17. HINATA
كونوها، مايو 2018.
1.
مستلقيةً على بطني، لم أستطع أن أذرف دمعة مهما حاولت. رحل أبي. رحلت أمي. هيناتا وحيدة.
مسد ساسكي على رأسي. عليه الرحيل هو الآخر، لماذا هو هنا؟
— أخبرتني هانابي بكل شيء... عن ناروتو.
أخذ يدي بين يديه.
— أنا آسف، لم أتخيّل يومًا أنك ترينني بتلك الطريقة. كانت صدمة بالنسبة لي. لقد فكرت كثيرًا، بشأن علاقتنا. أعلم أنه ليس من السهل عليك أن تسامحيني وأنك تمرين بفترة عصيبة، ولكن عندما تكونين مستعدة، أود أن نأخذ الوقت الكافي للتحدث...
يجب أن ترحل أنتَ أيضًا. كل شيء سيكون أسهل إن ذهبت.
— معرضي الفني الأسبوع القادم.
— هل أنتِ متأكدة من أنكِ لا تريدين تأجيله؟
— اهتم أنت بالتحضيرات، لست في مزاج لذلك.
سحبت يدي وجلست على السرير أبتسم له. لا يمكنني الاستمرار في الكذب عليه إلى الأبد. سأترك الأيام القليلة المتبقية من هذا الشهر تمر، حتى يعود من إجازته، ثم سأطرح موضوع الطلاق. عندما يعود إلى العمل، لن يكون لديه وقت للحزن عليّ، وستقف كارين إلى جانبه. يبدو أكثر سعادة معها. ستجعله ينسى اسمي.
2.
لقد تولى أمر كل شيء حرفيًا: إعداد المكان، والملصقات، والاتصال بالضيوف...
— هل أعجبكِ؟
نظرت حولي فوقعت عيناي على لوحتي الأخيرة: الشفق. حتى أحلك الليالي تنتهي عند الفجر.
— هذا مثالي، شكرًا لك يا ساسكي.
رمقني بابتسامة رقيقة ووضع يديه على كتفي. ملمس شفتيه على جبهتي أيقظ شعوري بالذنب. أرجوك توقف. عليَّ أن أتركه، لن يجد السعادة بالاستمرار في التشبث بي...
— أخطط لتمديد إجازتي. فلنذهب في عطلة هذا الصيف... يمكننا أن نرتاح ونتحدث مثل الأصدقاء القدامى. ربما ستجدين الإلهام لرسم لوحات أخرى.
ليلتي المظلمة ستكون طويلة. لن يكون الفراق مهمة سهلة.
— لا تفكر في الأمر كثيرًا... كل شيء سيكون على ما يرام.
3.
وسط هذا الحشد الذي يعلّق على اللوحات التي سكبتُ فيها دمي ودموعي وعرقي وكأنها جثث هامدة، أشعر بالوحدة.
الأشخاص الذين أريد أن أراهم اليوم غائبون. والدي الذي كان يعتبر رسوماتي في طفولتي تحفًا فنية. أمي، التي قادت خطواتي الأولى في الرسم. ناروتو، بكل الذكريات الجيدة والسيئة التي تركها لي، والتي أعدُّها مصدر إلهامي.
تذمرت هانابي:
— هيناتا! الجميع يرغب في مقابلتكِ. ماذا تفعلين هنا، محبوسة في الحمام؟
— لا أريد أن أرى أحدًا اليوم، دعيني وشأني.
— إذن لمَ دعوتِ كل أولئك الناس؟ كان بإمكانك إلغاء المعرض، فأنت لست مستعدة لإطلاق حدث كهذا!
أدرت وجهي عن المرآة وأمسكتها من كتفيها وعيناي الدامعتان تحملقان في عينيها.
— لماذا فعلت بي هذا؟
سألتني متفاجئة:
— ماذا فعلت؟
— أخبرتِ ساسكي لماذا ذهبتُ لرؤية ناروتو!
— أنت جُننتِ رسميًا! أهكذا تشكرينني على إنقاذي لزواجك؟
صرخت عليها وأنا أجهش بالبكاء:
— لقد أفسدتِ كل شيء! كيف سأتركه الآن؟ لقد أصبح لا يحتمل أكثر مما كان!
فتحت فمها في ذهول.
— أنا آسفة، ظننت أنه الصواب. لقد كان صادقًا، لم أشك للحظة في نيته في إصلاح الأمور...
انهرت على الأرض باكية.
— اخرسي! ما كان يجب أن تفعلي ذلك يا هانابي، ما كان عليك أن تتدخلي فيما لا يعنيك!
