*الدعوة*
خرجت ليلا من غرفتها متجهة للمطبخ لتشرب بعض الماء في طريقها انتبهت لضوء من غرفة بهاء فصعدت الدرج مغيرةً وجهتها لترى ما يحدث
حين فتحت الباب ابتسمت مباشرةً من منظر بهاء النائم مسندا رأسه لمكتبه والأوراق حوله من كل جهة حتى انها تبعثرت أرضا فتقدمت لتلمها ثم وقفت تحدق بها
«كتابته المنظمة مازالت .. اهتمامه بالدراسة والمراجعة كما هو .. فماذا تغير إذا»
جلست على سريره لتمد يدها لرأسه محاولةً ايقاظه بصوت هادئ : بهاء .. بهاء انهض لفراشك واكمل نومك
فرد مغمضا عينينه نائما : أريد أن أدرس
كتمت ضحكاتها : ولمَ تدرس؟
مازال على وضعه : لن أخبرك .. أحمق
«تحدث ضياء في نومك أيضا» ذلك ماكان يفعله حقا لتضحك : أنا امك استيقظ
_امي!
فتح عينيه بعدها ليجلس مكانه محرجا : امي آسف لم أنتبه .. لم اقصدك
بضحكة : ولن تخبر امك لمَ تدرس بهذا الوقت من الليل
توترا باحثا عن جواب ليخلط كلامه فقطعت ذلك بابتسامة : لابأس هيا إلى سريرك
مع تلك الابتسامة نهض ليجلس بجانبها طالبا ان لا تخبر ضياء فأضاف بعد موافقتها :لدينا امتحان غدا .. هي مسابقة بين طلاب المدرسة وقد شاركنا فيها
_حظ طيبا .. يبدو أنك درست كثيرا لذلك لا تقلق
ابتسمت لها ليأخذ يدها بهدوء لوجهه وستند لها كما لم يفعل من قبل : ما بك؟
_أريدك أن تبقي معي قليلا
ضمته لتمسح على شعره بلطف : أنا معك .. ألا يمكنك أن تنام؟
بضحكة خفيفة رد : أريد أن أدرس سأنتهي قريبا وأنام
_حسنا
_امي
_ماذا؟
«لا تبتعدي عني مجددا» فغير كلامه ليغمض عينيه براحة بين ذراعي والدته : لا شيء .. أنا أحبكِ
بضحكة : أتعرف أن هذا أول ماقلته لي عندما تحدثت في صغرك
تظاهر بعدم معرفته بذلك ليرد : حقا! وماذا أيضا؟
_كنت تنادي لؤي بالأحمق كثيرا
_هذا ماتنادونه به جميعا
_نعم .. لذلك
لحظات ليغو الهدوء المكان فبهاء عاد لنومه بسرعة «تقريبا لم تجلس معي هكذا من مدة طويلة»
_لمَ انت هادئ دائما هكذا؟
قالتها والدته لتكمل بنفسها «لا تعرف كم افتقد بقائك معي .. بهاء متى ستخبرنا مايحدث؟»
.................
فتح عينيه بسبب نداء هادئ عليه لينتبه على نفسه ويتذكر جلوس والدته قربه : امي
_ هل نمت جيدا هكذا؟
لم تغير مكانه طول وقت نومه فوقف بقلق مكانه : آسف امي أنت بخير
بابتسامة : نعم بخير
تذكر امتحانه ومراجعته التي لم تنتهي ليتوتر كليا فالتفت حوله ليجمع أوراقه لقد نام من تعبه لكن لم يكن من المفترض أن يحدث ذلك : كم الساعة؟
وقفت والدته جواره لتأخذ يديها لوجهه حتى يركز بعينيها : من تظنه كان يوقظكما كل صباح أيام امتحاناتكما؟
«لؤي هل امي كانت توقظك لتوقظني»
نظر باستغراب لها لتكمل : مازال عندك وقت راجع بهدوء وركز في امتحانك لا تخف لتجيب بشكل صحيح
_حاضر
قبلت جبينه بلطف كما كانت تفعل : أريد علامةً جيدةً اتفقنا
فابتسمت بتفائل بعد أن ضمها : اعدك امي
_ حسنا انا انتظر ان يتحقق .. سأحضر فطورك واحضره لك فاسرع لدروسك
_حاضر
خرجت والدته بسعادة لتحضر فطوره أما هو جلس ليدرس، مازالت ساعة حتى يصل موعد خروجه وذلك مايكفيه لينتهي
_امي شكرا
بعدها كل ذلك خرج لينتظر ضياء كالعادة فاسرعا للحافلة ليجلسا بجانب بعض ووقت ان يعرف ضياء بحقيقة ما كان يحدث فقال بهاء ببعض التوتر : ضياء اسمعني لا تخف ولا تقلق اهدأ وانصت لما اقول
_هااا ماذا؟
بابتسامة سخيفة مترددا في حديثه : المسابقة التي شاركنا بها .. امتحانها اليوم
رسم نفس الابتسامة السخيفة التي على وجه بهاء ليرد : و المطلوب؟!
