~المستقبل~

هشام ☝☝😄

.......

_لا أريد ازعاجك .. لكن هل يمكن أن تخبرني قصة السر الذي تخفيه؟

سأل بهاء هذا وقد جلس على سرير بجانبه فتوتر ضياء كليا ليحرج من نفسه وفوقها لا توجد طريقة لاخفاء وجهه فكم سنة مرت كان عليه اخباره فيها ما حدث: "السر! .. حسنا .."

لم يجد مهربا غير الحقيقة في النهاية فطلب أن يرفع رأسه وينظر له وحين فعل ابتسم ضياء :"اخبرني أولا متى يمكنني ضمك بشكل عادي؟"

تفاجأ من سؤاله ليجيب بحيرة :"عشرة أيام أو أسبوعان على الأكثر عندما سيشفى الجرح"

ضياء بتوتر :"بهاء أيمكن أن تنتظر مرور تلك الأيام .. أعدك أني سأخبرك وقتها"

اخفض بهاء رأسه فبالكاد استوعب فكرة أنه يخفي شيئا ما عليه لينتظر أكثر فقطع ضياء تفكيره :"أنت تثق بي اليس كذلك"

اخفى ما بداخله لحظتها، تنهد ورفع عينيه لوجه اخيه مبتسما :"نعم .. لا تقلق سأنتظرك"

مضت اليلة على خير رغم الألم في صدره واطرافه وبهاء ساهر معه يحاول تخفيفه من جهة أخرى سهر الثلاثة لوقت متأخر فلم يلتقوا هكذا منذ أشهر طويلة ليحكوا الكثير من مواقف جامعاتهم

هكذا حل الصباح وعادوا لزيارته حتى يعودوا لمنازلهم ويمضوا عطلة نهاية الاسبوع براحة ليتجهوا لجامعاتهم مجددا

بعد مغادرتهم بدقائق عدة فتحت الباب لتسرع عنده وشعرها البني يتطار وقد لمعت عيناها العسلية فور رويته ليقف بهاء بهلع :"ريم توقفي أرجوك لن يحتمل"

وقفت عند سريره رغم أن ضياء قد رفع يده قليلا لاستقبالها حيث كان جالسا مكانه وببساطة افسدة اللحظة لتجلس على السرير قربه بانزعاج طفولي :"حسنا .. ااه اصبحت انحف بكثير .. كيف حالك؟"

ضمت يده بين يديها ببعض الحزن تتفحص ملامحه المتعبة

ضياء :"لا تقلقي بخير .. مجرد أيام وستمر"
ريم :"آسف لم استطع أن أتي قبل الآن"
ضياء :"لاداعي للآسف ما أخبار جامعتك.."

بما أن حديثهما بدأ فلن يتوقفا قريبا بذلك الوقت دخلا والديِّ بهاء ضماه بشوق يسألان عن حاله وحال ضياء الذي بالكاد وجدا فرصة ليحدثاه

في تلك الاثناء عاد اصيل من عمله مباشرة لغرفة ضياء لم تمر لحظات على اطمئنانه على وضعه حتى نام من تعبه على الكرسي فتركوه على حاله بعدها اتجه والدي بهاء مع ريم لشقة اصيل

بهاء :"طول الوقت يوصيني بالراحة متناسيا حاله"
ضياء :"مازال لا يريد التوقف حتى يحقق ما بباله"

تحدثا بعض الوقت ليستيقظ اصيل تدارك نفسه سريعا ليجلس بوضع جدي مستعدا للحديث المهم الذي جاء لاجله

لحظات ليتذكر ضياء :"حقا قلت أن عندك ما ستخبرنا به بعد العملية"

