11. HINATA

كونوها، أبريل 2018.

1.

«أرواحنا تتوق إلى أن نجتمع.» هراء.

مرّ يومان على تلك الليلة وما زلت لا أستطيع إخراج القصة من رأسي. هو على حق، لِمَ قد تذهب امرأة محترمة تحب زوجها للقاء حبيبها السابق في شقته؟ ومن أجل ماذا؟ ليدردشا عن الماضي... ماضيهما!

الغضب ينخر عظامي. غضبي تجاه نفسي، من هذه الأفكار البغيضة التي تطاردني، تجاه عديمة الكبرياء التي تعيش تحت جلدي، التي تريد أن إقناعي أنه يمكننا مسامحته على كل شيء، لأنه فعل شيئًا جيدًا، لأنه تصرف بمسؤولية! مثيرة للشفقة!

أرجوك... أخرج من رأسي!

أعدت رسم الندوب على معصمي بإصبعي بعدما فشلت في إخفائها برغوة حمامي. أعادتني رنة هاتفي إلى العالم الخارجي، فشطفت جسدي ولبست ثوب الاستحمام.

استعدت هاتفي من فوق السرير، مكالمة فائتة من هانابي. عاودت الاتصال بها.

— مرحبًا؟

قالت بصوت ضعيف:

— هيناتا... لقد أخذنا أبي إلى المستشفى، حالته سيئة للغاية.

سرت رعشة في جسدي، فأوقعت هاتفي وانهرت على لحافي. ليس عليّ أن أسأل عمّا جرى لوالدنا، كنت أعرف أن هذا اليوم سيأتي. اعتقدت فقط أنه سيأتي بعد حين، حالمَا أكون مستعدة لتوديع فرد آخر من عائلتي. لكن الموت لا ينتظر أن نكون متأهبين لاستقباله. هو يحب أن يفاجئنا.

هرعت إلى مستشفى كونوها الجامعي وانضممت إلى هانابي في غرفة الانتظار، فأخذتني بين ذراعيها. تراجعت قليلًا وأنا أمسح الدموع من زوايا عينيها.

— أتعتقدين أنه سينجو هذه المرة؟

أجبتُ بلطفٍ متصنّع:

— لا أدري.

— لا تظنين ذلك.

أومأتُ برأسي، آسفة.

— أتمنى ذلك يا هانابي، لكن لا يمكنني أن أعطيك أملًا زائفًا. أنت تعلمين أنه في مرحلة متقدمة من المرض.

— لقد أبلغتُ نيجي والعم هيزاشي.

— أحسنتِ صنعًا.

كونوها، يونيو 2015.

2.

مستلقيةً تحت الشمس مع كتابٍ على وجهي، استمتعت بمداعبة الأشعة لجلدي والرمال تحت قدمي وصوت تلاطم الأمواج وهتافات هانابي ونيجي وتينتين وساسكي وهم يلعبون الكرة الطائرة.

خلع ساسكي كتابي عن وجهي قائلًا:

— تعالي والعبي معنا!

تذمّرتُ عابسةً في وجه الأشعة الحارقة:

— لا أشعر برغبة في ذلك.

فتح الكتاب مرة أخرى وصفعه على وجهي وإذا به يعود أدراجه.

— ساسكي، انتظر!

بدت ابتسامة صغيرة على زوايا شفتيه عندما رآني أغادر مقعدي.

— لنذهب للسباحة!

— حسنًا.

نزل ساسكي إلى الماء وسبح عدة أمتار. تناثرت موجة فوقي فوقفت متجمِّدةً مكاني وأنا أرتجف. لوّح لي بيده، فصررت على أسناني وغمرت جسدي أُعوِّده درجة الحرارة الجديدة قبل أن أنضم إلى ساسكي.

تمتمت وفمي يرتجف:

— البرد!

— فتاة مدللة!

ضحكنا معًا ونحن نبتعد أكثر فأكثر عن الشاطئ.