لم يغير تعابيره : لا شيء!
ابتلع ريقعه ليرد بكلمات متقطعة : تعرف أن قلبي .. يمكن أن يتوقف .. بسبب الخوف
_آسف أنا لا أمزح
فخطف لون الحياة من وجهه بلحظة : امتحان اليوم .. عندنا امتحان اليوم
وقف يصرخ مكانه بخوف ليستدير الجميع له بين لوم بهاء وصراع مع نفسه واصل انفعاله : أحمق واليوم تخبرني ماذا سأفعل؟ لا داعي لأدخل .. هو متحان عادي أصلا .. بهاء ماذا افعل؟ هااا لمَ لم تخبرني؟ .. بل لمَ شاركة اصلا؟ لحظة أنت من طلبت اااه
نظر له متأسفا : أرجوك توقف .. قلت أنك تثق بي اليس كذلك
«أدخلت الثقة بقلبي وقلنا لابأس أما الآن» رد بانزعاج محدقا به غير مكترث لمن حوله : مادخل الامتحان بك أنا من سيجيب وليس أنت .. ستكون آخر مرة تخدعني بها لن أسمع كلامك مجددا
عاد للجلوس مكانه مكتفا ذراعيه بغضب أما بهاء قال بهدوء : حين ينتهي الامتحان أعد كلامك إن استطعت
بطرف عين حدق به : تتحداني بدل أن تعتذر ما هذا؟
_آسف لم أقصد
_أنا الأحمق الذي لم أسأل عن التفاصيل
_نعم .. وكل ما عليك فعله هو التركيز في الحل وحسب
مع كلمات بهاء الصريحة كاد ينفجر ليضرب رأسه بظهر المقعد الذي أمامه : لا أملك أي فكرة عما سأكتب .. إذا لا توجد دراسة اليوم؟
_نعم .. آسف
_لا أحتاج اعتذارك
بعبوس : ستفهم كل شيء اليوم .. ضياء آسف
«ااه أفكاره ستجلطني يوما ما»
وصلا للمدرسة فوقف ضياء مكانه بانزعاج أما بهاء لم تتغير نظرات الأسف وجهه فما كان من ضياء سوى أخذ يده للخروج قائلا بابتسامة : غير نظرتك هذه أو لن أسامحك والأحسن أن تتفوق بهذا الامتحان ولا تنتظر شيئا مني
فابتسم اخيرا : حسنا
دخلا المدرسة ولا وجود لنصف طلابها فبماذا أقحم ضياء نفسه بالكاد اجتاز امتحان المشاركة ليدخل امتحانا لم يعرف بموعده
هكذا دخلا الحجرات ليجلس ضياء مكانه حسب القوائم التي صنفتهم بطريقة جعلت بهاء بفوج آخر، فوضعت أوراق الامتحان أمامه
........ ضياء .....