اصيل :"وذلك ما سأقوله اسمعا.."

~~~~~~~
قبل أسبوعين كان اصيل بمنزل عائلته بعد غياب اشهر ورغم ذلك لم تتوقف اتصالات عمله فدق هشام باب غرفته ليلا ليطلب منه الدخول وانتظاره بعض الوقت

وافق ليجلس ببعض الارتباك بالاريكة حتى انهى اصيل مكالمته واقترب عنده

هشام :"آسف ربما أنت مشغول"

رغم مرور تلك السنوات العشرة هشام مازال أقصر من اصيل حتى وهما جالسان فبعثر اصيل شعر الأصغر بضحكة :"لا شيء بالعالم يشغلني عنكم لا تقلق"

ابعد يده بعدها ليرتب هشام شعره بابتسامة رضى :"تقصد ضياء وبهاء معي"

اصيل بابتسامة :"ومن غيرهما .. حسنا هل تحتاج شيء؟ هل تسير المكتبة بشكل جيد؟"

هز هشام برأسه موافقا قد افتتح له مكتبة صغيرة الصيف الماضي بمناسبة تفوقه فحبه للكتب لم يتغير لينغمس بينها ويشارك ذلك مع زواره أما الآن فيتجه لها كل نهاية اسبوع وحين يعود لجامعته يجعل شخص ما يهتم بها في غيابه قد كانت هذية من اخيه وترك الباقي له ليختار الكتب التي سيبيعها كما يريد

فرد هشام بتوتر :"احتاج رأيك بموضوع ما"
اصيل :"هيا إذا ماذا؟ لا داعي للحرج"

هشام وقد زاد توتره ليشبك يداه باحراج طفيف :"موضوع .. ف .. فتاة"

صفر اصيل ببعض السخرية ليضحك بعدها :"إن كنت تظنني واقفا بطريقك لاني الأكبر فاسترح .. سأتزوج بعد أن أضمن مستقبلك"

رد هشام معارضا لقرار :"لكني بخير تماما .. كما أني أريد الاعتماد على نفسي يكفي ما فعلته لي لحد الآن"
اصيل :"هااا من الصغير الذي كبر فجأة"

ضحك هشام ليواصل الآخر طمأنته ليتحدث بشكل عادي :"هيا إذا اخبرني عنها متى عرفتها أو كنت تواعها خلف ظهري؟"

رفع هشام يديه نافيا كلامه :"لا .. لم يحدث ذلك .. بل وعدت نفسي فقط"

اصيل بضحكة :"وعدت نفسك وإذا هات ما عندك"
هشام :"اعرفها من صغري .. حتى أنت تعرفها اصلا .. فقط ازعجني بعض الشباب الذين يزعجونها بالجامعة ولا أعرف بأي صفة سأردهم عنها فأنت تعرف أننا غرباء بتلك المدينة .. فكرت باخبارك أولا"

قصد المدينة التي يدرسون بها فهو يعود كل اسبوع لمنزله بعتبار أن الجامعة ليست بعيدة جدا

اصيل :"إذا تدرس بجامعتك .. هل نعرف عائلتها؟ .. من تكون؟ .. في النهاية من قد يرفض اخي؟"

ضحك من اخر جملة ليرد :"أنا لا اعرف ردها .. كما أني سأتخرج العام القادم وحتى هي لم تنهي دراستها بل وأقل مني بثلاث سنوات .. مازال الكثير من الوقت لم أعرف ما افعل دون ازعاجها أو صنع مشكلة مع عائلتها"

اصيل :"ذكرتني بضياء لقد حدث عائلة امل دون شيء بيده فقط اعطى كلمة لوالها ولن يحدث شيء حتى ينهي عمليته"

غمرته بعض السعادة لسماع الخبر ثم تذكر شخصية ضياء ليتوتر كيا : "اصيل .. إنها .."
~~~~~~~~~~

ومع سماع هذه القصة انتابهم الفضول ليعرفوها فقال ضياء :"اكمل! من تكون؟ هل نعرفها أيضا؟"

التفت اصيل لبهاء قبل أن يجيب : "حضر بعض المهدئات لأجله"

لم يفهم شيئا ليحدق بضياء :"تكون اختك ريم"

غزا الصمت المكان ليبعد ضياء عينيه عن اصيل بحيرة :"اختي ........ وهشام"

أراد أن يُقلب بعض الأفكار بذهنه، هذا لم يخطر بباله يوما وقبل أن يثور لسبب الذان ظنا أنهما يعرفانه اقترب بهاء عنده فقد فهم أخير سبب طلب اصيل بعض المهدئات لضياء :"أرجوك ضياء لا داعي للانفعال .. لاتقلق .. لنفهم القصة أولا .. لا تنسى جرحك"

فرد ضياء ببعض العصبية من اصيل : "وتخبرني الآن وأنا عاجز على هذا السرير .. من الحمقى الذين يزعجونها؟ .. وفوقها لم تقل لي شيئا .. هذا ليس خطأ هشام لكن اااه"

حاول كتم غضبه من أجل صدره الذي بدأ يؤلم وهو يفكر بخطط لقتلهم فكل شيء إلا اخته، صدما كلاهما من ردة فعله فقد ظناه سيغضب من هشام وتفكيره بهذه الطريقة

بهاء بضحكة :"أهذا كل ما استنتجته من القصة؟"

اصيل :"ببساطة هشام يطلب إذنك ليوقفهم .. اتركهم له .. لكن تعرف.."

