~المستقبل~
2699 كلمة
استعدووووا لصدمات
بإرهاق شديد أخذ يقلّب عينيه الزرقاء إلى ذاك الجسد الممدد على السرير من خلف الزجاج ، إلى تلك الأجهزة المتصلة بجسده ، مازال ينتظر من تلك العيون المرهقة أن تفتح ، القلق يساوره فهو لم يستيقظ بعد رغم نجاح العملية مجددا
أسند رأسه المهموم لذلك الزجاج و مازال نظره لم يفارق ذلك الجسد ، أنبس بصوت متقطع : انبض .. لا تتوقف .. أرجوك
بقي يردد هذه الجملة بهدوء ، حتى قاطعه صوت رقيق من خلفه : بهاء أعرف أن هذا كثير عليك .. أرجوك اذهب لتستريح
التفت ليجد تلك المرأة الأربعينية خلفه لتكمل كلامه : سأبقى معه الليلة
قالت هذا بعد لحظات من خروج ضياء من العملية ومازالت تعيده اقتربت لتمسك يده مترجيةً ذلك : وهل تظنه سيُسرّْ بمنظرك هذا إذا استيقظ .. أرجوك الليلة فقط سأخبرك بأي شيء يمكن أن يحدث
زاد التعب تعبا بعد تبرعه بالدم فقد امتلكا زمرة الدم نفسها وكأن الحياة جعلتهما أخوين في هذا أيضا
أخفض رأسه فكيف له ردها وفي نفس الوقت كيف له أن يتركه : لكن خالتي .. أنا ..
ابتسمت بخفة ناظرة لوجهه : سأكون معه .. ألم نتناوب على ذلك لسنوات حتى وصلنا هنا .. إنه وقت أن تستريح فلا تعاند أو سأجبره على أخذك
قصدت الشاب الذي وقف خلفها ليقول بكلمات جاد : بما أنها طلبت فيجب أن تنفذ
ثم ابتسم أيضا ليكمل : سمح الطبيب بدخول شخص واحد عنده كل فترة .. ادخل أولا وستخرج معي بعدها
بالكاد هو واقف بشكل عادي حتى يواجههم بذلك ساعدوه ليرتدي ملابس وقائية ليدخل عنده وهما خلف الزجاج
بدا وكأنه يعتذر منه لذهابه لكن لا حيلة بيده يعرف خالته إذا ما قالت شيئا ما فلن تهدأ حتى ينفد
ليس لأنها قالت ذلك فقط بل تذكر كلمات أخيه قبل العمليه وكلبه أن لا يتعب نفسه إذا حدث أي شيء له
هكذا اتجها لخارج المشفى ليتقدم الشاب ذو البدلة الرسمية الزرقاء لفتح باب سيارته السوداء
صاحب الشعر المحمر المسرّح للخلف حيث برزت عيونه العسلية الصفراء : هل تجرب أن تأخذنا للمنزل
ابتسم بهاء لينزل رأسه : آسف أصيل لا مزاج لي حقا .. كما أني أريد الذهاب لإقامتي الجامعية
بضحكة ساخرة رد : لو طلبت منه ذلك لطار من سعادته .. إن أردت ذلك فلن أتركك وحدك سيسمحون لي بالمبيت معك صحيح
قد قصد ضياء في بداية كلامه ليضحك بهاء بخفة متذكرا آخر موقف معهم بهذه السيارة : سنحدث بعض المسؤولين لا أظن ذلك ممنوعاً
حدق بهاء لسيارة ليعلق : إذا أصلحتها بعد الدمار الذي حل بها
دخل السيارة مشيراً له بأن يركب وحين فعل رد أصيل على كلامه : وهل سأرميه مثلا بعد كل ذلك الجهد لشرائها
_معك حق
_لا أعرف من الأحمق الذي قبل بإعطائه رخصة سياقة وفي النهاية لام الأشجار المغروسة بأطراف الطريق
بضحكة رد : لو وجدت سيارات بالطريق يومها لما بقينا على قيد الحياة
حدث ذلك قبل شهر يوم أراد أصيل الخروج معهما ليغيروا جو الجامعات والأعمال المتراكمة فوق رأسه لكن أفسد ضياء ذلك بأول فرصة سمحت له بالقيادة
فابتسم اصيل لضحكه وقد انطلقا لوجهتهما فحاول طول الطريق تذكيره ببعض المواقف الغبية التي أوقعهما ضياء بها : على العموم لم تكن أول مرة يفسد سيارتي بها
كتم ضحكاته ليرد : يوم أتيت لزيارتنا بعد غياب طويل تظاهر بالاشتاق ليسرق المفتاح من جيبك وهو يعانقك .. لم تكمل حديثك معي ليرطم السيارة بالحائط