لا أعرف ما أكتب .. هذا مخيف حقا .. قلبت ورقة الامتحان وعقلي مشتت تماما سنبدأ بالرياضيات
اااه اشعر أني سأبيت بالمستشفى اليوم .. لنجرب حلها يجب أن اهدأ وأركز
أخذت نفسا عميقا كما طلب بهاء ونظرت للاسئلة .. التمرين الأول اممم اممم هذا درسناه سابقا يمكنني أن أحل البعض منه والتاني امم من الفصل الماضي حسنا .. وهذا الثالث لحظة رأيت هذه الاسئلة من قبل
أخذت أتذكر .. بهاء أعطاني تمرينًا محلولةً من قبل بل الكثير منها هذا أحدها أخبرني أن أعيدها كثيرا وأحفظها هاااا و نصف الرابع أيضا .. أحمق خارق كأنه من وضع الامتحان أنا منبهر حقا .. اخي عبقري
الاستاذة: مرة نصف ساعة و تبقت ساعة
هاااا لأسرع سأبدأ بما أجيده .. حللت وحللت بعده راحة قصير لم يسمحوا لنا بالخروج ليبدأ امتحان آخر
الفزياء كالامتحان السابق .. يوجد تمرين حله بهاء سابقا أو لنقل يشبه ويمكنني حل بعض مما تبقى وهكذا حتى انهينا امتحانات الصباح فخرجت أبحث عنه ولم أجده بين الاخرين
حقا ضيق الجو لا يناسبه .. طبعا سيذهب خلف المدرسة وكان هناك مع أوراقه يراجع بتركيز فجلست بعيدا أراقبه .. لن ازعجك
بعد مدة دق الجرس للغداء لكنه تائه تماما .. فذهبت بهدوء عنده وهو مركز مع أوراقه فعانقته من الخلف لاينتبه لي : وقت أن تأكل .. لمَ تجلس وحدك؟
بابتسامة رد :ضياء ..كيف كان الامتحان
_سأثق بأخي دئما لقد فهمتك
_جيد لنتناول الغداء ونكمل ما تبقى
ابتعدت لنذهب للمطعم ونلتقي الآخرين .. جلسنا بطاولة معا ويبدو أن الجميع متفائل
عدنا مساء للمتحان اللغة الاجنبية الذي لا اجيدها مهما فعلت .. كتبت بعض الأشياء في الورقة وامتحان العلوم الطبيعية كان لابأس به خرجت لأنتظر بهاء بالدرج وهناك أسمع كلاما غريبا حقا من شخصين خرحا من حجرة بهاء
_رأيت صاحب العيون الزرقاء الذي كان يجلس بالخلف
_اه طلب الكثير من الأوراق الإضافية من يكون؟
_ذلك من تحدى اصيل كما أخبرتك يومها
_إذا هو! فهمت لمَ الجميع يتحدث عنه سيكون اضحوكة المدرسة يوم النتائج
وأنا أسير خلفهما أخذت أحدهما وألسقته بالحائط شادا على عنقه بقبضتي أنهما يتحدثان عن بهاء
فحدقة به بغضب : اشرح كل ما كنت تقوله
رد بخوف كأني أهتم له : ضياء من أين أتيت؟
_أنا أسمعك .. تحدث
وأخذ يخبرني ماحدث يوم غبت .. بهاء تحدى المدرسة بهذه المسابقة وقد فهمت أنه يريد من اصيل أن يتبعنا وأنا أقول أين اختفى طول الاسبوع ولم يفعل شيئا لنا .. تركتهما لأبقى في حيرتي بهاء لم يخبرني لماذا؟
انتظرت حتى انتهى الوقت المخصص للامتحان وتجهت لأجده جالسا ينتظر خروج الجميع ناديت عليه لينتبه لي وتجهت لأقفت أمام مقعده بابتسامة قلت : كيف كان الامتحان؟
فرد وهو يلم أغراضه مبتسما : جيد
_لم تلعب به صحيح
_طبعا
فقلبت وجهي كليا من أجل اصيل يدرس طول الاسبوع دون توقف ليلا والآن اجاب ببساطة بشكل جيد على هذا الامتحان الغبي : ولمَ لم تخبرني عن تحدي المدرسة؟
فنظر لي بتوتر واحرج : ضياء يمكنني أن أشرح .. أنا آسف
_للمرة الألف الاعتذار لا يمحي شيئا
استدرت غاضبا لاسير طريق لكن لحق بي : كنت أعرف أنك ستسمعهم لم يتوقفوا عن ضحك طول الوقت
ماذا؟ التفت له بقلق لأمسك كتفيه : أنت بخير؟ لم يحدث شيء لك اخبرني
بابتسامة : نعم لاتقلق .. انتظر فقط
لحظة المفترض اني غاضب منه اااااه دائما مايتحمل كل شيء وحده فهدأت أصلا ماذا يمكنني فعله إذا بقيت غاضبا : لنخرج توجد قصة خلف اصيل سأخبرك بها بما أن خطتك انتهت
_هاا قصة ومتى عرفتها؟
_حين كنت تنام وقت الغداء وهشام يحدثني بالحجرة
_إذا تعادلنا
...................