ابتسم ضياء ببعض السعادة :"لم اتوقع أن يحدث هذا سريعا .. حقا مازالت صفيرة"

وستبقى صغيرة بعينيه والآن شخص ما يخطبها منه قبل والده أيضا هذا جعله اسعد فكأنه مسؤول بشكل خاص عنها، دمعت عيناه بالفعل وهو يفكر بدخول منزله دون أن يجدها وتاه بافكاره يتخيل حياتها القادمة

رد اصيل بضحكة خفيفة :"يوم قلت أن كل علاقاتك غريبة لم اخطئ مازلنا هنا! .. كما أنه مازال الكثير من الوقت لذلك .. أراد أن أوصل كلامه لك حتى لا تحدث أي مشكلة بالطريق .. وقبل أن تسأل هو لم يحدثها منذ وضعته حارسا عليها في الصغر .. أظنه تعلم الكثير منك والأفضل أن لا تعارض أنت فتحت الباب أمامه"

ضحك قليلا متذكرا أنه حقا من طلب منه حمايتها لكن ماذا قد يقول عن هشام؟ وقد كبر أمامه كصديق رغم دهشته رد كشاب بالغ حقا فوقت الجد سيكون ناضجا :"امهلني بضعة أيام .. حين أعود لمنزلي سأجلس معها بهدوء واخبرها .. القرار راجع لها"

اصيل :"ولا تقلق مهما كان قرارها ذلك لن يؤثر بعلاقتنا معا لكن حاول أن لا تكسر قلب اخي"

ختمها بضحكة خفيفة فرد ضياء :"هاا ليس على حساب اختي لكن طبعا سأحاول"

بالاصل هو أكثر شخص يتفهم شعوره وسيحاول حقا أن يساعده، ابتسم ملتفة لبهاء وكأنها صدمة عمره :"ريم اختنا الصغيرة ستتزوج ما رأيك؟"

بهاء :"كما قلت إنه رأيها .. لكن سيكون الوضع لطيفا لو قبلت"

لم يستطع اخفاء ابتسامته ولا حتى انتظار عودته للمنزل ليسمع جوابها وبين أفكار مد بهاء يده له :"والآن عليك محاولة النهوض لكن على مهلك"

امسك يده موافقا بابتسامة قد تغيرة لحظة تحركه قليلا فالألم يزداد

ساعده اصيل أيضا ليقف ضياء بينهما وذراعاه على كتفهما :"بهاء هذا لا يحتمل"

بهاء:"حسنا .. حسنا"

اعاداه ليجلس وقدماه خارج السرير ليضحك اصيل :"هاا من وعدني بمبارة كرة قدم بعد عمليته؟ .. اسرع وانهوض"

رد بهاء سريعا بجدية فلن يسمح بفعل متهور كهذا :"ليس بعد مضي ستة اشهر على الأقل"

اصيل بانزعاج :"متشائم .. هيا ضياء انهض لنريه ما يمكنك فعله"

اصر ضياء مجددا بضحكة تغيرت لالم فور وقوفه ليجلس مجددا فقال بهاء :"لا ترهق نفسك .. بقاؤك هكذا جيد لحد الآن"

اسندوا الوسائد خلفه ليدلك بهاء قدميه ويحرك مفاصله وحان وقت أن يعود اصيل لعمله بعد هذه الساعة التي امضاها معهما

فتح الباب مودعا لهما ليتفاجأ من صوت بكاء حاد قد كان منخفظا جدا بسبب الباب المقفول أما الآن

_ابي .. ابي ارجوك لا تتركنا

اقشعر جسده من تلك الكلمات ليخرج بحيرة متجها نحو الصوت

كانت قاعة العمليات قريبة بعض الشيء وكل ما رآه ذلك السرير المتحرك الذي يجره الاطباء ليغلقوا الباب الزجاجي الكبير مانعين فتاة المراهقة ووالدتها من الدخول خلفهم انير الضوء الأحمر الدال على أن العملية قد بدأت

اقترب اصيل باستغراب ناحية تلك الفتاة ناويا تهدأت بكائها الهستري على من والدها!!

