*كنت وصيتها*

قد مر مساء صعب على اصيل بذلك السجن واتهامه بمساعدة رفاقه بتجارة الممنوعات دون أن يكترث والده بالامر .. ذلك الوالد الذي عاد لمنزله ليجد هذه المشكلة بوجهه ليصب غضبه على هشام .. فلم يجد هشام مهربا عير اصدقائه حيث اتصل ببهاء ليحل له الموضوع ببساطة طالب من والده العسكر المتقاعد اخراج اصيل .. لم يكن ليحدث هذا لولا تلك الفتاة التي يعدها هشام اختا له حقا

دخل اصيل ذلك المنزل الخانق كما وصف فماذا سيحدث؟ ........

....لنكمل

_شخص كهذا .. يدين لي بخدمة بسببك .. كان مجرد جندي لا يساوي شيئا .. أيعجبك مافعلت؟

كان كلام والد اصيل الغاضب ليقابله اصيل بلا مبالة فهو يجيد الرد على امثاله : "وأصبح جنرالا يحترمه الجميع .. على الأقل تقدم بجهده ليس مثل البعض"

زمجر والده بوجهه دون أن يتأثر اصيل : "أظنك لم تتعلم شيئا يمكنني أن أعيدك"

اصيل بسخرية : "أفضل من هنا على أي حال"

_لا تجرب صبري .. كيف عرفو أنك هناك ليساعدوك؟!
_اعطني سببا واحدا لارد عليك

رغم رده فهو لم يستطع سؤال بهاء عن ذلك والآخر لم يخبره

دفعه والده بقوة : "عندما أسأل يجب أن تجيب"

حاول اصيل الاتزان مكانه حتى لا يسقط ورد بسخرية مجددا : "ولماذا؟ .. بأي صفة قد أجيبك؟ اشرح لأفهم"

رفع والده صوته أكثر متدمرا مما يحدث بغضب عارم : "ما خطبكما اليوم؟ .. كل ضغط العمل الذي كنت أعيشه .. أعود لتربيت بعض الأغبياء .. ما الخطأ الذي اقترفته لأعاقب هكذا؟"

هنا ثارت اعصاب اصيل ليصرخ بوجهه : "هل أبدأ بعد أخطائك مثلا لتعرف؟"

التفت اصيل حوله باحثا عن هشام دون أن يجده فقاطعه والد : "لا تبحدث كثيرا سأحضره .. على أحد أن يعلمكما الأدب ربما اشتقتما لما كان يحدث"

صعد الدرج بغضب ليجر هشام من ذراعه وقف بكل جرأة يصرخ بوجهه أمام اصيل الذي وقف مندهشا من تلك الكدمات الحمراء على وجه اخيه

فضغط والده على ذراع هشام أكثر مزمجرا : "أنت من طلبت مساعدتهم كيف؟ .. كفى ما حدث سابقا لتعود الفضائح لهذا البيت"

هشام لم يرد بل بقيَّ صامتا كاتما ما بداخله ليهجم اصيل على والده محاولا ابعاده : "اترك وتحدث معي لا دخل له"

فدفعه بعيدا ببساطة ليشد شعره هشام بقوة ويكمل : "وتدافعان عن بعض .. سيعجبك حين يصبح مدمنا .. أنا اسمع تحدث"

رغم ما هو فيه حدق بعيني والده ببغض ورد بصوت مرتجف من الألم : "وكأنك تهتم لذلك .. حتى لو مات هناك فلن تهتم"

أغمض عينيه بقوة لا يريد أن يعاد ما حدث في الماضي منتظر ضربةً متوقعة على وجهه لكن ذلك لم يحدث ففتح عينيه ليجد ظهر اصيل يقابله

قد أمسك يده بالهواء مانعا إياه من ضرب هشام ثم غرس أظافره على معصم يد والده التي يشد بها على شعر هشام مقلدا شخص فعل له هذا من قبل

هكذا حتى أرخى شده على شعر هشام ليبتعد بخطوة للخلف وفور فعل ذلك حاول دفع والده : "ابتعد عنه يا هذا .. لم نعد صغار لتضربنا كما تشاء"

نظر له بسخرية ولم يتزعزع من مكانه : "ماذا قد تفعل مثلا؟ .. ستضربني"

بذلك الوضع صرخ اصيل غاضبا : "بل من الجيد أن لا شيء حاد حولي لتخلصت منك حالا"

