𝐊.𝐓𝐇6
فوت قبل القراءة وكومنت بين الفقرات اللي تحبوهت💗🥀
_____________
همَّ تيهيونغ بالتوجه نحوها، لكن ما أن حرَّك قدمه خطوة إلى الأمام حتى رأى أن كانغ وو سبقه بخطواتٍ، وشهد أمامه عرضه عليها إيصالها، لكن سارانغ هزّت رأسها رافضةً عرضه بابتسامة استغرب على إثرها تيهيونغ، فأنَّى لها التبسُم في ظرفٍ كهذا؟
تحججت سارانغ بوصول سيارة الأُجرة وأوضحت لكانغ وو عدم رغبتها بإزعاجه، بعدما أفهمته أن الأمر شخصي، وبيَّنت له كاذبةً أنَّ أحد أفرادُ عائلتِها في المشفى وهي متجهة لزيارته، لكن الأخير رفض وعزَم على الذهابِ معها بإصرارٍ مما جعلها تقبلُ على مضضٍ.
ركبا الإثنان وقد احتلّا المقاعد الخلفية لسيارة الأجرة، انطلقت السيارة تحت مراقبة تيهيونغ لها بعينان لا يستطيع أحدًا سبر غورهما، فقد بدتا غامضتان.
تشبثت سارانغ بحزام حقيبتها وكأنه طوقُ نجاة، كان كانغ وو يتلو عليها كلماتُ اطمِئنان، ويخبرها أنَّ كُل شيءٍ سيكون بخير؛ بعدما أحسَّ بارتجافِ يديها، ورأى في عينيها القلق، راح يخفف عنها وطأة الخبر، ويسألها حتى يلهي عقلها عن الأفكار التي قد تمليه.
أجوبة سارانغ كانت مقتضبة جدًا، ارتجاف يديها وذلك القلق الذي رآه في عينيها ما هو إلا من الشعور المؤلم الذي يلحق الكذب، ودعت كثيرًا حتى لا يُكشف أمرها، وأن يباغت كانغ وو اتصالًا هاتفيًا أو أي شيءٍ آخر يمنعه من استكمال الطريق معها.
وتساءلت عمّا سيحدث لو كشف الحقيقة، أو عندما يسأل السائق عن الوجهة التي أخّرت البوحُ بها، ثم فكّرت مطمئنة أنها يمكنها التوجه إلى المشفى، وبعدها تصرُّ على كانغ وو أن يتركها ثم تتجه بعدها إلى قسم الشرطة، ولم يدُم الشعور بالراحةِ كثيرًا، فقد ساورتها فكرةٌ قضّت مضجعها، ماذا لو أصرَّ على الدخول إلى المشفى معها؟ ستكون مصيبة.
سألها السائق:
«لم تخبريني سيدتي، أين تريدين التوجه؟»
نزل ذلك السؤال كالصاعقة عليها، بماذا ستجيب؟
سألها كانغ وو باهتمام:
«في أيِّ مشفى يوجد قريبُكِ؟»
بلعت ريقها ثم تنهدت مستسلمة إلى قدرِها المحتموم، ثم قالت:
«إلى مشفى ###، من فضلك.»
لقد كذبت وعليها أن تتحمل مشاقَّ الكذبة، وتساءلت لمَ كان عليها الكذب من البداية؟ فأمها من في قسم الشرطة وليست هي، ولم تكن مُدانة بايِّ شيء، لكن بزغت فكرةٌ في رأسِها جعلتها تكوِّم يدها في قبضةٍ حتى ابيضت مفاصلها وغرست أظافرها في باطن يدها، لو علِم كانغ وو بحقيقة والدتها، ماذا سيظن بها؟ هل سيفكر بأنها مثلها؟ كتيهيونغ؟ هل سينظر لها من جديد؟ وتذكَّرت حينما كانت طفلة في السادسةِ من العمر، وكانوا الأهالي يعلمون بحقيقة والدتها، كانوا يحذرون أبناءهم من صحبتها، كان الجميع يتجنبها.
عادت إلى الواقع وتساءلت، هل الأمور تغيرت؟ أم لا؟ هل سيتجنبها كانغ وو المرِحُ ذو الدماثةِ الذي تقرب منها دون تكلُّف؟ لا! لن تسمح بذلك، حتى لو اضطرت إلى الكذب.
