𝐊.𝐓𝐇4
فوت وكومنت بليز🥀💗
_____________
كان الجوُّ خانِقًا، وشعرت بالحر الشديد يغزو جسدها، ولم تعرف إن كانت هذه الحرارة سببها الجو أم عينا تيهيونغ الجليديتان اللتان ترمقانها بقسوة كلّما سنحت لهما الفرصة أن تلاقيا زرقاوتاها، كان من السوء أن تجلس قبالته، وهي ترتدي هذه الملابس، وكأنها تُثبِّتُ التهمة على نفسها، وما برِحت من رفعِ صدر فستانها لتغطّي نفسها أو تُتزِل أكمامه لتغطي يدها.
أشغلت نفسها عنه بالحديث إلى كانغ وو، الشخص الوحيد الذي يحادثها بين الحشد، فسألها:
«لم تُخبريني، أين درستي التمثيل؟ في أيِّ جامعة؟»
فاجأها سؤاله، والأكثر من ذلك، شعرت بأن اهتمام تيهيونغ انصب عليها في هذه اللحظة، وكأنه ينتظر سماع جوابها، استطاعت تجاهل نظراته، فردت مع ابتسامة:
«لم أرتَد أيَّة جامعة.»
ل
اقى جوابها ابتسامة ساخرة من تيهيونغ حينما انحرفت عيناها اتجاهه، عاد كانغ وو وسألها:
«لكن مستواكِ بالتمثيل أكثر من جيد، بالنسبة للدارسين..»
استغربت حديثه، فأنّى له أن يُقيّم تمثيلها، ما أن رآى كانغ وو ملامح الاستغراب على وجهها، ابتسم بثقة وقال:
«لقد أجريتُ بحثًا عنكِ ورأيتُ بعض المقاطع لكِ على منصة يوتيوب، وكنتِ رائعة!»
لم تستطِع سارانغ منع ابتسامتها من الظهور، تحت أنظار حدقتا تيهيونغ القاتمتان، وأسهَب مفكِّرًا بتبرم، أن ليس لها حقُّ الابتسام، أمثالها من النساء يجب أن يوضعوا تحت أحكامٍ قاسية، من دون رحمة، كيف لها أن تضحك هكذا وكأن شيئًا لم يكُن، وكأن لا نارًا مشتعلة داخله بسببها.
ما فعلته وأُمها لا يُغتفر، حادث نفسه ثم بلع ريقه بمرارة، وعاد ليجول بنظره على قسمات وجهها، ثم نزل إلى عنقها حيث استراح خالٌ عليه وتساءل أيُّ ملاكٍ قد أعمى الاغتباط عينيه فراحَ يعبث بجمالها؟ اتجهت حدقتاه نزولًا إلى المساحة الواسعة التي يظهرها الفستان، حيثُ برزت عظام ترقوتها مضيفةً لمسةً مثيرة لم يخلو منها قدَّها الميّاس، لم يستطِع إلا أن ينظر إلى خطّ صدرها، والذي سرعان ما غطته بيدها.
أدركَ ما كان يفعل، ولام نفسه لفقدانه السيطرة على حواسِّه، عاد بنظره إلى حدقتاها واللتان كانتا تنظران إليه بخجلٍ، وقد احمرَّت وجنتاها من جرأته على جسدها، تدارك الأمر ونظر إلى مكانٍ ما مُظهِرًا تجاهل وبرودُا كبيرين.
أكمل كانغ وو الذي انشغل عنها بحديثٍ مع صديقٍ ما، كلامه وقال:
«متى كانت فرصتكِ الأولى في التمثيل؟»
التفتت إليه سارانغ وحاولت استعمال مخيلتها، وتخيلت أن لا وجود لتيهيونغ بينهم، لكن كيف هذا ووجوده طاغٍ على أيِّ شيءٍ آخر، وشعرت أن اهتمامه انصب مرةً أُخرى على حديثها مع كانغ وو، أجابته:
«كان من الحظِّ أن يكون موقع تصوير أحدّ المشاهد لإحدى المسلسلات بالقرب من متجري، وحصل أن رآني المخرج واتفق معي أن أظهر في المشهد كممثل صامت، وبالرغم من أن ظهوري الصامت لم يقِل عن عدة ثواني، ألا أن الجمهور أحبّ ظهوري، وهذا شيءٌ ممتنة له فعلًا.»
