* لستَ وحيدا *
*-*-*
لا تحكم على الكتاب من عنوانه
و في هذه الحالة
عليك ان تتصفح ذلك الكتابة ورقة بعد ورقة سطرا بعد سطر .. و لتفهم ما يحدث تعمق لما بين السطور و الاحداث
قرائة ممتعة شكرا للدعم صديقاتي 😊😊
******
انتظر حلول المساء بفارغ الصبر حتى يلتقي بجاره من المنزل المجاول مرة اخرى على السطح كما من المفترض انهما اتفقا
كان سعيدا لذلك فقبل فترة كانت الوحدة تزعجه، أما الان فهو متأكد ان الغروب سيكون أكثر جمالا لو رأياه من ذلك الجبل سويا
فرش بساطا على أرض السطح، ابتسم محدقاً باحمرار السماء، أخذ يفكر بشخصيته وهدوئه المريب حبه للسماء والغيوم الذي كان واضحا جدا من تحديقه المستمر بها طول مسيرهما صباحا
بعد وقت حل الظلام وبهاء قد تأخر عليه فبقي ينتظر حتى مل ذلك
"كيف يستطيع البقاء طوال الوقت وحيدا؟ ربما لم يستطع الصعود او قد يأتي لاحقا .. سانتظر أكثر"
كان الجو الهادئا مع نسيم بارد يذكره ببهاء لم يستطع المقاومة أكثر فغلبه النعاس ونام مرغما
استيقاظ بعد مدة من الزمن ليعلو الاستياء وجهه لعدم مجيء الآخر لكنه بقي يواسي نفسه قائلا : لا بأس سأراه غدا .. ربما
في اليوم التالي استيقظ باكرا على غير العادة لكن رغم هذا كان والده قد ذهب للعمل، امه انهت تحضير الفطور ومع جلوسه على الطاولة
سألته بابتسامة : اذا قد أمضيت مساء امس على السطح مع صديقك الجديد ؟
اخفض رأسه لطاولة بملل : لا هو لم يكن هناك لا اعرف لماذا
_المهم انك وجدت ما كنت تريد .. فأنت لا تمتلك أخا وها قد جاء لجوارك من يعوضك عنه .. عامله بطريقة جيد اتفقنا
_حسنا هو لطيف
قالها متذكرا قصفه فضحك ثم واصل حديثه لوالدته : واكبر مني باشهر
_واخ اكبر ايضا ماكل هذه الصدف جيد .. هو جديد بالمنطقة اعتني به ايها الاخ الاصغر
اجاب بصوت خافت : هذا لو قبل القصة من اساسها
ثم رفع صوته ليطمئن والدته بضحكة فذلك التفاؤل على وجهها يمكنه جعله يتحمل برود الآخر لايام : سأحاول .. أمي
لم يحضر ضياء اي صديق معه إلى المنزل فرغم كونه يحب الحديث كثيرا إلا انه لم يمتلك صديق مقرب للغاية او ان له اسبابا تمنعه من ذلك ووالدته تحاول بشتى الطرق إلصاقه بشخص ما
خرج الى الشارع، أخذ يمشي ذهابا و ايابا، في تلك الأثناء عادت إليه تلك الذكرى الغامضة، حين كان صغيرا يبكي أمام منزله
~ سأنتظرك ..ستعود .. سأبقى هنا ~
قال لنفسه بعد ان عادت إليه الذكرى
"هذا مضحك لا اعرف من كنت انتظر بالضبط .. اما الان انه بهاء لكن لا وجود له كأنه خيال من جديد .. ربما هو ليس بخير .. بماذا افكر عليَّ ان اسأل عنه وارى مابه"
هكذا طرق باب منزله ففتحت له سيدة كبيرة في العمر ؛ ملاحظة أن الفرق بينها وبين والدته قرابة العشر سنوات كان واضحا
ما إنْ رآها حتى علم أنها والدة بهاء فهي تملك نفس عيون بهاء الزرقاء فبتسمت قائلة : اهلا بك انت صديق بهاء؟
لم يكن يعرف الجواب لهذا السؤال فهو لا يعرف ان وافق بهاء على ذلك او لا فرد مغيرا الحديث : أرجوك ناديه كنت انتظره منذ مدة !
