*شكرا لكل شيئ امي *

قبل ان نحاول التغيير و قبل ان نعتاد شيئا دعنا نفهمه اولا
ماحدث بالماضي لم يكن سهلا ليتجاوزاه ببساطة
***********



اجتاحه شيء من الغرابة ؛ منذ متى كان يستريح و الدفئ يلفه من كل جانب وسط الظلام ؛ الظلام الذي يحاول جاهدا خنقه ليخطف النوم من عينيه كل ليلة ؛ بدأ يستعيد نفسه ليسمع بعض انفاس مضطربة بقربه ؛ تذكر نومه مع ضياء فهل حدث شيء له فتح عينيه و قبل ان تتضح له صورة قال : ضيااء..انت بخير

سرت رعشة قوية في جسده بعد ان وجد نفسه بين ذراعي ضياء ؛ حاول التحمل قليلا ليبتعد بهدوء دون ان يوقظه ؛ جلس مكانه و حاول ان يضم نفسه مربطاً على دراعيه عله يهدأ بل ترجى ذلك الارتعاش ان يختفي فليس الوقت مناسبا تماما بعد .. إلتف له بعيون خائفة : ضياء اسف .. انا حقا اسف

مازال بهاء يخفي الكثير ؛ بطريقة ما كان خائفا منه كما لم يحدث من قبل لكن مجرد صورة جعلته يراه امامه ؛ انهما شخصان مختلفان فضياء من كان يضمه و ليس لؤي ؛ سرعان ماتغير ذلك الخوف لاهتمام ؛ تنهد و هدأ ثم اسرع لينير الغرفة ليرى وجه ضياء محمرا و حبات العرق تنزل على جبينه بل يرتجف بردا و سعاله ازداد سوءا ؛ حاول بهاء لمس جبهته 〞حرارته مرتفعة جدا على ما يبدو〝اراد فعل شيء ما ليساعده فتذكر سهر لؤي معه حين يمرض و ما كان يفعل فابتسم محدقا بضياء 〞كما فعل لؤي .. سابقى معك لن ازعج امي في هذا الوقت من الليل〝

اسرع باحضار منشفة و اناء ماء و حاول ان يخفف من حرارته فاخد يؤنبه و كانه يمكنه سماعه : انت لا تهتم بنفسك ابدا ..او ربما بسبب المطر..كان باردا و تلك النافذة.. قلت لك لا تجلس هناك لما سمحت لك !! .. انه خطأي

تمتم ضياء بكلمات ورؤيته ضبابة بالكاد تمكن الاخر من فهمها : اامم برد .. ماذا يحدث .. بهاء
-لا تقلق حرارة بسيطة ستكون بخير غدا
-اا اشعر بتعب .. كبير
-اعرف عد للنوم فقط

اخد المنشفة المبللة ليضعها على جبينه مرارا و تكرار ثم ينتقل لباقي وجهه بعدها فتح ازرار قميصه 〞ستنخفض بسرعة هكذا〝؛ على غفلة ظهرت علامات الذهول و الرعب على وجهه اخذ يده لفمه مانعا نفسه من اصدار اي صوت متأملا ذلك الجرح على صدره 〞مابه .. ماذا افعل〝 وقف مكانه يحاول ان يتدارك الموقف ليفعل شيئا ما ثم عاد بنظره لجرحه فتنهد لتعود الروح لجسده 〞انه جره قديم مؤكد انه لا يؤلمه〝؛ يعرف انه يستمر باخفاء شيء ما ، شيء عن صحته و كل ما يقوله انه بخير ؛ نظر لوجهه و ليس بيده حيلة : ايها الاحمق كن بخير
..............
فتح عينيه ببطء رفع يده ليلامس جبينه و حرارته قد انخفضت و يشعر ببعض التحسن اخفض بصره ليبتسم لمنظر الطفل الذي نام على ذراعه و هو متشبث بقميصه 〞تعرف ما تفعل دائما رغم انك لم تأخذني للمستشفى〝حاول كبت ضحكاته حتى لا يزعجه لكن ما ان جلس مكانه حتى استفاق الاخر و قبل ان يعتذر احتضنه بهاء بقوة كما حدث من قبل لكن هذه المرة غرق بدموعه مباشرةً ؛ ربت ضياء على ظهره و ربما فهم ما اصابه : هه اهدأ انت سريع البكاء اذا تعلق الامر بلؤ..