_رغم ذلك ضحكنا من عصبيته .. ليفعل مايريد بها مازلت مصرّاً على عدم تغييرها
_نعم .. ما أحوال العمل؟ كيف استطعت المجيء ؟
أخيراً استراح ليسأل شيئا كهذا فأجابه : لا تهتم لذلك تلك الاجتماعات لا تنتهي
_آسف مجدداً
_كما يقول ضياء دائماً .. الحماقة لا تليق بك
حاول تقليده ليضحك بهاء بخفة لحظات ليسند رأسه للمقعد محدّقاً بسقف السيارة : متى سيستيقظ؟
_ إن كنت أنت لا تعرف؟ فما أدراني أنا
_من يسمع هذا يظن أني من أجرى تلك العملية له .. لم أنهِ دراستي بعد .. متى تفهم؟
رد بفخر : ننتظر طبيبنا أن يتخرج
ثم اكمل ممازحاً : ويبقى السؤال كيف ستواصل دراسته وهي آخر سنة لضياء بالجامعة؟
_ربما سيعود للمنزل وأنا ابقى هنا
_هل نقيم تحديا جديدا على ذلك .. أظنه سيجد عملا ما هنا ويبقى معك حتى تنتهي لن تتخلص منه بسهولة
رد بجدية : وجود عمل بالعاصمة ليس بالأمر السهل خصوصا مع اختصاصه
_ادخل بالمنتصف ولا شيء سيكون صعبا عنده .. تعرف قواعده
_سنرى ذلك
_في النهاية منزلي مفتوح لكم .. إن أراد البقاء
_نعرف ذلك
هكذا حتى وصلا للإقامة الجامعية حيث ركن اصيل السيارة بأحد الزاواية الداخلية أما بهاء فاتجه للمسؤولين طالبا الإذن لمبيته في غرفته وأهم سؤال قابله : ماصلة القرابة بينكما .. هل هو من العائلة او صديقة
كتب جوابه مبتسما ليسلم بطاقته الشخصية لهم هكذا وافقوا ليصعدا للطابق الثاني .. سارا بين الغرف المتقابلة ليخرج بهاء مفتاحا من حافظته وأصيل من خلفه
ما إن فتح الباب حتى عادت تلك الملامح الحزينه لوجهه متذكرا حاله ، كل تلك الامنيات ستتحقق بخروجه من المشفى لكن لمتى سينتظر استيقاظه والعودة لهذه الغرفة التي جمعتهما لخمسة سنوات معا!
أما أصيل لم يستطع كتم تعليقه محاولا تغير الجو قليلا قالها بنبرة متسائلة : أخبرني أنكما تنامان دائما هكذا وسأذهب لأنتحر الآن من النافذة !
كانت غرفة صغيرة لشخصين بها سريرين طاولتين والكثير من الكتب فوقهما قربهما مقعدين وخزانتين ونافذة تتوسط الحائط المقابل للباب وما جعل أصيل يقول ذلك هو رؤية السريرين ملتصقين ببعض
التفت له بابتسامة منكسرة فقد فهم محاولته : الطابق الثاني .. ستتعرض لبعض الكسور بجسمك لا أكثر .. ولن أعالجك فوقها
_لا تغير الموضوع تعرف أنكم كبار الآن لتناما قرب بعض .. أخبرني أنه قبلك أيضا لتكتمل القصة بعقلي
لم يضحك هذه المرة بل حدق به بانزعاج : كان سيدخل عملية لستة ساعة ويمكن أن يخرج ميتاً منها .. كيف تنتظر منه ألا يخاف؟ وأن لا أفعل شيئا مثلا
_حسنا فهمنا توقف وابعد جديتك بعيدا
فغير الموضوع تجنبا لغضبه فما فيه يكفيه : تملكون محلا هنا سأشتري ما نأكله .. أما أنت استرح
ليس بيده حيله ليرفض فلا شهية له لكن وعد أخاه بأن يهتم بنفسه، شرح له الطريق ليصل للمحل وقبل أن يخرج : أبعد السرير من جانبك لستُ ضياءك
رمقه بنظرة غاضبة : ولن تكون
_لو لم أكن كذلك ماكنت لتلتصق بي قبل سنوات
فخرج أصيل ضاحكاً ليلتفت بهاء للغرفة حاول إبعاد السرير ثم جلس بإرهاق
~أكتب لي حين يحدث ذلك~
كانت كلمات ضياء وبذلك أخرج هاتفه الذكي من جيبه ليدخل للمحادثة بينهما : لم أقصد أن لا أرد لكن تعرف ما كان يحدث صحيح
رسم ابتسامة منكسرة ليقرأ تلك الرسائل المنقطعة بهاتفه
*أيقظني ، لمَ تفعل بي هذا كل صباح؟
*رد علي!