ردت بدهشة : بهاء ! إنه في غرفته .. أظنه لن يخرج
فجأة انفعل رافعا صوته : لماذا؟
ثم انتبه أنه يحدث شخصا أكبر منه : آسف ما السب
نظرت له مشيرة وكأنه بلا سبب وأردفت قائلة : هو هكذا لكن سأذهب لأخبره ربما يغير رأيه
_ شكرا
ذهبت والدة بهاء لغرفته وبدأت بمناداته : بهاء صديقك بالخارج يريد رؤيتك
لكنه لم يرد عليها رغم انه كان مستيقظا فحدثته مرة اخرى : بهاء إني أحدثك!
بصوت خافت رد عليها من داخل الغرفة : لا اريد ..
انتابها شعور سيئ ورغم ذلك ردت مخفية الامر : لكنه قلق عليك هذه فرصتك لتغير جو المنزل
_لن اخرج .. انا سابقى هكذا فقط !
انزعجت كثيرا من ذلك و قبضت يدها على الباب بيأس :حسنا سأخبره ان يعود في وقت لاحق .. أنت بخير صحيح؟
_نعم .. أنا اقرأ وحسب
يقرأ ماذا قد يقرأ وهو في اواخر عطلته الصيفية حيث الجميع يغتنم فرصه في النوم واللعب ليعودوا للمدارس بكسل بعدها أما ابنها ينتظر ذلك ليجد شيء آخر ليقرأه
هي مدركة لحقيقة أنه لن يخرج ببساطة ولن يشارك احدا ما يفعله فنزلت بعدها
اخبرت ضياء بالامر لكنها كانت تحاول المقاومة وحبس دمعتها اليائسة وقبل ان يذهب اخبرته : بني أتمنى ان تتقرب منه بطريقة ما أرجوك
فما كان من ضياء سوى الموافقة وهو يرى تلك التعابير التعيسة على وجهها
لقد غزا الحزن قلبها فبعد مغادرة ضياء جلست ارضا والدمع يفيض من عينيها لتقول بنبرة مرتجفة : انه خطأي من البداية .. نعم خطأي انا .. لو فقط اعتنيت به اكثر لو حاولت التقرب منه اكثر كأي أمٍ أخرى .. لو انه هنا ..
لم تكمل جملتها لتجد عذرا في نفسها
"كان هادئا على الدوام لم يزعجني في تربيته لا يرفض طلباتنا .. لم يشاغب ككل الصغار فقط هادئ وصامت .. ليس تجاوز لكن نحن الكبار نفهم ان الحياة تسير و تستمر حتى نهايتها .. اما بالنسبة له فالامر مختلف .. لقد كان كل حياته .. فماذا افعل أنا لمواساته؟ ماذا اكون عنده اصلا لافعل ذلك؟"
حاولت ان تجد بصيص امل : ارجو ان يكون لصديقه فرصة ليخرجه من صمته!
و بقيت تبكي مرددة :آسف بنيّ لم أكن أُمًّاً جيدة! .. لست مثلك
في الشارع بين المنازل وقف مندهشا من الشخص الذي بدى كطيف يراقف من نافدته كأنه ينتظر رده وختفى سريعا ما إن لمحه
"هل سيبقى في الأعلى .. ما الذي يحدث معهم؟ ماذا سأفعل؟ لم تعد لدي رغبة بالذهاب لأي مكان فقد كان كل تفكيري أنه سيكون معي أما الان فهو غير موجود .. وماذا عن طلب والدته؟! لا افهم شيء لماذا بعد ان عرفته؟ بعد ان حدثته .. عاد لصمته ! هذا مخيب للآمال حقا"
عاد إلى المنزل مع حزنه : امي لقد عدت
ردت متفاجأة فلم تعتد سماع هذه الكلمات الا بعد ساعات من خروجه : بهذا الوقت ماذا يحدث؟
_لاشيء فقط هو لم يخرج
ردت ببعض السخرية ممازحة ضغيرها : دائما ما كنت وحدك الان تريده معك او ستبقى في المنزل ولن تخرج !
