12. HINATA

كونوها، أبريل 2018.

1.

طهّرت الممرِّضة ساعدي بعناية قبل إدخال إبرتها وملء أنبوب الاختبار بالدم. لقد أغمي عليّ مرة أخرى فأصرّت هانابي أن أرى طبيبًا بما أننا في المستشفى.

— حسنًا، انتهينا. أتمنى لكِ الشفاء العاجل سيدتي.

— شكرًا.

كونوها، يونيو 2015.

2.

قالت الأخصائية النفسانية:

— تبدين مبتهجة اليوم يا هيناتا.

أكّدت لها ذلك وشفتاي تمتدان في ابتسامة:

— أجل. لقد قررت المضي قدمًا في حياتي!

اتسعت عيناها من الاستغراب، فقبل عشرين يومًا، كنتُ ما أزال أشكو من أملي اليائس في عودة ناروتو إلي.

— أفترض أن أمرًا ما قد وقع.

أومأت برأسي.

— أصيب والدي بسرطان الرئة.

تظاهرت بملامحها بالأسف، لكنها لم تقاطعني.

— سيخضع لعملية جراحية عمّا قريب. أنا قلقة بعض الشيء، لكنني متفائلة. الصحة لا تقدّر بثمن، لذا قررت الإقلاع عن التدخين والكحول. أنا أبذل قُصَارَى جهدي، ولكن أحيانًا... ساسكي يشجعني أيضًا، تعلمين، هناك تلك البدائل... ثمّ إنّ...

— ثم؟

أأخبرها بالوعد الذي قطعته لأبي؟

— أنوي فتح صفحة جديدة مع ساسكي. سوف نعيش بسعادة معًا.

— أمقتنعة أنتِ بذلك؟

— بالطبع! سأضع حدًا لناروتو مرة وإلى الأبد!

— ألم تقولي فيمَا مضى أنه ظلمٌ تجاه ساسكي أن تستغلي مشاعره لنسيان ناروتو؟ هل غيرت رأيك؟

لقد قبلت شرط أبي، لا يمكنني التراجع عن كلمتي. زد على ذلك، ساسكي لا يملك ما يخسره، هذا لن يؤذيه بل سيسعده.

— خذي وقتك، أنتِ لستِ في المكان الذي كنت فيه عندما بدأ كل شيء وهذا جيّد. لا تستعجلي ولا ترغمي نفسك على شيء لا ترغبين فيه، دعي الأمور تجري بشكل طبيعي.

لا يمكنني أن أحزن على فراقه أبد الدهر... يجب أن أستغل هذا الغضب الذي ينمو بداخلي لأخرج من كربي. عليّ أن أقتل ما تبقى لي من أمل. لا توجد آلاف الحلول الأخرى وأنا غير قادرة على حب شخص آخر وتسليمه مفاتيح قلبي. ساسكي، على الأقل، أحبه وأثق به.

— إن تخليّت عن هذا الحافز الذي ينمو بداخلي... قد لا أجده مرة ثانية. سوف أغرق وعندها لن أكون على استعداد أبدًا. أنا وساسكي تقرّبنا من بعضنا البعض أكثر في الآونة الأخيرة، أشعر بأنني كنت عمياء طوال الوقت الذي قضيته بجانبه دون أن أراه على حقيقته. كنت أفكّر فقط في مشاعري تجاه ناروتو. ركّزتُ كل طاقتي على إحياء ماضينا بالتشبّث بذكريات لا قيمة لها الآن. رفضت أن أصدق أنه عرف امرأة أخرى... اعتقدت أنني إن اعتبرتُ ساسكي أكثر من مجرد صديق، فسأكون قد خنت حبنا. لهذا السبب قلت ذلك، ولكن أعتقد أن هذه الأشياء تحدث فقط في رأسي. لناروتو... أنا لا أعني شيئًا بعد الآن. لذا، أريد أن أعطي فرصة لساسكي.