قلب والده الوضع ببساطة ليقبض على معصمي اصيل فهو أضخم منه باضعاف ولن يقف مجرد غضب بوجهه ليضحك ساخرا : "اه اخفتني من المخدرات الى مجرم هل تريد أن تجرب؟"

صفعه بضربة ليسقط أرضا :"مجرد يد اسقطتك"

رتب بدلته وربطة عنقه ولم يجد داع لافساد مزاجهم بسببهما ليقول بلا مبالاة : "اتعرفان كان وجودكما بلا فائدة طول الوقت .. وبعد وصولكما لهذا النعيم لم تتوقفا عن افساد حياتي .. لمَ لمْ تموتا معها وقتها؟"

استدار متجاهلا الموقف ليصب شرابه المعتاد فتذكر اصيل ماكان يفعله بوالدته فبدل ذلك الشراب كان يصب غضبه عليها بسبب أو بدون سبب لينتقل لهما بعد مرضها

كل ما كانت تفعله وهي تبكي وهي تتألم هو ترديد ذلك الكلام المستحيل وهي تضم ولديها لها ~"اصيل رغم كل شيء يبقى والدكما لا تقلق إنها مجرد ظروف حين نتخطاها ستعرفه أنه لا يكرهك"~

~لا يكرهه~ لدرجة أن يتمنى موته، اقترب هشام ليساعده على النهوض مادا يده له كما فعلت تلك المرأة لتكتمل المسرحية

زوجة والده ببعض الحزن المصطنع : "اصيل بني اعتذر من والدك وحسب .. ولنذهب لتناول العشاء معا"

أمسك يد هشام ليقف متجاهلا يدها ويرمقها بنظرة لن تنساها : "متى كنت ابنك ألا تخافين من الكلمة التي ستجعل ماله ملكا لنا بما أنك أنجبتي فتاةً"

لا داعي للخداع والتمثيل بينهما فهما متأكدان أنها تتمنى اختفاءهما أيضا وربما أكثر من والدهما

أما هو فحمل كأسه ليجلس مكانه بعجرفة ساخرا : "لست كذلك طبعا ولا أحتاج اعتذارك أنتما لا تساويان شيئا بدوني ليس عندك حل غير أن تعود لعقلك .. ولا تتمنى موتي لن أكتب شيئا لكما"

فقط ليجيبه عن هذا فقال اصيل: "ببساطة لمَ لمْ ترمينى يومها؟"

الاب: "صدقا لا أعرف جوابا لهذا لكن ترى كم الحياة جيدة بعد التخلص منها .. لاديون لا فقر لا معانات انتهى ذلك الماضي لكن بقيتما لتذكران به مثلا متى تفهمان مايحدث حاليا"

و بكل هدوء رد اصيل : "نعم فهمت .. فهمت حقا"

بالاصل قد كره وجودهما من البداية قد انتظر أن يتغير الوضع لكن وجودهما اضاف مسؤوليات كان بغننا عنها ليندم على انجابهما لكن حتى الآن لم يتغير شيء

التفت اصيل لهشام أخذ يده لكتفه ليهمس : "انتظرني"

تجمد هشام من تلك النبرة ليوافق ويتجه اصيل لدرج صاعدا

الاب صارخا عليه : "عد هنا من سمح لك بالذهاب لم انهي كلامي"

التفت للاخر واضاف : "ماذا تخططان؟"

لم ينطق هشام بأي كلمة ليرمق اصيل والده بنظرة بغيضة لاقصى حد فكأنه مستعد لقتله بأول خطأ بعد هذا :"إياك أن تلمسه .. ستفهم ما يحدث"

بقوا صامتين بدهشة لا يفهمون ما ينويه لينزل بعد لحظات حاملا حقيبة هشام المدرسية وهي ممتلئة لآخرها

اقترب عند هشام ليمسك يده وبكلمات جادة حدق بوالده : "سأريحك وابتعد حقا عش كما تريد"

فانفجر والده ضحكا : "اخبرني ماذا تحاول فعله؟ .. هل سأتاثر الباب مفتوح أمامك من زمن"

اصيل: "انتظر فقط يوما ما عندما أراك .. سأجعلك تندم حقا"

كائن كهذا يستحول أن يكون والدا لكلاهما فرد ذلك الوالد على نظرته بسخرية : "كل ما أنت عليه ملكي حتى تلك الحقيبة .. سأراك تموت جوعا بعد أيام .. وترجوني لأعيدك"