ببساطة ليس وقت المزاح عنده فهو يصارع تفكيره ليفهمه بصراحة اجابها مخفضا رأسه بيأس : نعم كما قلتي كنت .. قد كان الامر مختلفا معه وكأني اعرفه منذ سنوات لكن لم يعد هذا مهم الان ربما لن يعود .. لنرى مايمكن فعله هنا
_اذا ستتخلى عن صديقك؟
رد ساخرا من نفسه وتلك الفكرة السخيفة التي كاد يقنع نفسه بها : لم يكن كذلك اصلا
اقتربة لتداعب رأسه بلطف وانبست : ربما و ربما انت لم تفهم ظروفه تعرف عليه اكثر ربما هو بحاجتك اكثر من حاجتك اليه
_ربما
وقفت بتفائل امامه فرفع رأسه محدقا بابتسامتها : اسمع كلام والدتك لهذا السبب بالذات وجدت الصداقة حاول قبل ان تتوقف
فكر لثوان ولم يجد مانعا من اعطائه فرصة لتوضيح : اصدقاء .. معك حق امي .. ساكون هنا ان احتجتني لن اخرج اليوم
_أحسنت بني
تركها تنظف و صعد إلى غرفة أخته ليملأ وقت فراغه لكن ريم كانت مصرة على إزعاجه هكذا حتى حل المساء
صعد إلى السطح على أمل ان يراه مجددا لكن لم يتغير شيء كان يجلس وحده كما حدث في الليلة السابقة فبدأ يواسي نفسه مجددا
"المكان هنا ليس بذاك السوء .. نجوم باحجامها المختلفة البراقة .. القمر الذي يضيف نورا مميزا لظلمة السماء"
لكن مازل وحيدا الهدوء و لا شيء آخر ! بدأ الضيق يتملكه وليس ها الشعور المطلوب لتجربته الاولى لمصادقة شخص ما بنفسه بطريقة ما هناك ما يشده للبارد جواره
وقف متحدثا بصوت عالي معبرا بكل ما بداخله : كان ذلك مختلفا .. رؤية الجبال من اعلى شجر والاهم يمكننا الذهاب هناك .. اخرج يجب ان نذهب هناك انت تريد ذلك!
