*سأدون ذلك دائما*

لم اجد ما اضع كصورة *-* رسمي لميكا
......

زيارة خفيفة ظريفة عند طبيب من نوع خاص اتمنى أن تعجبكم ... قرأت الكثير قبل كتابة الفصل فعذرا لأي معلومة خاطئة .. بعض من خيالي والكثير من الواقع ... تفضلوا

..................

استيقظ صباحا على صوت طرق الباب ورنين الجرس، ففتح عينيه ليجد والدته بجانبه ووالده نائم على الكرسي بجانب سريره نهض بهدوء حتى لايزعجهما ونزل ليفتح من غيره سيكون؟ فابتسم فور رؤيته : ضياء

كان متوترا كليا من أجل هذا اليوم : استيقظ باكرا .. لم أستطع أن أصبر أكثر .. أنت بخير؟

طمأنه على حاله ليتنهد براحة ويعود لعقله دخل مع المنزل ليفطرا بعد استيقاظ والديه

........

وصلوا للمركز الذي دلتهم عليه الأستاذة ليجدوها تنتظرهم هناك طمأنت عائلته لتلتفت لبهاء : لا تقلق فقط اخبره كل شيء وأجب عن كل ما قد يسألك ولا تخف مهما كانت النتيجة

بهاء: سأحاول .. شكرا
الأستاذة: يجب أن أذهب الآن أراكما بوقت لاحق .. بهاء خد وقتك ثم عد للمدرسة وضياء .. كما اتفقنا

وافق ضياء على كلامها ليحاول بهاء معرفة ما قصدت دون جدوى

............

حان دورهم ليدخلوا عند الطبيب كان صاحب نظارات كبيرة، شعر أسود طويلة مختلط بخصلات بيضاء خفيفة، بأواخر الثلاثنيات من عمره، يرتدي مأزرا ابيضا حيث جلس خلف مكتبه والبسمة تعلو وجهه ليرحب بمن دخل ثم غزت ملامح الجدية وجهه ليبدأ أسئلة ناظرا لهما : من منكما بهاء؟

بصوت خافت رد : أنا
الطبيب : إذا والداه ومن أنت؟

تفحصه بعينيه ثم رد ببساطة : ضياء اعتبرني اخاه

قبل أن يصل لبهاء تحدث مع والديه ليفهم سبب مجيئهم

ارتبك والده قليلا ليجيب : نظن أن بهاء .. كيف أقولها .. لذيه مخاوف كثيرة وأحاسيس مختلف اكتشفنا هذا مؤخرا .. ربما توحد

الطبيب: توحد ولم يعالج من قبل؟

هز والده برأسه لا يعرف جوابا ليكمل : اخبروني عن طفولته .. متى تحدث؟ .. هل كان عنده تصرفات مميزة؟ وما إلى ذلك

فأخبره ضياء ما كتب لؤي ليكمل ما يتذكره والدي أما بهاء صامت متمسك بيد ضياء بخوف

بعد تفكير الطبيب ووضع علامة قرب بعض الجمل بالأواق أمامه رد : ماقلتموه قريب جدا للتوحد لكن لا يمكن الحكم بعد كل هذه السنوات والأهم من كل هذا لمَ لم تفكروا في علاج حتى الآن؟

فساد الصمت الحجرة فكيف سيخبرونه أن ابنهم الراحل من أخفاه دون معرفتهما؟ أين سيضعان نفسيهما؟ فعاد الذنب الذي لم يفارقهما طوال الليل!

حتى نطق ضياء بانزعاج من سؤاله المستفز : اخبرني لو لم تكن طبيبا ماذا قد تقول عن طفل بتلك التصرفات؟

لم ينتظر الجواب منه أصلا فتفاجأ ليضيف ضياء : سيهاجم الجميع والديه بكلام جارح لا يحتمل .. عن تربيتهما واهتمامهما به بل ربما سيصلون لتفكير أنه بلا فائد وهذه الحياة لا تليق به أو ربما سيتمنون موته لأنه ازعجهم .. مهما كان ما درسته وما تعرفه هذا هو الواقع ولا أحد يمكنه تغييره إلا إذا تعلموا

بعد سماع محاضرة من صغير ضحك بخفة ليوجه الكلام له : إذا تقصد أنكم خفتم من المجتمع .. بهذه الطريقة جعلتم عالمه ضيقا أكثر

قد زاد انزعاجه خصوصا أنه عصبي بطبيعته ليحدق به مباشرةً : بل عالمه أفضل من واقعنا .. ما مضى لن يعود .. فركز عليه الآن

