الجزء الخامس
اِلتفت أنا وإستفان بصدمة لذلك الصوت الذي بدى إلى حد ما هادئ . جديا أمي والهدوء !!؟ على حد علمي هي وشيء يسمى 'الهدوء' خطان متوازيان لا يلتقيان ! بادر إستفان بالتحدث بقلق وهو يتوجه ناحيتها .
-" عزيزتي ، ما الذي جاء بكِ هنا !؟ ألا ينبغي لكِ التواجد في الفراش الآن "
أجابت بنفور بينما تزيل يدي إسفتان التي أطلق لها العنان كي تمسكان كتفيها مخافة أن يباغثها الدوار على حين غفلة فتقع .
-" وهل أبدو لك معاقة كي ألزمه ،أنا بخير !"
أحيانا أشفق عليه وعلى حظه الذي قاده ليتزوج من اِمرأة كأمي ! أما أنا توجهت مباشرة إلى عالمي الخاص المسمى بغرفتي بعدما أدركت أن هناك رائحة حريق على وشك الإندلاع بينهما ككل مرة .لا أعلم لما يتحمل نكدها بطيب خاطر وهذا ما يستعصي على لورين فهمه فتزيد من اشتعاله ،ثم إن آخر ما لاح لمسامعي هو صوت إستفان وهو يقول :
-" كفاكِ هبلا ،أما حان الوقت لتضعي حدا لطيشكِ "
لاشك أن المسكين سيندم على كلامه أشد الندم .
شد انتباهي شاشة الهاتف المضائة حينما دلفت لغرفتي ،حيث قادتني قدمي نحوه بفضول . فتحت كلمة السر وإذا بي أجد أن أحدهم قد أرسل لي رسالة نصية على الانستغرام مفادها .
- / من : H-225
' أهلا ، كيف حالكِ '
لابد أنه معتوه آخر يضايقني ،لذا جل ما فعلته تجاهل رسالته وبدأت بالتصفح مثلما أفعل حينما ينتابني الملل ولكن قاطع انغماسي وصول رسالة أخرى من نفس الشخص متذمرا .
- / من : H-225
' ليس لطيفا تجاهل رسائل الآخرين ! '
- / إلى : H-225
' ومن قال أنني أجيد اللطف !!؟ '
- / من : H-225
' إنه أنا بالطبع '
- / إلى : H-225
' لا أريد تخييب أمالك ولكنك مخطأ وأنا لا أهتم '
- / من : H-225
' بلى تهتمين ،و أنتِ تعلمين يقينا أنني على حق ;-) '
- / إلى : H-225
' ألاتفهم كلمة لا أهتم ؟! لاتراسلني مجداا '
- / من H-225
' بل هما كلمتين لنكون أكثر دقة ، وهل ستفعلين أنتِ ؟ '
- /إلى H-225
' فليكن ! قطعا لن أفعل '
- / من H-225
' على راحتكِ ، أرأيتِ لهذا السبب لن أفعل ما قلتيه '
- / إلى H-225
' وما دخلي !؟ '
- / من H-225
'كل الدخل '
- / إلى H-225
'عفوا !؟ ألا تكف عن الاِزعاج ؟ '
ثم أغلقت الهاتف وأنا أتكئ على سريري بإرهاق ،تعبت من كل شيء ،حرفيا !!.ثم أغمصت عينيا لأغط بسرعة في عالم الأحلام حيث كل ما أريده حقيقة . بصراحة لا أعلم ما أريده بالتحديد ولكني أجاري ما يقوله الناس .
اِستيقظت فزعة إثر هزي بعنف من قبل إستفان كي أسيقظ ،فهو يعلم بأن نومي ثقيل جدا ولا أشعر بما يحدث حولي حتى ولو ضرب زلزال .
-" ما الأمر ؟؟نها الثالثة صباحا أبي ؟؟ "
سألت بقلق وأنا أنظر للمنبه ثم عدت بعينيا لوجهه ،فحتما ملامحه لا تساعد بأن كل شيء بخير !.قال على عجل ولم يتح لي حتى الوقت لأستوعب ما يجري .
-" لا وقت سأخذ أمكِ للمشفى ،قالت أنها تعاني من ألم حاد أسفل بطنها ،لذا هل تفضلين أن تأتي معنا أو تبقين لحين عودتنا ؟ "
-" اآاه ، ماذا حدث لها "
تلعثمت بالكلام لا أدري هل من آثار النوم أو من عقلي البطيئ الذي لا يستوعب بسرعة ! أعاد إستفان سؤاله .