قطع جملته بلهفة و شفتاه ترتجف خوفا :ضياء .. ضياء..انت بخير ؟

لم يقل لؤي ؛ لم يقلق على لؤي بل لم يره اصلا ؛ شعر ضياء ببعض السعادة لسماع اسمه فضحك محاولا امتصاص خوف الاخر :ها لا تقلق .. انخفضت حرارتي بفضلك .. اتعبتك حقا .. اسف

ابتعد بهاء و دموعه تنهمر كطفل لا يبالي لمن حوله لم يستطع تمالك نفسه خصوصا بعد ان رأى كابوسا ارعبه عن عالم بلا لؤي بجانبه!! : ليس مهم لكن .. رأيت الجرح على صدرك .. ضياء اخبرني مابك ؟

قبض على صدره تلقائيا و تسعت عيناه بدهشة ؛ تدارك الموقف بسرعة ليبتسم رغم خفقان قلبه الذي ازداد نبضه : انا لاشيء .. انا بخير حقا .. لا تقلق

اخد يمسح دموعه باحراج مبعدا وجهه فقد كانت كذبة واضحة :ككل مرة .. ستغير الموضوع

اراد تغيير الموضوع حقا لكن لا شيء سيجعل الاخر يهدأ غير الحقيقة لكن مجرد شك جعله يبكي بهذه الطريقة فلو عرف ماذا سيفعل : اسمعني بهاء ليس الوقت المناسب لاخبارك .. افهم اني بخير مادمت معك .. صدقني

انتهت دموعه من الجريان لينظر للفراش و حزن سيطر على ملامحه : كنت احلل تصرفاتك لافهم وحدي لكن يوما ما سافهمك .. و ستخبرني مايزعجك ..

هذه كلمات ضياء يوم تحدثا على سطح فاكمل مكانه بابتسامة عريضة : هذا مايفعله الاصدقاء ..ههه حسنا سافعل ذلك حينما يصل وقته .. الحزن ممنوع

انهى كلامه بضحكة جعلت ملامح بهاء اكثر سوء〞صديق مجددا اذا هل ضياء يشبههم〝قالها في نفسه و هو يقصد زملاء صفه سابقا ؛ دخلا فراش فالوقت مازال باكرا ليناما اكثر لكن قرر ان يسأل ضياء و سيتقبل اي شيء بعدها مهما كان جوابه سيتصرف : لم اجد فرصة لاخبرك من قبل
-ماذا

ابتلع ريقه بتوتر لا يعرف كيف يصيغ سؤاله : اتذكر عندما قلت لك .. ان لا تطبق كثيرا نصيحة لؤي في التعلم من اخطائه .. كنت اظن ان لؤي اخطأ بجعلي اتعلق به ..انا..
-ماذا مابك .. اكمل
-تعلمت ان لا اتعلق باي شخص بعده حتى لا يبتعد .. لكنك مختلف .. بطريقة ما

شيء من الخوف انتاب قلب ضياء و هو يسمع كلماته متمنيا ان يتوقف

-انا لا افهم حقا لكني بدل تحمل ذلك وحدي كنت موجودا معي دائما

اخذ ضياء يشد بقبضته على الفراش بينهما فذلك الخوف تحول لألم يعصر قلبه في لحظات

-لستَ لؤي .. كنت ضياء كل تلك المدة .. انا

نظر بعينيه مباشرة ليفهم ما سيقوله لكن لا ضياء و لا قلبه قد يحتمل ذلك و ببلاهة اوقفه : همم اخبرتك اني صديقك .. الاصدقاء يفعلون هذا