كانت دقات قلبها تزداد كلما اقترت السيارة من وجهتها، ثم لاح لأعينهم البناء الأبيض المكوَّن من عدة طوابق، تقف أمام مدخله سيارة إسعافٍ لتوصِلَ مريضًا، بينما تتجه أخرى لتُقِلَّ آخر، كان يمكن ملاحظته من بعيد؛بسبب الأضوية التي ملأت كل طابق منه ورمز الهلال الأحمر المتموضع في أعلاه حيث يوجد اسم المشفى أيضًا.
ترجَّلا من السيارة بعد أن أصرّ كانغ وو أن يدفع الحساب للسائق، وما كان على سارانغ إلا أن توافق أمام عناده الفائق، التفتا كلاهما إلى المشفى المُنار، ثم توجها نحو باب الدخول، ثم رنَّ هاتفها المحمول أثناء سيرهما، توقفت ثم أخرجته من حقيبتها، كان المتصل والدتها، أعلت ناظرها إلى كانغ وو الواقف ينتظر منها الرد، ازدردت ما في حلقها، وفكّرت بفكرةٍ ما قد تخرجها من ورطتها.
ردت رادِفة:
«مرحبًا أُمي..ماذا؟ يبدو أنني لم أسمع عنوان المشفى جيدًا..ماهو العنوان؟..حسنًا أنا قادمة.»
همهمت متظاهرة بالامتعاض، دنى منها كانغ وو وقال متسائلًا:
«ما الأمر؟»
نظرت إليه بنظرة جعلتها قدر الإمكان خائبة ثم قالت:
«كما سمعت، إنه المشفى الخطأ، ووالدتي غاضبة من تأخري.»
أراد كانغ وو أن يخفف عنها، فقال:
«لا بأس، يمكننا أخذ سيارة أُجرة مرة أُخرى إلى المشفى الصحيح.»
أشارت بيدها معترضةً على قراره وقالت:
«لا! لا داعي لأن تتعب نفسك، المشفى الذي ذكرته أمي بعيدٌ عن هنا، وأنت قد تأخرت بالفعل، أنا آسفة، لا يمكنني إتعابك أكثر، شكرًا لك.»
نظرت له بتصميم، لكن في داخلها كانت تدعو أن يذعن لقرارها بقلق، تنهد بنفاذ صبر، ثم صمت قليلًا وكأنه يفكِّر بشيءٍ ما، ثم قال:
«كما تريدين، لا يمكنني إجبارك، اعتني بنفسك، واتصلي بي حالما تصلين إلى منزلكِ أو إن احتجتي إلى أيِّ شيء.»
أومأت له مبتسمة وأردفت:
«عُد بأمان.»
انحنت له ثم ودعته، أجرت سيارة أجرة ثم انطلقت بصفاء بال إلى قسم الشرطة.
حالما وصلت إلى قسم الشرطة ودخلته، رأتها والدتها التي كانت تراقب الداخل والخارج من الباب، تنتظر دخول ابنتها، لوّحت والدتها لها، ذهبت سارانغ إليها، وعند دنوِّها رحَّبت بالمُحقق الذي ما أن فتح ثغره ليتحدث حتِّى قاطعته والدتها ممسكة بيد ابنتها قائلة:
«هذه ابنتي العزيزة، سارانغ وهي من ستخرجني من هنا، لقد قلت لك، لعلَّ وجودها سيبرهن لك صحة كلامي.»
كظمت سارانغ غيظها، لعلَّ والدتها ليست من النوع الذي قد يفتخر بها أحد، لكنها والدتها وعليها تحمُّل مسؤليتها، فكلاهما عاشا لبعضهما دون أقارب أو أصدقاء، وقد يستغرب البعض من أن المسؤلية الكبرى تقع على سارانغ وليست والدتها، بالرغم من أنها حاربت حتى تكون لها حياةً مستقلة عن والدتها إلا أن الأخيرة مازالت تشكِّلُ لسارانغ أحد الواجبات الملزمة بها.