— أردت أن أحدِّثكَ في موضوع ما.

— وأنا كذلك.

— حسنًا، أنتَ أولًا.

— الأمر يتعلق بوالدكِ.

— أظنّ أننا نوّد الحديث عن الموضوع عينه.

— حقًا؟ حسنًا... في الحقيقة، لا يحق لي البوح بمعلومات تخص المرضى، لكن...

— والدي مريض.

— أجل.

— توقعت ذلك، فقد نحف وسعاله ازداد سوءًا...

— هيناتا. لقد تم تشخيص والدك بسرطان الرئة.

صمت ثقيل أعقب كلماته. كنت أتوقع أن يكون التهاب رئويًا أو شيئًا من هذا القبيل، ولكن... سرطان؟ هذه كلمة تقشعر لها الأبدان.

— ما مدى سوء حالته؟

— لحسن حظّه، الورم في مرحلة موضعية. وهذا يعني أنّ الاستئصال الجراحي لا يزال ممكنًا. سيحتاج أيضًا إلى علاج كيميائي وعلاج إشعاعي، لكن...

— هذا محفوف بالمخاطر؟

— أجل... إن أخذنا بعين الاعتبار مرضه القلبي وضغط دمه المرتفع. في كل الأحوال، سيعتني به فريق كامل من الأخصائيين، لذا تلك ليست بمشكلة.

— ما المشكلة إذن؟

— والدك يرفض إجراء العملية. ينوي الاستمرار في إخفاء مرضه عنك. حاولت إقناعه بالمنطق، لكن دوري يقتصر على إعلام المرضى وعلاجهم، لا يمكنني فرض العلاج عليهم. لكن إن تأخر، فسوف ينتشر السرطان في جسده ويستعصي علاجه... لذا حاولي التحدث معه، عساك تتمكنين من إقناعه.

— لِمَ يفعل هذا؟ أليس لديه فرصة للنجاة؟

— نظريًا، بلى، في ظل أفضل الظروف... علاج مبكّر ومنتظم مع الإقلاع عن التدخين. لكن صراحة، سرطانه خبيث وينتشر بسرعة.

— قبل يومين، سمعتكما تتحدثان في مكتبه. إذن هذا ما تكلمتما عنه.

أومأ برأسه واستلقى على سطح الماء كما لو أنه يريد إنهاء المحادثة عند هذا الحد، وهذا أثار فضولي.

— سمعتُ اسمي... لقد ذكرتني، أليس كذلك؟ أهو قلق بشأن عمله؟ أيريدني أن آخذ مكانه؟

فتح عينيه، لقد سمعني، لكنه ظلّ يحدق في السماء لوهلة.

— إنه قلق عليك. تذكرين حين توفيت والدتك... بسبب محاولتك الانتحار.

— لماذا يرفض العلاج إذن؟

انهمرت الدموع من عيني.

— إن كان قلقًا عليّ، فلماذا يريد أن يموت هو الآخر؟

تلعثم قائلًا:

— هو يريد أن... لقد طلب مني... لا أعرف لماذا يفعل ذلك، لكن عليكِ أن تقنعيه يا هيناتا.

رمقني بنظرة متوسلة فأومأتُ برأسي، كما لو كان لديّ خِيار آخر!

— ماذا طلب منك؟

— ليس مهمًّا، انسي الأمر... سوف تقنعينه.

3.

— ادخل!

دفعت الباب ودخلت المكتب المظلم. أبي يعمل كالعادة وعيناه ملتصقتان بحاسوبه.

— أبتِ...

نظر إليّ وأخفض نظارته.

— لم تنامي بعد؟

عاد إلى عمله كما لو أنه لم يرنِ.

— أبي، يجب أن نتحدث.

— نعم، أنا أستمع.

— أخبرني ساسكي بكل شيء.

— بما أخبرك؟

— عن مرضك، وأنك لا تريد أن تتعالج.

— صديقك يكذب عليكِ.

