*كل ما فيك يكون اخي*

لنكمل الزيارة وعذرا لأي معلومة خطأ


........
اليوم التالي ذهبوا لمكان بعيد وأخذ الأمر وقتا طويلا لفحص دماغه وبعد فحوص كثيرة وشرح أكثر للممرضين أن لبهاء حالة خاصة فلا يجب أن يلمسوه عادوا للطبيب مساءً وحان دوره ليدخلوا

أحضروا نصف الفحوص والنصف الآخر نتيجتهم بعد أيام خصوصا فحص الدماغ، صحة بهاء كانت جيد رغم نفقص الفحوص

عادا والديّ بهاء للمنزل بعتبارهما يجيدان العودة وحدهما لتبدأ جلسة بهاء الثاني حيث طلب الطبيب نزع قميصه مجددا

حدق به ضياء بنفس انزعاح أمس : تجرأ واعد ما حدث
الطبيب بسخرية : واصل طريقتك هذه في الكلام وسأستدعي والديك لعلاجك أيضا

تجاهله ضياء لينزع بهاء قميصه ويستلقي على السرير

ناد الطبيب شخصا ما ليقف قرب بهاء : إنه مختص في علاج التكامل الحسي وسيساعدك تدليكه .. كن هادئا بهاء واخبرنا ما تشعر به

لم تكن مزحة جيدة فبهاء جلس برعب مكانه فالمعنى أنه سيلمسه : لا أريد

اقترب ضياء لجانبه عله يهدأ لكن بأي طريقة سيتقبل بهاء أمرا كهذا فقال ضياء للطبيب : أربعة عشرة سنة لم يلمسه أحد فيها .. فقط من أزعجوه ذلك لن يكون بسيطا

الطبيب : بهاء أنا أتفهم ذلك لكن لا علاج إن لم يتم لمسك هكذا ستعتاد الأمر حتى يختفي خوفك .. وأنت كُفَ عن التفلسف أو إذا عندك طريقة أخرى فأخبرنا

تنهد ضياء فكلام الطبيب صحيح فحاول طمأنت بهاء : لا تخف لاشيء سيحدث أنا معك

عاد ليستلقي وهو متوتر جدا : ضياء لن استطيع التحمل سيرتجف جسمي كاملا

الطبيب: نصف المشكل أنك أقنعت نفسك بهذا

بهاء بقيَّ يحدق باخيه بخوف حتى ابتسم ضياء مداعبا شعره : ألم تخبرني أنك ستتجاوز هذا يوما ما .. تستطيع أن تتحمل أنا هنا

أخيرا هدأ قليلا، أحضر المختص مرهما وما إن اقترب أغمض بهاء عينيه بقوة وتشبت بيد ضياء والمشكلة تبدأ عندما لمسه نهض مباشرة ليضم ضياء : لا استطيع

لكن ضياء طمأنه مجددا مترجيا أن يعود مكانه ففعل بصمت بدأ تدليكه وارتجاف بهاء في آن واحد : هذا مؤلم .. أنا خائف جدا .. ضياء

بضعت ثوان كان الفاصل ليعاد المشهد الفظيع لعقله، لم يرى ضياء اخاه بهذا الحال من قبل بهاء يجبر دموعه على البقاء مكانها من خوفه وقبل أن يتيه بأفكاره أبعد ضياء ذلك المختص ليضم بهاء وطبعا ذلك الطبيب انزعج ويريده أن يتركه ليكمل عمله لكن لم يبتعد

حدق بغضب به وبهاء بين ذراعيه يرتجف : إذا كنت طبيب ودرست هذا .. أتعرف أنه يوجد من يمكنه أن يموت بسبب الخوف الذي تستهين به الآن؟

فصمت كلاهما ليبتعد بهاء وينظر له وقصده الوحيد هو قلبه فرد بهاء عليه : ضياء سأكون بخير فقط بعض الوقت لا تخف

مع أنه لا يعرف كيف سيتحمل لكن سيفعل ذلك لأجل اخيه على الأقل فلتفتا ليناديا الطبيب بلحظة واحدة فأضاف بهاء مباشرةً : ضياء لا تقلق سأكمل