في النهاية هو طبيب نفسي أيُ كلمة كانت ستعكس الكثير مما تعيشه بالنسبة له «اه من كلامه فقد جرحه الواقع كثيرا لكن معه حق»

فقال بابتسامة مطمئنة : حسنا الآن تفضلوا للخارج يجب أن أكمل معه فقط

الام: كما تريد .. لكن لا شيء خطير صحيح
الطبيب: طبعا لا داعي للقلق

وقف والديه ليخرجا أما ضياء : سأبقى
الطبيب بابتسامة سخيفة : لكن قلت أنه يجب أن يبقى وحده فقط

الام: هيا ضياء سيكون بخير لنترك الطبيب يباشر بعمله

ضياء: آسف خالتي .. فقط .. تعني كلانا أصلا بهاء يريد هذا

وافق بهاء على كلامه لتبدأوا محاولاتهم الفاشلة في إخراجه حتى استسلم الطبيب من عناده : إذا لا تسمع كلام أحد؟ .. أظنك تحتاج لتشخيص أيضا

ضياء بابتسامة راضيا : حسنا سأبقى هكذا إبدأ عملك خرج الجميع

قد كان طلب الأستاذة ليقيموا عمل الطبيب

ابعد عينيه لبهاء الهادئ مكانه ليبتسم : لا تقلق بهاء سنبدأ بسؤال وجواب لا تتوتر وحين لا تشعر بالراحة اخبرني .. أولا عمرك وبأي سنة تدرس؟
_اربعة عشرة سنة .. آخر سنة بالمتوسطة
_لمْ تعد من قبل؟
_اعدت أول سنة دراسية
_ما هي نشاطاتك اليومية المعتادة؟
_الدراسة .. قرأت بعض الكتب .. الجلوس بالسطح .. واخرج مع ضياء لنتمشى خارجا أو نلعب
_والتلفاز متى تتابعه؟ .. أتملك هاتفا أو تلعب العاب فيديوا محدد؟
_لا أتابع شيئا .. ليس عندي هاتف ولا أحتاجه

«تقريبا نسيت أن هذه الأجهزة موجودة في هذا العصر من يوم عرفت بهاء»

لم يجد الطبيب ما يقول بعد هذا فقدم ورقة لأسئلة احتوت بعض الدروس كالرياضيات واللغة وعن ثقافته العام اعطاه ربعة ساعة مع ابتعاد ضياء عنه

حلها بأقل من ذلك الوقت بكثير ليعيد له الورقة بانزعاج : هل تمزح معي؟

حمل الطبيب تلك الورقة ليندهش : هااا هذا جيد كل شيء مثالية حتى خطك جميل ومنظم
_ملاحظ قلت أني بالرابعة عشرة لا أفهم لمَ اختبارك هكذا؟
_أتقصد أنه سهل؟
_جدا

«مغرور» قاطعهما ضياء بضحكة ليعطيه نسخة من أوراق امتحان المسابقة الخاصة ببهاء قد أحضرتها الأستاذة ليندهش حقا : إذا ذكائك طبيعي ولا تعاني من أي مشاكل لفهم الدروس بل وممتاز .. هل كنت من البداية هكذا أيضا؟

فبدأ بهاء حديثه المتقطع عن لؤي وخطط تدريسه فقد خدعه لبضعة أشهر حيث ظن بهاء أن لؤي من يعطي الامتحانات للأستاذ ويبقى ينتظر أن تعاد له بنتائج جيدة

كان يجعل بهاء يحفظ الكثير من الأسئلة مع حلولها وكل ماعليه فعله هو كتابتها يوم الامتحان، أخطأ كثيرا، تقدم ببطئ شديد

لم يفهم سبب وجوده بالمدرسة أو ابتعاد لؤي والأهم ماذا تريد المدرسة منهما؟ فدائما ماكان يظنها شريرا يسعى لتفرقتهما وحسب ولؤي علمه أن ينتقم منها بنتائجه حتى تفوق وأصبح أفضل من الجميع

الكثير من قصص مدرسته كتبها لؤي في رسائله ليحدث بهاء الطبيب عن بعضها هكذا حتى عاد لأسئلته : ماذا يغضبك أو يضحكك أو يبكيك؟ هل تفعل ذلك بلا سبب مثلا؟

