقترحت علي مساعدتي في التنظيف.
— نعم؟
مويغي طالبة حقوق. طموحها يذكرني بسنوات الجامعة. بعد أن تركت شركة المحاماة التي كنت أعمل فيها في كيري، قررت أن أفتتح مكتبي الخاص، ووظفتها. إنها مساعدة رائعة وسريعة التعلم.
- كل شيء مرتب هنا، لقد وضعت كتبك في الأدراج. الشيء الوحيد المتبقي هو هذه العلبة، تحتوي على ألبومات وميداليات و... لا أعرف ما إذا كنت بحاجة إلى هذه الأشياء، أعتقد أنه من الأفضل أن ترى بنفسك.
— حسنًا، شكرًا. سألقي نَظْرَة.
فتحتُ العلبة، ليس عليها أن تخبرني ما بداخلها. إنها الوحيدة التي بقيت مغلقة منذ أن غادرت كونوها أول مرة للذهاب إلى كيري، حيث عشت أربع سنوات مع ساكورا وآياكو. لقد رميتُ فيها كل ما يربطني بهيناتا وأغلقتها بشريط لاصق. لا أفهم حتى لما أخذتها معي؛ كان يجب أن أتركها في هذه الشُّقَّة التي تعود لوالدي بالتبني.
أشعر أن كل غرض فيها كان قطعة مني، ذكريات تتشبث بي وترفض أن تتركني. أنا من الأشخاص الذين يتعلقون بالأشياء ويمنحونها أهمية عاطفية تفوق قيمتها المادية بكثير. لا بد أن هذا هو السبب في أنني لم أستطع نسيان هيناتا. أحسنت صنعًا، فقد كانت دائمًا ما تسبقني بخطوة، فبعد انفصالنا بفترة وجيزة، وجدتُ كل ما أهديتها إياه على عتبة بابي، في هذه العلبة بالذات.
— معلمي، أتودُ شيئًا محدّدًا على الغداء؟
— الرامن سريع التحضير سيفي بالغرض.
— أنت لا تأكل غيره... سأطلب سوشي!
— حسنًا.
فتّشتُ في العلبة فوجدت صورة مؤطّرة لي مع هيناتا في حفل تخرجنا، آخر واحدة التقطناها معًا. تصفّحت الألبوم أتفقد العديد من الصور الأخرى: أنا وهيناتا على الشاطئ، أنا وهيناتا في إيتشيراكو رامن، أنا وهيناتا في الملعب، أنا وهيناتا في منتجع شتوي، أنا وهيناتا مع جيرايا في حفل أدبي. كان ذلك بمناسبة صدور روايته الأخيرة، عام قبل وفاته بسرطان المعدة. كانت هيناتا حاضرة أيضًا في جنازته؛ لم أذهب إلى جِنازة والدتها حتى.
فهمت الآن لماذا نسيت أمري بسرعة. لطالما كان لها مكانة خاصة في حياتي، لم يكن لي مكانة خاصة في حياتها. لم تسنح لي الفرصة للتعرف على عائلتها، على الرغم من أنها كانت فردًا من عائلتي.
أفترض أن جزءًا مني يشعر بالارتياح لأنها تمكّنت من المضي قدمًا في حياتها، لم أكن لأستطيع تحمل العيش مع تأنيب الضمير لجعلها تعاني. وجزءٌ آخر يشعر بخيبة الأمل؛ لا يمكنني أن أنكر حقيقة أنني وجدت صعوبة في تصديق أنها قد نسيتني وأحبت ساسكي. شعرتُ بالخذلان، كما لو أنني كنت وحيدًا طوال تلك السنوات التي قضيتها بجانبها. حتى يومنا هذا، يؤلمني قلبي عندما أفكر فيها... وفيه... معًا.
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top