الفصل| 10
ظننتُ أنّ دورَتي الشَّهريَة على الأبواب، لذلِك حظيتُ بحُلمٍ خليع مع الرَّجُلِ الوحيدِ الَّذي أُلاقيه بكثرة، إذ يستَحيلُ أن نتبادَل القُبلَ خارِجَ نِطاقِ التَّمثيل، نفيتُ الفِكرةَ نفيًا قاطِعًا بينَما أفتَحُ عينيَّ، مُقاوِمةً الألمَ الَّذي نشب في رأسي؛ لقد أفرطنا في الشُّربِ كثيرًا ليلةَ الأمس، كُلُّ ما أذكره مِنها، أنِّي سلَّمتُه ملابِس جينسول الدَّاخِليَّة.
العجيبُ أنَّ وجهَه كانَ أوَّل ما وطأ بصري بعدَما اتَّضحت رُؤيتي، رفرفَت أهدابي عِدَّة مرَّات لعلَّها تمسحُ صورتَه مِن ذاكِرتي، ولكِنَّ وقعَ أنفاسِه على ملامِحي بدا واقِعيًّا للغايَة، تفحَّصتُ الأجواءَ مِن حولي، فإذا بي على سريرٍ غير سريري الاعتِياديّ، مُحاطة بجُدرانٍ لا تُشبِه جُدرانَ غُرفَتي في الإقامَة الجامِعيَّة، مدَدتُ يدي نحوَ بيكهيون أتحقَّق مِن صلابتِه، آمِلة أنَّه مُجرَّد سرابٍ كوَّنَه فِكري المشغولِ به وسيتلاشى؛ لسوءِ الحظِّ شعرتُ بملمسِ بشرتِه النَّاعِمة، بسطتُ كفِّي بأكملِه على خدِّه، وكآخرِ مُحاولةٍ للنَّفي قرصتُه.
قطَّب حاجِبيه كأنَّه تألَّم، وما هي إلَّا لحظاتٌ وجيزَة حتَّى سمِعتُ صوتَه وهُو يتذمَّر.
" هذا مُؤلِم. "
جحظت عيناي، قبل أن أصرُخ مِلء حُنجُرتي، دونَ أن أحسِب حِسابًا لاحتِماليَّة وفاتِه جرَّاءَ نوبةِ فزع.
" ماذا هُناك؟ ما الَّذي يجري؟ أتعرَّضنا للغزو؟ "
انتفَضَ كِلانا جالِسًا على السَّرير، حيثُ ضممتُ المُلاءَة إلى صدري بأحدِ كفيّ، وبالأُخرى نهلتُ عليهِ باللَّكمات.
" أيُّها المُنحرِف الانتِهازيّ، كيفَ تستغلُّ سكري لتُحضِرني إلى منزِلك وتغتصِبني. "
كِدتُ أذرِف دموعَ الخيبَة، لكِنِّي استَكنتُ تزامنًا وسُخريَته.
" خيالُك واسِع. "
انخَفضت عدستايَ تحتَ المُلاءَة مُتفقِّدةً جسدِي، ويا للهولِ ما أزال أرتَدي ملابِسي. لسَع الخَجلُ خديّ، وما اجترأتُ على النَّظرِ إليه ثانِيةً، هُو الّذي ألقى بنفسِه على السَّريرِ مرَّة أُخرى.
" لقد كُنت ثملةً للغايَة، ومِن غيرِ المُناسِب ولوجك الجامعة بمثل هذا المَظهر، لذلِك أحضرتُك إلى منزِلي، أمَّا سببُ نومِنا سويًّا، فهُو لأنَّكِ تعلَّقتِ بي مِثل القِردة، وأبيتِ إفلاتي. "
بانفِعالٍ صِحت.
" توقَّف عن استِغلال فقداني للذَّاكِرة، مَن القِرد؟ "
في تِلك اللَّحظةِ انتابتني لقطاتٌ مِن ليلةِ الأمس، حينما حمَلني إلى شقَّته لأنِّي قرفصتُ بالأرضِ وتصرَّفتُ مِثل طِفلةٍ بالعاشِرة، وحينَما وضعَني على السَّرير وطوَّقتُ رقبَته أوقِعه فوقي، حتَّى أنِّي قبَّلتُه على شفتيه طواعِيَة.
" التَّعبير الَّذي يعلو وجهكِ يوحي لي بأنَّك استَرجعتِ ذكرياتِك، وعلِمت مَن مِنَّا كادَ يتعرَّض للاغتِصاب. "
أما مِن وصفةٍ للاندِثارِ مِن بصرِ أحدهم في ثلاث ثوانٍ؟
خبَّأت مُحيَّايَ بيديّ، وانكببتُ على السَّرير، أطمِر نفسي تحتَ الغِطاء لفرطِ الإحراج... سمِعتُه وهُو يضحكُ عليَّ هازِئًا بينَما يترفَّعُ عن مضجعِه.
