19. NARUTO

كونوها، مايو 2018.

1.

أرخيت رأسي على راحة يدي أعبث بالخاتم الذي اشتريته منذ سنوات لطلب يد هيناتا للزواج. سئمت من محاولاتي لإقناع نفسي بأنني اتخذت القرار الصائب. أعدته إلى العلبة ووضعتها في صندوق الذكريات. سأتخلص منه... من أجل آياكو، من أجل هيناتا، من أجل ساكورا ومن أجلي. حملت الصندوق إلى المرآب ووضعته في سيارتي. أحضرت مجرفة وكأسي المفضل، الذي يحمل توقيع «أوسم فوضوي في العالم» والذي شربت فيه قهوتي للمرة الأخيرة. هدية أخرى من هيناتا. سأدفن هذه الأغراض كلها... لكن أين؟

كونوها، مارس 2007.

2.

أوقفتُ دراجتي النارية على جانب الطريق وخلعت خوذتي. جذبتني تلك الفتاة ذات الشعر الأسود الطويل التي أقابلها في كل مكان مؤخرًا، حتى عند الجرف!

— مرحبًا!

— أنتَ ثانية! يبدو أنك تلاحقني!

— بتاتًا! أقسم لك، كنت مارًا من هنا فحسب... ورأيتكِ.

— يا لها من مصادفة!

— ماذا ترسمين؟

— همم... أردت أن أرسم منظر البحر من هنا، ولكن...

— لستِ بارعة في الرسم!

— كلّا، ليس الأمر كذلك! أنا فقط لا أجد زاوية مناسبة...

— لِمَ لا تلتقطين صورة من الزاوية التي أعجبتك؟

قالت بابتسامة خجولة:

— هذه فكرة رائعة، شكرًا على الاقتراح.

إنها ظريفة للغاية، تنبعث منها الطيبة والبراءة. ليست نوعي المفضل... فلماذا لا أستطيع التوقف عن التفكير فيها؟

يا رجل، أعتقد أنك وقعت في الحب، تيبايو!

— بالمناسبة، أدعى ناروتو. أوزوماكي ناروتو!

— سُررتُ بمعرفتك، أنا هيناتا. هيوغا هيناتا.

— أعرف! أقصد... لقد سمعت صديقتك تناديك هكذا.

اتسعت أعينها، متفاجئةً من تذكّري لمثل هذه التفاصيل. آه لو كانت تعرف...

كونوها، مايو 2018

3.

ما أن وصلت إلى الجرف للتخلص من هذه الأغراض، لمحت سيارة هيناتا على الحافة، مائلة إلى الأسفل، على وشك السقوط. سرى تيار كهربائي في جسدي واندفعت نحوها. من النافذة، أمكنني رؤيتها ممسكة بعجلة القيادة ووجهها مغمور بالدموع. ناديتها بهلع:

— هيناتا!

اقتربت منها ونقرت على الزجاج.

— ماذا تفعلين أيتها الغبية؟

رمقتني بنظرة مثيرة للشفقة. صرخت وأنا أشير إلى البوابة:

— افتحي!

هزّت رأسها في إنكار وبإصبع مترددٍ أنزلت زجاج النافذة.

— ناروتو... أنا خائفة!

— ماذا دهاكِ؟ هل فقدتِ عقلك؟

صاحت في وجهي:

— نعم! أنا مجنونة، لقد فقدتُ عقلي! هل أنت راضٍ الآن؟

تدحرجت بعض الصخور ومالت السيارة أكثر.

— افتحي الباب!

— سأفقد توازني.

— ارفعي إذن سقف السيارة.

— لا فائدة يا ناروتو، لقد فات الأوان.

— لم يفتكِ شيء! إن كنتِ هنا فهذا خطئي، لذا سأخرجك تيبايو!

قالت وهي ترتجف:

— لابد أنّ ساسكي قد قرأ الرسالة الآن، لا فائدة من عودتي، الموت أهون لي من خيبة أمله.

— لا تتحركي، اتّفقنا؟ سأتصل بخدمة تصليح السيارات، سينتشلونك من هنا، داتيبايو.

— لا أريد أن أموت يا ناروتو. أدركت الآن كم أحبه، ولكنني كنت فظيعة معه.

قلبي يخفق بشدة. لا أستطيع أن أتركها تذهب هكذا، سأقوم بكل ما في وسعي لمساعدتها. ركضت إلى سيارتي لأجلب هاتفي، وإذا بصرير حادٍ يستدعيني لأستدير...

وضعت هيناتا يديها على أذنيها وكأنها تأبى أن تشهد دمارها، حلّقت سيارتها في الهواء جزءًا من الثانية قبل أن تهوي في البحر، محدثةً أمواجًا هائلة.