*أين الإزعاج في رؤيتك صباحا؟
*فطورك سيء اليوم لو كنت هنا لاختلف ذوقه
*بهاء أرجوووك كفى حماقة كل يوم ليس لأن عندك محاضرات باكراً لايمكنني رؤيتك
«كان يجب أن يؤنبني كل يوم بسبب خروجي قبله دون إيقاظه .. قليلاً ماتلتقي مواعيد دخولنا وخروجنا من الحصص معاً بعد هذه الرسائل اتصل به لاتلقى درساً جديداً منه»
فأخذ يكتب ويديه ترتجف : لا أريد رسائلاً بل أنت هذا كل ما كنت أريده والآن
سقطت تلك الدمعة التي أوقفها لوقت طويل على شاشة هاتفه فواصل كتابته : أرجوك عد بسرعة لقد سقطت الآن .. بل لا تريد التوقف
رفع وجهه محدقا بالسقف لتمطر عيونه بغزارة : طفولتنا مراهقتنا وشبابنا أيضا لا أريد لهذا أن ينتهي .. ضياء
بعد بعض الوقت هدأ أخيراً فليس من المسموح رؤية أي أحد آخر دموعه فمسحها ليتنهد براحة فقد كان سينفجر وسط الجميع بالمستشفى
ما إن فتح عينه وقع بصره على الصور المعلقة على الباب مقابلة له فوقف بابتسامة ليقترب منها محدقا بشخص محدد : لؤي سيبقى بجانبي كما وعدك صحيح
ابتسم بشكل أفضل : لقد أجبتني من قبل .. شكراً لكل ما فعلت
عاد خط ذكرياته لمواصلة الطريق مجدداً : كانت طفولتي غريبةً جداً
.......... بهاء ....
لكن إن كان ضياء إعصار فوضى فأنا كنت أحد كوارث العالم بصراخي وبكائي بسبب أشياء تافهة بنظر الجميع
رسائل لؤي قرأناها جميعا وبقيت احتفظ بها وفي ذلك الأسبوع تشتت بين دراستي طفولتي تعاملي مع من حولي ونسيت قصة اصيل تماما .. واهم ما كتبه لؤي انه بدأ يشك بامي وتصرفاتها عندما أبقى بالمنزل معها وما قالوه عني وعن امي كاد يصدقه لأني كنت امرض أو أجرح بطرق مختلفة دون أن تلاحظ فماذا كانت تفعل امي طول الوقت؟
تظاهر لؤي بالمرض مرةً ليراقبها وهناك ندم ندما شديدا وأعتذر كثيرا لامي .. لانها كانت كأم مثالية جدا رغم تصرفاتي كانت تعتني بي وتحدثني طول اليوم دون أن تمل .. فقط تبتسم وتضحك بوجهي رغم برودة تعابيري وذلك ما رآه بنفسه
مازالت أمي مقتنعةً أني كنت هادئا في صغري ولم ازعجها رغم أن غسل وجهي وحسب كان مشكلةً ناهيك عن الأشياء الأخرى وما كتب وقتها
.... لؤي .......
كنت أحمقا فعلا فأمي لم تنزعج أو تضربني يوما فلما قد تفعل ذلك لبهاء .. رغم رسمك على الجدران .. كسر ساعة الحائط .. جعلنا البيت عائما بالماء عدة مرات من أجل حمامك .. فوضى ألعابك .. صراخك .. حتى عضك لها كان أمرا بسيطا وطلبي الأحمق أن لا نأخذك للطبيب .. امي ردت على كل هذا بابتسامة جميلة .. فلمَ لم الاحظ ذلم قبل أن أشك بها .. آسف لحماقة اخيك
....... بهاء ....