طول الطريق وضياء يحكي قصة هشام واصيل بوالديهما وماحدث بماضيهما وأنه لم يرد افساد تركيز بهاء على دراسته فاخفى ذلك لحد الأن
بهاء : إذا قد تأثر بوفات امه وعدم اهتمام والده إضافةً أنه يحمله خطأ وفات والدته لهذا يكرهه ااه هذا صعب
_و اظنه ابتعد عن هشام ليعتمد على نفسه ويكون هشام كما الان
_وبقيَّ وحده دون أن يساعده أحد وإذا ساعدناه سيعود للطريق الصحيح لكن كيف سنصلح علاقته بوالده نحن لا نعرفه
_لنفكر
دخل بهاء لمنزله متعبا واخيرا سيتمكن من النوم براحة ففعل ذلك بعد أن حدث والدته بعض الوقت
مر يوم على المسابقة بشكل عادي حيث عادا لعادتهما في السير صباحا للمدرسة بعد ايصال اخت ضياء لمدرستها لكن مازال ضياء منزعجا قليلا من إخفاء بهاء قصة التحدي الذي اقامه لأجل أكثر شخص لا يطيقه
في اليوم التالي مساء وقف الأستاذ قرب مكتبه رافعا صوته : تم تصحيح امتحان المسابقة وغدا ستوزع النتائج لكن الآن
حمل الأستاذ ثلاثة أظرفة بيده ليضيف : هذه دعوة لأولياء من تحصل على ممتاز وكما ترون يوجد ثلاثة في فوجكم ولنبدأ بأمل طبعا تفضلي
امل بابتسامة : شكرا
الأساتذ : كالعادة واصل تقدمك .. ننتظر نتيجة كهذه في امتحانكم النهائي
اعطى الظرف التاني لطالبة اخرى مشجعا لها حتى تتقدم ثم وقف مكتف يديه ببعض الحيرة : لا أعرف كيف وقد تندهشون مثلي لكن مجرد شهر جعله من المتفوقين
وقف جوار مقعد الطالب الثالث فانتبه لنظرات ضياء القاتلة نحوه فقد كان نفس الأستاذ الذي ابعده من قبل حتى لا يلمس بهاء فرد الأستاذ عليه بابتسامة : تكون لبهاء كن كأخيك وتوقف عن افساد الحصص
وقف ضياء مكانه مندهشا ليأخذ بهاء دعوته «هل هذا ما أرادني أن أنتظره؟»
رفع يديه في الهواء مسفقا بسعادة وفخر لتتبعه امل بذلك والأستاذ أيضا مع بعض الطلاب من الصف : هذا مذهل اخي
في جو السعادة ذلك ابتسم بهاء مشيرا لأذنه تحت انظار ضياء ليلتفت للآخرين بغضب خلفة : من طلب منكم التسفيق؟ توقفوا
نفذوا ذلك ليتدمروا : حتى هذا لا ينفع معك
توقفت امل والأستاذة أيضا ليقول الأخير : بهاء ننتظر نتائج أفضل كل مرة وشرحا لما كان يحدث من قبل
بهاء: درست أكثر فقط
امل: بهاء متشوقة لرؤية نتيجتك
بهاء: شكرا
عصام رفيق اصيل من الخلف بضحكة خبيثة : كلنا كذلك ومستعد لأضحك بقيت الأسبوع
رمق ضياء بنظرته المعتادة اتجاهه : انتبه أن لا تبكي إذا
ببساطة سيوصلون الخبر لاصيل أما الأستاذ : ضياء اجلس مكانك وتوقف عن تهديدهم
ضياء: حسنا
هكذا انتهت الحصة ليتجه ثلاثتهم الى حجرة رائد والتقو بنادين في طريقهم ليسألوا عن الدعوات فور وصولهم فرفع رائد دعوته في الهواء بفخر ضاحكا : طبعا لن يهزمني احد