فلامسته يد من خلفه ليتوقف ملتفة له :"بهاء! .. أتحتاج شيئا؟!"

ابعد بهاء يده ببعض القلق :"ماذا تفعل هنا؟ خرج بسرعة فتبعتك"

عاد اصيل بعينيه لتلك الفتاة التي ترتمي بأحضان والدتها وهي تحاول تهدأتها مربتة على شعرها الفحمي المنسدل

اقترب أكثر ناحيتها دون أن يشرح شيئا لتتسع عينا لتلك السيدة التي ارتسمت تجاعيد الكبر على وجهها رغم اخفائها ببعض مساحيق التجميل لتضم ابنتها أكثر :"ماذا تريد؟ ابتعد!!"

بالاصل لم تعرف  لكن اقترابه كان مريبا وهو يحدق بابنتها فعاد بخطوات للخلف وبهاء لا يفهم شيئا مما يحدث ليتجه معه خلف أحد الجدران ويحمل هاتفه يبحث عن شخص محددا ليتصل له تحت تساؤلات بهاء

رفع الهاتف بأذنه وفورد :"أين أنت؟ .. توقف مكانك وعد هنا"

رد هشام بتوتر :"اصيل! .. لماذا؟ هل حدث شيء لضياء؟"

اصيل :"لا .. عد فقط لا أريدك أن تبتعد الآن"

أراد الاستفسار أكثر ليقطعه اصيل :"لاتقلق سأعيدك للمنزل بالوقت المناسب لاحقا .. فتعال للمشفى"

هشام :"حسنا لم نبتعد كثيرا كنا نتجول .. انتظرني سأتي .. امجد أرجوك توقف"

انتهت هذه المكالمة الغريبة ليرفع بهاء صوته :"قل لي ماذا يحدث؟"

نظر له اصيل باعين مرتجفة :"إنها زوجته وابنتهما .. يعني.."

لم يستطع حتى أن يذكره ليكمل بهاء مكانه :"يعني أن من دخل العملية يكون والدك!"

اخفى دهشته سريعا ليطمئنه :"لا تقلق اصيل سأرى ماحدث وأعود .. أرجوك ابقى مع ضياء"

قال ذلك عائدا لقاعة العمليات ليستفسر الممرظين هناك لكن انتهى به الأمر يحاول تهدأت الفتاة فلم يحتمل بكاءها بعد دقائق اتجه لغرفة ضياء الذي كان جالسا قربه لا يفهم مشاعره فوقف بلهفة لحظة دخول بهاء :"ماذا حدث؟ ما به؟"

اخفض بهاء رأسه ليقترب ناحيته لا يعرف كيف سيوصل ذلك الخبر فجلس مكانه ليتبعه اصيل :"اخبرني"

بهاء :"سرطان الكبد .. بالمراحله الاخيرا"

اصيل :"يعني؟!"

بهاء ببعض الارتباك فلم يصبح طبيبا بعد ليجرب هذا الشعور الغريب :"آسف .. لا أعرف إن كان سيخرج من العملية حيا"

بعد عشر سنوات هكذا سيلتقيه مجددا، ابتعد قليلا ينظر للفراغ بحيرة ليبعد خصلات شعره للخلف تارك يده هناك

لم يعرف إن كان عليه أن يكون سعيدا فها هي الحياة تنتقم لما فعله بهما أو ربما يشفق على وضعه بين الكثير من التناقضات تشوش عقله وبالكاد يسمع كلماتهما القلقة

مضت دقائق عدة لم يستطع التحرك فيها من مكانه ليس وكأنه ينتظر منه استقباله بابتسامة أو أن يعتذر بما أنه على فراش الموت

اصيل اصلا لا يفكر بذلك فهمه الوحيد هو من طرق الباب وفتحها بلهفة وتنفسه المضطرب دل على مجيئه ركضا

بالكاد دخل بخطوة للداخل ليسرع اصيل بضمه له فرد ببعض الدهشة :"اصيل ماذا يحدث؟"

كانت محاولة لتهدئة نفسه لا أكثر بعدها جلس ليخبراه ماحدث ليعلو القلق وجهه :"إذا نهاد هنا .."

