16. NARUTO

كونوها، أغسطس 2009.

1.

أخذت سيجارتي من بين أصابعي ووضعتها في فمها. انتظرت منها أن تخرج الدخان، لكن بدلًا من ذلك أخذت في السعال. عاتبتها قائلًا:

—أخبرتكِ أنها ليست جيدة لك!

—ولا لكَ أيضًا!

سحبتها من يدها وسحقتها في منفضة السجائر.

—ناروتو، أواثقٌ أنّك بخير؟

—لا تقلقي علي. هو بعيد عني معظم الوقت على أي حال. سأتظاهر بأنه ذهب في رحلة طويلة وأننا لن نرى بعضنا البعض لفترة.

لا بد أنها شعرت برعشة الحزن في صوتي، لأنها عانقتني بحنان. ضميتها بقوة أستنشق رائحة الفراولة الحلوة التي تفوح منها.

سحبتها من الشرفة إلى غرفة نومي وأنا أمطرها قبلاتٍ استجابت لها برقة. تخلّصت من قميصي وألقيت به على الأرض. فجأة، بدأ هاتفها المحمول بالاهتزاز على المكتب. اللعنة، ليس الآن! شبكت أصابعنا مانعًا إياها من أخذه.

—قد يكون أمرًا طارئًا!

أُفٍ... ليس كذلك! تركت يدها على مضض. عادت إلى الشرفة لترد وأدركت في الحال أنه ساسكي. بعثت لي قبلة في الهواء، كما لو أنها لا تريدني أن أنزعج. عمَّ يتحدثان، تيبايو؟

—ماذا يريد؟

—سألته عمّا إذا كانت هناك وظيفة شاغرة في مطعم والده. بعد استشارة قسم الموارد البشرية، اتصل بي ليخبرني بوجود منصب. لذا، إن كنت مهتمًا، ما عليك سوى إرسال سيرتك الذاتية والذهاب للمقابلة، هذا كل شيء!

—مهلًا لحظة، دعيني أستوعب الأمر! فعلتِ ماذا؟

—ماذا فعلت؟ كنتَ تبحث عن وظيفة، أليس كذلك؟ لقد طُردت من عملك بسببي، أظننت أنني سأتركك عاطلًا دون مساعدتك؟

—أخبرتك أنه لم يكن بسببكِ! ما كان يفترض بكِ أن تفعلي ذلك يا هيناتا. أخبرتكِ بأنني سأتدبر أمري، لكنكِ هكذا، تفعلين دائمًا ما يحلو لكِ ولا تهتمين بما أريده!

—الآن أنا المخطئة لأنني فكرت في مصلحتك؟ لا أفهم ما الذي يزعجك لهذه الدرجة. كنت تبحث عن عمل وها هي ذي فرصة أمامك!

—أتسمين هذه فرصة؟ تعلمين جيدًا أنني لا أطيقه... ذاك الأوتشيها! لا، وتريدين مني أن أعمل لدى والده؟ هل أنتِ جادة؟

—لو أنك أخذت عناء السيطرة على غضبك ووضعت كبريائك جانبًا، لما طُردتْ. خيبت ظني فيك يا ناروتو، جديًا!

حملت حقيبتها واستعدت للمغادرة، لكن قبل أن تتمكن من عبور الباب، عانقتها.

—أنا آسف، أنتِ على حق. لا تذهبي، أنا أحتاجكِ.

—أتفهم أنك تمر بوقت عصيب، لكنك ستكون بخير. أنت قوي، أعلم ذلك.

—لا تذهبي... أرجوك! أخبرتكِ أنني اعتدت على ذلك، ولكن... في الحقيقة، أكره المكوث وحيدًا. أنتِ كلّ ما تبقى لي.

—حسنًا... سأبقى لفترة أطول قليلًا.

طبعت قبلة على جبينها. أجل، لم يعد الناسك المنحرف موجودًا بعد الآن. هي الآن العضو الوحيد في عائلتي.

2.

مسدت على شعرها الحريري الحالك وتتبعت ملامحها بإصبعي. ليتنا نستطيع البقاء هكذا إلى الأبد.

—هيناتا...

—همم.

—ابقَي هذه الليلة.

رمشت بأعينها، ثم نظرت إلى الشرفة حيث اقترب حلول الظلام.

—لا أستطيع، عليّ الذهاب.

—أرجوكِ...

توسّلت إليها وأنا أقبّل كتفها العاري. عدّلت ثوبها ونهضت من السرير على الفور.

—لا يا ناروتو. أخبرتك أنني لست مستعدة لذلك بعد.

—نحن نتواعد منذ عامين وما زلت تتذرعين بنفس العذر!

—ليس الوقت المناسب.

—هذا بسبب ما قُلته سابقًا، أليس كذلك؟

—لا. لقد تحدثنا عن هذا الموضوع من قبل.

