18. HINATA
كونوها، مايو 2018.
1.
«ساسكي...
بعد قراءة هذه الرسالة، أتمنى أن تكرهني، لكن لا تدع ذلك يمنعك من قراءتها. يومًا ما ستفهم، ليس حالًا، لكن مع مرور الوقت، أنك أصبت عندما أكملت قراءتها...
التقطت أحد قمصان ساسكي، أرجواني اللون ذو عنق عريض، واستنشقت رائحته المهدئة. لبسته ونظرت إلى انعكاس صورتي في المرآة. شعري الداكن أطول بقليل من مستوى أذناي. ارتديت نظارة على عيوني الرمادية ذات الهالات السوداء، وهذا كل شيء! لا أعرف لا هيناتا أوتشيها ولا هيناتا هيوغا، أنا شخص آخر، أنا الآنسة هي.
مشيتُ على أطراف أصابعي، وانضممت إلى الدكتور سو، حبيبي، في المطبخ. إنه يقطِّع الأفوكادو بدقة ليُعِدَّ سلطتي المفضلة.
- دكتور سو!
فاجأته بذراعيّ على ظهره.
- هينا...
- شششت!
وضعت اصبعي على شفتيه.
- يمكنك مناداتي بالآنسة هي.
- عشاءك جاهز، آنسة هي!
جلست إلى الطاولة قائلة بمرح:
- اخدمني رجاءً!
أخذ صحنًا وسكب فيه مغرفتين من حساء الخضار بالجبن الذي حضّره. تذوقته بشراهة. تبًا! كيف يحصل دائمًا على نفس الطعم اللذيذ بأدنى المكونات؟
- ليس سيئًا!
صحت وأنا أبتلع ملعقة أخرى.
- لا، في الحقيقة، إنه لذيذ جدًا!
ابتسم لي بحنان.
«أود أن أشكرك... على كل الحب الذي منحتني إياه في حين لم تتلقَّ سوى القليل بالمقابل. منذ اليوم الذي عالجت فيه جرحي عندما سقطت من على دراجتي، أخبرتك يومها أنك ستكون طبيبًا جيدًا، إلى اليوم الذي أعدت فيه ربط شعري الذي انتهى بي الأمر بقصه. مرورًا بكل تلك اللحظات التي ستظل محفورة في ذاكرتي إلى الأبد. عندما كنت تساعدني في حل تمارين الرياضيات، ولا تشتكي من غبائي. عندما كنت تشاهد معي أفلامًا لا تعجبك فقط لتؤنسني. عندما كنت تأخذ من وقتك الثمين للاستماع إلى شكواي في حين كان عليك أن تدرس. عندما كنت تحاول جاهدًا أن تبهجني بعد كل جدال مع ناروتو. لم تقل كلمة جارحة، لم تتذمر أبدًا. ولا حتى عندما تقيأتُ عليك وأنا ثملة، ونعتّك بكل الأوصاف. أنا ممتنة على ذلك...
2.
جلسنا على السرير متواجهين. خلع نظارتي ومشط شعري القصير خلف أذني. قال محرجًا:
- لقد... تحدثتُ إلى زميل لي... وهو مختص استشاري في العلاقات. يزوره الأزواج ليقترح عليهم طرقًا للتفاهم لحل مشاكلهم...
أخذ يديّ وهو يحدق فيهما، ثمّ رفع عينيه السوداوين ليقابلني.
- أريد أن أكون زوجًا أفضل لكِ. أخبرتكِ أنني أرغب في أن نتحدث ونحل مشاكلنا، لكنني أعلم أن هذا ليس كافيًا... أدرك أنني لا أتكلم كثيرًا وأنني كثيرًا ما أتصرف ببرود، وهذا قد يشعرك أنني قد لا أهتم لأمركِ أو... لا أحبكِ... لذا أودّ أن أبذل جهدًا أكبر في تحسين طريقتنا في التواصل.
ما الذي يهذي به؟ أيظن حقًا أنه المذنب؟ الشخص الذي لم يبذل أي مجهود لتحسين علاقتنا هو أنا. إن بقيت في حياته، فسأجرحه لا أكثر.
احتضنته وأغمضت عينيّ. صدى دقات قلبه يشعرني بالسكينة. وضع ذقنه على رأسي ولفّ ذراعيه حولي. كم أخذ مني الأمر لأدرك أنّ هذا الدفء هو كل ما أحتاجه؟
«لكنني حتى الآن، كنتُ ناكرةً للجميل. بعيدًا عن مشاعري تجاهك كمراهقة، اكتشفت مع ناروتو انجذابًا مغناطيسيًا، تعلّقًا جنونيًا، رغبة جامحة، مسافة خانقة، حزنًا كئيبًا... وأسميته حبًا. بذلت قصارى جهدي لأبقى مسيطرة على نفسي، لكن افتقادي له كان فظيعًا لا يطاق. بدا الأمر لي أنه إما هو أو لا أحد.
طلبتَ مني يوم عرضتَ عليّ الزواج أن أجيب بصدقٍ حيث أن ذلك ما كان ليغيّر شيئًا في صداقتنا. في الحقيقة، على الرغم من موافقتي، إلّا أنني لم أرغب حقًا في الزواج منك. سيكون من الصعب عليك قراءة هذا، ولكنني أريد أن أكون صادقة معك ولو لمرة. فقد أثّر على اختياري صداقتنا، ورغبتي في نسيانه، ومرض والدي، ونصائح والدتي التي كبرتُ عليها...
