الجزء السابع
نطقت ضياء بعدم تصديق ،هل تعتقد تلك الغبية أنني وذلك الشبيه بالغراء بيننا شيء ما !؟؟ الرحمة أرجوكم أصابني الدوار بمجرد تخيل ذلك !!.
-" الأمر لي... آاااااه "
لم أكمل جملتي إثر شدها لشعري بقوة بكلتا يديها و هي تنتشلني من بين أحضانه بقسوة وكأنني شيء مجرد من المشاعر ،ثم صرخت في وجهي بعصبية هوجاء ،هذا كله وذلك اللعين متسمر في مكانه بصدمة .
-" ألا يكفيكِ رمي شباككِ على زين والآن ترمينها على أخي هكذا ألا تخجلين من تصرفات الساقطات هاته !!؟ "
تصرخ في وجهي وهي تضغط على كل كلمة تقولها بصوت جهوري ويداها لا زالتا تشدان شعري أقوى وأقوى حتى شعرت أنها ستقتلعه كله ،و ها قد تجمع كل من في المدرسة مشكلين حلقة حولنا يشاهدون العرض باستمتاع ونظرة استحقار يرمونها لي .
ثم صفعة جعلت من وجهي يدور للجانب بينما تغطي وجهي بعضا من خصلات شعري لترتفع يدي تلقائيا تمسك خدي المتورم إثر ضربها لي . قال بعصبية :
-" ما الذي فعلتيه يا حمقاء !!!؟ "
أزال يديها من على شعري بصعوبة بعدما استيقظ من صدمته و اللعينة ما تزال تتمسك به لا تريد إفلاته تزامنا مع نهرها له محثة إياه على تركها تمسح بي على أرضية المدرسة . وانا بقيت ملقاة على الأرضية الباردة ككيس قمامة أو شيء غير مرغوب به ،أمسح دموعي بعنف وشهقاتي لا تتوقف .
-"أفلتني هاري سأقتل هذه الخبيثة وأخلصك من تأثيرها "
-" هاااري أتركني ،أترركني !! "
أمسكها المزعج الذي إتضح أن إسمه هاري وبكل عشوائية تتخبط بين ذراعيه في محاولة للتخلص من قيدهما لها كي تصل لي ،أشد شعري بتألم بينما أرتب بعضا من خصلاتي الهائجة و أمسح دموعي الذي أبت التوقف وأشاهد فقط ببقلب مكسور ،كيف لها أن تظن بي شرا وتظلمني بهذا الشكل الشنيع ؟؟ كيف لها أن تلفق لي شيئا لم أقترفه ولم أنويه حتى !؟؟ أوليس هو من يتبعني كلما حطت أنظاره علي !!؟
-" إهدئي ضياء هي لم تفعل أيا مما قلتيه ! هي ليست كما تعتقدين "
قال بانفعال لإخراسها ،تشه صوتها مزعج يصم الأذنين .
-" لا تنخدع بنظرات الجراء تلك هاري ،أنا من درس معها منذ الصغر وأعرفها أكثر منك ،ثم إنك ألا ترى كيف تدافع عنها ضددي !؟ عد لوعيك يا أخي تلك أفعى خبيثة هدفها تفرقتنا"
قالت كلماتها الجارحة على مرمى أذنيا في البداية بصراخ لتنخفض نبرة صوتها في الأخير لتصبح أشبه بالترجي وأنا أضم ساقاي لصدري وأشدهما بيدي ثم أدفن رأسي وسطهما ،كفى دهسا لكرامتي لليوم ! أتمنى فقط لو تنشق الأرض وتبتلعني وأتخلص من كل هذا الألم .
-" إبتعد أنت من أمامي ،ما الذي تجتمعون حوله ؟؟ "
سمعت صوت زين من بين الجموع وهو يتخطاهم لمعرفة ما يجري .ملامح الصدمة أقل ما يقال عنها هي من إحتلت ملامحه للحظات ليتدارك ذلك ويهم نحوي وهو ينحني لمستواي ثم يزيل يدي عن وجهي ويرفعه ببطء ليترأى له تورم خدي وشعري الأشعث .تلاقت عينيا الباكية بعينيه القلقلة التي تحمل مشاعر الشفقة على حالي بكل وضوح وفقط دون كلمة حملني وسط شهقات الجميع إزاء ما فعله زين .