-" لا أعلم حقا ،أجيبي عن سؤالي بسرعة ؟! "
-" سأبقى فقط إذهب لا أريد تأخيركم ،رافقتكم السلامة "
لم يرد على كلامي وربما لم يسمعه بسبب صرخة أمي المتألمة، يسمع صداها في كل أرجاء البيت . سرعان ما عدت للنوم بعدما خلى البيت من أي صوت ، ولأن يوم غد سيكون حافلا بالتأكيد . اِستيقظت على رنين الهاتف المزعج ،مددت يدي بكسل باتجاهه وأنا أحاول فتح عينيا لمعرفة من هذا المزعج .
-" إنه فقط زين "
ثم عدت لإغماضي عينيا لأستوعب أنني بالفعل متأخرة ولم أسمع المنبه يرن ،فقزت من سريري لتفقد كم الساعة ،ولحظي الرائع وجدت المنبه معطل منذ ليلة أمس لهذا لم يرن وأنا متأخرة مجددا وربما فوت نصف حصصي الصباحية ،ضربت بيدي اليمنى جبهتي ،جريت بين أكوام الملابس في كل أرجاء غرفتي للبحث عن كتاب اللغة الإنجليزية .
-" يا إلاهي أين هو ؟؟ سأجن ،بحثت في كل الغرفة أين يمكن أن يكون !؟ بئسا لما قد يختفي فقط في اليوم الذي سُيراقب فيه !ج "
تنهدت بسخط ،لايكفي أنني فوت ثلاثة حصص ،بل واِختفى دفتري الغبي وقت حاجتي له ! إرديت سروال جينز وقميصا ذو قنلسوة بسرعة ،حقا حطمت الرقم القياسي في أقل وقت يمكن الاِستعداد فيه ،حملت حقيبتي ومفاتيحي فلا أحد بالمنزل ،أمل فقط أن تكون أمي بخير .جريت بكل طاقتي لأصل قبل الوقت المحدد للحصة الأخيرة وللتو تذكرت أنني لم أغسل وجهي ولم أحضر معي ما أكله ،لا بأس سأشتري شيئا ما ،ولغبائي الذي لا يظهر إلا في الأوقات الحرجة، نسيت حمل بعض النقود أيضا ! وفقت كالحمقاء وحيدة أنتظر رنين الجرس الأحمق ، ثم قلت بيني وبين نفسي ،سأفكر في إقتراض بعض المال من زين ،أظنه لن يمانع صحيح !؟
-" يا أنتِ !؟ "
إلتفت للوراء لأجد ،أوه لا أخر ما كان ينقصني .بحلقت في ملامح وجهه بلا أي كلمة في اِنتظار أن يدلي ما يريد وحقيقة أسرني لون عينياه العشبي تشع نشاطا وبراءة ،ماذا قد يريد هذا الغبي ؟!
-" لما تنظرين لي هكذا ؟! وكأنكِ ستقتلينني ! "
أطلقت تنهيدة عدم الرضى ،معه حق نظراتي بدت وكأنني سأفترسه ،ثم حل ما فكرت فيه هو عدم الإحتكاك به وتجاهل ما قاله لأحرك جسدي بعيدا عن الشبيه بالغراء ،هو كذلك لا يتركني لحالي .وهو مجددا بدل أن يفهم رغبتي في عدم الحديث ،تبعني ووقف أمامي بوجه متسائل .
- "لماذا تستمرين في تجاهلي ؟! ماذا فعلت لكِ "
ألا يمل !!؟ تشه مزعج .
-" اِرحل ! "
هذا كل ما اِستطعت قوله ليس لي طاقة للشجار خصوصا وأنني لم أتناول شيء .
-" لا أريد "
أجاب بعناد مماثل ،عديم الفهم .
-" لا أهتم "
أجبت ببرود وقد شكرت ربي داخليا لأن رنين الجرس أنقذني من إفتعال مجزرة بحقه . بدأت السير في إتجاه الفصل إلا أن يده أوقفتني ،أيريد أن ينتحر ؟! أدرت وجهي ناحيته لأفهم ماذا قد يعني بحركته تلك وأنا مقطبة الحاجبين .
-" فقط امم شعركِ "
أزلت يدي بعنف وأنا أتفقد شعري ما به فوجده هائج ومجعد كأني صعقت بالكهرباء .نسيت أنني لم أصففه ،كم أنا محرجة الآن فقد مررت على الكثير من الناس ومجددا سأصبح أضحوكة الجميع . تداركت الأمر فبدأت بلملمته وبدون جدوى ،ليس بدون مرآة وربطة ! ،زدت وضعه سوءا .
-" خذِ "
مد يديه يزيل ربطة شعره ،وللتو علمت أن له شعرها يصل حتى نهاية عنقه ،لم ألاحظ ذلك ويرجح ذلك إلى أنه لايخلع قبعته من على رأسه .
-" شكرا "
تورد خدايا بينما أخذ ربطة الشعر منه في اِحراج بدى واضحا على ملامحي ،لست معتادةً على أن يعاملني أحد برقة ،ولا حتى أن يفعل شيئا من أجلي .