صدم بهاء لتتجمع كل مشاعر ضياء كدموع بعينيه دموع لم يرها بهاء من قبل : صديق اتفهم

حاول اقناع نفسه او اقناع بهاء لكن الحقيقة الواضحة بعقله هي انه حاول مساعدته لم يقصد ان يجعله يتعلق بوجوده ؛ ادار وجهه للجهة الاخرى قاطعا ذلك الحديث باسف

-حسنا حين يصل الوقت المناسب ساكون معك .. لا تبكي

شعر ببعض الاحراج فحاول ايقاف دموعه :اصمت و اكمل نومك

ببساطة تقبل الامر كما عزم من البداية فوضع يده على قبضة ضياء : ضياء شكرا لكل شيء .. كن بخير فقط و ساسمعك متى تريد

〞كن بخير فقط〝؛ تلك الكلمات جعلت كل شيء اصعب فانفجر باكيا بصمت و ألم قلبه يزداد مع كل دمعة ؛ قواعد لؤي عليها ان تطبق و سيتفادا اخطائه بسهولة ؛ ان حديث بهاء كان يعني شيئا واحدا رغم انه لم يجد التعبير عنه ~يمكنه ان يتخلى عنه بكل بساطة ان لم يحدث ما يريد~

و مايريده يكون اكثر الاشياء المخيفة عند ضياء ؛ مخيفة لدرجة ان يبكي بصمت ليصارع نفسه بعد ان فهمه〞لن اخبرك .. لن اسمح بابتعادك لكن لا اريد ان اكون سببا في تدمير حياتك و اختفي مثل اخيك .. اسف لكل هذا اسف .. اعرف انها انانية مني .. ماكان عليك التعلق بي كنتَ افضل حالا و انا لؤي .. انا خائف هذا اسوء من الموت〝

ارخى قبضه ليفتح كفه و يمسك يدى بهاء التي لم يبعدها عله يجد بعض الامان في دفء يده فردد ضياء في نفسه 〞ابقَ معي للنهاية ارجوك〝؛ هدأ و مسح دموعه بيده الاخرة و تنهد بصمت حتى لا يلاحظه

اما الاخر اغمض عينيه مبتسما مجددا
...........
لم يستطع بهاء ان يستيقظ لكن ضياء لم يجد ما يفعل وحده فاضطر لايقاظه ؛ رتبا الغرفة و نزلا ليفطرا مع والديه بعدها خرج والده ليبقيا يتهامسان على طاولة الطعام : انها امك هيا اخبرها
-لكن ..
-الامر بسيطا صدقني فقط اسأل

فوقفت قرب رأسيهما لتنهي توتر بهاء : رأيتما الصور و تريدان ان تعرفا ما حدث ؟

بحماس رد ضياء:ارايت قبل ان تتحدث فهمتك
بهاء:اا و اذاً ماذا حدث؟

جلست تقابلهما و الابتسامة تعلو وجهها فاختصرت البداية : بعدما ولد بهاء بثلاثة اشهر قررنا ان نستقر و اشترينا هذا المنزل .. رحنا له و ام ضياء اتت و رحبت بنا كجيران جدد تلك اول مرة تحدثت معها و كانت حامل بضياء

تحدث بهاء مهتما بالموضوع :بعد ثلاثة اشهر ولد ضياء

ضحك الاخر معلقا :رائع .. رأيتني قبل ان اولد ههههه

التفتت والدته لضياء و اكملت : كانت والدتك تساعدني عندما يكون لؤي بالمدرسة و هكذا حتى ولدت و اصبحت من يساعدها و لقد سمتك ضياء لانه يشبه بهاء فقد اعجبها كثيرا ههه

تحدث بهاء و اخيرا اكتشف ما كان يشغل باله لفترة : هذا يفسر لما اسمائنا متشابها

الام: نعم كنا بالمستشفى معها يوم ولد ضياء و بقيتما تكبران معا .. لؤي كان يتمنى دائما اخ اخر فوجد اخوين .. اعتنى بكما و علمكما الكثير من الاشياء معا