فأجابه بنبرة باردة كما كان يتحدث من البداية : لا أظنني أهتم لما حولي كثيرا .. قليلا ما أغضب أو أضحك .. فقط لو كان ضياء بالمنتصف

أخبره أنه كاد يخنق اصيل حقا دون شعور منه، أنه لايبكي إلا مع ضياء، أن كل تلك المشاعر المختلطة داخله وعدم فهم من حوله تحزنه

طال الحديث بينهما حتى طلب منه الجلوس على السرير الموجود بزاوية الغرفة ليخضع لبعض الاختبارات البسيطة على حواسه جعله يسمع بعض المسيقى وهو يزيد الصوت كل مرة والسماعات بأذنيه حتى قال وقد كان يحاول معرفة مقدار تحمله : إذا اكملت فأظن أن رأسي سينفجر .. توقف

نفذ مباشرة مع كتابته بعض الملاحظات، جعله يتدوق بعض الأشياء بأدواق مختلفة ولم يجد شيئا غريبا بتدوقه حتى بصره جيد ولا يغشى النور أو الظلام

وصل لحاسة اللمس عنده جرب لمس الاقمشة بأنواعها ولم تزعجه فأخذ إناء ماء من خارج النافذة ليطلب أن يضع يده بها ويخبره ما يشعر به : إنه بارد

دون الطبيب ملاحظته مستديرا : جيد أنك تشعر بذلك التالي ..

اوقفه بهاء : كان بالخارج مؤكد أنه بارد

شطب الطبيب ملاحظته ليستدير له : ماذا تقصد؟
_إنه فصل الشتاء كل ما بالخارج بارد
_حسنا حسنا كانت ملاحظة ممتازة

خرج الطبيب للحظات ليحضر إناء ماء ليطلب منه أن يضع يده به مجددا فرفض رغم إصرار الطبيب حتى قال بانزعاج : لستُ الوحدي الذي يرى أنه يغلي اضافة انك تحمله بقفازات إن لم تحتمل لمسه فلن افعل

_حسنا حسنا حسنا فهمت

ودون عنده *لايشعر بذلك

لؤي أيضا قد جرب معه ذلك ليعرفه الفرق بين البارد وساخن لحظات من حديثه أخذ الطبيب مطرقة صغيرة ليضرب ركبتيه لكن لا إستجابة تذكر زاد من قوة ضرب متسائلا عن شعوره

بهاء : لا تؤلم والجروح لا تؤلمني أيضا
_حسنا هل تعرضت لكسر من قبل أو أي مرض خطير
_لا

ببساطة لؤي كان حريص على صحته لدرجة لاتوصف

الطبيب : تبقى لمس الآخرين هل تحب أن يضمك أحد والديك؟

_امم كان ذلك يزعجني قبل مدة لكن لا أخاف منهما الآن
_لا تخاف .. أيمكنك مصافحتي؟

لم يفعل هذا لأحد من قبل بارادته فأجابه بصراحة : سترتجف يدي

لكنه بادر ليمسك يد بهاء فأبعد يده بسرعة وهي ترتجف مع ذلك سأل الطبيب : هل هو مؤلم أو أنك خائف وحسب؟

قبض علي يده ليجيبه : خائف .. لا أريد أن يلمسني أحد

_هل تشعر بحكة دغدغة حرارة أو حاجة لغسل يدك أو أي شيء آخر؟
_لا شيء
_و لمَ لا تريد ان يلمسوك؟
_لا اعرف
_بهاء يجب أن تكون متعاونا
_امم
_إذا تلمس عائلتك بشكل عادي ماذا عن صديقك هناك؟
_هو اخي ليس صديقي
_حسنا لننادي اخاك

وقف ضياء خلف بهاء ليطلب الطبيب منه امساك يده وذلك أمر عادي عنده حتى أنه طلب من بهاء نزع قميصه فلمس ضياء كتفيه وظهره ببساطة حتى ضمه ولابأس به : أنا لا أخاف من ضياء

الطبيب : اه هل تبقى معه معظم الوقت

سأل ضياء ليجيبه : ندرس في نفس الفوج ومنزله جواري لم أفارقه منذ امم بهاء كم مر؟
بهاء : خمسة أشهر تقريبا

الطبيب : إذا يضمك بشكل عادي دون أن تتحسس أو تشعر بشيء سيئ
ضياء: نعم أنا أصلا أحاول تهدأته بضمه كل مرة

الطبيب : حسنا إذا أنا أحتاجك .. وتهدئته من ماذا?!
ضياء : من خوفه

بهاء : إذا لمسني شخص ما لايمكنني التحكم بنفسي بذكرياتي وأرتجف كليا

الطبيب :هل يحدث عند لمسك وحسب؟
بهاء : ليس هذا وحسب فعندما أراهم ..