قبل أن تسأل سارانغ عمّا حدث بادر المحقق بنبرة صارمة ونظراتٍ غاضبة بعد أن أكملت والدتها كلامها رادفًا:
«والدتكِ يا آنسة مديونةٌ بخمسة ملايين وون للمرابين، وهناك إيصالات تثبت صحة الأمر.»
التفتت سارانغ إلى والدتها شاخصة الأعين، وقد بدا الحنق ظاهرًا على محيَّاها، بادلتها الأخرى النظرات، وكانت نظرتها قلقة مرتابة، تنتظر من سارانغ رد فعل ما، لكن سارانغ لم تفعل شيئًا، بل دفعت الكفالة لتبعد عن والدتها خطر السجن.
سبقت والدتها بالخروج عن المبنى، لحقت بها الأخيرة بخُطواتٍ مسرعة، ونادت على ابنتها تحثها على الوقوف لكن سارانغ لم تقف بل استمرت تسبق والدتها بعدة خطوات، كانت غاضبة بل ثائرة من أفعال والدتها الصبيانية، أرادت الصراخ لما يعتمل داخلها من غيظ على والدتها لكنها استعاظت بما يمنح قلبها الراحة، استعاظت بالبكاء، وانهمرت دموعها على خدَّيها، وتوقفت ثم التفتت إلى والدتها التي اقتربت منها أكثر.
أشفقت على منظر والدتها، كانت ملابسها غير مهندمة بالرغم من جودتها، وأعزت سارانغ السبب لما عانته داخل القسم، أما زينة وجهها فقد خبا رونقها، وشعرها المصفف إلى الأعلى بكعكة قد ارتخى وتطايرت منه بعض الخصلات الشاذة، تحت نظرات سارانغ الساخطة تململت والدتها وقالت:
«قدماي قد تعبتا، وأنا جائعة.»
ابتغت من نبرتها المتمسكنة أن يرق قلب سارانغ عليها، وقد نالت ما ابتغته، تنهدت سارانغ، ثم مسحت دموعها، وأخرجت من حقيبتها مالًا وأعطته لها وقالت:
«اشتري به طعامًا لكِ.»
كل ذلك الغضب، والدخان الذي شعرت به سارانغ يتطاير من رأسها قد زالا من نظرة واحدة على والدتها، وتساءلت سارانغ ساخرة حول من تكون أُم الأخرى؟
أدارت سارانغ ظهرها لوالدتها لكن الأخيرة شدت ذراعها لتلتفت لها، وتفاجأت سارانغ من ذلك، وصدمتها تلك النظرة المعتذرة التي ترمقعها بها والدتها، وفكرت أنها ربما تريد الاعتذار، اعتذارٌ قد طال انتظاره، اعتذارٌ ما أن تتلفظ به والدتها حتى تسامحها سارانغ، هذا الاعتذار الذي تأخر كثيرًا عن موعده، والذي هي أشد الحاجة إليه.
كل تلك التوقعات قد هوت ساقطة، وتحطمت إثر ما تلفظت به والدتها، هزئت سارانغ متسائلة عمّا إذا قد ضربت على رأسها حتى تظن أن والدتها ستعتذر، ازدردت والدتها ريقًا ثم قالت:
«أتملكين خمسة ملايين؟ لن يسكتو المرابين طويلًا، وسيستأنفون ملاحقتهم لي.»
أبعدت سارانغ يد والدتها عن ذراعها وقالت:
«سيكون المال في حسابكِ غدًا، ولا أريد أن أراكِ بعد الآن.»
أولت لوالدتها ظهرها وتحركت مبتعدة عنها، وفكرت أنها غير قادرة على عدّ المرات التي طلبت من والدتها أن لا تراها مجددًا، لكن والدتها تلجأ لها عند حاجتها للمال مرة أخرى، وامتنت لعدم سؤال الأخيرة لها حول ما قالته عن المشفى ذاك أو أيِّ شيءٍ آخر.
استغربت من نفسها كثيرًا، فهي أرادت أن تصرخ بها، توبخها وتؤنبها على إهمالها، وأرادت أن تسألها حول ديونها ولماذا تجمعت دون دفع، لقد أعطتها مالًا قبل مدة ولا تظن أنه سينتهي بهذه السرعة، إلا إذا..