ضرب قدمه بالارض غاضبا وأكمل : أخرج من عالمك الصغير .. هذا العالم واسع للغاية .. انه اكبر بكثير من مجرد مشكلة في نفسك .. وايضا
زاد من علو صوته غير مكترث بأي احد حوله المهم أن يخرج الضيق بصدره : ~كان الخارج أفضل بوجودك~
ظن ان لا احد يسمعه فقرر الجلوس وهو يتمتم بحزن : ألن يعاد ما فعلناه معا؟ يبدو أنك لن تصعد فعلا وانا سأبقى هكذا! انتظر جو المدرسة الغبي ذلك وحدي
لسبب ما هذا ضايقه جدا ! قبض على قميصه جهة صدره و نزل لغرفته وهو يقول : لا يجب ان اضايق نفسي .. اصبر فقط
هدأ و استلقى على سريره لكن ابتسامة امس قد اختفت : ~هذا مؤلم .. توقف~
في هذه الاثناء حدث ما لم يعرفه ضياء قد لمعت عيون زرقاء بعض الشيء بسبب كل حرف قاله فقد كان جالسا عند آخر الدرجات عند باب السطح الخاص بمنزله
لكن الذي كان يجول في خاطر بهاء كان مختلفا لسبب ما لا يريد تقبل كلامه
"يمكنني ان ابقى صامتاً طول الوقت .. عاد كل ذلك فجأة معك .. لم افهم ما حدث وقتها كأني اردت البقاء هناك .. لكن شعور الفراغ لم ينتهي .. لستُ مستعداً لتجربةٍ اخرى فاشلة .. فهناك ستكون النهاية .. مجرد مشكلة بالنسبة للجميع لكن كل مابداخلي يرفض ذلك بنفس تلك البساطة .. لن يتغير شيء .. لن احتمل المزيد سابقى مع صمتي حتى النهاية .. لا قيمة لواقعكم عندي افهم هذا وحسب"
رفع صوته قليلا ليهمس : كان الخارج افضل بوجودك لذلك يجب ان ابتعد
.......... بهاء
في صباح اليوم التالي عاد لمحاولة الوصول عندي يمشي ذهابا وايابا بين منزلينا ربما يفكر بطريقة لاخراجي
هل هذه مزحة غبي؟ رفضت ذلك ببساطة لاراه عائدا لمنزله دون أن يفعل شيئا آخر
ابتعادك سيكون صعبا فانت جواري .. في الحقيقة لقد رايتك من قبل .. نعم في أيامي الاولى هنا .. لم افهم سبب سعادتك الدائمة .. كل صباح تخرج و تقضي معظم وقتك تركض في الشارع وتبقى تلاعب الأصغر منك لبعض الوقت .. كل من هنا يعرفك و يحدثك .. لم اراقبك بعدها حتى رايتك في سطح .. لا بأس لا أريد إزعاجك وحسب
مجددا صعد للسطح ليلا انتظر قليلا ونزل .. ربما قد مل حقا .. هذا افضل
بقيت فترة من الزمن عند آخر الدرج ثم نزل وانتهى يوم آخر من أيامي بلا معنى
في اليوم التالي نظرت عبر النافذة لكنك لم تاتِ بعد .. بل لم تخرج اصلاً .. ارجو الا اكون سبباً في كل ما يحدث .. كنت افضل قبل ان تراني
وقت الظهيرة لم يتغير شيء .. مساءً .. كأنك قد اختفى ولاوجود لك طول الوقت لم مازلت اراقب خروجك؟
لا اعرف .. انا حقا لا اعرف
في لحظة ما لاحظت اهتمامي بأمره هذا غريب .. غريب حقا .. لم احدثك ببساطة؟ أنت لست موجودا هنا
استدرت خلفي مع شعور انه يوجد من يراقبني لأجده يبتسم وسط الظلام ولا شيء غيره
_لمَ انت هنا؟
.........
لم يكن الطيف المعتادة بل كان ذا شعر حالك السواد كالظلام حوله كل ما هو واضح ابتسامته وسط بشرته القمحية وبريق عيونه السوداء
انفعل بهاء ليحدثه بلهفة : متى دخلت إلى هنا؟ لم يكن يوجد أحد غيري في هذا المكان لاشيء في هذا الظلام لتدخل له اتسمع ؟! متى فعلتها وكيف ولمَ انت صامتٌ اصلا؟ انتظر ..