اصيل : "ما في هذه الحقيبة لم أدرسه لا أنا ولا أنت ليس ملك لأحد غيره"

اشار برأسه لهشام ثم عاد لتحديق به : "أموت ولا أرجوك لا تقلق"

بذلك اتجه للباب ليخرج ماسكا يد هشام بيد وبحقيبته بيد أخرى فقطعتهما تلك الفتاة الصغيرة لتشد يد هشام الأخرى تحاول منعه وواضح من منظرها أنها كانت تبكي بزاوية ما من المنزل تراقب ما يحدث فنظر لها هشام بحزن

«لا أفهم أي ذنب حملتي حتى تعيشي معهما لكنهما والداك»

أما نهاد فعادت دموعها لنزول لتقول : "هشام لا أرجوك لا تذهب ابي غاضب وحسب ..سيهدأ .. ابقى هنا هشام"

لم يعرف بما يرد وهي تشده من جهة واصيل ينتظر قراره من جهة أخرى دون ان يترك يده

فرد هشام عليها : "نهاد لا تقلقي سنكون بخير وسنلتقي لم ينتهي شيء بيننا"

فصرخ والدها عليها بأن علاقتهما بهما قد انتهم فتجمدت مكانها فهذه أول مرة يفعل هذا لها ورغم ذلك استدارت لترجوه أن يوقفهما لكن بلا فائدة

وكآخر نظرة حملها هشام من هذا المنزل تلك الابتسامة الخبيثة التي رسمتها زوجة منْ منَ المفترض أن يكون والده

خرجا ليسرع اصيل طريقة جارا هشام خلفه، هشام الذي لم تفارق الدهشة وجهه وسط ذلك ظلام حيث لا يرى شيئا غير اصيل امامه، اصيل الذي لم يترك اخاه خلفه

قد حل الليل من وقت طويل ودون أن يعرف اصيل الوجه تقدم بالطريق صامتا هكذا حتى وصلوا لطريق نهر كان بعيدا نوعا ما عن منزلهما بعد سير نصف ساعة تقريبا فوقف تحت أحد انارات الشارع ليستدير خلفه تاركا تلك الحقيبة من يده

وضع كلتا يديه على كتفي هشام وكأنه طول الطريق يجمع ما سيقوله فقد حان وقت أن يشرح كل شيء محدقا بعيني أخيه : "هشام لم أسألك حتى إن كنت تريد الذهاب معي لكن اسمعني .. أنا حقا حقا أكره ذلك المنزل .. كرهت كل شيء من يوم وفات امي وهو سعيد لذلك .. لم أحتمله يوما ولم أتوقع أن يتغير أصلا"

علت ملامح الدهشة وجه هشام ليلامس اصيل خده ويكمل حديثه : "هشام أنت أمانة امي الوحيدة كنت وصيتها التي تركت لي .. كنا لنتشرد أو نموت جوعا كما قال لو ابتعدنا في صغرنا .. أما الآن أرجوك اعتمد علي سننام بمكان ما معا اليوم وغدا سيكون أفضل سأجد عملا ما وأوفر لك كل ما تحتاجه .. ما عليك فعله فقط أن تكمل دراستك أكمل ذلك الحلم الذي كنت تردده لامي دائما"

لطالاما اراد أن يغير من كل شيء أن يتغير للأحسن، كان الشخص الوحيد المتفائل في ذلك المنزل الذي عاشا فيه بالماضي وابتسامته بكل ارجائه

اسند اصيل رأسه لكتف اخيه لتنزل لتلك الدموع التي تحملها لسنوات فقد وصل احتماله للنهاية ليتشبث بأمله الأخير :  "أنا نادم لتأخري بهذا القرار .. هشام ابتعدت فقط لأجعلك تعتمد على نفسك وتبقى واقفا رغم كل الظروف لكن كنت أضرب أولئك الحمقى الذين أزعجوك .. كنت أسأل عن نتائجك دائما دون أن تلاحظ .. صنعت كل تلك المشاكل حتى لا يكترث ذلك الرجل لك وأضرب مكانك لن أسمح لأحد بلمسك لم أجد طريقة أخرى"

بين شهقاته الكبوتة واصل : "هشام صدقني سأفعل أي شيء لأجلك لكن سأتغير أو سأعود لما كنت عليه .. أعرف أني فعلت الكثير من الأشياء الخاطئة .. فقط سامحني ابقى معي .. آسف اعتذر لكل شيء افهمني أنا لا يمكنني تركك معه"