أما ضياء فقد وجد حلا ليخبر الطبيب به : أنا الشخص الوحيد هنا الذي يمكنني لمسه لذلك .. سأدلكه أنا .. فقط علمني كيف

فرفض لأنه ليس مجرد تدليك أيا يكن، أخذ ضياء علبة المرهم من يد المختص وأشار له دون أن يلاحظ بهاء أن ينتظرني لدقائق فوافق اخيرا

الطبيب: اااه حسنا افعل ذلك .. بهاء لا تنسى إخباري بما تشعر أحتاج أن أدون ملاحظات هنا

فبدت السعادة والراحة على وجهه ليستلقي وضياء يدلكه تحت إرشادات المختص فحاول أن يستفسر السبب سماح لضياء بلمسه

في البداية بهاء كان يلمس اخاه لؤي ومع مرور الوقت اعتاد لمس ضياء له اضافة لكل ما فعله لأجله فضياء اصبح مكانه الأمن من كل شيء فلمَقد يخاف منه؟

بهذه الطريق تحدث أكثر عن كل تلك المواقف التي حدثت بينهما في حين ضياء صامت وقد غطاه بالمرهم وعمله مضحك فقد دلك بطنه صدره كتفيه رقبته و يديه، بهاء لم يتحسس لأي لمس من قبل ضياء

الطبيب : حسنا ضياء دغدغه

فابتسم بشر ليفعل لكن بهاء لم يتأثر كما توقع الطبيب «أرجو أن لا تكون المشكلة في دماغه ويكون مجرد خوف التسق بتفكيره»

الطبيب : بهاء استدر ليكمل ظهرك ويجب تدليك راسك من الخلف أيضا

ففعل ذلك وبعد لحظات قليلة أشار ضياء للمختص أن يتقدم بهدوء عنده وللطبيب أن اصمت فانزعج «ما مشكلته معي؟»

ففعلا ذلك ليقف ضياء عند رأس بهاء ليلعب بشعره أشار ضياء للمختص بأن يدلك بهاء بهدوء ففعل

الطبيب : اخبرني من أكبركما

فأجاب بهاء ممازح : أنا بستة اشهر .. لكنه أطول مني

...... ضياء ....

ضحك الطبيب وكما توقعت بهاء لم يلاحظ أن المختص من يدلكه فنزلت أرضا أقابل وجهه هو مستلقي على بطنه فأخذت يدي لجبهته لأمازحه : أظن أن علي تدليك هنا أيضا ولن يؤلمك رأسك مجددا .. اغمض عينيك

ففعل ذلك براحة لألعب بجبهته وشعره أنا حقا لا أعرف ما أفعل كيف ستكون ردت فعلك حين تعرف أني خدأعك

بعد وقت .. رفعت شعره للأعلى فبرزت جبهته : بهاء افتح عينيك

فأنبهرت تماما كيف لم الأحظ من قبل؟ : بهاء أنت وسيم جدا جدا .. لا أعرف لمَ لم أخبرك بهذا من قبل؟

فأحمرت وجنتاه لأكمل وأنا أضحك : أنت محرج .. عليك أن ترى وجهك الآن

بهاء باحراج : اصمت اعتدت أن يخبرني لؤي بهذا وليس أنت
ضياء : هااا وهل يوجد فرق بيننا؟

بهاء زاد احراجه ليخبئ وجهه : لا .. لا ليس كذلك

ضياء : اسمع إذا من اليوم فصاعدا سترفع شعرك لأعلى لأرى عيناك جيدا لمَ عليك أن تخفيهما؟

فأخذ يده لشعره وبدأ ينزله دون رد وهو يغرس وجهه بالوسادة كأن هذا سيرضيني :  لا توقف أنت تفسده

ابعدت يده لأصلح شعره وارفع لفوق معيدا ترتيبه : قليلا فقط أريد رؤيتك هكذا

فطلبت مرآة من الطبيب واحضرتها ليرى نفسه : صدق لؤي عيونك زرقاء جميلة جدا أترى أنت أفضل من كلانا

أصبح يمكنني قول هذا أخيرا فأنا امدح اخي وليس مجرد صديق

.................