" تناوَلي الإفطار برفقَتي قبل رحيلِك. "
ما يزالُ بانتِظاري الموسِم الثَّاني مِن هذا الفِلم، عندما سنتحدَّث عن القُبلةِ السَّاخِنة الَّتي جمعتنا في الحانَة، مُذ أنَّه يذكُر ما جرى بعدَها فلا ريبَ في أنَّه يذكُرها أيضًا، غيرَ أنَّه نافى جميعَ توقُّعاتِي وغضَّ بصرَه عنها، لم يحُم من حولِها حتَّى!
عُدت إلى غُرفتي، أحمِل في حقيبَتي لِباس جينسول الَّذي صارَ مُوقَّعًا مِن قِبله، والكثيرَ مِن الأفكارِ الغريبَة، والخفقاتِ المؤلِمة، ذلِك الرَّجُل خطرٌ على البَشريَّة، وقد خِلتُني المُحصَّنة الوحيدَة مِن تأثيرِه، لا أُصدِّق أنِّي أنزلِقُ في حُفرةِ الإعجابِ رويدًا رويدا، لو علمت صديقَتي أنَّنا تبادَلنا قُبلات رومانسيَّة في الحانَة ستعدمِني!
وجدتُها جالِسةً إلى مِنضدةِ الزِّينَة، تُصفِّف خصلاتِها الشَّقراء على شاكِلةِ موجاتٍ أنيقَة، التفتت إليَّ وأعطَتني نظرةً غامِضة.
" أينَ قضيتِ ليلةَ الأمس؟ "
نحنُ نعرِفُ بعضَنا مُنذ سنوات مديدة، جميعُ أوراقي مكشوفةٌ لها، حتّى أنَّها تتنبَّأ بالكِذبةِ وهي في طورِ النَّشأة بذِهني.
" أنتِ على وشكِ إلقاء كِذبة، لماذا أشعُر أنَّكِ كُنتِ مع عزيزي بيكهيون؟ "
" لم يحدُث بينَنا أيُّ شيء أُقسِم. "
ازدادَ ضيقُ جفنيها، كانا كالمِقصلة الَّتي قطعت رؤوسَ ثباتي دونَما رحمة، اضطررت أن أُلهِيها عمَّا اقتَرفتُه ليلةَ الأمسِ، حيثُ أخرجتُ لِباسَها الأحمرَ بأنامِل مُرتجِفة.
" لقد ذهبتُ لرؤيتِه مِن أجلِ التَّوقيعِ الَّذي طلبتِه. "
أدركتُ أنِّي ما أفلحتُ في قتلِ شُكوكِها حينَما قالت:
" و... "
ما استَسغتُ طعمَ الصَّمت، فلفظتُه سهوًا.
" قبَّلني. "
كانت ردَّة فِعلها عنيفةً جِدًّا، إذ صرَخت بصوتٍ اختَرق الجُدران ومزَّق الآذان، أجزِم أنَّنا سنتلقَّى الكثيرَ مِن الانتِقادات بعدَ مُغادِرة الغُرفَة، لم تكتفِ عِند ذلِك الحدّ، بل لاحقَتني في الأرجاءِ بينَما تحملِ المِقصَّ مُهدِّدةً بقَتلي؛ في الأخير عقدنا هُدنة، بشرطِ أن أصطحِبها معِي إلى الاحتِفالِ الَّذي سيُقامُ في منزلِ بيكهيون على شرفِ صُدورِ الفِلم، أعِدُ نفسي دائِمًا أنِّي سأُحبِّذ الموت على تنفيذِ طلبٍ آخر لها، فينتهي بي المَطافُ أتوسَّل رحمتَها.
رُفِع الفِلم بالموقِع أخيرًا، تزامُنًا وطرحه بدورِ السِّينما بعدَ التخلُّص مِن المقاطِع الإباحيَّة الَّتي تشوبُه، هُو يُعتبَر عودةَ بيكهيون إلى الوسَط النَّظيفِ تقريبًا، وانطِلاقتي الرَّسميَّة كمُمثِّلة، شعرتُ بالفَخر لأنِّي حقَّقتُ حُلمي، سواءُ نجح أم فشل، ومِن أجلِ الاحتِفال اجتَمعنا في منزِل البَطل، لنُشاهِده، ونشرب نخبَ اكتِمالِه بسلام.