أخذ هشام يديه ليتشبث بمعطف اصيل جهة ظهره  مفكر بنفسه «حسنا لم يعد والدنا لكن آخر مرة ضربني ربما كانت قبل سنتين أو أكثر لمَ لم انتبه؟ والآن اصيل يقول كل هذا لي»

لا شيء على وجه الأرض يهمه غير الجواب عن سؤال : "إذا أنت حقا لا تكرهني؟"

فابتعد اصيل يمسح دموعه محرجا : "احمق ولمَ قد أكرهك لم تفعل شيئا .. "

فضمه هشام بسعادة ضاحكا : "كل ما كنت ومازلت أريده أن يعود اخي"

فمسح على شعره وقد هدأ تماما ليعيد اعتذاره فرد هشام : "لا داعي لم أكن منزعجا منك بل انتظرتك أنا سعيد جدا"

ابتعد متفائلا مبتسما له : "سنجد حلا معا لكل شيء أنا أيضا سأساعدك سنريه ما يمكننا فعله بدونه"
 
اصيل بجدية : "قلت لك أدرس فقط سأهتم بالبقية"

فضحك هشام : "اصيل لم أرك تبكي قبل اليوم .. فلا تبكي مجددا سنكون بخير"
اصيل : "كما تريد منذ الآن .. هشام سأكون كل عائلتك"
هشام : "وأنا موافق"

اعاد ذكر اسم هشام في كلامه كثيرا وكأن يحاول تعويضه عن كل ذلك الوقت الذي لم يناديه فيه

اقترب مع ليجلسه على أحد المقاعد فنزع معطغه ليجعل هشام يرتديه بل يغرق فيه ليضحك فقد اخرجه دون أن ينتبه لمعطفه ومعطف اصيل كان واسعا عليه فجسده اضخم من الصغير وكأن فارق العمر بينهما أكثر من ثلاثة سنوات : "كنت غاضبا فلم الاحظ"

وهشام كان يحدق به طول الطريق متناسيا سوء الجو حوله حيث تلبدة بعض السحب فوقهم وضوء القمر يقطع طريقه لينعكس على النهر المقابل لهما

نسيم يبعث على الطمأنينه ولاشيء غير الهدوء وكل امنياتهنا أن لا تمطر على الأقل هذه الليلة

أما الآن دور اصيل ليفهم ما يحدث : "أنت من طلبت مساعدته صحيح"

_تقصد بهاء .. نعم اتصلت به لم أعرف ما أفعل ونهاد من ساعدتني بذلك
_علاقتكما جيدة معا .. لن أقف بينكما يمكنك أن تلتقيها إن أردت
_اتمنى أن تكون بخير

بالنسبة لاصيل فلم يحمل أي مشاعر لتلك الصغيرة، لم يكن يحدثها كما أنه نادرا ما يلتقيها قد عاش كغريب حقا طوال الوقت 

تنهد قليلا ليقول المهم : "حسنا لا أريدهما أن يعرفا ما حدث"

_لو طلبنا مساعدتهما فصدقا سيقفان معنا لكن معك حقا تكفيهما مشاكلهما
_أفهم أن ضياء مريض قلب وإن انزعج يسوأ حاله أما الآخر ما به؟ لمَ كل تصرفاته غريبة؟ ولمَ يلتصق بي لهذا الحد؟
_أولا الأصدقاء يساعدون بعض بلا سبب ..  ليست شغقة كما تظن فغير تفكيرك

وافق ليشرح له مشاكل بهاء بعد أن وعده بأن لا يزعجه فأمضيا الوقت بالحديث كما لم يفعلا من زمن طويل

فرد اصيل على قصته باستغراب : "فهم نفسه بسببي ليعرف ما به ويحاول رد ذلك وكأنه مدين لي بأي طريقة يفكر؟"

هشام بضحكة : "لا أحد يفهمه غير ضياء .. لكنه رائع جدا اعترف"

قد اعترف بنفسه فقط فبهاء يملك حل كل شيء حسب ما فهم أما الآن سيحل مشاكله وحده

بعد دقائق توقفت سيارة بالقرب منهما لينزل شاب في عقده الثالث مع عجوزا تبدو كوالدته لسبب ما أخذ يصرخ بوجهها غاضبا وهما يسمعان

........... اصيل
فعلا كيف تسير هذه الحياة؟ نحن سنعيش وحدنا بسبب أننا لا نمتلك امًا لتدافع عنا وهو سيرمي امه حتى يعيش وحده .. لمَ التناقضات تملأ العالم؟
..............