قد فهم مايقصد ليبتسم ويضمه على غفلة منه حاول بهاء ابعاده مترجيا أن يتركه حتى فقد السيطرة على نفسه متذكرا ما فعله اصيل فارتجف جسم ليتوقف عن المقاومة ويتيه

لم يتحرك ضياء من مكانه فهذا جزء من اختباره كما فهم لكن أخذ الأمر بالانحراف ليلمس الطبيب ظهر بهاء ويديه حتى ذراعيه وعنقه بطريقة غريبة فاكتفى ضياء من هذا المنظر : ابتعد عنه ماذا تفعل؟

لم يكترث لكلامه ليلامس وجهه وشعره فضرب ضياء يده بعيدا «هذا مقرف» فوقف بوجهه ليبعده : من سمح لك بلمسه بهذه الطريقة؟

ولم يكترث له مجددا فدفعه ضياء بعيدا : أنت مجنون لمَ فعلت ذلك قال أنه يخاف ألم تسمعه؟

من يهتم لجوابه فالتفت لاخيه الذي بقيَّ مصدوما كما يحدث له أحيانا فحاول إيقاظه «تذكر ذلك الموقف وفوقها هو لا يرتدي قميصه قال من قبل أنه لو فتح اصيل قميصه لكان سيموت»

بعبوس وذلك العجز قد اجتاحه : بهاء هل تسمعني؟ .. بهاء رد علي .. بهاء أنا معك

لم يكن عاجزا كليا هذه المرة فالسبب واقف خلفه التفت له بغضب جامح : هل يعجبك ما يحدث الآن؟

كان مركزا مع ساعة يده دون أن يلتفت لبهاء، فثار جنون ضياء : هل انتهى وقتك مثلا؟

«صدقت الأستاذة لا أحد يعمل بصدق»

اقترب منه ليدفعه مجددا فاستند على مكتبه دون رد ليزداد غضب ضياء : أنا أحدثك ماذا كنت لتفعل لو كان وحده هااا؟ .. أتريد أن تموت؟

كاد ينفجر من صمت الطبيب المريب حتى أخذ يده لرأس ضياء : اهدأ يا صغير .. عاد اخوك

أدار رأسه ناحية بهاء الذي يبحث عن شيء ما خائفا مكانه وعندما لاحظ ضياء نزل بسرعة ليسند رأسه على صدره ويضمه

«هذا البهاء .. اخوه مهربه الوحيد» ضحك الطبيبة بخفة لمنظرهما وضياء يحاول طمأنة بهاء حتى ابتعد مبتسما أخذ يده ليساعده برتداء قميصه : كل شيء بخير .. هيا سنعود للمنزل

ما إن انتهى إتجه به للباب حتى أوقفه الطبيب : يا صغار الى أين؟

التفت ضياء له بغضب فأي جرأة عنده ليتحدث بعدما فعل : الأحسن أن لا أراك بطريقي مجددا

«انا الأحمق الذي بقيت أراقب من البداية»

ابتسم الطبيب لشرير الذي يقابه مشيرا لساعته : عشر دقائق هل هذا هو الوقت الذي يتيه فيه؟
ضياء: لا دخل لك

تنهد الطبيب ليرد : أنا الطبيب هنا وأعرف ما يحدث لقد رأى منظرا مخيفا لشخصين في صغره بل كان صغيرا جدا منظرا مقرفا أسوأ بكثير من مجرد لمس .. لم يقبل عقله أن يقع بموقف مثله فيجبره على الهروب لكن إن حدث ذلك فسيتوقف ما حوله ليعيد المشهد .. هو ذكي ويجيد تحليل الأشياء وهذا بسبب أخيه الذي تحدث عنه لقد علمه الكثير لكنه لا يعرف ما حدث له فقط ضمه يومها ليهدأ .. اليس كذلك بهاء؟

ارتجف بهاء ليتمسك بيد ضياء ويهمس له : ما قاله صحيح
ضياء: أنا اعرف .. إنه قرارك هل تريد أن تكمل؟

ورغم تردده وخوفه قرر أن يكمل فأتى الطبيب يقابلهما حيث انخفض عندهما : آسف لما فعلت لقد كان جزءا من الاختبار