ضحك بهاء ملتفتا للاخر :ههه فهمت لما تشبهه
ضياء:هااا اشبهه بماذا ؟

بحماقته هذا كان اكثر ما لفت انتباه بهاء لكن لم يستطع قول ذلك و والدته امامه :لاتهتم ..امي اكملي من فضلك

والدته ايضا لاحظت ذلك الشبه في شخصيتهما ابتسمت لسعادة ابنها فاردفت : خلال اربع سنوات التي بقينا هنا كنتم كالاخوة ثلاثتكم حقا .. بعدها عانى والد من بعض المشاكل في عمله و كان يجب ان ننتقل بسرعة .. طبعا لؤي تفهم الموضوع لكن لم نعرف ما نقوله لك .. فتركناك بمنزل ضياء يوم كنا نجهز اغراضنا لنرحل .. بقيتما طول اليوم معا و انتما لا تعرفان شيئا .. و سعيدين بذلك .. حتى اتى المساء و ذهب لؤي ليحضر بهاء فأخبره برحيلنا حين كان يغير ملابسه و عندما انتهى ..
...............
سيدتان واقفتان امام الباب الخارجي للمنزل احدهما حامل في الاشهر الرابع ؛ تودعان بعضهما بألم بعد تلك السنوات التي عاشتاه معا كجارتين و صديقتين فمر بسرعة من بينهما طفلان احدهما يجر الاخر خلفه ؛ تحدثت صاحبة العيون الزرقاء ليكون اخر حوار بينهما : لا تصدقين كم اردت رؤية طفلك التاني فبعد ضياء اشعر انه سيكون لي طفل رابع ههه

ضحكت الاخرى و ردت بتفاؤلها المعتاد : عشر سنوات سانتظرك ستعودين و تريه .. اما هما لا اعرف كيف سيتقبلان الموضوع
-نعم اعتادوا بعض كثيرا هذا مؤسف

حدقا بطفليهما لتبدأ احداهما بالنداء على ابنها الذي اكمل سنته الثالثة من شهرين تقريبا : ضياء .. صغيري تعال

حاول ان يذهب عند والدته لكنه لم يفهم سبب امساك الاخر يده بقوة استسلم من العودة لتتقدم سيارة قربهما فنطق الاخر : سنذهب

رد ضياء:اين

ببراءة رد : مكان بعيد .. معنا

رغم الكلام المختصر لكنه فهمه : لا .. اعرف

شد بقبضته اكثر مصرا على قراره : معي
-لا ابقى انت هنا معي

تجمعت دموعه مباشرة لتنزل دون توقف : انت اخي .. معنا

حاول الاخر مسح دموعه : بهاء لمَ تبكي

فتشبث بذراعيه و هو يحدق به :لا تريد .. معي

كأنهما يمتلكان نفس العيون ليس بشكلها او لونها بل بدموعها فبكى ضياء ايضا محاول ان يبقيه معه لكن اصرار الاخر لا حدود له : معي انا .. معي انا

اخيرا خرج صاحب الاثني عشرة سنة بعيونه البنية و شعره المنسدل ليجد ان اخاه متشبث بضياء الذي من الواضح انه يتألم دون اكتراث الاخر فحاول حمل اخيه ليبعده : بهااء علينا ان نذهب سنعود لضياء قريبا

لؤي رفض ذهاب ضياء يعني سيشتد بكاءه فعلا صوت صارخا : لااااااا معي .. ضياء معي

مازال يحاول ابعاده و هو يشرح الوضع : بهاء لا تعاند ضياء سيبقى مع عائلته وانت ستذهب مع عائلتنا

كيف له ان يترك او يبتعد عنه و هو يراه كل يوم ؛ يلعب معه كل يوم و الاهم من كل هذا اليس اخاه هذا ما يقوله الجميع عنهما فباي طريقة سيره او يوقف دموعه : لا لاااا ضياء معي .. اخي معي

اشتد بكاء ضياء ايضا و قد فهم ما يحدث : حتى انا.. لكن.. ستكون امي بعيدة .. ابقى هنا

ترك بهاء قميص ضياء بغضب بعد ان رفض ليرد بكلمة بالكاد يعرف معناها و خانته الكلمات لقول نصف مايريد : ضياء .. اكرهك