ضياء: انسى ذلك سترون قدرات اخي الخارق
بهاء بضحكة: توقف عن المبالغة
امجد بضحكة: أنا وضياء بصف واحد حقا
نادين: أنا معكما
بذلك تم دعوة شخصين أو ثلاثة من بين الأفواج الأربعة لسنتهم فتساءلوا عن حال هشام الذي كان طول الأسبوع يدرس رفقتهم فقرروا النزول عنده
وصلوا لحجرته ليجدوا كل الصف حول هشام وهم واقفون أمام الباب
امجد: من هذا المنظر فقد تم دعوته
ضياء: هل نبقى هكذا أو نناديه؟
بهاء: ضياء اخرجه من بينهم أظنه منزعجا
نفذ تلقائيا ليدخل بسرعة قائلا : ياصغار افتحوا الطريق
بالكاد ابتعد شخصين فانفجر غاضبا ليصرخ بأعلى ما يمكنه : أيها الحمقى الاتسمعون ما اقول .. ابتعدوا عنه حالا
فصمت الجميع ليفتحوا طريقا بينهما فقال ضياء بابتسامة وكأنه لم يفعل شيئا : هشام نحن هنا
قبل أن يرد تقدم ضياء عنده ليأخذ يده حتى يخرجه من بينهم ثم التفت لهم بانزعاج : اذهبوا لتفعلوا شيئا مفيدا احسن من اللعب بهذه الطريقة
احدهم: هاا من تظن نفسك؟
جعل وجهه بمحادات وجه المتحدث ليرد محدقا بعينيه : شيء لا يعنيك .. هل من مشكلة؟
تجمد الفتى مكانه ليكملا الطريق حيث وجد اصدقاءه بالرواق ليسألوا عن حاله وبطبع قد تم دعوته ليتحدثوا عن حفل التكريم غدا
هكذا أصبحوا يمضون وقت راحتهم معا ليخرجوا من تلك المدرسة ويفترقوا عند بابها
..............
وصلو لمنزليهما وبدل التوقف ضياء بمنزله اكمل الطريق مع بهاء : سأكون معك لن أفوت اللحظة
وافق ليدخلا المنزل وأول مافعله بهاء هو المنادات على والدته ليسئل : امي لقد عدت هل ابي هنا
فرد والده مناديا من صالة الجلوس بضحكة : نادني أولا لمَ لا تفهم؟
اسرع للمطبخ أخذ يد والدته ليتجها لصالة ويجلسها بجانب والده فنزع حقيبته باحثا فيها ليخرج ظرف الدعوة ويقدمها لوالده : تفضلا لم أفتحها بعد يمكنكما قرائتها
فتحا والده بندهاش ليبدأ قراءتها
الاب: دعوة
ضحكة بخفة ليكمل : يشرف مدرستنا دعوة أولياء طلابنا لحفل تكريم المتفوقين في مسابقة بين المدارسة
نظر لبهاء المبتسم ليكمل في دهشة : وبينهم ابنكما الطالب بهاء وهذا لتحصله على علامة امتياز .. ونحيطكم علما أن أصحاب أعلى ثلاث نتائج لكل مستوى يمكنه أن يصل إلى نهائيات المنافسة ليمثل مدرستنا لينافس المدارس الاخرى .. نتمنى حضوركم
الام بدهشة : بهاء يقصد ذلك الامتحان صحيح
بهاء بابتسامة: نعم
الاب بنفس الدهشة: تحصلت على ممتاز فيه حقا
بهاء بابتسامة: نعم
فوقفت والدته بسعادة : هذا حقا مذهل كيف؟ بهاء اعرف انك ذكي لك ..