أجابت سارانغ السؤال بصدق، فلم تزد أو تنقِص حرفًا منه، فهي تعتقد أن لا داعي من إخفاء الحقيقة، كما أن التمثيل هواية بالنسبة لها وهي لن تقضي وقتًا طويلًا به، كان كلام تيهيونغ قد فاجأها وسبب لها صدمة، فقد عمل معظم الوقت على تجاهلها، فقال مشككًا بمصدايقة جوابها:
«أتقولين أنكِ لم تدرسي، وحصلتي على فرصة للمتثيل؟ أليس ذلك غير منصفًا لمن يبذل جهدًا من دون فائدة؟..»
أمال جذعه إلى الأمام مضيفًا اتهامًا:
«أتقولين أنكِ صعدتي السُلَّم بسبب موهبتك؟»
دافع كانغ وو عنها، رامقًا تيهيونغ بازدراء قائلًا:
«ما هذا الهراء سيد تيهيونغ؟ إن كنت تعتقد أن أباء الجميع كوالدك، فعليك أن تُعيد النظر بالأمر!»
نهض تيهيونغ من مكانه وبسرعةٍ خاطفة كان قد شدّ ياقة كانغ وو هامًّا بضربه، ألا أن الجميع منعوا خوضهم شجارًا في مكانٍ عام، فبالرغم من حرص الملهى على خصوصية مُرتاديه ألا أن أيَّة بلبلةٍ من مشهور ستقابلها فضيحة في اليوم التالي.
برح تيهيونغ مكانه وذهب ممتعضًا عنهم، بينما سارانغ التي شهدت كل ذلك، بقيَت كالمنوَّم مغناطيسيًّا، وغشت حدقتاها طبقة من السائل الكريستالي الذي هدد بنزولِ قطراتٍ منه، فعمدت على النهوض والتعذُّر لزملائها بالذهاب إلى دورة المياه.
أحسّت بالراحة؛ فدورة المياه لم يتواجد فيها غيره، فقد اعطت لها هذه الفرصة لمشاعرها بالفيضان، واجهشت باكية مُسنِدة ظهرها على الباب، ثم انزلقت إلى الأسفل، كانت كمن كَتم الدموع عصورًا وسنحت له الفرصة باخراج ما كُنَّ في داخله من ألم.
مضى عدة دقائق وأدركت أن شخصًا ما يطرق الباب والذي تاه عنها أنها تُغلِقه، استقامت بجذعها، ثم فتحت الباب، وكانت قد هدأت ومسحت أثار الدموع على خدّيها، غسَلَت وجهها ثم أصلحت ما أفسِد من زينته، وما إن انتهت ونظرت إلى انعكاسها في المرآة، اطلقت نفسًا عميقًا لم يخلو من التهدُّج، ورسمت ابتسامة على شفتاها وأعادت ثقتها بنفسها، عدّلت فستانها ثم خرجت.
بعد عدة خطواتٍ مبتعدةٍ بها عن دورات المياه، جرّتها يدٌ إلى إحدى الزوايا الهادئة هُناك، حيث المُسيقى بعيدة ولا تزعجهم عيونٌ فضولية، شعرت بعمودها الفقري يُكسر حين ارتطَم بالجِدار، أغمضت عيناها تستشعُر الألم، وتستوعب الموقف لبرهة، فتحت عيناها، ولم تنتظر أن ترفع وجهها بل يدٌ كبيرةٌ استحوذت على ذقنها ورفعت وجهها لتلتقي وجه مالِكها، وكان آخرُ شخصٍ قد تتوقعه.