بذلك اتجه جهتهما وذلك الشاب قد دفع والدته لتسقط ارضا فساعدها اصيل لتنهض ليحدق به : "هذه والدتك صحيح؟"

فرد وهو بذروة غضبه : "ابتعد ياهذا لا دخل لك بمشاكلي الخاص"

بل سيتدخل أخذ يشرح له عله يفتح عينيه : "لو تركتك في صغرك لعرفت قيمتها الان"

رغم كل ما قاله اصيل اوقفته والدة الشاب بصوت مرتجف مرهق بسبب كبر سنها : "لا عليك دعه يعش حياته كما يريد .. لم يبقى من العمر إلا القليل سأكملها بطريقة ما"

اصيل : "اتسمع حتى أنها راضية لأجلك .. لكن تأكد يوما ما سيرميك اطفالك كما تفعل"

_ما ادراك أنت ذلك لن يحدث

أشار اصيل لوالدة الشاب التي مازالت تمنعه وتتمنى لبنها السعادة : "ماذا عنها ألم تقل وتتمنى الكثير منك .. والآن تخدلها من أجل عائلتك ماذا ستقول لاطفالك حين تعود رميتها ببساطة ما ردهم برأيك .. سنفعل ذلك بوالدين حين نكبر!!"

صمت للحضات يفكر في الموقف ليهدأ اصيل فالواضح أن الشاب مضغوط لا أكثر ليضيف لكلامه متذكرا ما كان يقول لوالدته : "لا يوجد صغير لم يخبر امه أنه سيأخدها لأفضل مكان حين يكبر .. هل الشارع هو ما تمنيته يومها"

كل القصة أن والده توفي من مدة ولا أحد يعيل والدته كل ابنائها تخلوا عنها وزوجة هذا لم تقبل ببقائها معه

فرد اصيل : "لكن المهم رميها لن يحل شيئا اجعلها تعش الكبر الذي تمنته معك .. فالبعض مات قبل أن تصل هذه اللحظة وربما هي تمنت الموت قبل أن يحدث هذا"

التفت لها بابتسامة : "آسف جدتي أتمنى لو يمكنني مساعدتك أكثر .. لا أعرف أين أذهب لكن تعالي معي لا تبقي وحدك"

فرد ابنها في قلق : "لا توقف"

وأخيرا رفض ابتعادها، اقترب لوالدته مترجيا أن تسامحه فطمأنه : "بكل الاحوال تبقى بني"

هكذا الأمهات لا يسمحون لأي شيء أن يقف أمام سعادة ابنائهم حتى لو كنا هن بانفسهن

فعاد بابتسامة لأخيه بعد أن ودعهما لا يعرف الخطوة القادمة أين ستكون والجو يزداد سوء حولهما

أخذ هشام يدي اصيل بين يديه يحاول تدفئتهما رغم تظاهره بأنه لا يشعر بالبرد فضحك هشام على ذلك

صوت رجولي قطع ضحكات هشام المرحة : "ماذا يفعل من بعمركما خارجا بهذا الوقت؟"

نهض مع هشام يحاول الابتعاد فلا داعي لشرح القصة لأحد : "لا شيء سنذهب"

الرجل:"اه هل تخاف على صديقك الصغير هربتم من منزليكما أو ماذا؟"

اصيل:"لا بل هو اخي"

كان اصيل سيكمل خطوته ليقطعه بكلامه مجددا : "اه جيد وسمعت ما قلت لذلك الشاب احسنت باقناعه"

التفت له : "إنه واجبي"

لم يستطع اصيل تمييز ملامحه جيدا فهو واقف تحت الانارة مباشرة ليغطي ضل قبعته وجهه اضافة لمعطفه الشتوي الطويل حيث بدى جسده ضخما

ورغم خشونة صوته جعله لطيفا بعض الشيء : "آسف لتدخلي لكن سمعتكما في البداية أيضا .. لمَ قد تخرجون من المنزل لتعيشا وحدكما"

اصيل:"لا عليك"

الرجل : "احتمال أن تمطر اليوم بغزارة .. أين ستنامان"
اصيل:"سنجد مكانا ما"
الرجل : "إن كان يمكنني المساعدة سأكون جاهزا اعتبره تقديرا لموقفك تجاه الشاب"
اصيل: "لمْ افعل ذلك من أجل مكافأتك .. شكرا سأتدبر ذلك"
الرجل : "ما كل هذا العناد .. هل لاخيك الصغير رأي آخر؟"