تلى اخر كلمة مد يديه إليه عله يمسكه لكنه اختفى وتلاشى مع الظلام
ليلتفت حوله باحثاً عنه : لا تذهب انتظر .. لم تجبني .. لمَ لا أحد يجيبني؟ توقف
قبض على خصلات شعره ببعض الالم فعلا ادرك انه كان يحدث ضياء طوال الوقت دون ان يفهم ما يريد ~ فالوهم ~ لم يجبه
جلس مكانه ارضا ارتجف مرتبكاً لا يعرف ما يفعل فلم يفهم ما يحدث حوله : توقف أرجوك .. لا أريد أن يعاد ذلك فقط
عندما حل الليل نظر بهاء للسطح فلم يكن أحد هناك بقيَّ بآخر الدرج صامتا هكذا حتى تأخر الوقت واخيرا سيعود لرؤية النجوم وقف خارجا يحدق بالمنزل المجاور : فعلا لم يأتِ
لقد كان الجو عابسا بطريقة مختلفة، وقف بهاء عند حافة السطح حيث قابله سابقا يوم مر ذلك الشهاب
جلس مستندا على السياج الذي بين المنزلين وكأنه ينتظر ضياء بل وبدأ يحدث نفسه
"انا فعلا انتظرك"
اكمل محدثا الشخص الذي يخاطبه عادتة ربما اليوم .. اليوم فقط يريده ان يخبره ما يفعل
"لا اعرف لم يشبهك؟ لم استطعت التحدث معه ببساطة؟! ليس كأي مكان اخر لكن هذا الظلام قد اناره من قبل .. ماذا افعل؟"
أخفض رأسه بيأس وجلس ضامّا ساقيه مرت لحظات من صمته ليسمع اصوات خطوات ما تقترب تجاهه لم يهتم إن كان ذلك وهما أو لا لكن تمنى حقا أن يكون هو من بين الجميع
إنه ضياء، ضياء ظهر اخيرا جلس من جهته واستند على سياج منزله وكأول شيء يمكن أن يقوله : انا اسف
رفع بهاء رأسه دون ان يستدير ليرد عليه بكلمات متقطعة : ألم تمل .. من ملاحقتي .. بعد
_اسف لو ضايقتك
_لم تغادر منزلك .. طوال اليوم
_لهذا انا هنا .. كان التغير غريبا .. وصعبا .. اردت ان افهمك .. حتى لو مت من الجلوس بالمنزل
ختم حديثه بضحكة خفيفة وبين كلمات في نفسه وكلمات لضياء رد بهاء
"تفهمني لم يحاول احد هذا من قبل"
_امم
تحدث ضياء بهدوء وبهاء يسمعه في صمت : و بلا جدوى .. فقط الكثير من الضيق .. اشعر ان هناك مايزعجك لكن لا اعرف ما هو
_ليس مهما
_حسنا خد وقتك سأكون هنا .. لن ابتعد فأنا جوارك
_وان لم اعد
_اظن ان هناك .. ما سيجعلك تعود مجددا
ربما معه حق في هذا : امم
_قالت امي ان الصداقة وجدت للاننا بحاجة بعضنا
هذه الكلمة مجددا "لست بحاجة احدا"
_امم
_كل ما كنت افكر به اني سأكون معك .. لم استطع نسيان مافعلناه
"تكون معي أهذ مزحة"
وكل ما يردده : امم
_يوما ما سافهمك .. وستخبرني مايزعجك .. هذا مايفعله الاصدقاء
_والى ذلك اليوم .. هل ستكون موجودا؟!
_طبعا فأنا لن ابتعد وحدي
بدأ الجو ينفتح شيئا فشيئا فاكمل ضياء كلامه : فقط اذا مت .. حيث لا رجعة .. وقتها سأكون آسفا
بعد تلك الكلمة بالذات ~مت~ كسر صمته ليتحدث وكأنه يتحدى نفسه بكلمات متقطعة هادئة : ما حدث اني احببت هذا العالم لوجوده .. الانصات لكلامه .. مراقبة افعاله .. لم يكن مجرد فرد من عائلتي وحسب .. بطريقة ما ربطت حياتي به .. لا أفهم كيف لم الحق به فكل ما مر كان بلا فائدة في غيابه
_ماذا؟
لم يفهم الطرف الآخر عمن يتحدث لكن قرر أن ينصت وحسب بما أنه يتحدث
اكمل بهاء حديثه وكانت نفسه طرف ثالثا في كلامه فمهما حدث لن يقلل حذره من الاشخاص حوله
"اردت منه ان يعود"
فقال : اردت منه ان يعلمني اكثر ان يكون معي اكثر .. على الاقل ذكريات اكثر .. كان دافعي الوحيد للحياة .. ان اكون معه متعتي الوحيدة .. وحيد عائلتي .. لم اكن هكذا قبل سنتين
_سنتين!!