-" دعيني أجمعه لكِ "
أومئت تلقائيا ،ما خطبي ؟! لم أستطع حتى أن أقول أية كلمة وكأنني نسيت كيف أتحدث،رائع من ملكة الحديث اللأذع إلى ملكة الغباء ،اِستدرت لأوليه ظهري ،بدأ يجمعه لي بسهولة وبرقة أيضا ،ما إن أحسست أنه أبعد يديه حتى أطلقت العنان إلى رجليا ولم أكلمه ،فقط جريت للفصل دون أن ألتفت له ،لا أريد أريد أن أحرج أكثر مما أنا محرجة .
-" كايت ،أين كنتي ؟! قلقت عليكِ كثيرا حينما تغيبتي "
صدح صوت زين من خلفي بقلق بدى مبالغا فيه إلى حد ما ،تزامنا مع إخراج أدواتي وللتو تذكرت أنني لا أملك دفتر الإنجليزية ،لما عليك أن تضيع اليوم بالتحديد !؟
-" قصة طويلة دعك منها ،أنا في ورطة "
حل العبوس على ملامحي بدل السرور .
-" أنسيتي أنكِ أقرضتيه لنايل ؟ "
إنفرجت أساريري عندما تذكرت أنني بالفعل أعرته لنايل ،كان ينقصه بضعة دروس لم يتمكن من كتابتهم .
-" أووه صحيح ،تذكرت الآن !! أنت منقذي زين "
قلت آخر كلماتي وأنا أقود قدميا ناحية طاولة نايل ،أرجو أن يكون قد أحضره .
-" نايل ؟ أهلا ،هلآّ أعدت إلي دفتري "
قلت كي أشد اِنتباهه ثم دخلت لصلب الموضوع ،لست من النوع الذي يحب الإحتكاك بالآخرين ولاسيما أنني لا أجيد ذلك ،أحب فقط الإختفاء عن الأنظار كالأشباح ،هذا ما أنا عليه ! و يروقني ذلك .
-" أجل أجل ،بالطبع "
مد الأشقر يده صوب حقيبة ظهره ثم أخرجه وقدمه لي بابتسامة اِمتنان فاتنة وهو يقول .
-" شكرا كايتلين "
-" على الرحـ "
بُترت جملتي إثر الصفعة التي تلقيتها بغتة ،ما اللعنة التي تحدث !؟.
-" هذا ما تستحقينه أيتها المسخ المسطحة "
أطلقت كلماتها السامة ،وأنا كالتمثال أمسك خدي بصدمة وأنبش ذكرياتي عما قد أكون فعلته لها ،لكن وقع كلماتها جرح كبريائي ،جرحني بشدة ،فرت دمعة خائنة على خدي الأيمن ،مسحتها بعنف متخطيةً إياها بسرعة بلا أي كلمة ،لا أريد من أحد أن يرى ضعفي .
-" ماذا هل أكل القط لسانكِ !؟ "
أردفت وهي تمسك معصمي بعنف ،هل تبحث عن المشاكل هذه الخرقاء ؟! تدخل زين مدافعا عني بحيث أزال يدها عني ووضعني خلف ظهره .
-" لما ضربتي كايت أيتها الوقحة "
-" أتدافع عن هذه القبيحة ،هاا !!؟ لا أعلم ما الذي يعجبك بها حتى تلزمها كظلها ،هل انت أعمى ؟؟ "
نهرته بصوت جهوري وهو فقط تجاهلها واِستدار ناحيتي ليتفحص مكان الضربة بحنية .
-" أأنتِ بخير !؟ "
أعلم أنه سؤال بديهي وإجابته سهلة ولكن تعسر علي إجابته ،مشاعري ملبدة ولكن التحطم هو ما كان واضحا على ملامحي وربما الصدمة .تخطيته وتخطيت الكل ،ولو لا إمساك زين لإسراء التي كانت تنوي شد شعري وبالتالي إفتعال مشاجرة يداع صيتها في المدرسة و لكنت قد غدوت حديث الساعة .أجري في الرواق نحو دورة المياه والدموع تشوش نظري دون أن ألاحظ إصتدمت بأحدهم ،لم أكلف نفسي عناء الإعتذار وقد عزمت على أن أكمل جري إلى مرادي ،إلا أن يدا إعترضت طريقي ،ظننته زين ،لكن خاب توقعاتي عندما سمعت صوته الأجش يهمس قريبا من أذني .
-" أهناك من أزعجك ؟ "
نفرت من ذراعيه التي تحيط كتفاي قائلةً بصوت متحجرش بسبب البكاء .
-" دعني و شأني ،ألا تفهم !؟؟ "
أكملت سيري خوفا من الوقوع في السلالم إزاء تشوش نظري ،تجافئت حينما لف ذراعه اليمنى حول خصري والأخرى على ظهري من الأعلى يضمني إليه بتملك ،أعتقد !
-" أتركني "
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top