رغمَ أنَّ البِدايَة كانت سيِّئةً للغايَة، إذ خِلتُ أنَّه ورطةُ حياتي، وسيضرُّ بسُمعَتي، إلَّا أنَّ النِهايةَ صبَّت لصالِح الجميع، حتَّى جينسول الَّتي لم تطمَع يومًا في مُقابلةِ مُمثِّلها المُفضَّل بيون بيكهيون شخصيًّا، ها هِي ذا واقفةٌ أمامَه عاجِزةً عن تصديقِ عينيها، جسدُها المَمشوقُ مُحاطٌ بفُستانٍ صيفيٍّ سماويّ، مُتناسِق وقميص بيكهيون، أمَّا أنا فأرتَدي بنطلونًا مِن الجينز وقميصًا أصفَر مُشرِق دونَ أكمام. أشعُر بالغيرَة لأنَّهُما يبدوانِ كثُنائيّ!
ما لبِثت وأن ضمَّت أنامِلها بحماس.
" أنا مِن أكبرِ مُعجباتك. "
سها في أفكاره لوهلةٍ بينما يتأمَّل جينسول، قبل أن يستفهِم.
" صاحِبةُ اللِّباسِ الداخِليّ. "
ابتَسمت بخجلٍ، وصفَّت خصلات كانت مُتمرِّدةً على وجهها خلفَ أُذنِها، مِن أينَ جاءت تلك المُنحرفة بكُلِّ ذلك الخَجل؟ سأتقيَّأ.
تنحَّى عن البابِ بعدما أدركَ أنَّه يُعيق تقدُّما.
" تفضَّلا، الجميعُ بالدَّاخل. "
تلكَّأتُ في المشي سامحةً لجينسول بأن تسبِِقني، حتَّى أحصُل على خلوةٍ وجيزة مع بيكهيون، ما إن وصلَ إليَّ حتَّى همست بربكة.
" لقد أصرَّت على المَجيء معي. "
ظننتُه في البِداية رافِضًا لحُضور جينسول، ولكِنَّه مسحور بها كُليًّا!
" لا بأس، أخبرَك تشانيول أنَّكِ قادرةٌ على إحضار أيّ أحد، عدا العائِلة، تعلَمين أنَّنا سنُشاهِد النُّسخَة الإباحيَّة. "
أطرقتُ برأسي حياءً، أعجبُ أنَّى لهُ الحديثَ عن موضوعٍ كهذَا ببساطة، مِثل شُربِ الماء! ما الَّذي أتوقَّعه من ممثل أفلام إباحيَّة؟
وبينَما نحنُ ندنو مِن غُرفةِ الجُلوس، حيثُ احتَشد جميعُ الطَّاقَم لكزَ ذِراعي بمِرفقِه.
" واضحٌ أنَّها تُمسِك عليكِ جُرمًا ما. "
لم أفهَم قصده حتَّى أطَّر جفنايَ صورة جينسول المُشتعلة، اضطررت حينها لأتركَ مسافةً واسعة بيني وبينَه مُثبتةً شُكوكَه.
كان كُلّ شيء جاهزًا، الفُشار، والمشروبات وحتَّى شاشَة العرض، شعرتُ وكأنَّهم قد أحضروا السِّينما إلى هُنا، حصلت جينسول على المكانِ الشَّاغر يمينه، فيما استَحوذ تشانيول على يَساره، أمَّا أنا فافتَرشتُ الأرضَ بإحباط، يُفترضُ أن أجلِس بجانِبه، أولستُ البَطلة الرَّئيسيَّة؟ لماذا أُلقى على الهامِشِ إذًا؟
استَمتع الجميعُ بالفِلم، الفِكرة الَّتي ابتَدعها مُخرِجنا عديم الأخلاق وبصرِف النَّظر عن أنَّه احتَال على شابَّة غبيَّة مِثلي رائِعة، وجديدَة؛ لم يسبِق لأحدٍ قبله وأن جعلَ دورَ البُطولة ملكًا لرجُل عصابات، ليسَ خارِج مواقِع الرِّوايات الخاصَّة بالمُعجبين، فغالِبًا ما تُكتَب كقضيَّة ثانِويَّة لا قصَّة رومانسيّة.
لم أجرُؤ أن أحطَّ عينيَّ على الشَّاشَة طوالَ المشهدِ القذِر الخاصّ ببيكهيون، وددتُ لو أسدّ أذناي كذلِك لكِنِّي سأبدو مُتخلِّفَة بينَ كومةٍ مِن المُتحضِّرين، انتَهزتُ فُرصَة انشِغالِهم لأمرَّ عليهم فردًا بفرد، البَطل الَّذي علته نظراتُ الفَخر ببطولتِه السَّريريَّة، جينسول الَّتي تكادُ عيناها أن ترسما قُلوبًا ورديَّة وهِي تتأمَّل جسدَه بلا حياء، تشانيول الَّذي بدا مُتأثِّرًا بميلادِ ابنِه الجديد، طاقمُ التَّصوير، خبيرة التَّجميل، ومُنسِّقة الثِّياب، أنا على وشكِ البُكاء.