— هيناتا!

انتظري... أرجوكِ!

اتصلت بسرعة بخدمة الطوارئ وأخبرتهم عن مكان وقوع الحادث. نزلت الجرف إلى صخرة تعلو سبعة أمتار تقريبًا، حيث لمحت جزءًا من سيارتها يطفو في البحر. أخذت نفسًا عميقًا وغطست.

أخرجت رأسي إلى السطح وأخذت نفسًا آخر قبل أن أستأنف سباحتي تحت الماء باتجاه ذلك الجسم الأحمر الغارق.

حاولت جاهدًا فتح الباب، لكن دون جدوى! هيناتا فاقدة الوعي، محاصرة بين المقعد والوسادة الهوائية. كم دقيقة مرت؟ آمل ألّا يكون قد فات الأوان...

لحسن الحظّ أنّ النافذة مفتوحة. دفعتُ ذراعي عبرها وخلعتُ حزام الأمان، ثم سحبتُ جسد هيناتا الخامل. الهواء في رئتيّ يتناقص، لا يمكنني البقاء أطول...

صعدت مسرعًا إلى السطح، حاملًا هيناتا على ظهري، ثمّ واصلت سباحتي إلى الشاطئ. أيها الناسك المنحرف... مهما شكرتك على تعليمي السباحة فلن أوفيك حقّك!

ألقيت هيناتا على جانبها فوق الرمال، فخرجت المياه من فمها. تحسست رقبتها. لا شيء. لست أشعر بنبضها. هل ماتت؟ سحقًا! تأخرت...

وصل المسعفون ومعهم معداتهم. قام أحدهم بتعديل وضعية رأسها برفق ووضع دعامة للرقبة. مزّق الآخر سترتها ووضع رُقعًا لاصقة على صدرها العاري، أظهرت شاشة جهازه خطًا مستقيمًا. تجمّد دمي. إذن... فقد توقف قلبها عن النبض؟

ضغط أحد المسعفين بكفيه بين ثدييها محاولًا إنعاشها، في حين غطّى زميله فمها وأنفها بقناعٍ متصلٍ بعبوة أكسجين وبالون أفرغه بالتزامن مع حركات المسعف الأول.

أرجوك... لا تتوقف، إنها عنيدة، ستكون بخير.

عضّيت أناملي وأنا أدعو الله بكل خلية في جسدي أن تنجو حتى لو كلفني ذلك سنواتٍ من حياتي لتضاف إلى حياتها. لم يسبق لي أن شعرت بمثل هذا العجز والضعف. لم يسبق أن كانت دعواتي صادقة كما في هذه اللحظة. لم يسبق أن أنبني ضميري بهذه الشدّة.

أفترض أنّ الله يعاقبني... أو يعطيني فرصة لإصلاح الضرر الذي سببته. لا أدري. حزني ممتزج بالتفاؤل. إلهي، أتوسل إليك، اجعلها تعيش! أقسم أنني سأبتعد عنها وأحيا حياة كريمة، أرجوك لا تأخذها!

المسعف الذي كان يقوم بتدليك القلب توقف فجأة. كلّا! حاول مجددًا! أرجوك! لا تدعها تموت هكذا... أرجوك!

تهاطلت دموعي مثل البرك على الرمال. حملوها جميعهم على نقالة وغطّوها، ثم أخذوها إلى سيارة الإسعاف. تبعتهم لأتأكد من أنني لا أحلم، وأنها على قيد الحياة حقًا.

— أأنت من اتصل؟

— أجل.

— اصعد!

4.

بعد أن قدّمت بلاغي للشرطة، استقللت سيارة أجرة إلى الجرف لأستعيد سيارتي. عدت إلى الصخرة لأستعيد مفاتيحي وهاتفي. فتحت السيارة ودفعت للسائق الذي استغرب من سذاجتي.

ربطت حزام الأمان وأدرت رأسي للخلف قبل أن أرجع بالسيارة إلى الوراء، وقعت عيناي على صندوق الذكريات. لولاه... لو لم آتي إلى هنا لدفنه، ما كنت قد وصلت في الوقت المناسب، ولكانت هيناتا قد ماتت. ابتسمتُ لنفسي في المرآة. كان مقدرًا لي أن أنقذها.

كانت الساعة تشير إلى العاشرة صباحًا عندما عدت إلى شقتي وأنا مشوش الذهن بسبب هذه الأحداث، كما لو أنني قد أفقت من كابوس بعد قيلولة طويلة.

انهرت على السرير منهكًا. مرارة توديع هيناتا وكل ذاك الكلام الجارح الذي تفوهت به أبقتني مستيقظًا الليلة الماضية، وهذا الصباح كنت على وشك أن أفقدها إلى الأبد. ليس الأمر كما لو أنني لم أفقدها، ولكن على الأقل أعلم أنها حيّة. وضعها حرج، هذا صحيح، ولكن لدي أمل بأن تتحسن.