فرد هشام سريعا :"سأفعل ما يقوله فقط"

ابتسم الرجل ليكمل مع اصيل : "ما رأيك أسمع قصتكما مقابل مكان تنامان به الليلة .. تعرف من أجل اخيك"

ومن كلامه فقد سمع مادار بينهما من حديث حقا ليسأل اصيل بشك : "وماذا ستستفيد؟"

فضحك الرجل بخفة من تفكيره : "ربما لاشيء .. لكن الفرصة فتحت أمامك وعلى ما يبدوا أننا اجتمعنا مجددا لأساعدك .. حياة الجميع متصلة ببعض بطريقة لايمكننا استوعابها لذلك اقبل"

استدار الرجل مباشرة بعد كلامه طالبا منهما أن يتبعاه لكن اصيل لم يفهم بل لم يستوعب عقله أن يساعده شخص ما بلا سبب فزدادت الشكوك حوله ليتردد باتباعه

هشام قاطعا شرود الآخر :"اصيل ماذا نفعل؟ .. هل تعرفه؟"

فرعدت السماء دليلا على أنها ستمطر حقا فقرر سريعا : "حسنا لنتبعه ونرى ما يريد"

عاد لحمل حقيبة هشام وامساك يده تجنبا لأي شيء طارئ، سارا بعض الوقت ليدخلا مطعما قريبا ويبدأ المطر بالنزول خارجا

نزع الرجل قبعته ومعطفه ليأتي موظف وبكل احترام أخدهما : "أهلا بعودتك سيدي هل من شيئا أخدمك به"

~سيد~ هل هو مالك هذا المكان مثلا؟ أو أنه مجرد تقدير للزبائن فيبدوا المطعم راقيا جدا

وقبل أن يجيبه استدار الرجل مبتسم للولدين خلفه فأصاب اصيل حرج من العيار الثقيل ليصعق وجهه بدهشة : "هذا أنت لا اصدق كيف؟!"

فعلا عجز عقله عن التفكير بل كل ما اراده أن يهرب بعيدا بدل أن يساعده شخص مثله ليس لأنه سيئ أو شيئا كهذا بل لأنه الرجل الذي شاجرته في مطعم من قبل كان مع امراة وقتها والآن يساعده

بطريقة ما خرجة بعض الكلمات من فهمه فإن كان يوجد شخص سيئ بهذا المكان فسيكون هو بالطبع : "كيف تساعد شخصا مثلي؟ .. أنا لا أستحق"

فقط حاول أن يحتمل لاجل هشام فالمطر الغزير خارجا ولا مهرب له ليضحك الرجل من منظره : "هيا فقط لنجلس وسأشرح لك"

كيف له أن يتحدث مع شخص أهانه بابشع طريقة هو المرأة التي كانت معه ومع ذلك قابله بابتسامة وطلب من النادل احضار طعام لهما ففعل بسرعة لينتظر منهما أن يتناولاه

لكن اصيل لن يقبل بهذا بكل بساطة : "لا اخبرني أولا لماذا؟ .. إن كنتُ مكانك فصدقا سأضحك على وضعك بدلا من ذلك فكأن الحياة انتقمت لك"

فابتسم بهدوء : "بل فكر في العكس ربما الحياة أرادت أن تبتسم لك فلمَ اوقفها؟ أتمنى أن تكون استوعبت درسك وتخطيت امتحانك"

في حين اصيل قد أساء له عامله السيد بهذا الشكل اللطيف فلم يعرف ما يقول غير الاعتذار : "آسف .. هل حقا ستساعدنا لسبب كهذا فقط"

ضغط على يد اخيه : "بالاصل قد فشلة بكل امتحاناتي"

فعليا كان نادما ومستعدا لفعل أي شيء لأجل هشام فضحك السيد لموقفه وتغيره الذي لاحظه : "لم ينتهي شيء بعد أتعرف أتي صديق أو زميل لك بعد ذلك الموقف في المطعم اعتذرا مكانك وقال أنك ستتغير فقط تحتاج فرصة"

فوصف له شخصين قد عرفاهما ليندهش هشام من القصة : "بهاء وضياء اعتذرا لك"