جثت على الأرض محاولةً مواساتي. اضطربت وتيرة تنفسي وأخذت يداي ترتجفان. ماذا دهاني لأصرخ هكذا؟ قالت وهي تمسح على ظهري:
— سيكون كل شيء على ما يرام. ستتصالحان وتكونان أفضل مما كنتما عليه من قبل... وستحبلين ثانية، وستكبران معًا وتربيان أطفالكما. لا تفكري بالانفصال عند أول مشكلة، هذه الأمور تحدث للجميع، هذه هي الحياة. ثمّ إن ساسكي رجل شهم حقًا، لا أعلم ما الذي فعله ليجرحك إلى هذا الحد، لكني على يقين بأنه نادم على ذلك... امنحيه فرصة.
اعترفت بهدوء:
— لقد خنته.
— أنتِ... أنتِ... فعلتِ... ماذا؟
وقفتُ ومسحتُ دموعي. وضعت خصلات شعري المتناثرة خلف أذني، واتجهت للمرآة أزيل مكياجي. أكدت لها المعلومة وأنا أعيد وضع أحمر شفاهي العنابي:
— لقد خنته... مع ناروتو.
— لا أصدق ما أسمعه! هل أنتِ حقًا أختي التي أعرفها؟ كيف... كيف فعلتِ هذا بنا؟
سألتها رافعة حاجبي:
— من أنتم؟ وماذا عنا نحن؟ لماذا محكوم علينا بالتضحية بسعادتنا من أجل الآخرين؟ لماذا لا يفكر أحد فينا؟ لقد اتخذت قراري، سأترك ساسكي وأعود إلى ناروتو.
وقفت في حيرة عاجزة عن الكلام. لم تتوقع أن أتخذ مثل هذا القرار المتمرد، بل والأناني، إن أرادت أن تلمح عن مشاعرها تجاه ناروتو ومشاعر ساسكي تجاهي. لكنني لم أعد أستطيع تحمّل المزيد. أنا مقتنعة بأنني لن أكون قادرة على الاستمتاع بحياتي مع ساسكي، مهما أحبني، فروحي ستظل تتوق دائمًا إلى ناروتو. والآن أعلم أنه يشعر بالشيء نفسه.
4.
انتعلت حذائي الرياضي أمام باب شقتي. سألني ساسكي وهو قادم من خلفي:
— خارجة لممارسة الرياضة؟
— أجل... سأذهب للركض في الغابة.
سار نحوي بهدوء، وأمسك بشعري ورفعه في تسريحة ذيل حصان، ثم ثبته برباط مطاطي. حدقت في الأرضية لأتفادى نظراته.
— هذا مريح أكثر.
طبع قبلة على وجنتي، فأغمضت عينيّ وصررت على أسناني. مرّت الثواني القليلة التي داعبت فيها أنفاسه الدافئة بشرتي وكأنها ساعات. حنانه يمضغ قلبي حيًا ويتفنن في هضمه. قاومت الدموع المجتمعة في حلقي من ثقل الذنب الذي أشعر به.
سألته وأنا أحبس أنفاسي:
— أمن خطبٍ ما؟
هزّ رأسه نافيًا.
— أنا سعيد أنك تشعرين برغبة في ممارسة الرياضة. استمتعي بوقتك.
تمتمتُ وابتسامة صغيرة على وجهي:
— أراكَ لاحقًا!
أغلقتُ الباب وأطلقت زفيرًا، لحسن الحظ أنه لم يعرض علي مرافقتي، لكن سرعان ما أصبحت هذه الفكرة مؤلمة. ماذا لو أدرك أنني ذاهبة لرؤية ناروتو؟ ماذا تعني تلك القبلة؟ بدا الأمر غريبًا، وكأنه يخفي شيئًا ما. مشيت مرتابة نحو وجهتي، أتأكد كل دقيقتين أنه لا يتبعني.
5.
— بدأتُ أقنع نفسي بأنكِ لن تأتي.
قلتُ وأنا أخلع سماعاتي وألتقط أنفاسي:
— لكنني جئت!
تحتّم علي الركض في الغابة لأعطي مصداقية لكذبتي. لا أريد أن يكتشف ساسكي خيانتي، أودّ أن أخبره بقراري بنفسي. سيسبب له ذلك ضررًا أقل.
— من الغريب أن ألتقي بكَ هنا بعد خمس سنوات.
— هذا هو المكان الوحيد الذي من غير المحتمل أن يرانا فيه أحد نعرفه معًا، لا أريد أن أوقعكِ في المشاكل.
— ساسكي يعلم أنني هنا.
— هو على علم بـ...
— كلّا، لم أتطرق إلى الموضوع معه بعد، لكنني أنوي فعل ذلك في الأيام القليلة القادمة.