اقتربت لتضمه ستموت سعادةً : هذا مذهل جدا
بهاء: شكرا امي
الاب: هاا سنحضر غدا احسنت عمل جيد
واخيرا عادت نتائجه ليلتفت والده لضياء الجالس بصومة وكأنه فخور بانجازه : ضياء ماذا عنك؟
ضياء: حتى في احلامي لن اصل لبهاء
ابتعد بهاء عن والدته قليلا ليضحك : ألم تقل ستنافسني؟
ضياء بانزعاج: اخبرني بموعد الامتحان ثم تحدث
بهاء: حسنا اصمت
رد بنزعاج عليه ثم التفت لوالديه مبتسما : امي ابي سأنتظركما غدا مساءا على الساعة الثانية يبدأ الحفل
الام: سنكون هناك .. اسعدتنا كثيرا
«لو مازلت صغيرا لما توقفت عن ضمك و تقبيلك»
ورغم قول ذلك بنفسها رد بهاء : مازلت في الرابعة
فقبلت رأسه لينادي عليه والده وحين اقترب ضمه والده مربتا على ظهره : حسنا ياصغير واصل هكذا ستموت إن انخفض مستواك مجددا
بهاء: حاضر ابي
قال ذلك وقد اعتذر كثيرا بنفسه
من جهة أخرى هناك من ذخل منزله بملامح حزينة متجها لصالة المكان الذي من المفترض ان يكون منزله : خالتي
لحظة مناداته وقفت إمرأة اربعينية متوسطة الحجم ، عيناها سوداوتان غائرتان في جورة عميقة، لها وجه شاحب، يتوسط ذقنها شامة كبيرة ، و شعرها المجعد الأسود ، لتشبه بذلك الكَهنة ، لكنها كانت تخفي كل ذلك تحت قناع المكياج وقفت لتقاطع كلامه دون أن تكترث لما سيقول : هشام اخيرا أتيت سأخرج مع نهاد لنتسوق كن مهذبا
نهاد كانت اخته من والده ابتسم لها واكمل مسيره دون قول شيء غير : حاضر
«إن كان والدي لا يهتم فماذا سأنتظر منكِ؟»
ِترك ذلك الظرف فوق الطاولة بعد خروجهما وذهب لغرفته ومهربه الوحيد من جو المنزل الخانق ليستلقي على سريره
«أعرف أنه لن يأتي أحد كالعادة»
حدق بالسقف وصورة بهاء وضياء وعلاقتهنا لا تفارق ذهنه
«ماذا افعل؟ ماهو الحل لنكون مثلهما؟ لاشيء افعله بهذا المنزل وحدي ااه لنتسلى ببعض الكتب لايجب أن أبقى هكذا على الأقل يمكنني أن ابتسم مع نفسي .. هيا عد ايها التفاؤل»
هتف بنفسه ليتغير مزاجه ويحمل أحد كتبه لم تكن كتب المدرسة بل كتب علمية وثقافية اضافة الى رواية عالمية كانت هوايته منذ الصغر ان يلف الكتب حوله ويقرأ حتى يغفو وينام وما إن جلس مكانه حتى فُتحت الباب فجأة ليقف اصيل هناك
فنظر له هشام بطرف عين دون أن يحرك ساكنا : على الاقل اطرق الباب
رفع تلك الدعوة في الهواء بسخرية : سنرى من يفوز غدا وسترى ذلك الغريب الذي من المفترض أن يكون صديقك وما سأفعل له اوصل له كلامي
دون أن يغير ملامحه رد : توقف عن ازعاجه
اصيل بسخرية : وماذا ستفعل إن رفضت
عاد بنظره لكتابه متجاهلا امره : إن انهيت كلامك يمكنك أن تخرج لا أريد اضاعة وقتي
اصيل: سأكون هناك لأضحك
قال ذلك ليقفل الباب ويخرج
«مزعج جدا لكن هذا اخي ولننتظر ما سيفعل بهاء بك»
..............