فتح ضياء ذراعيه ليكون كجدار بينه وبين بهاء ومازال غاضبا : ابعد وجهك من هنا الاقتراب منه ممنوع

الطبيب بضحكة : كم شخصا ضربت لأجله؟
ضياء بانزعاج : لايمكنني حسابهم

فأتاه القصف من خلفه بضحكة : شخص واحد

ضحك الطليب ليُطمئن بهاء ضياء عن حاله فكل ما يحتاجه وقوفه بجانبه ليبتسم

وافق على قراره مجبرا لكن سيهدده قبل ذلك : يا أنت سأحضر كل جلسات علاجه ولا مجال للمعارضه اعد ما حدث اليوم وستسجل ضمن الوفايات بطريقة أو بأخرى

فضرب رأسه ممازحا : أنا أكبر منك ولست زميلك بالصف إن لم تلاحظ

عاد الطبيب بعدها للجلوس مكانه ليكمل أسئلته وكأنه لم يحدث شيء : إذا هل عندك اصدقاء أو هذا فقط؟
_نعم لكن ضياء اخي
_إذا مصر على كون علاقتك به مميزة عن الاخرين؟
_لأنها كذلك

بدى ضياء فخورا بأجوبة بهاء ليخبره بهاء عن اصدقائه الخمس وامل ونادين منهم وأنه لم يلمسهم من قبل

الطبيب: ألا تواعد إحداهما أو أصدقاء وحسب وماذا عن بقيت زميلاتك

ضياء بانزعاج : وهل هذا سؤال يسئله طبيب؟ .. مازلت معارضا على بقائنا

تجاهله تماما ليكمل مع بهاء : اجب
_لا .. و لا أحدث غيرهم

أخبره أنه لم يملك اصدقاء حقا بفترة انتقاله عن ضياء وأن الوضع مختلف عن من كانوا حولهم فاصدقائه يعاملونه بشكل جيد ومع ذلك يخاف ابتعادهم أخبره قليلا عن ما حدث بعد لؤي

الطبيب : إذا لست اجتماعيا؟
بهاء : كنت أفضل البقاء وحدي لكن الآن أريد أن يبقى ضياء بجانبي دائما

ضياء بفخر ساخرا من الطبيب : سمعته جيدا .. دون هذا عندك .. ~دائما~

فضحك بهاء قليلا ليعود الطبيب لأوراقه : حسنا صف لي حياتك قبل أن تعرفه .. هل تحدث نفسك مثلا؟

تردد قليلا ليخبره عن أكثر شيء غريب يفعله، حديثه مع لؤي الذي لا يرد علي ورؤيته له ثم أضاف ليشرح موقفه : لا أحد سمعني حين أخبرتهم أن العالم يبتعد عني .. أني لا أستطيع فهمهم .. أن الظلام والبرد يكاد يقتلني .. لم أرد أن أبقى وحدي لكن كان خياري الوحيد .. فبقيت أحدث اخي

ذكر بعض المواقف التي جمعته بلؤي ليترك البقية لوقت آخر تنهد الطبيب ليجمع أوراقه : تقريبا هذا كل شيء لليوم لكن أحتاج تلك الرسائل بما أنها تحكي طفولتك بالتفصيل ربما سنفهم شيئا آخر

فوافق شرط أن يحتفظ بها جيدا : اتفقنا .. أكرر اعتذاري لكما .. وطبعا يوجد حل .. يمكنكما الخروج لأحدث عائلتك

بهاء : لكن المدرسة لا أريد أن اغيب مجددا
الطبيب : حسنا سأحدث والديك ونجد وقتا مناسبا

خرجا ليعود ضياء مع والديه فحدق الطبيب به بانزعاج : قلت اخرجا و تدخل عائلته لمَ تحشر أنفك؟

ضياء بابتسامة ساخرة : ألم اخبرك؟ أنا من عائلته .. اختصر لي الوضع و سأخرج بسرعة

الطبيب مستسلما كليا من افعاله : اااااه لديه مشاكل في حواسه فإما دماغه يترجمها بشكل مختلف أو أن به ضرر ما وهذا أسوأ احتمال .. لايوجد دواء محدد .. لكن سيخضع لجلسات تدليك حتى يبدأ بالشعور بحواسه .. سيتغلب على خوفه إن وقفتم معه