-" خذني من هنا أرجوك "
بتوسل همست له بصوت مبحوح وأنا أتشبت بقميصه الأزرق الباهت وشهقاتي تعلو بين حين و آخر بينما ما زال هاري يحاول إخراس تلك البائسة وهو يجرها أمامه ليغادرا معا وبعدها ذهب كل واحد منهم لحال سبيله ،الحمد لله أنه لا توجد الإدارة وإلا لكبرت المشكلة وقد يتطلب هذا إحضار واليديا وتلقائيا ستحرمني أمي من المدرسة .بقيت مع زين في دورة المياه وهو يحاول تعديل خصلات شعري الأسود ثم قام بمساعدتي لغسل وجهي المحمر إثر البكاء أو بالأحرى هو من قام بذلك وقد تفقد خدش وجنتي وعينياه تلمع بحزن عميق ،هذا كله وأنا ما أزال بين أحضانه ،أراهن على أنها لم تترك فيه ولا شعرة سليمة .
-" بخير الآن ؟ "
أومئت له وأنا أسمح بكف يدي دمعة نزلت .
-" ششش لا تبكي ،تصبحين قبيحة هكذا "
ضمني إليه لتهدئتي وأنا كالحمقاء لا أنفك عن البكاء حتى أجهش أكثر من ذي قبل .قلت من بين بكائي وقد إرتسم على ثغري شبح إبتسامة ساخرة :
-" أنا بالأساس قبيحة فما الفرق ؟؟ "
-" قطعا لستِ ،أنا لا أراكِ كذلك ! "
-" لا داعي لمواساتي فأنا أعرف حقيقيتي جيدا "
قاطع كلامه رنين هاتفه وهو يلعنه على وقته غير اللائق .
-[ أهلا ،من المتكلم ؟ ]
-[ ااه أمي ! أكل شيء بخير ؟]
-[ لا أستطيع القدوم الآن إعفيني ]
-[ ولكن أم... ]
-[ أرجوك لا تبدأي مجددا ]
-[ حسنا حسنا لكِ ذلك ]
أغلق الخط وهو يزفر بحنق لاشك أنه إنزعج من طلبها ،نظر في وجهي قائلا بأسف .
-" آسف كايتي لن أستطيع إيصالكِ للبيت ،تريدني أمي لشأن ضروري "
-" اها لا مشكلة أبدا فكما ترى لديا قدمين تسيران "
قلت ممازحة كي لا يشعر بالذنب أكثر كما لو أنه مضطر لتحمل مسؤولية إيصالي أو الوقوف بمشاكلي اللامتناهية . وفقت بينما أهندم ملابسي وشعري وزين خرج قبل أن ألحقه .خرجت من الحمام لأجده ما زال هناك لأقول له بفضول :
-" خلتك ذهبت ! "
-" كنت أريد أن أتأكد من أنكِ بخير أولا وبعدها سأرحل "
قال بابتسامة خلابة تظهر أسنانه البيضاء المتراصة بينما خصلات شعره السوداء ساقطة على جبينه مشكلة بذلك تحفة فنية عنوانها 'وسامة زين' ،أما عينيه السوداء ذات الرموش الكثيفة حكاية أخرى مهما وصفتها لن توفيها حقها .نظرت له عميقا بينما أتقدم نحوه .
-" مهما قلت لك من شكرا لم ولن تعبر عن مدى إمتناني لك أنا حقا مدينة لك زين ،أنت أنت مميز حقا ،كيف أقولها .."
قلت بإمتنان أحاول أن أرد له ولو جزءا بسيطا من معروفه لي ،وأنا أفكر كيف أفسر له أو حتى أوصل له كم أنه يعني لي كثيرا لولا وقوفي بجانبي في كل شدة لما كنت كايت التي أنا عليها و لكنت قد إنتهيت منذ زمن و أصحبت في خبر كان .