وصل اليوم الموعود لتلك النتائج فدرسو بشكل عادي صباح حتى وصل وقت الحفل
اجتمع الكثيرون بقاعة كبيرة ذات مسرح في المقدمة وسطفت مقاعد كثيرة وراء بعض ليجلس مسؤولين من الادارة مع الأساتذة في المقاعد الأولى يليهم أولياء المدعوين ثم معظم الطلاب ممن أرادوا حضور الحفل ضمنهم المتفوقين
اختار اربعتهم الجلوس بصف واحد بجانب بعض لتجلس امل نادين وهشام بالصف الذي قبلهم ليستطيعوا سماع حديث بعض
بدأ التقديم لهذا الحفل ببعض الاغاني الهادئة من تقديب الطلاب وكل مرة يقدمون مجموعة من النائج للمشاركين
كانت نادين بأواخر أول مجموعة فنادى عليها المقدم لتصعد للمسرح و تستلم نتيجتها ثم عادت لمقعدها جوار امل تحت تسفيق بعض الطلاب
امل بحماس: نادين كم نتيجتك
نادين بضحكة: ليست بشيء المميز
ففتحت الظرف لترى ورقة نتائجها : 80% كان صعبا
رائد من خلفها : لابأس واصلي تقدمكِ
ردت عليه ملتفتةً للخلف بابتسامة : شكرا أظن أن الأول أحدكم بتأكيد
امل بضحكة: سنرى ذلك اليوم
عادت الأغاني لتليها مجموعة اخرى من النتائج كان ضمنها امجد ليهزه رائد الذي يجلس بجانبه : امجد .. امجد حان دورك.. هيا اسرع
كان حماسه واضحا ليقف متجها نحور المسرح ويعود بسرعة وفي طريقة كتم ضحكاته بحرج بسبب صديقه الذي مازال يسفق واقفا وحده بينما الجميع توقف وحين وقف بجانبه خطف رائد الظرف من يده ليفتحه بلهفة في حين امجد جلس مكانه
رائد هاتفا بسعادة : 77% هذا صديقي احسنت
ثم اضافة ضاربا رأسه ممازحا : لكن عليك ان تهزم نادين المرة القادمة اتفهم
امجد محاولا اخفاء ابتسامته : اجلس مكانك فقط
رائد محدقا بوجهه : ماهذا التعبير انت سعيد اعترف
فرد بسخرية مشيرا برأسه لبهاء : المهم سنراك تهزم اليوم على يد احدهم
ضحك ضياء موافقا ليجلس رائد مكانه بانزعاج فدائما ما يعكس امجد كلامه : المفترض أن تقف معي لا ضدي
امجد بتفاخر : نعم سأكون معك حين تخسر فلا تبكي
رائد زاد انزعاجه : اخطأت حين أردت تشجيعك
امجد بانزعاج ممازحا: تعلم من اخطائك إذا
مع ذلك الصراح بينهما ضحك الجميع عدى بهاء الصامت التائه مكانه حيث كان جالسا بجانب ضياء وبالجانبه الآخر الحائط
لاحظ امجد ذلك ليوقف مزاحه : بهاء هل من مشكلة؟
لم يتلقى ردا ليهز ضياء كتفه بهدوء لينبهه : بهاء مابك امجد يحدثك
بهاء ببعض التوتر ملتفةً لامجد : اسف لم انتبه .. اتريد شيئا
«هل سيجيب اصلا» مع ذلك حاول طمأنته بابتسامة : تبدو متوترا أنت بخير؟ لا تقلق لن يحدث شيء لضياء
رائد بانزعاج حدق به : لمَ لا تحدثني بهذه الطريقة؟
امجد بسخريت رد عليه :لأنك انت
تجاهله ليلتفت لبهاء ومايفصل بينهما هو ضياء : اه حقا بهاء لم تقل شيئا من بداية الحفل
ضياء بابتسامة محدقا بوجه بهاء : هل من شيء يزعجك إن كان من اجل التحدي فحقا لا تقلق مهما كانت النتيجة