لم يفعل هذا بشعره من قبل ليضحك على نفسه : هل تريدني أن أكون شريرا؟

فأنزل شعره على جبهته بابتسامة : هذا ما اعتدته

فابتسم ضياء وهو يحمل المرآة بكلتا يديه لينتبه ويقول بخوف : ضياء .. ضياء إن كنت هنا

استدار للخلف وذلك المختص يدلك ظهره لم يفهم ما يحدث فابتعد خائفا مرتجفا عند ضياء مجددا فانفجروا ضحكا عليه ليعانقه ضياء : كان مجرد خوف أفكارك من تجعلك ترتجف وليس لمس الآخرين

فأخفى بهاء وجهه بصدر ضياء ليبكي : خدعتني .. أحمق .. أحمق .. لقد لمسني .. أحمق

«آخر ما يمكنني قوله لك أنك تلمس الآخرين حين تدافع عن نفسك دون أن تنتبه لخوفك وهذا ماحدث الآن» 

رغم بكائه الطفولي بقيَّ ضياء يشجعه : صدقني بهاء يمكنك تجاوز هذا .. هيا توقف أنا آسف لم أقصد .. أصلا انتهينا لن يلمسك الآن

فنظر للطبيب بطرف عين ليضيف لكلامه : اليس كذلك

من نظرتك كان سيفعل ما برأسه بكل الأحوال فوافق الطبيب «العمل معه صعب بما أنه كبير وادراكه للأشياء واسع الآن»

بعد لحظات هدأ بهاء ليخبره الطبيب أن على جلسات تدليكه أن تطول أكثر

اغتسل بهاء قليلا وارتدى قميصه وعلى ما يبدو لا يريد مسامحته فانزعج ضياء : خدعتني آلاف المرات من قبل ولم أقل شيئا .. فتوقف
بهاء : حسنا

استلقى بهاء على السرير ليشعر براحة ليعود للحديث مع الطبيب و هو يؤكد كثيرا على موضوع واحد ~العلاقات~

فأحضر سلسلة أفلام وعلى بهاء متابعتها وتعبير عنها وقبل ذلك التفت الطبيب لضياء : والآن حقا حقا عليك الخروج

طبعا سيبقى فشغل الأفلام بدأ بصور لطيفه للاطفال والرضع وأخذ الأمر بالانحراف شيئا فشيئا هو يسأله عن الفتيات وما قد يعجبه بهن فثار ضياء : أنت حقاااااااا لا تمزح 
الطبيب: أخبرتك أن تخرج

فصمت وكل كلامه محرج دون أن يتأثر بهاء لم يفتحا موضوع كهذا من قبل حتى عندما تحدثا عن امل لم يكن الأمر بهذه الطريق ليحرج ضياء أكثر

هكذا ظهرة صور لثنائيات وما الى ذلك فأغمض عيون بهاء : توقف هذا ليس شيء عليه تعلمه

وكل ما يقوله اخرج فرد منزعجا : هو لم يواعد أحدا ولا علاقة له بهذه الأشياء .. هو يخافها أصلا

الطبيب: تلك هي المشكلة اترك عينيه واخرح

المشكلة أن بهاء يسمع كلامه مهما كان والطبيب سيصاب بالأعصاب بسبب ضياء فرد بنفس انزعاجه : اخبرني وأنت بعمرك الصغير هذا أحقا لم تعجب بأي فتاة من قبل؟ حتى لو مر الأمر دون مواعدة! .. حتى الأطفال يحدث هذا لهم لكن يجب عليه أن يتعلم ذلك .. إن بقيَّ هكذا فلن يحب غيرك إن كنت تفهم ما أعني .. اخرج

فأنزل يديه عن عيني بهاء بحزن فمجددا عند الطبيب حق بكلامه «لن يحب غيري .. لا أريد هذا .. لا يجب أن يحبني فقط بهاء أصلا لا يفهم ذلك»