تجمد الطفل مكانه و كأن شيئا ما كسر بداخله تشبثت عيناه مباشرة بوجه بهاء و دموعه تشق طريقها عبر خديه :ماذا

حاول لؤي ان يبث بعض الامل و يجمع حطام نفسه : ضياء سنعود يوما ما ستنتظرنا صحيح .. لاتستمع له و صدقني سنعود

كانت محاولة فاشلة بما ان بهاء اعاد كلامه : انا اكرهك .. ضياء .. اكرهك

التفت ضياء هاربا عند والدته مما سمع و هو يصرخ بكل ما يملك : امييي بهاء يكرهني .. اميييي

تنهد الجميع فلا حل عندهم تصوروا ان يحدث شيء كهذا لكن ان يقول بهاء انه يكرهه ، اصلا من اين اتى بهذه الكلمة ؛ ادخله لؤي لسيارة و حدق بعينيه عله يفهمه : بهاء لو قلت لك ابقى هنا و نحن سنذهب هل ستبقى

فاجابه و بكاؤه لم يتوقف : لا .. أبقى معك .. اريد ضياء

بهدوء مسح على شعره : ضياء ايضا يريد الذهاب معنا لكن لا يمكنه ترك عائلته كما لا يريد بهاء تركنا

تنهد و ربما فهم : يريد

اكمل شرحه بابتسامة في حينها شغل والدهما السيارة لتنطلق : نعم ضياء يريد البقاء مع بهاء لكن لا يمكنه

هدأ اخيرا ليؤكد ما سمع : لؤي نعود .. ضياء
لؤي: نعم قريبا لنصبر فقط

وقف بطفولة مشيا فوق اخيه حتى وصل للنافذة المقابلة لمنزل ضياء و السيارة تسير فحاول تصحيح ماقاله و هو يحدق بضياء لاخر مرة فصرخ : ضيااء .. لا اكرهك .. نعود .. ضيااء معي

تنهد و مسح دموعه ليعلو ضحك لؤي بعد ان ابتعدوا : اذا اردت ان تقول شيئا افتح زجاج السيارة هو لم يسمع شيئا

و يعود بهاء لصراخه : لم يسمعني .. ضياء لم يسمعني

اخد يده ليمسح دموع اخيه : ااااه بهاء توقف هو سينسى كل شيء غدا و سينتظر عودتنا

لم يكن من المفترض ان تكون هذه الكلمة اخر ما سمعه منه فقط ظنه سيذهب معه ان قال ذلك : لاااا اكرهه .. اردت ضياء معي .. لم يسمعني

لؤي: لا تقلق ههههه اعدك ان نعود و تشرح له و سيكون سعيدا

لم يهتم لكلامه : لاااا الان .. اشرح الان

ضمه لؤي لصدره فهو يعرف جيدا انه سيهدأ و يستسلم للنوم اخيرا : لا اعرف ان كنت اريد ان اضحك او ان اوقف بكاءك ههه لا تقلق سنعود

بهاء : اريد ضياء .. معنا
لؤي:انا ايضا هيا لتنم قليلا حتى نصل انا معك اهدأ

فنام اخيرا بحضن اخيه من جهة اخرى يوجد من مازال يبكي خصوصا بعد رؤية دموع بهاء خلف نافذة السيارة : امي بهاء مازال يبكي .. قال يكرهني

حاولت جعله يهدأ بضمها له : لانه لا يكرهك مازال يبكي و يريدك ان تذهب معه
-حقا ..لما عليه ان يرحل اردته ان يبقى
-امم ستنتظر ان يعود اخوتك صحيح

اسئلته لن تنتهي ان لم يقتنع : لما لم نذهب معهم امي
-سيعودان و تكون مع اخوتك مجددا اهدأ فقط .. لا تريد ان يراك لؤي هكذا صحيح
-نعم سانتظر هنا

مرت الساعات و الايام و الصغير لا يفارق الشارع يحاول حبس دموعه متظاهرا بالشجاعة : امي سيعود بهاء اليوم
-ليس بعد