ضياء: حسنا سأذهب وأكمل شرحك .. ولا تنتظر أن اعتذر

ضحك الطبيب فضياء أقفل الباب وخرج مسرعا : ااه إنه عنيد حقااا

ثم التفت بجدية لوالدي بهاء : المهم أريد بعض الفحوص من تحالي دم سأكتبها لكم وفحصا لدماعه وسمعه كأول شيء لنرى إن كان بهما ضرر أو لا ونراقب صحته عموما
الام: ماذاا كيف هذا؟
الاب: حسنا .. يمكنك أن تشرح؟

الطبيب: كل شيئ فيه معقد .. مضطرب .. ذكي .. خائف في وقت واحد .. ليس عليكما القلق فعلى ما يبدوا فهو مصر على إجاد حل وهذا سيفيدنا كثيرا لكنه لا يشعر بالحرارة أو الألم والاصوات تزعجه ويخاف العلاقات بشكل عام وربما هذا أكبر مشكل لكن أفضل علاج هو تحسين ما يحيط به .. فقد تعرض لصدمات نفسية كثيرة دون أن تلاحظوا .. يبدوا أن نفسيته هشة جدا .. لن أجزم بأنه توحد لكن مازال هذا التفسير الأقرب لما يحدث معه ومن حسن الحظ أنه بنسبة خفيفة

..............

وقف بجانبه اخيه الذي كان ينظر لنافذة إحدى الابواب وقبل أن يسئل اجابه ضياء : تحتاج تدليكا ربما ستتحسن حواسك .. لا شيء خطير ستخضع لبعض الفحوص ونرى .. أظنه يعرف ما يفعل
_اه حسنا
_الى ماذا كنت تنظر؟

اشار بهاء عبر تلك النافذة للأطفال بالداخل : هناك الحديقة تقريبا
_اتريد رؤيتهم؟
_هل يمكننا الدخول؟

ببساطة أمسك ضياء يده ليفتح تلك الباب ويجر بهاء خلفه فوقفا بحيرة بعدها لا يفهمان شيئا

أحد الأطفال يبكي بشدة والآخر يضحك من أعماق قلبه، طفل يضرب رأسه وآخر يرسم على الحائط، صراخ بكل مكان ثم ينتبها لطفل يلوح بيده ناحيتهما : ماذا يحدث هنا؟

سأل ضياء باستغراب وطفل مازال يلوح فرفع يده له وابتسم لكنه استمر بفعل ذلك وكأنه لايقصدهما بل لا يقصد أحدا فأنزل يده بصمت يراقب ما يحدث حولهما

لم تكن حديقة حقا بل قاعة كبيرة مصممة كذلك الأرضية بعشب اصطناعي اخضر والأشجار أيضا والسقف كالسماء عبرتها بعض السحب والانارة كالشمس المشرقة

أخيرا انتبها لطفل بزاوية يجلس مع خوفه وحده يبدوا بعالم بعيدا جدا عن الواقع حوله فعبس وجه بهاء وهو يرى كل قصص اخيه عن طفولته أمام عينيه فكيف أمكنه اخفاء كل هذا ليسأل بألم وخوف : ضياء هل كنتُ مثلهم؟

....... ضياء ...

وضعت ذراعي حول رقبته لأسنده عندي : لا تقل هذا أنت كبير .. لستَ

لست مثلهم عجزت تماما عن اكمال كلامي .. ما بهم جميعا؟ وهنا اتذكر كلامي لذلك الطبيب

~اخبرني لو لم تكن طبيبا ماذا قد تقول عن طفل بتلك التصرفات~

بقيت أنظر لهم بتمعن الواحد تلوَ الآخر .. ماذا يقول الجميع عنهم؟ بل هل تقبلت عائلتهم هذا الوضع حتى يتقبلهم الآخرون؟

بهاء كان هكذا لكن أنا كنت صغيرا وقتها ولا أذكر شيئا .. أظن أن نفس الاحباط قد ضرب وجهي فكيف سأغير كلامه؟

لو لم يكن بهاء اخي لو لم أحبه قبل أن يخبرني عنه! .. هل كنت سأتقبله؟ هل كنت لأتركه يصارع نفسه وحده؟

بهاء أغلق على نفسه مجددا يوم شاجرته كالأحمق لو لم يسامحني! .. ماذا كان سيحدث له؟ هل يملكون مهربا من كل هذا في عالمهم؟

كما وصفه بهاء من قبل ~هل جربت أن لا تثق بأحد حتى عائلتك أتعرف الخوف حقا~

أنا لا أعرف .. كل ما عشته مع بهاء لحد الآن ومع ذلك لا أعرف .. أنا لا أعرف

........