— هل تحاولين معاقبة ناروتو بهذه الطريقة؟

— كلّا... ساسكي يحبني و... أنا أحبه أيضًا. إنه يجعلني أشعر بأنني على قيد الحياة، بأنّ للحياة قيمة. أنا لا أحاول معاقبة ناروتو، أنا أنتقم منه على كل الألم الذي تسبب لي فيه... سأثبت له ولنفسي بأنني أستطيع أن أكون شخصًا أفضل. سيساعدني ذلك على التحسّن، وعلى حبّ نفسي...

— وهل تعتقدين أنّ الانتقام هو أفضل طريقة لاسترجاع حبك وتقديرك لنفسك؟

— نعم، أظن ذلك. أعتقد أنّ الانتقام هو القوة الدافعة وراء التغيير. ناروتو محض... حافز لي.

قلت وأنا أمسك بالولاعة في جيبي:

— سأتخلص من كل عادة تذكرني به! سأحب ساسكي وسأتزوجه. سنُكَوِّن أسرة. سأكون أمًا مثالية. سوف أصبح نسخة أفضل من نفسي... أمّا ناروتو، فسيندم على خسارتي. لم أشعر بهذا الإحساس الجيّد، بهذا الإصرار، منذ زمن بعيد.

كونوها، أبريل 2018.

3.

عدت إلى غرفة الاستشارات في جناح الطوارئ وأنا أحمل نتائج الفحوص التي أجريتها. انتابني شعور سيء. هذا مجرد فحص روتيني، لن يكشف عن السرطان، أليس كذلك؟

سألني الطبيب وهو يقرأ نتائج الفحص الذي وصفه لي:

— السيدة أوتشيها هيناتا؟

— هذه أنا.

أوتشيها هيناتا... وكأنه يتحدث عن شخص آخر. لطالما كنتُ فخورة بانتمائي لعائلة هيوغا، لِمَ أعطيتهم لقبي الزوجي؟

— أتعرفين الطبيب أوتشيها ساسكي؟

ليس كالسابق...

— بلى، إنه زوجي...

قال وهو يعدّل نظارته:

— حقا! يا لها من مصادفة جميلة، أنا وزوجك درسنا في كليّة الطب معًا.

فضول هذا الرجل في غير محله وهذا يجعلني غير مرتاحة البتة.

— يبدو أنّ عزيزنا ساسكي سيسمع أخبارًا سارة هذا المساء.

— أستميحك عذرًا؟

— تهانينا سيدتي، أنتِ حامل!

أأضحك أم أبكي؟ كيف يعقل هذا؟ لم يمض أسبوع على فترة حيضي. كل المرات التي دخّنت فيها وشربت هذا الشهر تومض في ذهني. القلق يغمرني. إن حدث مكروه لهذا الطفل، فلن أسامح نفسي.

— أنتِ أيضًا مصابة بفقر الدَّم. سنعالج ذلك ونحيلك إلى طبيب أمراض النساء والتوليد لمراقبة حملك.

لا، أنا لا أحلم، لقد أكّد حملي للتو. تناوبت مشاعري بين القلق والسعادة.

— بلّغي تحياتي لزوجك يا سيدتي نيابة عني، كابوتو ياكوشي.

أومأت برأسي وأنا أغادر. تشنجت وجنتاي من كثرة الابتسام. لامست أصابعي بطني بحذر. أنا حامل، أنا حامل حقًا. أبي، ناروتو وكل الهموم الأخرى في هذا العالم يمكنها أن تنتظر، طفلي هو الأهم. ضحكت ببلاهة وأنا أخرج من جناح الطوارئ.

بحثت عن هانابي في حديقة المستشفى فرأيتها أمام جناح أمراض الجهاز التنفسي وجراحة الصدر. ساسكي يرافقها، يمكنني تمييز مئزره الأبيض الناصع.

عندما وصلت إليهما، قفزت على رقبة زوجي وقبّلته دون سابق إنذار، ما أراق قهوته على زيه. اشتكى بظرافة:

— هيناتا!

