الفصل | 7

أسوأ صنفٍ مِن البَشر، أولئِك الَّذين يتصرَّفون وكأنَّهم أفضلُ مِن الجميع.

يرمُقونَ غيرهم باستِصغارٍ وكأنَّهم على قمَّة المِثاليَّة واقِفون، لا أحَد يُضاهيهِم رِفعةً وارتِفاعًا، ذلِك لأنَّهم اغتَرفوا مِن العِلم أو الأخلاقِ ما أوهَمهم بأنَّهم قد ارتَشفوا الكونَ بأسرِه، هُم أُناسٌ مُعاشَرتهم لا تُزهِر سِوى صُداعًا فتَّاكًا!

لقد أدرجتُها مِن ضِمنهم، وما حاولتُ التودُّد إليها بأيِّ شكلٍ مِن الأشكال، لأنَّها بدَت شخصِيَّة لا تُطاق على الإطلاق. ما أزالُ مُتمسِّكًا بشطرٍ مِن رأيي، إذ استَطاعَت تخليصي مِن شطرِه الأوَّل بالأمس، حينَما جاءَتني آسفة.

لا أؤمِن بالفُرص الثَّانِية، فلا أحَد يستحقُّها، ولكنَّا بحاجةٍ للتبرُّع بِها، ليسَ لشيءٍ سِوى لنُثبِت لأنفُسِنا الَّتي تهابُ النَّدم أنَّهم لم يستَحقُّوها يومًا، وأنَّنا كُنَّا على حقّ مُنذ البِداية، حينما حكمَنا عليهم بالإعدامِ على مِنصَّة النِّسيان.

على الأقلِّ هِي تُحاوِل إصلاحَ ما أفسَدته، فاليَوم وأمامَ الكاميرا المُسلَّطة على بارِ الحانَة، حيثُ كُنَّا نجلِسُ مُتجاوِرين استَقبلت قُبلتي بحَفاوة، دونَ أن تنتأ علاماتُ التقزُّز على مُحيَّاها كالعادَة، ومُذ أنَّها الأولى بينَ البَطلين، لم يلزَمها مُبادَلتي... بينَ اللَّحظة والأُخرى أفكِّر أنَّها ربَّما ليسَت مُختالة كما خِلتُها، ربَّما لا تحبِّذُ الاختِلاطَ بأشخاصٍ سيِّئين، ولكنَّ ذلِك لا يعنِي أنَّها لم تُخطِئ في تقييمِ أخلاقِي، ولم تُسئ إليّ بمُعاملتها.

وبينَما نتقاذَف بنظراتٍ خامِلةٍ كنِهايةٍ للمَشهد صفَّق تشانيول بحرارَة.

" لقد خِلت أنَّنا سنظلُّ عالِقين هُنا إلى الأبد، أحسنتُمَا صُنعًا. "

نهَضت هيجين عن مقعدِها وانحَنت له بتكلُّف، في حينِ قُلت:

" لقد تدرَّبنا كثيرًا على المَشهد بالأمس، حتَّى أنِّي عجزتُ عن إحصاءِ كميَّة القُبل الَّتي تبادَلناها... "

ما يزالُ بجُعبَتي الكثيرُ لإغاظتِها ولكنَّها ضربَت كتِفي بخفَّة.

" ياه، لِماذا تُخبِره عن ذلِك؟ "

حطَّت نظراتِي اللَّعوبَة بعينيها السَّوداوين.

" لِصالحك يا عزيزتي، عليهِ أن يعلَم عن الجُهد الَّذي تبذلينَه مِن أجلِ وِلادَة صغيرِه الجديد، حتَّى يُغدِقك بكرمِه. "

بانفِعالٍ هتفت:

" ومَن قال أنِّي أُريدُ كرمًا مِنه؟ "

قطَّبت حاجِبيّ مُرتابًا مِن انقِلابِها المُفاجِئ عليه، بالأمسِ كان ما يزالُ الرَّجل النَّبيل بنظرِها، ما الَّذي ارتَكبه لتتشوَّه صورتُه هكذا يا تُرى!

نظرتُ إليهِ وضيَّقتُ عينيَّ أسألُه بصمت، فاكتَفى بهزِّ كتفيه غيرَ عابِئ لما يلقاهُ مِنها، هُو رجلٌ عمليٌّ للغايَة، لا يهدِف لبِناء علاقاتٍ وديَّة مع ممثِّليه، كُلّ ما يهمُّه أنَّهم يقومونَ بعملِهم على أكمَل وجه، مهمَا بلغت العدَاوة بينَهم.

