١٩

خرجت لمار من البوابة الخلفية للمطعم بعد أن دفعت حساب ما طلبته، رحلت سريعا لأنها لم تجد عذرا للانصراف، و لم تكن مستعدة لمواجهة ليث و لا حتى ميليا، باتت الكوابيس أرحم بها من الواقع الذي تعيشه. عادت لمنزلها منهكة، تفكر في خطوتها التالية، أخذت حاسوبها المحمول، و راحت تبحث عن صور أدهم، لم يأخذ منها الأمر أكثر من بضع ثوان لإيجاده، و فور أن وقعت عينيها عليه، اتضحت الصورة من منامها، لقد كان ذلك الرجل هو أدهم، هو من كان يبحث عن مها، و قد يكون هو قاتلها أيضا، ومضت في رأسها ذكرى، لقد رأت أدهم و مها، و برفقتهما امرأة بشعر أسود طويل ولت لمار بظهرها، لذا لم تتعرف عليها، كان الثلاثة يتناقشون بحدة، و لمار تراقبهم خلسة، كان المرأة المجهولة واقفة أمام مها، و أدهم بينهما، على الأرجح أنه كان يحاول تهدئة المرأة من تنفيس غضبها في ذات الشعر الأحمر. دنت لمار إلى زاوية أقرب منهم، لتسمع ما يتحدثون عنه بوضوح

-" لا أنصحك باعتراض طريقي يا مها، أمانة قد ماتت منذ سنوات، و القضية قد أُغلقت، فلا تنبشي الدفاتر القديمة.. إنني أحذرك من شدة غضبي، فاستمعي جيدا لما أقوله " قالت المجهولة بحنق

-" لا أستطيع الاستمرار في العيش مع تأنيب الضمير، إنه ذنبك أنت، أنا لست مجبرة على تحمل كل هذا رغم كوني لم أرتكب أية جريمة " أجابت مها بغضب

-" مها إنسي الأمر ! لقد كان حادثا، و كما قلت أنت لا ذنب و لا علاقة لك بالأمر، فلا ترتكبي حماقة تندمين عليها " قال أدهم مخاطبا مها

إلا أن هذه الأخيرة بدت مصممة على قرارها، و في لحظة خاطفة طعنت المجهولة مها حتى وقعت أرضا تتلوى ألما وسط بركة دماء. أفاقت لمار من شرودها، كان قلبها يطرق صدرها بعنف، و كأن المشهد قد حدث توا، جسدها يرتجف من الخوف، و رأسها يكاد ينفجر من الصداع، دخلت الحمام و جلست في حوض الاستحمام، ثم بدأت ملأه بالمياه الباردة، لكن ذلك لم يخفف عنها أبدا، فقد كانت ذاكرتها في صراع قوي مع ما تريد تذكره، و ما تحاول تجاهله لألا تقع في الهاوية.

لم يكف هاتفها عن الرنين، لكن صوت عقلها كان أقوى من صوت الرنين، كانت المكالمات واردة من ميليا، لكن حتى لو انتبهت للهاتف ما كانت لتعرف ما يجدر بها قوله، و لا ما يمكنها القيام به لبلوغ الحقيقة، كل ما تعرفه الآن أن مها قتلت على يد امرأة، و لم تكن امرأة شقراء، أي أنها بالطبع ليست ڤريزيا، كما أن لأدهم علاقة بالجريمة، و تستر على الجانية لسنوات، في حين دخلت زوجته السجن ظلما، تاركة خلفها طفلها الصغير.

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top