تلك الفتاة الصغيرة التي افترقا عنها والتي انقطعت أخبارها بعد أشهر من رحيلهم حين اكتشفت والدتها اتصالها بهما خلسة والآن هي بنفس هذا المشفى

اصيل :"والدتها معها .. لم استطع قول شيء .. كنت متفاجئا أصلا"

رغم أن ضياء يجيد التعامل مع الأصغر سن لكنه عاجز عن الحرك تماما بذلك وقف بهاء :"لا تقلق هشام سأحاول احضارها عندكما .. والدتها لا تعرف من أكون .. وربما نهاد مازالت تتذكرني"

لم يجدا حلا غير ذلك للوصول لها، ستطول العملية حسب معرفته فتنهد ليخرج عندهما ويسأل عن حالهما مجددا

ردت والدتها :"شكرا لاهتمامك .. نحن ننتظر"

حتى لو كذب على نفسه فابتسم يحاول طمأنتها ثم التفت لفتاة بين ذراعيها : "لا تقلقي سيكون والدك بخير وطبعا لا يريد رؤيتك هكذا لذلك توقفي .. وخذي نفسا عميقا"

ففعلت ذلك بين شهقاتها وهي تسمع صوته لا أكثر فهي مازالت بين احضان والدتها، احضر قارورة ماء معه ليقدمها لها :"اشربي هذه .. يقول اخي أننا كلما فكرنا بأشياء ايجابية أكثر تتحقق مهما كان الوضع وإذا فكرنا بالعكس يحدث أيضا فلا تتشاءمي ليكون والدك بخير اتفقنا"

هدأت قليلا لتبتسم والدتها لبهاء وتشكره مجددا في النهاية ابنتها غالية على قلبها تهتم لامرها فواصل بهاء حديثه بعد أن ابتعدت قليلا لتشرب الماء :"ما رأيك أن تعرفيني على نفسك؟"

ليس وكأنها فتاة صغيرة لكن ذلك التعامل اللطيف قد اعجبها لتلتفت مبتسمة له تحاول اراحة نفسها :"أنا نهاد .."

توقفت كلماتها فور رأت تلك الابتسامة والعيون الزرقاء رغم فارق الطول الكبير بينهما :"وأنا بهاء .. سعيد لمعرفتك"

غزا بعض التفاؤل وجهها متذكرة اخويها : "بهاء!؟"

هز برأسه موافقا لتتسع ابتسامتها وتساير كلامه :"وماذا تفعل هنا؟"

فاجابها :"خضع اخي لعملية قبل ايام .. اتعرفين كنت خائفا مثلك هل اخبرك ما فعلت يومها؟"

أرادت أن تعرف ليخبرها :"ذهبت لحديقة المشفى الهواء هناك نقي ولا وجود لكل هذه الضجة فاسترحت ليعود تفاؤلي بعودته هل تجربين؟"

التفتت لوالدتها كأنها تحاول أن تعرف جوابها فهزت برأسها موافقة ثم التفتت لبهاء :"رغم أني لا أعرفك لكن تبدو الطيبة على وجهك لكن .."

قبل أن تجمع شكوكها اخرج بهاء هاتفه :"اكتب لي رقمك هنا .. لن اطيل لكن اطمئني اريد المساعدة فقط"

بذلك لم تقل شيئا كتبت رقمها عنده لتتصل برقمها وتسجله عندها ثم ضمة ابنتها :"استنشقي بعض الهواء وعودي وإذا حدث شيء اتصلي بي اتفقنا"

وافقت نهاد لتسير رفقة بهاء بالرواق حتى اختفيا من بين الاشخاص وتعود والدتها لحزنها فهي مدركت لوضع زوجها

انتهى الرواق ليسلكا رواقا آخر حيث كانت تحق به

نهاد :"أنت بهاء حقا! هل مازلت صديقهما؟ أين نذهب؟"

بضحك بهاء :"بعد لحظات سأجيبك وآسف لكذبي .. وقت عملية اخي فعلت شيئا آخر رغم أن فكرة الحديقة لم تكن سيئة"

أرادت أن تفهم مستغربة كلامه فطلب أن تواصل سيره معه حتى فتح باب غرفة أمام عينيها ليجيبها :"وقتها بقيت مع اخي اصيل والآن هذا هشام معه لأجلك"