ضياء بابتسامة منكسرة : آسف بهاء إن حدث شيء نادني فقط .. لن تخاف صحيح .. استمع لما يقول واجب عن أسئلته 
بهاء: حسنا سأحاول 

قبل أن يبدأ ضياء التفكير بما سيفعله خارجا وحده أوقفه الطبيب : اسمع اذهب لموظف الاستقبال أخبره أن يأخدك لجناح الاطفال وهناك قل لهم أني طلبت منك مساعدتهم .. غابت إحدى المساعدات اليوم وهذا إن اردت طبعا .. وصدقني سأهتم به أنا أعرف ما افعل ليس أول شخص هكذا

وافقه بسعادة وقبل أن يقفل الباب أشار لوجهه ملتفتة لبهاء : اخي ابتسم

ففعل ليتجه ضياء حيث قال الطبيب وحين وصل تذكر اختلاف الأطفال هنا وبما أنهم صغار فذلك واضح جدا عليهم

كان الأطفال جالسون بهدوء وسط حجرة واسعة جدرانها ملونة والكثير من الألعاب في كل مكان، يبدو أنهم يحكون قصةً لهم بل يمثلون كلماتها بطريق أوضح فرفع ضياء صوته : عذرا بما يمكنني المساعدة

فلتفت له بعض الأطفال ليسرع ذلك الصغير الأشقر صاحب العيون الخضراء عنده فنزل أرضا ليعانقة : أنت هنا اااه حقا لم أعرف اسمك بعد

....... ضياء ....

فحملته وهو يبتسم فقط فتبعه طفل آخر لينظر لي بدهشة فابتسمت له : أهلا أنت صديقه
_أنت صديقه

لماذا اعاد كلامي لكنه يتحدث : ما اسمك
_اسمك 
_حسنا أنا ضياء وأنت
_ضياء وأنت

لا أفهم .. فتوقفت لتتقدم آنسة عندي وأعادت ابسؤال عن اسمه لكن أوقفته قبل أن يعيد كلامها
الآنسة : فادي

فأعاد الطفل كلمتها ثم اشارت لي ليعيد مجددا
_فادي .. فادي

لقد فهمت ربما : اسمك فادي إذا

فأعاد كلامي لنضحك

الانسة: سيستمر هكذا .. والطفل الذي تحمله اسمه إياد ونعم ربما هما صديقان معظم الوقت يكونان معا

ضياء : إياد اسم جيد وتملك صديقا رائع

التفت للآنسة لأكمل : أظنه تذكرني رأيته من قبل وفعل هذا لكن لا أفهم لمَ؟

_من يدري ولديه تأخر في الكلام

وهنا انتبه تلك السيدة ليست هنا فسألت عنها واتضح انها من غابة اليوم أرجو أن تكون بخير حسنا : وما به فادي

_الايكولاليا يعني أنه يعيد الكلمات لكنه لا يفهمها فنحاول جعله يتواصل بطريقة أفضل

الايكو ماذا؟ لكن على الأقل هو يتحدث فاضافت : و الأهم ماذا تفعل هنا؟

اخبرتها أن طبيب سمح لي بمساعدتهم قليلا ريثما ينهي اخي جلسته .. يوجد لآطفال قليلون هذه المرة عندما سألت اخبروني أنهم يحتاجون وقت أطول من غيرهم وهناك من عائلته مشغولة أكثر فيجب أن يبقوا مساء

أكملوا قصتهم وتمثيلهم .. جلست وسطهم وإياد متمسك بي .. فقط لو افهم لمَ؟ وصديقه بجانبي .. يبدو أن البعض مهتم للقصة بشكل لافت والبعض بعالم آخر لكن يحاولون تنبيههم

طلبت الآنسة أن أمثل معهم .. ففعلت القصة ليست خيالية بل أشياء نقوم بها في الواقع ليتعلموها وهكذا حتى انتهت: و ماذا بعدها؟