أومأ برأسه في ارتياح، لكنه يبدو متوترًا أكثر مني. قال وهو يتجنب نظراتي:
— أنا آسف بشأن والدك.
أشعر بالغثيان والارتباك. بدأت معدتي في الانقباض. كما لو أنّ مشهد انفصالنا يتكرر. جسدي يتصبب عرقًا باردًا.
— هيناتا، لا تعترفي بأي شيء لساسكي. انسي ما قلته، انسيني وعودي لحياتك السابقة. لقد كنتما بخير معًا. حتى أنك كنتِ تنتظرين طفلًا قبل أن أظهر. الآن على الأقل، تعرفين لماذا تركتك...
أمسكت بقميصه وكأن ذلك سيمنعه من الافلات.
— ما الذي تهذي به؟ لا تقل لي أنك ستستسلم كالجبان مرة أخرى!
— هذا صحيح، أنا جبان، أنا لا أستحقك، لم أستحقك أبدًا. منذ اليوم الذي قابلتك فيه وأنا أفكر في خطة لجعلك تخضعين لي، لم تستسلمي أبدًا وأعجبني ذلك... لم يكن حبًا، بل غرورًا!
— كُفّ عن هذا الهراء! توقف عن إفساد قصتنا. لقد كنا مثاليين معًا، كنت ستطلب يدي للزواج، لقد اشتريت خاتمًا، لقد رأيته! لمَ أنت تتخلى عني ثانية؟
— لماذا لم أفعل ذلك في رأيك؟ لقد اشتريته في عيد ميلادك، قبل أشهر من انفصالنا، لماذا غيرت رأيي؟
— لأنك لم تكن مستعدًا.
هزّ رأسه.
— لأنني أدركت أنني لن أحبك أبدًا كما أحبك هو، ولطالما كرهته لذلك...
— ما علاقته بالأمر؟ من أين أتيت بهذا؟ ما الفائدة إن كنتَ أنتَ من أردت ومن أريدُ أن أكون معه حتى الآن؟
— هذه هي الحقيقة. لقد اخترت ابنتي المرة الأولى، ألم تقولي ذلك بنفسك؟ أنّ اختياري كان مبنيًا على أولوياتي. لقد اخترت ابنتي مرة أخرى، لذا فهمت... أنّ وجودي معكِ محض حلم بالنسبة لي، ولست مستعدًا لتقديم تضحيات لتحقيقه، لأنه يظل حلمًا، ليس أولوية.
قلت وأنا أشد على صدري:
— أنت تقتلني يا ناروتو. أنت تظن أنه إما أنا أو ابنتك، لكن الأمر ليس كذلك. يمكنك الحصول على كلينا. لم أكن لأمنعك من أن تكون مع ابنتك لو أخبرتني الحقيقة في المرة الأولى، ولن أمنعك من ذلك الآن.
حلّ صمت رهيب بيننا. لماذا أتشبث بهذا الرجل الذي لا يريدني؟ ماذا دهاني؟ لكن... لماذا غير رأيه؟
— آياكو رأتنا... تلك الليلة في شقتي. إنها غاضبة مني. أصبحت مضطربة ويمكن لساكورا أن تلجأ إلى القانون لتمنعني من رؤيتها إن استمر الأمر هكذا. لا أريدها أن تكبر بعيدًا عني... لا أستطيع التخلي عنها، إنها كل عائلتي.
عائلته؟
كنت مستعدة لخسارة أختي من أجله. بل، كنتُ مستعدة أن أدير ظهري للرجل الذي لطالما وقف بجانبي من أجله! يا لي من عاهرة ناكرة للجميل...
قلت بهدوء:
— فهمت. وداعًا يا ناروتو.
عدت أدراجي وأنا أجرّ قلبي عديم الكبرياء.
نعم، فهمت.
مرة أخرى، كان الشيء الذي لطالما رغبت به في متناول يدي، لكنني لم أستطع الإمساك به. مثل بئر ماء على مرمى حجر من رجل ضمآن، مشلول، غير قادر على مد يده ليتناول منه رشفة.
خرجت من حوض الاستحمام ولففت منشفة حول جسدي. حتى لو استحممت ألف مرة، فلن يكفي ذلك لتخليصي من الاشمئزاز الذي أشعر به تجاه نفسي.
مشطتُ شعري أمام المرآة، وكل حركة تذكرني بما فعله ساسكي قبل خروجي. آه... ساسكي. كيف أواجهه الآن؟
فتحت الدُرج الأول وسحبت مقصًا. ربطت شعري ثمّ قصصته. ربما عندما أسدله، سأرى انعكاس شخصٍ آخر.
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top