فقأت فُقَّاعَة أفكارِي حينَما سألَتني.

" بيكهيون، ما رأيُك بأن نتعشَّى سويًّا؟ "

لفرطِ الصَّدمة لم أعرِف ما أقولُه.

" ماذا؟ "

" برأيي علينا أن نكونَ أقربَ مِمَّا نحنُ عليه الآن، وننَمِّي علاقةَ صداقة وطيدة، مُذ أنَّ المَشاهِد القادِمة زاخِرةٌ بالرُّومانسيَّة... لتصويرِ المشاعِر لا غير. "

ما لبِثت وأن رفعَت صوتَها بهِمَّة.

" أعظَم العلاقات تُخلقُ على مائِدة الطَّعام. "

تشانيول يكادُ يدمِع لفرطِ ما راقَه التغيُّر الَّذي مسَّها، حيثُ مسَح على رأسِها بلُطف.

" فِكرة جيِّدة هيجين، أخيرًا أنتِ تستَخدمينَ عقلك في التَّفكير. "

تأبَّطت ذِراعُ تشانيول ذِراعِي، تنتشِلُني مِن مكانِي، بينَما الحماسُ يتفرقَع في عينيه.

" هيَّا بيكهيون، اذهَب معَها. "

ظننتُ أنَّها تدعوني إلى مطعمٍ ما، لكنَّها أرادَت التبجُّح بقدراتِها في الطَّبخ، بمنزِلي الثَّمين... خشيتُ كثيرًا أن تُدمِّر المطبَخ، لذلِك بقيتُ أراقِبها بإمعان طوالَ العمليَّة، فمظهرُها يوحي بأنَّها طِفلةٌ مدلَّلة لم تمتدَّ يداها مِن قبل على الأعمالِ المنزِلية... أعترف أنَّها لم تكُ بذلِك السُّوء.

يومَها تحدَّثنا بمواضيعَ عشوائيَّة، سطت على القِسم الأعظم منها... لم أدرِ أنَّ لها فمًا ثرثارًا، إن فاضَ فلا رادِع قد ردعُه.

خِلالَ الأسبوعِ الماضِي قُمنا بتصويرِ مشهديّ أكشِن، لصراعٍ بينَ العِصابتين اللَّتين تحكُمان سول، انتَهى بإصابَة آيدن بطلقٍ ناريّ، ومُذ أنَّه لا يستطيعُ الذَّهابَ إلى المَشفى بسببِ رجال الأمن كونه من المطلوبين، تكفَّلت هايين بالعِناية بِه، وهُنا سندخُل في الفصلِ الآخر مِن علاقتِهما، فصلٌ محمومٌ بالمشاعِر، أشكُّ في أنَّها ستسعُها!

كُنت على وشكِ الخُلودِ إلى النَّوم حينَما امتلأ منزِلي بصوتِ الجَرس. ترجَّلت عن السَّرير بضجرٍ، أشتُم عديمَ الذَّوق الَّذي اصطَفى مِثل هذِه السَّاعَة لزيارَتي، فإذا بِها هيجين.

" أتظنَّينَه وقتًا مُناسِبًا للزِيارة؟ "

" لقد قضيتَ اليوم بأكملِه أفكِّر في ما إذا كان عليَّ المَجيء أم لا، للتوِّ توصَّلت إلى نتيجَة. "

صمَتت قليلًا تُطالعُ الأرضيَّة بعبوسٍ قبل أن تقعُدَ إلى عينيّ.

" لا يُمكِنني المبيتُ وأنا أفكِّر في المشهدِ الَّذي علينا تأديتُه يومَ غد، أشعُر أنِّي لستُ بندٍّ له. "

حينَما انتَعش عقلي الَّذي عشَّش على فراش النَّوم مُنذ لحظات أدركتُ ما ترمي إليه... دُهِشت.

" لا تُخبريني أنَّك هُنا لتعلُّم التَّقبيل؟ "

فركت يديها بحَرج.

" أنتَ صديقِي، وعليكَ مُساعَدتي، حسنًا؟ "

لم تُكن بيدي حيلةٌ سِوى التنحِّي عن الطَّريقِ وإفساحِه لتلجَ المنزِل، لا أمانِع تلقينَها فُنونَ التَّقبيل مُذ أنَّها مُقابلٌ يفي أتعابي، ولكِن ليسَ بمثلِ هذا الوقت مِن اللَّيل، أنا بحاجةٍ إلى النَّوم!