وضع منديله على فمه وأخذ في السعال. تمتمت بيأس:

— أنتَ من يكذب عليّ...

ترك مكتبه ومشى نحوي. داعب شعري ودعاني للجلوس بجانبه على الأريكة.

— أنتِ تحبين والدك، أليس كذلك؟

— أبي، أرجوك توقف، أنا جادة.

— إن كان الأمر هكذا، فسأتحدث بجدية أيضًا.

أفضِّل ذلك.

— سأتلقى العلاج، ولكن بشرط.

— لكن هذا لمصلحتك!

— لا يهم إن متُّ بعد سنة أو سنتين، سواء عولجت أو لم أعالج، ذاك اليوم سيأتي قطعًا، أليس كذلك؟ همّي الوحيد هو أنتِ وهانابي. كيف ستستمران في القتال بمفردكما؟ المشاكل التي ستحل بعدي، العائلة، العمل... خاصةً أنتِ يا هيناتا، لطالما كنتِ حساسة وغير صبورة.

صرخت مستاءة:

— لماذا لا تريد أن تتعالج، إذن؟ هل الشركة هي كل ما يهمك؟ أنت تعلم علم اليقين أنني لن أستطيع أبدًا أن أحلّ محلك!

أخفضت رأسي خجلًا من رفع صوتي.

— آسفة.

— لأنني لست بخالدٍ على هذه الأرض. هلّا سمعتِ شرطي؟

أومأت برأسي، غير مقتنعة.

— تزوجي ساسكي.

صحت غاضبة:

— من أين خرجت لي بهذا؟ ما عَلاقة زواجي بمرضك؟ بل... بعملك؟

— لا أفهم لماذا أنتِ مندهشة، حتى والدي ساسكي أعجبا بالفكرة!

— ماذا؟ لا بد أنك تمزح! والدَا ساسكي؟ هل أنا أحلم أم أنك تخطط لحياتي من وراء ظهري!

أطلقت ضحكة هستيرية. كلّا، غير معقول! لا يمكن أن يحدث هذا! هذا غير صحيح!

— أنا لا أفهمك يا هيناتا، أنتما تتسكعان معًا منذ أن كنتما مراهقين، وأنتما على وفاق تام، فلمَ لا؟ ماذا كنت تتصورين؟ أن تظلّا هكذا طوال حياتكما؟

— نحن على ما يرام كما نحن. انسَ هذه الفكرة، لا عَلاقة لمرضك أو عملك بالأمر. لا تتهرب!

— بالطبع لهما عَلاقة! أنا أنوي بيع حصصي لـ فوغاكو. لستُ أخفي عنكِ شيئًا، تعلمين أننا على حافَة الإفلاس، أنت لن تقدري على إدارة الشركة من بعدي، قلتِ ذلك بنفسك، وكذلك هانابي. من الأفضل أن تتزوجي ابن فوغاكو وتعتني بأختك. كل ما فعلته حتى الآن كان من أجلكما، لا أريد أن يذهب عملي الشاق والوقت الذي قضيته بعيدًا عنكما سدى. تلك الشركة من حقك! هذا كل ما أطلبه. أنا أثق بـ ساسكي، وأدهى من ذلك أنه صديقك، لذا لا تتصرفي وكأنني ألقي بكِ في عرين الأسد.

همست باشمئزاز:

— من أجل المال؟ لا يمكنني فعل ذلك.

— لِمَ لا؟ هل هناك شخص آخر في حياتك؟

تمتمت بخجل:

— لستُ مغرمةً به.

وضع والدي يده على جبهته ودلك صدغيه كما لو كنت قد كفرت أو ارتكبت فعلًا مخزيًا.

— لا يهم. أنتما على وفاق، وتحترمان بعضكما البعض. ستحبينه في المستقبل، عندما تتغلبان على العقبات التي تضعها الحياة في طريقكما. أنا وأمك لم نتزوج عن حب أيضًا، وهذا لم يمنعنا من أن نكون سعداء ونحب بعضنا البعض وننجب ابنتين رائعتين.