أحيانا أعيد قراءت هذه الاوراق وأحاول تذكر ما كان يحدث علقت بين بعض الذكريات كثيرا .. فلا يمكنني السيطرة عليها .. فهم لؤي أيضا أني لم أكن أبالي بالخطر حولي لأني لا أخاف من النار وزجاج المكسور ولا من أن اسقط إذا حملني لاحظ كل هذا لوجود ضياء معي
الصورة الاولى التي رأيناها معا عندما كنا نائمين بمدخل منزلي ولؤي يضحك فوقنا الصورة التي جعلتني أعود للماضي وأتذكر ضياء علقتها لاراها دائما فقصتها كانت مميزة حقا
...... لؤي ......
حاولنا معك كثيرا لتتحدث بلا جدوى لكن حدث تغيير مفاجئ منذ ذلك اليوم حين فتحت باب منزلي ولم أجدك مركزا معي كما تفعل دائما فبقيت اراقبك بصمت من خلف الباب .. لأنك كنت خائفا جدا من ضياء الذي نائم وهو مستند على كتفك فتجمدت مكانك
بعد فترة أردت لمس وجه ضياء رفعت يدك مترددا تحاول أن لا تخاف وحين لمسته ذهب كل خوفك في لحظة أصلا أول مرة تقترب منه فأنت تهرب طول الوقت من الجميع وتحدث المفاجئة
_ض..يا ..ء
قلتها بصعوبة لأنهدش تماما و أنت تعيد قولها
_ضي ا ء .. ص غ ي ري
~ضياء صغيري~ لم أفهم لما تقول هذا .. أنت لا تحاول اقاضه بل الحديث معه ربما ثم
_ن ا ئ م .. نائم
وكالعادة أنا لا أفهم شيئا ابعدته بهدوء وأسندته للأرض واستلقيت بجانبه وأنت تحدق لوجهه وتعابيره ثم امسكت يديه بتردد
_لس..تَ .. مث..له .. ضياء
مع من تتحدث لا أعرف اغمضت عينيك ونمت بعد لحظات بهاء نام مساء لقد نمت فعلا وأنت تقلد ضياء .. فدخلت بسرعة عند امي لأحضرها وتراكما والاغرب من ذلك بهاء كان يتحدث وقال أن ضياء نائم
تفاجأت كما الجميع لكن هل تتحدث حين لا يوجد أحد؟! المهم أخذت امي صورةً لنا أمام المدخل وبعدها ادخلناكما للغرفة
....... بهاء .......
بعدها اصبحت أفعل أشياء كثيرةً لأن من يفعلها سيضمه لؤي وفكرة أن يضمني اصبحت تعجبني لأنه كان ومازال مكان آمنًا من الجميع بنظري وهذا ما قصدوا بأني أغار من ضياء فلا أسمح له بالاقتراب من لؤي .. استمر الوضع هكذا مع صعوبة تعليمي
كان لؤي يخفي الكثير من الخوف داخله خوف انفجر يوم كان يجب أن يقصوا شعري حين حملت امي المقص وابي يمسكني ولؤي يحاول أن يلفت انتباهي للألعاب ويضحك لكن صرخت وبكيت كما لم أفعل من قبل فأكملوا قصه على أساس أني سأصمت لكن أكملت اليوم بأكمله باكيا ولم أهدا لحظة واحدة لا أكل ولا لعب ولا أحد استطاع فعل شيء
..... لؤي .......