وقت طويل منذ حدث اسوأ شيء مر على حياته فأخذ يحدث ضياء تارةً ونفسه تارةً اخرى : اخي الاكبر .. اخي .. قد اختفى .. هو فقط رحل من كل مكان لابقى مع نفسي
"لكني رأيته مجددا معك عندما ظهرت"
واصل : هذه الحياة علاقاتها .. ربط الاشخاص بك ليس بالامر الممتع ابدا .. ربما لو لم اقترب منه .. لو فقط راقبته من بعيد .. لكان هذا افضل
"على الاقل لن يقتلني شعور الوحدة مع هذا الجو لكن صدقني لست نادما لاني احببتك .. احببتك كثيرا جدا"
صمت ضياء تماما ينتظر منه ان ينتهي فاكمل بكلمات متقطعة باردة : بعدها بدأت الاحظ الى مدى سذاجتنا وغباء علاقتنا وضعفها .. لم استطع تقبل الموضوع كالجميع .. ببساطة نسوه او ربما كأنه لم يكن .. ليست مجرد مشكلة .. كان اخي وهذا سبب كافي لأفقد حياتي بعده .. ابتعد وحسب
"كل شيء مظلم و بارد جدا .. لا اريد مضايقته لا افهم ما يريد لكن انا لن اتغير ابدا .. سأبقى هكذا فقط"
هنا بدأ جسد ضياء يتحرك بطريقة ما فوجد نفسه يقفز حيث يوجد بهاء مجتازا ذلك السياج
وقف مندهشاً لمنظره ظن نفسه سيرى فيضان دموع من عيونه الزرقاء او ربما حتى تغلغل لبضعة قطرات لكن ما قابله جعل عينيه تتسع وشفتيه ترتجف وفكرة واحدة جالت بعقله
"ماذا لو فقدت أكثر شخص احبه"
أخذ نفسا عميقا من رهبة الموقف واختفاء ذلك الشخص من عالمه ليضيق صدره من الملامح الكارثية على وجه بهاء الذي يبدو أنه لا يكلف نفسه عناء مقاومة دموعه فربما قد تبخرت قبل هذا
"اريد معرفة من يعيش خلف هذه الملامح البارد أكثر"
ابتلع ريقه ليجثي على ركبتيه مقابلا له، أخذ نفسا مجددا بهدوء يحاول جمع كلماته ثم دخل الحديث مناديا باسمه لاول مرة : ~بهاء~
ماذا قد يقول بعد هذا ربما كان عليه الهرب مما اعتاد سماعه طول الوقت، سنتين نعم هي وقت طويل لكن بالنسبة له فهو يعيش الموقف كل يوم كأنه حدث البارحة قبض على يديه تلقائيا دون شعور منه، فقط نفسه تحاول أن تجد املا ما يواسيها
أضاف ضياء بعد برهة وهو يبتسم : يجب ان تحافظ على ذكرياتك مع اخيك .. لاتنساه .. تحدث عنه كثيرا .. لا تصمت وتسجنه داخلك .. انا ساكون هنا لأسمعك
كانت كلمات لطيفة كأنه يحدث اخته الصغرى بل شعر أن الأمر كذلك ليواصل ابتسامه وعيونه الليلية تلمع بسبب نور القمر الخافت : إن كان اخوك غير موجود فأفكاره موجودة فيك .. انت تعرفه وتتذكره جيدا هل سيكون سعيداً بتدمير حياتك بهذه العزلة؟
عندها أعطى بهاء تعبيرا غريبا نافيا برأسه بخفة، كأنه لا يعرف ما يفعل غير ما يفعله قال بألم وقهر شديد : لكن اصبح صعب .. تحمل .. كل هذا