علمتني الحياة ألّا أستخف بالأمل، مهما كان ضئيلًا... منذ سنوات، أعطتني مكالمة منها بصيص أمل. ترددت في الاتصال بها مرة أخرى، لأخبرها بالحقيقة، لأخبرها أنّ الأمر لم ينتهِ بعد بالنسبة لي. لأسابيع، كان هذا كل ما فكّرت فيه...

في نهاية المطاف، قررت العودة إلى كونوها لرؤيتها. كنت أعلم أنها لا تفوِّتُ إطلاق الألعاب النارية في بداية مهرجان أغسطس من كل صيف. لم أكن مخطئًا، لقد كانت هناك، على الجرف. لكن المشهد الذي رأيته كان أشبه بطعنة سكين في ظهري. هل كنت متأخرًا جدًا؟ هل فقَدَتِ الأمل؟ تساءلت كثيرًا.

كنت مرتبكًا ومحتارًا... من تلك المكالمة، من ذلك المشهد، وهما يتبادلان القبل. بعد أشهر، سمعت أنهما قد تزوجا. خِلتُ أنني مجنون لأوهم نفسي بأنها ظلّت تحبني وتفكر فيّ بعدما هجرتها. أعتقد أنّ زواجها قد طمأنني، وأسكت ندمي على تفويت أعظم قصة حب في حياتي.

أسوأ ما في الأمر... أنني لم أكن مخطئًا. لقد أكدت لي بنفسها أنّ لي مكان في قلبها... بعد كل تلك السنوات. لقد أعطت معنى لأمنيتي التافهة لاستعادتها، كما لو كانت كائنًا يخصني، على الرغم من أنني كنت أعلم في أعماق روحي منذ البداية أنها ليست كذلك.

لطالما قلت... محاولًا إقناع نفسي بقدرتي على التغلب على الشعور بقلة الحيلة، «القدر غير موجود، وإنما هو عذر اختلقه الرجال لإعفاء أنفسهم من مسؤولياتهم» اليوم أيضًا، أثبت لي القدر أنه أقوى مني... لكني أدركت أخيرًا أنّ القدر هو تلك الأحداث التي تجبرنا على تحمل مسؤولية اختياراتنا في الحياة، مثل ولادة آياكو، مثل محاولة انتحار هيناتا...

رن جرس الباب. اللعنة... أريد أن أنام! استيقظت بخطوات متثاقلة، وما أن فتحت الباب، صدمتني لكمة في وجهي. جذبني ساسكي من ياقتي وألصقني بالحائط.

— إن ماتت هيناتا... سأقتلك يا ناروتو، سأقتلك!

أمسكت بقميصه ودفعته بعيدًا عني.

— لا تلعب دور البطل معي، ساسكي! أنت مسؤول بقدري. لا، ولديك الجرأة لتقتحم منزلي! إن ماتت هيناتا، فسأرسلك إلى السجن لتتعفن، هذا ليس المكان المناسب لاستعراض عضلاتك!

صر بأسنانه ودفعني على الأرض. وقفت ولكمته على وجهه. مسح قطرات الدم واللعاب من فمه، وردّ لي الضربة. نشب شجار بيننا في الممر.

— وغد!

— سافل!

— أبله!

— مغفّل!

استلقينا على الأرضية، جنبًا إلى جنب، وقد انقطعت أنفاسنا وأُنهكنا بعد أن استنزفنا طاقتنا في إهانة وضرب بعضنا البعض. ابتسمنا لبعضنا البعض بوجوهنا المليئة بالكدمات. إنه لشعور رائع... لطالما حلمت أن أُشوِّه وجهه، لم يخيّب ظني!

صاحت آياكو:

— بابا!

قام ساسكي وتتبع بنظراته ابنتي وهي تركض نحوي. جر قدميه نحو المخرج حيث قابل ساكورا. نظرت إليه في حيرة، لكنه غضّ بصره ورحل دون أن ينطق بكلمة.

— ماذا يحدث هنا؟ ناروتو؟

— ساكورا، ساعديني أرجوكِ! أنا أموت!

— بابا، هل أنت تتألم؟

— نعم، أميرتي، هلا عالجتني؟

أومأت برأسها بسرور.

— ألستِ غاضبة مني؟

قلبت شفتيها ثم هزّت رأسها نافية.

— أنا أحبك يا أبي.

قبّلت بلطف خدي المنتفخ.

— مؤلم!

انفجرت ضاحكة. أمسكت ساكورا ذراعي وساعدتني على النهوض.

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top