حل المساء وأنت لا تتوقف فأصبحت ابكي معك لأني عاجز كليا وقد تأكدت أن بك شيئا ما .. الكثير من المشاعر فاضت داخلي غضب واعتراض على كونك هكذا فأخذت أصرخ وكدت أضربك : اصمت توقف توقف لمَ أنت هكذا .. أو أن كل ما قالوه صحيح
أخذت أهز كتفيك وقد فقدت أعصابي : هل أنت مجنون حقا أهذا ما تريدنا أن نفهمه؟ اخبرنا لمَ تبكي؟ لماذا؟
اسرعت امي لتبعدني عنك لكن أنت تريد أن تبتعد ولا تصغي لأحد .. احضرت المقص دون أن تلاحظ امي وأخذت أقص شعري صارخا : اين المشكلة في هذا اخبرني .. لمَ لا تتحدث اصلا؟
رميت شعري قربك وأنت تنظر بغرابة ثم أخذت امي المقص من يدي وحاولت تهدئتي بكلامها المعتاد بعض الاطفال هكذا فدفعته : بهاء ليس مثلهم
اقترب صارخا بوجهك : أنا أكره كل ما تفعل والجميع سيكرهك .. خذوه للطبيب لن أهتم بعد الآن
ركضت الى غرفتي لأبكي وحدي مكانك ليس هنا .. ستذهب للطبيب ما سيعالج جنونك هذا .. أردت أن يكون اخي الأفضل لكن انت أسوء من اي شخص حتى رضيع يمكنه أن يتعلم
بعد كل ذلك الصراخ لم أسمع صوتك وأخيرا قد صمت .. هل امي فعلت شيئا ما؟ .. لن أهتم لن أهتم لن أهتم بقيت اردد ذلك حتى فُتح باب غرفتي : امي لا أريد الحديث مع أحد سأبقى وحدي
لكن أنت من دخلت الغرف وأُشعل المصباح لتجدني جالسا أرضا أضم ساقي وأبكي وأنت مع تعابيرك الغريبة : لا تقترب مني
ومع ذلك لم تتغير نظراتك لي : ألا تفهم اخرج و تركني
وبلا جدوى : أصلا أنت لا تفهم شيئا الحديث مع الحائط أحسن
أخفضت رأسي دون أن أهتم لوجودك لابكي مجددا فأنت لن تفهمني مهما قلت .. بعد لحظات شيء ما لامس رأسي : أمي أرجوك أريد البقاء وحدي
رفعت رأسي لأجدك واصدم من ملامستك رأسي بيدك : ماذا تريد أيضا
ألايكفي كل ما فعلته من يوم ولدت أكملت ثلاثة سنوات و نصف ستنتهي هذه السنة قريبا وأنت لم تتغير دم ع لم اتوقف لاحدثك بهدوء : أتفهم معنى أني فشلت؟ .. لو بقيت هكذا أتعرف أين ستكون؟
تحدث تحدث ترجيتك بنفسي كثيرا مع اني اعرف الجواب ذلك : اخبرني ما بك؟ نحن عائلتك لمَ لا تفهم شيئا؟ بهاء .. أرجوك أنا لم أعد أحتمل لقد وصلت لنهايتي .. أرجوك
أعرف أن كل كلامي بلا معنى اشتد بكائي وأنا عاجز كليا : لا أنا ولا امي ولا ابي ولا حتى ضياء أنت لا تعرفنا صحيح على الأقل اخبرني بهذا
فجأة وضعت يديك على وجهي لتمسح دموعي وتقبل جبهتي وما قلته : من أجـ..ـله
ذهلت تماما ماذا؟ أنت تتحدث فأكملت وأنا مندهش
_ستـ..ـعلمه .. ستعلمه
بدأت تقول بصعوبة كلمات مبعثرةً لا أفهمها
_اخـ..وك .. تبكي .. هو .. أحـ..ـمق
هل كنت تفهمني بقيت تعيد هذه الكلمات وأنا صامت مذهول بما يحدث
_ صدقـ..ني
لحظة هذه كلمات .. كلمات امي كلما ابكي .. امي حقا تقول هذا .. أكنت تراني عندما أبكي .. فابتسمت كما لم تفعل من قبل
_ يحـ..بك .هو . كثـ..را
وقبلت جبيني مجددا .. بهاء يقلد امي .. بل يقلدها حقا حملته بسعادة وخرجت من الغرفة اناديها : امي بهاء يتحدث
فلم تتوقف وعندما رايتني ابتسم وسطهم عانقتني وأنت تضحك : اخوك احـ..مق .. اخـ..وك احمق
هذا ما تقوله امي لك عني .. فأشرت لابي فقلت : والـ..دك
وقد مات الجميع من سعادتهم وعندما أشرت لأمي قلت : انا احـ..بك
فانفجرت باكيةً لتضمنا : امي بهاء يتحدث
فقبلتَ رأسي ونحن بن ذراعيها وهناك فهمت كل شيء .. بهاء كان يقلد امي هو قبلني من قبل عندما ذكرت كلمة امي وليس لأنه يقلد ضياء.. ناداني بأحمق كما تقول امي .. ربط شعره حين فعلت امي ذلك لي .. لعب بالماء حين لعبت امي به معي وقال كلماتها لأن امي لا تمل من الحديث معه
دائما ما تقول لنا ~أنا احبك~ وتشير لنفسها .. بهاء يقلب كل كلامه لأنه يقلد وحسب ومع ذلك أشرنا للكثير من الأشياء وهو يعرف أسمائهم والاهم من كل هذا ابتسامته لم تختفي من يومها بل كانت أجمل ما رأيت في حياتي ..