انفعل ضياء قليلا وضغط على يديه وكأنه يريد سحبه تجاهه : كره العالم والابتعاد عنه .. جعل هذه المشاعر تسيطر عليك ليس حلا .. كما انه ليس عليك تحمل كل هذا وحدك بعد الان .. بل لن تكون وحيدا وانا معك .. سأساعدك بطريقة ما .. فقط اسمح لي بهذا
مازال ينظر له بغرابة ماسيقوله سيحدث فرقا : امم
هدأ قليلا ليواصل اقناعه : صدقني هذا العالم افضل بكثير مما تتخيل .. يمكنك على الاقل محاولة ان تعرف جانبه الجيد
_لماذا؟
_لانها الحياة ويمكن ان تتوقف في اي لحظة فيجب ان نعيشها بافضل مايمكن لذلك .. عليك الخروج .. لا تسلم شيئا لنفسك .. ماحدث ليس بمشكلة فهذه هي الحياة بل المشكلة طريقة فهمك لما حدث .. سيطر على حياتك لأنها حياتك انت
_انا
قال ضياء وهو يحاول تصديق كلامه : ليست الظروف من تصنع عالمنا بل مانريد
-لمَ؟ لمَ تقول .. كل هذا .. لي؟
بدى بهاء كشخص يائس تماما ينتظر اي جواب يقنعه، ترك ضياء يديه وبدون ارادته وضع يده على راسه بهاء ليداعب شعره وجوابه : كل ما افهمه ان هناك شيئا ما بداخلي يشعرني بأني اعرفك منذ سنوات طويلة وليس منذ ايام .. شيء سيجعلني ابقى معك دائما لتحب العالم من جديد .. صدقني
_تبقى معي !!
ابتسم له وانزل يده الى وجنة بهاء لمواساته لكنه كان جادا حقا : ساكون معك .. انا معك .. لستَ وحدك اتفهم
مع نظرته البريئة الغريبة مجددا اراد ضياء تقبيل جبينه لتهدأ كل هذه الفوضى داخله لكنه طبعا لن يُقبل شخصا بالكاد عرفه بل لم يقبل أحد طول عمره عدى والدته واخته عندما كانت صغيرة
تقوصت شفتاه كما لم تفعل منذ زمن مضى لتشكل ابتسامة منيرة وسط بشرته النقية معلنة عن سعادتها ربما الوقت توقف عنده تماماً مع سكونه هذا
ما سر تلك الابتسامة؟ لم يجد ضياء جوابا لذلك لكنه بكل الاحوال هو راض جدا عن تعبيره بل يكاد يجزم بنفسه انها اصدق ابتسامة يمكن ان يراها بحياته
أما عند بهاء فقد حدث ما انتظر منه كثيرا ان يحدث بعد سنتين أمسك تلك اليد الدافئة على خذه ليحدث اخاه الذي يقابله
"اخي لا اعرف لم اراك مجددا؟ ولم يفعل ما تفعل دائما؟ انا لا افهم حتى ما يحدث لا وجود لشهاب فوقنا لكن المكان مضيء ودافئ جدا"
انزل يدى ضياء ليرد على كلامه والبسمة لا تغادر شفتيه : لن تكون وحدك ايضا
بضحكة رد : اتعرف ابتسامتك جميلة ولا تستعملها ؟
لكن بهاء استمر بالتحديق لاخيه قائلا في نفسه
"افتقدت هذا الشعور حقا شعور اني مازلت حيا بقربك .. حتى لو اختفيت مجددا سانتظر عودتك لن ابتعد عنه بما أنك معه .. اخي هل ما افعله صحيح؟"
تنهد بهاء الكثير من تلك الأشياء قد اختفت من صدره واختفى اخوه ايضا لكن تلك الابتسامة مازالت قابعة بوجهه
قال اسود الشعر بتفاؤل واضح : على عزلتك ان تنتهي .. الحياة لاتنتظر احداً !