فُتِحت عينا سارانغ على وسعيهما وارتفعا حاجبيها، وقد توقفت عن السير، ثم حادثت نفسها مستأنفة:
«إلا إذا عادت إلى المقامرة!»
لقد وعدتها والدتها أن تتوقف عن لعب القمار، وأكدت لها إنها ستعيش على أكمل وجه، لكن يبدو أنها لم تفعل ذلك، واستمرت بلعب القمار، وربما أخذت تلك الديون من المقامرين لتلعب بها وعندما لم تدفع أبلغو عنها الشرطة بحكم تلك الإيصالات.
خاب أملها، وغطت غيومٌ من الحزن محيّاها وانطفأ اللون في عينيها، بالرغم من كل شيء أمها لم تعتذر ولم تأسف لها، بل كل ما أرادته هو المال، وكأنها الصلة الوحيدة التي تربطها بها، الوحيدة والأقرب لها من الدم، بالرغم من كل ما حدث بسبب والدتها في الماضي والتي لازالت بقاياه تؤرقها مكوّنة حاجز بينها وبين تيهيونغ، إلا أنها لم تطلب اعتذارًا منها والذي كان عليها أن تقوم به منذ زمن، وكل ما أرادته منها أن تكون أمٌ فقط، هل من الصعوبة أن لا تقوم بهذا الأمر البسيط؟
أعلت رأسها إلى السماء الليلكية المرصعة بالنجوم، وافترّ ثغرها بنصف ابتسامة ساخرة، وأردفت مؤنبة نفسها:
«كم أنا حمقاء، كان عليَّ أن أسألها.»
__________
في مكانٍ آخرٍ حيث وقف تيهيونغ حيال والده القابعُ على أحد الأرائك المخملية ذات اللونُ الأسود المؤطرة بإطارٍ ذهبي، مثّلت جلسته كل ما تعنيه كلمة غطرسة، مريخًا ظهره على مسند الأريكة الخلفي ويضع قدمًا فوق أخرى باختيالٍ فذّ.
نظر لتيهيونغ بحنق، وبان على قسماتهِ غيظٍ متقع، وأردف:
«كم مرةً عليَّ أن أؤجِّل الحفل بسببك؟ لقد سئمتُ إهمالك.»
بنبرةٍ باردة، ردّ تيهيونغ:
«ما يعنيك لا يعنيني، لستُ أنا من يحترق لأجلِ منصبٍ سياسي.»
قبض السيد كيم على يده مغتاظًا من ردِّه ثم قال:
«لقد دعمتُك مُذ أصبحت ممثِّلًا، وبالرغم من اعتراضي وفشلك، واظبتُ على دعمِك، كان على الأقل أن تحاول ردَّ المعروف، لكنك ستبقى ابنًا خائبًا عديمُ الفائدة كوالدتك.»
شدَّ تيهيونغ على يده حتَّى ابيضت مفاصلها، وتقاربا حاجباه بانزعاج، وشفاهه العريضة زُمَّت بخطٍ رفيع، ابتسم والده هازئًا؛ ما إن لاحظ الانزعاج على خلقته، واستنبط أن تيهيونغ قد وصل إلى الحدِّ الأقصى، وإن صبره قد ينفذ في أيِّ وقتٍ، وتناها إلى والده المرات التي تشاجر مع تيهيونغ بسبب والدته، إنها نقطة ضعفه الأبدية.
كظمِ تيهيونغ لغضبهِ قبالة هذا الرجل الجالس بغطرسة أمامه لهو معجزةٌ بحد ذاته، خشيته من أن يفعل أيَّ شيء يدفع والده لإذاءِ والدتهِ يُلجِمه، ويجعله بلا حولٍ أو قوةٍ، بمقدرة والده أن يضعفه ويدعه خائر القوى، وكم هو مزعجٌ أن والده يعلم بنقطةِ ضعفه.
«كم هو مقرف أن تتحدث معي وكأن لديَّ خيار؟»
ابتسم والده وقال:
«أريدك في المنزل عند الثانية مساءًا، ظهورنا كعائلة أمام الصحافة سيعزز من مكانتي، بالإضافة إلى أن الحفل سيقام عند السابعة مساءًا، هناك الكثير من العوائل المهمة المدعوة، وهناك أيضًا من أريدك أن تتعرف بها.»