قالت بصوتٍ خرج خافِتًا رغمًا عنها:
«تيهيونغ!»
جالت عيناه المظلمة على وجهها تتفرّسه بجرأة وكأنه أحد أملاكِه، أمال برأسِه وقال بنبرةٍ كالصوّان:
«ما سُرُكِ؟ كيف تجعلين الرجال يلهثون لأجلكِ؟ ما هي الطريقة؟»
شعرت وكأن يدًا قد قبضت على قلبها وعصرته دون رحمة، والدموع التي قاتلت من أجل أن تبرح عيناها، عاودت للظهورِ بشكلٍ أعماها، ثم نزلت حارقة على وجنتاها، لكنها ابتلعت ريقها ورطّبت شفتاها اليابستان جرّاء توترها وألم قلبها المتصاعِد، وكان هو بكل اللامبالاة التي يمتلكها العالم يتبّع مسار دموعها المنهمِرة، ويبتسمُ ساخِرًا.
فرقّت شفاهها المرتجفة لتُخرِجُ ما حظّرته من كلماتٍ لتقولها، لكنه سرق هذه الفرصة منها وقال بصوتٍ كالفحيح:
«لا تُهمُني طريقتكِ طالما أنها لن تنطلي عليّ، فأنا مُحصّن منكِ كما تعلمين..»
ثم أطلق ضحكة ازدراء وابتعد خطوة وكأنه يُقيّمها بنظرةٍ مِلؤها الاشمِئزاز، وكأنه يحادِث حشرة، ثم اقترب منها حتى شعرت بأنفاسه الدافِئة تلفح أذنها، مضيفًا:
«أخبريني، أمازالت والدتُكِ تنسِجُ شِباكًا على الأغنياء؟ أم اعتزلت وأخلفتيها؟»
جحظت عيناها، وازدادت دموعها انهمارًا، ورأت في عينيه لونًا قاتِمًا، ولم تستطِع أن تُفسِّر ما اختلجت فيهما من مشاعِرٍ سوداء، رفعت يدها لتلطمه، لكنه كان أسرع في ردة فعله، فاستحوذت يده على معصمها، ودنى منها دون أن يعطيها وقتًا لتُفَكِّر معانِقًا إيّاها بتملُك، اشتد العناق شيئًا فشيئًا، وشعرت بالدوار وأن أنفاسها قد تُسرق منها، وما عادتا قدماها تحملانها، وأحسّت أن كُلّ عظمةٍ في جسدها قد ذابت.
أبعدها عنه شاهِقًا:
«تبًا لكِ!»
ثم أضاف تاهِمًا:
«يا لكِ من ساحرةٍ ماكرةٍ!»
نظر لها وكأنها أحقر مخلوقةٍ على وجه الأرض، تمنّت لو أنها تستطيع أن تُعيد رباطة جأشها فتصفعه، لكنها كانت مرتبكةٍ مشوشةً كمن تُرِك ليواجهَ قطارٍ سريع، وتمنّت أن تكون أمام قطارًا فِعلًا لتتخلص من كل شيء وراء ظهرها وترتاح روحها، وكيف تنال روحها الراحة بوجود تيهيونغ؟ تساءَلت بحزن.
لكن تيهيونغ ليس قطارًا، ولن تواجهه، ومن ودن سابق إنذارٍ وتحت مرآى حدقتاه تحركت بارحتًا المكان، إن كان رأيه فيها لن يتغيّر فما عساها تفعل؟ أوهل تجبره على أن يحبها كما عتاد في سنواتٍ سابقة؟ لن تهتم بعد الآن، وستخرجه من قلبها ومن عقلها ولن يكون له أيَّة مكانة عندها.