لحظة صمت عبرت بتلك الغرفة ليحدقا ببعضهما بدهشة مرت تلك السنوات ليلتقيا مجددا رغم الظروف الغريب، احرجت قليلا لا تعرف ما تفعل فلا هي صغيرة كما كانت ولا هشام بقى بطوله

ارتبكت كليا ليقطعهما ضياء :"هل علينا توقيع بعض الأوراق لتضم اختك .. احمق ماذا تنتظر؟"

قصد هشام ليتقدم عندها مازالت اخته بكل الاحوال فضمها شوقا لتفيض دموعها ففي أسوء لحظات حياتها تجده قربها رغم كل شيء :"هشام .. والدي سيموت .. سيموت حقا .. لم يكن عندي غيرهما بالسنوات الماضية والآن سيرحل"

فقط لأجلها رد بتلك الكلمات :"تفاءلي صغيرتي .. سيكون بخير لا تقلقي"

لكنها واصت بكاءها تحاول التخفيف عن نفسها حتى اقترب اصيل ليداعب شعرها :"لا تقلقي من شيء نحن معك مهما كان ما سيحدث لن نبتعد مجددا"

ابتعدت قليلا عن هشام لتمسح دموعها متمنيتا أن تلتقيهما مجددا فواصلا طمئنتها لتخبرهم ماحدث :"اخبرناه كثيرا أن يتوقف عن الشرب بعد أن اخبره طبيبه عن تضرر كبده وانتهى به الأمر بالسرطان مع ذلك لم يتوقف"

تدهورت صحته لينهار عمله لكنه واصل على أمل أن يعيده كما كان بلا جدوى وفي النهاية أخذ اجرى السموم التي كان يشربها

مع تلك القصة همس بهاء لضياء بجانبه :"إن كان لم يتوقف منذ رحيلهم هذا سيئ جدا .. حتى لو نجى من العملية فلن يقوى على العيش لأيام قليلة"

فرد عليه هامسا أيضا :"لا أعرف بما يفكر به اصيل .. لكن مهما كان لا تترك الفتاة وحدها .. سأكون بخير لا تقلق"

وبعد وقت عادت مع بهاء عند والدتها لينتظر معهما وأخيرا انتهت ليخرج أحد الاطباء وكل ما قاله :"نجحنا الآن لكن آسف كل ماحدث أننا أطلنا وقته قليلا فقط"

تركهم الطبيب في صدمتهما ليسرع بهاء خلفه وكل ما فهمه أنه لن يعيش لأكثر من يومين

استيقظ بعد فترة ليبقى بقاعة الانعاش دون حراك لم يقتربا عندهم فقط إطمئنا على وضع نهاد

لم يستطيعا البقاء أكثر بسبب قوانين المشفى فالليل حل وبدل الذهاب لشقة اصيل وازعاج عائلتيّ بهاء وضياء أخذ اخاه وتجه لمكتب عمله

بعدما شعر اصيل بنوم الآخر حمل هاتفه متصلا بمن يفيده بهذا الوقت :"مرحبا ابي .. كيف حالك؟"

_بخير بني وكيف حال ضياء مساء اليوم
_نعم بخير تماما .. فقط يحتاج وقتا ليتحرك بشكل عادي .. كما أن هشام معي لا تنتظر وصولها
_هاا حقا كنت ساتصل فسبقتني .. جيد اهتم بهم إذا
_ليس بسبب ذلك .. بل .. أنا حقا تائه .. لقد عاد فجأة

لم يستوعب الطرف الآخر كلامه ليشرح ببعض الألم وفي النهاية :"اخبرني ماذا افعل؟"

_حسنا .. أعرف انا الأمر صعب عليك ولا احد جرب ما عشته ليحكم مكانك .. لكن ماذا قد تفعل؟ لن تعيش طول حياتك بذلك الكره داخلك وربما وقت تصفيته حان لتكمل حياتك بشكل طبيعي وتنسى انتقامك قد حققت الكثير لحد الآن .. ويمكنك أخيرا انهاء الماضي

~انتظر فقط يوما ما عندما أراك .. سأجعلك تندم حقا~

~أموت ولا أرجوك~

تلك الكلمات هي ما جعلت اصيل يواصل تقدمه طوال السنوات الماضية والآن وصل ذلك اليوم المنتظر