لحظة صمتٍ ملأت الجو، استمرت حدقتا تيهيونغ بالتفرس بوجه والده، وتساءل إن كان ما سمعه صحيحًا، ثم قال بنبرة تطلب تأكيدًا:
«تتعرف بها؟»
أومأ والده بإيجاب ثم قال:
«ابنة السيد تشوي، رأيتُ أنها مناسبة لك.»
لوّح تيهيونغ بيده وكأنه يقطع غصنًا قائلًا:
«ما هو مناسبٌ لي ليس من شأنك، لا أريد أن تكون لي أيَّة علاقة بأيَّ شخصٍ تعرفه؛ فجميعهم سيشبهونك..»
ثم أدار ظهره له وسار عدة خطوات مضيفًا:
«لن تلوم غير نفسك إن أرغمتني على ما لا أريده.»
____________
في اليومِ التالي كان تصوير مشهد سارانغ مع كانغ وو هو الأوَّل على القائمةِ أيضًا، حيث الموقعُ هو أحد الطرق الفرعية، وكان عليهما أن يتحركا بالدراجةِ حتى نهياته لأخذ لقطةٍ أفضل.
أثناء وقوفها مع كانغ وو والمخرج، فكَّرت سارانغ أن العمل مع كانغ وو هو أكثر قبولًا وأريحية من تيهيونغ، فهو يقدم النصائح لها ما استطاع ذلك، ويجد ما هو مناسب لها وله، ولحسن الحظ لم يسألها عن ما حدث ليلة الأمس.
طلب منهم مساعد المخرج الاستعداد للمشهد بعد أن قام المخرج بشرحِ المشهد ومكان الكاميرا ومسار الأمور فيه، لذا توجَّها نحو الدرّاجة التي كان أحد طاقم العمل يقف بجانبها، أخذ كانغ وو الدراجة منه ثم اعتلاها.
امتنت سارانغ أنّ ملابسها كانت مريحة لركوب الدراجة، فقد ارتدت بنطالًا ممزق من الجينز الأزرق، وقميصًا ذو لونًا سماوي يتخلله نقشُ غيومًا بيضاء من قماشٍ خفيف.
حينما أحسَّ كانغ وو أنها قد احتلت المقعد خلفه سألها:
«هل ركبتِ دراجةً من قبل؟»
أدار رأسه وأبدا لها جانب وجهه، حتى يراها بشكلٍ جيد متبسِّمًا، هزَّت رأسها له رادفتًا:
«نعم! لقد ركبتها مرّة وكانت تلك آخرُ مرّة.»
رفع كانغ وو كلا حاجبيه وأظهر مُحيَّاه تساؤلًا عن السبب، فقرأت سارانغ ملامحه فردت قائلة:
«حسنًا، كانت تجربتي الأولى، ويبدو أنه كان من الأفضل أن لا أركبها في طريقٍ مائلٍ تؤدي نهايتهُ إلى طريقٍ رئيسيٍ سريع، حيث تحدث الحوادث، ولو لا ظهورِ تي..»
أراد لسانها أن يزل وتقول اسم تيهيونغ، ارتبكت من ذلك، لكنها قالت:
«لولا ظهور ابن جيراننا لكنتُ الآن المتوفاة سارانغ.»
ضحكت بخفةٍ عند انتهاءها من الكلام مما دعى كانغ وو لمبادلتها الضحك، كان تيهيونغ يراقبهما عن بعد حيث يقف طاقم العمل خلف آلة التصوير، يعقد ذراعاه ضد صدره، وقد أزعجه ما يحدث بينهما، بالرغم من أنه آخر شخصًا يجب عليه الاهتمام لما يحدث معها.
بدأوا بتصويرِ المشهد، وأعادوه عدة مرّاتٍ بسبب أخطاءٍ عدة، أو بسبب عدم موافقة المخرج عليه، لكن في النهاية انتهوا منه، ترجّلا كلًّا من سارانغ وكانغ وو الدراجة، مطَّت سارانغ ذراعاها وقالت:
«اعتقدتُ أننا لن ننتهي، يصعب إرضاء المخرج وهذا مرهقٌ حقًا.»