قسموهم لفرق صغيرة حتى يلعبوا ألعابا لم أرها من قبل فهي تحتاج التركيز والمطابقة وليعرفوهم على أسماء مجسمات لفواكه وخضر وتمارين رسم ليعرفوا الألوان بعد وقت سقط صغير قربي ولم استطع اللحاق به

أخد يصرخ دون توقف .. فاقتربت لأحمله .. فنادوا عليا حتى لا أقترب قبل أن أفهم لمَ .. عض الصغير يدي بقوة فتجمدت مكاني لمنظره يكاد يموت خوفا ودموع تنهمر من عينيه .. فحاول الآخرون إرشادي

_ضياء أرجوك لا تصرخ عليه ولا تنزعج حاول أن تبعد يدك بهدوء

رغم أنه مؤلم حقا لكن أريد أن أفهم : لم يفعل هذا؟

لقد أخفته كما توقعت : إذا ما به؟

مازال على حاله في حين أحتمل لتجيبني : طيف توحد .. يعني أن له بعض صفات التوحد نحن نعمل على تحسين سلوكه هذا .. ويتألم بشدة من أي شيء حتى لو كان بسيطا

إذا هو عكس بهاء تماما .. ربما فهمت وضعت يدي الآخرى على رأسه .. أيُّ ألم تعاني منه فزاد من قوة عضه ومع ذلك مسحت على شعره لأواصل طمئنتك : لم يحدث شيء أنا لا أحاول أن أؤذيك اهدأ

اقتربت الآنسة عدني كانت ستبعده فأوقفتها

الآنسة : ضياء آسفة لكنه لا يمكنه فهم ما تقول أبعد يدك

لابأس سيفهمني .. أخفضت رأسي عنده لابتسم وأنظر بعينيه : أنا آسف سامحني لن ألمسك مجددا حتى توافق

فتغيرة تعابيره قليلا .. مهما كان فهم مجرد صغار في النهاية .. هذا ما قاله لؤي لبهاء وهكذا توقف عن عضه وهو صغير

فجأةً ترك يدي لينظر لي باندهاش ومازلت مبتسما : أنت بخير الآن؟

لم يرد طبعا بل وضع يده جهة فمي فبقيَّ يردد أصواتا غير مفهوم ويضرب بيده الصغيرة على فمي بخفة : ماذا يريد أنا لا أفهم؟

الآنسة بضحكة : أظنه يريد منك أن تعضه كما فعل لك

هل حقا تريد هذا؟ امسكت يده لأقبلها : أنا لست غاضبا منك

لم يخف هذه المرة فأمسك أصابعي وابتسم : نعم ابتسم دائما هيا تعال عندي

فاقترب لأضمه قليلا ويهدأ لم تكن عنده مشكلة في لمس الآخرين لكن تألم وحسب .. حسنا أنا لا أقصد لفت الانتباه لي أنا فقط قلدت لؤي .. كلامهم محرج

_أحسنت حقا دائما ما يسيئون معاملتهم
_لو رآك والديه لما حملت الأرض سعادتهما

ابتعد الصغير ليكمل لعبه وأنا أساعد هنا وهناك وإياد يتبعني لكل مكان .. فجلسنا نقابل بعضنا كما طلبت الانسة ليتمرن على الكلام .. فجعلته يركز على شفتي حتى يقلد الحروف التي أقولها ويبدو أن ذلك مفيد له

فهو يعيد بعضها أحيانا بصوت خافت وأحيانا يحرك شفتيه فقط .. وبعد قليل صغير آخر نظر لوجهي فابتسمت له لينفجر ضحكا فحاولوا تهدأته بتشتيت انتباهه لأشياء أخرى أما أنا أخذت أضحك من ضحكه فضحك الجميع وإياد عاد ليعانقني بسعادة

امضيت وقتا ممتعا معهم وعرفتهم جميعا صحيح أني لا أفهم جيدا ما بهم لكن نوعا ما أنا سعيد وسطهم .. هكذا بهاء لا يبدو غريبا أبدا لا الآن ولا في صغره

............