واليوم الذي بعده انتظر : و اليوم ستاتي هيا ستعوود .. هيااا بهاء انا انتظرك

والذي بعده : امي اين بهاء و لؤي لم يعودا بعد
-انتظر فقط بدون بكاء
لكنه كل مرة يفشل بكبت كل ذلك
............. .
كانت كقصة خيالية و نهايتها جعلت وجه ضياء يحمر خجلا فسبب كل ذلك الانتظار هو بهاء و لؤي كل ذلك البكاء من اجلهما : اه اتذكر احيانا ذلك و لكن نسيت من انتظر .. حسنا هذا محرج

فضحك بهاء على تعابيره لتقصفه والدته : ااه لم تنتهي القصة هنا فهناك من لم يتوقف عن قول ~ضياء معي~ لاشهر

فقلب الموقف تلقائيا ليحرج بهاء و يضحك ضياء فاكملت : بهاء احتاج وقتا حتى يتحدث بشكل عادي ..و قليلا ما نفهم كلامه المختصر معظم الوقت يردد كلامنا لكنه لم يتوقف عن ذكر ضياء لاشهر
..............
وصلو للمنزل الجديد اخيرا و الجميع حزين لما حدث و ما ان فتح بهاء عينه وقف بحماس :سنعود الان .. ضياء

رد لؤي بابتسامة :ههه ليس بعد وصلنا الان
-متى
-انتظر فقط

في اليوم الذي بعده : لؤي .. ضياء اليوم
-هههه لم نرتب المنزل حتى
-اساعد .. نعود .. ضياء

وعند الانتهاء مساءا :لؤي .. ضياء الان

ضحك لا يعرف كيف يشرح ان عشر سنوات لن تمر ببساطة : هههه بهاء ليس بعد

عادت دموعه البريئة للنزول : لم اره .. امس

رفع يديه و ليس بجعبته حل اخر : تعال بهاء سنعود قريبا هذا مايحدث كل مرة بسبب عمل ابي

اسرع ليجلس بحضن اخيه متسائلا : لماذا ؟!

ضمه بدوره ليمسح على شعره :لاننا عائلته علينا ان ننتقل معا .. يجب على العائلة ان تبقى معا

لم تنتهي دموعه : ضياء ليس عائلة .. ابتعد
-قلت سنعود فقط سيمضي الكثير من الوقت لا تقلق ستراه مجددا حتى لو لم يكن من عائلتنا

تشبث باخيه يحاول ان يهدأ : لؤي .. الكثير من الوقت.. كثيرا جدا
-اا بهاء لا اريدك ان تبكي ساكون معك حتى نعود
-نعم .. لا تبتعد
-طبعا
رفع رأسه محدقا بعيني اخيه : لؤي .. ضياء يبكي .. يضمه

يعني من سيبقى مع ضياء بعد ابتعادهما ، ابتسم مجيبا :امه هناك و سيولد له اخت او اخ .. مثلي انا عندي بهاء و ضياء سيكون كذلك ههه

ابتسم بعد ان اطمئن قليلا :انا ساعود .. ضياء
...............
نهضت والدة بهاء لتحضر البوم آخر بدا قديما بعض الشيء لكن الصور داخله باحسن حال ؛ طلبت ان يفتحاه و يستعيدا ذكرياتهما قائلة : لؤي جمع كل صوركما وقتها هنا .. و لم نجد حلا غير اخفائها .. لؤي بقى مع بهاء .. و ضياء ولدت اخته فكان يبقى معها و هكذا نسيتما ما حدث و توقفتما عن البكاء على بعض

رد ضياء وهو يرى كل تلك المواقف التي جمعته بلؤي و بهاء : لهذا لا امتلك صور في هذا العمر لطالما سألت امي عنها