كان كانغ وو يعطيعها جل اهتمامه، وتبسَّم لمَّا سمع تصريحها، ثم قال:
«هل لكِ مشهدٌ آخر؟»
أرجعت سارانغ ذراعاها جانبًا ثم أومأت رادفةً:
«لا، هذا المشهد هو المشهد الوحيدُ لي، لقد أصرّ المخرج أن أصوّره اليوم ولم أتمكن من أحيده عن رأيه.»
صمت كانغ وو قليلًا يفكّر ثم قال:
«ما رأيك أن نتغدّى معًا؟»
توترت سارانغ بعض الشيء من طلبه؛ فلم تعرف إن كانت تريد أن تذهب معه أم لا، ويبدو أنه قرأ ذلك على ملامحها لذا أردف:
«إذا لم ترغبي بذلك، يمكنكِ الرفض.»
لوّحت بيداها أمامه معترضة ثم قالت:
«لا، لا!..أعني ماذا بشأن عملك؟ أليس لديك مشاهد غير هذا؟»
تنهد كانغ وو خائبًا ثم قال:
«للأسف لديّ، لكن..يمكننا الذهاب إلى مطعم الوجبات السريعة القريب من الموقع، سيتسنى لي عندها العودة بسرعة.»
وافقته سارانغ الفكرة، فالذهاب مع صديق هو شيءٌ غير معتادة على فعله، وهذا ما جعلها مسرورة، ألقت نظرة على الدراجة وقالت:
«ما رأيك أن نذهب إليه على الدراجة؟»
هزّ كانغ وو رأسه بحبورٍ ظاهر، بعدها أخبر كانغ وو مدير أعماله بذهابه، ثم ركبا الدراجة، وما إن سارا مسافة قريبة حتّى سقطا كلاهما بسبب تعثّر عجلات الدراجة بحجرٍ على الطريق.
رأى تيهيونغ ذلك، ثم ذهب راكضًا نحوهما تلاه الموظفين والمخرج، كان كانغ وو قد عدّل الدراجة وأبعدها عن جسد سارانغ حيث لم يصب بأذى، بينما بقيت سارانغ على الأرض، ثقل الدراجة آلمها قليلًا.
انتابها شعورٌ غامضٌ ومؤلم إثر رؤيتها لتيهيونغ يركض نحوها بلهفةٍ لم تشهدها عليه، راقبت بعيناها اقترابه منها ثم ركوعه أمامها، نظره نحوها ثم سؤاله:
«هل أنتِ بخير؟»
أومأت له بهزِّ رأسها إيجابًا غير قادرة على الكلام؛ فقد خنقها ذلك الشعور وأحسَّت أنه يقف بمنتصف حلقها ولا يدعها أن تنطق.
وبخها بحزم قاطبًا حاجبيه، ولم تفهم إن كان ذلك الاهتمام الظاهر على خلقته الوسيمة حقيقي أم تمثيل، ثم أمرها:
«قفِ على قدميكِ رجاءًا.»
استقام بجذعه ثم سحبها من ذراعها إليه، نظر متفحصًا إيَّاها من أسفل إلى أعلى ثم لاحظ اتساخ ملابسها، والجرحُ النازفُ من أحد ركبتيها.
طمأنت الأعين المهتمة التي تصوَّب نحوها باعتذارٍ وابتسامة، كانغ وو الذي يشعر بالاستياء ويلوم نفسه على ما حدث قال:
«أنا آسف، كان عليَّ الانتباه أكثر.»
أسرعت بالرد قائلة:
«لا بأس، كان عليَّ منذ البداية أن أضع ركوب الدراجة على لائحتي السوداء.»
ثم ابتسمت حتّى تخفف عنه قليلًا وطأة ما حدث، ثم أضافت:
«هل أنت بخير؟»
أومأ لها مجيبًا:
«نعم لا تقلقي.»
استُدعي كانغ وو من قبل مدير أعماله، وتفرّق الجمع بعدما اطمأنوا عليها، أعلت نظرها نحو تيهيونغ، واهتزت من الداخلِ بسبب تلك النظرة التي كان يرمقها بها، كانت غير مفهومة، سحبت يدها من يده ثم قالت:
«لقد ذهب الجميع، يمكنك تركي.»