اخترقت دمعة مفاجئةٌ خده وهو تائه معهم حتى ايقظه بهاء ملاحظا تلك الدمعة : ضياء أنا أحدثك .. ما بك؟

لم يحتمل رؤيتهم يحاول إيجاد جواب لنفسه ثم مسح تلك الدمعة وابسم مداعبا شعر بهاء ليجيبه عن ما سأل أولا : بل قل أنهم سيصبحون مثلك عندما يكبرون لا تفكر بالعكس سيتعلمون ما لا يفهمون .. ليكون خارقين مثلك

فابتسم بهاء بشكل افضل حتى يرتاح ضياء : نعم لا تقلق
_هاا أين اختفت ابتسامتك من الصباح؟
_آسف كنت متوترا

هنا شخص ما وضع يديه على كتفيهما ليبتعد بهاء بخوف أما ضياء التفت خلفة ليجد سيدة مسنة فابتسمت ببساطة لتقول بصوت مرهق : آسفة لاخافتك لم أقصد لكن وجود من في سنكما هنا مفاجئ ماذا تفعلان؟

فاعتذار لدخولهما دون إذن وكان عندها حق كل من هنا أقل من أربعة سنوات فضحكة لادبهما : حسنا حسنا ما سبب قدومكم لهذا المركز؟

صمت بهاء متشبتا بذراع اخيه ليجيب ضياء بضحكة : بعض المشاكل النفسية لنحلها .. اليس كذلك بهاء
بهاء: نعم

السيدة : نفسية وحسب لا اظن ذلك

ضياء : الأهم من كل هذا أيمكن أن أسأل؟

_لذيهم اضطرابات مختلفة

أجابت السيدة ليستفسرا أكثر فأضافت : توحد .. فرط حرك .. ضعف تكامل حسي ..ضعف ادراك .. تخلف ذهني .. تأخر في اللغة أو النطق .. ومتلازمات مختلفة ..

وبقت تسمي أمراض لم يسمعها بها من قبل فوقفا مندهشين حتى انتهت : هذا ما نعالج بمركزنا ليست بأمراضا حقا ولا هي إعاقة بل مجرد اختلافات بسيطة عنا تجعلهم هكذا .. ولديهم قدرات خاصة

ضياء: لكن لمَ تتركونهم وحدهم إذا أردتم علاجهم؟

بضحكة ردت : إنه وقت أن يفعلوا مايريدون ليعود لتدريباتهم .. لا يجب أن نضغط عليهم

فأخذ ضياء يشير للأطفال بانزعاج من ردها : لكنه يضرب رأسه بقوة وصراخ البعض لم يتوقف وركضهم بكل مكان وفوق كل هذا .. ذلك هناك لم يتوقف عن التلويح بيده بعد

فنظرت لساعتها بهدوء وكأنه أمر عادي : اه حقا بقت بضعت دقائق ليتوقف .. لتريا لمحةً عن قرب معي

فور أن تقدموا بخطوة للأمام تمسك طفل ما بساق ضياء دون أن يلاحظ أنه كان طول الوقت خلفه : ما به؟

سأل ضياء لتنحني السيدة لتحمل الطفل فسبقها ضياء : اه يمكنني حمله أنا؟

وافقت ليرفعه في الهواء لتشرق ابتسامته الطفولية حيث لمعة عيونه الخضراء الفاتحة جمالا امتلك شعرا كأشعة الشمس الذهبية الفاتحة ومازاد مظهره لطافة مد يديه لضياء حتى يعانقه : ما اسمك؟

كان بعمر الثلاث سنوات لذلك سأل ضياء منتظرا جوابا وهو مازال بالهواء لكنه لم يجب ليعيد : أنا أحدثك ما اسمك؟

إنه فقط ينظر له ويبتسم حتى قالت السيدة : لم ينطق بعد .. يعالج مع أخصائي تخاطب .. لكنه ..