وفجأة صعقتها ذكرى ذلك العناق المُطالِب، فتباطأت خطواتها في الممر، ثم وقفت، شعرت أن جسدها مازال تحت تأثيره، وأنها ذكرى لن تستطِع نسيانها مهما حاولت.
لم ترغب بالعودةِ إلى الجمعِ، لكنها تحاملت على نفسِها وتقدمت نحوهم، مبتسمةً مجبرة، وحاولت أن تبدو طبيعية قدر الإمكان في مشيتها.
أزاحت مقعدها وجلست بجانب كانغ وو، لم يكُن تيهيونغ قابعًا مكانه، وفكّرت أنه ربما في مكانٍ ما يلعن نفسه على الاقتراب من امرأةٍ مثلها.
حاولت بعد دقائق أن تتجاوب مع أحاديث الجميع وتشاركهم بعض من وجهات نظرها بأيِّ موضوعٍ يناقشونه، ثم أدرك كانغ وو الجالس بجانبه، حيث أن اكتافهما كانا يتلامسان عند أيِّ حركةٍ منه، أن سارانغ لم تشرب شيئًا منذ وصولها بالرغم من أن زجاجات الشراب متاحة أمامها على الطاولة، لذا سألها مستعلمًا:
«لم أراكِ تشربين شيئًا! هل من مشكلة؟»
قال ذلك أثناء صبِّه لها شرابًا في كأس ثم قدمه لها، مانعت وأرجعت الكأس قليلًا بيدها وقالت كاذبة:
«شكرًا لك، لكنني لا أشعر أن معدتي على ما يُرام.»
هزّ كانغ وو رأسه متفهّمًا موقفها، ثم ساد على ملامحهِ القلقِ فقال:
«هل أنتِ بخير؟ هل يجب أن آخذكِ إلى الطبيب؟»
أومأت له رافضةً اقتراحه، ثم قالت:
«شكرًا لقلكَ، لكنني بخير تمامًا.»
ابتسمت لتبيّن له صحّة كلامها، التفت عنها بعد أن بدأ أحدهم حديثًا معه، أخفضت سارانغ نظرها إلى حضنها حيث تقبع يدها البيضاء، وقد بدت شاحبة ضد لون فستانها الليلكي، وفكّرت بأنها بدت على غير ما يرام فعلًا، لكن ليس بسبب معدتها كما ادعت كاذبة، بل بسبب البؤس والإحباط الذيَن تخللاها منذ حديثها مع تيهيونغ، والذي لم يعُد حتّى اللحظة.
ولازمها ذلك الشعور حتى بعد انتهاء الحفل وتَهَيؤ الجميع للخروجِ من المكان، ناولها النادل معطفها، وقد بادر كانغ وو بمساعدتها على ارتدائه، شكرته ثم خرجت من المكان مودِعةً الجميع عند الباب، والذين شكّلوا مجموعة ليكملوا سهرتهم وذهبوا بالاتجاه المُعاكِس لها، خطت عِدة خطوات لكنّ نداء أحدهم أوقفها، دارت حول نفسها لتشاهد من يناديها، ولم يكن إلّا كانغ وو، وأحسّت بخيبةِ أملٍ طفيفة؛ فقد كانت تتوقع من شخصًا آخر أن يناديها، وبدت علامة إنزعاجٍ طفيفة على ملامحها.
وتساءلت ما إذا كانت تعابير وجهها مقروءة؛ حيث بدا لها أن كانغ وو شعر بخيبة أملها، فعقد كلا حاجباه ضامهما معًا، ثم قال:
«هل يزعجكِ إن عرضتُ عليكِ إقلالَكِ؟»
أنّبت نفسها، وصفعتها داخليًا، ولامتها لعدم ِقدرتها على السيطرةِ على انفعالاتِها، فهي في مكانٍ عام، ولكي لا ينزعج من عدم لباقتها، وافقت على طلبه مظهِرةً ملامح بشوشة ومُرَحبة حتى لا يشُك بأمرِها ولترضي ضميرها.