رفع أحد حاجباه متهكّمًا لحكمها، ثم قال بنبرة جعلها هادئة قدر ما يستطيع:
«ركبتكِ تنزف، أنتِ بحاجة للذهاب إلى المشفى.»
تراجعت خطوة إلى الخلف ثم ابتسمت معيدةً شعرها المبعثر إلى خلف أذنها ثم قالت:
«لا بأس، نحن لسنا بإحدى الدرامات الكورية، يمكنني تولّي الأمر بنفسي.»
ضيّق حدقتاه عليها، ثم قال:
«أردت إخباركِ، لم أنوي مساعدتكِ، أنتِ كبيرة بما يكفي.»
قال ذلك ثم أدرا له ظهرها مبتعدًا عنها، فتحت يدها وطفقت تحدق بباطن كفّ اليد التي لمسها تيهيونغ، حرارة يده مازالت تحرقه، لقد ضغط يدها بقوة وكأنه لايريد منها أن تفلت، وبدت نظراته مهتمة.
كوّمت أصابعها بقبضةٍ وكأنها تريد أن تحتفظ بهذه الذكرى ليده، إنها مازالت تحبه وهذا مؤلم.
___________
ما أن أنهى تيهيونغ مشاهده، عاد إلى شقته مسرعًا، متأمّلًا عدم التأخر عن موعد الغداء مع والده، ارتدى بدلة رسميّة مكونة من بنطالٍ مفصلًا أسود وسترةٍ من قماشٍ أسود يحوي نقوشًا هندسية ناعمة، وقميصًا أبيضًا وربطةً عنقًا سوداء مع دبوّسٌ على شكلِ نمرٍ بنغالي من الذهب دبّسه في ياقة سترته، رافعًا شعره إلى الأعلى، أنهى اطلالته بارتداء حذاءٍ أسوَدٍ جلديِّ لامع.
وصل إلى منزل والده مستقلًّا سيارته السيدان الفاخرة السوداء، ترجّل منها وقابل الباب الحديدة لقصر والده، وكم كره هذا القصر الفاخر المظلم والبارد على عكس ما تعكسه حديقته المليئة بالأنواع المختلفة من الزهور وأشجار الزينة، تلك الطبيعة الخلابة التي تظهر كم أن هذا القصر مليئٌ بالحيوية والإشراق.
عبر تلك البوابة، وقابله جموع الصحفيين المنتشرين في الحديقة وأخذوا بتصويره، بادر بلعب دوره وقام برفع يده لتحيتهم بابتسامة متكلّفةٍ وخطواتٍ واثقة وعينان تحدقان بالكاميرا دون أن ترتدان.
لاقاه والده ورحّب به بحرارة كأي والدٍ طبيعي يرحب بابنه، مما أشعر تيهيونغ بالقرف من الداخل، يلعب والده دور الأب المثالي بمهارةٍ دائمًا، وكم يكره جرّ والده له بأن يلعب هذا الدور الزائف، لكن كل هذا لأجل والدته فقط، عليه أن يتحمل، كانت توجد معه امرأة وكان من البديهي لتيهيونغ أنها من تلعب دور السيدة كيم بعدما أسقط والدته المرض وتم نقلها إلى مشفى أمراضٍ نفسية.
تحدث والده معه بأريحيه أمام الصحفيين، وأعطاه بعض النصائح الأبوية الضرورية وتصوّر معه عدة صور، وذلك لمساعدة والده لدعايته الانتخابية، دخلوا إلى غرفة الطعام وجلسوا حول تلك المائدة المليئة بأنواع مختلفة من الأطعمة، تحت عدسات تلك الكاميرات الملتفة حولهم، وبدوا أمام الناظرين عائلة مثالية محبّة، وكم كره تيهيونغ نفسه في تلك اللحظة، وهذه ليس غير البداية، فهو عليه أن يمثل هذا الدور المقيت قليلًا بعد، في الحفلة.
_____________
رايكم بالبارت؟
حابة أعرف رايكم عن اسلوب السرد ماتي، حلو لو لا؟ وأرجو أن تردوا.
بارت طويل، اذا حابين هيك بارتات طويلة خبروني.
أشوفكم عخير بالبارت الجاي، واللي يعتمد على التفاعل الحلو إكثر من عدد المشاهدات والفوتات.
فوت وكومنت يسعدني💖
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top