وجهان لعملة واحد 2
رواية علياء:
دخلتُ المنزل بعد أن فتحت لي امي الباب، لم أكن بمزاج يسمح لي بأن اشرح لها ما حدث فهي بالتأكيد ستأخذ صفه.
دخلت غرفتي متجاهلةً نداء امي وسؤالها لي عن سبب غضبي ومزاجي المعكر.
صفعتُ باب الغرفة ورائي واستلقيتُ على السرير، لا أصدق انه بعد كل ما فعله لا يرى نفسه مخطئا حتى!
انا الغيورة والمهووسة وهو البريئ الذي لم ينظر لامرأة في حياته!
منذ أن تقدم لخطبتي وحتى في حفلة خطبتنا؛ كنت ألمح نظرات الفتيات المتواجدات في الحفلة له،
بالعادة تكون العروس تحت الأنظار وتكون هي مركز الاهتمام، لكن في حفلة خطبتنا الجميع كان ينظر إليه، وفي هذه الحالة الأمر منطقي؛ فهو طويل و وسيم جدا، ومع البدلة كان يبدو مثل رجال الأعمال أو ممثلي السينما.
بينما أنا فتاة متواضعة بجمال متواضع جدا مقارنة بباقي الفتيات خصوصا شقيقاتي وقريباتي.
لا زلت أذكر تعليقات خالاتي وجاراتنا عني عندما كنت صغيرة. "جميع بنات ام خالد جميلات جدا ما عدا علياء"
احداهن مرة قالت. والأخرى ردت عليها :
"لا تقلقي عليها، فبالعادة البطة السوداء في العائلة يكون نصيبها أفضل من الباقي!"
"لا تشبه والدتها على الإطلاق!
يا ترى ممن ورثت هذه الملامح الغريبة؟"
وبالفعل في حفلة خطبتنا لمحت ملامح الصدمة والحسرة على وجوههن، خصوصا ام علي التي كانت دائما تقارنني ببناتها، وكانت دائما تتفاخر بهن وتقول انها لا تشتري لهن الا أغلى الملابس، وتاخذهن إلى أشهر الصالونات، وكيف أن جميع أقاربهن ومعارفهن يتسابقون لخطبتهن لكن والدهن يرفض لصغر سنهن.
لا أدري لما مجتمعنا مهووس بالمظاهر لهذه الدرجة، صحيح أن جواد وسيم لكن هذا ليس السبب الوحيد لاعجابي به، والدتي و والدته أقرباء لكن قرابتهم بعيدة، والدته من عرفتني عليه، اعترف بالبداية أعجبت بجماله وهيبته لكن بعد أن تعرفت عليه أعجبت بشخصيته المرحة وخفة دمه أيضا، كما أنه صادق وخدوم، ظننت انه معجب بي أيضا، ظننت انه سيحترمني ويقدرني ولن يرى اي امرأة غيري، لكن يبدوا انني مخطئة!
في كل مرة اخرج معه لمطعم أو للتنزه، ألمح نظرات الفتيات وابتسامة هذه وغمزة تلك.
بالبداية كنت أخجل واطلب منه تغيير المكان، وكنت احاول ان ألمح له أن الأمر يزعجني، لكن الوضع استمر على نفس الحال، وما يزعجني أكثر هو لما يبادل الموظفة الابتسامة أو عندما يشكر إحداهن برقة لم أرها في تعامله معي!
أما موقف اليوم فقد كان الشوكة التي كسرت ظهر البعير!
لقد كنا نتفقد الشقة التي سنسكن فيها في المجمع السكني، كالعادة بعض الفتيات لمحنه واخذن يبتسمن، فصعدنا إلى الشقة وانا في مزاج سيء ولم أبدِ ردة فعل على الاثاث مع انه أثاث لا بأس به بالنسبة لوضعه المادي المتواضع.
بعدها ونحن في المصعد دخلت امرأة تضع عطرا ذو رائحة قوية جدا، لدرجة أنني شممته وهي في آخر الممر قبل أن تدخل المصعد!
طلبت منه أن يوقف المصعد بنبرة مستفزة جدا
"لو سمحت عزيزي أوقف المصعد"
فطبعا قام جواد الشهم بإيقاف المصعد لها!
وقفت بجواره عندما دخلت المصعد، فنقرتُ كتفه وأشرتُ إليه لأقف انا في مكانه بجوارها.
انتبهت السيدة المتصابية لنا فقالت "اكيد عروسين أو خطيبان جديدان"
قهق جواد على تعليقها وقال :
"وكيف عرفتي ذلك؟ "
قالت وهي تضع الماسكرا وتنظر إلى مرآة المصعد
"من الحُمرة في وجوهكم، ومن الغيرة و طريقة تشابك أصابعكم ببعض، بعد بضع سنوات من الزواج اغلب الأزواج يسيرون أمام زوجاتهم ولا يمسكون ايديهم الا عندما يناولوهم المصروف"
تابع جواد الضحك وقال :
"هكذا إذا، لم أعلم أن الأمر واضح هكذا!"
لحسن حظي أننا وصلنا إلى الطابق الارضي قبل أن يرتفع ضغطي،وقبل أن يتابعا الحديث ويصبحا صديقين!
سحبته من يده خارج المصعد، سألته إذا كان يريد الذهاب إلى مكان للتنزه قبل العودة إلى البيت، لكنه لم يجيب، التفتُ إليه فوجدته لا يزال يحدق بتلك المرأة التي كانت لا تزال مشغولة بمكياجها داخل المصعد!"
أعدت سؤالي بصوت أعلى فجفل وقال
" آسف ماذا قلتِ؟ "
" اووف، لا شيء!
لا عليك، خذني إلى المنزل؛ فأنا متعبة"
بعد ذلك ظل يسألني عما أصابني ولماذا تعكر مزاجي فجأة، وكأنه لم يفعل شيئا!
فانفجرت به وتشاجرنا وحدث ما حدث.
حتى لو اعتذر وتزوجنا واكملنا على هذه الحال دون أن تتغير تصرفاته فلن اكون سعيدة.
أهم شيء بالنسبة لي هو الاحترام والمودة والتفاهم، كيف سأكون سعيدة مع شخص لا يحترمني ومن خطوبتنا وعينه زائغة!
بل وفوق كل هذا الجميع يحسدونني عليه، و يظنون انه هو ذو الحظر العاثر بارتباطه بي! وكأن جماله يشفع كل َتصرفاته وطيشه!
وكأن الطول ولون الشعر أهم من الأخلاق والاحترام!
لا أحد منهم يعرفه على حقيقته، لا أحد سيتفهم، كلهم سيقولون ان علاقتنا لم تنجح لأنني لا استحق شخصا مثله، ذو جمال وجاه و وظيفة ثابتة وشهادة.
لن يتفهم احد ان التوافق لا يتم بالشكل بل بالفكر، لن يحاول احد سماعي، حتى والداي سيولومنني!
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top