لكنه ضم عنق ضياء بسعادة لتضحك بعدما أخفضه ضياء قليلا، فربت على ظهره بسعادة منتظرا من السيدة أن تكمل : لكن يحب معانقة أو لمس أي شيء

فرد ضياء بسعادة :هااا هذا لطيف جدا

واصلت سيرها لترد بجدية : عندما لا تكون فرنا .. سلكا كهربائيا .. زجاجا مكسورا أو أي شيء خطيرا فنعم

بخوف ارتجفت كلماته ليلحق بها : هاا ماذا تقصدين؟
السيدة : لا يعرف الفرق بينهم وربما لا يشعر بالخطر حوله .. أتى من شهر أو أكثر بقليل

في لحظة ما انتبه لشيء ما ليلتفت لبهاء الواقف مكانه بدهشة محدقا بالطفل!! فعاد ضياء عنه بابتسام : بهاء أيمكنك لمسه؟ .. هيا أظنك لم تجرب لمس صغير من قبل .. لا شيء مخيف أنظر هو لطيف جدا

رغم تعجبه من الطلب وخوفه حاول فعل ذلك فهو حقا لم يلمس طفلا من قبل عدى ضياء في طفولتهما، وما إن لمس يده الصغيرة حتى احمرت وجنتيه ليبتسم ليس لأنها اول مرة ليمس شخصا ما دون ان يخاف وحسب

بهاء بسعادة : هذا ناعم جدا .. ليس مخيفا .. يده صغيرة جدا مقارنتا بيدي

سرعاد ما عبس وجهه حين لمس شيئا خشنا بكف يده فإذا به جرح كبير كحرق : اه ما به؟

السيدة : حرق يده حين لمس موقدا ساخنا من أيام
بهاء: مؤسف .. ضياء ربما يمكنني حمله

أخيرا طلب وهو متحمس وحين حاول ضياء إبعاد الصغير تمسك بعنقه أكثر فضمه ضياء ليغيظ بهاء ضاحكا : لا يريد تركي

انزعج بهاء من ذلك ليضحك ضياء والسيدة عليه ثم أكملوا ماكانوا سيفعلون بعد أن استند الطفل على كتف ضياء لينام

شرحت السيدة أن هذا المكان مصمم ليلبي إحتياجات الأطفال، الأرضية ناعمة حتى لا يجرحوا إذا سقطوا، الجدران طرية ومعظمها أوراق يمكنهم تغيرها ببساطة حتى يرسموا فيها، الذي كان يلوح بيده توقف، من كان يبكي ويضحك تبعوه بعد مدة

قالت أنها سلوكات لتخفيف توترهم مما حولهم يلغون بعض الأحاسيس بأحاسيس أخر وما يفعلونه يشعرهم براحة

انهى الطبيب حديثه مع والدي بهاء فعادا عندهم وتبين أن بهاء يمكنه لمس الصغار وجرب ذلك أمامهم

ذلك الطفل كان نائم طوال الوقت على كتف ضياء فأخده لحجرة خاصة دلته السيدة عليها ليكمل نومه بفراش دافئ

كانوا سيعودون بعدها إلا أن ذلك الطبيب وقف بطريق ضياء بضحكة : هاي أنت حافظ على أعصابك .. تحتاج أن تكون هادئا في تعاملك مع اخيك سيشرحون لكما ما عليكما فعله

حدق بانزعاج فهو مازال غاضبا منه : لا تعلمني كيف أعامله أنا من يعرفه

فانخفض عنده ليشير باصبعه لصدر ضياء مبتسما : ستتورط بمشاكل قد تؤذيك قبل أن تؤذيه فانتبه لنفسك .. أراكما غدا

«لحظة هل أخبرته خالتي عن مرض قلبي؟»

قبض على صدره تلقائيا مبتعدا بخطوة للخلف : أنا أعرف ما افعل

ضحك الجميع ليخرجوا، خالته لم تقل شيئا عن مرض للطبيب عندما سألها «إذا كيف عرف؟ اااه طبيب مزعج»

ابتعد المزعج الصغير مع اخيه الهادئ تحت أنظار الطبيب ليبتسم عائدا لمكتبه

«عندما ضم بهاء ضياء أسند رأسه لصدره بدل معانقته بأي طريقة أخرى .. وبهذا ضياء يعاني من مشكلة ما وقبضه على صدره كان دليلا واضحا لأقول أنه

~مريض قلب~

فهذا رد فعل شائع وذلك أكثر ما يخيف بهاء فقد كان يستمع لنبضاته وهدأ بما أن ضياء بخير

~سأدون ذلك .. دائما~

ربما توحد خفيف في الرابعة عشرة .. قصة جديدة تدخل مركزنا ولا ننسى أخويه»

جلس مكانه ليعيد قراءت الملف الذي شكله عن بهاء

...............
فصل آخر لنكمل هذه الزيارة ... لنفتح هذا الموضوع ونتحدث عنه قليلا

هل مر عليكم طفل من هذا النوع؟
نظرتكم لهم؟
هل من موقف جمعكم بهم؟

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top