قد صححا فعلته ليرى الآن أن اصيل شخص يستحق تلك الفرصة بعد كل ما عاشه فطلب أن يكمل له القصة التي قطعها سابقا ليفهم أن تلك المرأة كانت زوجته ورده وقتها كان قمة الوقاحة فالسيد لا يملك أولادا حتى يتصرفوا بسوء كما قال اصيل وبما أنه لم يحتمل رؤية اصيل بذلك المنظر يومها فقد حاول نصحه لكن وقاحة اصيل دفعته لصفعه

وبعد كل تلك القصص بينهما قال السيد بهدوء : "المهم أتريدان شيئا محددا لاساعدكما به؟"

رد اصيل ببعض الحرج بعد أن اعتذر بشدة لما حدث وقد تقبل السيد اعتذاره ببساطة ليضيف اصيل : "لا أعرف من أين أبدأ لكن لا أريد مساعدةً بلا مقابل"

بعد تفكير رد السيد: "قبل ذلك اتعرف من بعمركما يجب أن يدرسوا فقط فماذا ستفعلان بخصوص ذلك؟"

اصيل بجدية :"سأتوقف .. لكن هشام يجب أن يكمل"

سأل عن مستواهما الدراسي ليجيب اصيل ساخرا من نفسه ومبتسما لهشام بعدها : "يمكن أن أقول أني لا شيء .. أما هشام فهو الأول بين زملائه بالسنة الثالة متوسط"

اندهش قليلا ليعارض مع هشام على قرار توقفي فرد بستهزاء لوضعه : "نجاحي مستحيل أصلا"

فوجد السيد فرصته : "لنتفق اجعل المستحيل ممكننا .. وسأسمح لك بالعمل هنا اضافةً لغرفة بمنزلي لتناما فيها"

عمل ومكان لينام به ليس سيئا لكن رد اصيل بتوتر فحقا لا علاقة له بدراسة : "هذا صعب حقا .. مجموعي الأول كارثي"

40% وهو بحد ذاته لا يعرف من أين أتاه ذلك المجموع أساسا فاصر السيد عليه أن يبقى نجاحه شرطا بينهما : "يجب أن تطور مستواك لو توقفت الآن فلن تتقدم وتبقى مجرد أنت"

هشام مشجعا :"هيااا اصيل .. المهم أن تنجح بالامتحان النهائي الباقي لا يهم سأساعدك بكل ما أستطيع"

لن يجدا فرصةً كهذه بمكان آخر، السيد لن يخسر شيئا إن لم يوافقا كما أنه طيب أصلا ومع معرفته بقصتهما مع والدهما فقد لمس الوتر الحساس : "نعم اثبثا نفسيكما ولهذا بالذات يجب أن تنجح وتطور معارفك أكثر .. اعتبرها بداية جديدة"

بذلك وافق اصيل : "شكرا سيدي لن ننسى هذا أبدا"

وجود شخص كهذا بجانبهما يجعله يشعر بأن قراره كان صحيحا

ذهب به لمطبخ المطعم ليعرفه على مجموعة من الشباب الذين يعملون هناك قائلا أنه يمكنه المباشرة بالعمل كمساعد بينهم ابتداء من الغد

الجيد انهم بنهاية الأسبوع أي أنها لا توجد دراسة ليومين وقد عزم أن يستعيد نفسه قبل بداية الاسبوع القادم ليدرس بجد وعنده فكرة جيدة ليتقدم بسرعة

بعدها أخذهما بسيارته لمنزله رغم كبر المنزل الذي عشا به فهو لا يقارن بهذا وبكل بساطة فتحت زوجته الباب لترحب بقدومه فقد كانت ساهرة تنتظر عودته

جلسوا بصالة كبيرة معا ليخبرها ملخص قصتهما، اعتذر اصيل مجددا عن كلامه ورغم سوء مافعل قبلت اعتذاره بل طلبت بلطف من مساعداتها أن يجهزوا غرفةً لهما

السيدة:"اعتبراه منزلكما ابقيا قدر ما تريدان"

بكل الأحوال سيساعدان أي شخص يحتاجهما قد فهم اصيل أن اموال السيد لا تعد ولا تحصى وهذا المزل الضخم دليل واضح على ذلك لكن تعامله اللطيف مغهما أكثر من كل ذلك

اصيل بابتسامة : "لا أظنني قابلت مثلهما من قبل"
السيد : "لا تتعجب العمر قصير والأحسن أن تنتهي حياتنا بعمل صالح ونرضى بحياتنا هذا ماسنجنيه"