—بسبب ساسكي؟

صرخت غاضبة:

—وما علاقته بذلك؟

توسلت إليها وأنا أحتضن خصرها:

—ابقي إذن! أرجوكِ ابقي إلى جانبي.

وضعت قبلة على جبيني.

—سأراكَ غدًا، فلنشاهد الألعاب النارية معًا من أعلى الجرف. حسنًا؟

—هيناتا...

—أراك غدًا يا ناروتو. ضع كبرياءك جانبًا وتقدم للوظيفة.

أغلقت الباب وراءها واستقرت العزلة في شقتي المظلمة ثانية. أحضرت علبة سجائري وعدت إلى الشرفة. عقب سيجارتها الموسوم بأحمر الشفاه سرق مني ابتسامة.

3.

الجرف... إنها هناك وهو كذلك. بدأ الأمر يثير أعصابي. يفترض أن يكون هذا مكاننا الخاص، وهذه أمسيتنا معًا، ماذا يفعل هنا؟

لوّحت بيدها ناحيتي:

—ناروتو!

سرت إليها وأنا أصر على أسناني.

حيّاني ساسكي ببرودة:

—مساء الخير يا ناروتو.

—مساء الخير، تيبايو.

إن كان يظن أنني سألعب دور الصديق معه، فهو مخطئ.

—سأحضر آلة التصوير، فقد تركتها في السيارة. سينضم إلينا تينتين والآخرون قريبًا.

—الآخرون؟

قالت بغمزة:

—سنحظى بأمسية بين الأصدقاء.

رمقني ساسكي بابتسامة متكلفة. قال عندما غابت عن ناظرينا:

—لا تنظر إليّ هكذا، لقد أصرت عليّ أن آتي. أنا أيضًا أتمنى لو أنني بقيت في المنزل.

نبرته المتغطرسة تصيبني بالغثيان، كيف تتحمله هيناتا؟ لا يمكنني أن أمضي دقيقة معه دون أن أغضب.

—أوه! لا تجرؤ على قولها، تيبايو. وأنت لا تستطيع أن ترفض لها طلبًا بالطبع!

—صحيح، حتى عندما تطلب مني أن أسدي لك معروفًا.

وغدٌ حقير! كنت أعرف أن شيئًا كهذا سيحدث، لن أوافق أبدًا على العمل لدى والده.

—أنا ذاهب! عندما تعود هيناتا، أخبرها بأنها تعرف أين تجدني.

—أتعتقد أنها ستركض خلفك؟ إن أردتَ البقاء مع هيناتا، فعليك أن تبذل جهد التعرف على أصدقائها. لماذا جمعتنا هنا برأيك؟

—لا أهتم، أنت لستَ بصديقٍ لي.

—أبله.

لا أصدّق أنها فعلت بي هذا! كلّا، إنها لا تحاول أن تجعلني أتعرف على أصدقائها، إنها تحاول أن تتجنب مشهد الأمس. هذا مؤلم... هل تراني منحرفًا يحاول اغتصابها؟ كل ما أريده هو أن أحظى بها لليلة... لوحدنا.

وما كان ينقصني إلّا أن يذكرني ساسكي بقصة المطعم. حتى دون ذلك، يصعب عليَّ تقبل الأمر. كلاهما يزعجني. مغفّلان!

4.

وضعت خدي على طاولة الحانة وأنا أشعر بالغثيان. أفتقد أيام عزوبيتي، كان قلبي مستقلًا، كنتُ حرًا طليقًا.

هل أنا أهذي؟ لا بد أنه تأثير الكحول، وإلا... ماذا يفعل ملاكٌ هنا؟

رفعت رأسي وأرحت ذقني على راحة يدي أراقبها وهي تحتسي مشروبها. بشرتها اللبنية، على النقيض من فستانها المخملي الأحمر، تضيء هذا المكان المظلم. مشطت بأصابعها شعرها القصير ذي اللون الوردي الفاتح.

حدّقت في وجهي وهي محرجة من نظراتي، لكني لا أستطيع أن أشيح بنظري عنها. إنها جميلة. لا، بل فاتنة. عيناها الزمرديتان أخاذتان. بالكاد أستطيع مقاومة رغبتي في التحدث إليها. تبدو ضجرة... وربما حزينة. شفتاها الرقيقتان لا تبتسمان. فيما تفكّر؟ كيف يبدو صوتها؟ ضحكتها؟

استيقظ يا ناروتو. أنت مع هيناتا، لا يمكنك أن تفعل هذا بها، أليس كذلك؟

امضي قدمًا يا ناروتو. ما لا تعرفه هيناتا لا يمكن أن يضرها.

دعك منها، لا تتحدث معها، عد إلى المنزل... بل اذهب واعثر على هيناتا. ربما هي محبطة الآن.

