القرش 3
رواية الأب :
استغفر الله العظيم، هذه أول مرة أرى إشارة خضراء تضيئ
مرة كل ربع ساعة!
تأخرت على عملي بالفعل بسبب هذه الاشارة الخسيسة.
حصلت على ترقية قبل عامين وحاليا اعمل كالمدير العام للفرع، لفرحة زوجتي زاد مرتبي الضعف لكن من جهة أخرى تضاعف عملي أيضا.
آخر مرة رأيت ابني ماهر كانت عند باب الثلاجة بالخطأ عندما كنت جائعا بمنتصف الليل.
وأخر مرة تحدثت مع ابنتي كانت عندما طلبت مني بعض المال قبل أن أخرج للعمل.
بينما ابني الأكبر لا أذكر متى اخر مرة رأيته وأشعر وكأني لا أعرف شيئا عنه، فهو شاب هادئ جدا و وجوده في المنزل كالشبح.
في السابق كنت اعوض عن الوقت الذي امضيه في العمل باجازات نهاية الأسبوع وإجازات الأعياد، كنت آخذهم في رحلة إلى الشاطئ أو المنتزه أو أرض الألعاب ونمضي وقتا رائعا معا، اما الان فحتى في الإجازات لا أستطيع أن أخرج معهم لأنه احتمال أن يطلبوا مساعدتي في العمل في أي لحظة، لذا صاروا يسافرون بدوني في بعض الأحيان، كما أنهم قد صاروا جميعا شبابا وجميعهم يفضلون الخروج مع أصدقائهم على العائلة، فحتى عندما أكون في المنزل لا أجد احدا لاسامره سوى زوجتي.
اخيرا تحركت الإشارة بعد أن هرمت وانا انتظر حركت السيارة لاخرج بسرعة من هذه الأزمة قبل أن أعلق ثانية، أخذت طريقا مختصرا في الشوارع الفرعية حتى أصل للبنك بسرعة بعدها تذكرت ان هذا الشارع الفرعي يؤدي إلى مدرسة ابني ماهر، ربما اصادفه وألقي عليه التحية إذا مررت به، عندما اقتربت من المدرسة أوقفت السيارة وأخذت اتفحص الطلاب باحثا عن ابني بينهم، لم أجده بين الاولاد الذين كانوا داخل المدرسة ولا يبدوا ان الدوام قد بدأ حتى يكون في داخل المبنى، قررت الا اضيع الوقت واعدت تشغيل سيارتي لاتابع طريقي إلى العمل، وانا احاول الانعطاف بالسيارةة عبرت من جانبي سيارة زوجتي، لكن لم تكن زوجتي من يقودها بل ابني ماهر!
هل يعقل انه سرق سيارة والدته ثانية؟
بل والأدهى من ذلك أنه لم يدخل المدرسة بل وقف أمامها ليقل صديقه الذي كان ينتظره أمام الباب، بعدها ركب صديقه في السيارة وانطلق.
أردت أن ألحق به لكن لم يكن لدي وقت لذلك، فلدي اجتماع مهم اليوم، ساتعامل مع طيش ابني المراهق في وقت لاحق، بعد الاجتماع ساتصل به و اوبخه، بعدها ساحرمه من المصروف والخروج.
***************************************************
بعد أن انتهى الاجتماع اتصلت على ابني اربع مرات لكنه لم يجب فاتصلت على والدته واتضح انها هي الأخرى كانت تحاول الاتصال به ولم يجبها، وأخبرتني أن مدير المدرسة يهدد بطرده اذا كرر هذا الفعل وإذا لم يحسن السلوك.
لا أدري لما على الأولاد في هذا السن أن يتمردوا!
عندما كان شقيقه الأكبر في سنه كان هادئا كما هو الآن، صحيح انه لم يكن مجدا في دراسته وكان يرسب كثيرا، لكن مع الدروس الخصوصية وبعد أن تفاهمت شخصيا مع مدير المدرسة استطاع أن يتخرج من الثانوية العامة بعد اول محاولة.
لا شك انهم قد ورثوا هذا التكاسل والطيش من والدتهم فأنا عندما كنت في سنهم كنت مكافحا ومجتهدا في عملي ودراستي، استطعت ان أوفر أقساط الجامعة بنفسي، وأكملت تعليمي على نفقتي الخاصة، ولم أكن افوت درسا واحدا ولم اهرب من المدرسة يوما.
هل المال والدلال هو السبب؟
هل أمنوا العيش المريح لدرجة انه ليس لديهم أي حافز للعمل؟هل جميع الاولاد الأثرياء هكذا؟
هل على الشخص أن يكون شقيا في حياته حتى يدرك قيمة الراحة، ألا يمكن للإنسان أن يدرك قيمة الشيء وهو يملكه؟
لا أدري وليس لدي الوقت للتفكير بالإجابة، فعلي العودة للعمل.
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top