هذا الكلام هو ما جعل ضياء يرفض الانضمام لمجموعته ليدرك أن العيش وسط السوء سيجعلك كذلك بل ويغير نظرتك للبشر فتظن أن الجميع مثلك لكن لم يكن عذرا بل قرارا منه

قد فهم كل هذا الآن ليصر على مصالحة ضياء مهما كان رده أو تجاهله فلا معنى ليبتعد عن شخص مثله اضافة لذلك الغريب أيضا

مر الوقت ليأخذاهما للغرفة التي اصبحت خاصة بهما، كانت غرفة مثالية احتوت سريرين مرتبين ومكتب بمقعدين ورفوف بعض الكتب فوقه

السيدة: "لا تخجلا من طلب أي شيء ويمكنكما استعمال ما يوجد هنا بكل راحة اتفقنا"

اصيل: "لا .. اعتبروني مستاجرا وحسب سأرد كل شيء بأقرب فرصة"

فلاعب السيد رأسه ممازحا ليتظاهر اصيل بالانزعاج : "لست صغيرا ببف"

السيد: "عنيد حقا .. كما تريد نم جيدا سأساعدك في البداية فقط حين تقف على قدميك جيدا اعد ما تريد سأنتظر ماستكون عليه فالتوقف ممنوع من الآن فصاعدا"

لم يحظى بتشجيع كهذا من قبل فابعد السيد يده ليكمل : "عندك عمل شاق غدا .. تصبحان على خير"

ابتسما وخرجا ليستدير هشام مباشرةً جهه الكتب لتبدوا السعادة على وجهه متناسيا وضعه فتلك الكتب كانت كحلوى وضعة بيد طفل بالنسبة له ليخبر اصيل ما قرأ منها

اصيل ممازحا : "أحقا عندك وقت لتقرأ وتدرس وتكون الأول فوقها"

فأجابه هشام ببعض المرح : "كل القصة في تنظيم وقتك اصلا الكتب متعتي الوحيدة"

فرد عليه بضحكة : "اها ممتعةٌ لدرجة أن تنام وأنت تضمها كل يوم"

احرج قليلا ليزيد ضحك اصيل : "كنت اتفقد نومك من حين لاخر"

اندهش هشام ليفتح الآخر الحقيبة التي احضرها واخرج غطاء صغيرا مزين بخيوط صوف مع الجوانب فقدمه له : "كنت أرى هذا أيضا .. إنه ملكك لذلك أخذته .. احتفظت به جيدا"

نظر له للحظات ثم اقترب ليضم أخاه مع ذلك الغطاء فضمه اصيل ليخبره عن بعض ذكرياته : "لقد كنت أراها وهي سعيدة لصنعه .. سيكون لأخيك أتمنى أن يعجبه كان كلامها"

رد هشام بألم : "طبعا سأحتفظ به .. اصيل أنا لا أذكر الكثير عنها لكن كانت رائعةً جدا اليس كذلك"

ربت على ضهره مجيبا : "نعم كثيرا .. اتعرف كانت لتكون فخورةً جدا بك أردت دائما اخبارك بهذا .. لا نريدك أن تتوقف"
_حاضر سأفعل ذلك

عاد كل شيء لما كان عليه بينهما كم سنة مضت منذ آخر مرة كانا قريبا فيها من بعض هكذا؟

قال اصيل بجدية فنوع الاخوة هذا لا يمثله : "هشام أنا لن ابتعد مجددا لكن أنت صغير اليوم فقط اتفهم"

كان ينتظر ابتعاد هشام ليمسح دموعه لكنه تفاجأ بالعكس فقد كان يحاول طول الوقت ان يثبث له أنه كبر ويعتمد عليه واصيل يلاحظ ذلك من بعيد

فماذا ستحمل الحياة لهما مع هذه البداية الجديدة

......................

الفصل الوحيد دون بهاء وضياء

كيف كان .. ما رأيكم
ماذا ينتظر بهاء من اصيل؟ .. ما قصة ذلك التحدي؟ وبماذا كان يفكر طول الوقت ؟

إن كان بهاء عنده بعض المشاكل فالحديث مع الاخرين فكيف تمكن من اللعب بنفسية ذلك الشخص المسؤول عن تلك المجموعة هل فكرتم بذلك

حسنا الجواب بالفصل القادم

************
فقط لا يمكنني تجاهل الموضوع
ادعوا لصديقتنا كاميليا بالشفاء العاجل والعودة لنا سالمة رغم الوضع الخطير

لندعوا الله فهو على كل شيء قدير
يارب

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top