هز برأسه نافيا ذلك فقال بهدوء وعيونه ترتجه : أنا خائف .. من الصعود للمسرح .. لم أجرب هذا من قبل
فضحكوا ليحرج محاولا ايقافهم أما ضياء داعب شعره مشجعا : نحن جميعا هنا نشاهدك ووالديك أيضا لاداعي لتخاف
ضياء يعرف الآن سبب هدوء بهاء الذي يحاول اخفاء نفسه كثيرا من الآخرين فاضاف لكلامه مبتسما : اخبرتك من قبل ما عليك فعله حين تخاف
ابتسم بهاء بخفة محاولا أن يهدأ : حسنا ساحاول
لكنهما ليس وحدهما بذلك الحديث لضحك رائد فكأن ضياء يحدث طفلا صغيرا وينصحه : وماذا عليه أن يفعل اخبرني ربما أخاف أيضا
ضياء بضحكة : سر
امجد بسخرية: لا تقلق رائد سيخاف المسرح منك
عادوا لضحك فامسك ضياء يد بهاءحتى لا يتوتر دون أن يهتم لأحد فترك امجد التعليق لنفسه
«حقا هناك شيء غريب بخصوص بهاء ببساطة يتحدى المدرسة بأكمله وما يخيفه صعوده للمسرح فقط»
مر الوقت بالكثير منه لتصل آخر مجموعة : حان دوري يبدو اني بعيد عنكم
فصعد ليأخذ ورقته وفي طريق عودته اوقفه أستاذ الرياضيات : ضياء احسنت عملا .. بوصلك هنا وهذا امر مذهل واصل مهما كان في طريقك .. أنا حقا لا أفهم لمَ تتصرف وكأن الجميع يكرهك لكن لابأس جميعنا فهمنا ما حل قصتك فحافظ عليه
فهم أنه يقصد بهاء بكلامه ليرد : أنت أكثر أستاذ أفسد حصصه وتقول هذا .. على العموم شكرا
فابتسم الاستاذ : انه ينتظر
اكمل ضياء طريقه مصدوما من كلامي الأستاذ ليصل عند بهاء وبعطيه ظرفه ليفتحه : لا تتوقعو الكثير
لن يمكنه قول شيء مهما كانت النتيجة ففتحها : 65% جييد رغم أنك لم تكن تعرف أن عندك امتحانا
ضياء: كل ذلك بسببك
تفاجأ الآخرون من ذلك لكنهم لم يلتقوا طول الأسبوع بشكل جيد ليتحدثوا عن موعد الامتحان لكن المفاجئ، بهاء الذي لم يخبره، لم يفهموا شيء من قصة التحدي واخفائه
وقت ان يفضح كل شيء فقالت امل باستغراب : اصلا بهاء كان لا يريد المشاركة وفجأةً غير قراره ليشارك ضياء ايضا ثم ذلك التحدي
ضياء: هااا حقا بهاء ماذا يحدث
في هذه اللحظة بدأ المقدم ينادي على اصحاب الدعوات ليصعدوا للمسرح من اجل تكريمهم فوقف بهاء مرتبكا
«ماذا افعل اخاف ان اسقط دون وعي مني»
قال ذلك بخوف ليبتلع ريقه هو بالفعل خائف جدا بل بدأ جسده يرتجف
تنهد ضياء ليقف امامه قابضا على يديه رسم ابتسامة مطمئنة على شفتيه ليقهل بمرح : بهاء أنا معك رائد وامل هناك وإذا حدث شيء اغمض عينيك فقط هيا ابتسم
«اعرف انك خائف من نظرت الجميع لك و الوقوف امامهم خصوصا انك لا تعرف غيرنا»
عاد بعض الهدوئ لنفسه ليبتسم قليلا : حسنا
قرر ان يحتمل ذلك وما إن تقدم بهاء بخطوة رفع ضياء صوته مطيلا بكلماته مشجعا : اخي اهزمهم جميعا
بدى وكأنه ذاهب لساحة حرب، الحرب التي قامة داخله، فهل كل ما قدمه يكفي
.......
ماذا لو كان الفصل القادم هو الاخير 😥
توقعاتكم للقادم
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top