اما بهاء بقى يحدق بالصورة التي رآها ليلة امس مازال يحاول تذكر ما قال لؤي حتى
..........
جلس الصغير بحضن اخيه لينظرا لنفس الصورة لعب الاكبر بشعره ليطمئنه و يبعد تلك النظرة الحزينه من عينيه : سنعود له اتعرف لماذا
ببراءة رد و كأنه لا يعرف الجواب :هه لماذا ؟.
لؤي:لان بهاء يحبه

التفت لاخيه بحماس : نعم كثثثيرا جداا و لؤي ايضا
ضم الصغير بين ذراعه : طبعا هو اخ لنا في النهاية سنعود له وتخبره بهذا لاتقلق ستكون سعيدا صحيح
بهاء:نعم .. سنعود .. اخي
............
احمرت وجنتاه ليعود للحاضر و يحدق بالفتى الذي بجانبه ؛ لقد تذكر كلام لؤي ؛ لؤي قال ذلك حقا لم تكن قصة والدته بل كلمات اخيه ؛ وقف بذهول و سؤاله الوحيد المتبقي بعد كل هذا : امي هل سنرحل مجددا ؟

ابتسمت لترد : كما قلت هذا منزلنا وعدنا له و ليس مكان مستأجر

اطمأن كل ما بداخله اخيرا : يعني لن نبتعد من هنا
الام: نعم .. فوالدك تقاعد من عمله لكنك لا تحاول ان تعرف حتى

لا يعرف بل فوجئة من هذا الخبر و قبل ان يسأل ضياء ؛ التفت له : حسنا لا تهتم

وقف ضياء و عليه العودة لمنزله فوقفت والدة بهاء لتودعه بابتسامة كوالدته : ضياء هذا منزلك ايضا انا و امك ستسمح لكما ان تفعلا ماتريدان معا لتعيدوا العشر سنوات الماضية

نظرا لبعض بابتسامة لا يصدقان ما سمعا و قد فك حرج منزليهما فاستأذن بهاء ليخرج معه و والدته تلاحظ كل تلك التعابير التي لم ترها لمدة طويل قائلة في نفسها〞اصبحت افضل حال بكثير كنت اعرف ضياء سيفعل كل هذا حتى لو لم يكن يعرفك فما بالك لو كان اخاك .. هذا يسعدني جدا 〝
..............
في هذا الوقت حدثت نقطة تغير عظيمة في حياة احدهم ؛ ما تذكره ليس بتلك الاهمية للجميع ؛ مجرد صغير اخبره اخوه الاكبر انه يحب شخص اخر ؛ ليس الامر بهذه البساطة ؛ فالحرب قامت بداخله مجددا حرب لم يخسرها كما لم يكن الفائز فقط قاومها لسنتين وحده
فهل سيعود للمقاومة مجددا ؟
هل ضياء سيحدث فرقا ؟
الاهم من كل هذا هل سيسمعه حين يحدثه عن نفسه بدل لؤي ؟

كان متأكدا من شيء واحد فقط رغم كل ما بداخله امسك يد ضياء قبل ان يدخل منزله :ضياء لو كنت .. انت نفس الطفل الذي في صورة او لا فانا لا اكرهك

تظاهر بعد الاهتمام بابتسامة : امازلت نادما ؟
-ههه لا اذكر ذلك اصلا

فهم انه يمكنه قول كل ما يريد رغم تقطع كلمات فرد ليطمئنه : ولا انا لا تهتم اذن و لننسى ذلك هههه

ترك يده مبتسما فعلى الاقل ضياء يعرف الان انه لا يكرهه : امم .. نلتقي لاحقا انتبه لنفسك واسترح جيدا

هز براسه موافقا و دخل منزله مناديا على والدته فدواءه الوحيد الان هو ضمها فتقدمت بسرعة عنده مباشرة لتتفقد حرارته في قلقها المعتاد : واخيرا عدت اسفة .. ارتفعت حرارتك اليس كذلك لكن تبدو بخير .. لم استطع رفض طلبه .. و كنت اعرف ان والدته ستهتم بك لذلك .. سامحني

ضحك ليطمئنها عن حاله و اخبرها ان بهاء من سهر معه فاكملت و ضميرها يؤنبها : و لولا بهاء لمرضت من ايام فدائما ما تنسى مضلتك لتعودا معا بمضلته .. ساتوقف عن تنبيهك و اوصيه عليك احسن
- هااا لست صغيراا