وقف بهاء بمدخل تلك القاعة ليرى ضياء وسط الأطفال يرسمون بالألوان ويضحكون وفور لمح بهاء ترك كل شيء وأسرع عنده

ضياء بقلق : لم يحدث أي شيء سيئ صحيح

تردد بهاء قليلا ليجيبه الطبيب من خلفه : فقد تركيزه كليا عدت مرات

فنظر له ضياء بغضب وكأنه السبب فرد : هااا أحسنت بالاعتناء به لكن أنت تبالغ لا تريده أن يعتمد عليك أكثر من نفسه صحيح

أخذ يده ليلاعب رأس ضياء الذي غير تعابيره فمع الطبيب حق : اسمعني أنا لا أقصد إخافته لكن يجب أن يتعرض لما يخيفه ويواجه مرئةً بعد مرة حتى ينتهي

وافق ضياء وكاد يخرج لولا إياد الذي تمسك بساقه مجددا فنزل عنده : إياد يجب أن أعود للمنزل الآن

لكنه عانقه بسعادة مجددا والجميع يضحك على هذا الوضع فرد عليه : وأنا أريد أن أبقى معك لكن ..

«أنا لا أفهم لمَ يفعل هذا؟ هو لا يخاف كالآخرين»

ابتعد قليلا ليداعب شعره بلطف : أعدك أن أعود قريبا .. سنلتقي مجددا

فقبل رأسه وهو يبتسم كما فعل الجميع من حولي لم يفهم شيئا فيه فحمله الطبيب ليلفت انتباه ليلتفت لبهاء الواقف بدهشة يحدق بذلك الطفل مجددا

أخذ ضياء يده ليخرجا بسرعة قبل أن ينتبه إياد له والاهم الآن : كيف حالك؟

بهاء : امم بخير
ضياء : أيمكنك الحديث عن ما حدث؟

بهاء باحراج : تحدث عن تلك العلاقات فقط وتعرف كنت خائفا
ضياء : إذا سيواصل ذلك .. بما أننا بدأنا لا يجب أن نتوقف صحيح

بهاء بكلمات متقطعة : كنت تبدو سعيدا وإياد ذلك يبدوا .. لطيفا .. جدا

فرد ضياء بحماس فالطفل لم يفارق طول الوقت لكن ابتسامة بهاء بدت حزينة : لحظة هاا لا تقل أنك تغار منه
بضحكة رد  : أحمق لا

أخفى ما أخفى داخله وأكملا الطريق للمنزل هكذا عادا للمنزل فجلس بهاء مع والديه يتناولون العشاء ليحدثهم عن ما حدث

بعدها صعد لغرفته ليستريح لم يتفق مع ضياء على اللقاء بعدها لكنه أتى متوترا والواضح أنه يريد شيئا ما : تحدث وحسب اخبرني ما بك؟

ضياء : عدني أولا أنك لن تنزعج

وافق بهاء بطلب الآخر : كتب لؤي أيمكنني رؤيتها؟ .. أنا لم أتوقف عن التفكير بهم وازعجت امي بأسئلتي أريد أن اعرف عنهم أكثر

كان حماسه واضحا فلتفت بهاء لدرج مكتبه أخرج كتب لؤي التي بقيت عنده من يوم طلبها من والدته وقدمها له : لا إزعاج في هذا

جلس ضياء بعد أن شكره ليفتح تلك الكتب بسعادة ليرى عنوان جميلا لاحداها : ذوي القدرات الخاصة .. سأقرأ هذا أولا

نظر للفهرسه وكما توقع كتب لؤي فيها ما يحتاجه معضم ما ذكرة السيدة سابقا موجود فيه حتى وصل لما اراده ليضحك : الايكولاليا كدت أموت لأتذكرها

فضحك بهاء طبعا لأن ضياء ينسى الكثير من الأسماء عادة، استند للحائط يقرأ بعينيه دون إصدار أي صوت

