١٠
جمعت ڤريزيا شعرها الأشقر الطويل في ظفيرة، و غطت وجهها الشاحب بمساحيق التجميل، لا تعرف إن كانت ستستطيع الصمود في ما تحاول القيام به، لكن السنوات التي قضتها في السجن كانت كفيلة بإشعال نيران الحقد بداخلها، نيران لن تنطفأ أبدا.
عند لمار
جلست على مقعد في حديقة لا تبعد كثيرا عن منزلها، تنظر إلى المارة و كأنها تبحث في ملامحهم عن تلك المجهولة التي تزورها في كوابيسها، تركزت نظرتها على وجه مألوف، شخص تعرفه جيدا، زائرة من الماضي البعيد، همست بصوت يكاد لا يسمع " ميليا "، إتسعت عينيها، و ارتبكت حين انتبهت الأخيرة لوجودها، إستقامت بسرعة و حاولت الهرب رغم كونها لا تدرك مما تتهرب بالضبط، لكن صوتا بداخلها يصرخ عليها و يأمرها أن تفعل، لحقت بها ميليا و أمسكتها من ذراعها بقوة لتقول
-" لمار !! أين كنت طوال السنوات الماضية ؟! ما الذي جاء بك أخيرا ؟! "
لكن لمار لم تتفوه ببنت شفة، بل استمرت بالنظر إلى ميليا ببلاهة، تدرك أنها تعرفها من مكان ما لكنها لا تتذكر من تكون. ضغطت ميليا على ذراع لمار بقوة قائلة بذعر
-" أمي تشك بكوني أعرف شيئا، أنت تعرفين ما هي قادرة على فعله إن عرفت بما حدث ذلك اليوم ! هي لا يجب أن تعرف بوجودك أبدا، لم يكن عليك العودة "
بدأت ذاكرة لمار تومض بصورة جثة غارقة في دمائها، و شابة تنظر إلى الجثة بذعر، لقد كانت الشابة ذاتها التي تزورها في كوابيسها! شحب وجه لمار و كادت تقع من سوء ما شعرت به، كانت ترتجف و شفتيها زرقاوين، تسلل الخوف إلى جوف ميليا، لتقول بقلق
-" لمار هل أنت بخير ؟! لمار إهدئي رجاءا ! "
ثم لم تعد ترى شيئا غير الظلام، و صوت ميليا الذي يتردد في مسامعها
-" لمار استيقظي ! "
و حين استيقظت، أدركت أنها في مستشفى، و لم يكن إلى جانبها أحد، لكن الممرضة قالت لها بأن الشابة التي كانت معها قد تركت لها ورقة ملاحظات، فتحت الورقة بيدين ترتجفان و رأسها يكاد ينفجر من فرط الصداع
" لمار! لن أسألك عن ما يحدث لك، أو ما حدث خلال السنوات الماضية، لكن عليك نسيان ذلك اليوم، و العودة إلى حيث كنت، تظاهري بأنك لم تري شيئا ذلك اليوم، فتلك المرأة قد خرجت من السجن، و ستسعى خلفنا إن أدركت أننا شهدنا ذلك "
كان كل ما يحدث عبارة عن علامة استفهام كبيرة في رأسها، لكن ما فهمته من كل ذلك أنها على وشك دخول دوامة لا مخرج منها.
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top