وأثناء فتحه الباب لها ودنوِّها من السيارة لتركب زلّت قدمها وكانت مُعرَّضة للسقوط، لكن يدا كانغ وو التي التفّت إحداها حول ظهرها والأُخرى أمسكت بيدها منعتها من ذلك، أعادت اتزانها ثم سحبت يدها من قبضة يده وشكرته وسارع لإبعاد يده الأخرى عن ظهرها، ركبت السيارة بعد ذلك، ولم يُعطِها كانغ وو فرصة لغلق الباب، بل ارتأى التصرُّفِ بنبل ولباقة، وأغلق هو الباب ثم دار حول السيارة وركبها جالِسًا أمام المِقوَد، تحركت السيارة وانطلقت في طريقها، وقد حدث كل ذلك تحت مرأى تيهيونغ القابع خلف مقود سيارته وكأنه حيوانٌ مفترِس ينتظر اللحظة المناسبة للإنقضاض على فريسته.
كانتا عيناه تطلق شرارات لهبٍ غاضبه، وقد بدتا قاتمتان كما لم يبديا من قبل، ولم يفهم لِمَ لا يُريد أن يتركها تنعم بلحظاتٍ سعيدة؟ فعقله والمنطق يخبرانه بالابتعاد عنها قدر الإمكان، ولا يولي لها أيّة أهميّة، ومهما كانت ما تنوي فعله فهو لا يخصه، إن كانت تريد التمثيل أم نسجَ شباكٍ حول أحدهم أو حتى تُحرِق نفسها، هي لا تعنيه في النهاية وغير مهمة إطلاقًا.
لكن هو ليس تيهيونغ إذا لم يخالِف المنطق ويعارض عقله، هو لم يتأكد بعد إن كانت ما تنوي فعله يخصّه أم لا، وما إن يتأكد سيخرجها بالتأكيد من حياته.
تمامًا كما أمُلَت سارانغ، فقد كان للخروجِ من ذلك المكان وقعه الإيجابي عليها، فعادت ثقتها بنفسها، وتبدد الإحباط كالغيوم بعد العاصفة، وراحت تستمتع بالمناظر الليلية للمنطقةِ دونما تكُّدر، بالإضافة إلى أن كانغ وو رفيقٌ ممتاز، وقد جعلتها أحاديثة ومزحاته والنكات التي يطلقها دون سابق إنذار تسترجع شيئًا من لون وجهها المشرق.
وتوقفا عند عدة أماكن لتقديم الطعام السريع في أكشاكٍ حديدية صغيرة؛ وذلك بعد أن رغب كانغ وو بامتاعها، لينهي الليلة كما يجب بعد أن شعر بوهجٍ من الإحباطِ ينبعثُ منها بعد ما حدث في النادي الليلي.
ما إن وصلا إلى منزلها، قالت بعد أن أشارت:
«هذا هو منزلي.»
بدت جملتها وكأنها تُعرِّفُ كانغ وو على منزلها، انحنى كانغ وو إلى الأمام ونظر نحوه عبر زجاج السيارة وقال:
«منزلٌ جميل..»
نظر إليها وأضاف:
«يشبهُكِ.»
ابتسم بينما احمرّت وجنتاها من الخجل إثر مجاملته، تبلكمت ولم تعرف كيف ترُد عليه، وفي النهاية شكرته على كل شيء فعله لأجلها الليلة ثم اندفعت خارجةً من السيّارة، ودّعته ملوِّحةً بيدها ثم شكرته قبل أن تدير له ظهره داخلة إلى منزلها، وما إن اطمأن عليها حتى ذهب مبتعدًا عن المكان.
خلعت حذاءها عند المدخل ثم ارتدت نعلها، اتجهت نحو غرفة نومها، ثم دخلتها، كانت لا تملُك أيّة رغبة في فعل أي شي؛ حيث أحسّت أن كل إنشٍ من جسدها يصرخ تعبًا، طالِبًا الراحة.