لم يجد بهاء ما يفعل فاقترب لجانبه يريد سماع ما يقرأه الآخر فوافق ليحدثه عن الصغار مجددا وأن إدراكهم للأشياء شبه منعدم ولا يفهمون معنى الكلمات وما الى ذلك قرأ وقرأ وقرأ وكما لم يحدث من قبل هو سعيد حقا لمعرفته أشياء جديدة فقاطعه بهاء بنقطة ما لينزل ويحضر له ما يشرب ليكمل

هكذا عاد ببعض العصير ليملأ له كأسا وهو يحدق بذلك الكتاب : تبدو وكأنك تنوي قراءته في ليلة واحدة

أخيرا انتبه ضياء لشيء مهم ليضع الكتاب جانبا : ويبدو أن أحدهم يغار حتى من الكتب

فانفعل بهاء ببعض الحرج : لا .. لست كذلك
بضحكة رد ضياء : عدنا لهذا الجواب

اخفض رأسه ليعطيه الكأس : اصمت وشرب
ضياء : حاضر

وحين حمل الكأس لاحظ بهاء اثار عض على يده ليسأله عنها بقلق فأخبره عن ذلك الطفل وما فعل

بعدما أنهى العصير عاد لكتابه بسرعة لكن قطعه بهاء بتردد : هل يمكنني طلب شيء؟

ضياء بضحكة وقد اقفل الكتاب : أطلب كل ما تريد دون أن تستأذن

ارتبك قليلا : حسنا الطبيب قال أن السباحة ستفيدني .. وأنا أريد .. أن تكون معي

الآن فهم سبب توتره فالرياضات ممنوعة على ضياء بكل أنواعها : إذا هكذا .. حسنا حقا لا أعرف إن كان يمكنني

فعبس وجه بهاء : لابأس لا تزعج نفسك

«وهل عبوسك هذا يحتمل؟» فرد ضياء : احم احم يمكنني الجلوس هناك لرؤيتك على الأقل على العموم لا أجيد السباحة جيدا

أشرق وجه بهاء ليرد بسعادة : سأعلمك لكن دون أن تجهد نفسك .. عشت بالعاصمة بجانب البحر لسنتين علمني لؤي الكثير وقتها

_حقا! محظوظ بذلك
_ضياء أعرف أني قلت هذا كثيرا من قبل .. شكرا لوقوفك معي دائما .. لا أعرف كيف أرد كل ذلك

أشار له ليقترب عنده فنقر باصبعه على جبهة بهاء ممازحا : ابقى مبتسما هذا كل ما أريده منك

عاد ليستند على الحائط ويأخذ عنق بهاء ليسنده له : بهاء أنا حقا سعيد معك لا تفكر في شيء غير هذا .. اتفقنا

بهاء : حسنا أكمل قراءتك

ضياء: أتعرف ما قرأت حين ذهبت .. ضرب طفل يقتل الكثير من خلاية العصبية في الدماغ لكن المسح على رأسه يخلق خلايا جديدة وأن عانقته عدة مرات في اليوم فستزداد ثقته بما يمكنه فعله .. خصوصا لو حدثته بطريقة جيدة عن نفسه وهكذا فهمت كيف أصبحت خارقا أما أنا الجميع يضرب رأسي حتى أنت .. لذلك ذاكرتي ضعيفة

«ألا يمكنه ان يتركني للحضات دون أن أضحك» فسأل بهاء بين ضحكاته : أحقا هذا السبب برأيك؟

ضياء ببعض الانزعاج : حسنا فهمت .. علينا أن ندرس كثيرا أيضا لكن لو جربت ضربة ابي لغيرت رأيك

فقبَل خد ضياء وعاد ليستند على كتفه براحة : عدى الدراسة .. أريدك أن تبقى أحمق قليلا ولن أضرب رأسك مجددا

لكن بعد حديث الطبيب اليوم تصرف بهاء هذا قد أربكه قليلا : بهاء أنت لا تحبني فقط صحيح؟
بهاء: وهل تخاف ذلك؟

مازال صريح بكلامه ليشده ضياء له : اخي يحبني هل يوجد أفضل من هذا في العالم؟ لمَ أخاف؟ لكن امك اباك ولا تقل أنك لا تحب امي مثلا .. الجميع حولك الآن

بهاء: نعم أحبهم .. حدثني الطبيب عن ذلك .. هناك حدود لكل شيء أنا لن أتخطى شيئا لو أردت أن اتوقف سأفعل

ضياء بابتسامة : توقف حين تريد وحسب .. بهاء أنت شخص مختلف عن الجميع عندي ولا أريد لعلاقتنا أن تتغير أبدا
بهاء بمرح : حاضر

.......... ضياء .......