انفجرتُ ضحكًا. استجوبني زوجي وأختي بنظراتهما، هما يعلمان أنّ نوبات الضحك هذه، تتبعها أنهار من الدموع لا محال. قلت وأنا ألتقط أنفاسي:

— حسنًا. سأهدأ!

ربّت ساسكي على كتفي.

— أنا حامل!

وانفجرت بالبكاء.

4.

غمستُ فرشاتي في الطلاء.

— يقال أنّ الأشياء الجيدة تحدث عندما لا نتوقعها. أتظنُّ ذلك؟

أخذ الفرشاة من بين أصابعي.

— أو في الوقت المناسب.

لفّ ذراعه حول خصري ودفن رأسه في عنقي. رسم كانجي على لوحتي ثم طبع قبلة على رقبتي.

— آي (حب)؟

— فلنسمي ابنتنا كذلك.

— لِمَ لا؟ وماذا لو كان ولدًا؟

— لا أعلم، فكري في اسم مناسب.

— ما رأيك في إيتاتشي؟

لم ينطق حرفًا، وها قد ندمتُ على الكلمات التي خرجت من فمي، كما لو أنّ أسماء الذكور تكاد تنعدم.

— كما تريدين.

وضع قبلة خفيفة على طرف أنفي، ثم على شفتي. شابك بين أصابعنا بيمينه وأحاطني بيسراه. أرحت رأسي على كتفه وأغمضت عينيّ. تمتم وهو يقبّل صدغي:

— اشتقت إليكِ.

ابتسمت بخفوت. يثلج صدري عندما يبذل جهدًا للتعبير عن مشاعره، فرفعت رأسي وقبّلت شفتيه.

— لم تعودي تخبرينني بشيء في الآونة الأخيرة.

— مثل ماذا؟

— مثل... ماذا تفعلين، إلى أين تذهبين، بما تفكرين؟

— أنت مشغولٌ دائمًا، وتعود إلى المنزل متأخرًا، متعبًا... لا أحب أن أزعجك. لأصدقك القول، لا أدري... سئمتُ التعامل مع الناس ومشاكلهم. سأظل أشغل نفسي بالرسم، ربما سأحاول جني المال من بيع لوحاتي. ولكن الآن أريد فقط أن أرتاح.

— فكرة سديدة. معرضك الفني سيعرِّف الناس بأعمالك...

— بلى، ولكن لستُ في مِزَاج جيّد لذلك الآن. أنا أفكر في والدي. هذا قاسٍ، لكن جزءًا مني يريده أن يموت في حين يرفض الجزء الآخر تقبل مرضه...

— أنتِ لا تريدين الاستمرار في رؤيته يعاني، هذا طبيعي. الموت جزء من الحياة، كلنا سنموت يومًا، أليس كذلك؟

— بلى... أنت تفتقده، صحيح؟

— دائمًا، لكنني اعتدتُ على غيابه.

عانقته بقوة جاعلة إياه يستلقي على الأريكة.

— ساسكي...

— همم.

— أنا خائفة... ما مدى موثوقية اختبارات الحمل؟

— ما زلتِ لا تصدقين؟

— أجريتُ اختبار بول آخر وجاءت نتيجته إيجابية، ولكن... الأسبوع الماضي كنت حائضًا. كيف يعقل... هل هناك تفسير معقول لهذا؟

مسد بحنان على شعري.

— لم يكن حيضًا إذن... أحيانًا لا يكون كيس الجنين متثبتًا بإحكام على جدار الرحم فينجم عن ذلك سيلان للدم. يسمى هذا تهديدًا بالإجهاض. يجب إجراء فحص بالموجات فوق الصوتية للتأكد من استمرار الحمل من عدمه.

— فهمت... لقد حدّدتُ موعدًا مع طبيبة النساء.

— متى موعدكِ؟ أودُّ مرافقتك.

ماذا لو للأمر علاقة بالشرب أو التدخين؟ كلّا، يستحيل أن أتركه يأتي! ضحكت بخفة:

— ستكون مفاجأة!

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top