ولم آخذ هذا الزواج على محمل الجد، فقد كنت دائمًا ساسكي، الصديق الذي يمكنني الاعتماد عليه في تحمل طباعي السيئة، ولهذا اعتبرت صبرك عليّ أمرًا مفروغًا منه. لطالما انتظرت من الظروف أن تغيّر ما لم أعمل على تغييره في نفسي، فتشبثت بفكرة إنجاب طفل... تلك وسيلة لي للتظاهر بأنّ كل شيء على ما يرام. أنا ممتنة أنّ هذا الطفل لم ير النور. كان ليكون محض ضحية.
أنا الآن نادمة على إضاعة كل ذلك الوقت في مطاردة وهم. صورة رسمتها في مُخيِّلتي عن الحب الحقيقي، عشت فيها دون أن أحيا، في حين حرمت نفسي من الاستمتاع بتلك اللحظات الجميلة إلى جانبك. لن يُغيِّر الندم من الضرر الذي تسببت فيه شيئًا، لأنني حتى يومنا هذا واصلت مطاردة ذاك السراب. أكره أن أعترف بهذا، ولكن حتى خطأً بسيطًا منك كان يُطمئِنُني، ويعطيني ألف سببٍ كي لا أحبك.
ولم يستغرق الأمر مني وقتًا لأركض إليه، تاركة كل شيء ورائي، أختي وأنت، من أجل الوصول إلى ذاك الحب المثالي الذي كنت أتصوّره. أنا آسفة، لأنني حتى يومنا هذا، كنت أخدعك... في أفكاري، في رغباتي، في أحلامي المستقبلية...
لم أكن ذكيةً بما فيه الكفاية لأدرك خطئي. لو لم يتخلّ عني ناروتو، مرة أخرى، من أجل ابنته... لكنتُ بقيت في ضلالي. لذا لا تظنّ أن ندمي نابع من حسني، فأنا متيقّنة بأنني لا أستحق حبك، ولست أجرؤ حتى على طلب مغفرتك.
لستُ بحاجتها على أي حال. الآن وقد رحلت، ستحتاجُ إليها أكثر منّي للمضي قدمًا. ولكن قبل ذلك، عليك أن تكرهني، وتمقتني... ثم امضِ قدمًا ولا تنظر خلفك.
أردت أن أكتب لكَ هذه الرسالة لأشرح سبب رحيلي. لا أريدك أن تضيّع ولو ساعة من حياتك في الحداد عليّ. أنا لا أصلح لأكون زوجتك. طالما أنا هنا، فسوف تستمر في محاولة إصلاح الأمور، لكن هنالك من الأشياء المكسورة ما لا يمكننا إصلاحه. هناك أشخاص نحبهم، لكنهم لا يزيدوننا مع المعاناة إلّا معاناة...
انهرتُ على الفراش وأنا ألتقط أنفاسي. ضحكت وضحكت... على بلاهتي وقلة حيلتي، على بساطة الحياة بحلوها ومرها، وعلى السعادة التي غمرتني لأول مرة منذ عهود.
همس ساسكي وهو يقبل أذني:
- أحبكِ.
فعانقته بكل ما أوتيت من قوة.
- وأنا أيضًا... وأنا أيضًا أحبك.
«هذه آخر ليلة نقضيها معًا، شكرًا على كل الحب والحنان الذي قدّمته لي. لم أرد أن تتذكرني كـ هيناتا، بل كامرأة أخرى أحبّتك دون أن تشك لحظة في صدق مشاعرها...
وداعًا يا حبيبي الذي لم أعرف قيمته.»
3.
غطّ ساسكي في نوم عميق. أبعدت ذراعه عني برفق حتى لا أوقظه. ارتديت سترته وسروالًا من الجينز، ثم ذهبت إلى ورشتي.
أخذت ورقة بيضاء وقلمًا أسودًا وكتبت ما خطر ببالي. تساقطت دموعي مثل البرك على الورقة. راودتني الرغبة في تمزيقها والعودة إلى الفراش، لكنها تبخّرت سرعان ما قرأت اعترافاتي. لقد اتخذت قراري، لا مجال للتراجع. هذا أفضل شيء أفعله من أجله.
وضعت الورقة المطوية على الطاولة بجانب سريري ونظرت إلى ساسكي. أريد أن أعانقه وأقبّله للمرة الأخيرة، لكنني في عجلة من أمري.
شغّلت سيارتي آملة ألّا يوقظه ضجيج المحرك، وقُدتُ شرقًا وأنا أتأمل شروق الشمس. ها هي ذي شمسي تشرق أخيرًا...
عندما وصلت إلى الجرف، خرجت من السيارة واقتربت من الحافة. أصابني الدوار من العلو فتراجعت. عدت إلى السيارة وأخذت نفسًا عميقًا.
لننهي الأمر يا هيناتا، من أجل ساسكي...
ضغطت على ناقل الحركة بكفي ودست على دواسة الوقود. وداعًا أيها العالم، وداعًا يا ساسكي، سامحيني... هانابي.
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top