عندما جاء ضياء تفاجأ كثيرا وأصبح يقفز من سعادته فبهاء قال : صغيري ضياء
كما تقول امي له .. كذلك اليوم حين اسندته أرضا لينام لقد قلدت امي أيضا
أخي أصبح يتحدث أخيرا .. ضياء ضحك على شعري كثيرا .. أنا المجنون هنا
..............بهاء ....
شرح بعدها أن امي قالت أني خفت من صراخه فصمت متجمدا مكاني فأخذتني عند لؤي وأنارت الغرفة لأراه وأصالحه وذلك ما تذكرته من قبل أنا رأيت لؤي يبكي من قبل بل رأيته كثيرا في صغري لكن لؤي لم يفعل ذلك طيلت حياتي معه لم يصرخ بوجهي بل كان يبتسم كثيرا لأتعلم وإذا لمْ أفهم يضمني ليقول أنه سيعيد من جديد
لم يمل أو ينزعج من كل أسئلتي كتب الكثير من المواقف الغريبة فالكثير من الكلمات فهمتها بطريقة مختلفة فمثلا
...... لؤي ......
أصبح يمكنكما انتظاري خارجا أمام منازلنا وكلما يراني ضياء يأتي راكضا عندي فيتبعه بهاء وهكذا حتى يوم ركض ضياء ليصل عندي لكنك سقطت أرضا وجرحت ركبتاك أخذت ضياء وتجهنا عندك فوقفت لتضمني وكأنه لم يحدث شيء ابعدتك لأنظر لضياء وأخبره أن ينتظرك وأن لا يتركك خلفه فعتذر لاعود لبهاء : هذا مؤلم صحيح
فرد : مؤلم
ابتسمت لاخبرك اننا سنضمده بالمنزل ولن يؤلمك لكنك بقيت تبتسم وتنظر لجرحك وتعيد : مؤلم .. مؤلم .. هذا مؤلم
بل أنت لا تتالم حقا فبدل الجروح أصبحت تقول مؤلم لكن هذا أفضل من أن لا تنتبه أمي لك : نعم اخي هذا مؤلم
.......... بهاء ..
استمر هذا الوضع لوقت طويل وهو يحاول تصحيح كلامي واقنع الجميع بأني لا أحتاج طبيبا فقط سأتعلم لقد نجح بصعوبة في تلك السنة واستاذة الفزياء ساعدته كثيرا كتب ما قالت امي يوم رحلنا وعلى أنه ضم ضياء وبكى كثيرا قبلها حتى يودعه وأهم ماكتبه وقتها
.... لؤي .....
رغم بكائي وتركنا لضياء .. انتبهت لشيء واحد .. كانت أول مرة تقول شيء وتقصد آخر وتفهم أنك فعلته .. لم تكره ضياء بل أردته أن يأتي معنا فقط .. لم أفهم كيف أتيت بهذه الفكرة التي أربكت ضياء وجعلته يبكي .. أنا حقا آسف مازلت انتظر اليوم الذي سنعود فيه لضياء .. كيف اصبح؟ وما حاله؟ هل مازال يتذكرنا؟ هل سيعرفنا؟ اريد رؤيته جدا .. واتمنى أن يقرأ هذه الكلمات .. ضياء يستحيل أن ننساك
.......... بهاء ....
فرحلنا لتبدأ رحلتي مع المدرسة وكيف علمني توجد الكثير من القصص التي لم أنتبه لها وانتهى الأسبوع وقصص لؤي لم تنتهي وفي الليلة امتحان المسابقة .. أتت امي .. تلك الام التي تراني كابنها فقط
****************
انتهى الاسبوع وصل وقت المسابقة ماذا سيقدم الجميع بها .. مازال ذلك التحدي قائما .. ...
بين الماضي و المستقبل تعليقاتكم
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top