اقتربت من السرير الصغير الذي يتوسط الغرفة، حيث قبعت على جانبيهِ مناضدٍ صغيرة، حملت على سطحها مصابيح، خلعت نعلها ورمت جسدها بإهمال على السرير مستلقية على بطنها.
وما لبثت حتى عادت لها ذكرى عناقها مع تيهيونغ بعد أن استمرت بقذفها إلى أعماق عقلها طوال طريق عودتها مع كانغ وو، لكنها لم تستطِع، فقد كانت الحدث البارِز بين أحداث يومها، ولامت نفسها على ذهابها إلى الحفلِ متبرمة، وانزعجت لنَحي الامور هذا المنحى الخطير.
ثم عادت وفكرت بتيهيونغ، لقد بدا وسيمًا الليلة، بل مُهلِكًا لقلبها، حيث ارتدى سترةً جلديةً التفت حول اكتافهِ بتملكٍ مطلق، ارتدى تحتها بلوزة سوداء من القطن ذات قبةً طويلةً، غطت القليل من عنقه، لكنها كانت مشدودة عند منطقة صدره، وبنطالٌ أسود جاء متناسقًا مع طول ساقيه.
تذكرت شعره، وتملكتها رغبةً باللعب به، شعره الكثيف الأسود اللامع الذي رفعه إلى الأعلى على غير عادته بأنزالهِ ليغطي جبهته العريضة.
أضاف أنفه المستقيم إلى وجهه ميزة أُخرى، وكأنه سلاحًا آخر بين مجموعة من أسلحته الخطيرة، وبدت تقاطيعُه في الظلامِ حيث انزويا، كتمثالٍ أغريقي نُحِت بعناية من قبل نحاتٍ ماهر التمعت عيناه بالفخر والنصر عند انتهائه منه.
شعرت بالسخرية من نفسها، فكل ما ذكرته وجال في بالها عن تيهيونغ، لن تملكه، ولن يكون يومًا لها، اغتاظت وقبضت يداها بغضب، وقالت لنفسها بنبرةٍ حازمةٍ وروحٍ معنويةٍ عاليةٍ: لا أهتم لما سيجري، لكن تيهيونغ وإن كان لن يغدو ملكي، سأواجهه وسأقنعه بأن ما اعتقده عني خاطئًا تمامًا.
__________
بعد يوم، كان الموعد الأول لتصويرِ أوَّلِ المشاهدِ للمسلسلِ، وكان من حسن تعاملهم معها أنهم خصصوا لها غرفة متنقلة خاصة بها، وهذا شيءٌ ستشكرهم عليه، فليس من العادة أن يفعلوا ذلك مع شخصٍ مبتدِئ، وكانت جو آه هي من أوصلتها إلى موقع التصوير ثم ذهبت.
قامت مساعدة المخرج بإعطائها المشهد الذي يجب أن يُصَوَّر اليوم، وقبل أن تخرج سألتها سارانغ ما إذا كان الجميع قد أتوا؟ وكان ردّها بالإيجاب ثم ذهبت، وفكّرت بأنها يجب أن تُطِل وتُرحِب بزُملائها إن كانت تُريد علاقة عملٍ ناجحة معهم، لكن عليها في البداية قراءة النص.
قرأت عنوان المشهد في الصفحة الأولى، وشخصت عيناها كمن سُكِب عليه ماءً باردً، وقالت بارتباك:
«لمَ هذا المشهد بالذات، قُرِر ليكون أوّل مشهدٍ أصوره مع تيهيونغ.»
كررت السؤال في نفسها عدة مرّات لتستوعب، ثم قررت الذهاب إلى جهة الانتاج والمخرج علّهم يُغيُرونه.
__________
رايكم بالبارت؟
قلت انشر عالتسعة وهسه فوق التسعة، آم سوري كنت اسوي عشه.
فوت وكومنت🥀.
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top