أهدرتُ بعضَ الوقتِ ساكِنًا خلفَ الباب، وحينَما اتَّجهتُ إلى غُرفة الجُلوس لم أعثُر عليها، لأنَّها في المطبخِ تعبثُ بأدراجِه العُلويَّة بحثًا عن أكياسِ الشَّاي، تتصرَّف وكأنَّها في منزِلها، رغم أنَّ صداقَتنا خُلقَت مُنذ أسبوعٍ فقط.

وبينَما هِي تسكُب الماءَ في الإبريقِ لاحظَت تواجُدي وبرَّرَت ببراءة.

" أنا بحاجتِه لتهدِئة أعصابي كما تعلَم. "

أومأتُ برأسِي، فلِساني مُلجم عن الحديثِ بالفِعل.

" إذًا هل ببالِك فِكرةٌ قد تُساعِدني على أداءِ المَشهد بإتقان؟ "

اتَّكأتُ على الطّاوِلة وأطلقتُ العِنان لأفكارِي، لحُسنِ الحظِّ أنِّي أعرِف واحِدة.

" لقد قرأتُ في رواية مريض نفسي الشَّهيرة، للعظيمَة كامي، أنَّ امتِصاص اللَّيمون يُساعِد على تعلُّم التَّقبيل، ولكنَّها طريقةٌ مُؤذية، فقد تورَّمت شفاه البطَل المِسكين. "

التَفتت إليَّ ما إن أشعَلت الفُرنَ مِن تحتِ الإبريقِ مُتلهِّفةً لسَماعِ التتمَّة.

" أمتلِك طريقةً أفضل، أوَّلا عليكِ أن تثقِبي حبَّتيّ فراوِلة مِن الوسَط حتَّى تصيرَان مُجوَّفتين، تِلك الفجوتين ستملئينهما بإصبعيك السبَّابة والإلهام، ثمَّ تخيَّلي أنَّهما شفتان، وحاوِلي تقبيلَهما. "

ضربَت كفَّيها ببعضِهما البعض مُبتسمة.

" فِكرة عبقريَّة. "

أشحتُ بوجهي عنها أدَّعي البُرود.

" هُناك البعض في الثلَّاجَة، يُمكِنك المُحاوَلة. "

نفَّذت الخطَّة حرفيًّا، حتَّى انتَهى بِها المطافُ بالتِهامِ كُلِّ حبَّة فراولةٍ مُقيمةٍ بالسلَّة، وآن الأوانُ للتَّطبيق.

سيُحتَضن المَشهد على أريكَة، لذلِك قعَدنا مُتَجاورين في غُرفة الجُلوس، كما تجاوَزنا النصَّ الَّذي يسبِق القُبلة مُذ أنَّه سهلٌ على التَّنفيذ، فلِكلانا مهاراتٌ فذَّة بالتَّمثيل.

حينَما تهيَّأت لاستِقبالِي، نظَرت إليَّ تُعطيني إشارَة الانطِلاق، وما توانيتُ في تصويبِها، وإصابتِها، إذ لم تتَناءَى على مسَاري رغمَ عِلمها بمُنتَهاه.

راقصتُ شفتيها على مهلٍ ريثَما تُجاري الوتيرة الَّتي تبنَّيتها، لقد باتَت مُعتادةً على احتِكاكاتِنا المدروسة، وكأيِّ ممثِّلةٍ مُحترفةٍ لن تعترض عليها مهما اشتَعلنا... لستُ حديثَ العهدِ بالنِّساء لتُربِكني قُبلة، ولكنَّها أربكَتني بالفِعل.

وفي فجوةِ الرَّغبةِ هويتُ حينَما مسَحت السُّكونَ عن ثغرِها وبادَلتني كما أوحى لها فِكرها. ما لبِثتُ وأن سيَّرتُ كفِّي على جانِب عُنقِها، أغوصُ في غورِها دونَ أن تنتَفض. بدا وأنَّنا سنؤولُ إلى السَّرير إن لم يُنهِ أحدُنا هذَا الجُنون، لحُسنِ الحظِّ أن خُلوَّها مِن الهواءَ حمَلها على دفعِي.

سلَّطت نظراتِها البريئَة عليَّ، وكالسِّياطِ لدغتني، لأنِّي حِدت عن المُخطَّط لوهلة.

" أظنُّ أنِّي سأكونُ قادرةً على تمثيلِ المَشهد. "
-

هلاوز خفافيشي الغاليات 😍👋


صحا فطوركم وسحوركم 💙

أول تحديث ليا برمضان 💃

شو رأيكم بالفصل!

اكثر جزء عجبكم وما عجبكم!

بيكهيون!

هيجين!

تشانيول!

شو توقعاتكم للفصل القادم!

دمتم في رعاية الله وحفظه

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top