واصلت قراءتي عن التوحد وما بعده متلازمة أسبرجر ااه لمَ هذه الأسماء صعبة؟ فرفعت صوتي قليلا ليسمع بهاء : تأتي هذه المتلازمة تحت عنوان طيف التوحد وما يميزه أن طفل سيدهشك بشكل باهر بذكائه .. صحيح أنه سيئ في الكثير من اللأشياء خصوصا تعابير وجهه فقلما ترى ابتسامته لكن تركيزك على ما يجيده سيساعده جدا والأهم من كل هذا هو معرفة ما يحبه فسيتبعك إذا استخدمته كمحفز له

هذا ما فعل لؤي .. بهاء هادئ جدا فاكملت : هناك كثير من الأمثلة عن عباقرة العالم لديهم هذه المتلازمة فسمية أيضا بمتلازمة المشاهير أو العباقرة

هذا ماقالته الأستاذة .. لكن .. امم تعامل الطفل يكون أصعب لأن تفكيره مختلف جدا فتظنه عناد لكنه مقتنع بما يريده .. ااه التوحد عدو للعائلة المتوحد وخصوصا الام لأنها أول من سيهاجمها المجتمع

يوجد من يخجلون من تصرفات أطفالهم مع الآخرين هااا وهناك من لا يسمحون لهم بالخروج فيزيد الأمر خطورة وتعقيدا فيضيق عالمهم أكثر رغم ذكائهم فتفكيرهم في مستقبل أطفالهم ونظرة المجتمع وتقبله يزيد من معاناتهم

أقفلت الكتاب لا أحتاج كلاما كهذا : بهاء لنتوقف هنا .. بهاء

التفت له وهو نائم بعمق : ليس عدوا بل كل ما فيك يكون اخي

تركت الكتاب لأبتعد وامدده على فراشه غطأته جيدا ثم جلست أحدق به : اتعرف بهاء لو كان الأمر بيدي لما سمحت لأحد أن يلمسك أو يجعلك تخاف بأي طريقة .. كنت لأعتني بك .. وتبقى صغيري اللطيف الذي يحبني فقط .. أنا حقا لا أريد أن ينتهي أي من هذا .. لكن ..

داعبت خصلات شعره لاضيف : يجب أن تكبر يوما ما لتصبح حياتك أفضل .. سأفعل أي شيء لأجلك فأنا مازلت معك وكما أحببتني بهذا القلب سأحبك بتوحدك لا تقلق

أظن أن لؤي شعر بهذا أيضا .. قبلت رأسه لأودعه سأحاول أن تكون الأخيرة ..  ستكبر : لو كان بيدي ماتركتك أبدا

نهضت متجها للباب أطفأت المصباح وفتحت الباب لأجد خالتي

الخالة: آسفة ولكني سمعت ما قلته لا أعرف كيف أرد كل ما فعلته .. بهاء أخبرنا ماحدث في جلسته اليوم

ضياء : خالتي أنا فقط أريد البقاء معه لا أكثر

الخالة بابتسامة : لا شيء سيمنع هذا لؤي كان محقا .. بهاء فعلا بحاجت لأخ آخر .. يمكنك أن تنام معه

ضياء:  سأعود لمنزلي .. يجب أن يكبر هذا ما يريده لؤي

نزلنا معا وودعتني .. وعندما خرجت نظرت لسمائه الصافية خارجا والنجومه البارزة : ربما لقلبي كلام آخر .. لا استطيع تقبل ذلك .. بهاء آسف

.............********...

بعد كل هذا سيعودون للمدرسة فماذا ينتظرهم

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top