أنا لست أمي وأنت لست ساسكي.

— أهو مدرك لهذا؟ ألديه فكرة أنك تبتزني؟

— لا تتحدثي معي بهذه الطريقة! أنا لا أبتزكِ، أنا قلق عليكِ. أي أبٍ كان ليفعل هذا. أمك كانت لتقول الشيء نفسه.

رفعت عيني إلى السماء. أجل، أمي... أتساءل ما كان ليكون رأيها في هذه المسألة.

— لقد طرحتُ عليه فكرة الزواج معربًا عن قلقي عليك، هذا كل ما في الأمر.

سألته وأنا متيقنة من أن ساسكي قد رفض:

— وما كان رأيه؟

— لا يبدو أنه يمانع، لكن...

انقبض قلبي. كلّا، لا يمكن لساسكي أن يخون ثقتي!

— رفض!

— اجعليه يوافق!

— ماذا؟ !أرجوك يا أبت، لا تصر في عنادك! لا مبرر لقلقك، يمكنني تدبر أمري وكذلك هانابي. لست مضطرة للزواج، ولا سيما من أجل المال، أنا لا أريد، لست بحاجة إلى رجل وساسكي يعي ذلك.

— إن أقنعته بأنّكِ موافقة، فلن يكون لديه سبب للرفض.

— أوه حقًا! ولمَ لا؟

— لأنه يُحبّكِ، وأنت تعرفين ذلك!

— أنا... هراء!

— كان قلقًا جدًا عليكِ عندما أوشكتِ الموت. يجب أن تكوني عمياء كي لا تلاحظي ذلك!

4.

دفنت صدغي الخافقين في وسادتي. منطق أبي يثير أعصابي. ساسكي وأنا متزوجان، لا يمكنني حتى تصور ذلك. إنه يعرف كل شيء عن ناروتو. إنه صديقي، لا يفترض أن يكون حبيبي. هراء! كيف يمكنني أن أنظر في عينيه وأتظاهر بأنني أحبه وأكون مخلصة له وأنا ما زلت أفكر في ناروتو؟ أبي يضع السكين على رقبتي، لكن ما يقتلني هو أنه على حق. لطالما كان ساسكي إلى جانبي. إنه يحبني كثيرًا لدرجة أني أشعر بالقسوة لتجاهل مشاعره.

فكرة سيئة خطرت ببالي. ارتجفت يدي وأنا أمدها إلى هاتفي المحمول على الطاولة بجانب السرير. لا تفعلي ذلك يا هيناتا. هذا جنون، ستندمين على ذلك...

بحثت عن رَقْم ناروتو وترددت للحظة قبل إجراء المكالمة. يرن... ولكن ما من رد. وإذا بصوتٍ أنثوي يخترق السماعة:

— آلو! مرحبًا؟

عجزت عن الكلام، انقبض حلقي واعتُصِرت معدتي. ربما أخطأت... لا بد أنه غيّر رقمه.

قالت وهي تخاطب أحدهم قبل أن تغلق الخط في وجهي:

— لا أحد يجيب.

من الواضح أنها ليست صاحبة الهاتف.

أغمضت عيني وسمحت لبعض الدموع بالنزول. ربما الآن، بعد مرور عامين على رحيله، قد استقرت الأوضاع... الأمور التي لم يتكرّم بإخباري عنها. الأشياء التي أبعدتنا عن بعضنا، التي تبقينا منفصلين. ربما الآن، يمكننا العودة إلى سابق عهدنا، ولن يكون على أبي أن يقلق أو يجبرني على الزواج من ساسكي. هذا سخيف! أنا مثيرة للشفقة!

ألا يمكنك رؤية الحقيقة؟ إنه مع امرأة أخرى يا هيناتا، استيقظي! حان وقتكِ... يمكنك أن تفعلي الشيء عينه. لا، بل يمكنك أن تفعلي أفضل.

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top