°•~|محاولة فاشلة|°•~
•
°
•
عقاب تلو عقاب ، ضربٌ وشتائم لم يتوقفوا عنها طوال أربعة أيامٍ متواصلة ، بكاؤه الذي حمل هموم الجبال ومذكرته التي خطتها أنامله وصوت شهقاته التي ملأت الكوخ الصغير شُقَّ التعب إليه من كل النواحي إحتاج إلى والده الآن حضنٌ يدفئه و ينتشله من هذا الظلام الذي غرق فيه ، إحتاج إلى أمه وصوتها الهادئ وكلاماتها المشجعة
ظلام ...
كل ما حوله هو الظلام فقط
يجلس كعادته محاولًا خط كلماته التي كبتت ولم يخبر بها إلا دفتره الذي أحبه كثيرًا ، أصبح منتفخًا من دموعه المنهمرة عليه كورقة مقرمشة
°
•
°
الخامس والعشرين من ديسمبر
أنا الآن سأقولها ، لقد تعبت لا أستطيع الإكمال ، هذه الروح اللعينة تأبى الخروج ، أنا الآن أتمنى الموت في كل ثانيةٍ ودقيقة ، نظراتهم البغيضة لا زالت تلاحقني ، ضحكاتهم الساخرة أنا الآن أسمعها وكأنها شريطٌ سجل ليعرض عليَّ أنا فقط ، أيقن أن ما يغلفني يسمى بالوحدة ليس بقربي أحد إلا أولئك المتنمرين الذين يزدادون مع مرور الوقت ، أكثر من خمسون إهانة تعرضت لها في أيامٍ قليلة ، سأقف عند هذا الحد ...
•
°
•
أنهى كتابته عند هذا الحد ، واكتفى بوضع ثلاثة نقاط هذه الإشارة كفيلة لتوضح من أنه تعبَ ولا يستطيع الإكمال ، كيف لطفل لم يتجاوز الحادية عشر من عمره أن يفكر بهذا ؟
دقَّ الباب ، فانتفض الصغير خوفًا وقف بصعوبة ليرد على ذلك الشخص المجهول
مقلتيه زادتا اتساعًا وخوفًا ، أنفاسه اضطربت لتصل مسامعها إلى أولئك الأشخاص الأربعةالذين نظروا إليه وكل نظرة منهم كانت تتفحص جسده ، شهق ليونهارد وحاول إغلاق الباب تلك القدم فاجأته لتمنعه من إغلاقه
ازادت أنفاسه ودقات قلبه تتسارع مع وقع خطاهم ، ثبته إثنان ليدخل آخران ويدمرا ما يعد مأواهم الوحيد
- "أهذا هو قصره الكبير "
قالها أحدهم وهو ينثر بأدوات منزلهم لتتكسر معظمها ، أحضر أحدهم ماءً باردة ليسكبها عليه و ترتجف أسنانه من البرد ثيابه خفيفة جدًا لا تناسب ذلك الفصل السيئ ، أحضر أحدهم الطحين ليلوثه بهذه الطريقة تمامًا
قبض على يده بغضب ليصرخ:
توقفوا
نظروا إلى بعضهم البعض لتتعالى الضحكات أكثر ، تحرك أخيرًا دافعًا لأحدهم ليخرج من الكوخ راكضًا مبتعدًا لا وجهة له
الغيوم تلبدت في السماء ، لتعلن عن عاصفةٍ في الطريق ، اللون الرمادي غطى الأنحاء كلها ، الطبيعة تضامنت مع حال ليونهارد ، يمشي بخطواتٍ مترنحة رفع رأسه لتحدق زرقاوتاه الداكنتان بتلك السماء لأي حالٍ وصل هو ؟ مشى كثيرًا وتعثر كثيرًا تائه ليس له أي وجهة بالكاد يرى والديه اللذان يعملان كثيرًا أفكاره متضاربة ، يأبى عقله التوقف عن التفكير مما زاد الوضع سوءًا فتحَ دفتره ليجلس في إحدى الزقاق ويخط كلامته وهو متألم لما وصلوا إليه
أمي ، أبي أنتما بجواري ، لكني أشعر بأنكما تبتعدان عني كل يوم ، تحاولان توفير المال لنعيش حياةً طبيعية كالسابق لكني لا أريد ذلك لم أعد أرغب في حياة الرفاهية ، حياة مملة هي بحد ذاتها كذبة ، يقنعون أنفسهم أنهم يملكون كل شيء هم في الحقيقة لا يملكون شيئًا يحتاجون إلى الكثير ، أعلم يا أبي أنكَ تهان
لكن ...