رد بمزاج جيد : اول مرة .. احدث احدا كل هذا .. شكرا
بدات بعض الملامح تظهر على وجهه وهو يمسك يده جلس جواره، هدوئه بدى سعيدا بطريقة ما وكأول شيء يطلبه : ~ضياء~ لنبتعد من هنا
_حاضر .. و الى اين
_مكان واسع .. بعيدا عن الجميع .. مكان كقمة ذلك الجبل
_هاا مازلت مهتما ؟
_امم واسف لتصرفاتي .. من قبل
_لا تعتذر .. انا لا اقيم احد من اول تصرفاته فدائما ما توجد ظروف .. تصرفات البشر تعتمد على مايعيشون وليس علي انا
_نعم هذا منطقي
_انت بخير الان؟
_اجل هذا احسن
_جيد
ترك بهاء يديه متفاجأ في تردد ليخفيها : اسف لم اقصد
بهذا استيقظ اخيرا رغم حديثه المتقطع وصمته الا انه بقي ساهرا مع ضياء: اممم اذا .. لك .. اخت صغرى؟
رد ضياء ببعض السخرية ضاحكا : يمكنك ان تسأل هذا مفاجئ!
-ولم تستغرب؟
كأنه سأل شخصا من الفضاء ليضحك على نفسه فبهاء مجرد بشري يعيش بمنزل عادي فأين أخذ خيال ضياء بالسباحة حول شخصيه : هذا اول سؤال تسالني اياه؟
_اه فقط اجب .. ولا تهتم كثيرا .. لما حدث سابقا
_اذا هكذا .. نعم هي شخص لطيف رغم صغر سنها فهي دوما منقذتي من عقاب امي
_تنقذك !
رد و هو يمازحه : تعرف الامهات والملابس المتسخة والغبار اختي تلهي امي كلما دخلت المنزل في حين اتسلل خلسةً لاغتسل واغير ملابسي .. تفعل كل ما اطلبه منها دون رد .. تصدق عدم ردك على ما اريد فعله يذكرني بها
_ان تملك اخ شعور مذهل .. حيث لن تفترقا
ابتسم له : سابقى معك
هكذا بقيا يتحدثا حتى تأخر الوقت لم يشعروا بمروره اطلاقا وقفا مقابل بعض ليتوتر ضياء ضاحكا بخفة : والان علينا العودة .. امممم ساراك غدا
_نعم اعدك
_اعجبني وعدك هذا .. معك حق خروجك يحتاج وعدا
_لاتقلق سأخرج
نزل ضياء لغرفته وكل ما يفكر فيه لعد الارتماء على سريره بسعادة
"ان اكون الشخص الذي يَحمل معك ثقل الأحزانك .. أفضل من اي شيء آخر قد افعله"
نعم لقد كان بهاء بحاجة ماسة لضياء و الان هو موجود لأجله لقد اراد مساعدته أكثر هكذا نام ضياء و هو يردد : ~بهاء .. شكرا~ لفرصة كهذه
أما بهاء صعد سريره ضم ساقيه جالسا وحديثه قد تغير
"بهذا وجدت شخصا يمكنني معاملته كما اريد .. دون وجه غبي هو فقط سيكون بجانبي .. لم اعرف ما بداخلي بل لم اصدق اني استطعت ان أبتسم بعد كل كل ذلك الوقت .. لم افهم ما حدث جيدا لكنه حقا فعل الكثير في دقائق"
لم تكن مجرد كلمات عنده فحديث مع ضياء قد أراحه حقا و في النهاية ابتسم بخفة بعما اسند رأسه لركبتيه : ~ضياء .. شكرا~
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top