هيناتا لم تتصل حتى، لابد أنها تقضي وقتًا ممتعًا مع أصدقائها. ثم إنك سوف تدردش معها فقط، لا يوجد شيء خاطئ في ذلك!

ما الذي أفكّر فيه؟ أنا أودّ فقط التعرف عليها!

ثم إنني، إن كنت هنا، فذلك بسبب هيناتا، أليس كذلك؟

كونوها، مايو 2018

5.

فُتح باب مكتبي دون سابق إنذار.

—ساكورا؟

—معلمي، أنا أعتذر، لقد أخبرتها أن...

—لا بأس يا مويغي، يمكنك الانصراف.

أغلقت المتدربة الباب وعادت إلى عملها.

—علينا أن نتحدث!

—لا يمكنك اقتحام المكان هكذا، أنا أعمل هنا!

—لا يهمني. ماذا حدث أول أمس؟ آياكو لم تعد على طبيعتها منذ أن قضت الليلة في بيتك.

لعبنا معًا. أدّت واجبها المنزلي. تناولنا العشاء. نظفنا أسناننا ورويت لها قصة ما قبل النوم. كل شيء كان اعتياديًا قبل أن تأتي هيناتا...

—لا شيء. كانت طبيعية تمامًا. ربما حدث شيء ما في المدرسة.

—كلّا. لقد تحدثت إلى معلمتها، هي الأخرى لاحظت سلوكها الغريب. الليلة الماضية رفضت الذهاب إلى بيتك. لقد أثارت ضجة حول هذا الموضوع لدرجة أنني اضطررت لتركها مع والديّ.

ابتلعت ريقي. غير معقول! أرأتني مع هيناتا؟ واثق من أنها كانت نائمة. نهضت من مقعدي وأنا أعض إبهامي.

—اللعنة يا ناروتو، ماذا فعلت؟

شبّكت ساكورا ذراعيها، ونظراتها الزمردية تخترقني.

—فيما تفكر بحق الجحيم؟

—أنا أحاول أن أتذكر إن كنت قد فعلت شيئًا أزعجها.

صرخت في وجهي وهي تهزني:

—ماذا فعلت أيها الأحمق؟

—لم أفعل لها شيئًا! صدقيني... سأتحدث معها.

—إنها ترفض التكلّم.

—سأجد طريقة...

ربت على كتفها.

—لا تقلقي يا ساكورا، سوف أحل الأمر.

6.

يحز في نفسي أن أراها تخربش على ورقة في مكتبها دون أن تعيرني أدنى اهتمام. إن تحتّم عليّ أن أضحي بكل ما أملك حتى لا أفقدها، فلا شيء يغلو عليها.

—آياكو.

رمقتني بنوايا قاتلة.

—أرجوك قولي شيئًا...

ألقت بقلمها وأخذت تأرجح قدميها.

—لقد كذبتَ عليّ، لم أعد أحبك!

—لكن بابا يحبك كثيرًا يا عزيزتي.

—أنتَ كاذب!

—أتقولين ذلك لوالدك؟

حدّقت في وجهي للحظة، ثم رفعت عينيها إلى السماء.

—أنت لا تحبني ولا تحب أمي. بل تحب تلك المرأة. لقد تركتنا من أجلها، فهمتُ كل شيء!

انقبض قلبي، وانعقد حلقي. لقد أفسدتُ كل شيء!

—كلّا يا آياكو، أنا أحبك أكثر من أي شخص آخر في العالم. لن أتخلى عنكِ من أجل أيٍ كان!

قالت وهي تنتحب:

—لقد رأيتُ كل شيء! قلتَ أنك ستكون دائمًا معنا، وأننا سنبقى معا إلى الأبد!

—أجل، أعدك بذلك... ستحبينها أيضًا عندما تتعرفين عليها...

مزقت ورقتها وهي تبكي بحرقة.

—لا أريد! لا أريد!

مسحتُ دموعها وقبّلت جبينها. احتضنتها بين ذراعيّ حيث استمرت في الصراخ وضرب صدري.

لا يمكنني المخاطرة بفقدان ابنتي بهذه البساطة، بل بهذه البلاهة. ماذا كنتِ ستفعلين لو كنتِ مكاني يا هيناتا؟

—بابا آسف لأنه خذلكِ يا آياكو. أنا أحبك وسأحبك إلى الأبد. أعدك... بأنني سأكون دائمًا معكِ، وأمك أيضًا.

—نحن الثلاثة معًا... وفقط!

روحي المنهكة أثقلت كاهلي بوعودها.

—ثلاثتنا فقط.

والآن يا ناروتو... أنت تعلم علم اليقين أنه لا يمكنك الحصول على كل شيء في الحياة. عليك أن تكسر قلب هيناتا مرة أخرى، عليك أن تضحي بحبها ثانية للبقاء مع ابنتك. لماذا... فقط لماذا؟

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top