هل يجب أن نكون أغنياء حتى نعامل باحترام ؟
هل علينا أن نرتدي تلك الملابس الفاخرة ؟
في السابق التفو حولي من أجل المال يا والدي ، والآن تنمروا عليّ لأني أصبحتُ فقيرًا بحقكم ما هو الوصف الذي يلائمكم
ءأنتم حثالة ؟
أم أنتم أناسٌ فقدتم كل مشاعركم من أجل تلك الأوراق ؟
فقط لو أنني أستطيع أن أريكم قيمتكم ، تحسبون أن الإنسان تبرزُ قيمته فقط بأوراقٍ لعينة لا ... أنتم مخطئون
أنا الآن علمتُ أن لا أحد مثقف ، يظنون أنهم يفقهون كل شيء
ألم يسمعوا بتلك الحكمة التي تقول
" إذا كان الإنسان ذو أخلاق ... 1
إذا كان ذو جمال فأضف إلى الواحد صفرًا ... 10
إذا كان ذو مال وجاه فأضف صفرًا آخر ... 100
و إذا كان ذو حسب ونسب فأضف صفرًا آخر ... 1000
فإذا ذهب العدد وهو الأخلاق ، ذهبت قيمة الإنسان ، وبقيت تلك الأصفار ولا قيمة لها ... "
أنتم الآن تملكون كل شيء ، جمال ، مالٌ وجاه ، حسب ونسب ، لكن لا تملكون الأخلاق لذلك لا قيمة لكم
و الآن لقد تعبت ، أمي ... أبي ... إعذراني
عيشا حياةً سعيدة من دوني أتمنى من أعماق قلبي أن تعود الأمور إلى طبيعتها
ابنكما المحب : ليونهارد روبرت
تساقطت قطرات الأمطار بغزارة لتصل إلى ذلك الفتى الذي ما كتبَ كلامته الأخيرة ليمتلئ الدفتر بقطرات المطر أغلق ووضعه أرضًا خلع سترته وألقاها عليه ، سار متجهًا إلى الأمام خصلات شعره إمتلأت بقطرات المطر وثيابه كذلك وقف على حافة القطعة الحديدية ... مع هذه الأمطار الغزيرة أمواج هوجاء كانت في أسفل الجسر تأمل ليون السماء ثم أزاح بنظره إلى البحر
خصلاته السوداء المبللة بالمطر انسدلت على جبينه لتغطي عيونه الخضراء ، شاب في الثاني والعشرين من عمره يمشي باتجاه الجسر يظهر عليه أنه خائبٌ لا وجهة لديه ولا هدفٌ واضح فأيُّ مجنونٍ هذا الذي يخرج في مثل جوٍ كهذا ، رفع رأسه أخيرًا قاصدًا النظر إلى السماء لكنه تفاجأ بفتى قصير القامة بشعره الأشقر الطويل نوعًا ما ، توسعت حدقة عينيه لأنه وقف على الجسر
الشاب
لا أعلم ماذا أفعل ؟ لمَ حظي سيئ ؟ كيف سأواجه والديَّ الآن ؟ هذه المرة العاشرة التي أرفض ، لمَ ؟! ألستُ مؤهلًا لهذا ؟ حسنًا سأبقي لديَّ طيفَُ تسعُ مراتٍ رفضت لم يأتِ الرد إلى الآن لكن هم سيرفضون
رفع رأسه ليأخذ نفسًا عميقًا قاصدًا الإسترخاء
ما.. ماذا يفعل ذلك الفتى ؟ هل جنَّ ليقف على الحافة ؟
ل..ااا لا.. لا يمكن أن يقبل على القفز .. لا لا لن يفعل لن يفع...
صمت مع صوتِ وقعه في الأسفل ، هو لم يتوقع أن يقدمَ على فعل ذلك فما هو السبب الذي جعله يفعلها ؟
ركض بأقصى سرعته ليقفز رغم تلك المياه الهائجة ، حاول الإمساك به لكنه غاص للأسفل ...
عدة محاولاتٍ حتى أمسك به أخيرًا ليسبح بصعوبة متجهًا إلى المرفأ تشبث جيدًا به وهو يحاول أن لا يغرقَ هو الآخر ، لكن جسد الطفل كان يبرد ببطء ، تعالت شهقة كبيرة من الأكبر عند ملاحظته لدقات قلبه الضعيفة أسرع بسباحته و الأمطار ما زالت تعيقه وتلك المياه التي تهيج وتتوقف أحيانًا
3 دقائق تبقى أرجو أن يصمد "
تمتم بها الشاب بصوته الخائف
وصل أخيرًا ليضعه أرضًا حسَبَ الوقت المتبقي لإنقاذه تنفسه قد توقف وهذا دفعه للقلق وقلبه في تباطؤ ، أخذ يده ليضغط على منتصف صدره واليد الأخرى فوقها ليضغط ببطء وروية ، رفع رأسه ثانيًا له وأجرى له تنفسًا إصطناعيًا ... سعل بقوةٍ مخرجًا ذلك الماء الذي دخل بفمه ، ركض الشاب ليحضر سترته التي خلعها و ألبسها للطفل ثم جعله ، مكبًا على وجهه ورأسه ملتفتًا لأحد الجانبين وطرفه السفلي الأعلى مثنيًا قليلًا عند الركبة ، حاول أن يمنع المطر من الوصول إليه ، لكن ذلك كان شبه مستحيل مع ذلك الجو ، دقائق معدودة ثم استعاد وعيه عيناه فتحتا ببطء شديد ، اسنانه تصطك من شدة البرد ليقول بضع كلمات
- "بر...د بر..د ... برد"
قرب أذنه منه محاولًا سماع ما يقول ، شهق إثر سماعه لكلامته ، عادت إليه درجة حرارته لكنها أصبحت ترتفع تدريجيًا حمله الشاب بسرعة وسار به إلى منزله الذي كان قريبًا من الجسر
°
•
°
•
☁انتهى البارت☁
يتبع...
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top