٧/٢


٢

تذكّر جونغكوك، أنّ تايهيونغ قد أخبره بأنّ الذّكريات حزينةٌ، سواء كانت جيّدةً أم سيّئةً، مُفرحةً أم مُحزنةً.. ففي كلتا الحالتين، لقد أمست ماضٍ.

إن كانت حلوةً، فقد ولّ زمانها وما عاد بالإستطاعةِ اِسترجاعها.
وإن كانت مرّةً، فلابدّ من تلطيخها لبياض صفحات الماضي.. لن تزول مهما حكّها.

وبالرّغم من أنّ تايهيونغ لم يجيء بكلماته سوى من نصٍّ عشوائيٍّ صادفه على موقع تواصلٍ اِجتماعيٍّ، فقد عارضه جونغكوك بشدّةٍ.

رأى أنّ الذّكريات بحُلوها ومرّها لا تخلو من الدّفء.. فالذّكريات المفرحةُ تذكّر المرء بأنّه، يومًا ما، قد حظي بسعادةٍ وإن كانت آنيّةً.. مع القدرة على خلق ذكرياتٍ غيرها.

في حين كانت الذّكريات السّيئة كالدواء، مهما بلغت مرارته، واِرتجّ الجسد لطعمه، فهو يساهم في صقل الرّوح، وعودتها في حلّةٍ أقوى وأنضج.

حاول عديد المرّات إقناعه برأيه، وكما لو أنّ الأكبر قد وجد في إحباطه غايته، كان يواصل هزهزة رأسه مبتسمًا، آبيًا الإنصات كلّما نبس الأصغر.

كان يبلغ السّابعة عشرة من العمر، وقد وجد نفسه يسهبُ أيّامًا طويلةً في محاولةِ صنع ذكرياتٍ سعيدةٍ مع تايهيونغ، وتذكيره بها فيما بعد.. مصوّبًا إصبعه ضاحكًا نحو اِبتسامة الأكبر كلّ مرةٍ.

كان قد أثبت لتايهيونغ أنّ مُضيّ الذكريات الحلوة لا يعني بضرورة الأمر تلاشيها ولحظاتها المُفرحة... وقد كان ذلك كافيًا بالنّسبة إليه.

لكنّه قد تساءل ما إذا كان تذكيره بها الآن قد ينسيه فاجعته، ولو لثوانٍ.
بعدما رأى أنّ ما ساهم فيه السّتة لم يزِح ثقله عن كاهله، ليس كليًا.

وقد رأى جونغكوك قدميه تتقدّمان برويّةٍ نحو الحاضنِ لجسده، دافنًا رأسه بين ذراعيه.. هامسًا للقمر بشهقاته.

"تاي؟" نبس متردّدًا، ومتأرجحًا بين إحتماليّ الإقتراب منه والعودة إلى الدّاخل.

سكن جسد تايهيونغ، وخفُت صوته نفَسه، غير أنّه لم يلتفت، وواصل الإنكماش على نفسه.

"تاي.."
كان هناك لحظةٌ من صمتٍ، لم يُسمع فيها سوى صوتُ حيوات اللّيل.

اِقترب بتأنٍّ، واِتّخذ ما بجانب تايهيونغ مجلسًا له، بالرّغم من تصلّب الأخير.
"إنّ الجوّ باردٌ." كانت عبارةً لئيمةً لبدء محادثةٍ مع شخصٍ توقّف لتوّه عن البكاء، لكنّها قد أجدت نفعًا بعدما أجاب تايهيونغ بانفعالٍ: "إذًا فلتعُد من حيث أتيت."

"لا أريد."
"أريد البقاء بمفردي."
"لقد مرّ شهران."
"جونغكوك."
"أنتَ لا تحاول تخطّيها حتّى."
"جونغكوك، أيّها اللّعين!"
أيّ ردّةِ فعلٍ تصدر من تايهيونغ ستكون جيّدةً، أقنع جونغكوك نفسه بذلك، وإن كانت متمثّلةً في قبضتين محكمتين حول ياقة قميصه، زادتا من تجعّده.

"أنتَ تعلمُ أنّك لستَ المُلام على اِنتحارها، أنتَ الأدرى بهذا."
خفّ تجهّم ملامح تايهيونغ، وحُرّرت ياقة جونغكوك، قبل أن يبتعد الجسدان في مساحةٍ خلقها الأكبر.

"أستواصل التهرّب من الحقيقة؟ إن كنتَ، حقًا، السّبب في موتها لمَ لا ترمي بنفسك من جرفٍ ما؟ لمَ لا تنهي حياتكَ أنت الآخر؟"
"جونغكوك، لا شأن لكَ في هذا.."
"بلى.." لثانيةٍ لمح ما بدا كدمعةٍ وقعت على قماشِ قميص تايهيونغ الأبيض، دونَ تخليف أيّ أثرٍ على بشرته.
"لي شأنٌ فيه، كما للرّفاق كذلك.. جميعًا لنا شأنٌ في هذا."

اِستلّ جونغكوك نفسًا، لم يدرِ أكان عميقًا أم لا، كافيًا لرئتيه أم لا.
حينما اِقترب من الأكبر كان هدفه هو التخفيف عنه، حثّه على العودة للفراش الدّافئ بهدوءٍ. بيد أنّه قد قام بما يخالفه تمامًا.
ولكنّه قد واصل الحديث، وإن خانه صوته: "إنّ جيمين يلوم نفسه لعدم وقوفه بجانبك، يونغي يلومني أنا لأنّني لم أقف بجانبك، نامجون يلومنا جميعًا لأنّنا لم نقف بجانبك.. لكنّنا قد وقفنا بجانبك، تاي، لقد قُمنا بما في وسعنا كي نساعدك.. أنتَ من لم تقف بجانبنا، أنتَ من لم تساعدنا، أنتَ من لم تساعد نفسك."

لم يتوقّع جونغكوك حضنًا جزاءَ إلقائه الحقائق التي قد تكتّم عنها طويلاً، ولم يتوقّع إيماءً موافقًا.
لعلّه قد توقّع لكمةً، ولهذا قد عضّ إحدى شفتيه. 
لعلّه قد توقّع نظرةَ اِزدراءٍ، ولهذا قد أغمض عينيه.
ولعلّه قد توقّع إهانةً وصورةً ذابلةً لعينيّ تايهيونغ، ولهذا قد اِنصدم.. فهو لم يشهد على تحقّق توقّعاته منذ زمنٍ.

  "يا لكم من أوغاد.. فلتذهب، جونغكوك."
"لن أذهب قبلك."
"إنّكَ تبالغ، وهذا مزعجٌ، كوك."
"لا بأس، عليك فقط أن تسبقني."
وقد كان يعلم أنّه يبالغ. مقت ذلك، وودّ لو أنّه ينصاع لرغبة تايهيونغ، لكنّه لم يرتح لفكرةِ مكوثه وحيدًا في الخارج.
ولطالما كان جونغكوك متتبّعًا مطيعًا لمشاعره.  

كانت أوّل ليلةٍ له، وقد نام جاهلاً ما إذا كانت محاولاته ناجحةً أم لا، ما إذا كان يعلم ما يفعله أم لا، ما إذا كانت رحلتهم ستفي بالغرض المرجوّ أم لا.

***

this ff is a mess tbh..
feel free to skip it

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top