-" أنت معجزة قد منَّ الرب علي بها ،ربما أنت هو العوض من كل الألم الذي مررت به "
.ربت على شعري برقة وهو يقول بابتسامة خفيفة :
-" كوني بخير من أجلكِ، حسنا ؟ "
ثم رحل وتركني أتخبط بين أمواج الماضي التي جاهدت لمحو أثرها من على ذكرياتي ولكن الظاهر أن كل ما نحاول نسيانه لا ننساه وإنما نذكره مع كل ثانية تمر ،وحتى لو إعتقدنا أننا بالفعل دفناه في آخر جزء من اللأوعي فهو يعود بمحرد كلمة بسيطة تجعل من شريط حياتي المأساوي يمر أمامي كفيلم نهايته ما زالت مجهولة وأحداثه تتقاذفه بين أيهما يكون الأشد ألما وفظاعة .رغم ما حصل قبل سنتين إلا أنني أجده كأنه الأمس ،لم تبارح تفكيري قط كانت شيئا لا يمكن تعويضه ،كحلم جميل كانت هي محوره إستيقظت منه على واقع مرير إتضح في النهاية أنه مصيري ،لكم يجثم الندم على قلبي ومعه تصاحبني فكرة إنهائي حياتي البائسة ،أريد اللحاق بها ،إشتقت لضحكاتها الرقيقة المليئة بالأمل والصفاء ،إشتقت لعطرها برائحة الياسمين ،إشتقت لعينيها العسلية التي تنافس الشمس في بهائها ،كانت دائما تردد على مسامعي جملتها الشهيرة التي لطالما قالتها حينما يغيم الحزن على سماء قلبها ،كانت تردد دائما ' أيس بي كات ' .
°°°°°°°°° قبل خمس سنوات °°°°°°°°°
-" كايتي !! "
هتفت فتاة ذات شعر بني أطرافه ذهبية ،لتستدير ذات الشعر الأسود الذي ينفس الليل في لونه .تنظر كايت بإستغراب ناحية شقيقتها ليليث التي باغثتها بعناق فاجأها .ليست من عادتها إظهار كل هذا الود !؟
-" ما سر هذا العناق !؟ "
تسائلت كايلين بنبرة ساخرة . وعندما لم يأتيها رد دب القلق في أوصالها بينما تفصل العناق لتتفقد ملامح شقيقتها .
-" ما خطب عينيكِ ذابلتين هكذا !؟ أهناك من ضايقكِ ليليث ؟؟ "
ظلت تحدجني بنظرات لم أفهمها ثم في لحظة إنفجرت باكية دون سبب وهي تعانقني بقوة وكأنها تودعني .
-" لما تبكين ؟ هل أخطئت في شيء !؟؟ حسنا ليليث أنا آسفة أيا ما قد فعلته لكِ فأنا آسفة عليه ،إتفقنا لذى كفي عن البكاء رجاءا ! "
فصلت العناق ثانية وأنا أنظر في وجهها الباكي وأنفها الذي إحمر إثر البكاء الذي للآن لا أعلم سببه .ودون أن أشعر بدأت أبكي معها ،أظن أن عدوى بكائها غير المبرر إنتقل لي ،سخرت داخليا .
-" أرأيتِ هئ هئ ها أنا ذا أبكي بسببكِ "
مدت كفيها يدها تمسح دموعي برقة من على خدي وأنا فعلت المثل .
-" آسفة "
هذا كل ما كان في وسعها قولها بعدما نظرت لي مطولا وكأن الكلمات تتزاحم داخل عقلها ،لا تدري ما تقول .
-" ولكن لما ؟ "
تسائلت باستغراب .
-" تذكري 'أيس بي كات ' "
-" ولكن ماذا تعني دائما ما تقولينها وإلى الآن تأبين أن تشرحيها لي "
عبست في وجهها لتهديني أحدى إبتساماتها العذبة بينما تربت على شعري بحنية وهي تنحني لمستوايا فهي كانت أطول مني ببعض إنشات .
-" ستفهمينها عندما تكبرين ،تحلي بالصبر عزيزي "
تدخل صوت أمي الجاف يقاطع جلستنا اللطيفة محدثة ليليث بنبرة آمرة .
-" حان الوقت ، أمامي !! "
-" في الحال "
قالت بكلمات هادئة موجهة حديثها لأمي وهي تقبل جبيني بعمق مغمضة عينيها ثم رحلت وراء أمي وقبل أن تغلق الباب قالت :
-" كوني بخير من أجل نفسكِ غاليتي "
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top