جلسا على اريكة ليكملا حديثهما فضم والدته مباشرة فقال ممازحا : لقد عرفنا كل شيئ .. شريرة ألفتي قصة باكملها انها افكارك صحيح

ردت والدته و هي تمسح على شعره : لم ننوي ان نجبركما على شيء فانتظرنا ان تتعرفا على بعض اكثر اردنا ان تساعدا بعضكما فقط

تنهد لتملأ الراحة روحه : اذاً تعرفين من البداية بقصة لؤي و بهاء و افهم ان والدة بهاء تعرف بشأن مرض قلبي

ذَكر ذلك مرض الذي جعلها مهوسة بصحة ابنها طول الوقت ، كتمت قلقها لتريحه على الاقل : ااه ايها الاحمق الصغير مازلت تبالغ .. لا تقلق لن يزعجه ذلك و لن يخبره احد غيرك

بل الحقيقة غير ذلك فما قال بهاء امس شوش تفكيره و في نفس الوقت هو لا يكرهه ؛ دون ان يشعر اخبر والدته : لا اريد الابتعاد عنه امي .. كلما كنت معه اشعر اني يمكنني البقاء لوقت اطول

بسخرية و هي تداعب شعره : اه ما كل هذه المشاعر هل يعرف بهذا .. اصلا اخبرتك ان تحصل على صديق و سيتغير الكثير لكن لا افهم لما تعارض

احرج تماما من ما قال دون قصد و اراد الهرب ليخفي وجهه لكن منعته بضمه اكثر ليضحك : شكرا لكل شيء امي

قبلت رأسه متمنية ان يشفى بسرعة بل ان يؤخد من عمرها و يضاف له و لا تريد شيء غير رؤيته سعيدا قربها
..............
بالمنزل المجاور ؛ كانت كلمات اخيه تتردد بذهنه و المشكلة كيف و متى سينفد طلبه هل يجب عليه ذلك ؟ ؛ فدخل منزله ليتوجه عند والدته بسرعة ليضمها : شكرا لاننا عدنا هنا .. شكرا لكل شيئ امي

ارتجفت يداها و كادت الدموع تتساط من عينيها معلنة شوق سنوات لتوقفها كلمات بهاء : اعرف لم اضمكِ من وقت طويل .. اسف امي

لفت ذراعيها حوله ليملأ فراغ قلبها قليلا لا تريد شيئا غير هذه اللحظة : في النهاية انت ابني صغير .. لا تعتذر المهم ان تبقى بخير

لم تمر ثوان حتى شعر بضيق بدأ يخنق الجو حوله ؛ حاول التحمل لكن ابتعد قبل ان يرتجف جسده رغم انه اراد ان يطول ذلك اكثر لكن لم يستطع ؛ لاطالما كان يضم لؤي و كان يبقى معه ان حدث اي شيء سيء او جيد ؛ لدرجة انه كاد ينسى وجود والدته و ربما فعل !! ؛ اجبر نفسه على الابتسام بوجهها معتذرا ليذهب لغرفته و ما ردده في نفسه 〞لم يتغير شيء بعد .. اسف لؤي .. هل سيسمعني ضياء مجددا؟〝

**********
فقط تنبيه ان اردتم فهم ما يحدث فبدأو بِعَدِ مشاكل بهاء انطلاقا من هذا الفصل .. كل كلمة مُهمة مهما كان معناها او موقعها

.......
هل سيتضاهرون بان لا شيئ حدث بالماضي المنسي او ماذا سيحدث و متى سيخبره بكلام اخيه و الاهم ..
ما الذي لم يتغير اي تناقض يعيشه و هو من يكره التغيير لابعد حد ؟

لما هذا الخوف و تردد ليخبر ضياء بل ماذا سيخبره عن نفسه ؟

أصدقاء هل فهمتم هذه الكلمة عنده او حالكم كحال ضياء ؟

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top