عقِبَ انتِهائِه احتسوا المَشروبات الكحوليَّة، في حينِ حبَّذتُ شرب عصيرَ البُرتقال، خِشيةَ أن أختتِم هذه الأمسية بمسرحيَّة سكرٍ هزليَّة، مِثلما فعلتُ مُنذ يومين، التَزمتُ الصَّمت رغمَ مُحاولاتِهم في إنطاقي، كأنِّي في مأتَم، أنا الَّتي استمتُّ لفسخِ العقد أتألَّم لأنِّي عند نُقطةِ النِّهاية، لقد اعتدتُ على الجميع، لاسيما صاحب المنزل.
أفرطَ البعض في الشُّرب وراحوا يتمايَلون، من بينهم جينسول، وأُرغِمنا نحنُ الواعون على تحمّل أعبائهم، التكفُّل برعايتهم، وإيصالهم إلى المنزل، للتوِّ غادَر المُصوِّر مُسنِدًا إلى كتِفه تشانيول الَّذي كانَ يُدندِن أغنية فانتاستيك لفرقة بيغ بانغ بصوتٍ فاضِح، وجينسول نائمةٌ بعمقٍ على الأريكة، أُحاول إيقاظَها مُنذ مُدَّة ولكن عبثًا، بذلِك بقيتُ بمُفردي معَ بيكهيون الَّذي عادَ للتوِّ بعدما ودَّع الرِّفاق.
كانَ الجوُّ مشحونًا بيننا، كُلٌّ منِّا يتهرَّب من الآخر، تذرَّعت بصديقَتي، في حين تذرَّع بتنظيفِ الفوضى الَّتي يُمكنها الانتِظار إلى وقتٍ لاحِق، لم أحتمِل الصَّمت طويلًا، فبادرتُ بالذَّهاب إليه، ووقفتُ حيثُ انحَنى يلتقِط القناني الفارِغة، والمناديل الورقيَّة المنتشرة على الأرضيَّة، بلُبٍّ مهزوز.
" بيكهيون! "
رفعَ رأسَه مُتفاجِئًا برؤيتي على مسافةٍ ضئيلةٍ منه، ثمَّ استقامَ. خِلتُ أنَّه سيُرطِّب سخونة حرجي بثرثرته غيرَ أنَّه حافظَ على صمته... بعد لحظاتٍ خانقة بسطتُ ذراعي أمامه.
" لقد كانَ العمَل معَك مُمتِعًا، رغمَ سوءِ الفهمِ الَّذي صنَع بينَنا فجوةً في البِدايَة، أنتَ شخصٌ يستحقُّ... "
رفعَ أحد حاجبيه هازِئًا.
" الاحتِرام؟ "
بعفويَّة ابتَسمت.
" كُنت سأقول الثَّناء. "
شعرتُ أنَّنا مُقبلان على فراقٍ أبديّ، وأدركت أنِّي اعتدتُ عليه، رغم أنَّه يُعاملني بحقارةٍ أحيانًا، ورغم أنَّه يستمتِع برؤيتي أحترق خجلًا... أخرجَني من شرودي عندما بعثَر شعري بعبث.
" نحنُ في وكالةٍ واحِدة، وعقدُكِ سارٍ لسنةٍ أُخرى، لن يكونَ لِقاءَنا الأخير إذًا. "
كِدت أنسى أنِّي مُقيَّدة بعقد، تصرَّفت بدراميَّة ظنًّا أنَّ هذا العمل هو الأوَّل والأخير لي. رتَّبت الفوضى الَّتي عاثها برأسي، أتظاهر بالانشغال عنه، هو الَّذي ألقى على مسامعي عرضًا غامِضًا.
" لِم لا نفترِق بطريقةٍ شاعِريَّة، تليقُ بممثِّلين؟ "
" كيف؟ "
ليتَني ما سألتُ، إذ اختزنت ذِراعاه خصريّ، وسطت شفتاه على شفتيَّ لمرَّة أُخرى، ألقيتُ التُّهمة على عاتِق السَّكر سلفًا، لكِن حتَّى وأنا واعية طوَّقت عُنقه، شاركتُه رقصَة الوَداع!
-
هلاوز 😍😍
كيفني معكم وآخر 3 فصول خلصو بقُبل😈😂
كريمة كريمة فعلا 😂😂😂 يلا حبوني كتير بستاهل 😌
شو رأيكم بالفصل!
اكثر جزء عجبكم وما عجبكم!
هيجين!
بيكهيون!
شو تتوقعو يصير الفصل الجاي!
دمتم في رعاية الله وحفظه 🍀
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top