في ذلك الحين كان بهاء ينتقل بين غرفة ضياء ووالد اصيل ليطمئن على نهاد هكذا حتى حل الصباح ليستعيد وعيه تماما ويحاول النهوض من مكانه متناسيا وضعه

فحدث مالم يتصوره في حياته التي يقول الأطباء أنها ستنتهي خلال الساعات القادمة

وقفا شابان بكل جدية بتلك الغرفة أمام عينيه وبكل تأكيد لم ينساهما

اقتربت نهاد عندهما بسعادة فهما لم يخدلان رجائها محاولة الاصلاح بينهم أخذت يديهما لتجعلهما قرب سرير والدها

ذلك الشخص النحيف المرهق على السرير والهالات السوداء حول عينيه رغم وضعه السيئ عادت سخريته الماضية : "عدتما والآن .. أكنتما تنتظران موتي لهذه الد.."

قطعه اصيل مباشرة :"كيف حالك؟"

انتابته بعض الحيرة لتجلس نهاد قربه :"ابي ارجوك لننسى ما حدث دعنا نعيش ماتبقى معا .. رأيتهم صدفة هنا .. وأرادا رؤيتك"

زوجة الأب: "وأنت صدقتهما ببساطة .. فور سمعا بوضع اتجها هنا من اجل ما سيبقي خلفه"

التفتت لهما ببعض الغضب :"ليس وقت فتح الماضي .. توقفا عن اللعب بعقلها وانصرفا"

كاد هشام يدافع عن نفسه لولا اصيل الذي رد بكل هدوء :"سنكون خارجا إذا احتجتما شيئا"

فضحك بسخرية لرده :"لا شيء سيبقى لكم مني .. اتذكر تلك القضية فلا داعي لوقوفك هنا"

فحدق به اصيل :"إذا لاشيء من طباعك تغير"

_خصوصا جهتكما فاسترح  لقد. عشت براحة تامة قبل رؤيتكما اليوم

بلحظة تغيرة ملامح اصيل لابتسامة : "لم اكن بحاجتك ومازلت كذلك كما ترى فمت كما تشاء الآن ولترى راحتك بعدها بنفسك .. قد تركتنا لشوارع ونحن بعمرها دون قول شيء .. ولن أسمح لذلك أن يحدث لها بسببك .. هذا كل ما أردت اخبارك به"

_لا دخل لك ..

تركه مع رده، امسك يد اخيه وخرج ليسمع صراخه :"مازلت مجرد متشرد عند الغرباء لا تساوي شيء .."

ابتسم بسخرية مع نفسه فهو مدرك لمكانته ولا يحتاج امثاله ليعرفونه بنفسه، بالفعل قد حقق الكثير كلام ابيه امس كان صحيح ليعش برضى وينسى كرهه بالاصل لن يكون موجود بهذه الحياة بعد اليوم

التفت يطمئن اخاه وهما في الرواق : "لا تقلق نهاد ستكون بخير معنا وليذهب حيث يريد من يهتم لكلامه"

هز هشام برأسه لتسرع نهاد خلفهما بعدما ابعدت والدتها عنها فلم تعد تلك الصغيرة حتى لا تعرف الخاطئ من الصحيح لتقف قربهما :"لا تهمني تلك الأوراق كنت انتظر كثيرا رؤيتكما مجددا"

نزلت تلك الدموع حزنا فلا تريد لوالدها أن يموت وهناك من يكرهه ليقف هشام معها يحاول تهدئتها لكنها اكملت :"لا افهم حقا مشكلتكما معه لكنه عاملني بشكل جيد .. يبقى والدي من جهة أخرى"

هشام :"نعم نحن نعرف ذلك حقا .. ولن نفترق مجددا مهما حدث اعدك"

اصيل :"كما قال أنت اختنا في النهاية إن احتجتي أي شيء بأي وقت اخبرني"

هكذا لم يجدا حلا معه ولم يتغير شيء بينهم ليموت ليلتها وبدل الاصغاء لكلام زوجته الجارح وقفا مع اختهما لتسير تلك الجنازة التي لم يدرفا أي دمعة فيها عن الشخص الذي أتيا هذه الحياة بسببه قد غادرها بدون شيء جيد مع أولاده

............
الفصل القادم ربما يكون الأخير

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top